أقوى و أفضل بحث عن الطب الشرعي

مقال حول: أقوى و أفضل بحث عن الطب الشرعي

بحث واسع عن الطب الشرعي

مقدمة

الطب الشرعي هو فرع من فروع الطب المعتمدة ، يختص في تطبيق العلوم الطبية ، خدمة للكثير من المسائل القضائية التي لا يستطيع القاضي البت فيها بعيداً عنه .
فالطبيب الشرعي يكون ملماً بجميع فروع العلوم الطبية ، وكذلك بأمور القضاء والقانون ، ولو بشكل عام .
فعلى ملاحظاته وتقريره ، يتوقف مصير العديد من الأشخاص لأن من أهم ما يعرض على الطبيب الشرعي ، هو الاعتداء على الأفراد ، ومهما كانت طبيعة هذا الاعتداء ونتائجه، فإن على الطبيب هنا ، أن يعتمد على مهارته وخبرته وفوق ذلك على ضميره وحياده.
وليتذكر أن الشخص القادم للمعاينة الشرعية هو غير ذلك الذي يقصد الطبيب بحثاً عن العلاج والخلاص من الداء .
فمن مصلحة الأول أن يضخم حجم الإصابة والمعاناة ، وأن يبالغ في وصفها ووصف أثرها عليه ويلجأ إلى كل ضروب الكذب والحيلة لشرح ما يشكو منه كاملاً على خلاف المريض الذي يسعى للعلاج ويتقدم من طبيبه بكل صدق وبصراحة متناهية آملاً بأن يكون خلاصه على يد الطبيب المعالج.

وللخبرة الطبية الشرعية أهميتها عند الضحية والمتهم وعند القضاء .
فالضحية تسعى دائماً للانتقام من المتهم وتجهد في تحميله المسؤولية المعنوية والمادية وأهميتها بالنسبة للقضاء والعدالة تكمن في أن الخبرة الطبية توجه الدعوى باتجاه معين وتريح ضمير القضاء الذي يعمل على ألا تشوب مكانته شائبة وهكذا فإن الطبيب الشرعي يعمل في العلن و فوقه سلطة الضمير وسلطة القضاء
وكثيراً ما تلجأ المحاكم إلى تشكيل اللجان الطبية للنظر مجدداً في بعض القضايا .

والطبيب الماثل أمام المحاكم للإدلاء بالشهادة أو إعطاء رأي خبرة في قضية ما ، يجب عليه مراعاة الأمور التالية:
1-أن يكون بسيط الكلام يبتعد عن المصطلحات العلمية المعقدة ما أمكنه سبيلاً إلى ذلك .
2-عدم إطلاق النعوت والصفات مما يعطي تفسيراً خاصاً قد يستغله محامي الخصم على أنه تحامل أو تحيز مع طرف ما وعليه بالتالي الاختصار والإيضاح قدر الإمكان.
وتختلف مهنة الطبيب الشرعي عن مهمة الطبيب الممارس لعمله في العيادة أو المستشفى بالعديد من النواحي وأهمها:
1-إن الطبيب الشرعي هو الذي يقرر شدة الإصابة ووجود العاهة وقيمة العجز الناتج عنها .
2-يكشف حالات التسمم.
3-يقدر السن عند الإفراد خاصة المطلوبين للوظائف المدنية وخدمة العلم وذلك للمتهمين فالقاصر يحاكم بقوانين تختلف عن تلك التي يحاكم بها البالغ.
4-يبحث في قضايا الاغتصاب والحمل والإجهاض وسواها من الجرائم الجنسية التي يقف عليها شرف الفرد والعائلة .
5-يقوم بالتعرف على الأفراد مجهولي الهوية والجثث وأشلائها.
6-يبدي الرأي في أمور طبية أو استشفائية .
7-يعاين الجثث ، ضحايا الاعتداء ، وأحياناً يسعى إلى نبشها وتشريحها لتحديد سبب الوفاة .
8-يفحص البقع الحيوية : دم ، مني، بول، بقايا أطعمة.
9-يثبت الأبوة أو ينفيها.

التقرير الطبي الشرعي:

هو شرح وتفسير مكتوب بخبرة الطبية الفنية التي يقوم بها الخبير بناءً لطلب القضاء أو من يمثله ، وتتعلق بأسباب حادث ما فتبين ظروفه ونتائجه.
ومن أهم المسائل التي يطلب فيها من الطبيب الشرعي إبداء الرأي:
1-الوفيات المفاجئة ، غير المعروفة السبب خاصة عند أشخاص أصحاء ليسوا في سن متقدمة .
2-الوفيات المشبوهة أو التي تعقب عملاً عنيفاً أو حادثاً معيناً.
3-وفيات المساجين والموقوفين العدليين .
4-نبش القبر وتحديد سبب الوفاة خاصة عند الادعاء بالتسبب بالوفاة.
5-المصابين جسدياً بعد اعتداء ما .
6-حوادث السير ، وحوادث العمل.
7-في قضايا تحديد السن ، وتحديد الأبوة
8-في قضايا الاغتصاب واللواط والإجهاض الجنائي .
9-دراسة الحالية العقلية لشخص ما أو أهليته المدنية .
10-التحاليل المخبرية للبقع الحيوية ، ولكشف بعض المواد الباعثة على التسمم .

معاينة الجثث:

تبدأ المهمة بإطلاع الطبيب على مكان العثور عن الجثة أو تواجدها ومن ثم دراسة الأشياء في المحيط ونسبتها للجثة ويستحسن الاستعانة بالتصوير الفوترغرافي.
ويبدأ التقرير الطبي بالمقدمة التي تشمل على تاريخ المعانية ومكان إجرائها ، وعلى اسم طالب المعاينة والأفضل تدوين الطلب حرفياً ، وبعد المقدمة تعرض المشاهدات على الوجه التالي :

المشاهدات:
1-وضعية الجثة والمحيط الذي وجدت فيه وملابسها والبقع الموجودة عليها ، وما بها من تمزق أو تغير.
2-ما حّل بالجثة من تغيرات : زرقة جيفية، تيبس رمي… أو تفسخ وتحلل.
3-علامات مميزة للتعرف : الجنس ، العمر ، والقامة .
4-علامات الاختناق .
5-الإصابات الرضية : الكدمات ، الخدوش ، والجروح ودائماً بدءاً من الرأس نزولاً حتى أخمص القدمين .
التشريح:
1-التشريح حسب الأصول: العنق، الصدر، البطن ، والرأس وتسجل المشاهدات .
2-الفحوص المخبرية وهي التي تجري على البقع والسوائل والأنسجة .

أخيراً – مناقشة التقرير وتفسير النتائج وربط بعضها ببعض وإن الهدف من فحصص الجثث:
1-التعرف عليها في حال جهل الهوية .
2-معرفة سبب الوفاة إذا ما كان جنائياً أو ناتج عن أسباب مرضية وطبيعية .
3-السعي إلى تعين زمن الوفاة .

النتيجة :
يجب أن تكون موجزة واضحة خالية من أي تساؤل ، فغالباً ما يتجه القضاة مباشرة لقراءة النتائج دون التركيز على متن التقرير .
معاينة الإصابات، وتشتمل على معاينة الأحياء خاصة ضحايا الاعتداء والحوادث المختلفة وهنا يكون التقرير واحداً من اثنين :
1-قطعياً ويبين الطبيب فيه مدة التعطيل عن العمل ومقدار العجز إذا وجد .
2-لا قطعي “مفتوح” وهنا يحدد الطبيب في تقريره موعداً لمعاينة ثانية خاصة إذا كانت الحالة الطبية العامة لاتسمح بفحصه أو إذا كانت الإصابة اللاحقة به خطرة على حياته ، وهنا على الطبيب تبيان السبب الداعي لإعادة المعاينة ، كأن يكون الضحية في حالة غيبوبة ولايمكن تحديد وضعه منذ المعاينة الأولى .

