اثر سماع القاضي للدعوي ابتدائيا وإشتراكه فى نظرها إستئنافياً

بسم الله الرحمن الرحيم
هذا واحد من الاحكام التى اصدرتها المحكمة العليا -دائرة ولايتى البحر الاحمر وكسلا -بورتسودان – ورغم ان جوهر الطعن يتمثل فى عدم اتاحة الفرصة للدفاع لتقديم دفاعه ,الا ان مولانا العالم ملاسي اثار مسألة مشاركة القاضي فى نظر الاستئناف اذا كان قد سبق له المشاركة فى نظر ذات النزاع كقاض جزئي , فلا اطيل عليكم واترككم مع ما سطره السادة قضاة المحكة العليا

بسم الله الرحمن الرحيم
المحكمة العليا
دائرة ولايتي البحر الأحمر وكسلا
بورتسودان

أمام :-
السيد/ عبد الرؤوف حسب الله ملاسي رئيساً
السيد/ إبراهيم محمد المكي عضواً
السيد/ إبراهيم محمد حمدان عضواً
شركة البحر الأحمر للتأمين 000 الطاعنة
ضـــد
معتمد شئون اللاجئين 000 م0 ضده
م ع / ط 0م /42/2003م

الحكم
هذا طعن عن طريق النقض قدم لنا ضد حكم محكمة الاستئناف ولاية البحر الأحمر بالنمرة : أ س م /201/2002م المؤيد لحكم محكمة بورتسودان الجزئية في الدعوى رقم / ق0 م /1212/1999م والقاضي بشطب الاستئناف

قبلنا الطعن من قبل لتقديمه داخل القيد الزمني شكلاً وسلمت المطعون ضدها صورة من عريضة الطعن للرد عليها وسلم الرد ودفعت رسومه يوم 16/4/2003م وعليه وضعت الأوراق أمامنا للفصل

ينعي محامي الطاعنين على الحكم بمخالفته نص المادة 185 من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م ولمخالفته الوزن الصحيح والسليم للبينات أمام محكمة الموضوع التي حرمته من سماع شهود الدفاع في دعوى انحصرت وقائعها في الأتي :
معتمديه اللاجئين مشروع الأسماك التعاوني هي المالكة لقارب الصيد رقم 636 المسجل لدى إدارة الأسماك ومؤمن عليه لدى شركة البحر الأحمر للتأمين المحدودة بمبلغ 1.200.000 دينار ضد الأخطار البحرية وقد خرج ذلك القارب للصيد في رحلة عادية يوم 8/3/1999م شمالاً في اتجاه المياه الإقليمية السودانية حسب تصديق الجهة المختصة وأثناء الإبحار داخل المياه الإقليمية السودانية تعطلت ماكينة القارب فجأة ولم يستطيع طاقم القارب إصلاحها في عرض البحر وهبت رياح جرفت القارب إلى المياه الإقليمية السعودية مما نتج عنه إتلاف القارب وتعرض طاقمه للقبض والمحاكمة وإجبارهم على التنازل عن القارب بواسطة السلطات السعودية

في 3/5/1999م أخطرت شركة التأمين المدعي عليها بالحادث وطلب منها قيمة التأمين ولما فشلت في ذلك تم رفع الدعوى ضدها للمطالبة بقيمة التأمين مبلغ 1.200.000 دينار زائداً التعويض عن الخسائر والأرباح مبلغ 400.000 دينار وأتعاب المحاماة 0
صرحت الدعوى وبعد اكتمال تبادل المذكرات تولى القاضي أحمد محمد إبراهيم السير في إجراءات الدعوى وصاغ نقاط النزاع وسمع مندوب المعتمدية الذي قدم جميع مستندات الإدعاء ثم جاء القاضي الخلف ليكمل بقية الإجراءات بسماعه ثلاثة من شهود الإدعاء ولما فشل الدفاع في تقديم قضيته وأعطى فرصة ثلاث مرات قفلت قضية الدفاع وأصدر القاضي الخلف حكماً بتاريخ 1/4/2002م بأن تدفع المدعي عليها مبلغ 1.200.000 دينار تعويض عن التأمين بالإضافة للرسوم والأتعاب

باستئناف الحكم لمحكمة الاستئناف شارك في نظر الاستئناف ضد ذلك الحكم القاضي أحمد محمد إبراهيم وكانت النتيجة شطب الاستئناف ومن ثم كان هذا الطعن
رد محامي المطعون ضدها على أسباب الطعن بعدم إمكانية تطبيق نص المادة 185 من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م وأن حكم محكمة الاستئناف ومن قبلها محكمة الموضوع جاء سليماً وصائباً ولم يخالف القانون ولا الوزن السليم والصحيح للبينات ورأى تأييد قرار محكمة الاستئناف المؤيد لقرار محكمة الموضوع وبذلك أصبح الطعن قابلاً للفصل فيه بواسطتنا

أولاً :
نقرر أن اشتراك القاضي أحمد محمد إبراهيم في نظر الاستئناف ضد حكم سابق كان قد سمع فيه شاهداً واحداً هذا لا يعني اشتراك القاضي في إصدار الحكم المطعون فيه نشير في ذلك إلى حكم المحكمة العليا
عبد الرحيم أبو ستة
ضد
حكيم جرجس
نشرة الأحكام الرباعية : أبريل – مايو – يونيو
سنة 1981 صفحة (52)
لقد قررت المحكمة في تلك السابقة بأن اشتراك القاضي في نظر الدعوى عندما كان قاضياً جزئياً لا يمنعه من نظر الاستئناف في المحكمة الأعلى لأنه استمع فقط لأحد الشهود ولم يصدر الحكم في الدعوى.

ثانياً :
قفلت قضية الإدعاء يوم 29/12/2001م وحددت لمحكمة جلسة 9/1/2002م وقد لتزم محامي الدفاع بإحضار شهوده لكنه لم يحضر أي شاهد واعتذر لانشغال مدير الشركة وهو واحد من الشهود ولم يحضر الباقين حسب التزامه السابق ثم أعطى فرصة أخرى لجلسة 21/1/2002م وأعطى فرصة ثانية وأبدى نفس السبب بالنسبة لمدير الشركة ثم أعطى فرصة ثالثة مع التزامه بإحضار شهوده والتمس إعطاءه فرصة أخيرة ( ص 58 من المحضر ، بعد كل هذا رأت المحكمة إمهاله عدالة لإحضار شهوده وسماع القضية ( ص 59 من المحضر ) وأعطته فرصة لجلسة 2/2/2003م وفي جلسة 2/2/2002م لم يحضر محامي الدفاع أي شاهد واعتذر بمرض الملاريا والتزم مرة أخرى بإحضار الشهود ووافقت المحكمة بإعطائه فرصة لجلسة 11/2/2002م وفي تلك الجلسة تغيب محامي الدفاع عن الجلسة رغم علمه بها والتزامه بإحضار الشهود ولم يحضر أي شاهد وبناء عليه قفلت قضية الدفاع 0 هذا في تقديري تقصير واضح ومتعمد من قبل محامي الدفاع وقد أهدر بذلك كل الفرص التي أتيحت له ويأتي بعد هذا كله ليقول بأن المحكمة لم تمنحه الفرصة الكافية والعادلة لسماع دعواه
إنني لا اتفق معه في هذا وأرى أن محكمة الموضوع كانت محقة في قفل قضية الدفاع وصح تأييد محكمة الاستئناف لمحكمة الموضوع في هذا الصدد

ثالثاً :
قدم الإدعاء دعواه وأثبتها بالشهود والمستندات وتمت مناقشة الشهود بواسطة محامي الدفاع وقد أصدرت المحكمة حكمها الصائب وأيدتها في ذلك محكمة الاستئناف ولا أرى في ذلك مخالفة للقانون ولا تأويله أو تفسيره مما يجعلنا نؤيد قرار محكمة الاستئناف وإذا وافق الزميلان المحترمان أرى أن يصدر أمرنا بشطب الطعن برسومه 0
إبراهيم محمد حمدان
قاضي المحكمة العليا
ببورتسودان
20/4/2003م
1/ مايو /2003م
17/ ربيع (1)/1424هـ

أتفق مع أخي إبراهيم حمدان في ( النتيجة ) على ضوء ( الأسباب ) التي سأوردها على وجه التفصيل الأتي :
أولاً : بالنسبة للمسألة التشكيلية حول عضوية دائرة الاستئناف المطعون في حكمها أرى الأتي:
(1) تنص المادة ( 185) إجراءات مدنية سنة 1983م على الأتي :
لا يجوز للقاضي الذي أصدر الحكم أو اشترك في إصدار الحكم المطعون فيه أن ينظر أو يشترك في نظر الطعن
(2) هذا النص قصد منه العدالة والإنصاف في الحكم بحيث يمتنع على القاضي الذي أصدر الحكم ( منفرداً ) أو اشتراك في إصداره أن يشارك في مرحلة الطعن ضد ذلك الحكم بصفته المنفردة أو المشتركة مع عضوية آخرين 00 مع ملاحظة أن القانون أجاز له ( سلطة المراجعة ) لحكمه بموجب م 217 إجراءات مدنية سنة 1983م متى توافرت شروطها
حقيقة لقد استوقفني كثيراً لفظ ( أو اشترك في إصداره ) فلفظ ( إصدار الحكم ) لا خلاف حوله إلا أن لفظ ( اشترك في إصداره له معان يجب التوقف عندها وأبداء وجهة النظر القانونية حولها ولما يلي من مبررات :
(1) الذي أثار انتباهنا لهذه ( الجزئية المتعلقة بلفظ ) (أو اشترك فيه) مسألة لأول مرة تعرض أمامنا وان كانت قد عرضت في طعون أخرى وكنا بصدد النظر فيها ولأنها شطبت ( بسبب عدم دفع الرسوم ) مما حال بيننا والتصدي لهذه المسألة من الوجهة القانونية الإجرائية البحتة حتى جاءت القضية الحالية وأثيرت فيها هذه المسألة وأن كان الطاعن الأستاذ / المجتهد صلاح شاكر عباس المحامي الذي نقدره ونكن له كل التقدير في ما يكتبه من مذكرات وما يبذله من اجتهاد وبحث في صياغة طلباته إلا أن لم يثر المسألة بالصورة التي أثيرت بها أمامنا في الطعون السالف ذكرها بصورتها التي أثارت انتباهنا لها إلا إننا نعتبر ما أثاره الآن مدخلاً فقهياً لمناقشة المسألة بصفة عامة

(2) المسألة التي أثارت انتباهنا حول ( لفظ اشتراك في إصدار الحكم ) تساؤل طرح أمامنا حول الأتي :
المعلوم قانوناً وبموجب نص المادة (176) إجراءات لسنة 1983م فقرة (1) من قانون الإجراءات المدنية سنة 1983م أن جميع الأوامر التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة لا يجوز الطعن فيها بالاستئناف إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها

وهذا النص أثار المسائل التالية في طعون سابقة وهي :
(1) إذا كانت جميع الإجراءات من مرحلة تصريح الدعوى إلى مرحلة الحكم النهائي في الدعوى لا يجوز الطعن فيها أثناء سير إجراءات الدعوى إلا مع الحكم النهائي بعد صدوره فأن المحضر كله يكون وبكل ما صدر فيه ( من أوامر استحال الطعن ) فيها خلال سير الدعوى يكون محلاً للطعن كجزء لا يتجزأ من الحكم النهائي وبالتالي يشمل ( لفظ الحكم النهائي المطعون فيه ) حق الطعن بالاستئناف ( ضد كل الأوامر الصادرة أثناء سير الدعوى والتي لم يتيح فرصة الطعن فيها خلال سير الدعوى باعتبارها ( جزء لا يتجزأ من الطعن في الحكم النهائي ) وبالتالي يشمل الطعن في ( الحكم النهائي ) حق الطعن فيه وما صاحب الدعوى من أوامر أخرى في مسار الدعوى ( بحيث تصبح كلها داخلة في لفظ (الحكم النهائي) وبالتالي ( يكون الطعن في الحكم النهائي شاملاً لكل الأوامر السالف ذكرها بما يتعين معه (اعتبار القاضي ) للذي أصدر أي أمر من الأوامر (الغير منهية للخصومة أثناء سير الدعوى) مشتركاً في إصدار الحكم النهائي لشمول الحكم النهائي لحق ( الطعن في تلك الأوامر مع الحكم النهائي )

(2) يتضح من الطرح أعلاه أن لفظ ( إذا اشترك في إصدار الحكم ) بمناه الواسع الذي عنته المادة 176 (1) أن لفظ الحكم النهائي ( يشمل كل الأوامر الصادرة أثناء سير الدعوى ويشمل الحكم النهائي الذي صدر في نهاية الدعوى ) وبحيث يشمل ( لفظ الحكم المطعون فيه ) ( تلك الأوامر الصادرة أثناء سيرالدعوى ويشملها الحكم النهائي )
(3) طالما أن لفظ ( الحكم النهائي يشمل ما صدر من أوامر أثناء سير الدعوى ) لم يكن جائزاً استئنافها ويشمل ما صدر من حكم أو أوامر في نهاية الدعوى ) فالسؤال القانوني الذي يطرح نفسه هو :

س : إذا أصدر القاضي أو شارك أو كان هو القاضي الذي قبل أو رفض اياً من هذه الأوامر أثناء سير الدعوى ولم يكن جائزاً الطعن فيها في حينها فهل يعتبر في الحكم النهائي ( مشاركاً في الحكم ) ويسري عليه لفظ ( اشتراك في الحكم ) لأن الطعن النهائي يشمل أيضاً الأوامر التي سبق له إصدارها ؟؟؟ 0
وفي تقديري أن الإجابة هي ( بالإيجاب ) ويمتنع عليه المشاركة في مرحلة الطعن (ضد) الحكم والأوامر التي أصدرها أثناء سير الدعوى لأنه يسري عليه صفة ( القاضي الذي شارك في الحكم المطعون فيه ) حتى ولو لم يصدر الحكم النهائي ولما يلي من أسباب :
1/ بحسب منطوق م 176 (1) إجراءات مدنية 1983م مقروءة مع المادة ( 101 إلى 104 ) إجراءات مدنية سنة 1983م فالحكم النهائي الذي يخضع للطعن يشمل :

(أ‌) جميع الأوامر الصادرة أثناء سير الدعوى ولم يجز القانون الطعن فيها أثناء سير الدعوى إلا مع الحكم النهائي في الخصومة 0
(ب‌) الحكم النهائي الذي أنهى الخصومة برمتها

2/ أن إحالة الطعن في الأوامر الصادرة أثناء سير الدعوى للطعن فيها في نهاية الخصومة باعتبارها جزء من الحكم النهائي يعني طعن في ( القرار أو الأوامر التي أصدرها ) القاضي الذي فصل فيها وبالتالي يعتبر مشاركاً للقاضي الأخير الذي انتهت الدعوى على يديه 0 وقد يكون الطعن في الأوامر الصادرة أثناء سير الدعوى ولم يكن جائزاً الطعن فيها سبباً في إلغاء الحكم النهائي وقد تكون مؤثرة تأثيراً مباشراً في ( صحة الحكم النهائي ) وقد تكون سبباً في إعادة النظر في كل إجراءات الدعوى بما يستتبع إلغاء الحكم النهائي وبالتالي فلفظ ( شارك في الحكم ) الوارد في المادة 185 – إجراءات مدنية سنة 1983م يشمل :

أ/ جميع القضاة الذين أصدروا أوامر أثناء سير الدعوى ولم يكن جائزاً الطعن فيها عند إصدارها وستكون محلاً للطعن مع الحكم النهائي 
ب/ القاضي أو القضاة الذين اشتركوا في إصدار الحكم النهائي الذي انتهت بموجبه الخصومة كلها 
ويستتبع ذلك الإجابة على التساؤل أخر وهو :
هل هنالك افتراض مبدئي بموجب منطوق المادة 176 (1) إجراءات بأن أي ( قاض ) أصدر أي أمر من الأوامر أثناء سير الدعوى ولم تنتهي بها الخصومة هو بمثابة قاض مشارك في الحكم النهائي المطعون فيه وفقاً لمنطوق المادة (185) إجراءات مدنية سنة 1983م ؟؟؟
وفي تقديري أن المشرع في ( نص ) المادة 176 (1) فرص ( صراحة ) عدم جواز الطعن في الأوامر الصادرة أثناء سير الدعوى ولم تنته بها الخصومة وطالما أن المشرع أحال الطعن فيها إلى رحلة الطعن في الحكم النهائي الصادر في نهاية الدعوى وبحيث يكون الطعن في تلك الأوامر والحكم النهائي ( وحدة واحدة ) لا يتجزأ فأن القانون يفترض بذلك ( افتراض مبدئي ) بأن كل قاض ( شارك ) في إصدار أي أمر من هذه الأوامر أثناء ( سير الدعوى ) وبصفة مبدئية هو قاض ( مشارك ) في الحكم النهائي ( المطعون فيه ) بحسب منطوق م (185) إجراءات

2/ أن هذا ( الافتراض المبدئي ) ليس على ( إطلاقه ) لتبرير ( تنحيه ) القاض المشارك في تلك الأوامر الصادرة أثناء سير الدعوى ولم تنتهي بها الخصومة إلا إذا توافرت شروط (محددة ) توجب أن ( تنحى القاض ) باعتباره ( مشارك في الحكم المطعون فيه ) والتي يمكن تلخيصها في الأتي :
(أ‌) يجب على القاض الذي أصدر أي أمر من الأوامر الصادرة أثناء سير الدعوى ولم تنتهي بها الخصومة أن ( يتنحى ) عن ( المشاركة ) في ( مرحلة الطعن ) ضد الحكم ( النهائي ) إذا كانت ( عريضة الطعن ) تنطوي أو كانت شاملة للطعن ضد الحكم النهائي والأمر المذكور الصادر منه لأنه في هذه الحالة يكون ( مشاركاً في الحكم المطعون فيه )

(ب‌) إذا اتضح لأعضاء الدائرة المطعون في ( الحكم أمامها ) أن نظرها ( للطعن ) سينطوي على تدخلها في إلغاء الحكم النهائي او تعديله أو إعادة النظر استناداً إلى مخالفة أي أمر أو إجراء صادر أثناء سير الدعوى لمخالفته للقانون أو أنها ستناقش في حكمها مدى صحة ( قبول أو رفض ) أي أمر من الأوامر الصادرة أثناء السير في الدعوى فيجب على ( عضوية الدائرة ) باستبعاد أو تنحي القاضي الذي أصدر أي أمر من هذه الأوامر دفعاً للحرج عن أعضاء الدائرة الآخرين وعن العضو مصدر ذلك الأمر من المشاركة في نظر الطعن ، إذا كانت الجهة ( المطعون أمامها ) دائرة أما أن كانت جهة الطعن قاض ( فرد ) فيقع عليه مسئولية التنحي عن المشاركة في نظر الطعن

(ج‌) أما إذا جاءت عريضة ( الطعن ) ضد ( الحكم النهائي ) خالية من أي طعن في أي أمر من الأوامر الصادرة أثناء سير الدعوى ولم تنته بها الخصومة فأن أي قاض ( أصدر أحد هذه الأوامر ) لا يعد ( مشاركاً ) في الحكم المطعون فيه وبالتالي يجوز له الاشتراك في نظر الطعن
(د‌) إذا جاء في عريضة الطعن ضد الحكم النهائي طعن في أحد الأوامر الصادرة أثناء سير الدعوى ولم تنتهي بها الخصومة ( فالتنحي ) عن المشاركة يكون فقط بالنسبة للقاضي ( الذي أصدر هذا الأمر ) ولا يؤثر ذلك في عضوية القضاة الآخرينفي دائرة الطعن الذين أصدروا أوامر أثناء سير الدعوى ولكن لم يطعن فيها عند الطعن في الحكم النهائي

ومن ثم وبتطبيق هذه ( القواعد ) على المسألة ( المثارة في الطعن ) وبالرجوع إلى المحضر فالواضح أن معظم القضاة الذين شاركوا في إجراءات ونظر لدعوى لم يوقعوا على المحضر ( بأسمائهم ) أو ( درجتهم ) الوظيفية ما عدا قله وهم ( سعد الدين – ماجد – طارق – حسن ) وبعد ( لأي وجهد ) تمكنا من ( مقارنة الخط ) والاستعانة ببعض المحاضر الأخرى واتضح لنا أن القاضي ( المشارك في محضر الدعوى ) والذي يقدح ( الطاعن ) في ( مشاركته في عضوية دائرة الاستئناف المطعون في الحكم النهائي أمامها شارك في الصفحات من ( 28 إلى 37 ) في محضر الدعوى في إجراءات أولية وتحديد نقاط النزاع وسماع جزء من البينة ومن ثم فتطبيق القواعد لمذكورة كأساس لتطبيق المادة 185 إجراءات مدنية على أدائه المذكور نجد الأتي :

(1) أنه لم يصدر أي أمر من الأوامر أثناء سير الدعوى وكانت محل اعتراض من أحد الأطراف
(2) أن عريضة لطعن ( لا تنطوي ) على أي ( مطعن ) في أي أمر أو أي إجراء صدر من القاضي المعني
وبالتالي فرغم ( اشتراك القاضي ) في ( بعض ) إجراءات الدعوى فأنه لم ( يشارك ) في إصدار أي ( أمر من الأوامر ) أو أي إجراء أثناء سير الدعوى مطعون فيه أمام دائرة الاستئناف التي ( يشارك ) في عضويتها كما أنه لم ( يشارك ) في إصدار الحكم النهائي المطعون فيه بالتبعية ومن ثم فلا سند للطعن و ( القدح ) في مشاركته في دائرة الاستئناف بموجب المادة (185) إجراءات مدنية سنة 1983م

ثانياً :
أما من حيث ( موضوع الطعن ) فالواضح أن عريضة الطعن ترتكز على النقاط التالية :
(1) تعسفت ( المحكمة ) في تطبيقها لنص المادة (66) إجراءات مدنية سنة 1983م ولم تطبق الإجراءات ( بصورة قانونية صحيحة ) فرغم أن النص ( يجيز للمحكمة إصدار ( الأحكام والأوامر المناسبة ) فقد أرمت ( بقفل دعوى الدفاع وحجز الدعوى للحكم ) مستندة على مجرد ( منح الدفاع ثلاث فرص للسماع ) ولم تقدر المحكمة ( الإجراء المناسب ) بالموازنة العادلة بين تصرف المدعي والفرص التي منحت له في السماع وبل أهمل في دعواه وتركها بدون تحريك لفترة حتى ( تبرعت ) المحكمة بتحريكها من ( تلقاء نفسها ) في النفير القضائي في حين أن المدعي عليها وشهودها ومحاميها كانوا موجودين خارج قاعة المحكمة ولدى محامي المدعي علم بأن محامي المدعي عليها ( موجود بالمحكمة في جلسة أمام محكمة أخرى ) ورغم هذا الطلب ( قفل دعوى الدفاع ) 00 ولو وازنت المحكمة الأمر بصورة عادلة لاتخذت إجراء أخر بخلاف ( قفل دعوى الدفاع ) وتأجيل الحكم لجلسة أخرى لم تعلن لها المدعي عليها

(2) ما قدمه ( الإدعاء ) من ( بينات ) مشكوك في ( صحتها ) وصحة ( الواقعة) المدعي بها بأن ( قارب المدعي قد تعطل في المياه الإقليمية السودانية وانجرافه بسبب الرياتح إلى الساحل السعودي مما أدى إلى وقوعه في يد السلطات السعودية ومحاكمة طاقم القارب وتلفه ومصادرته فالإدعاء اعتمد على أقوال شهود ( مشكوك في حيادهم ) لأنهم طرف مباشر في ( الإدعاء المدعي به ) وهم الظرف الذي يدعي ( واقعة تعطل القارب وانحرافه إلى الساحل السعودي ومحاكمة طاقمه ومصادرته ) بعد تلفه وتحطمه

(3) مما يضعف ( بينه الشهود ) أن المدعي فتح بلاغ خيانة الأمانة على طاقم القارب ما عدا الشهود الذين ( استعان بهم ) المدعي وهم ” حسن محمد ، حسين محمد علي ” وكانا من أعضاء طاقم القارب الذي يدعي الإدعاء لصالح المدعي 0
(4) أن ( مسئولية ) شركة ( التأمين ) والتزاماتها لا تنشأ إلا إذا قدم ( المؤمن ) إلى الشركة ( المؤمن ) لديها كل المعلومات المؤكدة لحدوث فعلي للخطر المحتمل وقوعه كأساس لدفع التأمين

(5) البينة ( تؤكد أن ( المدعي المؤمن ) لم يتخذ أي وسائط الاحتياط اللازمة للمحافظة على القارب ( خلال إبحاره ) بعدم وجود ( ميكانيكي ) مؤهل لإصلاح ماكينة القارب في حالة تعطلها بما يعني خروج القارب دون تجهيز لمنع وقوع لحادث المدعي به وعلى أقل تقدير التقليل من خطورة نتائجه بما يرتب عدم استحقاق المدعي للتعويض التأميني لإخلاله بعقد التأمين

وفي هذه لجزئية ( المتعلقة بالموضوع ) أرى اتفاقي مع أخي إبراهيم حمدان في النتيجة ولما يلي من اسباب :
أولاًً :
في تقديري أن ما ساقه ( الدفاع ) من حجج حول ( العدالة ) و ( الموازنة ) بين حقوق الأطراف في الإجراءات لا مجال لقبوله فقد منح الفرص التي طلبها للسماع ( فقد التزم الدفاع في جلسة 29/12/2001م بإحضار شهوده لجلسة 9/1/2002م ( ص 56) وطلب التأجيل لسفر مدير للمدعي عليها إلى الخرطوم ومنح فرصة أخرى لجلسة 21/1/2002م مع الغرامة بإحضار شهوده وفي جلسة 2/2/2002م طلب الدفاع التأجيل لظروف مرض محاميه ولم يعترض الدفاع وأجل السماع إلى 11/2/2002م وهي الجلسة التي غاب فيها الدفاع ومحاميه وصدر الأمر بقفل الدعوى وبالتالي فلا جدال أن المحكمة قد منحته كل الفرص الكافية لسماع دعواه

ثانياً :
في تقديري أن ( قفل دعوى الدفاع ) في ظل ظروف هذه الدعوى وظرف منح المدعي عليها الفرص لكافية للمساع فلا سند للقول بمخالفة الأمر لنص م (66) – إجراءات أو أن المحكمة ( تعسفت ) مع الدفاع فالمادة (66) تخول المحكمة ( سلطات تقديرية ) في ( إصدار ما تراه مناسباً من أحكام وأوامر ) وقد استخدم المشرع لفظ ( أو ) لبيان هذه السلطة ( التقديرية ) ومن ثم كان قفل دعوى الدفاع وحجز الدعوى ( للحكم ) إجراء لا غبار عليه 00 أما ما ذكره الطاعن بأنه كلن على المحكمة أن تصدر الحكم في ( نفس الجلسة ) فلا سند له لأن النص يتحدث عن ( الأمر المناسب ) ولا يشترط إصدار حكم في الجلسة 00 أما مسألة تحديد جلسة للحكم دون ( إعلان المدعي عليها ) لسماع الحكم طالما لم يعلن الحكم في نفس الجلسة ففي تقديري ورغم انه ( خطأ إجرائي ) فأنه اثر له في ( صحة الحكم ) موضوعاً لأن المدعي عليها ( لم تضار من هذا الإجراء ) ولم يكن له أثر في ( حقه في الاستئناف أو في مواعيده ) فقد طعن بالاستئناف وقبل طلبه شكلاً وفصل فيه ( موضوعاً ) والمعلوم أن ( الخطأ الإجرائي ) لا يؤثر في ( موضوع الحكم ) طالما أنه لم يسبب ( إضراراً بالخصوم ) أو يؤثر بصورة مباشرة في ( سلامة لحكم ) أو في ( صحة الاختصاص ) بإصدار الحكم

ثالثاً :
أتيح للدفاع الفرص ( الكافية ) لضحد كل ما قدمه الإدعاء من ( بينات ) ولكنه لم يستفد من هذه الفرص ورغم وجاهة ما ساقه من أسباب حول ( البينة ) ففي تقديري أن ما قدمه المدعي في ظروف الدعوى بعد ( أفضل البينات المتاحة ) وما قدمه الشهود من وقائع يثبت الحادث الذي تعرض له ( القارب المؤمن ) وهي بينة ( منتجة ) وجائز ( قبولها ) لارتباطها بالنزاع بموجب أحكام المواد 6 ، 11 من قانون الإثبات سنة 1993م مقروءة مع المادة (13) إثبات 00 والواضح من المحضر أن الدفاع ( لم يقدح في عدالة الشهود أو عدم حيادهم ) في مرحلة سماع هؤلاء الشهود بموجب لمواد 33(1) ، 34 ( من قانون الإثبات سنة 1993م ) ولا يجوز له في مرحلة الطعن والاستئناف ( إثارة هذه لتهمة ) أو ( القدح في عدالة شاهد )

وقد حدد القانون ( مرحلة السماع ) للقدح أو الطعن في ( شهادة الشاهد ) بتهمة ( الولاء أو المصلحة أو العداء ) حتى تقرر المحكمة ( رد هذه الشهادة ) متى ( اقتنعت بصحة الطعن ) وذلك بعد سماعها إذا لم تطمئن لصحتها ) بما لديها من ( سلطة التقدير والوزن للشهادة وما يعتريها من تهمة أو قدح في العدالة الخ ( بموجب م 13 ، 34 ) من قانون الإثبات سنة 1993م وطالما يطعن الدفاع في هذه الشهادة خلال مسار الدعوى والسماع في مجال لإثارة ذلك بعد ( الحكم ) لأن ( المحكمة ) لا تستطيع ( النظر في تقدير أو وزن الشهادة ) بعد الحكم بإدعاء تهمة الولاء أو المصلحة أو القدح في العدالة ( ومحكمة الموضوع ) مقيدة بالفصل في مرحلة الدعوى 00 أما سلطة الاستئناف فلا مجال أمامها لتقرير عدم صحة هذه البينة أو عدم عدالتها أو تقرير ( عدم صحة قبول المحكمة لها ) لأن محكمة الموضوع أساساً لم يدفع أمامها بهذه التهم ( لتفصل فيها ) وليكون قرارها بشأنها بعد ذلك محلاً لتقييم المحكمة الأعلى 0
رابعاً :
أما ما أثاره الطاعن أن ( الإدعاء ) قدم بينة ( ضعيفة ) لأن المدعية كان لديها إمكانية ( الاستيثاق ) من صحة المعلومة التي أدعاها طاقم القارب بتعطله ووقوعه في يد السلطات السعودية وتلفه ومصادرته فهذا أيضاً ينطبق على المدعي عليها ( كشركة ) تأمين لأنه كان يمكنها أيضاً الاستيثاق من ( صحة ) المعلومات ( أو نفي المعلومة ) أو تأكيد كذب الشهود حول هذه الواقعة 0
خامساً :
أما ما أثاره الطاعن حول ( إخلال المدعية ) بعقد التأمين فالمعلوم قانوناً وفقهاً أن ( مدعي الإخلال بالعقد ) بقع عليه ( عبء إثبات ذلك الإخلال ) ووفقاً للقواعد العامة للعقود وبالتالي فبداهة يقع على شركة التامين ( عبء إثبات الإخلال الذي يبرر ( سقوط حق المدعي في المطالبة بالتعويض بموجب العقد ) بسقوط الالتزام التأميني بسبب ذلك الإخلال أما واقعة إخطار المدعي عليها بوقوع الحادث وطلب التعويض فهو من إقرارات الدعوى أما مسألة ( عدم إخطار الشركة المؤمن لديها ) بالحادث نفسه بوقت كاف من وقوعه وبمعلومات كافية تمكن المدعي عليها من تقييم الأمر بشأن التأمين فأن ذلك ( لا يبطل عقد التأمين أو يسقط أللالتزام التأميني ) فمن المعلوم أن أي شرط في ( عقد التأمين ) يقضي ( ببطلان