العوامل التي قد يتأثر بها القاضي أو المحقق بشكل عام

اولا :
*الاعتياد_الزائد
ان المحقق او القاضي يحكم اكثر مما يتفرس ويدرك وبالتالي قد يظن ان الواقعة مماثلة لشبيهات بها حدثت فى الماضي او من المتصور حدوثها من ان الواقعه المطروحة خصوصيه متميزة وتختلف عن تلك التي جعلها القاضي معها شيئاً واحدا ومعنى ذلك هو المغالاة في الثقة بالنفس وفي الطمأنينة الى حكمها والسبق الى الرأي قبل اكتمال عناصر انطباعه والتزامه دون اي استعداد للرجوع عنها اما خمولا عن بذل اي جهد اضافي واما انصياعه للميل الى عدم تخطئة النفس ولو استبان احتمال خطئها ومن اجل ذلك يقع على عاتق القاضي فى بداية التحقيق التزام بأن يكون كالأبره المغناطيسية ينجذب صوب كل اتجاه تتوافر فيه قوة جاذبيه حتى يتبين له الخيط الابيض من الخيط الاسود .

ثانيا :
*الاغراق_في_تفاصيل ليست ذات بال بالقياس الى النواهي المركزية للواقعة وربما ابداء ذكاء خارق ومذهل فى تفهم تلك التفاصيل وانما مع القصور التام والعجز المطلق عن استخلاص النواه المركزية وبيت القصيد وهذا عيب يعتبر عكسياً بالنسبة لسابقة ولكنه عيب هو الاخر لان العيب السابق اهتمام بالتأصل دون التحليل بينما الثاني اهتمام بالتحليل دون التأصيل او دون القدره عليه.

ثالثاُ :
*التقيد : يأثر العادات الفكرية الراسخة فى عمق النفس والتي ينشأ عنها استصاغة للأشخاص او استثقال لظلمهم على حسب مظهرهم فقد يكون شاهد ما قبيحا رث الثياب ومع ذلك يصيب بشهادته كبد الحقيقة وقد يكون شاهد ما انيق المظهر واللفظ خفيف الظل ويبدي مع ذلك زورا وبهتانا وكذباً صراحاً اضف الى ذلك ان الشخص زائع الصيت وبالغ المجد قد لا يكون فى شهادته صادقاً لغرض فى نفسه لأن كل مرتفع مهدد بالسقوط قد يسقط سقوطا عظيما وراعي القانون مثل هذه الآفه لدى القاضي حين اجاز له التنحي كلما استشعر حرجاً في قضية لصديق من اصدقائه والواقع ان من القضاه من يحابي صديقه ومنهم يحدث لديه العكس وهو انه لفرط خوفه من محاباة صديقه ينتهى به الامر الى ظلم صديقه فتفادياً لهذا الأثر او ذاك لا يكون امام القاضي سوى ان يتنحى اذا شاء ولقد دلت التجارب على ان الاسرار الى اذن القاضي بأمور ما عن القضية على لسان صديق او صديقه او خادم شخصي او اي شخص مقرب اليه يطبع فى ذهنه صوره عن القضية من العسير ان تمحى بعد ذلك عند نظر القضية مهما كانت الصوره مجافيه للحقيقه فالقاضي يظن انها الحقيقة ويحارب كل ما عداها معتبراً اياها زيفاً فآفة الآفات هي الاستسلام لفكرة مكونه سلفاً بدافع استساغه ظل بعض الأشخاص الأنتهاء بهذه الفكرة عن واجب التحري والسعي الى الحقيقة والغوص الى اعماقها .

رابعاً :
*وضع_المحقق_او_القاضي_نفسه_دون_مناسبة موضع المتهم او موضع المجني عليه في حين ان هناك فرقاً بيناً من حيث الحياه والظروف والتربيه والبيئه بينه وبين هذا وذاك فمن قبيل وضع القاضي نفسه وضع المجني عليه ان يكون هذا مدعياً مدنياً يطلب التعويض فى تهمة اغتصاب جنسي لاحدى بناته فأذا كانت للقاضي بنات نزع للشدة والقسوة على المتهم واذا كان له اولاد ذكور دون بنات اعتبر القضيه شبه ابتزاز للمال من المتهم ومن قبيل وضع القاضي نفسه مكان المتهم ان تكون التهمه مثلا هى الزنا والمفروض انه مع امراءة متزوجة فأن كان القاضي متزوجا اشتدت قسوته على المتهم وان كان اعزب فأنه يحكم عدم خبرته بشعور الزوجية وكيف تسلمه واقعة الخيانة قد يعامل المتهم بالرأفة فيتعين للتخلص من مثل هذه الآفة ان لا يقابل القاضي بين نفسه وبين احد اطراف القضية المعروضه عليه لانه لا توجد مناسبة لذلك ويكون من الواجب عليه في رقابته على نفسه لنفسه ان يتجرد من شعور يمكن ان يوجد صله شخصية بينه وبين القضية المعروضه عليه تجعله كما لو كان طرفاً فيها .

فعليه ان يقيم مسلك المتهم في القضيه الجنائية او مسلك اي خصم في قضيه مدنية بمعيار موضوعي يسترشد فيه فضلا عن حقيقة الأمر الواقع بالقيم الخلقيه العليا .

