التعديل الجوهري وغير الجوهري لعقد العمل ومدى سلطة المستخدم في إجرائها

قد يكون عقد العمل محدد لمدة معينة أو غير محدد المدة، فإن كان محدد المدة فهو لا يثير أي إشكال في تعديله بسبب قصر مدته، فالمستخدم يكون في غنى عن تعديله، فله أن ينتظر انتهاء مدته وإبرام عقد جديد بالشروط التي تتلائم مع متطلبات مشروعه.
اما العقد غير محدد المدة فهو الذي يطرح الإشكال عند تعديله بالإرادة المنفردة للمستخدم وخاصة و أن طبيعة هذا العقد تقتضي استمراره لفترة طويلة، وخلال هذه الفترة قد تتغير الظروف التي كانت سائدة أثناء إبرام العقد والتي تجعل المستخدم مضطرا إلى تعديل بنوده(1)
ويقصد بتعديل العقد إجراء تغيير جزئي على عنصر من عناصره أو بند من بنوده بالزيادة أو النقصان وإذا كان الأصل في العقود الملزمة لجانبين هو عدم إمكانية تعديلها إلا بموافقة الطرفين تطبيقا لنص المادة 106 من القانون المدني و المادة 63 من قانون علاقات العمل 90/11، إلا أن طبيعة عقد العمل تختلف عن بقية العقود الأخرى وتقتضى انفراد المستخدم بتعديل بعض بنوده متى اقتضت مصلحة العمل ذلك، وقد يكون هذا التعديل جوهري أو غير جوهري، وذلك حسب طبيعة العنصر الذي يمسه، ولكن متى نكون أمام تعديل جوهري ومتى نكون أمام تعديل غير جوهري ؟ أوبمعنى آخر كيف نميز بين نوعى التعديل ؟ وماهي سلطة المستخدم في إجرائهما ؟.
و للإجابة على هذه التساؤلات قسمت دراستي لهذا الفصل إلى ثلاثة مباحث، تناولت في المبحث الأول معايير التمييز بين نوعى التعديل، وفي مبحث ثان تناولت سلطة المستخدم في إجراء التعديل غير الجوهري وخصصت المبحث الثالث لسلطة المستخدم في إجراء التعديل الجوهري.

المبحث الأول: معايير التمييز بين التعديل الجوهري و غير الجوهري لعقد العمل
لقد أوجد الفقه عدة معايير للتمييز بين نوعي التعديل،وهذه المعايير ترجع إما إلى اتفاق صريح أو ضمني بين الطرفين إلى تحديد ما هو جوهري أو غير جوهري من العناصر وهذا ما يعرف بالمعيار الإتفاقي وإما تستمد هذه المعايير من موضوع التعديل و هذا ما يعرف بالمعيار الموضوعي، وإما ترجع إلى أثر التعديل

1- د / محمد عبد الغفار البسيوني: سلطة رب العمل في الإنفراد بتعديل عقد العمل – دار النهضة العربية القاهرة 1997 ص 13

على حياة العامل وهذا ما يسمى بالمعيار الشخصي (1)

المطلب الأول: المعيار الإتفاقي
يقصد بالمعيار الإتفاقي هو اتفاق بين المستخدم و العامل على تحديد ما هو جوهري و غير جوهري من عناصر عقد العمل، وقد يكون هذا الاتفاق صريح وبالتالي لا يطرح أي إشكال وقد يكون ضمنيا وهنا يتعين البحث عن النية المشتركة للطرفين وقت إبرام العقد.

الفرع الأول: الاتفاق الصريح
عند إبرام عقد العمل قد يتفق الطرفان صراحة على ماهو جوهري وما هو غير جوهري، عند ئد لن تكون هناك مشكلة في معرفة نوع التعديل، وقد يتفق الطرفان على طريقة أخرى لتحديد العناصر الجوهرية وغير جوهرية كطريقة التحديد الحصري وغير الحصري أي على سبيل المثال، وقد يرد هذا الاتفاق في صورة شرط يعطي الحق للمستخدم في تعديل عناصر معينة من العقد دون الرجوع إلى العامل (2)

أولا: التحديد الحصري لعناصر العقد الجوهرية و غير الجوهرية: يقصد بالتحديد الحصري هو قيام المتعاقدين بتصنيف عناصر العقد إلى عناصر جوهرية وعناصر غير جوهرية، فإذا تم تحديد ماهو جوهري فما عداه فهو غير جوهري، ويترتب على ذلك عدم إمكانية انفراد المستخدم بتعديل أي عنصر من هذه العناصر الجوهرية، كما بترتب على هذا التحديد تسهيل مهمة القاضي الذي يفصل في النزاع بتطبيق النصوص العقدية الصريحة على أساس << العقد شريعة المتعاقدين >> (3).
أما التحديد غير الحصري لعناصر العقد غير ا الجوهرية، يقصد به التحديد الذي يتم من خلال إيراد أمثلة لهذا النوع من العناصر، فنكون العناصر المحددة جوهرية، أما ما عداها فيمكن أن تكون جوهرية أو غير جوهرية بحسب الأحوال.وهذا ما يجعل قاضي الموضوع يبحث في كل حالة على حده مستعينا في ذلك بكافة الظروف و العوامل التي بإمكانها إيضاح طبيعتها (4).

1- د/ عبد العزيز المرسى حمود: تحديد نطاق سلطة رب العمل في الإنفراد بتعديل عناصر عقد العمل غير محدد المدة دراسة مقارنة
دار النهضة العربية – القاهرة 1998 – ص 12
2- نفس المرجع ص -13 –
3- د/ محمد عبد الغفار البسيوني المرحع السابق ص 113
4- د/ عبد العزيز المرسى حمود – المرجع السابق ص 14.

و الجدير بالذكر أن العبرة في تحديد جوهرية عناصر العقد من عدمها هو لحظة إبرام العقد وليس أثناء تنفيذه، فإذا تبين أن مكان العمل مثلا لم يكن معتبرا عنصرا جوهريا لحظة إبرام العقد فإنه يحتفظ بهذا الوصف حتى ولو أصبح جوهريا فيما بعد بالنسبة للعامل، فلو قبل العامل العمل في مكان بعيد ثم تغيرت ظروفه، بحيث تستوجب عليه العمل في مكان قريب من سكنه كزواجه أو مرض زوجته فإنه لايمكن ان يدعي بأن عنصر المكان أصبح جوهريا بالنسبة له، غير أنه يجوز للطرفين بإرادتها المشتركة أن يعدلا ما كان جوهريا ليصبح غير جوهري.

ثانيا: وجود شرط صريح عقدي أو اتفاقي يسمح بتعديل أي عنصر من عناصر العقد: قد يكون هناك شرط عقدي ينص على حق المستخدم في تعديل عقد العمل دون الرجوع إلى العامل، وقد يرد هذا الشرط في عقد العمل الفردي ذاته أو في لائحة النظام الداخلي للمؤسسة، ويسمى الشرط الذي يجيز للمستخدم تعديل عنصر العقد دون الرجوع إلى العامل بشرط المرونة و يلجأ أصحاب العمل إلى أعمال شرط المرونة في عقد العمل بسبب الظروف الاقتصادية (1).
وتتخذ المرونة صورتين هما المرونة المهنية و/أو المرونة الجغرافية، وبموجب شرط المرونة الجغرافية يمكن للمستخدم أن ينقل العامل من مكان عمله إلى مكان آخر بإرادته المنفردة وما على العامل إلا القبول وإذا رفض العامل ذلك فإن رفضه بشكل سببا حقيقيا وجديا للتسريح لأنه إخلال بالشروط العقدية المتفق عليها.
ويمكن أن يتعلق شرط المرونة بالعمل والاختصاص الأصلي للعامل، وهو ما يسمى بشرط المرونة المهنية إذ بمقتضي وجود هذا الشرط يمكن للمستخدم أن ينقل العامل إلى عمل آخر دون الحصول على موافقته، لكون أن نوع العمل المسند للعامل قد صار عنصرا غير جوهري بوجود شرط المرونة، و يلاحظ أن شرط المرونة، ليس شرطا مطلقا من كل قيد، فإن كان جائزا بالنسبة لعنصر أو أكثر من عناصر عقد العمل فإنه لا يجوز أن يشمل كافة عناصر العقد، وبالتالي لايمكن أن ينفرد المستخدم بإجراء كل تعديل يراه مناسبا له متذرعا بوجود شرط المرونة، لذلك يبطل شرط المرونة إذا كان شرطا عاما مطلقا من كل قيد (2).

1-

Corinne pizzio – de Laporte ; droit du travail ; 2 éme édition ; vibert ; paris 1998 – p 108

2- د/ محمد عبد الغفار البسيوني – المرجع السابق ص 117

الفرع الثاني: الاتفاق الضمني
في حالة عدم وجود إتفاق صريح بين العامل و المستخدم حول العناصر الجوهرية و غير الجوهرية في العقد فإنه يتعين البحث عن النية المشتركة للطرفين وقت إبرام العقد وهذا ما يعرف بالاتفاق الضمني، وعن البحث في نية الطرفين بتعين الإلمام بكافة الظروف التي تحيط بعملية التعاقد، ومن بين هذه الظروف.
أولا: عند ما يبرم العامل عقد عمل مع مؤسسة وهو يعلم أن طبيعة العمل بها تقتضي انتقاله من مكان لآخر، مما يفيد أن مكان ممارسة العمل ليس عنصرا جوهريا بالنسبة للعامل، وهو الحال كذلك بالنسبة للعمل في المقاولات و الخطوط الجوية لشركات الطيران ومنشآت الصيانة وغيرها من المنشآت التي تنفذ أعمالها في أماكن مختلفة (1).
ثانيا: كما أن التحاق العامل بالعمل في منشأة يعلم وقت التعاقد بأن لها فروعا كثيرة كالبنوك وشركات التأمين يفيد إلى اتجاه إدراة المتعاقدين إلى اعتبار مكان العمل عنصرا غير جوهري، وخاصة إذا كانت هذه الفروع ليست بعيدة عن المقر الرئيسي للمنشأة، ولا تستدعي وقتا طويلا للوصول للفرع الجديد (2).
أما إذا قبل العامل العمل في مؤسسة ليست لها فروع داخل المدينة وخارجها، وأن العامل عند تعاقده معها أخذ بعين الاعتبار قرب مكان العمل من مقر سكناه وكان ذلك دافعا للتقاعد، فهنا يصبح المكان عنصرا جوهريا في عقد العمل.
ثالثا: كما تعتبر الحالة الاجتماعية والعائلية من الظروف التي تؤخذ بعين الاعتبار وقت إبرام العقد ،فإذا اتجهت نية الطرفين إلى مراعاة ظروف العامل الاجتماعية و العائلية فإن وقت العمل يعد من العناصر الجوهرية في هذه الحالة (3).

المطلب الثاني: المعيار الموضوعي

يتم التمييز بين التعديل الجوهري وغير الجـوهري وفقا لهذا المعـيار على أسـاس موضـوع أو محل

1-

andre Brun et Henri Gallant, droit du travail-« les rapport individuel de travail) 2 éme édition1978.p 760 .
2 – Camerlynck ; jean Laroque : répertoire de droit du travail ; contrat du travail
(Modification) 1995 p 6.

3 – د/ عبد العزيز المرسى حمود: المرجع السابق ص -20
التعديل في حد ذاته وما إذا كان سيترتب على هذا التعديل نقل العامل إلى مركز أقل من الناحية المادية أو الأدبية أو بالنظر إلى المبرر الذي يستند إليه التعديل.

الفرع الأول: نقل العامل
يكون التعديل جوهريا متى كان من شأنه تكليف العامل بعمل جديد أقل ميزة وملائمة من العمل السابق بحيث يكون العمل الجديد لا يتناسب مع مؤهلاته العلمية و خبرته أو يقلل من صلاحياته، سواء من الناحية الفنية أو من الناحية الإدراية (1).
كما يعتبر التعديل جوهريا إذا ترتب عنه تخفيض الأجر أو حرمان العامل من ملحقاته ،و في هذا الشأن قضت محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 28/01/1998 و أن الأجر لايمكن تعديله إلا إذا كان التعديل في مصلحة العامل (2).
ويرى بعض الفقهاء أن التغيير يكون جوهريا إذا كان العمل الذي كلف به العامل أقل ميزة من الناحية المالية و الأدبية عن العمل الأصلي، غير أن هذا الرأي لا يجب أن يؤخذ على إطلاقه، إذ في كثير من الأحيان يحدث تغيير جوهري في العمل دون أن يكون العمل الجديد أقل ميزة، وفي بعض الأحيان يكون العمل الجديد أقل ميزة دون أن يحدث تغير جوهري في العمل، لذا يري بعض الفقهاء أن معيار نوعية التعديل، ما إذا كان جوهريا أم لا يكون بمدى اختلاف العمل في المزايا (3).

