التحكيم في مجال الأوراق المالية والسلع في الإمارات

مقال حول: التحكيم في مجال الأوراق المالية والسلع في الإمارات

التحكيم في مجال الأوراق المالية والسلع

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

تمهيد ( تاريخ النص)

لقد كان الفصل في النزاعات المتعلقة بالأوراق المالية عن طريق التحكيم الإجباري وفقاً للمادة (2) من قرار مجلس إدارة هيئة الأوراق المالية والسلع رقم (1) لسنة 2001 في شأن نظام التحكيم في النزاعات المتعلقة بتداول الأوراق المالية والسلع، إلى أن عدلت المادة المذكورة بموجب القرار رقم (35/ ر) لسنة 2008 ليصبح التحكيم هو طريق إختياري في حل النزاعات المتعلقة بالأوراق المالية.

النص المعدل كالتالي : “يتم الفصل في المنازعات الناشئة عن تداول الأوراق المالية والسلع عن طريق التحكيم في الحالات التي يتفق الأطراف فيها على ذلك، ويطبق في هذا الشأن أحكام هذا النظام”.

وفي ضوء النص السابق ، لو تعاقد شخصان في موضوع يتعلق بالأوراق المالية سنة 2005 أي قبل تعديل النص، وحصل النزاع في سنة 2009 ، وتمسك أحدهما بالتحكيم باعتباره الطريق المتفق عليه وقت التعاقد وقد قبل الطرف الثاني هذا الطريق ضمنياً بمجرد قبوله للتعاقد آنذاك، بينما تمسك الآخر باللجوء للقضاء وفقاً للنص الجديد موضحاً بأنه لم يكن مخيراً عند قبوله التعاقد ليكون التحكيم هو الطريق لحل النزاعات باعتبار أن التحكيم كان إجبارياً حينها .

أولاً من المعلوم ان اللجوء إلى التحكيم للفصل بالنزاع هو طريق استثنائي حيث ان الاصل هو اللجوء إلى القضاء ، إلا أن نظام التحكيم هو طريق بديل واستثنائي لحل النزاع طالما اتفق الطرفان على ذلك صراحه في العقد وعندها يسمى بشرط التحكيم ( أي قبل نشوء النزاع) أما إذا اتفق الطرفان بعد نشوء النزاع بينهما على ترك الخصومة امام القضاء واللجوء إلى التحكيم فتسمى حينها بمشارطة التحكيم.

كما أن اللجوء إلى التحكيم من عدمهِ حتى وأن نص عليهِ صراحه بالعقد، وعرض النزاع على القضاء ولم يتمسك أي من الطرفين -قبل التعرض موضوع النزاع- إلى وجود شرط التحكيم، فلا يجوز للقاضي من تلقاء نفسهِ أن يقضي بعدم اختصاصهِ بنظر النزاع لوجود شرط التحكيم ، ذلك لأن التمسك بوجود شرط التحكيم ليس من النظام العام وإنما هو شرط لمصلحة الخصوم ، وبالتالي يتطلب من أي من الخصوم أن يتمسك بهِ امام القضاء قبل حديث في الموضوع باعتبارهِ من الدفوع الشكلية، اما إذا لم يتمسك أي من الطرفين بوجود شرط التحكيم وتعرضت المحكمة لموضوع النزاع في أول جلسة ولم يبدي أي من طرفين فيها بدفع بوجود شرط التحكيم عندها اعتبر شرط التحكيم لاغياً،و ينعقد الاختصاص كاملاً للقضاء.

وباستقراء المادة (38) من قرار مجلس إدارة الهيئة رقم (1) لسنة 2001 في شأن التحكيم بالمنازعات الناشئة عن تداول الأوراق المالية والسلع ، نصت على أنهُ ” ……، وينفذ القرار وفقاً لأحكام القانون الاتحادي رقم (11) لسنة 1992 في شان الإجراءات المدنية وتعديلاتهِ.
وباستقراء المادة (1) من قانون الإجراءات المدنية والتي تنص على أنهُ ” تسري قوانين الإجراءات على ما لم يكن قد فصل فيهِ من الدعاوي ومالم يكن قد تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها، ويستثنى من ذلك ………………….الخ”
ومن المعلوم أن اتفاق التحكيم يقوم على ثلاث أركان وهو ركن الرضا والمحل والسبب ، وبتخلف أحدها يكون الاتفاق باطلاً

كما انهُ يجب النظر لشرط التحكيم في العقد فإذا نص صراحه على بالعقد على أنهُ في حالة نشوء أي نزاع يتعلق بالأوراق المالية فإنهُ يتم الفصل فيها بطريقة التحكيم ، هنا يلتزم الطرفان بعدم الالتجاء للمحكمة ، أو إن لجا أحدهم للمحكمة وتمسك الطرف الأخر بوجود اتفاق تحكيم فإن المحكمة تحكم بعد الاختصاص .
أما إذا لم ينص صراحه على حل النزاع الذي يثور بين الطرفين بواسطة التحكيم صراحه بالعقد، ولم توجد مشارطة تحكيم بعد نشوء النزاع ، فإن الاختصاص يكون للقضاء وهو الاصل في ذلك.