خامساً :
*تأثر_المحقق_او_القاضي_بتجربه_شخصيه_مريره الى حد يجعله ميالاً الى ان يقيس عليها الواقعه المطروحة عليه رغم التباين التام بين هذه الواقعه وبين تلك التي كانت موضوع تجربته الماضيه من هذا القبيل ان يكون ضحية لزنا ارتكبته زوجته مثلا فتطرح عليه تهمة زنا اتهمت به زوجة انسان نسب اليها انها خانته مع ابن اخته فيسارع على الفور لا فقط بالادانه القاسيه للمتهمه وانما بتخطئتهما ونسبة الواقعة اليهما دون اي نظر فى ادلة الثبوت وبغير اي تقيم لهذه الادلة بينما يتضح مثلا ان المتهمين بريئان من التهمة وان الزوج المبلغ مصاب بمرض عقلي وهو جنون الغيره .

سادساً :
*كراهية_المحقق او القاضي لصنف من القول او فئة من الناس او تعاطفه على العكس مع صنف ما او فئة ما مع ما في تلك الكراهية والتعاطف من خطر الاستسلام لهما والقصور عن التقاط الحقيقه لما يخيم بسببها على ملكة الوعي من غشاوة وسبق ان اشرنا الى ذلك .

سابعاً :
*امتلاء_المحقق او القاضي بغرور شخصي يجعله يدعى معرفه حتى فى مجال لا تخصص له فيه ولا معرفه تغنيا بالمبدأ القائل بأن القاضي خبير الخبراء ووضعاً بهذا المبدأ في غير موضعه دون ترجيح بين خبير وخبير .

ثامنا :
*التأثر_بما_يسمى_الصدفه_الحرجة بينما الحقيقة الواقعية مختفية وراء حقيقة الاجرائية المفتعلة او الصدفه الحرجة .

فلو فاجأ زوج زوجته متلبسه بالزنا فامسك وفي يده منديل بسكين مطبخ عليه بصمات زوجته وقتل بهذا السكين شريكها الذى زنت معه فوجهت الى الزوجه تهمة قتل عشيقها لخلاف بينهما حول ثمن هذه العلاقة او لغيرة جنسية فان هذا الاتهام رغم انه يمثل ما يسمى بالحقيقه الاجرائية او الصدفه الحرجه ليس للقاضي امامه ان يصم اذنيه عن الاستماع الى ما يلح به الدفاع عن المتهمة من ان القاتل هو زوجها اذ يتعذر دائما ظهور الحقيقة كلما اعترض القاضي طريق الخصومة وعرقل حريتها في ابداء ما يعني لهما من وجوه المدافعه .

تاسعاً :
*شواغل_العيش_المادي مضافه الى ضخامة العبئ الوظيفي تحدث خللا فى صفاء الملكات الذهنية قد يكون معززاً كذلك بخلل فى فسيولوجيا الجسم وافرازات غدده لمرض من الامراض فيفهم القاضي الواقعه على غير حقيقتها ويقحم عليها ما ليس فيها .

عاشراً :
*ضيق_صدر_المحقق والقاضى واستشعاره دون وجه حق بانتقاصاً من قدرة لقاء كل من يسهب امامه فى الشرح كما لو كان يلقى امامه محاضره وهو في غناء عنها هنا تبدو من جانبه ظاهرة ان يناقض حباً فى المناقضة او يعنف شاهداً او ان يسكت محامياً وهذا كله يضع العراقيل فى سبيل تكشف الحقيقة .

الحادي عشر :
*تقييد_حرية_المحامي وذلك في ما يتعلق باثبات مجريات الجلسة الامر الذى تبدو اهميته بصفه خاصة فى قضاء الدرجة الاولى وما يباشره القضاء الاستئنافي من رقابه عليه .

الثاني عشر :
*ترجمة_المحقق او القاضي لأقوال الشاهد على نحو خاطئ وانما بحسن نيه واثبات امور على لسانه تختلف عن حقيقة اقواله وما يقصده منها .
وهذه ظاهرة عامة اي ان كانت اللغة التى يتكلم بها الشاهد بلهجة محلية تحتاج الى معرفة وخبرة بها وفهم لألفاظها ووجوه استخدام هذه الالفاظ وكثيرا ما ينشأ عن ترجمة اقوال الشاهد بدلا من تسجيلها على علاتها وبحذافيرها ان تتشوه الامور سواء في قضاء الدرجة الاولى او في قضاء الدرجة الثانية بطريقة تحجب الحقيقة عن الظهور وتفوق معها جزئية كان من شأنها ان تجرى الامور على غير ما جرت عليه ولذا ينصح القضاه بان يباشر القاضي عمله في مسقط رأسه وانما خارج موطن ميلاده ودائرته الانتخابيه ايضاً .

الثالث عشر :
*أن_ينشد_القاضي_المجد_الشخصي بدلا من القناعة براحة الضمير ومرضاة الله تعالى فيحرص على ادانة انسان ساد لدى الرأي العام وفي وسائل الإذاعة انه المذنب الحامل لوزر الجريمة فيحس القاضي بميل تلقائي الى تخطئته وحرج تلقائي من تبرئته ولا ينظر بعين الثقه الى اي وجه من الوجوه المبدا لصالحه وقد تكون وجوه جديره بكل اعتبار وتسمى هذه الظاهره بتملق الجماهير وهي طامة كبرى اي ايا كان مجال تحققها وانما هي كذلك في مجال القضاء على وجه خاص .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت