المقـــآصة ، مفهومهآ وأهميتهآ

مفهوم المقاصة :

تعد المقاصة طريق من طرق إنقضاء الإلتزام، وهذه العملية تتمثل في انقضاء الدينين أو إنقضائهما بحدود الأقل منهما، والمقاصة تعرف على أنها إيفاء دينين متقابلين بين شخصين في حدود الأقل منهما .

أهمية المقاصة :

للمقاصة أهمية عملية بالغة تتمثل في تسهيل وضمان الوفاء بالالتزام. فمن ناحية تحول المقاصة دون عملية الوفاء المزدوج وما يتطلبه من وجوب نقل النقود من مكان لآخر،فضلا عما يستتبع هذا النقل من مصاريف ومخاطر.

حيث تتميز المقاصة بسهولة الوفاء ويسره وبساطته دون إجراءات وتعقيدات تتعلق بالوفاء، وتؤدي إلى إنقضاء دينين في وقت واحد. ولهذا ظهرت أهمية المقاصة في الحياة التجارية، ولاسيما في الحسابات الجارية حيث يقتصر الأمر على الوفاء بالرصيد بعد قطعه ، وكذلك في المعاملات المصرفية .

ومن ناحية أخرى تعتبر المقاصة بمثابة ضمان لكل طرف من أطرافها يجنبه مزاحمة باقي دائني الطرف الأخر إذا اضطر إلى الوفاء بما عليه ثم الرجوع بما له على مدينه، وبالتالي يضمن الدائن الحصول على حقه جزئيا أو كليا على حسب الأحوال حيث يتفادى الدخول في قسمة الغرماء والتنفيذ الجبري وغيره .

المبحث الثاني : أنواع المقاصة وشروطها :

أنواع المقاصة :

للمقاصة ثلاث أنواع، فهي إما أن تكون إجبارية تقع بقوة القانون، وإما أن تكون المقاصة أختيارية وتقع بإرادة الطرفين واتفاقهما، وقد تكون المقاصة قضائية تقع بحكم المحكمة المختصة بذلك.
وسنتناول هذه الأنواع الثالثة على التفصيل التالي :

(1) المقاصة القانونية (الإجبارية) :

تقع المقاصة القانونية بقوة القانون بمعنى أن القانون يفرضها بمجرد توافر جميع أركانها وشروطها أسباب قيامها وبدون أن يكون لإرادة الطرفين أي دخل في قبولها أو رفضها، أي أنها تتم جبرا .
وتعرف المقاصة القانونية بأنها: انقضاء دينين متقابلين بين شخصين في حدود الأقل منهما بقوة القانون.

وأما الشروط الواجب توافرها حتى تقع المقاصة القانونية فهي كما يلي :

1- تقابل الدينين بين شخصين بصفتهما الشخصية :

لوقوع المقاصة القانونية يجب أن يوجد شخصين كلا منهما دائن ومدين للآخر بصفته الشخصية أي في ماله الخاص.
أما إذا كان أحدهما دائن ومدين بصفنه نائبا كالولي أو الوصي أو كالوكيل فعندها لا تقع المقاصة وذلك لإختلاف الصفة.

2- وحدة الدينين :

حتى تقع المقاصة القانونية يجب أن يكون الدينان متحدين جنسا ووصفا واستحقاقا.
وحتى يتحد الدنيان جنسا يجب أن يكونان من نفس جنس الأشياء، فالمقاصة القانونية لا تقع إلا بين دينين موضوعهما شيء مثلي لا قيمي، حيث لا تقع المقاصة في الأشياء القيمية لعدم إمكانية تماثل الأشياء القيمية مع بعضها البعض.

ويجب أن تكون المقاصة بين دينين متحدين في الوصف أيضا، بحيث أن يكون الدينان ناجزين ومستحقي الأداء وغير معلقين على شرط أو آجل معين، وأن يكونا خاليين من النزاع.
كما يجب أن يكون الدينان مستحقان للأداء معا، فلا يكون أحدهما مستحق الآداء والأخر لا يزال غير مستحق الأداء، كما يجب أن يتحدا فيما يتعلق بالنوع والجودة وغيرها.
فإن لم يتحد الدينان في هذه الأمور لا تقع المقاصة.