الفصل الثاني: الموت

العلامات التقليدية للموت :

-المباشرة : وتظهر خلال دقائق وهي :
·شحوب لون الجلد وفقدان مرونته .
·غياب انعكاس القرنية ، وانعكاس الضوء ، تقطيع سير الدم في أوعية شبكية العين ، هبوط ضغط العين ، تلبد القرنية ، ظهور بقع سوداء في صلبية العين (تظهر بعد مرور بضع ساعات على الوفاة)
·الارتخاء العضلي الأولي : تصبح الأطراف متهدلة بعد الموت وفي هذه المرحلة يمكن أن تستجيب عضلات الجسم للمنبهات الكهربائية .
·توقف الدورة الدموية : إن غياب النبض لايعتبر علامة أكيدة للموت ، لأنه في الموت الظاهري قد يغيب النبض لمدة حوالي النصف ساعة .
·إن عدم سماع أصوات ضربات القلب بالمسماع لمدة لاتقل عن الخمس دقائق هو دليل كافٍ لحصول الوفاة ، ويجب أخذ الحذر عند الأشخاص البدينين
·انقطاع التنفس .

-التغيرات خلال أول 12 ساعة :
·تبرّد الجسم :إن حرارة سطح الجسم تبدأ بالانخفاض مباشرة بعد الموت ، لكن حرارة الأعضاء الداخلية بما في ذلك الشرج لا تبدأ بالانخفاض قبل تشكل تفاوت حراري بين عمق الجسم في الداخل وسطحه ، وتختلف مدة تشكل هذا التفاوت ، فتتراوح بين بضع دقائق حتى الساعتين أو الثلاث وما فوق .
·الازرقاق الجيفي – الرسوب الجيفي :عند حدوث الوفاة يتوقف الدم عن الدوران وتخضع حركة الدم لقوانين الجاذبية ، فيميل الدم إلى الترسب في الأوردة والأوعية الشعرية في الأجزاء السفلى من الجسم .

-قيمة الازرقاق الجيفي :
1-هو علامة موت أكيدة .
2-تساعد شدته واتساعه على احتساب زمن الوفاة .
3-يعطي دليلاً على الوضعية التي كان فيها الجسم عند الوفاة ، وإذا ما قد أًحدث تغييرٌ في وضعية الجثة .
غالباً ما يحصل الازرقاق الجيفي بين النصف ساعة والساعتين بعد الوفاة ويكون مكتمل التشكل بين ست إلى اثنتي عشرة ساعة .

-التيبس الفوري :
حالة نادرة تصيب طرفاً من الأطراف ، ربما اليد وحدها ونادراً مايصيب كل الجسم فغالباً مانشاهد أن يد الضحية تظل مطبقة بقوة على السلاح الذي يصعب نزعه منها ، ومحاولة نزعه تتطلب قدراً وافياً من القوة .
إن لهذه الظاهرة مدلولاً كبيراً في العمل الجنائي إذ أنه لا يمكن تقليدها بعد الموت بوضع السلاح في يد الضحية .
ولايمكننا استثناء حالة الانتحار لمجرد وجود السلاح في قبضة الضحية بشكل ارتخائي وسهل فهناك حالات تقوم بها الضحية وقت الاحتضار بالقبض على أجسام مختلفة ، كأن يقبض الغريق على بعض الرمول والأعشاب في محاولة النجاة.

-التعفن – التفسخ:
يبدأ ظهوره بين 48 ساعة و72ساعة في الظروف الطبيعية العادية ، ويتأثر ظهوره بمجموعة عوامل طبيعية مثل الرطوبة وحرارة المحيط .
إن التعفن في الجثة ناتج عن عمل البكتريا وبعض الخمائر ، حيث يأتي الجزء الأعظم من داخل الجسم خاصة الأمعاء .

العوامل التي تؤثر على ظهوره :
1-حرارة المحيط : يكون التعفن أبطأ في الشتاء والمحيط البارد منه في فصل الصيف .
2-الرطوبة : إذا جفت الأنسجة بعد الموت بسبب ارتفاع الحرارة تتحنط الجثة ولاتتفسخ كما يحدث في الجثث التي تدفن في الرمال الحارة ، وعلى العكس فإن التعفن والتفسخ يكون سريعاً في ضحايا الغرق بعد إخراجها من الماء .
3-الهواء : يُسرع هذا التفسخ لأن قسماً كبيراً من الجراثيم يكون هوائياً وهو مايفسر تأخر التعفن في جثث الغرقى التي تبقى في الماء .
4-السن والبنية : يكون التعفن أبطأ عند الأطفال حديثي الولادة وذلك لخلو أمعائهم من الجراثيم ولسرعة هبوط حرارة الجثة مما يعيق نمو الجراثيم .
ويحول التعفن دون التعرف على الجثث التي تتغير ملامحها بفعل الانتفاخ وانسلاخ الجلد ولكن يظل الاستعراف ممكناً من خلال البصمات والأسنان .

-التصبّن :
·هو حالة تعفن خاصة حيث يتأخر تحلل الجثة ان لم يتوقف كليا ، ربما لعدة سنوات بداعي تحلل الدهن بالماء والهدرجة .
·إن أهمية التصبن تكمن في قدرته على حفظ الجسم مدة طويلة تسمح بالتعرف عليه بعد مرور وقت طويل، مما يسمح باستنتاج ولو مؤقت لسبب الوفاة .

-التحنط:
·هو تجفف وذبول الأنسجة وقد يتوقف التعفن .
·كما يحدث في كثير من البلدان الجافة والحارة ،ليبدأ التحنط الذي يبقي الجسم في شكل مميز إلى مالا نهاية .

-التعطن:
·هو مايطلق على الانحلال الذاتي لجسم الجنين داخل رحم الأم وما يلحق به من تغيرات في محيط معقم خالٍ من الجراثيم ، وهي حالة غير ظاهرة حتى حصول الوفاة بحوالي خمسة أيام قبل الولادة تأخذ مدة الأسبوع الواحد تتشكل ويجب معاينة الجثة بشكل فوري لأن تعرضها للهواء سيعجل تشكل التعفن فيها وتنبعث من التعفن رائحة زنخة كريهة. .
·ومن علاماته المهمة : الارتخاء غير الطبيعي ، وحركة الجلد المفرطة التي تعطي الرأس شكلاً مسطحاً ، ويمكن في هذه الجثث نزع الأطراف بسهولة عن الجذع.

-أذيات الحيوانات:
·غالباً ماتتعرض الجثث المتروكة في العراء لغزو الحيوانات والكلاب فتقطع أوصالها وتترك آثاراً على الجثة تشبه أثار العمل العنفي.
·إن الجروح التي تحدثها الحيوانات بالجثة تكون غير منتظمة وتظهر على الجلد على شكل تغرزات صغيرة بفعل أسنان الحيوان ، ويغيب عن محيطها التكدم والسحج النازف .
·وكذلك فإن الجثث التي قد تغرق في المياه قد تتعرض لغزو الأسماك والحيوانات المائية التي تنتفها وغالباً ما تتواجد الأذيات الناتجة في الأماكن المكشوفة من الجسم كالوجه والحاجبين والأنف وحول الفم.

الفصل الثالث: الشكل الطبي الشرعي للموت

إنه لمن واجب الطبيب إبداء الرأي في سبب الوفاة خاصة إذا وقع عنف خارجي على الجسم قبل حدوثه ويُطلب من الطبيب أن يحدد إذا كان هناك عملٌ جنائي (قتل) أم أن الموت كان نتيجة حادث طارئ (عرضي) أم أنه كان انتحاراً .

الانتحار :
وهو أن يضع الفرد حداً لحياته بيده ، ويمكن أن يستند التشخيص إلى معلومات مأخوذة من:
1-التحقيق :
خاصة المتعلق بمكان العثور على الجثة والذي غالباً ما يكون منسقاً منظماً لا اضطراب فيه ، وكذلك يستند إلى رأي الشهود وما قد نجده في المكان من رسائل كتبها المنتحر أو من بقايا أدوية أو مواد سامة أخرى .
2-الفحص :
إن غياب العراك يعتبر من العلامات المهمة وكذلك شكل وطبيعة الملابس وهي في الغالب غير ممزقة وأزرارها كاملة ولا أثر للثقوب فيها ، وغالباً ماتكون الملابس مفتوحة ومبعدة عن مكان الجرح ، وأنه لمن النادر أن يضرب المنتحر نفسه بناحية مغطاة بالثياب .
والأماكن التي تُختار عادةً لارتكاب فعل الانتحار هي القلب ، الصدغ ، أو ناحية المعصم .
3-الحالة النفسية للمنتحر :
يجب دائماً السؤال عن السوابق الشخصية والعائلية للضحية فالأمراض العقلية والنفسية كنوبات الهمود النفسي ، والاكتئاب أو القلق أو الصدمات العاطفية قد تدفع بالشخص إلى الانتحار .

