أسئلة وإجابات في عقود نقل التكنولوجيا

مقال حول: أسئلة وإجابات في عقود نقل التكنولوجيا

عقود نقل التكنولوجيا والمشاكل القانونية حولها

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

تعاني الدول النامية وبضمنها سورية، فراغاً تشريعياً كبيراً في عقود نقل التكنولوجيا إليها، إذ إن غالبية عمليات النقل التي تتم على الصعيد الدولي ترد في قوالب عقدية، ومن تمثيل الدول النامية للطرف المتلقي فيها.
وأمام تنامي الاهتمام السوري بالتجارة الإلكترونية، والتعاقد التي أصبح يتم على شبكة الإنترنت، يحضر موضوع عقود نقل التكنولوجيا إلى الدول النامية، وسورية منها أو العقود قيد الدراسة، الذي يتم تجاوزه، والقفز عنه لصالح العقود الإلكترونية، متجاهلين هذا الفراغ القانوني، وما خلفه من مشاكل ما زالت تبحث عن حلول.
هذا موضوع الأطروحة التي تقدمت بها الدكتورة وفاء فلحوط للحصول على الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة دمشق، لتكون الدراسة الأولى التي تتصدى لتلك الإشكالية لدينا، لذا كان لنا معها الحوار التالي:

* ما أهم المشاكل الناتجة عن عقود نقل التكنولوجيا إلى الدول النامية، وبالأخص إلى سورية؟
** المشكلة الأولى ظهرت في صياغة العقود نفسها، وتحديداً من حيث بيان أركان العقد وشروطه، والاتفاق على تكييف ملائم لها، بما تمثله هذه المسائل من حسم لقضايا أخرى أكثر أهمية. وظهر الخلاف بداية في معرض تحديد المقصود بعقود نقل التكنولوجيا، إذ لا يوجد صيغة اتفاقية موحدة يطلق عليها عقد نقل التكنولوجيا، إنما هناك سلسلة متباينة من العقود التي يكون من آثارها تداول التكنولوجيا، أو نقل السيطرة على التكنولوجيا.

* هل وصلنا في سورية إلى مرحلة استيعاب التكنولوجيا؟ ولماذا يتم الخلط بين مفهوم التقنية والتكنولوجيا؟
** إن كلمة تكنولوجيا ليس لها جذر عربي يمكن الرجوع إليه في المعاجم العربية على اختلاف مسمياتها، ولكننا نجدها من خلال التوجه إلى الجذر الثلاثي (تقن)، مما يعني تعريب التكنولوجيا بالتقنية، رغم الفارق الكبير بين المفهومين، فلو نظرنا إلى العناصر المكونة للتكنولوجيا لوجدناها تشمل على الجانب المادي (كالمعدات)، والجانب الاستخدامي (طريقة العمل)، والجانب المعرفي (المعرفة)، والجانب الابتكاري (القدرة على الإبداع والمهارة).. فإذا ما تحققت العناصر الثلاثة الأولى، كنا أمام التقنية لا التكنولوجيا، إلا أننا في الدول النامية، وكذلك في سورية، ونظراً لعدم وجود ما يمكننا من التكنولوجيا والتقنية على حد سواء، نذهب إلى الخلط بين عقود نقل التكنولوجيا وعقود نقل التقنية.

* ما العناصر التي يتقيد المورد بها لدى نقل التكنولوجيا إلينا؟
** في غالبية الأحيان وللأسف يتم الإخلال بكل الجوانب عبر مجموعة من الثغرات القانونية، والتي تظهر عملياً بالشروط المقيدة لاستخدام التكنولوجيا على سبيل المثل.

* هل المشكلة في الطرف المورد، أم أن ضعف الطرف المتلقي له دوره في صياغة العقد؟
** ليست المشكلة في الطرف المورد، وإنما في سلبية الطرف المتلقي، وهذا ما يظهر منذ مرحلة التفاوض، إذ يقع المفاوض مع الطرف المتلقي في موقف سلبي منذ تلك المرحلة، وعند الانتقال إلى مرحلة التعاقد، فإن المتعاقد من الدول النامية، لا يجنب عقده الكثير من الثغرات القانونية أثناء صياغة بنوده، وفي المرحلة الأخيرة، أي مرحلة التنفيذ تظهر نفس هذه السلبية من غالبية الفنيين القائمين.

