دستــــــرة قــــــرينــــــة البـــــــراءة بيــــن حتميــــة النـــص وإشكالية التكريــــــس

دراســــــــــة مقــــــــــارنـــة بيــــــن القانونيـــــــن الجزائــــــري والمغربي

محمـــــد أميــــــــــــــــــن زيــــــــــــــــــــان

أستاذ مؤقت بكلية الحقوق، جامعة البليدة 02

باحث دكتوراه في القانون العام جامعة يحي فـــــــــــارس

الأستـــــــاذ فـــــــــــــــــــــؤاد جحيــــــــــــــــــــــــــش

أستاذ مؤقت بكلية الحقوق، جامعة محمد آكلي أولحاج باحث دكتوراه في القانون العام جامعة يحي فارس

Abstract

What defines the respect for human rights in the legal state is the adoption of the principle of presumption of innocence in criminal trials. This is what the Algerian constitutional, and even the Moroccan model of comparative legal law, sought to protect in the legal system, the constitutional text As well as the translation of principle into the law governing the conduct of criminal deductions, it s the Code of Criminal Procedure, known as the “Code of Honor”, towards a legal approach to the requirements of authority and freedom, which imposes Respect for the constitutional text.

This is not so much so as the legislator often provides for provisions that reduce the application of the origin of innocence in criminal disputes by giving particular evidence to certain records, transferring the burden of proof from the prosecution to the accused, Some of the penal provisions, and even granting the administrative authorities the power to act in the minutes of crimes of reconciliation, in violation of the constitutional framework of the principle of presumption of innocence, especially in the field of economic and customs crimes, without giving any consideration to the most constitutional rules, citing the need to protect the national economy and treasury interests General of the The drain.

Key terms

presumption of innocence – constitutional principle – legal principle – customs offense – customs dispute – unconstitutionality.

ملـــــخـــــــــــــــــــــــــــص

ما يميز احترام حقوق الإنسان في الدولة القانونية، إقرار مبدأ قرينة البراءة في المحاكمات الجزائية، وهو ما سعى المؤسس الدستوري الجزائري، وحتى المغربي على غرار الشرائع القانونية المقارنة، إلى إحاطته بحماية أقوى نص في المنظومة القانونية، وهو النص الدستوري، فضلا عن ترجمة المبدأ في القانون المنظم لسير الخصومات الجزائية، وهو قانون الإجراءات الجزائية الملقب بـــ ” قانون الشرفاء، والذي يسمى بـــ “قانون المسطرة الجنائية ” في المدونة المغربية، نحو مقاربة قانونية لمقتضيات السلطة ومقتضيات الحرية، الأمر الذي يفرض على قوانين الإجراءات الجزائية كفالة احترام للنص الدستوري.

هذا الأمر ليس على هذا القدر من التحقق، لأنه غالبا ما ينص المشرع على أحكام تقلص من تطبيق أصل البراءة في المنازعات الجزائية ، عن طريق إضفاء قوة إثباتيه خاصة على بعض المحاضر، أو نقل عبء الإثبات من النيابة العامة إلى المتهم، أو عن طريق حضر استئناف بعض الأحكام الجزائية، وحتى منح جهات إدارية صلاحية التصرف في محاضر الجرائم بالمصالحة، بما يخالف الإطار الدستوري لمبدأ قرينة البراءة، خاصة في مجال الجرائم الاقتصادية، لا سيما الجرائم الجمركية، دون منح أي اعتبار لسمو القواعد الدستورية، تذرعا بضرورة حماية الاقتصاد الوطني ومصالح الخزينة العامة من الاستنزاف.

المصطلحات الدالـــــــــــــــة : قرينة البــراءة – مبدأ دستوري – مبدأ قانونــــي- جريمة جمركيـة – منازعة جمركيـة – عدم الدستوريـة.

مقدمـــــــــــــــــــــــــــــة

لا جدال في أن الجرائم بمختلف تصنيفاتهما وبغض النظر عن طرق ارتكابها، تحدث اختلالا في النظام الجماعي، لكن رغم ذلك لا يجب أن يكون استيفاء الدولة لحقها في العقاب بشكل عشوائي تذرعا بإعادة التوازن القانوني في الحياة الاجتماعية، وإنما وجب أن يكون ذلك في إطار قانوني، تطبيقا للشرعية الجنائية، أو بالأحرى شرعية الإجراءات الجزائية، كتكملة لمبدأ الشرعية الموضوعية، لعدم كفاية هذا الأخير في ضمان الحرية الشخصية عند مباشرة القواعد الصارمة للإجراءات الجزائية، خاصة عند تدخل جهة شبه قضائية في اتخاذ الاجراءات وتوجيه الاتهام واستجواب الأشخاص، والقبض عليهم، بل وحتى في فرضية التصالح معهم في نطاق معين من الجرائم، وهي نفسها الغاية التي سن قانون الإجراءات الجزائية – قانون الشرفاء – من أجلها، ابتداء من مرحلة البحث والتحري عن الجريمة، لغاية المحاكمة والطعن في الأحكام، بحكم أن الأمر يقتضي خلال هذه المراحل اللجوء إلى نظرية الإثبات الجنائي بحثا عن الحقيقة، إنصافا للمظلوم من الظالم، والقوي من الضعيف، على نحو يقع فيه على الدولة تحرى وجه الحق في الدعاوى المرفوعة أمام مؤسساتها القضائية .

لتحقيق نوع من الموازنة بين الفرضيات السابقة الذكر، وجب عدم إطلاق يد الدولة بمناسبة بحثها عن الحقيقة تذرعا بخطورة الجريمة، وفي نفس الوقت لا يكون مستساغا ترك مرتكبي الجرائم دون عقاب، لذلك لم يكتفي المشرعين – سواء في الجزائر أو في الغرب وغيرهما – بالنص على مبدأ قرينة البراءة محل الصراع بين السلطة والحرية، في مجرد قانون عادي للإجراءات الجزائية، بحكم أنهم وجدوا أنفسهم مضطرين لإحاطة المبدأ بحماية أقوى نص في الصرح القانوني للدولة، وهو النص الدستوري، وهو ما تم العمل به فعلا في الدساتير الجزائرية المتعاقبة – خاصة تعديل 2016 الذي ربطها بالمحاكمة العادلة كقفزة نوعية في مجال حماية الحقوق والحريات – وبالمثل ما أسس له التعديل الدستوري المغربي لسنة 2011 .

كل دارس قانون يعلم بقيمة هذه الحماية الدستورية، الأمر الذي يفرض على القوانين الأدنى درجة- خاصة الجزائية منها كقانون الاجراءات الجزائية وقانون الجمارك – الخضوع لهذا الإطار، وتوسيع نطاق التمتع بهذا الحق في جميع مراحل الإجراءات الجزائية، ومعاملة المتهم على هذا الأساس، درءا له من مخاطر سوء الاتهام والاقتناع المعجل المستند على الدلائل دون الأدلة ، تحقيقا لمبدأ عدم مؤاخذة الأبرياء بذنب الأشرار، انطلاقا من أن العدالة لا يضيرها إفلات مذنب من العقاب بقدر ما يضيرها وضع بريء وراء قضبان السجون، ومن هذا يثور الجدال والتضارب بين هيئتين وهما : الهيئة العامة للمجتمع الممثلة في النيابة العامة، وهيئة الدفاع ، مما يستدعى احترام الفرضين معا، ومن هذا المنطلق يثور إشكال تكريس احترام مبدأ قرينة البراءة الدستورية في القوانين الأدنى درجة من الدستور .فإلى أي مدى تساير النصوص الجزائية الإطار الدستوري الحامي لقرينة البراءة ؟. لمحاولة الإجابة عن ذلك فضلنا تقسيم الموضوع إلى مبحثين، نخصص الأول لدراسة ماهية قرينة البراءة، في حين نخصص الثاني لإشكالية تطبيقها في النصوص الجزائية الجمركية، بحكم أن هذه الأخيرة تنفرد بأحكام خاصة في هذا الشأن، وذلك كما يلي .

المبحــــــــــــــــــث الأول : مــــــــــــــاهيــــــــــــــــــــة مبــــــــــــــــــــــــــــــــدأ قرينـــــــــــــــــــــــــــــة البـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــراءة

يقوم المجال الجنائي في مجمله ؛ على العديد من المبادئ القانونية، منها ما تتصل بالشق الموضعي من تجريم وعقاب، ومنها ما تتصل بالشق الإجرائي بكل مراحله. وانطلاقا من اعتبار الشق الإجرائي أهم ما يجب إقراره وتكريسه بالمبادئ القانونية، نظرا لاعتباره ماسا بالحقوق والحريات الأساسية للأفراد-كما يسمى بقانون الحريات؛ كان لزاما أن يقر المشرع-تأسيسي وعادي-؛ العديد من المبادئ الأساسية، سيما ضمانات المتابعة والمحاكمة العادلة والمنصفة، التي نجد أهمها ما تسمى بقرينة البراءة-المتهم بريء حتى تثبت إدانته من جهة قضائية مختصة-. هذه القرينة التي تعد من أهم المبادئ القانونية الجزائية، تعامل معها المشرع الجزائري والمغربي ؛ عن طريق إقرار دستوري وتكريس قانوني (مطلب ثان)، وهذا انطلاقا من المفهوم العام لهذا المبدأ (مطلب أول).

المطلــــــــــب الأول: مفـــــــــــــــــهــــــــــــوم مبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــدأ قرينــــــــــــــــــــــة البــــــــــــــــــــــــراءة

قرينة البراءة التي تعد أهم المبادئ القانونية الجنائية على الإطلاق، لم تأتي هكذا اعتباطا، بل مرت عبر العديد من المراحل التاريخية، إن قبل ظهور الدولة بمفهومها الحديث أو بعد ذلك، وهذا دون أن نتجاوز مدى ارتباطها بالمبادئ الجنائية الأخرى، على غرار مبدأ الشرعية الذي يعد أساس القانون الجنائي. الأمر الذي استقر في الأخير على حتمية إعمال قرينة البراءة كضمان للمتابعة والمحاكمة العادلة، مما استوجب الوقوف على تعريف جامع مانع لها، وهذا بعد الخوض في العديد من التعاريف المناسبة، منها القانونية ومنها غير ذلك. وهو ما سنتطرق إليه، بدراسة أولا التطور التاريخي لقرينة البراءة (فرع أول)، والبحث في تعريفها (فرع ثان).

الفــــــــــــرع الأول: التطـــــــــــــور التاريخــــــــــــــي لقرينــــــــــــــــة البـــــــــــــــراءة

تعد قرينة البراءة ثمرة العديد من المراحل القانونية والتاريخية، فهي لم تظهر هكذا من العدم، ولعل أبرز المراحل التاريخية التي مرت بها ؛ نجد ما قامت عليه قبل ظهور الدولة الحديثة، وربط كل ذلك بمبدأ الشرعية الجنائية.

قامت المجتمعات القديمة- البدائية – ؛ على فكرة القوة التي تنشئ الحق وتحميه، ولا مجال للحديث عن أي ضمان ولا أي مبدأ لا قانوني ولا مجتمعي. بل أكثر من ذلك، فلم تكن توجد لا قوانين ولا قضاة يقضون بين الناس. الأمر الذي أدى إلى إعمال عكس المبدأ المعمول به حاليا، فكان المتهم مدان حتى تثبت براءته، والإدانة تكون من الضحية نفسه، فهو من يقر الحق عن طريق الانتقام([1]).

إلا أنه أخذت مصر الفرعونية القديمة، بقرينة البراءة، لكن بشكل مختلف على ما تبدو عليه في وقتنا الحالي، حيث كان المدعي ملزم بتقديم الدليل على إدعائه، وعليه يظل المتهم بريئا حتى يثبت المدعي ادعائه بإحدى الطرق المعتمدة في ذلك الوقت، على أن تقوم المحكمة بفحص الأدلة والنظر في مدى جديتها([2]).

كما يعد القانون اليوناني- قانون أثينا – ؛ أهم القوانين القديمة التي اهتمت بإقرار المبادئ المحققة للمحاكمة العادلة عموما، سيما مبدأ العلنية ومبدأ قرينة البراءة، وكان لقانون أثينا الفضل الكبير في إرساء هذا الأخير([3]).

أما القانون الرماني القديم ؛ فكرس النظام الإتهامي نفسه المعمول به في مصر الفرعونية، حيث كان يقع عبء الإثبات يقع على المدعي ولا نطق القاضي ببراءة المتهم. ومن أهم المقولات الشهيرة في مجال الإثبات الجنائي التي يتغنى بها فقهاء العصر الحديث يعد أصلها روماني، على غرار: “إخلاء سبيل مذنب خير للعدالة من إدانة بريء”([4]).

من خلال كل ما ذكر أعلاه تراكمت الأفكار القانونية لدى الباحثين في الشأن القانوني الجنائي، وأصبح من الضروري إرساء ذلك في مبادئ قانونية مطلقة، لا مجال للتخلي أو الرجوع عنها. ونجد أهم القوانين المقارنة المهتمة بذلك : القانون الفرنسي.

اعتمد القانون الفرنسي في بادئ الأمر على النظام الاتهامي، حيث كانت تنعقد الخصومة الجنائية بين المدعي والمتهم، وعلى المدعي أن يثبت الجريمة في حق المتهم. إلا أنه بحلول القرن الرابع عشر ؛ انتقل عبء الإثبات من المدعي إلى المدعي العام، الذي أصبحت له سلطات واسعة بخصوص كل ما يدور حول الشكوى المقدمة وسير إجراءاتها-الدعوى العمومية بمفهومها الحديث-([5]).

الأمر الذي استقر وفق هذه الطريقة، إلا أنه تم الإضافة عليها فيما بعد، تحويل النظام الجنائي من اتهامي إلى تنقيبي تحقيقي. وعليه حلت قرينة البراءة محل قرينة الإدانة بشكل مطلق. حيث أصبحت الدعوى من حق المجتمع الذي تتغلب مصلحته عن مصلحة الفرد المدعي، المصلحة التي تكمن في البحث عن الحقيقة قبل جبر الضرر. وعليه تم التخلي عن فكرة الاعتراف سيد الأدلة، فالمتهم رغم اعترافه –بإرادته أو مكرها -، لا يعد مذنبا ؛ إلا بعد أن تتحقق الجهات القضائية من صحة الاعتراف وسلامته([6]).

أخذ هكذا القانون الفرنسي بالتطور في هذا الصدد إلى غاية إصداره لقانون سنة 2000، بعنوان قرينة البراءة، ويهتم بالعمل على إقرارها في كل مراحل الدعوى العمومية وحتى قبل تحريكها([7]).

الفــــــــــرع الثاني: تعريــــــــــــف قــــــــــــــــــــــــــــريــــــــــــنـــــــــــــــــــة البـــــــــــــــــــــــــراءة

بعد التطرق إلى التطور التاريخي لقرينة البراءة ؛ سنخوض في الفرع الثاني من الدراسة إلى تعريف هذه القرينة، حيث وضع لها الفقه العديد من التعاريف، والمبررات، انطلاقا من الطبيعة القانونية التي تقوم عليها.

ولعل أهم التعاريف الفقهية المسندة إلى قرينة البراءة نجد أنها: “افتراض براءة كل فرد مهما كان وزن الأدلة أو قوة الشكوك التي تحوم حوله أو تحيط به”([8]). كما يعرفها البعض الآخر على أنها: “الصلة الضرورية التي ينشئها القانون بين وقائع معينة، فتستخلص الواقعة المجهولة بناء على معطيات معلومة”([9]).

من خلال التعريفين المطروحين أعلاه ؛ نستطيع القول أن لقرينة البراءة العديد من النتائج الجنائية الهامة، والتي تفرض العمل بالنظام التنقيبي على حساب الاتهامي، فبحث النيابة العامة في أدلة النفي والإدانة ؛ يعطي نطاقا أوسع لتحقيق العدالة وإظهار الحقيقة.

يمكن القول أن قرينة البراءة تحوز ميزة الاستمرارية، فإدانة شخص ما بخصوص واقعة معينة، لا يعد بمثابة القضاء النهائي على قرينة البراءة، وإنما يعد تعطيلا مؤقتا بخصوص واقعة محددة بالذات. كما تمتاز بأنها ملزمة، الأمر المستمد من قانونيتها، فهي لا تعد مبدأ فقهي وحسب وإما نصا قانونيا ملزما في جل تشريعات العالم، وأحيانا نجدها بمثابة المبدأ الدستوري السامي. ولعل كل المميزات السابقة ؛ تستمد من ميزة كونها من المسلمات التي يرى فيها البعض، تقود إلى عدم الحاجة للنص عليها، فالقاضي يعمل بها من تلقاء نفسه، لكونها ملازمة للعدالة([10]).

من خلال التعريفين السابقين بالذكر نستطيع القول أن لقرينة البراءة العديد من المبررات، فافتراض الجرم لجانب المتهم يعد إهدارا للحريات والحقوق الفردية، والتوسيع في الاتهام يؤدي بالضرورة إلى الأخطاء القضائية والتراخي في البحث عن الدليل وإظهار الحقيقة، كما أن قانون الإجراءات الجزائية ،ما هو إلا قانون الشرفاء وقانون الحريات، الذي يهدف إلى حماية المستضعفين والأبرياء، عن طريق الموازنة بين معاقبة الجاني وتبرئة البريء.

إلا أنه ورغم اتفاق الفقه على ضرورة العمل بقرينة البراءة، لم يتفقوا أو بالأحرى اختلفوا في تحديد طبيعتها القانونية. فمنهم من يعتبرها قرينة قانونية بسيطة، وهذا لكونها استنتاج مجهول من معلوم، ولا دخل للقاضي في إقرارها، كما يجوز إثبات عكسها بوسائل الإثبات المعتمدة قانونا. ومن الفقه من يعتبرها من الحقوق اللصيقة بالشخصية، فهي تثبت لكل فرد في المجتمع بصفته إنسانا يملك الشخصية القانونية من تمام الولادة حيا إلى غاية الوفاة الحقيقية أو الحكمية، فالبراءة أصل في الإنسان العادي. إلا أنه يظل حقا قابلا للتعطيل بإثبات جهة الاتهام للجريمة المرتكبة في جهة الجاني، الذي يتحول من بريء إلى جاني يجب إدانته([11]).

من الفقه كذلك من يعتبر قرينة البراءة على أنها من الحيل القانونية، فكأن القانون يضع قناع البراءة على المتهم بغض النظر عن الوقائع ومدى إثباتاها، بغرض البحث عن الحقيقة بالتعمق أكثر في الوقائع محل الاتهام، وهو الغرض الأساسي لقانون الإجراءات الجزائية. إلا أنه يرى العديد من الفقه، بقصور هذا الاتجاه، لكون البراءة حق من حقوق الإنسان الأساسية([12]).

المطـلـــــــــــــب الثانــــــــي: إقـــــــــــــــــــــــــــــــــرار وتكـــــــــــــــــــــــــــــريــــــــس قرينــــــــــــــــــة البــــــــــــــــــــراءة

وفق ما قدمنا في المطلب الأول من الدراسة ؛ يمكن القول أن الفقه والقانون الجنائيين المقارنين توصلا ؛ إلى حتمية إعمال قرينة البراءة، كمبدأ جنائي أساسي لا يمكن التراجع أو الاستغناء عنه. وعليه عمل المشرع –التأسيسي والعادي – الجزائري ونظيره المغربي ؛ على إقرار المبدأ دستوريا وتكريسه قانونيا، وفق نص مختلف يصب في المفهوم ذاته، مع إردافه بمبادئ وإجراءات أخرى تعمل بالتكملة إلى إحقاقه في النهاية. الأمر الذي سنتطرق إليه فيما يلي، عن طريق الخوض في الإقرار الدستوري(فرع أول)، والانتقال إلى التكريس القانوني(فرع ثان).

الفــــــــــــرع الأول : الإقـــــــــرار الدستــــــــــــــــوري لقرينــــــــــــــــة البـــــــــــــــراءة

اختلفت النظرة الدستورية لدى المشرع التأسيسي بين كل من الجزائري ونظيره المغربي، حيث نجد أن الجزائري كان السباق لإقرار قرينة البراءة صراحة، ولو أنهما اتفقا من حيث إقرارها ضمنيا في الدساتير المتعاقبة بعد استقلال الدولتين.

فنجد أولا أن المشرع التأسيسي الجزائري ؛ قد أقر بقرينة البراءة في دستور سنة 1963 لكن بصورة ضمنية، حيث لم ينص صراحة أن قرينة البراءة مضمونة وتمارس في إطار القانون، وإنما اكتفى بالتأكيد على حضر إيقاف أي شخص ولا متابعته إلا في الأحوال والشروط والإجراءات المنصوص عليها قانونا([13]).

إلا أنه بموجب دستور سنة 1976 ؛ أقر المؤسس الدستوري الجزائري قرينة البراءة بشكل صريح، بالإضافة إلى الإبقاء على الإقرار الضمني المذكور أعلاه، فأصبح كل فرد بريء في نظر القانون حتى يثبت القضاء إدانته طبقا للضمانات التي يفرضها القانون([14]).

كما أكد دستور 1989؛ على المبدأ ذاته وبالصراحة ذاتها، ولو بتعبير آخر لم ينقص ولم يزد في المعنى المطلوب([15])، مع الاحتفاظ بالإقرار الضمني الموضح أعلاه، كما حافظ دستور 1996 بآخر تعديل له سنة 2016 على الطرح نفسه([16]).

أما المشرع التأسيسي المغربي فاعتمد في دساتيره المتعاقبة انطلاقا من دستور 1962 المراجع سنة 1972 و992 و 1996؛ على الإقرار الضمني لقرينة البراءة وفق الطرح نفسه، تقريبا الذي جاء به الدستور الجزائري لسنة 1963، حيث أكد على عدم إمكانية إلقاء القبض، أو معاقبة أي شخص إلا في الأحوال المقررة قانونا([17]).

إلا أنه بصدور آخر مراجعة للدستور المغربي سنة 2011 ؛ اتبع المشرع التأسيسي المغربي نهج نظيره الجزائري، حيث حافظ على الإقرار الضمني من جهة، وأقر صراحة بقرينة البراءة من جهة أخرى([18]).

الفــــــــــرع الثانــــــــــــــــــــــــــي: التـــــــكريــــــــــــس القانونــــــــــي لقريـــــــــــــنـــــــة البـــــــــراءة

كقاعدة قانونية عامة، نجد أن الوثيقة الدستورية تقر المبدأ العام والنص القانوني يكرسه في شكل نصوص فرعية قابلة للتنفيذ والتطبيق. وفي الشق الجنائي عمل المشرع الجزائري والمغربي على الإقرار الدستوري الضمني أو الصريح من جهة، والتكريس القانوني الضمني والصريح أيضا من جهة أخرى.

قانون الإجراءات الجزائية الجزائري قبل آخر تعديل له لسنة 2017 ؛ كرس قرينة البراءة ضمنيا من خلال نصوص متفرقة تضمن وتدعم إعمالها وحمايتها، ولم يشر إليها صراحة، وهذا من خلال العديد من الإجراءات، على غرار الضمانات المقررة للمتهم في كل مراحل الدعوى العمومية وحتى قبل تحريكها، سيما في إطار إجراء التوقيف للنظر([19])، وتنفيذ أوامر القبض والوضع في الحبس المؤقت([20])، وإجراء التفتيش([21])، وحق المتهم في الصمت([22]) و…الخ.

إلا أنه بصدور آخر تعديل لقانون الإجراءات الجزائية لسنة 2017 ؛ كرس المشرع الجزائري قرينة البراءة بموجب نص صريح، أكد فيها على أنه كل شخص يعتبر بريئا ما لم تثبت إدانته بحكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي فيه([23]).

كما جاء في المادة نفسها المكرسة لقرينة البراءة ؛ العديد من المبادئ التي تدعم تحقيق قرينة البراءة، سيما تفسير الشك لصالح المتهم، وضرورة تعليل الأوامر والأحكام والقرارات القضائية، والحق في الطعن القضائي([24]).

أما قانون الإجراءات الجزائية المغربي- قانون المسطرة الجنائية – ؛ فعرف تكريس قرينة البراءة كمبدأ قانوني صريح، قبل نظيره الجزائري بوقت طويل نوعا ما وهذا سنة 2001، الأمر الذي ربما يعدا مبررا لتأخره في إقرارها كمبدأ دستوري إلى غاية دستور سنة 2011. حيث نجده قد أقر قرينة البراءة في ديباجة القانون من جهة – قانون المسطرة الجنائية -، وفي مادته الأولى الافتتاحية من جهة أخرى([25])، ما يدل على سمو المبدأ وتعاليه على كل المبادئ الإجرائية الأخرى.

كما نجده قد كرس قرينة البراءة بمبادئ وإجراءات أخرى مكملة، أعمق وأشمل مما جاء به المشرع الجزائري، حيث كرس استقلالية النيابة العامة عن وزارة العدل وألحقها بالسيد الوكيل العام لمحكمة النقض([26]). مع تقييد سلطة النيابة العامة في الأمر بالإيداع بالسجن وربطها بحالة التلبس بشروط مرتبطة باعتراف المشتبه فيه وخطورة فعله على النظام العام، مع تقييد حالات التوقيف للنظر-الحراسة النظرية -، بحالات جد ضيقة([27])…الخ.

المبحث الثانـــــــي : إشكاليـــــــــــــــــــــة تطبيق قرينـــــــة البـــــــراءة فــــــــــــــــــــي المـــــــــــــــــــــواد الجمركيـــــــــــــــــــــــــــــــــة

نظرا لخطورة الجريمة الجمركية على الاقتصاد الوطني وتطور طرق ارتكابها، خاصة في ظل العولمة، وجد المشرعون في سائر الأنظمة القانونية المقارنة أنفسهم مجبرين على تحقيق نوع من المجاراة التشريعية، بما يلائم طبيعة هذه الجريمة، والملفت للانتباه أن تأصيل القواعد التجريمية والعقابية في مادة الجمارك – سواء في التشريع الجزائري ([28]) أو مدونة الجمارك المغربية ([29]) – وبتأثير من المعطيات الاقتصادية، يخرج عما هو مقرر في القواعد العامة، ولا تأخذ بعين الاعتبار المبادئ الجزائية المنصوص عليها في المواد الدستورية، وأبرزها احترام قرينة البراءة، وفق ما نصت عليه المادة 56 من التعديل الدستوري الجزائري الجديد 2016، وما أسس له التعديل الدستوري المغربي لسنة 2011، نحو تقرير تقنيات وفنون جمركية صارمة تطبق في سائر مراحل المنازعة الجمركية، تمس بنطاق أصل البراءة، صيانة لمصلحة أجدر بالرعاية – الاقتصاد الوطني- خرقا لمبدأ التوازن القانوني بين مقتضيات السلطة ومقتضيات الحرية الفردية، عكس الهدف المنتظر من اتخاذ الإجراءات الجزائية، وهو ما سنحاول إبرازه في هذا المبحث عن طريق تقسيمه إلى مطلبين، نخصص الأول لمظاهر مساس القانون الجمركي بأصل البراءة في مرحلة ما قبل المحاكمة، في حين نخصص الثاني للتدليل على قصور تطبيق أصل البراءة في مرحلة المحاكمة والطعن في الأحكام.

المطلب الأول : مســــاس القانون الجمركي بأصـــل البراءة في مرحلة ما قبل المحاكمــــة

فرض التطور الهائل في ارتكاب الجرائم الجمركية ابتكار فنون وتقنيات قانونية خاصة لمكافحتها، لا تساير نطاق مبادئ القانون العام، وتخالف ما نص عليه النص الدستوري بما له من سمو شكلي وموضوعي، وذلك بالتقليص من فرص استفادة المتهم من أهم مبدأ يحكم المنازعات الجزائية، هو مبدأ التمتع بقرينة البراءة، ويظهر ذلك في أول مرحلة لمتابعة الجريمة الجمركية، وهي مرحلة البحث التمهيدي المعهودة للشرطة القضائية – ضابطة الجرائم الجمركية- خاصة عند إثبات الجريمة والتصرف في محاضرها بالمصالحة، وهو ما سنحاول التطرق إليه باختصار شديد في فرعين كما يلي .

الفـــــــــرع الأول : مصـــــير قرينـــــة البراءة عند إثبـــــات الجريمــــة الجمركيــــة بالمحاضـــر

الذي يثير انتباه متصفح القوانين الجمركية، هو ما قرره المشرع من قوة إثباتية خاصة للمحاضر الجمركية، خلافا للمبادئ المستقرة في قواعد القانون العام، ومرد ذلك الطابع التقني المعقد لهذا النوع من الإجرام ذوا الطبيعة الخاصة، الذي يتطلب أعوان مختصين، وعليه بات من اللازم تمتع الإدارة الجمركية بهذه السلطات صيانة للاقتصاد الوطني من الاستنزاف ،حتى ولو كان ذلك على حساب سمو القاعدة الدستورية، بما يضمن نجاعة القانون الجزائي الإقتصادي، بإعتبار أن الجريمة الجمركية نوع من أنواع الجرائم الاقتصادية ([30])، علما أن خصوصيات القواعد الجمركية في مجال إثبات الجرائم الجمركية عديدة ومتنوعة، إلا أننا اخترنا أن ندرس كنموذج، طريق الإثبات بالمحاضر، باعتبارها أكثر الطرق انتشارا ونجاعة، كالإثبات بطريق محضر الحجز ومحضر المعاينة .

يعرف أسلوب الحجز على أنه : ” إجراء تحفظي مؤقت يباشره أعوان الجمارك المختصين قانونا بحكم التشريع أو التنظيم، ينصب موضوعه على محل الغش أو التهريب الجمركي، كسلعة من السلع المحظورة عل أساس الحيازة غير الشرعية، أو تصديرها أو استيرادها خارج المكاتب والدوائر الجمركية، أو بدون تصريح، وهو بمثابة دليل مادي على الجريمة ” ([31])، وهو ما تنص عليه المواد الجمركية فيما يخص البضائع الخاضعة للمصادرة والبضائع الأخرى التي هي في حوزة المخالف، كضمان في حدود الغرامات المستحقة قانونا، وأية وثيقة أخرى مرافقة لهذه البضائع ([32])، والخطير في الأمر، والذي يشكل تهديدا على قرينة البراءة بداءة، أنه لا يشترط لتحرير محضر الحجز حجز البضائع فعلا بمعرفة إدارة الجمارك، مما يعني إمكانية تحرير المحضر حتى في حال إفلات البضائع من عملية الحجز، ويصلح ذلك لإقامة الدليل على مرتكب الجريمة، شرط احترام بعض الشكليات والشروط المحددة، التي تختلف من تشريع جمركي إلى آخر.([33])

أما الإثبات بطريق المعاينة – التحقيق الجمركي- فهو أسلوب لكشف الجرائم غير المتلبس بها على العموم خلافا للحجز، والتي عادة تكتشف بمناسبة معاينة الوثائق والسجلات ([34])، شرط تحرير محضر المعاينة وفق الضوابط المنصوص عليها قانونا في المواد الجمركية .([35])

المهم في هذا المقام أن محاضر الضبط القضائي في القواعد العامة، تخضع للسلطة التقديرية للقاضي الجزائي، شأنها شأن وسائل الإثبات الأخرى، فلا تعتبر المحاضر والتقارير المثبتة للجنايات أو الجنح إلا مجرد استدلالات، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، ([36]) خلافا لما هو سائد في المنازعات الجمركية، لأن السلطة التقديرية للقاضي الجزائي بموجب قواعدها تكون شبه منعدمة، فمحاضر إثبات الغش الجمركي المحررة من طرف عونين محلفين على الأقل من بين الأعوان المحددين قانونا، تعتبر صحيحة ما لم يطعن فيها بتزوير المعاينات المادية، الناتجة عن استعمال محتواها، وهي تقوم مقام سند الحصول على رخصة لاتخاذ جميع الإجراءات التحفظية المناسبة إزاء الأشخاص المسئولين لضمان دفع الديون الجمركية، وهي قيد قوي على سلطة القاضي ،ي جعله بين المطرقة والسندان، لأنه لا يستطيع حتى الأمر بإجراء تحقيق تكميلي للتأكد من صحة المعلومات الواردة فيها، وهو ملزم بالأخذ بما ورد فيها ما لم يطعن في صحتها بالتزوير، وأبر مثال عن ذلك كمية البضائع المتنازع فيها أو قيمتها المحددة من طرف أعوان الجمارك المختصين، التي إن لم يلتزم بها قاضي الموضوع، فإنه سوف يعرضه حكمه للقصور، وهو ما استقرت عليه المحكمة العليا([37])، كل هذا خلافا للمحاضر الجمركية المحررة من طرف عون واحد، التي يكفي لدحضها مجرد إثبات عكسها .([38])

نلاحظ أن النوع الأول من المحاضر الجمركية – ذات الحجية المطلقة في الإثبات – تمس بدون شك بأصل البراءة المحمي دستوريا بموجب نص المادة 56 من التعديل الدستوري الجزائري، فمنح هذه المحاضر هذه الدرجة من القوة الثبوتية، يفيد بافتراض الركن المادي والركن المعنوي للجرائم الجمركية المعنية بالمعاينة والحجز، وهذا خرق لقرينة البراءة، فكيف لنص قانوني عادي أن يضيق من تطبيق نص دستوري يحتل قمة الهرم المعياري في سلم القواعد القانونية ؟، طبعا الجواب واضح، فنحن من جانبنا لا نجد مبررا لذلك إلا لحماية الاقتصاد الوطني كمصلحة أجدر بالرعاية، تفوق المصالح الخاصة التي يحميها الدستور للأفراد.

الفـــــــــــرع الثانــــــــــــــــــــــــــي : أثـــــر المصالحـــــة الجمركيــــة على مبدأ قرينـــــــــة البـــــــــــــراءة

تنص معظم التشريعات الجمركية على مبدأ إنهاء المتابعات الجزائية بالمصالحة، متى قبل مرتكب الجريمة الجمركية، دفع مقابل معين أو رد الأشياء التي يلزم أن يسلمها لإدارة الجمارك، تحت طائل مباشرة إجراءات المتابعة وتوقيع العقوبة ([39])، بالرغم من اختلاف أوجه نظر التشريعات إلى شروطها وإجراءاتها، لكن المهم من كل هذا أن المصالحة الجمركية بمختلف صورها، سواء كانت في شكل إذعان لمنازعة جمركية أو مصالحة مؤقتة أو مصالحة نهائية، فهي تخرق أصل البراءة المحمي دستوريا لعدة أسباب، مفادها سيطرة جهة إدارية بحتة على إجراءاتها، ومنحها إمكانية التصرف في المحاضر التي تحررها الضبطية القضائية بالمصالحة، وبمنأى عن أي رقابة قضائية ، وبذلك تتخذ الإدارة الجمركية في المصالحة صورة الخصم والحكم في نفس الوقت . ([40])

الأخطر من كل هذا أن إدارة الجمارك تملك من السلطات والامتيازات ما لا تتمتع به أي جهة أخرى، سواء الشخص المخالف أو حتى الجهة القضائية نفسها، في الحالة التي تحال فيها المنازعة الجمركية إلى القضاء ، إخلالا بمبدأ التساوي بين أطراف الخصومة الجزائية، كل هذا يجعلنا نعترف بالطابع الجزائي للمصالحة الجمركية، فبموجبها يباح لإدارة الجمارك ما يحرم على القضاء، لأنه إذا كان من صلاحيات الإدارة الجمركية تقدير قيمة مقابل المصالحة والتصرف فيه بكل حرية – نظرية القيمة لدى الجمارك -، فيحضر على القضاء المساس بمقدار هذا المبلغ رفعا أو تخفيضا، بل ويمنع على القاضي عدم الأخذ بعين الاعتبار طلبات الإدارة الجمركية إذا ما أحيلت المنازعة إلى القضاء، بسب عدم تنفيذ مضمون المصالحة، وفي هذا الفرض عندما تصبح صلاحيات التصرف في محاضر الضبطية القضائية بين أيدي جهة إدارية بحتة، وبمعزل عن رقابة وكيل الجمهورية، تضيع الحقوق، ويتم المساس بالحريات الفردية المحمية بموجب نصوص الدستور، خاصة قرينة البراءة([41])، باعتبار أن المصالحة الجمركية تحرم المخالف من حقه في محاكمة قانونية عادلة، تكفل له حق الدفاع وضمان استقلالية القضاء ونزاهته وضمان مبدأ المساواة والرقابة الشعبية على الأحكام القضائية .([42])

ما يزيد من تمسكنا بهذا الرأي هو ما تتضمنه المصالحة الجمركية في شتى صورها من اعترافات تقع على عاتق مرتكب الجريمة الجمركية تحت طائلة عدم قبولها من طرف الإدارة الجمركية، الأمر الذي يتيح فيما بعد للقاضي الجزائي الاعتداد بها إذا أحيلت المنازعة الجمركية للقضاء، ويعتبر الاعتراف الوارد فيها اعترافا صحيحا يقبل للإدانة.([43])

فوق كل هذا، نص المشرع الجزائري والمغربي في القانون الجمركي على أن تنفيذ المصالحة الجمركية، يعد سببا من أسباب انقضاء المتابعات والاجراءات الجزائية، تنقضي بها الدعوى العمومية والدعوى الجبائية – الدعوى الجمركية-، سواء قبل أو بعد صدور حكم نهائي، وفي هذا تهريب من الرقابة الشعبية التي تحققها الأحكام القضائية التي تصدر في ساحة القضاء وإلغاء لقرينة البراءة ،بصورة كلية، ولو كان المخالف مجبرا على المصالحة من الناحية العملية لتفادي نفقات وأتعاب التقاضي، فقط نشير أن المشرع الجزائري وحتى المغربي في مادة الجمارك قد وقعا في التناقض في صياغتها لأثر المصالحة الجمركية، لأنه من المفروض أن المصالحة الجمركية تنقضي بها الدعوى العمومية فقط، في الحالة التي يتكون فيها هذه الأخيرة قد حركت فعلا، ويتحقق ذلك في المصالحة بعد صدور حكم نهائي، أما في حالة التصالح قبل صدور حكم نهائي، والغالب فيها أن تتم المصالحة قبل تحريك الدعوى الناشئة عنها خاصة الدعوى العمومية منها، فالأصح حسب رأينا في الموضوع، أن المصالحة تعد انقضاء لأثر الجريمة الجمركية، لا انقضاء للدعوى العمومية، لكون أن هذه الأخيرة لم تحرك بعد، ولو اختلف أثر الانقضاء بين المرحلة التي تتم فيها المصالحة قبل أو بعد حكم نهائي، لأنه في الفرض الأول تنقضي الدعوى العمومية ومعها دعوى إدارة الجمارك- الدعوى الجبائية- أما إذا حدثت المصالحة بعد صدور حكم نهائي، فلا يكون لها من أثر إلا على الدعوى الجبائية دون الدعوى الجزائية –العمومية- المتضمنة لعقوبات سالبة للحرية .([44])

المطلب الثاني :أثــــر التقنيات الجمركية على أصل البـــراءة في مرحلة المحاكمة والطعــــن

بين ضرورة الكشف عن الحقيقة وإدانة الجاني عن طريق مباشرة إجراءات المتابعة الجزائية ،عدة ضمانات يقررها الدستور في مواجهة أسلحة السلطة العامة التي تتولى كشف الجرائم وتحقيقها ومحاكمتها، وهو ما استقر عليه الأمر في نطاق القواعد العامة للمحاكمات الجزائية، غير أننا عندما نكون بصدد قواعد القانون الجنائي الاقتصادي، وبالأخص الإجرام الجمركي، يضيق بشدة مجال الاعتداد بهذه القواعد العامة، حتى ولو تم المساس بقرينة البراءة الدستورية، بدعوى أن حماية المصلحة العامة – الاقتصاد الوطني – تفوق حماية مصلحة الفرد في الحفاظ على حقوقه وحرياته الدستورية، ويظهر ذلك حتى في مرحلة متابعة الجريمة الجمركية في مرحلة التحقيق النهائي أمام حامي الحقوق والحريات – جهاز القضاء-، لأن هذا الأخير نفسه هو الآخر يبقى عاجزا عن تطبيق المبادئ العامة في التقنيات الجزائية للشرائع الجمركية ([45]) نحاول التدليل على ذلك من خلال دراسة مظاهر المساس بقرينة البراءة في مرحلة التحقيق النهائي- المحاكمة- ومرحلة الطعن في الأحكام، وهو ما سنتطرق إليه باختصار شديد في فرعين.

الفـــرع الأول : مساس القوانين الجمركيـــــة بالمبادئ الدستوريــــة للمحاكمــــات الجزائيـــــــة

الثابت فقها وقانونا وقضاء في نطاق قواعد القانون العام، أن عبء إثبات أركان الجريمة وإسنادها للمتهم، يلقى على عاتق النيابة العامة ممثلة الحق العام، وما يترتب على هذا الأمر عدم إلزام المتهم بجريمة جمركية بتقديم دليل برءاته، لكن في نطاق قواعد التقنين الجمركي، تنعكس هذه القاعدة، لتحتم المادة الجمركية على المتهم عبء إثبات البراءة في حين أن الاصل العام يخلص المتهم من هذا العبء، لأن برائته مفترضة، كل هذا يمس بمبدأ قرينة البراءة، بل والغريب في الأمر أنه حتى القاضي نفسه في منازعات المواد الجمركية، لا يملك نفسا نتيجة ضغط المحاضر الجمركية على اقتناعه، على نحو تتفوق فيه قناعة المحضر على قناعة القاضي ولا يستطيع هذا الأخير تبرئة المتهم من الجريمة الجمركية، حتى ولو كان متيقنا من براءته، وفي جميع الأحوال يبقى المتهم في سبيل ذلك ملزما بالتقيد بالوسيلة الوحيدة لإفلاته من قبصة نصوص التجريم الجمركية، وهي إثبات التزوير في المحاضر المحررة من طرف ضابطة الجرائم الجمركية، في محاضر المعاينات المادية ذات الحجية المطلقة، مما يضيق بشدة من التمتع بقرينة البراءة، كل هذا دفع فقهاء القانون الجنائي نعت القانون الجمركي بــ ” المجحف والظالم”، وفي هذا يتفق ما هو مقرر في تقنين الجمارك الجزائري مع هو سائد في مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة الراجعة لإدارة الجمارك في المغرب، علما أن عبء الإثبات يبق ملق على المتهم حتى في المحاضر الجمركية ذات الحجية النسبية، فهي الأخرى تمس بأصل البراءة، لأنها كذلك تلزم المتهم بتقديم دليل براءاته خروجا عن مبادئ القانون العام للإجراءات الجزائية .([46])

ما يزيد من قساوة القانون الجمركي في عملية الإثبات أن قاضي الموضوع نفسه، لا يستطيع استبعاد ما ورد في محاضر الحجز التي يحررها عونين مختصين من رجال الجمارك من معلومات ومسلمات جمركية، وذلك لمجرد توافر الشك حول صحتها ومصداقيتها، مما يوحي بالافتراض القانوني للأركان القانونية للجريمة الجمركية – المادي والمعنوي – ، وفي هذا هذا المقام يستبعد القانون الجمركي استعمال قاعدة ” الشك يفسر لمصلحة المتهم ” التي ألفنا تطبيقها عند التفسير الضيق لنصوص القانون الجزائي، فالمتهم في مادة المنازعات الجمركية، لا يجديه نفعا إثارة الشك حول مضمونها، الأمر الذي من شأنة زيادة الهوة بين أطراف الخصومة الجزائية في المنازعات الجمركية .([47])

كل هذا من جهتنا نراه مخالفا لأصل البراءة المنصوص عليه في المادة 56 /2 من التعديل الدستوري الجزائري، وحتى التعديل الدستوري المغربي لسنة 2011، لكن هذا لا يعني مطالبتنا بإلغاء الأحكام الجمركية، لأن هذه التقنيات القانونية ،كان ولا بد من منها لحماية الاقتصاد الوطني ومصالح الخزينة العامة، لذا رغم التقليص من أصل البراءة نوافق على ما يقرره المشرع من قواعد تخص المتابعة الجزائية في هذا المقام، رغبة منه في تخصيص القانون الجمركي بقواعد متميزة، لكن نحن لا نؤيده في مسألة القضاء الإستئنافي لوقوعه في التناقض كما سنرى في الفرع الثاني .

الفــــــــــرع الثاني : تأثـــر قرينة البـــراءة بفعل تضيـيق مجال إستئـــــــــناف أحكــام المخالفات الجمركيــــــــــــــــــــــــــــة

ينص الدستور الجزائري المعدل سنة 2016 على وجوب ضمان القانون التقاضي على درجتين في المسائل الجزائية، ويحدد كيفيات تطبيقها ([48])، الأمر الذي نستخلص منه وجوب امتداد تطبيق القاعدة الدستورية على جميع أنواع القواعد القانونية التي تأتي في مرتبة أدنى، ومنها قانون الإجراءات الجزائية وقانون الجمارك بما يحويه من قواعد جزائية، على اعتبار أن قانون الإجراءات الجزائية يطبق على الأحكام الموضوعية للقانون الجمركي، كل ذلك انطلاقا من تفاوت القواعد القانونية في الدولة على شكل هرم معياري، الأمر الذي يترتب عليه عدم مخالفة القاعدة الأدنى للقاعدة الأعلى منها درجة، لكن باستقرائنا لنص المادة 416 من قانون الإجراءات الجزائية –التي تطبق على الأحكام الجزائية في المنازعات الجمركية – يتضح أنها تحصر ممارسة حق الاستئناف في مادة المخالفات على تلك التي تتضمن عقوبة الحبس دون الغرامة والمصادرة، الأمر الذي يفهم منه أن أحكام المخالفات الجمركية القابلة للاستئناف فقط، هي تلك القاضية بعقوبة الحبس بما في ذلك المشمولة بوقف التنفيذ، وغيرها تكون أحكاما إبتدائية نهائية في أول درجة .([49])

بناء على ما سبق التطرق إليه، يكون قانون الإجراءات الجزائية مخالفا لموضوع نص المادة 160/2 من الدستور، فكيف لقانون عادي للإجراءات الجزائية مخالفة أقوى نص قانوني في الدولة يحمي قرينة البراءة، من خلال إمكانية النعي في الأحكام الجزائية عن طريق الإستئناف ؟ .طبعا الجواب واضح ولا يحتاج إلى تفكير، ويدق الأمر أكثر ويزداد حال المحكوم عليه سوءا، عند الحديث عن المخالفات الجمركية غير المتضمنة لعقوبة الحبس، والتي تتضمن في المقابل مبالغ غرامات ضخمة ([50])، علما أننا نعتبر الغرامات والمصادرات الجمركية عقوبات جزائية، وليس مجرد تعويضات مدنية، والدليل على ما نراه هو عدم رغبة المشرع الجزائري في مادة قانون الجمارك تخصيص قانون الجمارك بهذه القاعدة في مسألة الإسئناف، مثل ما سبق وقرره فيما سبق هذا الفرع من تقنيات جمركية، وإلا كيف نفسر إخضاعه لجنايات التهريب الجمركي لما قرره التعديل الجديد للإجراءات الجزائية سنة 2017، بتنظيمه لإمكانية خضوع حكم محكمة الجنايات الإبتدائية لإعادة نظر محكمة الجنايات الإستئنافية ؟ .فلو أراد المشرع تخصيص القانون الجمركي بهذه الخصوصية لفعل ذلك – وفي هذا يستوي تقنين الجمارك الجزائري مع مدونة الجمارك المغربية ([51])- لكن أخضع الأحكام القضائية الصادرة في منازعات المادة الجزائية الجمركية لنفس قواعد الأحكام الجزائية الصادرة في القواعد العامة، مما يبرهن على عدم دستورية نص المادة 416 من قانون الإجراءات الجزائية، وتصادمها الصريح مع نص المادة 160/2 من التعديل الدستوري ،مع العلم أن قانون الجمارك الجزائري وحتى مدونة الجمارك المغربية، لم ينصا على أحكام إستئناف خاصة في مضمون النصوص الجمركية، بل تطبق عليها الأحكام العامة للإجراءات الجزائية .، الأمر الذي يستوجب التدارك حسب رأينا الشخصي، لأن هذا يحول دون حماية قرينة البراءة ويشكل اعتداء على قدسية الأحكام الدستورية .

الخـــــــــــاتمـــــــــــة

طبقا لما حددته الأطر الدستورية ذات السمو المطلق، تلتزم السلطات العامة بوجوب معاملة المتهم في جميع مراحل الإجراءات الجزائية على أنه بريء لغاية ثبوت إدانته بحكم قضائي بات حائز لقوة الشيئ المقضي فيه، مما يمكنه من اتخاذ موقف سلبي اتجاه الدعوى المقامة ضده، وفي مقابل ذلك يقع عبء الإثبات على النيابة العامة مثلما سنه المشرع من اجراءات حمائية : كتسبيب الأوامر والقرارات واستثنائية الحبس المؤقت وغيرها، لكن التطبيق الحرفي لذلك يعرف بعض الحدود في بعض القواعد الجزائية، في إطار القانون الجنائي الاقتصادي والقانون الجمركي على الخصوص في عدة مواضع، دون الاعتراف بسمو القواعد الدستورية، تذرعا بحماية الاقتصاد الوطني، بما ينعكس على معادلة التوازن بين الحقوق والحريات كمطلب واجب التحقق من جهة، ومقتضيات حماية المصلحة الاقتصادية للدولة من جهة أخرى ، كل هذا يفسر عدم تحريك الرقابة الدستورية في مواجهة هذه القواعد، بالرغم من مخالفاها الصريحة للمقتضيات الدستورية .

مراجـــــــــــــــــــــــع البحــــــــــــــــــــــث

المراجـــــــــــــــــــــــــــــع باللغـــــــــــــــــــــــــــــــــــة العربيـــــــــــــــــــــــــــة

أولا : الكتـــــــــــــــــــــــــــب

الرائد علي محمود علي حمودة، افتراض براءة المتهم إلى أن تثبت إدانته- دراسة تطبيقية للشرعية الجنائية، مجلة القضاء العسكري، القاهرة، بدون سنة نشر.
د. أحسن بوسقيعة، المنازعات الجمركية، تعريف وتصنيف الجرائم الجمركية ،متابعة وقمع الجرائم الجمركية، الطبعة الثامنة، دار هومة للنشر والتوزيع، الجزائر، 2015/2016 .
د. أحسن بوسقيعة، المصالحة في المواد الجزائية بوجه عام والمواد الجمركية بوجه خاص، دار هومة للنشر، 2013 .
ثانيــــــــــــــــــــــــا : موسوعــــــــــــــــــــــة : د. مجدي محب حافظ،الموسوعة الجمركية، دار الفكر العربي للنشر، الأزاريطة الإسكندرية، مصر 2005 .

ثالثـــــــــــــــــــــــــا : أطروحـــــــــــــــــــــــات الدكتـــــــــــــــــــــــــــــــوراه

د.كريمة خطاب، قرينة البراءة، أطروحة لنيل شهادة دكتوراه علوم فرع قانون، جامعة الجزائر 1 كلية الحقوق، الجزائر، 2015.
د. مفتاح العيد، الجرائم الجمركية في القانون الجزائري، أطروحة دكتوراه في القانون العام ن كلية الحقوق، جامعة تلمسان، 2011/ 2012 .
د. عبد المجيد زعلاني، خصوصيات قانون العقوبات الجمركي،أطروحة دكتوراه دولة في القانون، معهد الحقوق والعلوم الإدارية، دائرة العلوم الجنائية، جامعة الجزائر 01، 1997/1998 .
رابعــــــــــــــــــــا : مذكـــــــــــــــرة ماجستيـــــــــــــــــــــر : حسين بن عالية، صلاحيات أعوان الجمارك في محاربة الجريمة الجمركية، مذكرة ماجستير، فرع قانون الأعمال، كلية الحقوق، جامعة الجزائر1، 2013/2014.

خامســـــــــــــــــــا : المقـــــــــــــــــــــالات العلميــــــــــــــــــــــــــــــة

أ/ أمينة علاي – نادية سلامي، أثر إجراءات متابعة الجريمة الجمركية على مبدّأ قرينة البراءة، مجلة الباحث للدراسات الأكاديمية، كلية الحقوق، جامعة باتنة، العدد الرابع، ديسمبر 2014 .
د. إيهاب الروسان، خصائص الجريمة الإقتصادية – دراسة في المفهوم والأركان، مجلة دفاتر السياسة والقانون كلية الحقوق، جامعة المنار – تونس، العدد السابع، جوان 2012.
أ . لخضر زرارة، قرينة البراءة في التشريع الجزائري، مجلة الحقوق والعلوم السياسية، عدد 11، دون سنة نشر.
سادســــــــــــــــــــــــــــا : القوانيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن

مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة الراجعة لإدارة الجمارك المغربية، المصادق عليه بالظهير الشريف بمثابة قانون رقم 339.77.1 بتاريخ 25 شوال 1397 الموافق لـــ 9 أكتوبر 1977، المغيرة والمتممة على الخصوص بمقتضى القانون رقم 02-99، المصادق عليها بالظهير رقم 1.00.222 بتاريخ 2 ربيع الأول 1421 الموافق لـــ 5 يونيو 2000.
القانون رقم 17-04 مؤرخ في 19 جمادى الأولى عام 1438 الموافق لــ 16 فبراير 2017، يعدل ويتمم القانون رقم 79-07 المؤرخ في 26 شعبان 1399 الموافق لــ 21 يوليو سنة 1979 والمتضمن قانون الجمارك.
مرسوم رئاسي رقم 89-18، مؤرخ في 28 فيفري 1989، يتضمن نص تعديل الدستور، (ج ر) عدد 09، صادر بتاريخ 01 مارس 1989.
مرسوم رئاسي رقم 96-438، مؤرخ في 07 ديسمبر 1996، يتعلق بإصدار نص تعديل الدستور الجزائري، ( ج، ر) عدد 76، صادر بتاريخ 08 ديسمبر 1996. معدل ومتمم سيما بقانون رقم 16-01، مؤرخ في 06 مارس 2016، (ج ر) عدد 14، صادر بتاريخ 07 مارس 2016.
أمر رقم 66-155، مؤرخ في 08 جوان 1966، يتضمن قانون الإجراءات الجزائية، (ج ر) عدد 49، صادر بتاريخ 11جوان 1966، معدل ومتمم، سيما بقانون رقم 17-07، مؤرخ في 27 مارس 2017، (ج ر) عدد 20، صادر بتاريخ 29 مارس 2017.
أمر رقم 76-97، مؤرخ في 22 نوفمبر 1976، يتضمن إصدار دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، (ج ر) عدد 94، صادر بتاريخ 24 نوفمبر 1976، معدل ومتمم.
سابعــــــــــــــــــــــــــــا : المراجـــــــــــــــــــــع الرقميــــــــــــــــــــــــــــة

مدونة القانون المغربي، التطور التاريخي لقرينة البراءة، تاريخ النشر: 26 سبتمبر 2012، تاريخ التصفح: 01 أوت 2017، الموقع: http://droitmarocma.blogspot.com/2012/09/blog-post_9711.html.
أ. أحمد محمد، قرينة البراءة- دراسة مقارنة في إطار مشروع قانون المسطرة الجنائية المغربي، تاريخ النشر 08 أوت 2016، تاريخ التصفح: 25 جويلية 2017، الموقع:
https://drive.google.com/file/d/0B228J1xk30sfU1N4TDFOS1dWZjA/edit?pref=2&pli=1.

3-القانون رقم 2000-516؛ المعنون بقانون تدعيم قرينة البراءة وحماية حقوق المجني عليهم، الذي جاء بأكثر من 300 مادة، تعدل وتمم في قانون الإجراءات الجزائية. القانون متوفر على الموقع: https://www.legifrance.gouv.fr.
رئاسة الجمهورية الجزائرية، “دستور 1963″، دون تاريخ نشر، تاريخ التصفح: 01 مارس 2017، الرابط: . http://www.el-mouradia.dz/arabe/symbole/textes/constitution63.htm
دستور المملكة المغربية لسنة 1962، المعدل والمتمم سنوات 1972 و1992 و1996، متوفر على الرابط: http://www.constitutionnet.org/vl/item/lmgrb-dstwr-lmmlk-lmgrby-lm-1962 .
دستور المملكة المغربية لسنة 2011، متوفر عبر الرابط: https://www.constituteproject.org/constitution/Morocco_2011.pdf?lang=ar
قانون المسطرة الجنائية المغربي، معدل ومتمم، متوفر عبر الرابط: https://drive.google.com/file/d/0B2i0fagYIDIAUWdJeG1wc3ZzQlE/view
المراجــــــــــــــــــــــع باللغــــــــــــــــــــــــــــــة الأجنبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــة

. Jean – luc Albert,Douane et droit douanier , préface par ; LUC- SAIDJ ,ouvrage publie avec le concoure de l’institut de criminologie et de droit pénal de paris , 1er Edition , presse universitaires de France , 2013 .
IDIR KSOURI, la transaction douanier, 2 éme Edition, grand Alger livre Alger , 2008
GASTON STEFANI , preuve , encyclopédie, Dalloz , janvier 1972 .

([1]) ومن المجتمعات القديمة من كانت تعمل بفكرة إنصاف الآلهة للمتهم البريء، ومن خلال ذلك يخضعون المتهم لاختبار، حيث يقوم مثلا بوضع يده في الماء المغلي وان لم يحترق فقد حمته الآلهة لأنه بريء. أنظر : د.كريمة خطاب، قرينة البراءة، أطروحة لنيل شهادة دكتوراه علوم فرع قانون، جامعة الجزائر 1 كلية الحقوق، الجزائر، 2015.

([2]) يختلف الأمر عن النظام الحالي من حيث جهة الاتهام والبحث عن الدليل فقط، بين النظام الاتهامي والنظام التنقيبي. أنظر: كريمة خطاب، المرجع السابق، ص 11.

([3]) مدونة القانون المغربي، التطور التاريخي لقرينة البراءة، تاريخ النشر: 26 سبتمبر 2012، تاريخ التصفح: 01 أوت 2017، الموقع: http://droitmarocma.blogspot.com/2012/09/blog-post_9711.html.

([4]) د. كريمة خطاب، المرجع السابق، ص 11 و12.

([5]) أ. أحمد محمد، قرينة البراءة- دراسة مقارنة في إطار مشروع قانون المسطرة الجنائية المغربي، تاريخ النشر 08 أوت 2016، تاريخ التصفح: 25 جويلية 2017، الموقع: https://drive.google.com/file/d/0B228J1xk30sfU1N4TDFOS1dWZjA/edit?pref=2&pli=1.

([6]) د. كريمة خطاب، المرجع السابق، ص 14-17.

([7]) القانون رقم 2000-516؛ المعنون بقانون تدعيم قرينة البراءة وحماية حقوق المجني عليهم، الذي جاء بأكثر من 300 مادة، تعدل وتمم في قانون الإجراءات الجزائية. القانون متوفر على الموقع: https://www.legifrance.gouv.fr.

([8]) د.كريمة خطاب، المرجع نفسه، ص 22.

([9]) أ . لخضر زرارة، قرينة البراءة في التشريع الجزائري، مجلة الحقوق والعلوم السياسية، عدد 11، دون سنة نشر، ص 59.

([10]) كريمة خطاب، المرجع السابق، ص 23 و24.

([11]) أ. الرائد علي محمود علي حمودة، افتراض براءة المتهم إلى أن تثبت إدانته- دراسة تطبيقية للشرعية الجنائية، مجلة القضاء العسكري، القاهرة، بدون سنة نشر، ص 43 و44.

([12]) وعلى العموم قرينة البراءة ككل نجد لها من الاعتراضات على غرار أنها تقرر لمصلحة كل المتهمين دون تمييز، وهي عقبة تعرقل العدالة الاجتماعية، وهي متعارضة من المساس بحرية الشخص أثناء المتابعة الجزائية. ومن الفقهاء من يعتبرها أمر خيالي يستحيل تحقيقه في الواقع…الخ. أنظر: د. كريمة خطاب، المرجع السابق، ص ص 31-34.

([13]) أنظر المادة 15؛ رئاسة الجمهورية الجزائرية، “دستور 1963″، دون تاريخ نشر، تاريخ التصفح: 01 مارس 2017، الرابط: . http://www.el-mouradia.dz/arabe/symbole/textes/constitution63.htm

([14]) أنظر المادتان 46 و51؛ أمر رقم 76-97، مؤرخ في 22 نوفمبر 1976، يتضمن إصدار دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، (ج ر) عدد 94، صادر بتاريخ 24 نوفمبر 1976، معدل ومتمم.

([15]) أنظر المادتان 46 و44؛ مرسوم رئاسي رقم 89-18، مؤرخ في 28 فيفري 1989، يتضمن نص تعديل الدستور، (ج ر) عدد 09، صادر بتاريخ 01 مارس 1989.

([16]) أنظر المادتان 56 و59؛ مرسوم رئاسي رقم 96-438، مؤرخ في 07 ديسمبر 1996، يتعلق بإصدار نص تعديل الدستور الجزائري، ( ج، ر) عدد 76، صادر بتاريخ 08 ديسمبر 1996. معدل ومتمم سيما بقانون رقم 16-01، مؤرخ في 06 مارس 2016، (ج ر) عدد 14، صادر بتاريخ 07 مارس 2016.

([17]) أنظر المادة 10؛ دستور المملكة المغربية لسنة 1962، المعدل والمتمم سنوات 1972 و1992 و1996، متوفر على الرابط: http://www.constitutionnet.org/vl/item/lmgrb-dstwr-lmmlk-lmgrby-lm-1962 .

([18]) أنظر المادة 23/1 و4 ؛ دستور المملكة المغربية لسنة 2011، متوفر عبر الرابط: https://www.constituteproject.org/constitution/Morocco_2011.pdf?lang=ar

([19]) أنظر المادة رقم 51 وما يليها؛ أمر رقم 66-155، مؤرخ في 08 جوان 1966، يتضمن قانون الإجراءات الجزائية، (ج ر) عدد 49، صادر بتاريخ 11جوان 1966، معدل ومتمم.

([20]) أنظر المادة رقم 117 وما يليها؛ من نفس القانون .

([21]) أنظر المادة رقم 44 وما يليها؛ من نفس القانون .

([22]) أنظر المادة رقم 100؛ من نفس القانون.

([23]) أنظر المادة رقم 01/1-1؛ أمر رقم 66-155، مؤرخ في 08 جوان 1966، يتضمن قانون الإجراءات الجزائية، (ج ر) عدد 49، صادر بتاريخ 11جوان 1966، معدل ومتمم، سيما بقانون رقم 17-07، مؤرخ في 27 مارس 2017، (ج ر) عدد 20، صادر بتاريخ 29 مارس 2017.

([24]) أنظر المادة رقم 01/1-5 و6 و7؛ من نفس القانون .

([25]) أنظر الديباجة والمادة 01؛ قانون المسطرة الجنائية المغربي، معدل ومتمم، متوفر عبر الرابط: https://drive.google.com/file/d/0B2i0fagYIDIAUWdJeG1wc3ZzQlE/view

([26]) أنظر المادة رقم 39 و51؛ من قانون المسطرة الجنائية المغربي، المرجع السابق ..

([27]) أنظر المادة رقم 66 وما يليها؛ من نفس القانون .

([28]) الصادر بالقانون رقم 17-04 مؤرخ في 19 جمادى الأولى عام 1438 الموافق لــ 16 فبراير 2017، يعدل ويتمم القانون رقم 79-07 المؤرخ في 26 شعبان 1399 الموافق لــ 21 يوليو سنة 1979 والمتضمن قانون الجمارك.

([29]) مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة الراجعة لإدارة الجمارك المغربية، المصادق عليه بالظهير الشريف بمثابة قانون رقم 339.77.1 بتاريخ 25 شوال 1397 الموافق لـــ 9 أكتوبر 1977، المغيرة والمتممة على الخصوص بمقتضى القانون رقم 02-99، المصادق عليها بالظهير رقم 1.00.222 بتاريخ 2 ربيع الأول 1421 الموافق لـــ 5 يونيو 2000.

([30]) أشار إليه : د. إيهاب الروسان، خصائص الجريمة الإقتصادية – دراسة في المفهوم والأركان، مجلة دفاتر السياسة والقانون كلية الحقوق، جامعة المنار – تونس، العدد السابع، جوان 2012، ص 95.

([31]) د. مفتاح العيد، الجرائم الجمركية في القانون الجزائري، أطروحة دكتوراه في القانون العام ن كلية الحقوق، جامعة تلمسان، 2011/ 2012، ص 70.

([32]) المادة 241 من قانون الجمارك الجزائري والفصل 234 من القسم الأول من الباب الثاني من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة المغربية، المرجع السابق .

([33]) المواد 242-251 والفصول 240، 240 مكرر من نفس التشريعات الجمركية .

([34]) د. أحسن بوسقيعة المنازعات الجمركية، تعريف وتصنيف الجرائم الجمركية ،متابعة وقمع الجرائم الجمركية، الطبعة الثامنة، دار هومة للنشر والتوزيع، الجزائر، 2015/2016، ص 159.

([35]) أنظر ما نصت عليه المادة 252 من قانون الجمارك الجزائري والفصول 39، 40، 41 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة المغربية من شروط، المرجع السابق.

([36]) المواد 212، 295 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، المرجع السابق.

([37]) ملف رقم 274625 مؤرخ في 13 . 03 . 2003، غرفة الجنح والمخالفات، القسم الثالث – غير منشور، نقلا عن : حسين بن عالية، صلاحيات أعوان الجمارك في محاربة الجريمة الجمركية، مذكرة ماجستير، فرع قانون الأعمال، كلية الحقوق، جامعة الجزائر1، 2013/2014، ص 40.

([38]) المواد 254، 255 من قانون الجمارك الجزائري، التي يقابلها الفصل 242 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة المغربية، المرجع السابق

([39]) د. مجدي محب حافظ،الموسوعة الجمركية، دار الفكر العربي للنشر، الأزاريطة الإسكندرية، مصر، 2005، ص 273.

([40]) IDIR KSOURI, la transaction douanier, 2 éme Edition, grand Alger livre , Alger , 2008 , p ; 46.

([41]) د. عبد المجيد زعلاني، خصوصيات قانون العقوبات الجمركي،أطروحة دكتوراه دولة في القانون، معهد الحقوق والعلوم الإدارية، دائرة العلوم الجنائية، جامعة الجزائر 01، 1997/1998، ص 413-415.

([42]) وهو ما نصت عليه المادة 56 من التعديل الدستوري الجديد لسنة 2016، المرجع السابق.

([43]) د. أحسن بوسقيعة، المصالحة في المواد الجزائية بوجه عام والمواد الجمركية بوجه خاص، دار هومة للنشر، 2013 ،ص 116، 117.

([44]) المادة 256/8 من قانون الجمارك الجزائري والفصل 273 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة المغربية، المرجع السابق.

([45]) Jean – luc Albert ,Douane et droit douanier , préface par ; LUC- SAIDJ ,ouvrage publie avec le concoure de l’institut de criminologie et de droit pénal de paris , 1er Edition , presse universitaires de France , 2013 , p ;169,170.

([46]) أ/ أمينة علاي – نادية سلامي، أثر إجراءات متابعة الجريمة الجمركية على مبدّأ قرينة البراءة، مجلة الباحث للدراسات الأكاديمية، كلية الحقوق، جامعة باتنة، العدد الرابع، ديسمبر 2014، ص 313، 314.

([47]) GASTON STEFANI , preuve , encyclopédie, Dalloz , janvier 1972, p 126,127.

([48]) المادة 160/2 من التعديل الدستوري الجزائري لسنة 2016، التي تنص على مايلي : ( يضمن القانون التقاضي على درجتين في المسائل الجزائية ويحدد كيفيات تطبيقها )، المرجع السابق.

([49]) أنظر المادة 416 /2 من قانون الإجراءات الجزائية: تكون قابلة للإستئناف …….الأحكام الصادرة في مواد المخالفات القاضية بعقوبة الحبس بما في ذلك تلك المشمولة بوقف التنفيذ )، المرجع السابق.

([50]) وهي المحددة بموجب نص المادة 319 من قانون الجمارك الجزائري، التي يقابلها الفصل 284 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة في المغرب، المرجع السابق .

([51]) حتى المشرع المغربي في المادة الجمركية لم ينص على أحكام خاصة تخص إستئناف الأحكام الجزائية الجمركية في إطار الفصل رقم 258.