جريمة الاتفاق الجنائي في قانون العقوبات المصري

الطعن 4207 لسنة 61 ق جلسة 21 / 12 / 1992 مكتب فني 43 ق 185 ص 1181 جلسة 21 من ديسمبر سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد يحيى رشدان ومقبل شاكر وحامد عبد الله نواب رئيس المحكمة ومحمد عبد العزيز محمد.
————
(185)
الطعن رقم 4207 لسنة 61 القضائية

(1)نقض “التقرير بالطعن. ميعاده. تقديم الأسباب”.
التقرير بالطعن بعد الميعاد ودون تقديم أسبابه. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) حكم “إصداره” “بطلانه”. بطلان. شهادة سلبية. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
التمسك ببطلان الحكم لعدم التوقيع عليه في الميعاد. شرطه: الحصول على شهادة من قلم الكتاب بأن الحكم لم يودع ملف الدعوى موقعاً عليه حتى وقت تحريرها على الرغم من انقضاء الميعاد.
تأشيرة المحامي العام على الحكم بالنظر لا تقوم مقام الشهادة السلبية في الميعاد المقرر قانوناً.
(3) اتفاق جنائي. جريمة “أركانها”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. إثبات “بوجه عام”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”.
تمام جريمة الاتفاق بمجرد اتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة سواء وقعت الجريمة المقصودة من الاتفاق أو لم تقع.
استخلاص العناصر القانونية لجريمة الاتفاق الجنائي من ظروف الدعوى. موضوعي.
(4) اتفاق جنائي. عقوبة “تطبيقها”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
العقوبة المنصوص عليها في المادة 48 عقوبات تطبق على جميع المشتركين في الاتفاق الجنائي سواء اتفقوا على أن يقوم أحدهم بالتنفيذ أو قام بالتنفيذ شخص آخر. ظهروا أم لم يظهروا على مسرح الجريمة.
(5)اشتراك. اتفاق جنائي. جريمة “أركانها”. مسئولية جنائية “الإعفاء منها”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”. سرقة.
مساهمة الشريك في الجريمة. تمامها بمجرد القيام بالأفعال المكونة للاشتراك. عدول الشريك بعد ذلك. لا تأثير له على مسئوليته الجنائية. ما لم يكن قد استطاع قبل وقوع الجريمة إزالة كل أثر لتدخله في ارتكابها.
(6)قتل عمد. سرقة. إثبات. “اعتراف”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات وصدوره اختياراً من عدمه. موضوعي.
حضور رجال المباحث استجواب المتهم بالنيابة لا يفيد في قيام الإكراه. علة ذلك؟
(7)إثبات “بوجه عام” “شهود”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”.
قول متهم على آخر. حقيقته. شهادة. للمحكمة التعويل عليها.
(8)اتفاق جنائي. جريمة “أركانها”. عقوبة “تطبيقها”. ارتباط. سرقة. قتل عمد. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
الفقرة الأولى من المادة 48 عقوبات تطبيقها على كل اتفاق لارتكاب جريمة أياً كان نوعها أو الغرض منها. تنفيذ الجريمة المتفق عليها غير لازم.
ارتكاب الجريمة أو الشروع فيها. أثره: توقيع عقوبة واحدة هي عقوبة الجريمة الأشد.
(9) ظروف مخففة. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير مبررات الرأفة”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
تقدير مبررات الرأفة وعدم قيامها. موضوعي.

—————–
1 – لما كان الطاعنان….. و…… لم يقررا بالطعن في الميعاد. كما وأن الثاني لم يقدم أسباباً لطعنه، ومن ثم يكون الطعن المقدم منهما غير مقبول شكلاً.
2 – من المقرر أنه يجب على الطاعن لكي يكون له التمسك ببطلان الحكم لعدم إيداعه موقعاً عليه في الميعاد المقرر في المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية أن يحصل على شهادة دالة على أن الحكم لم يكن إلى وقت تحريرها قد أودع ملف الدعوى موقعاً عليه رغم انقضاء ذلك الميعاد وكانت الشهادة السلبية التي تثبت تأخير توقيع الحكم عن ميعاد الثلاثين يوماً هي الشهادة التي يحررها قلم الكتاب بناء على طلب صاحب الشأن والتي تفيد عدم إيداع الحكم في خلال تلك المدة. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يقدم الشهادة المثبتة لذلك. ومن ثم يكون نعيه في هذا الخصوص غير مقبول. ولا ينال من ذلك أن الحكم مؤشراً عليه بالنظر من المحامي العام يوم……. إذ أن ذلك لا يقوم مقام الشهادة السلبية الدالة على عدم الإيداع في الميعاد المقرر قانوناً.
3 – من المقرر أنه لا يشترط لتكوين جريمة الاتفاق الجنائي المنصوص عليها في المادة 48 من قانون العقوبات أكثر من اتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة سواء وقعت الجريمة المقصودة من الاتفاق أو لم تقع وأنه يكفي أن تستخلص المحكمة العناصر القانونية لجريمة الاتفاق الجنائي من ظروف الدعوى وملابساتها ما دام في وقائع الدعوى ما يسوغ الاعتقاد بوقوعه.
4 – من المقرر أن المشتركين في الاتفاق الجنائي يعاقبون بمقتضى نص المادة 48 عقوبات سواء اتفقوا على أن يقوم واحد منهم بتنفيذ الجناية أو الجنحة المقصودة بالاتفاق أو أن يكون التنفيذ بواسطة شخص آخر يختار فيما بعد. ولا يشترط للعقاب أن يظهر المشتركون في الاتفاق على مسرح الجريمة المقصودة منه حال تنفيذها.
5 – من المقرر أن عدول الشريك عن ارتكاب الجريمة لا تأثير له على مسئوليته الجنائية إذا وقعت الجريمة فيؤاخذ عليها بصفته شريكاً. ذلك أن مساهمته في الجريمة تتم بمجرد قيامه بالأفعال المكونة للاشتراك وعدوله بعد ذلك لا يفيده إلا إذا كان قد استطاع أن يزيل كل أثر لتدخله في ارتكاب الجريمة قبل وقوعها.
6 – من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات. فلها في ذلك أن تقرر عدم صحة ما يدعيه الطاعن من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة – هذا فضلاً على أنه لو صح ما يثيره الطاعن من أن استجوابه بالنيابة قد تم في حضور رجال المباحث لا يفيد في قيام الإكراه لأن مجرد حضورهم وخشيته منهم لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً.
7 – من المقرر أن أقوال المتهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بخصوص استدلال الحكم في بيان أقوال المتهمين على اتفاقهم في ارتكاب الجريمة المشار إليها يكون غير سديد.
8 – من المقرر أن الفقرة الأولى من المادة 48 من قانون العقوبات إذ نصت بصفة مطلقة على أنه “يوجد اتفاق جنائي كلما اتفق شخصان فأكثر على ارتكاب جناية أو جنحة ما أو على الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكابها”. قد دلت بوضوح وجلاء على أن حكمها يتناول كل اتفاق على أية جناية أو جنحة مهما كان نوعها أو الغرض منها وهذا يلزم عنه أنه إذا لم ترتكب الجريمة المقصودة من الاتفاق فإنه يبقى العقاب على الاتفاق ذاته أما إذا ارتكبت أو شرع في ارتكابها وكان الشروع معاقباً عليه فإنه يكون هناك جريمتان وفي هذه الحالة يوقع على المتهمين عقوبة واحدة هي عقوبة الجريمة الأشد طبقاً للمادة 32 من قانون العقوبات.
9 – من المقرر أن تقدير مبررات الرأفة وعدم قيامها موكول إلى قاضي الموضوع دون معقب عليه.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 -….. (طاعن). 2 -….. (طاعن) 3 -….. 4 -….. (طاعن) 5 -…… (طاعن) 6 -…… بأنهم: المتهمان الأول والثاني (1) قتلا….. عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدا عزيمتهما على الخلاص منها تمكيناً لهما من سرقة ما بحوزتها من نقود ومصاغ وأعدا لهذا الغرض مجموعة من الأدوات “سكين وخنجر وحبل وشريط لاصق” ثم سعيا إليها بمسكنها متحينين فرصة وجودها فيه بمفردها ودخلاه بطريق خداعها ولما تهيأ الظرف لهما لتنفيذ مشروعهما الإجرامي بادر المتهم الثاني بإسقاطها أرضاً وتكبيلها بالحبل وكتم أنفاسها بوضع الشريط اللاصق على فمها في الوقت الذي انهال فيه المتهم الأول عليها طعناً بالسلاح الحاد قاصدين قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وكان يقصد من هذه الجناية ارتكاب جنحة سرقة ذلك أن المتهمين في ذات الزمان والمكان سرقا المبلغ النقدي المبين قدراً بالتحقيقات والحلي الذهبية الموضحة الوصف والقيمة بها المملوكة للمجني عليها سالفة الذكر وزوجها من مسكنهما. (2) أحرز كل منهما دون مقتض سلاحاً أبيض “خنجر وسكين”. المتهمون جميعاً عدا السادس اشتركوا في اتفاق جنائي حرض عليه المتهم الأول الغرض منه ارتكاب جناية سرقة بإكراه بأن اتحدت إراداتهم على القيام بسرقة الحلي الذهبية والمبالغ النقدية موضوع التهمة الأولى المسندة للمتهمين الأول والثاني من مسكن المجني عليها…….. وذلك بطريق الإكراه الواقع عليها وقد وقعت جريمة القتل العمد المسبوق بالإصرار والمرتبطة بجنحة السرقة تنفيذاً للغرض من هذا الاتفاق ونتيجة محتملة له.
المتهم السادس: 1 – أخفى الأشياء المسروقة والمتحصلة من جناية القتل المسبوق بالإصرار والمرتبطة بجنحة السرقة موضوع التهمة الأولى المسندة للمتهمين الأول والثاني مع علمه بذلك – 2 – علم بوقوع الجناية السالف ذكرها وأعان الجناة على الفرار من وجه القضاء وكان ذلك بإخفاء أدلة الجريمة على النحو المبين بالتحقيقات وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً عملاً بالمواد 43، 44، 48/ 1 – 2 – 3، 145، 234 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 25 مكرراً من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 165 لسنة 1981 والجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات: أولاً – بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليهما. ثانياً – بمعاقبة كل من المتهمين الثالث والرابع والخامس بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عما أسند إليهم. ثالثاً – بمعاقبة المتهم السادس بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه.
فطعن الأستاذ/…….. نيابة عن المحكوم عليه الرابع كما طعن المحكوم عليهم الأول والثاني والرابع والخامس في هذا الحكم بطريق النقض….. إلخ.

المحكمة
من حيث إن الطاعنين….. و…… لم يقررا بالطعن في الميعاد. كما وأن الثاني لم يقدم أسباباً لطعنه، ومن ثم يكون الطعن المقدم منهما غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الطعن المقدم من….. و…… قد استوفى الأوضاع المقررة في القانون، ومن ثم يتعين قبول طعنيهما شكلاً.
ومن حيث إن الطاعن….. ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدانه بجريمة الاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جناية السرقة بإكراه الذي ترتب عليه وقوع جريمة القتل العمد المرتبطة بالسرقة قد ران عليه البطلان وشابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والتناقض والفساد في الاستدلال. ذلك أن الحكم لم يودع ملف الدعوى موقعاً عليه خلال المدة المقررة لذلك قانوناً، وأدانه رغم عدم توافر أركان الجريمة في حقه لعدوله عن الاتفاق عدولاً اختيارياً قبل وقوع الجريمة. كذلك أدانه الحكم عن جريمة الاشتراك في اتفاق جنائي والتي يعاقب عليها القانون بالسجن. رغم ذلك قضى عليه بالأشغال الشاقة المؤقتة ومع استعماله كذلك المادة 17 من قانون العقوبات. كما ينعى الطاعن…… على الحكم أنه لم يبين مضمون ما أورده من أدلة أقام عليها قضاءه وعول على اعتراف نسبه إلى الطاعن وأطرح دفعه بخصوص بطلانه لوقوعه تحت تأثير الإكراه المادي والأدبي من رجال الشرطة رغم تسليم الحكم بوجود إصابات به وأنه قد أدانه رغم إنكاره ارتكابه الحادث وخلو الأوراق من دليل على إدانته إذ أن أقوال المتهمين الآخرين لا تصلح دليلاً عليه. وأنه لم يكن جاداً في الاتفاق الجنائي بدلالة عدم اشتراكه في الجريمة التي قارفها المحكوم عليهما الأول والثاني ولم يقاسمهما في شيء من المسروقات. هذا فضلاً على أنه طالباً جامعي وكان حرياً بالحكم أن يقضي ببراءته أو يوقف تنفيذ العقوبة بالنسبة له مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن ما ينعاه الطاعن….. من بطلان الحكم لعدم إيداعه موقعاً عليه في المدة المقررة لذلك قانوناً. لما كان الطاعن لم يقدم الشهادة الدالة على ذلك فإنه لما كان من المقرر أنه يجب على الطاعن لكي يكون له التمسك ببطلان الحكم لعدم إيداعه موقعاً عليه في الميعاد المقرر في المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية أن يحصل على شهادة دالة على أن الحكم لم يكن إلى وقت تحريرها قد أودع ملف الدعوى موقعاً عليه رغم انقضاء ذلك الميعاد وكانت الشهادة السلبية التي تثبت تأخير توقيع الحكم عن ميعاد الثلاثين يوماً هي الشهادة التي يحررها قلم الكتاب بناء على طلب صاحب الشأن والتي تفيد عدم إيداع الحكم في خلال تلك المدة. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يقدم الشهادة المثبتة لذلك. ومن ثم يكون نعيه في هذا الخصوص غير مقبول. ولا ينال من ذلك أن الحكم مؤشراً عليه بالنظر من المحامي العام يوم….. إذ أن ذلك لا يقوم مقام الشهادة السلبية الدالة على عدم الإيداع في الميعاد المقرر قانوناً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته ما يكفي لتفهم الواقعة بظروفها وأدلتها حسبما أثبتتها المحكمة وبما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعنين وغيرهم من المحكوم عليهم. وأنه قد عرض في مقام استخلاصه للواقعة وكما ثبتت لديه في حق الطاعنين والمحكوم عليهم الآخرين إلى القول “أن المتهم الأول قد اطلع على أمر المجني عليها بحكم تردده عليها فقد انتوى سرقتها إلا أنه نظراً لعدم إمكانه ذلك بمفرده فقد عرض الأمر على شقيقه المتهم الثالث الذي وافقه على ذلك وأحضر له المتهم الخامس الذي أحضر معه الرابع واتفقوا فيما بينهم على سرقة المجني عليها بالإكراه ومكثوا يتشاورون في كيفية تنفيذ ما اتفقوا عليه ودور كل واحد منهم في التنفيذ وذهبوا إليها أكثر من مرة فيما عدا الثالث الذي اقتضى تنفيذ الاتفاق تواجده في السوق بجوار عربة المتهم الأول المعدة لبيع الخضروات حتى لا يفتضح أمرهم – وقد أخذوا معهم الأدوات اللازمة لارتكاب الجريمة إلا أنهم لم يتمكنوا من تنفيذ ما اتفقوا عليه بسبب تواجد آخرين مع المجني عليها إلى أن أقيمت الفرصة للأول والثاني فقاما بالتنفيذ ومن ثم فإن إرادة المتهمين الخمسة الأول قد اتجهت واتحدت على ارتكاب جريمة السرقة وهم جادون في تنفيذ الاتفاق يكشف عن ذلك اجتماعهم وتشاورهم وتوزيع الأدوار فيما بينهم، ثم أورد الحكم الأدلة على ثبوت الاتهام في حق الطاعنين أخذاً بشهادة العقيد….. والعقيدين…… و……. والمقدم……. وتقرير الصفة التشريحية والمعاينة وتقرير رفع البصمات واعتراف المتهمين بمحاضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة. وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولم ينازع أحد في أن لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط لتكوين جريمة الاتفاق الجنائي المنصوص عليها في المادة 48 من قانون العقوبات أكثر من اتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة سواء وقعت الجريمة المقصودة من الاتفاق أو لم تقع وأنه يكفي أن تستخلص المحكمة العناصر القانونية لجريمة الاتفاق الجنائي من ظروف الدعوى وملابساتها ما دام في وقائع الدعوى ما يسوغ الاعتقاد بوقوعه. كما أنه من المقرر أن المشتركين في الاتفاق الجنائي يعاقبون بمقتضى نص المادة 48 سواء اتفقوا على أن يقوم واحد منهم بتنفيذ الجناية أو الجنحة المقصودة بالاتفاق أو أن يكون التنفيذ بواسطة شخص آخر يختار فيما بعد. ولا يشترط للعقاب أن يظهر المشتركون في الاتفاق على مسرح الجريمة المقصودة منه حال تنفيذها. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم على النحو سالف البيان يتوافر به قيام الاتفاق الجنائي بأن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ويكون ما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن عدول الشريك عن ارتكاب الجريمة لا تأثير له على مسئوليته الجنائية إذا وقعت الجريمة فيؤاخذ عليها بصفته شريكاً. ذلك أن مساهمته في الجريمة تتم بمجرد قيامه بالأفعال المكونة للاشتراك وعدوله بعد ذلك لا يفيده إلا إذا كان قد استطاع أن يزيل كل أثر لتدخله في ارتكاب الجريمة قبل وقوعها. ولما كانت جريمة السرقة التي اتفق عليها قد وقعت فعلاً وكان ما أورده الحكم يتضمن الرد على ما أثير بخصوص العدول عن الاتفاق فإن النعي في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من المتهمين ببطلان الاعتراف وأطرحه بقوله “ومن حيث إنه بالنسبة للدفع ببطلان اعتراف المتهمين بأنهم قد أدلوا بأقوالهم بتحقيقات النيابة العامة عن حرية واختيار كاملين وبعيداً عن شبهة إكراه أيهم مادياً أو معنوياً، ومن ثم كان القول بأنهم كانوا تحت وطأة الاعتداء لا أساس له من الأوراق والمتهم الأول……. عندما استجوب في بادئ الأمر أنكر ثم عدل عن ذلك واعترف على النحو الذي حصله الحكم مقرراً أن ذلك قد جاء إرضاء لضميره بعد اعتراف المتهمين الثاني والثالث والمتهم الثاني قرر أنه حرر اعترافه بخطه بالقسم عن حرية واختيار دون أدنى تأثير من أحد عليه وأنه اعترف بالتحقيقات طائعاً مختاراً والمتهم الثالث……. وإن وجدت به عدة إصابات إلا أنه قرر بالتحقيق أن عدة أشخاص ضربوه بقسم الشرطة للإرشاد عن مكان أخيه المتهم الأول ولم يحدد بأقواله ما يفيد ثمة صلة بين هذه الإصابات والأقوال التي أدلى بها في التحقيقات، ومن ثم جاءت أقواله عن حرية ودون أي إكراه والمتهم الرابع…… وكذلك الخامس……. لم يرد بأقوالهما بالتحقيقات ما يصمها بعيب الإكراه على الإدلاء بها ولم يدفعا بشيء من ذلك وكان في مقدورهما ذلك دون أدنى اعتراض من جهة التحقيق والمتهم السادس…….. جاءت أقواله خالية مما ينم عن هذا العيب إذ قرر بالتحقيقات أنه سجل اعترافه بورقة أعطاها له رجال المباحث وكان بعضهم إلى جواره في ذلك الوقت ونفى وقوع أي إكراه من أحد عليه وقت كتابتها، ومن ثم فإنه بالبناء على ما تقدم يكون الدفع ببطلان أقوال المتهمين على غير أساس إذ لم يثبت وقوع هذا الإكراه على أحد منهم وقد كانت إصابات أحدهم وتواجد رجال الشرطة إلى جوار البعض الآخر عند كتابة إقراراتهم لا علاقة لها بأقوالهم هذه بما يتعين معه رفض الدفع” لما كان ذلك، وكان ما رد به الحكم على ما أثير بشأن الإكراه سائغاً في تفنيده ويتفق وصحيح القانون لما هو مقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات. فلها في ذلك أن تقرر عدم صحة ما يدعيه الطاعن من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة – هذا فضلاً على أنه لو صح ما يثيره الطاعن من أن استجوابه بالنيابة قد تم في حضور رجال المباحث لا يفيد في قيام الإكراه لأن مجرد حضورهم وخشيته منهم لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أقوال المتهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بخصوص استدلال الحكم في بيان أقوال المتهمين على اتفاقهم في ارتكاب الجريمة المشار إليها يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الفقرة الأولى من المادة 48 من قانون العقوبات إذ نصت بصفة مطلقة على أنه “يوجد اتفاق جنائي كلما اتفق شخصان فأكثر على ارتكاب جناية أو جنحة ما أو على الأعمال المجهزة أو المسهلة لارتكابها”. قد دلت بوضوح وجلاء على أن حكمها يتناول كل اتفاق على أية جناية أو جنحة مهما كان نوعها أو الغرض منها وهذا يلزم عنه أنه إذا لم ترتكب الجريمة المقصودة من الاتفاق فإنه يبقى العقاب على الاتفاق ذاته أما إذا ارتكبت أو شرع في ارتكابها وكان الشروع معاقباً عليه فإنه يكون هناك جريمتان وفي هذه الحالة يوقع على المتهمين عقوبة واحدة هي عقوبة الجريمة الأشد طبقاً للمادة 32 من قانون العقوبات. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت اتفاق الطاعن مع باقي المتهمين على ارتكاب جريمة سرقة المجني عليها بالإكراه وانتهت إلى وقوع جريمة القتل العمد بقصد السرقة كنتيجة محتملة لهذا الاتفاق فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص إلى ثبوت اشتراك الطاعن في هذه الجريمة بطريق الاتفاق ودانه عنها وعن جريمة الاتفاق الجنائي وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأولى بحسبانها الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات. وكانت العقوبة الموقعة وهي الأشغال الشاقة المؤقتة مقررة لها مع استعمال المادة 17 من قانون العقوبات فإنه لا يكون قد أخطأ تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير مبررات الرأفة وعدم قيامها موكول إلى قاضي الموضوع دون معقب عليه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك فإن الطعن برمته يكون على غير أساس بما يتعين رفضه.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .