الجـرائم المخلة بالشرف فى القانون الليبي

كثر اللغط لدى البعض حول‮ ‬المقصود بالجرائم المخلة بالشرف‮ ‬،‮ ‬وكثر التساؤل هل‮ ‬هذه الجرائم‮ ‬محددة في‮ ‬القانون الليبي ؟ وهل‮ ‬تعامل المشرع مع هذه‮ ‬الجرائم من خلال‮ ‬أحكام خاصة بها دون‮ ‬غيرها ؟

ولماذا تحدث عنها‮ ‬القانون بشكل‮ ‬منفرد؟

قد تكون هذه فحوى‮ ‬التساؤلات حول هذا الموضوع وفي‮ ‬الحقيقة إن مسألة جرائم الآداب‮ ‬العامة من المسائل التي‮ ‬لاقت اهتماماً‮ ‬كبيراً‮ ‬في‮ ‬إطار القانون‮ ‬الليبي‮ ‬بل وفي‮ ‬القوانين المقارنة‮ ‬حتى‮ ‬التي‮ ‬أعطت مساحات من الإباحة لا ترضى بها العقول النيرة الفطنة إلى تفاقم الأمور‮ ‬في‮ ‬مجال‮ ‬الآداب‮ ‬العامة‮ ‬،‮ ‬وهو ما شعرت به هذه الدول‮ ‬فبدأت تقلص‮ ‬من المساحات المذكورة‮ ‬في‮ ‬حين أن‮ ‬الدول‮ ‬التي‮ ‬لم تقتنع‮ ‬بهذه المساحات حاولت التوسعة فكان‮ ‬وبالاً‮ ‬اجتماعياً‮ ‬وأخلاقياً‮ ‬تعاني‮ ‬منه مجتمعات الغرب،‮ ‬وتنادي‮ ‬بمحاربته‮ ‬العقول‮ ‬الفطنة لديهم‮.‬

وقد‮ ‬يكون الأمر أكثر دقة لدينا ونحن نعتنق الإسلام‮ ‬ديناً،‮ ‬كما أن جذورنا‮ ‬الأخلاقية تأبى السقوط‮ ‬في‮ ‬أفعال‮ ‬لا تمت إلى الخلق‮ ‬القويم والدين‮ ‬الإسلامي‮ ‬الحنيف بصلة‮ .‬

‮ ‬وإذا ما كانت مسألة‮ ‬الآداب‮ ‬العامة‮ ‬من المسائل‮ ‬تتبلور‮ ‬في‮ ‬عقول‮ ‬مجتمع‮ ‬من المجتمعات‮ ‬فإن في‮ ‬تكوينها‮ ‬خلقاً‮ ‬لمعايير وأطراً‮ ‬لابد من المحافظة عليها‮ ‬حتى‮ ‬من المشرعين‮ ‬،ولذلك‮ ‬نجد أن‮ ‬القوانين ومن ذلك مثلاً‮ ‬القانون‮ ‬المدني‮ ‬لا‮ ‬يبيح التعاقد في‮ ‬أشياء بالمخالفة‮ ‬للنظام العام والآداب،‮ ‬كما أن هذه الأنظمة‮ ‬الأخيرة ليست محصورة في‮ ‬شخص بل‮ ‬يهم المجتمع‮ ‬،‮ ‬ولذلك‮ ‬كانت الأهمية بادية في‮ ‬أن‮ ‬تكون هذه‮ ‬الأنظمة حصناً‮ ‬عصياً‮ ‬عن الاختراق في‮ ‬كل مجتمع من المجتمعات‮ ‬حصون‮ ‬يجب ألا تخترق تلك‮ ‬هي‮ ‬النظم‮ ‬والآداب‮ ‬العامة‮.‬

ولقد اهتم القانون الليبي‮ ‬أي‮ ‬اهتمام بجرائم الآداب العامة،‮ ‬ولذلك‮ ‬كان القانون رقم‮ ‬10لسنة‮ ‬1985م بتقرير بعض‮ ‬الأحكام‮ ‬الخاصة بجرائم‮ ‬الآداب‮ ‬العامة ومن‮ ‬خلال هذا الموضوع سوف نحاول تبيان الجرائم التي‮ ‬تعتبر‮ ‬مخلة بالشرف‮.‬

المقصود بالجرائم‮ ‬المخلة بالشرف‮:‬

‮ ‬القانون موضوع‮البحث لم‮ ‬يعرف‮ ‬الجرائم المخلة بالشرف‮ ‬،‮ ‬ولكنه قام بتعداد الجرائم‮ ‬التي‮ ‬تدخل في‮ ‬إطار هذا التصنيف‮ ‬قانوناً‮ ‬حيث نصت المادة الأولى‮ ‬من القانون الذكور على أنه تعتبر من الجرائم المخلة بالشرف‮ ‬كل من‮ : ‬

‮< ‬الجرائم ضد الحرية‮ ‬والعرض‮ ‬والأخلاق‮ ‬والمنصوص‮ ‬عليها في‮ ‬الباب‮ ‬الثالث من قانون العقوبات‮ .‬

‮< ‬الجرائم الماسة بالشرف أو المتعلقة بالنظام‮ ‬العام‮ ‬المنصوص عليها في‮ ‬المواد‮ ‬439-472-492- 493-496-500-501 من قانون العقوبات‮.‬

‮< ‬جرائم الزنا‮ ‬المنصوص‮ ‬عليها في‮ ‬القانون رقم‮ ‬70 لسنة‮ ‬19763المشار إليه‮.‬

تفصيل‮ ‬الجرائم‮ ‬المخلة بالشرف‮:‬

‮ ‬أولاً‮: ‬الجرائم ضد الحرية‮ ‬وهي‮ ‬المواقعة‮ ‬المادة‮ ‬407) عقوبات هتك‮ ‬العرض،‮ ‬تحريض‮ ‬الصغار على الفسق والفجور والخطف بقصد إثبات أفعال شهوانية‮ ‬،وخطف‮ ‬دون‮ ‬الرابعة عشرة أو مختل‮ ‬العقل دون إكراه‮ ‬،‮ ‬التحريض‮ ‬على الدعارة،‮ ‬الإرغام على الدعارة‮ ‬،‮ ‬استغلال‮ ‬المومسات‮ ‬،‮ ‬الاتجار‮ ‬بالنساء‮ ‬على نطاق‮ ‬دولي‮ ‬،‮ ‬تسهيل الاتجار بالنساء‮ ‬،‮ ‬اتجار‮ ‬الليبي‮ ‬بالنساء‮ ‬،‮ ‬التعرض‮ ‬لأنثى على وجه‮ ‬يخدش حياءها،‮ ‬الأفعال‮ ‬أو الأشياء الفاضحة‮.‬

ثانياً‮: ‬الجرائم‮ ‬الماسة‮ ‬بالشرف أو المتعلقة بالآداب‮ ‬العامة أو النظام العام‮ ‬وقد صدرها‮ ‬القانون بنصوص على سبيل‮ ‬الحصر‮ ‬وهي‮ ‬التشهير‮ ( ‬المادة‮ ‬439 عقوبات‮) ‬مضايقة الناس وإقلاقهم‮ ‬،‮ ‬إعداد‮ ‬العدة‮ ‬لألعاب القمار،‮ ‬ألعاب‮ ‬،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،‮ ‬عرض الأشياء المنافية‮ ‬للحياء‮ ‬والاتجار‮ ‬بها،‮ ‬الإعمال المنافية للحياء‮ ‬والكلام الفاحش‮.‬

ثالثاً‮: ‬جرائم‮ ‬الزنا‮ ‬المنصوص عليها في‮ ‬القانون‮ ‬رقم‮ ‬70 لسنة‮ ‬1973 في‮ ‬شأن إقامة‮ ‬حد الزنا‮ ‬وتعديل‮ ‬بعض‮ ‬أحكام قانون العقوبات‮ ‬،‮ ‬الزنا‮ ‬كما عرفه‮ ‬القانون‮ ‬المذكور‮ ‬،‮ ‬وهو أن‮ ‬يأتي‮ ‬رجل‮ ‬وامرأة فعل الجماع بغير أن تكون‮ ‬بينهما علاقة الزوجية‮ ‬المشروعة‮.‬

زيادة العقوبات على الفاعل من العاملين بالشرطة‮:

شددت المادة الثانية‮ ‬من القانون من موضوع‮البحث العقوبة‮ ‬على الفاعل‮ ‬إن كان‮ ‬يعمل‮ ‬شرطياً‮ ‬أو كان‮ ‬من‮ ‬مأموري‮ ‬الضبط القضائي‮ ‬أو المكلفين‮ ‬بحماية‮ ‬الآداب‮ ‬العامة أو كان رئيساً‮ ‬للمجني‮ ‬عليه في‮ ‬العمل‮ ‬حيث ورد‮ ‬بالنص المذكور على أنه‮ :‬

‮( ‬تزداد‮ ‬عقوبة‮ ‬الجرائم المشار إليها في‮ ‬المادة‮ ‬السابقة الأولى التي‮ ‬سبق ذكرها،‮ ‬إلى الثلثين‮ ‬إذا‮ ‬كان الجاني‮ ‬من العاملين بأجهزة‮ ‬الشرطة أو الأمن‮ ‬الشعبي‮ ‬المحلي‮ ‬أو من لهم صفة مأمور‮ ‬الضبط‮ ‬القضائي‮).‬