الفرع الثاني: المبرر من التعديل
قد يستند المستخدم عند تعديله لعقد العمل إلى مبرر يقتضي ذلك، وقد لايستند إلى مبرر، وفي هذا الإطـار ظهر جانب من الفقـه و القضـاء في فرنسـا يميز بيـن التعديـل الجوهري و غير الجوهري

1-د/ محمد عبد الغفار البسيوني :المرجع السابق ص 275
2-

Cass.soc.28 janvier 1998 « le mode de rémunération d’un salaire constitue Un élément de contrat du travail qui ne peut être modifie sans son accord Peu importe que employeur prétende que le nouveau mode est plus avantageux)

3- د/ السيد عبد نايل: الوسيط في شرح نظامي العمل و التأمينات الاجتماعية في المملكة العربية السعودية , مطابع الملك سعود – الرياض -1997 – ص 100.
عن طريق المبرر من التعديل، فالتعديل طبقا لهذا الرأي يعد غير جوهري إذا كان له ما يبرره و من الأمثلة التي أوردها هذا الاتجاه هو التعديل بسبب الحالة الصحية للعامل إذ أن نقله إلى وظيفة أخرى استنادا إلى قرار طبيب العمل لا يعد تعديلا جوهريا، كما أن تنزيل العامل من درجته الوظيفية بسبب الغيابات المتكررة أو بسبب سلوكه السيئ أو خطئه الجسيم في العمل أو إدارته السيئة لا يعد تعديلا جوهريا إذا تم نقل العامل إلى مدينة أخرى وتنزيل درجته الوظيفية بسبب ارتكابه لخطأ جسيم، كما لا يعتبر تعديلا جوهريا، التعديل الذي يخفض مدة عمل العامل ومنه تخفيض أجره بسبب الظروف الاقتصادية وانخفاض نشاط المشروع (1).
غير أن هذا الاتجاه قد تعرض للنقد لكون أن معيار وجود المبرر لاعتبار التعديل غير جوهري غير مقبول، لأن التعديل الجوهري الذي يستند إلى مبرر يعتبر تعديلا مشروعا و بإمكان المستخدم القيام به، أما التعديل الذي لا يستند إلى مبرر فهو تعديل تعسفي، وبذلك فالتعديل الجوهري الذي له مبرر لايمكن أن يتحول إلى تعديل غير جوهري بمجرد وجود ما يبرره، فالتعديل الجوهري قد يكون له مبرر ومن حق المستخدم إجراؤه، كتكليف العامل بعمل يختلف اختلافا تاما عن عمله بسبب حالة الضرورة، ومع ذلك يبقي هذا التعديل متحفظا بصفته الجوهرية.
وقد ذهبت محكمة النقض المصرية إلى عدم مسايرة ما ذهب إليه الفقه والقضاء الفرنسيين حيث أكدت بأن الحالة الصحية للعامل تعد مبررا لتعديل عمله إلى عمل يتفق مع حالته الصحية ويقتضي هذا التعديل أن تكون الوظيفة الجديدة أقل أداء وعبء من سابقتها، وبالتالي فإن هذه الوظيفة لابد وأن تختلف إختلافا جوهريا عن سابقتها، وإلا لماذا تم نقله مادام الأداء و المطلوب واحد (2).
كما أن نقل العامل بسبب عدم كفاءته لا بد وأن يكون تعديلا جوهريا لأنـه يستوجب نقـل العامل إلى مـركز أدنى يتفـق مع كفاءتـه و ليـس إلى مركزمساو لمركزه السابـق و إلا لمـاذا لم يبقـي في مكانه،ومع هذا فهـو تعديـل مبـرر مشـروع، و في هـذا الإطـار قضـت محكمـة النقـض المصريـة فـإن من سلطـة رب العمـل التنظيمية تقدير كفاية العامل ووضعه في المكـان الـذي يصلـح لـه لمـا يحقـق مصلحـة الإنتاج، إذا استبان عدم كفايته أعتبر ذلك مأخذا مشروعا

