فصل الطآلب دون مرآعآه الضمآنآت يقضي بعدم صحة القرآر

أصدرت الدائرة الاستئنـافية المشكلة برئاسة ماجد بن عبد الله بن مبارك العلوي (رئيس المحكمة)، وعضوية كل من سعيد بن خلف بن سالم التوبي (نائب رئيس المحكمة)، وعبدالله بن مسعود بن علي السنيدي، وكمال بن البشير بن علي الدغاري، و الدكتور محمد حاتم صلاح الدين عامر، في الاستئناف رقم (128) لسنة (11) ق.س حكماً قضى بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت الوزارة المستأنفة المصاريف.

وتتلخص وقائع الاستئناف في أن المستأنف كان قد أقام ابتدأ الدعوى رقم (10/471ق) بعريضة أودعها أمانة سر المحكمة بتاريخ 2010/7/25م، طالباً في ختامها الحكم له : ” بإعادة النظر في نظام معهد عمان لمساعدي الصيادلة، وجعله مع الطالب وليس ضده.و بإعطاء فرصة أُخرى للطالب في المعهد مثل باقي المؤسسات التعليمية والسماح له بإعادة السنة الدراسية أو بإعادة الامتحانات وإعطاء الوقت الكافي لمذاكرة المواد أثناء وقت الامتحانات، ليقلل من معدل الرسوب بـالمعهد. و استعجال نظر الدعوى؛ بسبب اقتراب الفترة الدراسية.” وأكد المدعي شرحا لدعواه، بأنه طالب بمعهد عمان لمساعدي الصيادلة، وأن نظام المعهد لا يمنح الطالب سنة تأسيسية في مادة اللغة الإنجليزية مثل باقي المؤسسات التعليمية، كما أن هناك تراكماً في المواد المقررة، وعدم وجود الوقت الكافي للاستذكار خلال فترة الامتحانات، وهو السبب الرئيسي في رسوب معظم الطلاب. وأضاف المدعي بأن المعهد لا ينبهم لهذا النظام عند بداية دخولهم المعهد للدراسة، كما لا يوجد في نظام المعهد أي فرصة للطالب لإعادة امتحان المادة التي رسب فيها، ولو لمرة واحدة. وقد حاول هو وزملاؤه مقابلة الوزير أو الوكيل لشرح ظروفهم لهما إلا أنه لم يتم السماح لهم، فضلاً عن أنه لم يتم السماح لهم بالتسجيل في أية مؤسسة أخرى بعد خروجهم من المعهد. و قد تقدم بتظلم بتاريخ 2010/7/10م من قرار فصله، وتم الرد عليه بتاريخ 2010/7/25م، وعليه أقام دعواه الماثلة بطلباته السالفة الذكر.

وبتاريخ 2011/1/9م أصدرت الدائرة الابتدائية المستأنف حكمها حكماً قضت فيه: “بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع: بعدم صحة القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بالأسباب.” وقد أسست المحكمة قضاءها بعدم صحة القرار المطعون فيه على سند من أن قرار المدعى عليها بفصل المدعي من الدراسة جاء عاماً ومبهماً دون تقديم ما يسنده عدا ذكر حصول المدعى على معدل تراكمي أقل من (1)، كما أن الوزارة المدعى عليها لم تسع لدحض ما جاء في تظلم المدعي، من أنه لم يبلغ بإخفاقه؛ ولم ينبه خلال دراسته، فضلاً عن أنها لم تزود المحكمة بملف المدعي وتقرير عن سير تحصيله الدراسي خلال فترة التحاقه بالمعهد، وتقرير المرشد الأكاديمي، ويؤكد ذلك ما ذكره ممثل جهة الإدارة بجلسة 2010/11/28م بأن جهة الإدارة المدعى عليها ليس لديها أية مستندات أو ملفات أخرى متعلقة بالمدعي سوى ما قدم للمحكمة، حيث قدم ورقتين مطبوعتين من المعهد باللغة الإنجليزية تحمل تقريرا باسم المدعي وتحمل أرقاماً لم يسندها أي دليل مادي واضح.

ويضاف إلى ذلك أن توجيه إنذار كتابي للطالب الذي يقل معدله في نهاية الفصل الدراسي أو نهاية كل مقرر عن النسبة المحددة، هو إجراء جوهري يتعين التقيد به من قبل المؤسسة التعليمية تجاه الطالب المقيد بها، قبل اتخاذ قرار بفصله، وذلك لتنبيهه إلى خطورة، وحقيقة وضعه الدراسي، وأنه مهدد بوقف قيده أو بفصله، إذا لم يتدارك وضعه ويرفع من معدله إلى النسبة المطلوبة، وهو ما لم يراعه المعهد تجاه المدعي، وفقا لما قدم في الدعوى. فضلاً عن أن المدعى عليها لم تقدم للمحكمة أية لوائح داخلية للمعهد تنظم سير العمل بالمعهد تنفيذاً للائحة التنظيمية للمعاهد التعليمية التابعة للوزارة. كما أنه لم يتم منح الطالب الذي لم يجتز البرنامج فرصة للالتحاق بالفصل الصيفي، أو بإعادة السنة الدراسية. الأمر الذي يظهر معه صحة ما ينعيه المدعي على القرار المطعون فيه، من أن المدعى عليها عمدت إلى حرمانه من مواصلة الدراسة دون وجود نص قانوني يبرر ذلك. وبالتالي عدم التزام المعهد بأحكام اللائحة التنظيمية التي تنظم سير العمل بالمعاهد التعليمية التابعة للوزارة.

ولما لم يصادف الحكم المذكور قبولاً لدى الجهة الإدارية فقد طعنت عليه بالاستئناف الماثل وذلك للأسباب الواردة في تقرير الاستئناف. وقد استعرضت الدائرة الاستئنافية المادتين (25) و(26) من اللائحة التنظيمية للمعاهد التعليمية التابعة لوزارة الصحة الصادرة بالقرار الوزاري رقم (2008/167) بتاريخ 2008/11/10م، والتي تنص على أن :

1- تكون مدة الدراسة من عامين إلى ثلاثة أعوام للحصول على شهادة الدبلوم العام، ومن عام واحد إلى عامين للحصول على الدبلوم التخصصي.

2- يقسم العام إلى فصلين دراسيين كاملين يعقب كلاً منهما أسبوعين على الأكثر عطلة دراسية، وفصلاً صيفياً إذا دعت الحاجة إلى ذلك. الحد الأقصى لاستكمال الدراسة في برامج الدبلوم العام خمسة أعوام وعامين لبرامج الدبلوم التخصصي. ونص المادة (26) منها والتي تنص على أن: “أ- يعين لكل طالب مرشد أكاديمي من بين أعضاء هيئة التدريس بالمعهد يقوم بما يلي :

أ – مساعدة الطالب على اكتشاف طاقاته وقدراته.
ب – دراسة الجوانب المتعلقة بتدني الأداء الأكاديمي للطالب واقتراح الحلول بشأنها.

3- تقديم النصح للطالب الذي تم وضعه تحت الملاحظة الأكاديمية والتنسيق مع الأقسام الأكاديمية لوضع خطط تأهيلية للطالب.

4- التوصية للطالب بالانتقال من معهد إلى آخر أو من برنامج إلى آخر في حالة تعثر مساره الدراسي لأي سبب من الأسباب، وذلك حسب الخطة الدراسيــة والنظام الأكاديمي. ب- يتم تعيين مرشد أكاديمي جديد للطالب عند تحويله إلى معهد آخر أو تغيير برنامجه.

وخلصت من النصوص المتقدمة على أن المشرع وفي سبيل توفيره للضمانات اللازمة لنجاح كل طالب في المعهد حرص على إلزام الجهة الإدارية بأن تعين له مرشداً أكاديمياً من بين أعضاء هيئة التدريس يسهر على حسن أدائه لدراسته ويقف على وجه الخصوص عند الجوانب المتعلقة بتدني أدائه الأكاديمي واقتراح الحلول بشأنها وبديهي أن يكون من بين الحلول المذكورة تنبيه الطالـب وإرشاده إلى ما يتهدد مستقبله الدراسي في حال تواصل تدني أدائه ومن ثم وخلافاً لما ذهبت إليه الإدارة المستأنفة فإن مقطع النزاع، لا ينصرف إلى المجادلة فيما إذا كانت اللائحة قد تضمنت نصاً صريحاً بوجوب إنذار الطالب على غرار ما سارت عليه عديد النصوص المنظمة للدراسة في معاهد عليا أخرى في السلطنة، وإنما ينحصر في التحقق من مدى التزامها بتوفير الضمانات المقررة في نص المادة (25) من اللائحة على النحو السالف ذكره قبل قيامها بفصله. وحيث يبين من مطالعة الأوراق أن محكمة أول درجة سعت إلى أن تستوثق من مدى التزام الجهة الإدارية بتنفيذ واجبها في تعيين مرشد أكاديمي للمدعي (المستأنف ضده) وكلفتها بتقديم ملفه لديها ولكنها اعتصمت بالصمت عن كل ذلك مما يشكل قرينة على إغفالها التقيد بالواجبات المحمولة عليها قانوناً والتي تعد من الضمانات الأساسية الواجب توفيرها للطالب بما في ذلك تبصيره بأي وسيلة كانت بما يتهدد مصير دراسته في حال تواصل تدني مستواه. وحيث إن قرار الفصل موضوع النزاع الماثل وإذ ثبت صدوره دون سابق توفير الضمانات المقررة قانوناً فإنه يغدو فاقداً لسند صحيح من القانون مما يتعين معه القضاء بعدم صحته مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إعادته للدراسة لاستئنافها مجدداً وفق ما تقتضيه النظم واللوائح المعمول بها وفي كنف الرعاية الكاملة لمرشد أكاديمي. وحيث إنه وإذ ثبت أن محصلة الحكم الماثل إنما تتلاقى مع النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه فإنه يكون قد صدر متفقاً وصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه فاقداً لسند صحيح من القانون خليقاً بالرفض.

يستفاد من هذا الحكم الآتي :

– عدم الالتزام بتعيين مرشد أكاديمي للطالب بالمعاهد التابعة لوزارة الصحة يخل بالضمانات الأساسية الواجب توفيرها للطالب، بما في ذلك تبصيره بأية وسيلة كانت بما يتهدد مصير دراسته في حال تواصل تدني مستواه.

– اللائحة التنظيمية للمعاهد التعليمية التابعة لوزارة الصحة الصادرة بالقرار الوزاري رقم (2008/167) نظمت سير العمل بالمعاهد التعليمية ووفرت الضمانات اللازمة لنجاح الطلبة، ومن تلك الضمانات تعيين مرشد أكاديمي من بين أعضاء هيئة التدريس، وبالتالي فإن فصل الطالب دون مراعاة تلك الضمانات يترتب عليه القضاء بعدم صحته.