وتزداد‮ ‬العقوبة إلى الضعف إذا كان‮ ‬الجاني‮ ‬من المكلفين بحماية‮ ‬الآداب‮ ‬العامة أو رعاية‮ ‬الأحداث إذا‮ ‬كان‮ ‬رئيساً‮ ‬للمجني‮ ‬عليه في‮ ‬العمل أو من عهد‮ ‬إليه برعايته أو تربيته أو تثقيفه أو تدريبه‮ ‬أو علاجه أو الإشراف عليه أو القيام‮ ‬بشأن من شؤونه‮.‬

ولقد‮ ‬أحسن المشرع‮ ‬صنعاً‮ ‬عندما‮ ‬غلظ العقاب في‮ ‬مثل هذه‮ ‬الحالات‮ ‬،‮ ‬ذلك‮ ‬إن هذه الشرائح‮ ‬هي‮ ‬الموكول إليها‮ ( ‬الحماية‮) ‬كما أن هذه‮ ‬الصفة التي‮ ‬أسندت‮ ‬إليها‮ ‬يمكن أن تكون‮ ‬ستاراً‮ ‬لممارسة الأفعال المذكورة‮ ‬،‮ ‬اعتقاداً‮ ‬من أفراد‮ ‬هذه‮ ‬الشريحة،‮ ‬أن الأمر‮ ‬سيكون‮ ‬طي‮ ‬الكتمان فضلاً‮ ‬على ذلك‮ ‬من استغلال للوظيفة وأخذها‮ ‬حجاباً‮ ‬للقيام بالأفعال التي‮ ‬خلقت لحماية الأشخاص‮ ‬من أن‮ ‬يعتدى عليهم‮ ‬من آخرين‮.‬

آثار الإدانة بهذه‮ ‬الجرائم‮:‬

‮< ‬يترتب على‮ ‬الإدانة‮ ‬في‮ ‬إحدى‮ ‬الجرائم‮ ‬المخلة بالشرف‮ ‬والتي‮ ‬سبق‮ ‬التعرض إليها‮ ‬وبيانها‮ ‬تفصيلاً‮ ‬ما‮ ‬يلي‮:‬

‮< ‬الحرمان من التصعيد‮ ‬لأمانات المؤتمرات‮ ‬الشعبية‮ ‬واللجان الشعبية والاتحادات‮ ‬والنقابات والروابط‮ ‬المهنية‮.‬

‮< ‬عدم الصلاحية لتولي‮ ‬شؤون‮ ‬الوصايا والقوامة‮.‬

‮< ‬عدم‮ ‬قبول‮ ‬الشهادة أمام الجهات‮ ‬ذات‮ ‬الاختصاص‮ ‬القطاعي‮ ‬في‮ ‬غير‮ ‬المسائل‮ ‬الجنائية‮ .‬

الحرمان من الحصول على شهادة حسن السيرة والسلوك‮.‬

‮ < ‬عدم الصلاحية لتولي‮ ‬وظيفة مأمور الضبط القضائي‮ ‬ولو كان‮ ‬قد رُد إلى المحكوم عليه اعتباره‮ ‬وعلى المحكمة أن تأمر بنشر‮ ‬منطوق‮ ‬الحكم‮ ‬على نفقة‮ ‬المحكوم‮ ‬عليه هذا ولقد راعى‮ ‬المشرع‮ ‬من خلال تحديد‮ ‬الجرائم‮ ‬المخلة بالشرف‮ ‬والعقوبات المقررة جراء ارتكاب هذه الأفعال‮ ‬شريحة الفاعلين‮ ‬والذين بحكم صفاتهم‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬يكونوا‮ ‬أدوات تطبيق‮ ‬القانون وتنفيذه‮ ‬،‮ ‬هذه من جهة‮ ‬ومن جهة أخرى فإن إمارات استغلال‮ ‬هذه الوظائف من خلال‮ ‬بعض‮ ‬الشرائح قد‮ ‬يعطي‮ ‬المشرع‮ ‬عذراً‮ ‬في‮ ‬تغليظ‮ ‬العقاب‮ ‬علي‮ ‬هذه الشريحة‮.‬

‮ ‬ولكن‮ ‬تبدو‮ ‬المسألة دائماً‮ ‬تتعلق بتنفيذ‮ ‬القانون‮ ‬لأمر وجوده‮.‬

اعادة نشر بواسطة محاماة نت