وثيقة التأمين ) أو ( يسقط التزام ) المؤمن قبل الشركة المؤمن قبل الشركة لديها ) يعد من الشروط الباطلة بموجب م (480) فقرات أ – ب – ج معاملات مدنية سنة 1984م فالثابت أن الإدعاء قدم ما يفيد الظروف التي وقع فيها الحادث وعدم تمكنه من العلم بها في وقتها لوقوع الحادث خارج الحدود والمياه الإقليمية السودانية ) وبالتالي قدم مبررات معقولة لسبب تأخره في الإعلان عن الحادث وقت وقوعه أو إخطار الشركة المؤمنة به وقت وقوعه أو أخبارها بتفاصيله بعد الحادث بفترة طويلة بسبب طبيعة الظروف التي أكدها الشهود وبالتالي لا سند لما يدعيه الطاعن والمادة 480 (ب) معاملات مدنية سنة 1983م تقول :
يقع باطلاً كل ما يرد في وثيقة التأمين من الشروط التالية :
(1) الشرط الذي يقضي بسقوط الحق في التأمين بسبب مخالفة القوانين إلا إذا انطوت المخالفة على جريمة عمدية 0
(2) الشرط الذي يقضي بسقوط حق المؤمن له بسبب تأخيره في إعلان الحادث المؤمن منه إلى الجهات المطلوب إخبارها أو تقديم المستندات إذا تبين أن التأخير كان لعذر مقبول 0
(3) كل شرط تعسفي يتبين أنه لم يكن لمخالفته أثر في وقوع الحادث المؤمن منه0
ومن مجرد ( عدم تجهيز القارب بميكانيكي ) لا يبرر إسقاط ( مسئولية التأمين ) عن الحادث وتعويضه للمؤمن له فلا سبيل للجزم بأن الحادث ما كان له أن يقع إذا وجد الميكانيكي لأن وجوده لا يعني إمكانية الإصلاح أو حتمية عدم وقوع الحادث فالمسألة مربوطة ( بالوقائع وأثارها ) وليس ( الآثار ( المفترضة ) والواضح من مجمل البينة أن التأمين يعطي الفترة التي خرج فيها الحادث من ( فبراير إلى مارس ) لا بد وأن التامين يعطي مخاطر البحر وان القارب خرج بتصديق من الجهات الرسمية المؤكدة لخروجه للصيد خلال لك الفترة أما ما ذهب إليه الطاعن بشأن خروج القارب في فبراير 1999م وليس 8/ مارس 1999م فلا أجد سنداً بالمحضر حول تاريخ 8/3/1999م في أقوال ( مندوب المدعية ) فقد ذكر المذكور أن القارب ( خرج في فبراير وأن المدة ( انتهت في مارس ) ولم يعد القارب ولم يدعي أن القارب خرج في 8/3/1999م وعموماً أخذ من كل ذلك إلى أن ( تقصير الدفاع ) في تقديم دعواه أضاع عليه فرصه ( إثبات كل ما أدعاه ) أو بيان أوجه القصور في ( بينة الإدعاء ) أو ضحد كل الحجج التي أدعاها الإدعاء وبالتالي فلا يلومن إلا نفسه فلم يكن أمام المحكمة إلا وزن وتقدير وتريح ( البينة المتاحة ) 00 وعلى ضوء كل هذه الأسباب أتفق مع أخي ( إبراهيم حمدان ) في النتيجة التي توصل إليها 0
عبد الرؤوف حسب الله ملاسي
قاضي المحكمة العليا
ببورتسودان
18/ مايو /2003م
17 / ربيع (1) /1424هـ
21/5/2003م
أوافق على شطب الطعن برسومه للأسباب التي استند عليها لزميل ملاسي في مذكرته الضافية 0
إبراهيم محمد المكي
قاضي المحكمة العليا
ببورتسودان
21/5/2003م
20/ مايو /2003م
20/ ربيع (1) /1424هـ
الأمر النهائي :
( يشطب الطعن برسومه )
عبد الرؤوف حسب الله ملاسي
قاضي المحكمة العليا
ورئيس الدائرة
ببورتسودان
20/ مايو /2003م
20/ ربيع (1) 1424هـ

اعادة نشر بواسطة محاماة نت