1- د/ محمد عبد الغفار البسيوني: المرجع السابق. ص 131
2- نفس المرجع: ص 135

لتعديل شروط عقد العمل أو إنهائه: (1)
كما أن تخفيض الأجر بسبب تخفيض النشاط هو في حقيقة الأمر تعديل جوهري وهذا ما قضت به محكمة النقض الفرنسية (2).
وبذلك فالتعديل الجوهري قد يكون مبررا فيعتبر شرعيا، وقد يكون غير مبرر فيعتبر تعسفيا

المطلب الثالث: المعيار الشخصي

يقصد به مدى تأثير التعديل على حياة العامل الشخصية، فإذا كان للمستخدم سلطة تعديل عقد العمل دون مراعاة ظروف العامل الشخصية بمقتضى سلطة الإدارة و التنظيم، فإن هناك جانب من الفقه يرى بضرورة أخذ هذه الظروف بعين الاعتبار وقت التعديل، واتخاذها كمعيار للتعديل الجوهري وغير الجوهري، حتى و إن وجد اتفاق صريح يقضي بشرط المرونة وعدم ثبات العامل على وضع معين، إلا أن ذلك لا يمنع من الاعتداد بأثر هذا التعديل على حياة العامل وقت التعديل،فإذا نتج عنه أثر على حياة العامل الاجتماعية فإن هذا التعديل يعد جوهريا ويحق للعامل رفضه، أما إذا لم يترتب على التعديل أثر على حياة العامل عد تعديلا غير جوهري، وليس للعامل الحق في رفضه (3). ومسألة التأثير على حياة العامل من عدمه مسألة موضوعية تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع.

وتطبيقا لذلك يعد تعديلا جوهريا لزمن العمل استنادا لمعيار الظروف الشخصية كل تعديل لا يتماشى مع ظروف العامل الشخصية، كتعديل ساعات عاملة متزوجة من الصباح إلى ما بعد الظهر أو إلى الليل، حيث أن هذا التعديل يتنافي مع واجبات العاملة تجاه زوجها و أبنائها.
ويعد تعديلا جوهريا إذا تم نقل العامل من مدينة إلى أخـرى وكـان مـن شأن هذا النقل أن يسبب للعامـل متاعب خاصة لكون مكان العمـل الجديـد بعيـد ويكلفة أموال باهضـة ويتطـلب وقتـا أطـول أو أن منـاخ المنطقـة التي تم نقلـه إليهـا لا يتناسـب مـع حالتـه الصحيـة ومـن

1- عصمت الهواري : قضاء النقض في منازعات العمل والتأمينات الاجتماعية – المكتبة الأنجلو مصرية 1976 ص 201 – أنظر كذلك الطعن الاجتماعي رقم 333 لجلسة 12/05/1995 والذي اورده سعيد أحمد شعلة ـموسوعة قضاء النقض العمالي – منشأة المعارف – الإسكندرية 1987 – ص 51
Cass. .soc. 28 janvier 1998. Voir Corinne pizzio. De Laporte, op, cit , p 11. -2
3- د/ عبد العزيز المرسى حمود – المرجع السابق –ص 35.

شأن هذا النقل أن يزيد حالته الصحية سوءا أو يقلل من مردوديته في العمل( 1).
ومن خلال التطرق إلى هذه المعايير الفقهية التي وردت على سبيل المثال، يتضح أن المعيار الحاسم الذي يمكن أن يعتمد عليه القضاء في مدى جوهرية التعديل من عدمه هو المعيار الإتفاقي وهو ما أخذ به القضاء الجزائري في القرار رقم 101448 الصادر في 14/11/1993 الذي جاء فيه حيث أن العقد شريعة المتقاعدين وأن مكان العمل يشكل عنصرا أساسيا في عقد العمل ولا يمكن تعديله بالإرادة المنفردة لأحد المتقاعدين خارج ما يخوله التشريع.
حيث أنه بالرجوع إلى القرار المنتقد لم يتبين أن نقل العامل إلى مكان آخر مندرج في النظام الداخلي للمستخدم أو في بنود عقد العمل (2).
لكن لا يجب أخد هذا المعيار على إطلاقه بل في كثير من الحالات يجب إعمال المعيار الشخصي لما يحققه من استمرار للعامل ومردوديته في العمل ولكون أن الكثير من التشريعات العربية قد أخذت به.