خصوصية الدفع بالتحكيم أمام القضاء
عثمان اقبيبش – باحث في سلك الدكتوراه كلية الحقوق فاس-

مقدمة

يشغل التحكيم مكانا بارزا على الصعيد الوطني و الدولي، باعتباره أهم الوسائل البديلة عن القضاء، و لقد ازدادت أهميته نظرا لتشعب العلاقات الاقتصادية على المستوى الوطني و الدولي، وخصوصا في المعاملات التجارية المتميزة بالتعقيد و التخصص.[1]

لكل هذه الاعتبارات عملت التشريعات على تنظيم التحكيم بموجب نصوص خاصة في تشريعاتها الداخلية، و المشرع المغربي كغيره من التشريعات عمل على تنظيم التحكيم بموجب قانون 08-05 المتعلق بالتحكيم و الوساطة الإتفاقية.[2]

و يعد التحكيم بأنه نظام تقاضي خاص مبني على إرادة الأطراف، و عرفه المشرع المغربي في الفصل 306 من القانون المذكور بأنه ” حل نزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من الأطراف مهمة الفصل في النزاع بناء على اتفاق تحكيم”.

و بناء على هذا التعريف يتضح أن اتفاق التحكيم هو أساس اللجوء إلى التحكيم و بمجرد انعقاده يصبح ملزم للأطراف و يترتب عنه أثرين:

الأول يتمثل في التزام الأطراف بحسم النزاع عن طريق التحكيم، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لإعمال أثر اتفاق التحكيم، وعند لجوء أحدهما للقضاء يحق لخصمه الدفع بوجود هذا الاتفاق لمنع القضاء من نظره، ويستجيب القضاء لهذا الدفع ما لم يتسنى له بطلانه أو عدم قابليته لإعمال أثره.

أما الأثر الثاني هو امتناع القضاء عن النظر في النزاع عند الدفع بوجود اتفاق التحكيم إذا ما تبين له صحة هذا الاتفاق، فإذا لم يتمسك الخصم بوجود هذا الاتفاق كان للقضاء الاستمرار النظر في النزاع رغم صحة اتفاق التحكيم[3] ولا يملك المحكم سوى إنهاء الإجراءات التي تكون قد بدأت أمامه.

لذا من الملاحظ أنه قد أثيرت العديد من التساؤلات حول طبيعة الدفع بوجود اتفاق التحكيم أمام القضاء؟ هل هو دفع بعدم الاختصاص أم دفع بعدم القبول؟.

لمعالجة هذه الإشكالية سنحاول التطرق لها في إطار موقف التشريع المغربي و المقارن ” المطلب الأول ” على أن نختم بموقف الفقه والقضاء “المطلب الثاني “.

المطلب الأول – طبيعة الدفع باتفاق تحكيم في التشريع المغربي والمقارن
إذا كانت التشريعات قد حسمت موقفها من طبيعة الدفع أمام قضائها العادي، فإنها اختلفت حول تحديد طبيعة الدفع بوجود اتفاق تحكيم أمام القضاء، و ذلك لكون اتفاق تحكيم هو منطلق السير في إجراءات التحكيم، فلجوء أحد الأطراف الى المحكمة لرفع دعوى عوض التجاء الى التحكيم، أثار اختلاف كبير بين التشريعات حول موقف المحكمة من ذلك أمام تمسك الخصم بهذا الاتفاق.

لمناقشة هذا سنحاول التطرق في “الفقرة الأولى” إلى طبيعة الدفع باتفاق التحكيم في التشريع المقارن، على أن نتطرق إلى الموقف المغربي في “الفقرة الثانية”.

الفقرة الأولى – طبيعة الدفع باتفاق تحكيم في التشريع المقارن

لقد اختلفت التشريعات المقارنة في تحديد طبيعة الدفع باتفاق تحكيم أمام قضاء الدولة من دفع بعدم الاختصاص إلى دفع بعدم القبول، حيث نجد المشرع التونسي قد نص في الفصل 19 من قانون التحكيم التونسي على أنه ” إذا رفع أمام المحكمة نزاع منشور أمام هيئة التحكيم، بموجب اتفاق تحكيم، فعليها التصريح بعدم اختصاصها بطلب من أحد الأطراف، وإذا لم يسبق لهيئة التحكيم أن تعهدت النزاع، على المحكمة أيضا التصريح بعدم اختصاصها مالم تكن اتفاقية التحكيم واضحة البطلان….” [4]

أما التشريع الفرنسي فقد حسم طبيعة الدفع بإتفاق التحكيم، حيث أكد منع قضاء الدولة من النظر في المنازعات المعروضة على المحكم بسبب عدم الاختصاص، وأن ذلك متعلق بالمصلحة الخاصة لأطرافه، ومن ثم وجوب ألا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، وقد فرق القانون الفرنسي بين أمرين.[5]

عرض النزاع فعلا على المحكمين، فإذا أثير بعد ذلك أمام القضاء وجب عليه الحكم بعدم الاختصاص بناء على دفع يقدم إليه قبل إبداء أي دفع أو دفاع آخر في الدعوى.

عدم عرض النزاع على المحكمين، وعرضه على القضاء، فيكون على هذا الأخير الحكم بعدم الاختصاص مالم يكن اتفاق التحكيم ظاهر البطلان، وبذلك يكون المشرع الفرنسي أخرج الدفع بالتحكيم من نطاق فكرة عدم القبول.

أما المشرع المصري[6]نجده يلزم المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق التحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى.

وبالتالي أن الدفع بالاعتداد بشرط التحكيم هو دفع بعدم القبول، لأن اتفاق التحكيم يترتب عليه نزول الخصوم عن الالتجاء إلى القضاء، ومتى نزل الخصوم بإرادتهم عن سلطة الالتجاء إلى القضاء تكون الدعوى قد فقدت شرطا من شروط قبولها.[7]

فشرط التحكيم لا ينزع الاختصاص من المحكمة، وإنما يمنعها فقط من سماع الدعوى ما دام الشرط قائما، فهو ينشئ عائقا مؤقتا يمنع المحكمة من سماع الدعوى، فالرجوع عنه بإتفاق جميع الخصوم يوجب الالتجاء إلى المحكمة، مما يقطع بأن التحكيم لا ينزع الاختصاص من المحكمة.

الفقرة الثانية – طبيعة الدفع باتفاق تحكيم في التشريع المغربي

بالرجوع إلى قانون المسطرة المدنية الملغى وبالضبط إلى القسم المتعلق بالتحكيم والفصول الواردة فيه (من الفصل 306 إلى 327) نجد المشرع المغربي سكت في هذه المواد عن الأخذ بأي نظرية من النظريات المتعلقة بتحديد طبيعة الدفع باتفاق التحكيم، أمام قضاء الدولة، لكن المشرع في مشروع قانون 08.05 وفي (المادة 1-327) كان يوجب على المحكمة أن تصرح بعدم اختصاص.[8]

إلا أن موقف المشرع المغربي سرعان ما تغير في القانون 08.05 من دفع بعدم الاختصاص إلى دفع بعدم القبول، حيث نص المشرع في القانون المذكور على أنه ” عندما يعرض نزاع مطروح أما هيئة تحكيمية، عملا بإتفاق التحكيم على نظر إحدى المحاكم وجب على هذه الأخيرة، إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل الدخول في جوهر النزاع أن تصرح بعدم القبول إلى حين استنفاذ مسطرة التحكيم أو إبطال اتفاق التحكيم.

وإذا كان النزاع لم يعرض بعد على الهيئة التحكيمية، وجب كذلك على المحكمة بطلب من المدعى عليه أن تصرح بعدم القبول ما لم يكن بطلان اتفاق التحكيم واضحا.

يتعين على المدعى عليه أن يدفع بذلك قبل الدخول في جوهر النزاع، ولا يجوز للمحكمة في كلتا الحالتين أن تصرح تلقائيا بعدم القبول…”[9]

و بذلك فان المشرع حدد حيز زمني لإثارة هذا الدفع أي يجب إثارة الدفع بوجود النزاع معروض أمام الهيئة التحكيمية أو بوجود اتفاق تحكيم قبل أي دفع أو دفاع أي قبل الدخول في مناقشة جوهر النزاع، كما أنه لا يمكن للمحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها[10]

و يرى احد الباحثين[11] أنه كان على المشرع أن يمنح المحكمة الحق في إثارة هذا الدفع تلقائيا، وذلك بمجرد ملاحظة وجود اتفاق التحكيم، وذلك تطبيقا لمبدأ استقلال شرط التحكيم الذي نص عليه القانون المذكور، واقتداء لما ذهبت إليه بعض التشريعات، كالتشريع اليمني الذي ينص في المادة 19 من قانون التحكيم[12] ”على المحكمة التي ترفع أمامها دعوى متعلقة بخلاف أو نزاع يوجد بشأنه اتفاق التحكيم أن تحيل الخصوم إلى التحكيم”، وهو نفس الموقف الذي سار عليه المشرع المصري في المادة 13 من قانون التحكيم المصري.

إلا أننا لا نساير هذا الاتجاه ونرى أن المشرع المغربي كان صائبا لما ذهب إليه، على اعتبار أن إتفاق التحكيم هو عقد لا يمكن تعديله أو إلغاؤه إلا بإتفاق الطرفين، وأن لجوء أحد الأطراف إلى القضاء، وعدم تمسك الطرف الأخر بهذا الاتفاق يعد تنازلا ضمنيا عنه لا يمكن للمحكمة أن تلزمهما على الاستمرار فيه.

لكن رغم وجاهة ما ذهب إليه المشرع بخصوص إثارة الدفع بعدم القبول، إلا أنه وبالرجوع إلى الفقرة الأخيرة من الفصل المذكور سابقا، يتضح لنا أن موقف المشرع يبقى محل نظر، لأنه بمقتضى هذه الفقرة أعطى للهيئة التحكيمية إمكانية مباشرة مسطرة التحكيم أو متابعتها كما أعطى لها إمكانية إصدار حكم تحكيمي في انتظار أن تبت المحكمة في الدفع.

فواضح أن المشرع كان هدفه من وضع هذه القاعدة هو الحفاظ على أهم مميزات مسطرة التحكيم المتمثلة في السرعة في إنهاء النزاع، إلا أن هذا قد يؤدي إلى احتمال أن يكون المقرر التحكيمي متناقضا مع ما ذهب إليه القضاء وفي هذه الحالة تثور إشكالية أي الحكمين أجدر بالتطبيق؟

هنا يرى أحد الباحثين[13]أن صياغة النص تدل على أن ما يبت به القضاء هو ما سيتم تغليبه، لكن إذا كان هذا ما سيتم إعماله ما الفائدة من حالة صدور حكم قضائي مناقض؟

المطلب الثاني- موقف الاتجاهات الفقهية والقضائية
لقد اختلف الفقهاء والقضاء بخصوص طبيعية الدفع باتفاق تحكيم أمام قضاء الدولة العادي، فذهب رأي إلى اعتباره دفع بعدم الاختصاص، بينما ذهب رأي إلى اعتباره دفع بعدم القبول.

الفقرة الأولى– الدفع بوجود اتفاق التحكيم دفع بعدم الاختصاص

يترتب على اعتبار الدفع بوجود اتفاق التحكيم بأنه دفع بعدم الاختصاص واعتباره من الدفوع الشكلية التي يجب إبداؤها عند بدء الخصومة، وقبل التعرض لموضوع الدعوى وإلا سقط الحق فيه، وفي محاولة اقتناع المحكمة بوجود الشرط عليها أن تحيل النزاع إلى هيئة التحكيم، فاتفاق الأطراف على التحكيم لا يمس حق كل منهم في الدعوى.[14]

