هيئات التحكيم الالكتروني .- محكمة الفضاء- نموذجا

محمد غروبي
ماستر الدراسات القانونية .معهد البحوث و الدراسات العربية
القاهرة

لا شك أن لشبكة الانترنت أهمية غير محدودة في المجال القانوني حيث تستغل هده الشبكة مثلا لتحقيق مجموعة من الإغراض على سبيل المثال مطالعة دساتير و قوانين الدول المختلفة و نشر المؤلفات القانونية و الدوريات المتخصصة و المقالات المتنوعة في مختلف فروع القانون و كوسيلة لالتحاق بالمعاهد و الجامعات العالمية و كسوق تجاري للمؤلفات القانونية .هنا يمكن أن نطرح التساؤل التالي , ما المانع من امتداد هدا الدور ليشمل المجال القضائي مادامت الدول تسارع نحو إصدار قوانين خاصة لحكم التجارة الالكترونية ادن فالمانع من أحداث آلية قانونية حديثة تواكب التطور التكنولوجي والتجاري و تسعى إلى حل المنازعات في ا لمستقبل القريب -1- على هدا الأساس فان العولمة و زيادة عدد و قيمة المبادلات التجارية و انتشار التجارة الالكترونية على نطاق واسع و إحلال الثقة في القضاء العادي نتيجة بطء المسطرة و الرغبة في الوصول لأي عدالة سريعة كلها عوامل أدت إلى ظهور التحكيم الالكتروني إلى جانب التحكيم التقليدي ولقد برزت في هدا المجال العديد من الهيئات التي كانت تسعى إلى تكريس هدا المعطى التكنولوجي في سبيل تنمية التجارة الدولية لدا سنحاول إعطاء نموذج لهده الهيئات ومن أبرزها محكمة الفضاء الكندية .

أولا . تأسيس محكمة الفضاء :

في سنة 1996 أطلق الأستاذان كريم بن يخلف و بيير ترودل الأستاذان بمركز الدراسات القانون العام . كلية الحقوق –جامعة مونتريال – كندا المشروع المتعلق بإنشاء محكمة الفضاء و التي تهدف إلى حل مشكلة المنازعات الناشئة عن المعاملات التي تتم عن طريق شبكة الانترنت ودلك بطريقة الكترونية والتي كانت في الأصل وسيلة لإتمام هاته المعاملات مما يدعو إلى القول أن هاته الوسيلة أضحت تهدف إلى استثمار التكنولوجيا الحديثة و إقصاء الوسائل التقليدية للتقاضي

-2-و بالفعل تم العمل بهذا المشروع في سنة 1999 ودلك بمساعدة مركز تطوير الاقتصاد الكندي .ورغم دلك فقد رسخ في أذهان واضعيه أن محكمة الفضاء تعد ممارسة محدودة بسبب طابعها التجريبي و منشئها الجامعي الذي ربما يفرض بعض العقبات التي تعوق انتشارها بصفة موسعة-3- وأخيرا دخل القانون المنضم لمحكمة الفضاء حيز التنفيذ في 20 دجنبر 2005 -4-

ثانيا . الأسباب الدافعة لإنشاء محكمة الفضاء

محكمة الفضاء هي أول محكمة الكترونية تقرر إنشاءها لتكون همزة وصل بين النظامين الأنجلوسكسوني و اللاتيني حيث تعتبر كندا من الدول ذات النظام القانوني المختلط التي تسود فيها الأعراف الانجلوسكسونية بجانب النظام اللاتيني -5-.و لقد ارتكزت محكمة الفضاء عند إنشاءها على مجموعة من المرتكزات أهمها-6-
عدم ملائمة القوانين الوطنية لحل تنازع القوانين الناشئ عن تداول دلك الكم الهائل من المعلومات عبر شبكة الانترنت فتلك القوانين وضعت أساسا لحل تنازع القوانين في البيئة الجغرافية ومن تم لا تصلح بطبيعتها لحل التنازع الناشئ في البيئة الالكترونية .

2 – لا تستطيع أي دولة أن تدعي في الفضاء الخارجي ذي الطبيعة المفتوحة أن قانونها هو الواجب التطبيق حيث لا سلطان لدولة على هدا الفضاء و بالتالي يفضل ترك الحرية للأطراف في استبعاد القواعد التي لا تتفق مع توقعاتهم المشروعة .
3- الهدف من نضام التحكيم الالكتروني كغيره من مختلف الوسائل البديلة لحل المنازعات هو الوصول إلى إطار كامل من القواعد التي تنضم هدا النظام القضائي الجديد ولن يتم بلوغ هدا الهدف إلا بصياغة مجموعة من النصوص مع انتظار ما سيسفر عنه التطبيق من مزايا و عيوب يمكن معالجتها في المستقبل .

4- تفترض ا لبيئة الالكترونية ضرورة وجود تنظيمات قانونية خاصة غير مستمدة من قوالب حكومية .يكون الهدف منها الوصول إلى التنظيم الأمثل للمنازعات الالكترونية . و لا شك أن تنظيم محكمة الفضاء يعد محاولة لتحقيق هاته الأهداف .
وبغية تحقيق هاته المفاهيم فان محكمة الفضاء تتوفر على قائمة من المحكمين القانونيين والغير قانونيين وان كان جلهم نخبة من المحاميين و أساتذة الجامعات بيد أن القاسم المشترك بينهم هو الثقافة العالية و التخصص في مجال الوساطة و التحكيم و قانون تكنولوجيا المعلومات .

ثالثا. الشركاء المساهمون في محكمة الفضاء :

لقد كان لمحكمة الفضاء التي أسست في أحضان كلية الحقوق –جامعة مونتريال – كندا مجموعة من الشركاء المحليين و الدوليين -7-
– جامعة مونتريال – كندا
– جامعة ماكجيل – كندا
– جامعة ليون 2 – فرنسا
– جامعة نامور – بلجيكا

كما أن هاته المحكمة تلقى دعما من
– مركز الدراسات للقانون العام بجامعة مونتريال
– مركز قانون الأعمال و التجارة الدولية بجامعة مونتريال
– مركز و لسن لقانون تكنولوجيا المعلومات بجامعة مونتريال

رابعا. الخدمات التعليمية لمحكمة الفضاء – المحاكم الالكترونية :

تعمل كليات الحقوق على خلق نماذج تكوينية لبعض المحاكم على سبيل المثال أن يتولى احد الطلاب القيام بدور المدعي و آخر بدور المدعي عليه على أن يتولى طالبان آخران مهمة الدفاع عنهما ودلك بعرض لكل منهما لدفاعه أمام قاضي المحكمة الذي يمثله أيضا احد الطلاب , و ما هدا كله إلا رغبة في تنمية المهارات الأساسية التي يحتاجها رجال القانون لتكوين أجيال قادرة على مواجهة متطلبات المستقبل
ولا شك في ضرورة هدا المنهج , حيث يحتاج المحكمون في ظل نظام التحكيم الالكتروني إلى تدريب خاص لاستخدام هده التكنولوجيا الحديثة فنجاح هدا النظام سيتوقف على مدى إجادة المحكمين في استعمالهم لهده الوسائل -8-

خامسا. قواعد التحكيم الالكتروني لمحكمة القضاء :

صدر تنظيم محكمة الفضاء بشان التحكيم الالكتروني متضمنا 26 مادة تدور كلها حول تنظيم دعوى التحكيم الالكتروني بداية من رد فعل الدعوى و حتى إصدار الحكم النهائي فيها
ومن الجدير بالذكر أن الاختصاص القضائي لمحكمة الفضاء يتسع ليشمل كافة المنازعات التجارية أيا كان نوعها , و المنازعات المتعلقة بالتجارة الالكترونية وأيضا كافة المنازعات المتعلقة بالمنافسة و حق المؤلف و براءة الاختراع و العلامات التجارية بل يمتد الى منازعات لا تعد بطبيعتها تجارية كالمنازعات المتعلقة بحرية التعبير و انتهاك الحياة الخاصة

الهوامش :

-1- الدكتور عبد المنعم زمزم – قانون التحكيم الالكتروني – ص 14
-2- الدكتور عبد المنعم زمزم – قانون التحكيم الالكتروني – ص- 28
-3- انظر الموقع الالكتروني لهدا القانون
www.smany.org/sma/about 6-5.htmlhttp//
-4-انظر الموقع الالكتروني لقواعد محكمة الفضاء
http//cybertribunal.org/arbreglement.fr.html
-5-الدكتور عبد المنعم زمزم – قانون التحكيم الالكتروني – ص – 29 –
Karim benyekhlef and fabien gelinas , online dispute résolution, supra, p.3 ; -6- karine rousseau , les modes de résolution des conflits dans le cyberspace, op.cit,p.4 et s
-7- راجع في شركاء المحكمة
http//www.cybertribunal.org/partenaires.fr.html,p.18.
-8-الدكتور عبد المنعم زمزم – قانون التحكيم الالكتروني – ص – 32-