* ما القواعد القانونية الناظمة لنقل التكنولوجيا في سورية؟
** هناك تصور خاطئ للغالبية العظمى، بمعاملة عقود نقل التكنولوجيا، كما لو كانت نمطاً عقدياً واحداً، رغم أن القواعد التي تصلح لحكم إحداها، كعقد الترخيص الصناعي مثلاً، قد لا تصلح لحكم عقد آخر، كعقد التعاون البحثي، وهذا ما يبرز ذلك القوام الهش، الذي يظهر من تحليل التزامات الأطراف في تلك العقود، وهذا واقعنا في الجمهورية العربية السورية، إذ تطبق على مجمل هذه العقود، مجموعة من القواعد غير المترابطة، وغير الملائمة، والمتناثرة في عدة قوانين.

* هل هذا الفراغ التشريعي يشمل جميع الدول العربية؟ وهل ثمة قانون دولي يحتكم إليه الجميع؟
** هناك فراغ قانوني ونقص تشريعي على الصعيدين الوطني والدولي، إذ إن المدونة الدولية لسلوك نقل التكنولوجيا التي يعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة (الإنكتاد) والتي هي أهم وثيقة دولية في مجال نقل التكنولوجيا مازالت غير ملتزمة، ومازال الخلاف قائماً على أهم مسائل فيها، مثل الشروط المقيدة لعملية النقل، والتزامات الأطراف، والقانون الواجب التطبيق على تلك العقود.
أما على الصعيد الوطني فيوجد فراغ تشريعي في كل الدول العربية، باستثناء (مصر) التي أفردت فصلاً خاصاً بعقود نقل التكنولوجيا، في قانون التجارة الجديد لعام 1999.

* ما الاختصاص القضائي الذي يُلجأ إليه لتسوية المنازعات الناشئة؟ وهل هناك تحيز للطرف المورد لأنه الأقوى في هذه العلاقة؟
** هناك خلاف حول تحديد الاختصاص القضائي في معرض تسوية المنازعات الناشئة عن عقود نقل التكنولوجيا، رغم إحالة الغالبية العظمى منها إلى قضاء التحكيم، ورغم تبنيه من خلال الموقف القانوني والواقعي، لمختلف دول العالم متقدمة كانت أم نامية، وبضمن ذلك موقف الجمهورية العربية السورية، ترى وجوب اللجوء إلى القضاء المحلي نتيجة الكشف عن دقائق العملية التحكيمية، وما تنطوي عليه من تحيز فضيع لصالح الأطراف الموردة، سواء من جهة تعين المحكمين، أم اختيار المكان أم لغة التحكيم، ومع ذلك توصي في معرض اللجوء إلى المحاكم الوطنية، باتخاذ جميع الخطوات الكفيلة بتسوية المنازعات المذكورة، كالمحافظة على سرية النزاع مثلاً، بحيث يظل الاحتكام أمامها، تلك المزايا التي يتذرع بها أنصار قضاء التحكيم.

* ما القانون المقترح في الرسالة لمعالجة هذا الخلل القانوني في سورية؟
** إن القانون المقترح يمثل خلاصة موازية لمختلف مقترحات الأطروحة، إذ يذهب إلى تعريف المفاهيم الأساسية مثل المعرفة الفنية والتكنولوجيا، ويحدد الشروط الموضوعية والشكلية لنقل التكنولوجيا، وتصنيف العقود، وتحديد التزامات المرحلة التفاوضية، ثم الالتزامات العقدية العامة لكل الأطراف، ويلي ذلك تناول التزامات وأحكام خاصة لبعض أنواع العقود، وأهم الشروط والممارسات المقيدة، وتسوية المنازعات، والقانون الواجب التطبيق. وهذا القانون يجنب الطرف المتلقي الثغرات القانونية الواضحة في صياغة عقودنا، ويمكن في حالة إعماله الطرف السوري المتعاقد كطرف متلقي من بلوغ مرحلة الاستيعاب، أو نقل السيطرة على التكنولوجيا.
منقوووووووووووووووول

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.