وقد يتفق الطرفان على حل النزاع وفق للأنظمة والقوانين المحمول بها في مركز معين “أي تحكيم مؤسسي” دون أن يحدد الطرفان القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع أو الإجراءات الواجب اتباعها أولم ينص صراحه باللجوء للتحكيم في حل النزاع، ولكن في الانظمة والقوانين التي أحالوا إليها في الفصل بالنزاع كانت تقر صراحه بأن أي نزاع يكون الفصل فيهِ صراحة عن طريق التحكيم ، بالتالي ينطبق على الطرفين ولا يجوز لأي منهما الدفع بعدم وجود اتفاق تحكيم ، الأمر الذي يستتبع ذلك بأن أي تعديل سواء بالزيادة أو النقصان يكون ملزماً للطرفين ، حتى وإن تم تعديل القانون أو النظام المحال إليهِ في حل النزاع وإن قرر حل النزاع بوسيلة أو طريقة أخرى. وهذا ما ينطبق على ما عرض في التساؤل أعلاه. وعليهِ إن تمسك أحد الطرفين بوجود اتفاق التحكيم و ان إرادتهُ إن صرفت لذلك إلا أنهُ لم يظهرها صراحه في العقد ، وتمسك الطرف الثاني بعدم اختصاص التحكيم وان القضاء هو المختص.
في هذهِ الحالة يتعين على هيئة التحكيم الذي يعرض أماما النزاع أن تصدر قراراها بانعدام اتفاق التحكيم لعدم وجود ركن الرضا بين الطرفين في اللجوء لاتفاق التحكيم ، وكذلك القضاء يقضي بانعدام اتفاق التحكيم ويتصدى للنزاء باعتبارهِ الأصيل في نظر النزاع وأن طريق التحكيم هو طريق استثنائي يقوم على الرضا والاتفاق بين الطرفين.

فلا يجوز لأي من الطرفين أن يدفع بأن نيتهُ اتجه إلى حل النزاع الناشئة عن طريق التحكيم وطالما أن القانون والنظام المحال إليهِ يقضي بإلزام حل النزاع عن طريق التحكيم ولذلك لم يظهر نيتهُ في ذلك بالعقد، فإن هذا النعي غير سديد وليس لهُ أساس قانوني، بل كان عليهِ أن يبذل عناية الرجل الحريص وينص صراحه على ذلك بالعقد الذي أبرمهُ، وطالما أنهُ أرتضى إحالة أي نزاع ينشأ بينهما لقانون أو نظام معين وكأنهُ ارتضى ضمنياً قبول أي تعديلات تطرأ على هذهِ القوانين والانظمة المحال إليها.
كما أن النزاع قد ثار في ظل التعديل القانون أو النظام وبالتالي لا يجوز لهُ التمسك بنص قانوني تم إلغاؤهُ أو تعديلهِ سابق على نشوء النزاع .

مبدأ حديث لمحكمة نقض ابوظبي المحلية في بطلان التحكيم الاجباري

– من المقرر طبقاً لقضاء محكمة نقض ابوظبي بالحكم الصادر في الطعن رقم 554 لسنة 2008 س2 ق.أ ما يلي :

– لما كان الاصل في التحكيم هو عرض نزاع معين بين الطرفين على محكم من الاغيار يعد بإختيارهما أو بتفويض منهما أو على ضوء شروط يحددانها ليفصل هذا الحكم في ذلك النزاع بقرار قاطع لدابر الخصومة في جوانبها التي أحالها الطرفان إليه بعد أن يدلي كل منهما بوجهة نظره تفصيلامن خلال ضمانات التقاضي الرئيسية . ولا يجوز بحال أن يكون التحكيم أجبارياً يدعم إليه الطرفين انفاذاً لقاعدة قانونية آمره لا يجوز الاتفاق على مخالفتها وذلك أن التحكيم مصدره الاتفاق. إذ يحدده طرفاه – وفقا لاحكامه – نطاق الحقوق المتنازع عليها بينهما أو المسائل الخلافية التي يمكن أن تعرض لهما . وإليه ترتد السلطة الكاملة التي يباشرها المحكمون عند البت فيها . وهما يستمدان من إتفاقهما على التحكيم التزامهما بالنزول على القرار الصادر فيه وتنفيذه تنفيذا كاملا وفقا لفحواه . ليؤول التحكيم الى وسيله فنيه لها طبيعة قضائية غايتها الفصل في نزاع وركيزة اتفاق خاص يستمد المحكمون منه سلطتاتهم ولا يتولون مهامهم بإسناد من الدولة .وبهذه المثابة فان التحكيم يعتبر نظاما بديلا عن القضاء. فلا يجتمعان ذلك أن مقتضاه عزل المحاكم عن نظر المسائل التي انصب عليها استثناء من أصل خضوعها لولايتها .

ولما كان القانون قد كفل لكل مواطن حق الالتجاء الى قاضيه الطبيعي مخولا إياه بذلك أن يسعى بدعواه إلى قاض يكون مختصا بنظر الى طبيعتها وعلى ضوء مختلف العناصر التي لابستها . مهيأ دون غيره للفصل فيها . وبذلك فأن لحق القاضي غاية نهائية يتوخاها تمثلها الترضية القضائية التي يناضل المتقاضون من أجل الحصول عليها لجبر الاضرار التي أصابتهم من جراء العدوان على الحقوق التي يطالبونها . فإذا ارهقها المشرع بقيود تعسر الحصول عليها أو تحول دونها .

كان ذلك اخلالا بالحماية التي كفلها القانون لهذا الحق وانكارا لحقائق العدل في جوهر ملامحها وكان القرار الذي اصدرته السلطة التنفيذية ( قرار رئيس هيئة وسوق الاوراق المالية والسلع ) بناءا على القانون رقم 4 لسنة 2000 في شأن هيئة وسوق الامارات للاوراق المالية والسلع التي فوضها في إصداره هو من قبيل القرارات الادارية ولا يجوز للقرار أن يتناول نصوص القانون القائم بالفسخ او التعديل أو ان يزيد عليه شيئا .

فإذا ما خرج عن نصوص القانون أصبح مفتقدا العناصر التي تنزله منزله التشريعية ومتجردا من الاساس القويم لمشروعيته بما يجعله معدوم الاثر قانونا ويكون القضاء العادي ألا يعتد به في مقام تطبيق القانون القائم وكانت النصوص الواردة بالمواد 30 من القرار رقم 1 لسنة 2000 بشأن النظام الخاص بالوسطاء و 2.3.10 من القرار رقم 1 لسنة 2001 بشأن النظام الخاص بعمل السوق الصادرة عن هيئة الاوراق المالية والسلع قد فرضت على المتعاملين بسوق الاوراق المالية والسلع نظاما للتحكيم لا يلتفت الى ارداتهم ولا يعول على رضاهم .

ويخضع ذوي الشأن فيع لاحكامه جبرا بالنص على ان يتم الفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام قانون هيئة وسوق الاوراق المالية والسلع فيما بين المتعاملين في مجال الاوراق المالية والسلع عن طريق التحكيم دون غيره . مقوض بذلك أهم خصائص متمثله في اتفاق طرفي النزاع بإرادتهما الحرة في الانزعة التي يحددانها وفق القواعد التي يرتضينها . منتزعا بذلك ولاية القضاء مستبدلا بها تحكيما قسريا لا خيار لذي الشأن لكي يرضى الامتثال له ومنافيا للأصل فيه .بإعتبار ان التحكيم لا يتولد إلا عن الارادة الحرة ولا يجوز إجراؤه تسلطا وكرها .

بما مؤاده أن اختصاص نظام التحكيم الذي انعقد بموجب مقتضى النصوص السالفة البيان التي أدخلتها جبرافي ولايتها يكون منتحلا ومنعدما وجودا من الناحية القانونية ومنطويا على إخلال بحق التقاضي بحرمان المتداعيان من اللجوء الى محاكم القانون العام بوصفها قاضيها الطبيعي وفقا للمادة 25 من قانون الاجراءات المدنية والتي تنص على ان تختص المحاكم الاتحادية بنظر جميع المنازعات المدنية والتجارية والادارية والمادة الثالثة من القانون رقم 23 لسنة 2006 بشأن دائرة القضاء في إمارة أبوظبي والتي تنص على ان تختص المحاكم بالفصل في المنازعات والجرائم الي ينعقد لها الاختصاص وفقا لاحكامها التشريعية النافذه .

ولما كانت المادة 10 من قرار رئيس هئية الاوراق المالية والسلع رقم 1 لسنة 2001 قد نصت على ان تشكل من رئيس المجلس لجنة أو لجان تحكيم تتولى مهمة الفصل في المنازعات الناشئة بين المتعاملين بالسوق وتكون برئاسة أحد رجال القضاء يرشحه وزير العدل – حسب الاحوال – وعضويين إثنين يرشح أحدهما مدير عام السوق المعنية بينما يرشح الاخر رئيس المجلس وكان يرتضونهم لحل النزاع أو إختيارهم من القوائم المعدة سلفا من المتخصصين بتشكيل لجنة التحكيم على هذا النحو يتم بعيداً عن الأطراف وتنعدم فيه أولاوياتهم في أختيار المحكمين الذين فيما يمثل تلك المنازعات المتعلقة بالاوراق المالية والسلع . ولما كانت مسألة تعيين المحكمين أو إختيارهم تعتبر مخالفتها سببا لبطلان حكم التحكيم .

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.