القتل :
وهو عمل جنائي يرتكبه بعض الأفراد ضد الآخرين ويمكن الاستناد في تشخيصه إلى ما يلي:
1-التحقيق :
أقوال الشهود ، حالة المكان الذي عثر على الجثة فيه والآثار التي يكون الجاني قد خلفها هناك .
2-الجثة :
وجود جروح متعددة في أماكن لا تتناسب مع الانتحار ، وجود آثار تدل على حدوث عراك ما ، كالجروح الدفاعية على الأيدي والسواعد ووجود جروح على أجزاء من الجسم لا يمكن ليد المنتحر أن تصلها .
وكذلك فقد تكون يد الضحية قابضة على قطع من ثياب المجرم أو على أزرار من ثيابه ، أو حتى على خصلات من شعره ، كذلك فقد نعثر تحت أظافر الضحية على آثار دم أو نتف من جلد الجاني ، هذا إضافة إلى وجود زرقة جيفية على الجسم لا تتناسب مع وضعية الجثة ممّا يدل على أن وضعية الجثة قد تغيرت ، أو أن وضع السلاح في اليد اليسرى لضحية معروفة باستعمال يدها اليمنى .
3-الملابس :
يدل تمزق الملابس واضطراب شكلها على حصول العراك ،ولاكتمال الصورة فإنه من الأفضل أن تتم معاينة المتهم لكشف آثار العراك من كدمات وتسحّج وآثار عض على الوجه والأيدي والأماكن المكشوفة من الجسم وكذلك يعمل على كشف البقع الحيوية (الدم) على ملابسه وحذائه .

الموت العرضي :
-الموت الطبيعي المفاجىء :
إن حوالي 75% من الوفيات التي يعاينها الطبيب الشرعي تكون ناتجة عن أسباب طبيعية والعديد من الأسباب غير الطبيعية للوفاة ينتج عنها القليل من التغيرات التي يمكن أن تشخص بالعين المجردة بعد الوفاة ، وعليه فإنه ما لم يكن الطبيب ملماً بالخصائص المختلفة لمسببات الموت الطبيعي فإنه لن يكون قادراً على إعطاء الأجوبة المطلوبة ، وفوق ذلك فإن عليه أن يكون ملماً بالعلامات غير الاعتيادية لبعض الأمراض الطبيعية حتى لا يفسر خطأ الموت الناتج عن ظروف غير طبيعية (كالتسمم) على أنه موت في أسباب طبيعية .
وكثيراً مايكون الموت المفاجئ في الطب الشرعي موتاً مشتبهاً به وعليه فيُعرف الموت المفاجئ بالموت المشبوه : وهو الموت الذي ترافقه ظروف تدعو إلى الشك بوقوع عوامل خارجية من عنف أو تسمم وهو الذي يحدث فجأة في شخص سليم البنية وبدون أثر لضرب أو عنف .
والموت المفاجئ كثير الحدوث عند المسنين وقلما يثير الشبهة لأن السيرة المرضية للمتوفي قد تبين سبب الوفاة ، بينما حدوثه في سن الشباب يثير الشبهة لندرة وقوعه ويهم القضاء معرفة ما إذا كانت الوفاة جنائية أو طبيعية وذلك بالبحث عن آثار العنف وعن علامات التسمم .

-أهم الآفات التي تؤدي إلى الوفاة المفاجئة :

1-أمراض القلب والشرايين :
تأتي هذه في طليعة الآفات التي تسبب الموت المفاجئ ، وهي تتميز بسرعة وقوع الموت لدرجة ان المريض قد يسقط بشكل مفاجئ مما قد يؤدي إلى إصابته برضوض في أماكن مختلفة من الجسم ، خاصة الرأس مما يؤدي إلى إحراج قليلي الخبرة من الأطباء الشرعيين وكذلك فإن المجهود الفائق الذي يقوم به شخص ما قد يؤدي فجأة إلى توقف قلب سليم عن العمل .

2-الجهاز التنفسي
“الصمة الرئوية” :
وهذا معروف في حالة البقاء المطول في السرير على أثر حادث ما ، ومعظم الحالات التي تبعث على ركود الدم .
“التهابات الرئتين” :
وهي غالباً ما تحدث خلال فصل الشتاء وفي البلدان الباردة وقد تؤدي الالتهاب الانتاني الحاد إلى الوفاة بعد فترة قصيرة من حدوثه تمتد بين اليوم إلى اليومين .

3-أمراض الجهاز العصبي :
هنا ينتج الموت المفاجئ وغير المتوقع عن نزيف دماغي ، وإن نسبة الوفاة الناتجة عن النزف الدماغي هي أكثر عند الإناث منها عند الذكور .

4-الصرع :

ويكون الاختناق عادة سبباً للموت المفاجئ .

5-الجهاز الهضمي :
1- النزيف : من قرحة بالمعدة أو الاثنى عشر أو دوالي المريء التي تصحب تشمع الكبد .
2-اختناق فتق مع تفجر بالأمعاء .
3-التهاب زائدة دودية مع انفجارها .
4-تمزق الأحشاء .
5-انفتال المعي أو الانسداد .
6-التهاب المعدة والأمعاء الحاد قد يؤدي إلى الوفاة السريعة عند الكهول والأطفال .

6-الجهاز البولي والتناسلي :
1-الحالات المتقدمة من التهاب الكلية أو السل الكليوي .
2-التسمم البولي الحاد .
3-انفجار الحمل خارج الرحم .
4-انفتال تكيس بالمبيض قد يؤدي إلى صدمة مميتة .
5-تشنج النفاس .
6-أفات الدم :فقر الدم أو ابضاضه أو مرض الناعور .
7-التحسس :إن دخول بعض المواد الغريبة إلى داخل الجسم البشري يبعث أحياناً إلى تشكل أجسام ضدية خاصة بها تعرف هذه المواد الغريبة باسم مولدات الضد ، فإذا دخلت مولدات الضد هذه مرة ثانية إلى الجسم ، فإنها تتحد مع الأضداد الموجودة فيه وينتج عن هذا الاتحاد مركب آخر يبعث على عوارض مرضية عند الفرد على شكل زكام العلف أو الربو أو الطفوح الجلدي ، وإذا ما نتج عنها الصدمة التأقية فإنها قد تقود إلى الموت السريع وتؤدي بعض الأدوية عند بعض الأفراد المستعدين إلى ردات فعل تحسسيه إلى مثل هذه الوفيات ، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر المضادات الحيوية وعلى رأسها مادة البنسلين ومشتقاتها والتي كانت سبباً في العديد من الوفيات .

توقف القلب المفاجئ :
في الكثير من الأحيان يحدث الموت المفاجئ نتيجة الاضطراب في وظيفة القلب دون وجود أية آفة عضوية به .
يخضع تنظيم عمل القلب عند الإنسان لما يعرف بالجملة العصبية الانباتية ، وتشتمل هذه على جهازي العصب الودي ونظير الودي اللذين ينظمان عمل القلب تلبية لمتطلبات الجسم.
وأهم العوامل التي تؤدي إلى هذا :

1-الانفعال النفسي .
2-ضغط الجيوب السباتية :وهي الجيوب الموجودة في جدران الشرايين السباتية على جانبي العنق ، وتؤدي زيادة الضغط عليها إلى إثارة العصب (نظير الودي) وبالتالي نهي القلب وتوقفه عن العمل .
3-مواضع الإحساسات المحيطة :وهذه تنبه الألياف المهيجة للجملة القلبية والدموية فبعض نواحي الجسم يضم الألياف المثبطة ، وتنبيه هذه النواحي يؤدي إلى إثباط الجملة القلبية وأهم هذه النواحي :
·الشرج والمهبل ، كما أن شد أو تمدد الأحشاء الجوفية يؤدي إلى اثباط هذه الجملة .
4-الجهد الجسدي : ويؤدي هذا إلى تهيج العصب الودي .
·الموت المفاجئ عند الأطفال :إن معظم الوفيات المباغتة عند الأطفال تقع في السنة الأولى من الحياة وقد تنتج الوفاة عن أي سبب من الأسباب التي سبق ذكرها عند الكبار ، ويمكن لأي مرض من الأمراض أن يؤدي إلى هذه الوفاة خاصة الانتانات التنفسية والدماغية والتي تشكل إصابتها العدد الأكبر من الوفيات .
·الموت بالسرير ، متلازمة الموت المفاجئ للرضيع :والرواية أن الطفل كان في حالة صحة جيدة ، تناول وجبته أو أنه كان مصاباً بالتهاب تنفسي خفيف لعدة أيام قبل الوفاة ، وبعد الوجبة خلد إلى النوم بشكل طبيعي ، وعند صبيحة اليوم التالي وُجِد جثة هامدة في السرير .
·إن أكثر ماتشاهد هذه اللازمة في فصل الشتاء ، ولقد تعددت النظريات وكثرت الأبحاث حول هذا الموضوع ، ودور الطبيب الشرعي هنا يكمن في أن الوفاة لم تكن نتيجة عوامل غير طبيعية ، ويجب الاهتمام والتحقيق في ظروف الحادث فهي تكمن في استبعاد الخنق بواسطة رباط إلا أن الغالبية من الوفيات تظل مجهولة السبب رغم دقة التشريح الذي قد لا يأتي على شيء .