3- عدم الإضرار بحقوق الغير :

لا تقع المقاصة اذا كان يترتب عليها ضرر على الغير، فينبغي أن لا تستخدم المقاصة كعملية لتنفيذ الالتزام أو مايقوم مقام الوفاء كوسيلة للإضرار بحقوق الغير حسن النية ، فيما إذا تعلق حقه هذا بأحد الدينين محل المقاصة.

4- تمسك أحد الطرفين بها :

يجب على من يريد انقضاء دينه بالمقاصة أن يتمسك بها في مواجهة الطرف الآخر فإن سلم بها برأت ذمته من الدين.
وإن رفضها يتم اللجوء إلى القضاء للقيام بالمقاصة جبرا، فإن توافرت شروطها حكم بها القاضي.

5- أن يكون الدينين قابلين للحجز عليهما :

فإذا كان أحد الدينين غير قابل للحجز عليه لا تقع المقاصة، ومثال الديون الغير قابله للحجز عليها النفقة، وذلك لأن هذا النوع من الديون محمي بقوة القانون.

(2) المقاصة الإتفاقية :

المقاصة الإتفاقية أو الإختيارية هي التي يقع بإتفاق الطرفين،وذلك عند تخلف شرط من شروط المقاصة القانونية كأن يكون أحد الدينين مؤجلا أو أن يكون الدينان مختلفان في درجة الجودة او غيرها من الشروط، وكان مقصودا بها مصلحة الطرفين معا أو مصلحة أحدهما فقط .
مع ملاحظة أن المقاصة الان الإختيارية سواء تمت بإرادة أحد الطرفين أم بإرادتهما معا فإنها لا ترتب أثرها من حيث إنقضاء الالتزامين المتقابلين، إلا من وقت التمسك بها أو الاتفاق عليها، كل هذا مع مراعة حقوق الغير.

(3) المقاصة القضائية :

المقاصة القضائية تقع بحكم من القاضي أيضا في حالة تخلف أحد شروط المقاصة القانونية السابق ذكرها، عند وجود نزاع في وجود أحد الدينين أو مقداره، فإذا حدد القاضي الدين أو حكم بوجوده فإنه يحكم بالمقاصة بين الدينين، ولكن يكون حكم القاضي في هذه الحالة منشئا للمقاصة وليس كاشفا لها كما في المقاصة القانونية.

المبحث الثالث : نطاق المقاصة القانونية :

القاعدة أن المقاصة ترد على جميع الديون مادامت تتماثل وتتكافئ على النحو السابق ذكره، وأيا كان مصدر هذه الديون سواء أكان مصدرها العقد أم الإرادة المنفردة أوىالعمل غير المشروع أم الاثراء بلا سبب، ولكن القانون استثنى الأحوال التالية من القاعدة العامة :

1- إذا كان أحد الدينين رد شيء نزع دون حق من يد مالكه :

لا يجوز للغاصب الذي ينزع الشيء دون حق من يد صاحبه أن يمتنع عن رد هذا الشيء إذا كان دائنا للمالك حتى لو كان الشيء المنتزع مثليا تتحق فيه شروط المقاصة، لأن ذلك سيفتح الباب أمام الناس لإستخدام وسائل غير مشروعة لاقتضاء الديون.

2- إذا كان أحد الدينين رد شيء مودع أو معار :

كذلك إذا كان أحد الدينين شيئا أودع لدى شخص آخر فلا يجوز للمودع لديه أن يمتنع عن رده ويتمسك بالمقاصة لأن الوديعة تقوم على أساس الثقة الكاملة من المودع في المودع لديه.
وأيضا فإن القانون الجنائي جعل عدم رد الشيء المودع يمثل جنحة إساءة الأمانة وبالتالي لا يجوز للقانون المدني أن يقرر صحة المقاصة في هذه الحالة حتى لا يقع تعارض وتناقض بين القانونين المدني والجنائي.

3- إذا كان أحد الدينين حق غير قابل للحجز :

العلة من استبعاد الدين الذي لا يقبل الحجز عليه من نطاق المقاصة هي أنه خالص لصاحبه لأنه من ضرورات معيشته، فقد يكون بحاجة ضرورية له وفي الوقت ذاته لا يستطيع الوفاء بدينه.
فلو أقرض رجل زوجته مبلغا من المال فلا يجوز إيقاع المقاصة بين الدين الذي عليه بالنفقة والدين الذي له الناشئ عن القرض، لأن زوجته قد لا تستطيع الوفاء بدينها وفي نفس الوقت لا تستطيع الاستغناء عن النفقة لأنه ضرورة من ضرورات معيشتها .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت