ماهي الجريمة التي ترتبط بجريمة أخرى ارتباطا لا يقبل التجزئة ؟ -ما هو معيار الارتباط وامثلتة القانون اليمني

-ماهي الجريمة التي ترتبط بجريمة أخرى ارتباطا لا يقبل التجزئة ؟
-ما هو معيار الارتباط وامثلتة ؟

الجرائم المرتبطة ارتباطاُ لا يقبل التجزئة
نص المشرع بالفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات على أنه “ إذا وقعت عدة جرائم لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة وجب اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم “.

ويستفاد من النص أن الجرائم المرتبطة ارتباطا لا يقبل التجزئة هي شكل من أشكال التعدد المادي أو الحقيقي بين الجرائم .فهي تفترض تعدداً مادياً في الجرائم بالإضافة إلى رابطة لها صفة معينة قائمة بين تلك الجرائم .

فإننا نجد أن كل جريمة مستقلة في عنصرها ومكوناتها القانونية عن الجريمة الأخرى ومعنى ذلك أن كل جريمة تستحق قانوناً العقوبة المقررة لها وهذا يفيد أن كل جريمة يحكمها نص تجريمي واجب التطبيق وبالتالي تتعدد القواعد القانونية بتعدد الجرائم ومن أمثلة ذلك أن يقوم موظف عمومي باختلاس شيء مما في عهدته ثم يرتكب تزويراً لإخفاء الاختلاس أو يعرض أحدهم رشوة على رجل البوليس لكي يمتنع عن ضبط المسروقات التي يخفيها أو يزور شخص محرراً ثم يستعمله فيما أعده له أو يزيف عمله ثم يقوم بترويجها .

ويشترط لتطبيق المادة شرطان :-
1- وحدة الغرض 2- أن تكون مرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة .
الشرط الأول وحدة الغرض:-
ويقصد بوحدة الغرض أن تهدف الجرائم المتعددة إلى تحقيق غاية واحدة بحيث تعبر الجرائم المتعددة عن مشروع إجرامي واحد وليس المقصود من ذلك وحدة القصد الجنائي لأن كل جريمة منها تستقل بركنها المعنوي الخاص بها ولا يحول دون اعتبار الجرائم المتعددة مرتكبة لغرض واحد أن يوجد بينها فاصل زمني ومعنى وحدة المشروع الإجرامي هو أن كل جريمة من الجرائم المتعددة تشكل مرحلة من مراحل تنفيذ المشروع الإجرامي .

ولذلك إذا أنتفت وحدة هذا المشروع بأن ارتكبت كل جريمة لغاية مستقلة عن الأخرى كنا بصدد القاعدة العامة في التعدد الحقيقي بين الجرائم ولسنا في محيط الجرائم المرتبطة ؛ فمن يضرب المجني عليه حتى يفقده وعيه ثم ينتهز الفرصة ويتلف له مزروعاته فلا نكون بصدد جرائم مرتبطة لانتفاء وحدة الغرض .

الشرط الثاني : الارتباط الذي لا يقبل التجزئة :
لاشك أن وحدة الغرض يتحقق بها الارتباط بين الجرائم المرتكبة ؛ ذلك أن الارتباط بين الجرائم يتوافر إذا تواجد عامل مشترك بينها غير أن الارتباط البسيط غير كاف لتوافر الاستثناء الذي نحن بصددة و إنما يلزم أن تكون له صفة خاصة و هذه الصفة الخاصة تتمثل في كون الارتباط غير قابل للتجزئة ويقصد بذلك وفقاً للرأي السائد أن تكون الجرائم المرتكبة مرتبة على بعضها البعض بحيث ما كانت ترتكب الجريمة التالية لولا وقوع التي تسبقها .

فمن أمثلته أن يضرب أحدهم شخصاً فيحدث به إصابات تفضي إلى موته ويضربه آخر ضرباً بسيطاً فإذا حدثت الجريمتان في زمان ومكان واحد فإنهما تكونان مرتبطتين لانتظامهما في فكر جنائي واحد وحصولهما في ثورة نفسية واحدة .أما إذا ارتكب موظف جريمة الاختلاس ثم لما علم بعد مضي مدة أن رئيسه سيقوم بمراجعة ما في عهدته قام بتزوير في الدفاتر ليخفي اختلاسه أو أحرق المخزن المودع فيه العهدة فانه في هذه الحالة يستحق عقوبة عن جريمة الاختلاس وعقوبة عن جريمة التزوير أو الحريق فبالرغم من أن الجريمتين ارتباطهما لغرض واحد إلا أنهما لم تكونا نتاج فكر جنائي واحد.

ومن الصعب وضع معيار حاسم يستند إليه في القول بوجود الارتباط من عدمه فهو يختلف من حالة لأخرى والبت فيه من شأن محكمة الموضوع .

على أنه إذا أثبتت المحكمة توافر وحدة الغاية والارتباط الذي لا يقبل التجزئة
تعين عليها أن تحكم على الجاني بعقوبة واحدة هي عقوبة الجريمة الأشد فإذا حكمت عليه بعقوبة عن كل جريمة كان حكمها معيباً وحق لمحكمة النقض أن تتدخل لتطبيق القانون علي وجهه الصحيح .

أثر الارتباط في العقوبات
وعلى ذلك فإن أثر الارتباط الذي يقبل التجزئة ينحصر في وجوب توقيع عقوبة واحدة ألا وهي العقوبة المقررة للجريمة الأشد ولا يجوز للقاضي أن ينطق بعقوبة لكل جريمة من تلك الجرائم وإنما ينطبق فقط بالعقوبة المقررة للوصف الأشد وتعتبر العقوبة أيضاً بالنسبة للجرائم الأخف.

وينبني على قصر الاستثناء فقط على الحكم بالعقوبة أن الجرائم ذات الوصف الأخف لا تفقد وجودها القانوني والآثار الأخرى غير العقوبة كاحتسابها في التماثل في أحكام العود وفي أحكام رد الاعتبار وغير ذلك من الآثار القانونية المترتبة على ارتكاب الجريمة خلاف الأثر الخاص بالعقوبة .

ونظراً لان الجرائم ذات الوصف الأخف تظل قائمة قانوناً بالرغم من الحكم بعقوبة الجريمة الأشد فإن العقوبات التكميلية المترتبة على ارتكابها يجب الحكم بها إلى جانب العقوبة المقررة للوصف الأشد وذلك وفق الراجح فقهاً وقضاء أما العقوبات التبعية والتكميلية الجوازية جانب العقوبة المقررة للوصف الأشد .

حجية الحكم في الجرائم المرتبطة :-
إذا صدر الحكم في الجرائم المرتبطة بعقوبة الجريمة ذات الوصف الأشد فأنة يكتسب بالنسبة لجميع الجرائم الأخرى ذات الوصف الأخف حتى تلك التي لم تكن ضمن موضوع الدعوى الجنائية فإذا كانت هناك جريمة منسوبة لذات المتهم لم تكشف الأبعد الحكم بالإدانة فلا تجوز معاقبة المتهم عنها إذا كانت تحمل وصفاً أخف من الجريمة الصادر الحكم بعقوبتها كذلك الحال إذا كانت الجريمة التي لم ترتفع بها الدعوى الجنائية من وصف مماثل لتلك الصادر بعقوبتها أما إذا كانت الجريمة هي ذات الوصف الأشد جاز رفع الدعوى الجنائية عنها على أن يراعي القاضي قدر العقوبة المحكوم به في الجريمة الأخف ويشترك من العقوبة التي تحكم بها في خصوص الجريمة الأشد .

جرائم الأموال العامة والجرائم المرتبطة بها

في المادة (2) تختص المحاكم المذكورة في المادة السابقة بالفصل في الأتي :-
1- كافة الجرائم الماسة بالمال وما في حكمة وأموال الأوقاف .
2- القضايا المتعلقة بالضرائب والجمارك .
3- جرائم تزييف وترويج العملات .
4- الفصل في الجرائم المرتبطة بما ذكر في البنود السابقة ارتباطا لا يقبل التجزئة .

ب- كما تختص هذا المحاكم بمحاكمة الفاعلين الأصليين والشركاء في الجرائم المشار إليها في هذا القرار .
ومن هذا النص يتبين أن جميع ما شملته المادة (2) من قانون تحصيل الأموال العامة هي أموال عامة وان الحماية القانونية وفقاً لهذا التحديد لا تتوقف عند الأموال المخصصة للمنفعة العامة والتي أوردها القانون المدني ضمن ضوابط وقيود حيث أن الحماية القانونية للمال العام هناك توقفت على المال المنصوص عليه بالمادة (120) من القانون المدني رقم 19 لسنه 1992 والمادة 118 من القانون المدني رقم 14 لسنه 2002م حيث أنها اشترطت أن يكون المال ملكاً للدولة أو مخصصاً للمنفعة العامة وما يعني أن الحماية المدنية هنالك مقتصرة على تخصيص ذلك المال العام بالمنفعة العامة أما إذا كانت الدولة تقوم بالنشاط الذي يقوم به الأفراد ولم يكن مخصصاً للمنفعة العامة فإن الحماية المدنية لا تتناوله .

تخصيص المال لمنفعة العامة أما المرافق والمؤسسات التي تهدف إلى تحقيق الربح دون أن يكون مخصصة للنفع العام سواء كانت مملوكة للدولة كلياً أو جزئياً فخضوعها للقانون الخاص ( القانون التجاري) هو الأرجح كونها بمثابة مرافق خاصة ولا تعد أموالها أموالا عامة ومن ثم فإنها لا تتمتع بالحماية القانونية مدنياً وجنائياً إلا وفقاً لأحكام القانون التجاري وهو صريح المادة (3) من قانون تحصيل الأموال العامة رقم (3) لسنه 1990م بالفقرة (و)

ومع أن الشريعة الإسلامية قد أحاطت الأموال العامة بحماية كبيرة وجرمت الاعتداء عليها فدخول هذه الأموال ضمن اختصاص نوعي معين لا يضاعف العقوبة ولا يجعل الإجراء الذي تقوم به المحاكم المختصة مختلف عن غيرها اللهم إلا في إعطائها مزيداً من الاهتمام والرعاية وسرعة البت إلا انه يكون في تقديرنا من الأنسب أن يبقى قضاء الأموال العامة في نطاق اختصاص القضاء العادي وبالإمكان تعيين قاضي في إطار المحاكم الابتدائية كون الدستور قد نص على وحدة القضاء.

وورد في قانون المرافعات رقم 28 لسنه 1992م بالمادة 65 أن المحاكم الابتدائية تختص دون غيرها بالحكم ابتدائيا في جميع الدعاوي التي ترفع إليها أياً كانت قيمتها ونوعها وكذلك المادة 89 من القانون رقم 40 لسنه 2002 م .

و؟أن كان قانون السلطة القضائية بالمادة (8) الفقرة (ب) قد أجاز إنشاء محاكم متخصصة غير أنه في ظل إنشاء محاكم ابتدائية من عدة قضاه يختص كل قاض بنظر قضايا مخصصة نجد انه لا ضرورة لإنشاء محاكم مستقلة متخصصة بقضايا الأموال العامة فالحماية مطلوبة وولي الأمر معني بها في كل الأحوال وسنبين تلك الحماية والنص الشرعي الموجب للتجريم والعقاب عند حديثنا عن كل جريمة على حدة .

وقد نص دستور الجمهورية اليمنية بالمادة (19) منه :-
أن للأموال والممتلكات العامة حرمة وعلى الدولة وجميع أفراد المجتمع صيانتها وحمايتها .
وكل عبث بها أو عدوان عليها يعتبر تخريباً وعدواناً على المجتمع ويعاقب كل من ينتهك حرمتها وفقا للقانون .

لتطبيق نص المادة 32 عقوبات كما ذكرناه سالفاً “على الجرائم المرتبطة بالأموال العامة ارتباطاً لا يقبل التجزئة”
لابد لنا من توافر شرطان هما:-

1- وحدة الغرض
2 – والارتباط الذي لا يقبل التجزئة

الشرط الأول :- وحدة الغرض
يلزم أن ترتكب الجرائم المتعددة تنفيذاً لغرض واحد . ويقصد بذلك وحدة الهدف الذي يرمي إليه الجاني بحيث تعبر الجرائم المتعددة عن مشروع إجرامي واحد

أما إذا ارتكبت كل جريمة لغاية مستقلة عن الأخرى كنا بصدد القاعدة العامة في التعدد الحقيقي بين الجرائم ولسنا في محيط الجرائم المرتبطة.

مثل من يزور مستنداً رسمياً لاستخدامه في إثبات براءته من تهمه منسوبة إليه فيستعمله في ارتكاب جريمة نصب فلا يوجد ارتباط بين التزوير وجريمة النصب بينما تتوافر وحدة الغرض في التزوير والاختلاس إذا ارتكب الأول لإخفاء الثاني ، وفي التزوير واستعمال محرر مزور إذا كان الاستعمال قد تم تنفيذاً للهدف من التزوير .

الشرط الثاني:- الارتباط الذي لا يقبل التجزئة
لاشك أن وحدة الغرض يتحقق بها الارتباط بين الجرائم المرتكبة ؛ ذلك أن الارتباط بين الجرائم يتوافر إذا تواجد عامل مشترك بينها غير أن الارتباط البسيط غير كاف لتوافر الاستثناء الذي نحن بصددة و إنما يلزم أن تكون له صفة خاصة و هذه الصفة الخاصة تتمثل في كون الارتباط غير قابل للتجزئة ويقصد بذلك وفقاً للرأي السائد أن تكون الجرائم المرتكبة مرتبة على بعضها البعض بحيث ما كانت ترتكب الجريمة التالية لولا وقوع التي تسبقها .

لابد أن يكون نتاج فكر جنائي واحد
إذا ارتكب موظف جريمة اختلاس ثم لما علم بعد مضي مدة أن رئيسه سيقوم بمراجعه ما في عهدته قام بتزوير في الدفاتر ليخفي اختلاسه فانه يستحق عقوبة عن جريمة الاختلاس وعقوبة عن جريمة التزوير فبالرغم من أن الجريمتين ارتبطتا لغرض واحد إلا أنهما لم تكونا نتاج فكر جنائي واحد .

ومن الصعب وضع معيار حاسم يستند إليه في القول بوجود الارتباط من عدمه ، فهو يختلف من حالة لأخرى ، والبت فيه من شأن محكمة الموضوع .

على أنه إذا أثبتت المحكمة توافر وحدة الغاية والارتباط الذي لا يقبل التجزئة
تعين عليها أن تحكم على الجاني بعقوبة واحدة هي عقوبة الجريمة الأشد فإذا حكمت عليه بعقوبة عن كل جريمة كان حكمها معيباً وحق لمحكمة النقض أن تتدخل لتطبيق القانون علي وجهه الصحيح .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

المحامي اليمني أمين حفظ الله الربيعي