الفصل الرابع: الجريمـة

ساحة الجريمة

ليس من السهل نسبة أية وفاة إلى العمل الجنائي قبل إتمام كل التحقيقات والأبحاث التي تؤكد الأمر ، أو التي تستبعد الوفاة الطبيعية أو تلك التي نتجت عن حادث أو عن عمل انتحاري .
والطبيب يجب أن يكون بين أول الوافدين إلى موقع الحدث ، حيث ستتوفر له الفرصة المناسبة لمعاينة المحيط وملاحظة وضعية الجثة ولباسها والخصائص الأخرى ، وإذا كان عليه التأكد من الوفاة فعليه فعل ذلك بأقل تحريك ممكن للجثة أو إجراء أي تغيير في وضعيتها ، ويمكن أخذ درجة حرارة الشرج ودرجة حرارة المحيط ، وإذا حدث أن وجد سلاحاً ما في المحيط فيجب بعد أن يقوم الخبراء بمعاينته ورفع البصمات عنه يمكنه أن يتدخل هو لإجراء معاينة للسلاح .
وهكذا فإنه يجيب :
– أن لا نذهب إلى مسرح الحادث وفي ذهننا تصور مسبق حول سبب الوفاة .
– أن لا نستعجل الوصول إلى نتيجة ما ، بل نترك التفسير حتى تكتمل المعاينة بشكل دقيق .

المشاهدات الهامة :
1- وضعية الجثة وعلاقتها بالمحيط .
2- ملابس الضحية : هل هي منظمة أم ممزقة ؟ وإذا كانت الضحية أنثى هل رداؤها الداخلي منتزع .
يجب معاينة الملابس بحثاً عن الشقوق فيها ، خاصة الصغيرة الموجودة في ناحية الظهر ، كما يجب التنبه إلى وجود علامات احتراق أو وشم بارودي ،نذكر أن المنتحر قد يفتح أزرار القميص ويصوب مباشرة إلى الجسد العاري .
3- عدم إغفال أهمية البحث في جيوب الضحية لما قد تحتوي من أدلة تساعد على التعرف على هويته أو رسائل معينة أو مواد مخدرة أو خلافه مما ينير طريق التحقيق .
4- الدم في المحيط : يجب محاولة إحصاء الدم النازف ، ذلك لأن إصابات الرأس والذبح يمكن أن تستمر بالنزف حتى مابعد الوفاة ،وإن لتوزيع البقع الدموية أهمية خاصة :
§ هل هي على شكل بقعة واسعة حول الجثة ؟
§ أم هي على شكل قطرات صغيرة أو رشرشة أو إنسيابات مذيّلة؟
§ هل أن الدم قد تدفق من الضحية بغزارة ؟
§ أم أنه قد انساب ببطء ؟
§ ويجب مراقبة شكل الرش الدموي والقطرات واللطخات ، وإذا ما وجدت آثار أصابع فوق التلطخ الدموي فإنه يجب العمل على اخذ هذه البصمات بواسطة الخبير .
§ كذلك يجب مراقبة علاقة الدم بجسم الضحية ، فقد يكون الدم متجمعاً في بقعة إلى جانب الجسم ، وقد يكون هناك انسيابات دموية ممتدة من الجسم حتى نقطة أخرى بعيدة عنه وقد يتواجد الدم على حائط ما أو على السقف أو فوق بعض الأشياء بالمحيط .
§ إن وجود إنسيابات دموية على شكل خطوط بعيدة عن الجسم يدل على أن الإصابة قد وقعت في مكان بعيد عن محل تواجد الجثة ويختلف شكل قطرة الدم الوريدي بحسب الزاوية التي تسقط منها فوق السطح ، فإذا ما سقطت بشكل عامودي تحدث بقعة دموية دائرية الشكل أو مسننة الحوافي بحسب الارتفاع الذي سقطت منه ، وكلما زادت مسافة السقوط ستزداد الحوافي شرشرة وتكون الدائرة الدموية محاطة بقطيرات ثانوية ، أما إذا كان السقوط مائلاً فإن شكل البقع سيكون حينئذٍ بيضاوياً ومنتهياً بخطوط وذيول رفيعة تدل على اتجاه السقوط وكلما كانت زاوية السقوط صغيرة كان طول التبقع .
§ إذا كان مصدر السقوط الدموي متحركاً ، عندها سيتأثر سقوطه بعامل الجاذبية التي تشكل حركة عامودية ، وتشكل حركة المصاب حركة أفقية وعليه فإن النزف من مصدر متحرك يعطي أشكالاً لها أوصاف السقوط العامودي والسقوط الأفقي معاً .
§ فقطرة الدم الساقطة تتشكل من جزئيين : جزء يلامس الأرض (مثلاً) وجزء آخر يتابع الحركة فيأتي على شكل بروز (نتوء) حتى أن بعض النقط تظهر على شكل علامة تعجب ، علماً أن الطرف الرفيع منها يدل على اتجاه الحركة ففي حال النزف المتجه إلى الأعلى ، وعلى العكس فإذا كان الدم ساقطاً إلى الأسفل يكون اتجاه النقطة سفلياً .
§ وهكذا فإذا كان خط علامة التعجب المرتسم على الجدار أفقياً يمكن معرفة ما إذا كان اتجاه النزف أمامياً أم خلفياً من خلال موقع النقطة في علامة التعجب .
§ إن ملاحظة هذه الأشكال لها أهمية كبيرة في معرفة اتجاه حركة الضحية والجاني على مسرح الجريمة وكذلك يجب ألا نغفل آثار التلطخ الدموي فهي ذات أهمية خاصة عندما تكون آثار انطباع كف يد أو أصابعها ظاهرة عليها ، فهي تشير اله هوية الجاني .
§ إن الغسل والتجفاف واستعمال المواد الكيميائية سيغير حتماً شكل البقعة الدموية وغالباً ما يحاول الجناة إزالة آثار الدم عن ملابسهم وأحذيتهم وعن أشيائهم ، ولكن جهلهم للتقنيات وضيق الوقت لديهم يترك آثاراً يمكن للمختبر أن يتقصاها ويتأكد منها .

فحص البقع الدموية :
– هل هي فعلاً بقعة دم؟
– وإذا كان كذلك ، فهل هو دم بشري ؟
– هل يعود الدم لذكر أم لأنثى؟
إن اللون الأحمر وحده لايكفي لإعطاء الرأي حول طبيعة البقعة الموجودة في مكان الحادث .
ولابد من اللجوء إلى بعض الفحوص المخبرية للتأكد من الطبيعة الدموية وأهم الفحوص:
· أما الفحوص المخبرة التي تعطي نتائج قطعية فهي التي تعتمد على كشف مادة الهيموغلوبين.
· وبعد أن يتأكد من وجود الدم في البقعة ، لا بد من تحديد منشأه هل هو إنساني أم حيواني؟؟
ونعتمد هنا على تفاعلات الترسب .
وبعد التأكد من أن البقعة دموية الطبيعية وإنسانية علينا الآن تحديد الشخص الذي تعود له هذه البقعة
إن الدم البشري يقسم إلى أربعة زمر رئيسية اعتماداً على ما يحوي من راصات ومولدات راصة فإذا كانت زمرة الدم في البقعة تخالف زمرة الدم عند شخص ما دلنا ذلك على أن البقعة ليست من دمه ولكن إذا حصل أن زمرة دم البقعة وزمرة دم الشخص متطابقة فإن ثمة احتمال أن يكون هذا الدم عائداً لهذا الشخص وكلن دونما أي تأكيد .
ويختلف لون البقعة الدموية بإختلاف المدة الزمنية التي مرت عليها .
وكلما مرّ الزمن تغير لونها من البني إلى بني رمادي ، فعند الشهر الواحد تصير بنية اللون ويعتمد هنا على اختبار الامتصاص لتعيين الزمر فيها ويمكن لاختبار الامتصاص أن يعطي نتائج جيدة حتى بعد مرور عام واحد.
نشير هنا إلى أن أماكن تواجد البقعة يساعد كثيراً على تحديد مصدرها فدماء الجهاز التناسلي عند الأنثى غالباً ما تتواجد فو الأفخاذ وعلى السراويل والفحص المجهري يمكنه أن يميز دم الطمث من غيره ، فدم الطمث يحتوي على خلايا رحمية ومهبلية وفي دم الاغتصاب تكون الخلايا الرحمية والمهبلية أقل تواجداً وفي بعض حالات الاغتصاب يمكن أن نعثر داخل العينة على حيوانات منوية .
ويمكن للفحص المجهري أن يمّيز بين دم الأثنى ودم الذكر فوجود مقرعة الطبل في نواة الكرات بالدم يدل على أن هذا يعود إلى أنثى وليس إلى ذكر ، ونجاح هذا الأمر يرتبط بالمدة الزمنية التي مرت على البقعة .

البقع المنوية:
إن التعرف على هذه البقع يساعد كثيراً على إثبات الجرائم الجنسية ، فلا بد من البحث عن هذه البقع في الجهاز التناسلي للضحية وفي الشرج وفوق أشعار العانة وعلى الفخذين وعلى الثياب الداخلية أو حتى على الفراش وعلى الأرض.
ويتم فحص هذه البقع بالنظر إلى شكلها فهي تعطي لوناً يميل إلى الأصفر عندما تتواجد على سطح أبيض اللون ، أو رمادياً عندما تكون على قماش قاتم، وغالباً ما تعطي طبيعة نشوية لقطعة القماش التي تتواجد عليها وهي عندما تكون حديثة العهد فإن لها رائحة مميزة .
وتظل الاختبارات التي تجري على هذا البقع اختبارات فرضية ما لم يتم كشف الحيوان المنوي ويكفي مشاهدة حيوان منوي واحد في العينة لتأكيد الأمر وطبيعة البقعة.

الشعر والألياف:
غالباً ما يوصل فحص الأشعار إلى التعرف على الجاني ، ويجب التحري عنها دائما في مكان الحادث وعلى جسم الضحية والجاني ، خاصة تحت الأظافر في حالات القتل ، وكذلك في الناحية التناسلية كما في حالات الاغتصاب .
نضع الألياف المعثور عليها في مظروف خاص، وكذلك نأخذ عينات مستقلة من أشعار الضحية والمشتبه به بقصد المقارنة ، والأشعار المأخوذة من الضحية والمشتبه به يجب أن تؤخذ من أماكن مختلفة من الجسم ، تفحص الأشعار أولاً بالعين المجردة وبالمجهر لكشف العوالق فيها من براز أو سائل منوي، وبعد ذلك يتم تنظيفها وتم فحصها بالمجهر ودائماً يهدف فحص الإشعار بالإجابة عن الاستفسارات التالية :
– هل الألياف المفحوصة هي فعلاً شعر أم خلافه ؟
– للشعرة عادة ثلاث طبقات هي : البشرة ، والقشرة ، والنخاع.
– البشرة : تتشكل من الخلايا الشفافة .
– القشرة : وهي الأغلظ وتتألف من خلايا طويلة بدون نواة تحمل في داخلاها حبيبات صبغية تعطي للشعر لونه.
– النخاع: ويشكل مركز الشعرة .
وتملك الألياف النباتية هكذا ، ويمكن تمييز ألياف القماش بسهولة .
– هل مصدرها بشري؟
– لأي مكان في الجسم تعود هذه الأشعار؟
تختلف أشعار الإنسان من مكان إلى آخر بطولها وسماكتها ويمكن الاستدلال على مصدر الشعر من خلال العوالق به ويمكننا الاستعانة بشكل مقطع الشعر لمعرفة مصدرها ، ولمعرفة طريقة انفصالها عن الجسم نفحص أصل الشعرة ، فالشعرة المقتلعة بقوة تظهر بصيلتها سليمة وجذرها معوج أما تلك المنفصلة بشكل تلقائي فإن بصلتها تكون بيضاوية وجذرها مستقيم .
– لمن تعود الأشعار؟
– إن مقارنة الإشعار المأخوذة من مكان الحادث أو الملتقطة من فوق أجسام الضحايا، مع أشعار المشتبه به وأشعار جسم الضحية يساعد كثيراً في الإجابة عن هذا السؤال ولا يمكن الجزم في ذلك .
وأخيراً لا بد من التذكير بما يجب أن يتزود به الطبيب الشرعي قبل توجهه إلى مسرح الجريمة :
– عدد كافٍ من الحاويات .
– كمية من المماسح الطبية والرقع الخاصة .
– ميزان حرارة خاص لقراءة حرارة الشرج
– متر لقياس المسافات.
– عدسة مكبرة يدوية .
– معدات جراحية بسيطة لأخذ العينات .
وأخيراً على الطبيب جمع العينات اللازمة وتسليمها للشرطة أو للمختبر.
وغالباً ما يتذمر العاملون في المختبر من نقص في حجم وكمية العينة الواصلة إليهم .
ويعتبر البول مصدراً مهماً للمعلومات ويجب جمع كل محتوى المثانة بواسطة المسبر ، وإذا ظهر أن المثانة خالية فإنه يجب إرسالها كاملة إلى المختبر .
أما عينات الدم فيجب جمعها في قوارير تتسع الواحدة لكمية خمسة أو عشر ميليلتراً على الأقل ويفضل أن تؤخذ من أوردة بالأطراف ، وكذلك يجب أخذ عينات الدم عن السلاح ومن الأوردة القريبة لجرم الدخول فوجود أول أكسيد الكربون بها يشكل دلالة على أن الرمي كان ماساً.
ولا يجب فتح المعدة خلال التشريح بل يجب ربطها عند الطرفين وأخذها كتلة واحدة ويتم فتحها في المختبر لفحص محتواها .
وكذلك تربط الأمعاء من الطرفين وترسل بمحتواها ، ويجب أخذ الشرج في حالة الشك بتسمم فوسفوري كذلك يجب ألاّ ننسى أخذ أجزاء من الكبد ومن الدماغ أيضاً.

الفصل الخامس: الجـروح

في القانون:
لقد حدد قانون العقوبات السوري العقوبات السوري حالات الإيذاء والتعطل عن العمل والعقوبات المفروضة في المواد التالية:

حيث جاء في المادة 540:
1)) ـ من أقدم قصداً على ضرب شخص أو جرحه أو إيذائه ولم ينجم عن هذه الأفعال تعطيل شخص عن العمل لمدة تزيد عن عشرة أيام عوقب بناء على شكوى المتضرر بالحبس ستة أشهر على الأكثر أو بالحبس التكديري وبالغرامة من خمس وعشرين إلى مائة ليرة أو باحدى هاتين العقوبتين.
2 ـ إن تنازل الشاكي يسقط الحق العام، ويكون له على العقوبة ما لصفح المدعي الشخصي من المفعول.((
وجاء في المادة 541:
)) ـ1 إذا نجم عن الأذى الحاصل تعطيل شخص عن العمل مدة تزيد عن عشرة أيام عوقب المجرم بالحبس مدة لا تتجاوز السنة وبغرامة مائة ليرة على الأكثر أو باحدى هاتين العقوبتين.
2ـ وإذا تنازل الشاكي عن حقه خفضت العقوبة إلى النصف.((

وجاء في المادة 542 :
((إذا جاوز التعطيل عن العمل العشرين يوماً قضي بعقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات فضلاً عن الغرامة السابق ذكرها.((

و أيضاً جاء في المادة :543
((إذا أدى الفعل إلى قطع أو استئصال عضو أو بتر أحد الأطراف أو إلى تعطيلها أو تعطيل احدى الحواس عن العمل أو تسبب في احداث تشويه جسيم أو أية عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة عوقب المجرم بالأشغال الشاقة المؤقتة عشر سنوات على الأكثر.))

و أيضاً جاء في المادة 544 :
((يعاقب بالعقوبة نفسها من تسبب باحدى الطرائق المذكورة في المادة 540 بإجهاض حامل وهو على علم بحملها((.

تعريف الجرح :

هو تفريق الاتصال النسيجي ويكون خارجياً كما في حالات الجلد وما تحته من أنسجة، أو داخلياً كما في كسور العظام أو إصابات الأحشاء.
ويكون عامل التفريق عنفاً خارجياً وقع على الناحية المصابة ، ويشتمل العنف على الضرب واللكم والرفس والعض والخنق والسقوط وحوادث السير والمتفجرات والأعيرة النارية .
ويستثني التعريف الأذيات الناتجة عن الحر والبرد والصعقات الكهربائية .
وقد يقود الجرح خاصة الداخلي منه إلى الوفاة دون وجود أي علامات خارجية مثل تمزق الكبد أو الطحال التالي لرض شديد على جدار البطن.
وعلى الطبيب أن يكون ملماً بمختلف أنواع الجروح وأشكالها والطرق التي تحدثها ، وكذلك بمدى خطورتها على الحياة والآثار التي قد تتركها على الجسم وتحديد مدة تعطيل المصاب عن العمل والعاهات التي قد تخلفها وما ينتج عنها من أعطال دائمة .
إن تحديد أسباب الجروح يتطلب مهارة خاصة .
ففي المستشفيات والعيادات غالباً ما يكون التقرير بالإصابة غير شامل وغير واضح للجهة الطبية الشرعية وذلك لخلوه من جملة تفاصيل:
– فيسهى الطبيب المعالج عن طبيعة الجروح وعددها وموقعها وحجمها وفوق ذلك فإن الأعمال الجراحية تطغى لتخفي الشكل التفصيلي للجرح وذلك في محاولة لانقاذ حياة المصاب كون الطبيب المعالج يهتم بدرجة التهتك في الأنسجة وكيفية علاجها ولا يهتم لظروف حدوث الجرح أو للوسيلة التي أحدثته .
– والتقرير الطبي يجب أن يكون شاملاً ، ومصاغاً بعبارات مفهومة للعامة ولرجال العلم والقانون ، ويجب أن يلحظ الترتيب خاصة في حالة تعدد الجروح .
– وحيث يمكن ذكر تسلسل حدوثها ولا يجب إغفال أية أذية مهما كان حجمها وقيمتها صغيرين .
ومن الصفات التي يجب ذكرها:
– حجم الضحية وبنيته وجنسه .
– عدد الجروح ، مواقعها ، وبعدها عن نقاط محددة في الجسم .
– حجم وشكل الجرح نذكر قياساته بالسنتمتر ، ويفضل اللجوء إلى الرسوم التوضيحية أو الصور الفوتراغرافية في حالة الجروح غير المنتظمة .
– التقصي الدقيق لأطراف الجرح بواسطة العدسة المكبرة وتفيد هذه في معرفة ما إذا كان الجرح قد أحدث في الحياة أو بعد الموت ، ويفيد كذلك في معرفة ما إذا كان الجرح قطيعاً أو تمزقياً أم أنه جرح نافذ.
– قياس عمق الجرح فقد يساعد على تحديد نصل السلاح آخذين بعين الاعتبار عامل القوة في إنفاذ الأداة
– قد تحوي قاعدة الجرح أجزاء من أجسام غريبة مثل الزجاج والحصى والرمول ، أو حتى أجزاء من السلاح المستعمل (أعيرة نارية ) إن تقصي قاعدة الجرح قد يكشف عن كسور في العظام .
– ولإبداء الرأي لا بد من الاعتماد على الظرف الذي حصل فيه الجرح .
– هل حصل أثناء الحياة أم بعد الموت .
– عند وجود أكثر من جرح واحد، من الضروري تحديد الجرح الذي سبب الوفاة فقد تكون الجروح مجموعة قد أحدثت بواسطة أكثر من جانٍ واحد .
– إذا لم يمت المجني عليه فوراً ، فمن الضروري إبداء الرأي في المدة التي انقضت قبل حصول الوفاة خاصة في إصابات الرأس ، وإذا لم تكن الوفاة ناتجة عن الجروح فمن الأفضل تحديد مدة علاقة الجرح بالوفاة التي حصلت لأسباب أخرى
– إن الجروح التي لا تقتل ، قد تؤدي أحياناً إلى إحداث إعاقة أو عاهة ما كجرح الرأس أو العين مثلاً .

أنواع الجروح:
1- السحج” الخدش ، الكشط”
وهي أذية سطحية تشمل طبقة الجلد الخارجية ولا يجب تجاهلها من الناحية الطبية الشرعية وهي قد تكون الدليل على وجود أذية داخلية شديدة بالرأس أو داخل البطن وتكمن أهميتها في إنها تقع بشكل دقيق مكان وقوع الصدم .
وقد تأخذ السحجة شكلاً خاصاً كمبرّد السيارة التي تصدم الضحية ،وهي قد تكون هلالية الشكل وتقع على عنق المتهم أو على وجهه فهذه تكون قد أحدثت بواسطة أظافر دفاعاً عن النفس .
ومن الأمثال الأخرى آثار العض البشري ،وعلامات عجلات السيارة على جسم الضحية ،فغالباً ماتكون السحجات أعرض عند بدايتها مما يدل على اتجاه الأداة المسببة ، ففي حالة سحج الأظافر يمكن القول ما إذا كانت من فعل الضحية أو الجاني ،ومن الممكن إغفالها في غياب الإنارة الجيدة ، وتساعدنا العدسة المكبرّة كثيراً في الكشف عليها وهي غالباً ما تكون مؤلمة لدرجة أن المصاب يشير إليها دائماً ،وعند الموت فإن سطحها يجف ويقسو ويأخذ شكل قطعة جلد حيواني بنية اللون.
وتغيرات ما بعد الوفاة تضخم حجم السحجة ، فالسحجة الذي يسبق الموت بقليل أو يستحدث بعده لا يمكن تمييزه من بعضه البعض حيث يجب التدقيق دائماً في ناحية الوجه والأنف والعنق خاصة عند الطفل الرضيع حيث يشكل السحج هنا دليلاً جرمياً، إن السحج على الأجزاء الداخلية للفخذين عند الأنثى قد يشكل الدليل الوحيد على حالة الاغتصاب .
والسحج الحديث يكون محمر السطح يجف تدريجاً خلال يوم أو يومين وتتشكل على سطحه قشرة رخوة وتجف هذه القشرة بعد مضي اليومين وبعد خمسة أيام تتساقط القشرة ويُشفى السحج حسب اتساعه .

2- التكدم:
وهو انسياب الدم داخل النسج بعد أن تتمزق الأوعية الدموية الشعرية بفعل قوة راضة أو صادمة ،وهو لا يعقل أن يحدث بقصد الانتحار وذلك بسبب الألم الشديد الذي تحدثه القوة الراضة .
وخلافاً للسحجة فقد تُكشف الكدمة في مكان بعيد عن موضع الرض حيث أنه يمكن للدم أن يقطع مسافة داخل الانسجة العميقة قبل أن يصل إلى السطح وكذلك فقد يتأخر ظهورها وقد يبقى النزف الدموي عميقاً غائراً كما يحدث في كسور عظمة رقبة الفخذ .
كذلك فالرض على جدار البطن قد يمزق الأحشاء دونما أي تكدم ظاهر على الجلد
وبشكل عام فإن الكدمات تقع فوق النتؤات البارزة في الجسم ويجب التنبه للعنق حيث يكون هناك تكدم صغير قليل اللون عندما يحصل نتيجة لاستعمال الأصابع للخنق وهنا يجب البحث (في الجثث) عند التكدم داخل عضلات العنق حيث يكون التكدم غير ظاهر فوق الجلد وقد يدل التكدم والسحج فوق لوحي الكتف على أن الضحية قد تعّرضت لضغط شديد من جانٍ جثم فوقها على ركبتيه في محاولة لخنق أو كتم نفس الضحية الملقاة على الأرض .
وفي محاولات الاغتصاب يشكل التكدم الموجود على الفخذين والجهاز التناسلي علامة كبيرة ومفيدة .
يمكن إغفال التكدم الموجود على فروة الرأس بسهولة ، فهنا يجب البحث بدقة وعناية ويجب حلق الرأس دون تردد إذا احتاج الأمر .
أشكاله:

بشكل عام تكون الكدمة دائرية الشكل ومرتفعة عن سطح الجلد وغالباً ما يكون حجمها أوسع من الأداة التي أحدثتها ومن الأدوات التي تحدث كدمات مميزة:
· السياط، العصي ، الحبل المعدد العقد ، الأحزمة والسلاسل ، وفي حالة الخنق يكون شكل الكدمة دائرياً أو بيضاوياً وسطحه أو سع من سطح إصبع الجاني.
· ويمكن للقبلات العنيفة على الثديين أو جانبي العنق أن تترك كدمات بيضاوية الشكل وقد ينسبها البعض إلى محاولة خنق يدوي .
· وتستعمل الكدمة مقياساً لدرجة العنف الواقع على الضحية وفي محاولة لمعرفة شدة العنف من مظهر الكدمة لا بد أن نأخذ ما يلي بعين الاعتبار:
· موضوع الكدمة : إن عنفاً خفيفاً قد يحدث كدمة واسعة إذا وقع على سطح يغطي أنسجة رخوة كالجهاز التناسلي وعلى العكس فعندما يقع العنف على ناحية تغطي العظم مثل فروة الرأس ، فهو يتطلب قدراً أكبر من الشدة لحدوث التكدم .
· سن وجنس الضحية : فالصغار والكهول يصابون بالكدمة أكثر من البالغين وكذلك الأنثى فهي تتكدم أسهل مما يتكدم الذكر .
· المصابون بأمراض الدم :يتكدمون بشكل أسهل وأسرع من الأصحاء .
· عمر الكدمة : يكون لونها عادة أحمر أو أحمراً غامقاً إذا كانت حديثة الوقوع أي ضمن مدة لا تتعدى الأربع وعشرين ساعة ,وفي غضون خمسة أيام إلى الأسبوع تميل إلى اللون الأخضر وبعد مضي الأسبوعين تميل إلى اللون الأصفر وتبدأ بالتلاشي بعد مضي الأسبوعين بقليل.

3- التمزق:
وهو عبارة عن تملع أو سحق الجلد حتى تتمزق أنسجته ، وتكون هذه الجروح غير منتظمة ومشرشرة الأطراف ، وهي في الغالب تكون عرضية ، أما في الحالات الجنائية فإنها من نتائج الكثير من الأدوات نادراً ماتشاهد هذه الجروح في حالات الانتحار كونها مؤلمة جداً ، إلا إذا كان المنتحر مصاباً بمرض نفسي ويفضل استعمال طرق غريبة في وضع حد لحياته .
– ويمكن تصنيف الأدوات المسببة كما يلي :
1- عوامل محايدة : سطح الأرض ، حافة الرصيف ، سلالم المباني ، وأثاث المنازل. .
2- الحافلات .
3- الأسلحة، النارية ، الفؤوس والقواطع الكبيرة .
4- وسائل الدفاع ” قبضة اليد ” الأقدام وما عليها من نعال ، العصي ، الحجارة ، المطارق ، أسياخ الحديد ، الرفش وحتى القوارير الزجاجية ، وهذه إذا ماكسرت فإنها تحدث جراحاً قطعية إضافة إلى التمزق .

خصائصها :
غالباً ماتقع فوق نتوء ما بالجسم وهي تتفاوت من حيث الطول والعمق بحسب سماكة النسيج الذي تقع عليه ، وبحسب شدة القوة المستعملة وهي جروح غير منتظمة الحوافي وتصيب الجلد بالتمزق الأوسع ، وفي معظم الأحيان تكون الأداة المستعملة متسخة وملوثة ، والجرح الذي انقطعت عنه التغذية الدموية يجلب إليه المكروبات ، ويكون الإلتهاب الانتاني من أهم المضاعفات وأخطرها .

هل أُحدث الجرح قبل أو بعد الوفاة ؟
ويعتمد تمييز هذا على وجود التفاعل الحيوي حول الجرح .
إن النزيف داخل الجرح ووجود التكدم بحوافيه يدلان على أن الجرح قد حدث قبل الوفاة ، إن الغياب الكامل للتكدم باستعمال المجهر يدل على أن الجرح وقع بعد الوفاة .

5- الجروح القطعية :
وهي الناتجة عن الأدوات الحادة مثل الشفرات ، السكاكين ، أمواس الحلاقة ، الخناجر والسيوف وكذلك قطع الزجاج . وغالباً مايكون الهدف من هذه الجروح إحداث التشويه وليس القتل .
ويكون شكل الجروح هنا خطياً ، ويكون طولها أكبر من عمقها وهي في الغالب جروح نازفة بشكل كبير وذلك نتيجة إصابة الأوعية الدموية ، وفي نواح من الجلد يأخذ الجرح شكلاً متعرجاً رغم استعمال أداة شديدة الحدة لأن الجلد يندفع أمام النصل قبل حدوث الجروح ، وتكون حوافي هذه الجروح نظيفة ، حادة لاتظهر أية كدمات وهي غالباً ماتبدأ عميقة لتنتهي سطحية .
في حال تواجد هذه الجروح على العنق ، فمن النادر أن تكون عرضية وهي قد تكون انتحارية أو جنائية ، وفي السنوات الأخيرة انخفضت نسبة الانتحار ذبحا وذلك لكثرة توفر الأسلحة النارية ، وعلى أية حال فإذا صودف وتمت مشاهدة حالة انتحار ذبحي وكان الضحية ممن يستعملون اليد اليمنى فإنك ستجد أن الجرح يبدأ عالياً بالجهة اليسرى ليمر بالجهة الأمامية منتهياً إلى يمين العنق ، وهو عادة جرح خطي نظيف الحوافي لأن الجلد يكون مشدوداً عندما تكون الضحية قد ألقت برأسها للخلف استعداداً للانتحار .
وغالباً ما نشاهد جروحاً صغيرة ، متفرقة وسطحية عند الطرف حيث يبدأ الجرح الأساسي .
إن وجود هذه الجروح يكفي للدلالة على حدوث الانتحار ، فوجودها يظهر أن الضحية قد تردد كثيراً قبل الانتحار ، وقد نشاهد ايضاً جروحاً على الرسغ في محاولة انتحار ذبحاً .

أما في الحالات الجنائية فسنشاهد غياب جروح التردد (التجريب) وتكون الحالة مصحوبة بجروح عميقة في الرأس والعنق ، وغالباً مايكون منخفضاً في وسط العنق أثناء عملية القتل ، وهنا يتم قطع الوريد الوداجي والشريان السباتي ولكن في حالة شد الرأس إلى الخلف ، قبل الذبح تبقى هذه الأوعية محمية بواسطة العضلة القصية الترقوية بالعنق .
وفي جميع الحالات لابد من الكشف على الأيدي والسواعد ، لكشف ما قد يوجد عليها من جروح تعرف بجروح الوقاية (الدفاع) وهي التي تحصل في محاولة من الضحية لاتقاء السلاح أو القبض عليه ، وأغلب ما نشاهدها داخل باطن الكف أو فوق ظاهر اليد وإن الانتحار ذبحاً يحدث بالجثة تيبساً فورياً ، وقد تبقى يد الضحية قابضة بقوة على الأداة . فغياب الأداة عن مسرح الجريمة وما حوله بشكل دليلاً قوياً على أن الحالة هي عمل جنائي ولايغيب عن البال أن المجرم قد يلجأ إلى تضليل العدالة بإحداث أذية تشبه التي يحدثها المنتحر بنفسه أو يلجأ إلى وضع السلاح في يد الضحية !

6- الطعنية :
وهي تنتج عن إنفاذ أداة مدببة ذات رأس حاد إلى داخل الأنسجة ، وتتميز بأن عمق الجرح يفوق طوله الخارجي ، وخطورتها تكمن في قدرتها على النفاذ والنيل من الأعضاء المهمة داخل الجسم بما فيها الأوعية الدموية الكبيرة .
والحالات العرضية والانتحارية نادرة جداً بل ان معظمها يقع ضمن الإطار الجنائي ، والكثير من الأدوات المنزلية بدءاً بسكاكين المطبخ حتى صنانير الحياكة يمكن أن تستعمل لإحداث هذه الجروح .
ويدل شكل الجرح على الأداة المستعملة وتلعب طبيعة الأنسجة الواقعة تحت فعل الأداة دوراً هاماً في ظهور شكل الجرح ، فالطبقة المطاطية للجلد قد تقلل من حجم الجرح وتبعث على الاعتقاد ان الأداة المستعملة كانت فعلاً أداة صغيرة ، وتحريك الأداة داخلاً وخارجاً قد يوسع الجرح لدرجة تظهره أكبر من الأداة المستعملة ، ويمكننا التعرف على مقطع الأداة إذا ما دخلت الجمجمة أو بعض غضاريف الجسم .
وهكذا نرى أن علينا أخذ الحيطة والحذر عن تقدير الجرح الماضي . ويمكن إجراء تجارب بالأداة المشتبه بها لاستخلاص شكل الجرح واحتساب القوة المستعملة للطعن ويمكن اختبار هذه الأدوات على الجثث وعلى بعض المواد البلاستيكية وقد دلت التجارب ان سكين مطبخ مدببة لاتحتاج إلى الكثير من القوة حتى تخترق جدار الصدر .
ويعتمد تحديد اتجاه الأداة على المسار الذي يخلفه نصل الأداة وفي الأغلب فإن المسار المتجه إلى الأسفل ينتج عن العمل الجنائي أو الانتحاري ، أما الذي يتجه إلى الأعلى فهو ناتج عن العمل الجنائي .

7- موضع الجرح :
إذا وقع الجرح في مكان ليس من السهل أن تصل إليه يد الضحية فإنه من البديهي أن يكون نتيجة عمل جنائي .
إن كثرة الجروح تشير إلى وقوع العمل الجنائي خاصة إذا كانت هذه الجروح موزعة في أماكن مختلفة من الجسم وخاصة إذا لم تكن كلها نافذة لأنه بعد موت الضحية فإن الجاني سيتابع عمل الطعن لأحداث أكبر عدد من الجروح .
إن تعدد الجروح لايعني دائماً عملاً جنائياً بالمطلق ، فقد نجد عدداً من الجروح السطحية يفشل بعضها حتى في اختراق الطبقة الجلدية ، والجروح التجريبية أو ما يعرف بجروح التردد معروفة جيداً في حالات الانتحار ، وأكثر من ذلك فإن العديد من هذه الجروح قد تتجمع في ناحية واحدة من الجسم .

8- جروح الزجاج :
هي من حيث المبدأ جروح قطعية وغالباً ما تكون مصحوبة بالعديد من الخدوش والسحجات كما يحدث عندما يصاب رأس الضحية المندفع بقوة عبر لوح الزجاج الأمامي للسيارة ، وتشبّه الجروح الصغيرة بآثار أقدام الطير ، ولا يجب إغفال البحث داخل الجروح هذه عن قطع زجاج صغيرة .

9- اللكم :
الضرب بقبضة اليد ، ويوجه عادة ضد الجزء العلوي من الجسم وينتج عنه تكدم وسحوج ويحدث تمزقاً إذا وقع على ناحية تغطي نتؤاً عظمياً كما في الحاجبين أو الوجنتين ، وإذا ما وجه إلى الفم فإنه يحدث تمزقاً بالشفة وذلك بقذف جهتها الداخلية فوق الأسنان ، وقد ينكسر الأنف أو احد الفكين أو الأسنان .
وفي حالة إصابة العين وإحداث تكدم شديد حولها أو مايعرف بالعين السوداء فعلى الطبيب أن يكون حذراً في تمييز هذا عن كسور قاعدة الجمجمة .
إن اللكمة عند الأطفال والمسنين على البطن قد تحدث تمزقاً في الأحشاء قد تؤدي إلى الوفاة .

10 – العض :
وهو تكدم مصحوب بسحج ، ونادراً مايحدث تمزقاً ، وهو أكثر مايشاهد في حالات الاغتصاب وأذيات الأطفال، وأهم علاماته :
§ إحداث قوسين متقابلين من التكدم وقد تكون آثار الأسنان ظاهرة بشكل واضح .
§ وتتموضع في حالات الاغتصاب على الكتفين والفخدين والثديين ، وعند الأطفال تشاهد في اي جزء خاصة على الأذرع والأرداف .
§ وإذا كانت حديثة يمكن أخذ عينة لعابية وإرسالها إلى المختبر وكذلك فإن قياس حجم وتحديد شكل وعدد الأسنان يساعد كثيراً .
1- الرفس :
وهو شائع في مجالات الاعتداء والاغتيال ، وهو خليط من السحج والتكدم وأحياناً التمزق وغالباً ماتقوم بالاعتداء القدم بالنعال ، وتكون الضحية ملقاة على الأرض ، وهو أشد إيذاء من اللكم نظراً لثقل الساق المأرجحة في الهواء ولصلابة النعال فوق القدم الرافسة .
ويشكل الوجه والرقبة وجانبي الصدر أهدافاً سهلة للرفس مما قد يصيب الوجه بتدمير كبير وكسور شديدة.

2- الجروح المفتعلة :
قد يحدث أحدهم جروحاً على جسمه بقصد اتهام آخر أو قد تكون هذه الجروح دلالة على حالة هسيترية فبالمعانية والاستماع يظهر أن هذه الجروح غير مؤلمة وسطحية ويمكن للضحية الوصول إليها وقد نشاهدها عند عناصر الجيش في معسكر خدمة العلم حيث يهدف إلى التخلص من الخدمة أو الانتقال إلى أمكنة خدمة أفضل . وهي أكثر ماتقع في اليد اليسرى كأن يضع السبابة اليسرى على فوهة السلاح ويطلق النار أو أن يطلق النار على ظاهر قدمه بشكل عامودي .
ظواهر خاصة :
1- عندما تعرض حالة من الألم البطني الشديد بعد تعرض صاحبها لضربة شديدة يجب ألاّ تغفل هذه الحالة لعدم وجود دليل خارجي على حدوث الرض ، فقد تظهر أذية داخلية مميتة دونما أية ظواهر خارجية .
2- الجروح غير العادية والتي تشبه الحروق أو التي تنتج عن قطع المعادن الحامية ، قد تشابه هذه ، إصابات الأعيرة النارية .
3- غالباً مايحاول الجناة تقليد فعل الانتحار بالضحية تضليلاً للقانون ،فتراهم يحدثون جروحاً في فروة الرأس أو يلجأون إلى تعليق الضحية وشنقها .

أهمية الجروح في الطب الشرعي :

– موقع الجرح .
– نوع الجرح وطبيعته .
– عمر الجرح ، هل حصل قبل أم بعد الوفاة ؟
– علاقته بالوفاة .
– أهو انتحاري ، عرضي أم جنائي وهذا يمكن تحديده كما يلي :
أ‌- موقع الجروح ، وعددها ، أهي في متناول الضحية ؟
ب‌- طبيعة الجروح ، وإذا أمكن تحديد الأداة المسببة .
ت‌- مكان وجود الجثة وظروف الحادث .
ث‌- آثار المقاومة على الجسم .
ج‌-إذا تم العثور على الأداة ، وما هو موقعها وعلاقتها .
دراسة البقع الحيوية .

الفصل السادس والاخير: lرأي شخصيl

1- إن تتبع مؤسسة الطب الشرعي لوزارة الصحة في الجمهورية العربية السورية وحبذا لو اتبعت إلى وزارة العدل كهيئة مختصة تساعد البحث الجنائي حتى تبقى تحت سمع وبصر القضاء .
2- تخلو الطباعة الشرعية حالياً من الأسس الواضحة المدونة لتحديد آلية العمل بشكل علمي متطور ودقيق .
3- حبذا لو كان هناك فرع يتبع الطباعة الشرعية من مختبرات طبية متطورة أو مرادفة لمختبرات الأدلة الجنائية وبمبنى خاص .
4- إن تسجيل إعمال معاينة الجثث وتشريحها بالفيديو وترفق نسخ من هذه الأشرطة وتحفظ كأدلة مرئية تابعة للقضية التي يجري البحث فيها وذلك بسبب ضياع الكثير من الأدلة حينما يحتاج الرجوع إليها عند الشك على أن يتم التسجيل بخبرة مصورين محترفين وذلك لمنع القص والإضافة والمونتاج
5- وأخيراً أرجو أن أكون قد وفقت فيما كتبته رغم شعوري بأنني مقصر فلست إلا بشراً يخطأ ويصيب فإذا أصبت فمن الله وإن أخطأت أو قصرت فمن نفسي.

والله من وراء القصد.

مراجع البحث

1- قانون العقوبات السوري.
2- الدليل الطبي للدكتور حسين علي شحرور.
3- مبادئ الطب الشرعي تأليف الدكتور محمد عمارة
4- الطب الشرعي تأليف الدكتور محمد حامد
5- الطب الشرعي تأليف الدكتور زياد رويش
6- موقع نقابة الأطباء السوريين

شارك المقالة

1 تعليق

  1. جزاك الله خيراً .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.