تفاصيل هامة حول الإنابة القضائية في القانون السوري

إن السلطة القضائية المختصة لنظر في الدعوى المدنية ملزمه بتطبيق قواعد أصول المحاكمات المدنية والبت بالدعوى شكلا وموضوعا وحدها دون مشاركة أي جهة قضائية أخرى في مسيرة الدعوى. ولكن يجوز استثناء تكليف سلطة قضائية أخرى لممارسة بعض الإجراءات المنوطة أصلا بالمحكمة الناظرة بالدعوى. وهذا التكليف يسمى قانونا – الإنابة القضائية-.

وهذه الإنابة هي تكليف مؤقت لا يسمح للجهة المنابة أن تنظر بالدعوى إلى آخر مرحلة ,بل يتوجب على القاضي المناب أو المحكمة المنابة أن تنفذ ما هو مطلوب بالإنابة من التحقيق أو الاستجواب أو الخبرة أو سماع الشهادة وغيرها من الإجراءات القضائية التي يجيز القانون الإنابة فيها وقد ورد النص على الإنابة في المواد التالية :

المادة /133/ بينات :

” إذا كان من وجهت إليه اليمين يقيم خارج منطقة المحكمة فلها أن تنيت في تحليفه محكمة محل إقامته.”

المادة /277/ أصول محاكمات :

” إذا اقتضى التنفيذ اتخاذ تدابير خارج منطقة الدائرة يقرر رئيس التنفيذ إنابة الدائرة التي ستتخذ فيها التدابير التنفيذية “.

المادتان أعلاه تحيطان بموضوع الإنابة القضائية بالإضافة إلى الاجتهاد القضائي. إلا أن الإشكاليات القضائية التي قد تنشأ عن هذه الإنابة وتتفرع عنها توجب طرح الأسئلة التالية وهي أهم مايمكن إثارته حول الإنابة القضائية.

أولا : قرار الإنابة يصدر عفوا أم بناء على الطلب:

إن المحكمة في جميع الأحوال غير ملزمة بتقرير الإنابة بناء على طلب طرفي الدعوى لأنها حرة في قبول الطلب أو رفضه إنما لحسن سير العدالة على المحكمة أن ترفض الطلب إذا كان واقعا في محله وله تأثير على فض النزاع القائم.

وهكذا يكون القرار بإعطاء الإنابة إما تلقائيا أو بناء على طلب المتداعين أو إحداهما لحسن سير العدالة والمحكمة ليست ملزمة يتعليل قرارها.

ثانيا : تنفيذ الإنابة :

إن السلطة المنابة تمثل السلطة التي أنابتها في تنفيذ مضمون الإنابة وعليها أن تسلك ذات الإجراءات التي كان على السلطة المنيبة أن تسلكها.

وللسلطة المنيبة أن تلغي الإنابة إذ لم تكن قد نفذت بعد طالما أن الإنابة تعطى لمصلحة حسن سير العدالة فإن السلطة المنابة ملزمة أن تنفذها بشرط أن تكون ضمن صلاحياتها واختصاصها النوعي المحلي وإلا تكون عرضة للمخاصمة.

ثالثا : تعيين السلطة المنابة :

لا يمكن أن تعطى الإنابة إلا لسلطة قضائية ( محكمة بكامل أعضائها – محمكة بداية – محكمة صلح ) لا يمكن إعطاء الإنابة إلى محكم أو خبير واستثناء يجور توجيه إلى جهة دبلوماسية تمثل سورية خارج البلاد ( السفير -القنصل-القائم بالأعمال).

هذا أيضا لا يجوز للقاضي المناب أن ينيب عنه قاضي آخر لتنفيذ الإنابة ,إلا إذ تضمنت الإنابة نصا يجيز ذلك.

رابعا : المرسوم رقم 1188/1953 :

خامسا : الطعن في قرار الإنابة :

نصت المادة 222/ب أصول محاكمات :

” يجوز الطعن في الحكم الصادر بوقف الدعوى وفي الأحكام الوقتية قبل الحكم في الموضوع “.

هذا حيث أن القرار الصادر عن المحكمة والمتضمن توجيه الإنابة القضائية هو قرار مؤقت وحيث أن القرار الصادر عن المحكمة والمتضمن توجيه الإنابة القضائية هو قرار مؤقت يجوز الطعن فيه وفقا للمادة 22/ب أعلاه.

و يتم الطعن من قبل أحد الأطراف , وإذا فسخ قرار الإنابة أو نقص تعاد الإنابة إلى مصدرها أما لإذا رفض الطعن عندها تنفذ الإنابة وفق مضمونها.

وفي شتى الأحوال يتوجب تعليل القرار الصادر عن الجهة التي نظرت بالطعن.

سادسا : في مخاصمة القاضي المناب :

من الواضح أن القاضي المناب يمثل السلطة القضائية التي أنابته وهو بهذه الصفة يضع يده على الدعوى – بحدود مضمون الإنابة – وإن كان لا يجوز له أن يسير بالدعوى حتى آخر مراحلها إلا أن إجراءاته وتصرفاته يحكمها القانون وتخضع للمخاصمة إذا ما توفرت شروطها وفق المادة /466/ أصول محاكمات.

سابعا :

يجوز لمحكمة البداية أو الاستئناف أن تنيب محكمة الصلح لتنفيذ الإنابة في منطقة لا يوجد فيها سوى محكمة الصلح…

إلا أنه لا يجوز إنابة سلطة قضائية استئنافية كالمحكمة الجمركية مثلا وهذه تقبل الإنابة من سلطة تنظر في القضايا الجمركية .. أي أن المحكمة المدنية تقرر إنابة سلطة قضائية مدنية لا غير.

حلب في الأولى من تشرين الثاني

المحامي بيير عبد الأحد

رئيس اللجنة القانوني بحلب

إعادة نشر بواسطة محاماة نت