وهو نفس التوجه الذي سار عليه الفقه الفرنسي الذي أجمع على اعتباره دفعا بعدم الاختصاص يتوجب النطق به قبل الكلام في الموضوع، حيث يمنع قضاء الدولة من النظر في المنازعات المعروضة على المحكم بسبب عدم الاختصاص، وأن ذلك متعلق بالمصلحة الخاصة للأطراف، ومن ثم وجوب أن تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها.[15]

إلا أن هذا الاتجاه لم يسلم من بعض الانتقادات التي وجهت له في هذا الصدد والتي يمكن حصرها فيما يلي[16]:

القول بكون هذا الدفع هو دفع بعدم الاختصاص يصطدم مع صعوبة تحديد نوع هذا الاختصاص، لأنه ليس متعلقا بالوظيفة القضائية أو بنوع القضية أو المحل.

الاتفاق على التحكيم لا يؤدي إلى إقصاء قضاء الدولة نهائيا عن النظر في النزاع، بل يظل لهذا القضاء الاختصاص بالنظر في بعض المسائل المتصلة بالنزاع المتفق بشأنه على التحكيم، ولا يمكن بأي حال من الأحوال وصفه بأنه مجرد إشراف أو مراقبة لعمل المحكم.
الحديث عن الاختصاص لا يثور إلا بين محاكم الجهة القضائية الواحدة أو بين جهتين من جهات القضاء، والتحكيم لا يعد محكمة، يمكن تناول اختصاصها بنظر الدعوى أو عدم اختصاصها بالنظر إلى محاكم جهة القضاء، فهيئة التحكيم لا تعد هيئة قضائية تابعة للدولة.
الفقرة الثانية – الدفع بوجود اتفاق التحكيم دفع بعدم القبول

على خلاف الاتجاه السابق يذهب هذا الاتجاه[17] إلى اعتبار هذا الدفع بأنه دفع بعدم القبول، ويؤسس هذا الرأي على مجموعة من الحجج، أهمها أن هذا الاتفاق على التحكيم ليس له القدرة على إخراج النزاع من اختصاص القضاء، وإنما يهدف إلى إقامة مانع مؤقت من سماع الدعوى أمام القضاء، وهو بإقامة هذا المانع إنما يقيد حق الأطراف في الالتجاء إلى القضاء، والنتيجة المنطقية لهذا التقيد هي أن تصبح الدعوى غير مقبولة أمام القضاء ما دام المانع من قبولها موجود، فإن زال لسبب أو أخر عادت الدعوى مقبولة أمام القضاء.

إلا أن هذا الاتجاه لم يسلم بدوره من بعض الانتقادات فيما يخص هذه المسألة وهي كالتالي:[18]

أولا أن تكييف الدفع بوجود اتفاق التحكيم على أنه دفع بعدم القبول فيه خلط بين حق الالتجاء إلى المحكمة والحق في الدعوى، إذ أن حق اللجوء إلى المحكمة من النظام العام لا يجوز التنازل عنه، أما الحق في الدعوى فهو وسيلة استعمال حق الالتجاء إلى القضاء، ومنه فإن الاتفاق على التحكيم لا يسلب أطرافه حق اللجوء إلى القضاء بل حتى استمرار الإجراءات لحين الفصل في الموضوع.

ثانيا أن الدفع بوجود اتفاق التحكيم لا يتعلق بحق المدعي في الدعوى والذي يتمثل في توافر حق وصفة واعتداء، وتخلف شرط من شروط الدعوى يصرح القاضي بعدم القبول الدعوى.

و بالتالي فالأمر ليس كذلك عند الاتفاق على التحكيم، لأن وجود هذا الاتفاق يجعل المحكمة العادية وحدها غير مختصة، لأنها غير ذات ولاية، ما دام التحكيم قائما وصحيحا.

عموما يمكن القول على أن الاتجاهات الفقهية قد تضاربت فيما بينها حول تحديد طبيعة الدفع بوجود اتفاق التحكيم، فمنها من ذهب على اعتبار هذا الدفع بدفع بعدم الاختصاص، بينما ذهب رأي ثاني إلى عكس ذلك واعتبره بعدم القبول. فماذا عن موقف القضاء؟

أما فيما يتعلق بموقف القضاء نجد القضاء المصري استقرت أحكامه على اعتبار الدفع بالتحكيم من الدفوع بعدم الاختصاص وحجيته في ذلك مستفادة من قانون المرافعات المصري الذي خول المتعاقدين حق الالتجاء إلى جهة التحكيم بدلا من المحاكم المختصة للنظر فيما ينشأ بينهم من نزاع، وأن ذلك إن كان سيستند إلى القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء ،إلا أنه ينبني مباشرة على اتفاق الطرفين.[19]

وهذه الطبيعة الاتفاقية على حد تعبير النقض المصرية[20] تجعله غير متعلق بالنظام العام، فلا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها وعلى صاحب الشأن التمسك به أمامها، ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمنا وسقط الحق فيه لو أثير متأخرا وبعد الخوض في الموضوع، ويعتبر السكوت عنه قبل نظر في الموضوع نزولا ضمنيا عن التمسك به.

أما القضاء المغربي سار خلاف القضاء المصري و ذهب إلى اعتبار الدفع بإتفاق التحكيم دفع بعدم القبول، وذلك قبل إقراره من طرف المشرع بمقتضى الفصل327[21] من القانون المذكور سابقا.

وهكذا جاء في قرار المحكمة التجارية بمراكش[22] ”… الاتفاق على التحكيم لا يتعلق بالاختصاص وإنما يتناول إرادة الأطراف في اللجوء إلى التحكيم من عدمه، وهو بذلك لا ينزع الاختصاص عن المحكمة وإنما يحول دون قبول الدعوى”.

و هو الأمر الذي أكدته محكمة النقض في قرارها الصادر سنة 2014 حيث جاء فيه ” لما كان العقد ينص على أنه في حالة حدوث نزاع بين الطرفين لا يتم اللجوء إلى القضاء إلا بعد تسوية النزاع وديا ثم سلوك مسطرة التحكيم، فإن المحكمة كانت على صواب لما صرحت بعدم قبول الدعوى للجوء الطرف للقضاء مباشرة، وعدم سلوكه مسطرة التحكيم بعد فشل التسوية الودية”.[23]

و هو ما أكدته في قرار آخر[24] إلا أن هناك جانب من القضاء يعتبر الدفع بوجود شرط التحكيم هو دفع بعدم القبول من نوع خاص، لكنه لا يخرج عن الضوابط التي تحكم الدفوع الشكلية بشكل عام[25].

حيث جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى[26] – محكمة النقض حاليا – بأن” الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط تحكيمي دفع من نوع خاص ، فاللجوء إلى القضاء الرسمي و مناقشة الموضوع العام يعد تنازلا ضمنيا عن اللجوء إلى التحكيم”.

خاتمة:

ختاما يمكن القول على أن التشريعات و القضاء قد اختلف في تحديد طبيعة الدفع بوجود اتفاق تحكيم أمام المحكمة في حالة وقوع نزاع بين أطراف التحكيم، من دفع بعدم الإختصاص إلى دفع بعدم القبول من نوع خاص، ويرجع ذلك الى طبيعة الاتفاق المبرم بين الخصوم و الذي ينبني على مبدأ هام و هو سلطان الإرادة، .

و نعتقد أن المشرع المغربي في القانون 05-08 أحسن صنعا لما جعل هذا الدفع مرتبط بعدم القبول في حالة ادعاء الخصم الأخر و قبل البت في الدعوى أمام المحكمة، نظرا لطبيعة اتفاق تحكيم المبرم بين الخصوم، والذي ينبني على الرضائية بين الطرفين. فكيف يمكن للمحكمة تهديم هذا المبدأ بالبت في النزاع رغم معارضة الخصم أو الدفع بعدم الإختصاص رغم تنازل الأطراف عن هذا الحق بشكل ضمني حين متابعة المسطرة أمام قضاء الدولة دون ادعاء بوجود اتفاق تحكيم بين الطرفين؟.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت