بحث مميز حول الضمانات الاداريه و القضائيه للموظف الدولى

مقال حول: بحث مميز حول الضمانات الاداريه و القضائيه للموظف الدولى

بحث قانوني حول الضمانات الاداريه و القضائيه للموظف الدولى

المقدمة

تعريف الموظف الدولى

العلاقات بين الدول التي تهدف إلى تحقيق المصالح المشتركة تأخذ أحياناً صوره المرفق العام الدولى الذى يتم تنظيمه ورقابته بواسطة الدول التي تباشر ذلك خلال اجتماعات جهاز دولي حتى يتسنى تنفيذ السياسة التى أقرتها هذه الدول بواسطة ممثليها فى هذا الجهاز بحيث لا يكون هذا المرفق العام الدولي خاضعاً فى أعماله إلا للسياسة التى يصفها هؤلاء الممثلون بصفتهم هذه وليس للسياسة التى تريدها, حدد هذه الدول لأن المرفق العام الدولى ينفذ السياسة العامة لهذه الدول حتى يتسنى له تحقيق المصلحة المشتركة التى أنشئ من أجلها. ولذلك فإن الإفراد الذين يشتركون فى نشاط وإدارة هذا المرفق العام يقومون لوظائف ذات أهمية دولية ويكونون لذلك من الموظفين الدوليين.
وهكذا الموظفين لأية سلطة إقليمية حتى يمكن لهم العمل فقط على تحقيق الغاية التى من أجلها أنشئ هذا المرفق العام الدولى ويدون ذلك فإن المصلحة العامة الدولية يمكن أن نصبح إدارة لتحقيق هدف وطني. وهذا ما جعل البعض ينادى بأن الموظف الدولى فى قيامة بوظائفه يجب أن بتجرد من قيود جنسيته حتى يتفادى مخاطر الوقوع تحت هيمنة أحدى الدول.
ومن فكرة المصلحة العامة الدولية هذه تنساب طائفة من النتائج التى تحدد الخواص الأساسية للموظف الدولى وتساعد على تحديد عناصر تعريفه هى:

من أجل تحقيق مصلحة مشتركة لابد من اتفاق بين الدول وهكذا فإن الموظف الدولي يستمد وضعه القانوني من اتفاقية دولية وليس من نصوص القوانين الداخلية.
ومن ناحية أخرى فإن الموظف الدولى يجب أن يوجه نشاطه نحو تحقيق هذه المصلحة العامة الدولية، وبدون ذلك لا يمكن أن تتوافر له هذه الصفة وهذا يعنى ألا يكون الموظف جزءاً من النظام الإدارى لاحدى الدول. وبصورة عامة فإن المهام الوظيفية الدولية تقتضى أن يكون عمل الموظف الدولى بعيداً كلية عن كل هيمنة مصدرها سلطة إحدى الدول وأن يكون خاضعاً فقط بصورة مباشرة لنظام دولى والدراسة التحليلية لهذه العناصر التى أشرنا إليها تبين وحدها خصائص الوظيفة العامة الدولية بحيث لا يقع الخلط بين الموظف الدولى وغيره من الموظفين الذين لا يقومون بوظيفة عامة دولية( ).

المبحث الأول الضمانات الإدارية للموظف الدولى

إذا تعرض الموظف الدولى لإجراء من جانب رئيسه ورأى أن هذا الإجراء غير قائم على أساس سليم، فإن الوضع الطبيعى يقتضى أن يكون نهاك جهاز محايد يستطيع توفير الحماية للموظف من التصرفات الإدارية التعسفية التى تنطوى على إساءة استعمال الإدارة الدولية لسلطتها. وقد عرفت الإدارات الدولية فى مرحلتها الأولى هذا الإجراء، وذلك بتقرير حق الموظف الدولى فى الطعن أمام جهاز إدارى أعلى وذلك على قرار ما هو معروف فى القوانين الإدارية الوطنية. من ذلك أن موظفى اللجان الدولية للأنهار وغيرها من الصور الأولى للإدارات الدولية كانت تنشئ دائماً جهازاً إدارياً رئاسياً مهمته الفصل فى قرارات رئيسه الإدارة التى تكون مخالفة للقانون.
ومن ذلك أيضاً إن جمعية عصبة الأمم أصدرت فى 17 ديسمبر 1920 قراراً قرت فيه إعطاء طائفة من موظفيها حق التظلم من قرارات الفصل أمام مجلس العصبة، كذلك قرر مكتب العمل الدولى حق التظلم للموظفين منه ضد قرارات مجلس إدارة مكتب العمل الدولى ومن الطبيعى فى هذه المرحلة الأولى من مراحل تطور القانون الدولي الإداري أن يكون حق التظلم الرئاسى مقصوراً على القرارات التى تصدر من رئيس الإدارة الدولية أو الأمين العام للمنظمة الدولية. ولكن هذه الصورة من صور الطعن لم تكن محل ترحيب عام على أساس أنها لا تتوفر فيها الضمانات الكافية لحماية حقوق الموظف الدولى لأنه كما أشرنا فى المثالين السابقين المستمدين من مكتب العمل الدولى وعصبة الأمم كان الفصل فى الطعن يتم أمام جهاز يشكل من ممثلين الدول الأعضاء فى الجهاز الدولى وبذلك يكون طرفاً فى النزاع باعتبار أن مصدر القرار موظف معين من قبل الجهة التى تفصل فى قراراته وبذلك يكون جهة الطعن تجمع فى نفس الوقت بين صفة القاضى والطرف وهذا يؤدى إلى اختفاء إحدى الصفات الأساسية فى جهة الطعن وهى صفة الحياد.

وفضلاً عما سبق فإن جهة الطعن فى المثالين السابقين لم يكن لها اختصاص قضائى، بل يغلب عليه الطابع السياسى وبذلك تكون القرارات التى تصدرها ذات طابع سياسى يتأثر حتماً وبالضرورة بالاعتبارات السياسية ويبعده كلية عن الأسس القانونية فى قراراته ولقد وجد بذلك محاولة لتفادى العيب السابق ينهى الموظفين الدوليين عن محاولة الاستناد على تأثير ادعاءاتهم ضد الإدارة الدولية لدى وفد إحدى الدول الممثلة فى جهة الطعن والعضو فى الجهاز.
ولقد ظهر بوضوح عدم فاعلية هذا الأسلوب عن الطعن الرئاسى أمام احد الأجهزة الأساسية للإدارة الدولية عندما بدأت الإدارات الدولية تستخدم أعداد كبيرة من الموظفين الدوليين وهى الظاهرة التى تجددت فى الجهاز الإدارى لعصبة الأمم. وقد أنهى الأمر بتفضيل أسلوب آخر وهو إنشاء أجهزة إدارية مختلطة مشكلة بحيث تضم ممثلين عن الإدارة الدولية وآخرين عن ممثلى الموظفين الدوليين أو جمعياتهم مهمتهما إبداء الصورة للسلطات الإدارية بخصوص القرارات التى تصدر عنها فى شئون الموظفين. وهذه الأجهزة الاستشارية التى تقدم وجهات نظرها قبل صدور القرار، يضاف إليها الآن من جانب الإدارات الدولية المعاصرة أجهزة إدارية مهمتها أن تصدر بناء على طلب الموظف الدولى برأيها من الناحية القانونية فى القرارات الإدارية الدولية التى تمس الموظفين الدوليين وبذلك يوجد الآن نوعان من الضمانات الإدارية لحماية الموظفين الدوليين هما: الضامنات الإدارية السابقة على صدور القرار والضمانات الإدارية التالية ولصدور القرار الإدارى( ) وسوف نفرد لكل نوع مطلب للتحدث عنه

المطلب الأول الضمانات الإدارية السابقة علي صدور القرار الإداري

الضمانات الإدارية السابقة علي صدور القرار الإدارى ومؤدي هذه الضمانات ان تبعد عرض القرارات الإدارية التي يصدرها الرئيس الأعلي أو رئيس الإدارة المختصة قبل صدورها علي أجهزه أو لجان استشارية معينه. وتشكل هذه الأجهزة ضمانات قوية ضد نفس الإدارة، سيما وأن العاملين فى مختلف الإدارات والأجهزة الدولية يمثلون فى تشكيلها. وتعتبر تلك الأجهزة بمثابة أجهزة مختلطة، لأنها تجمع بين ممثلين من الجهاز الدولى وآخرين من الموظفين الدوليين.

وقد درجت غالبية الأجهزة والإدارات الدولية على إنشاء تلك اللجان والأجهزة المذكورة. ومن أمثلة ذلك أن الأمم المتحدة أنشأت لجنة استشارية مشتركة طبقا للمادة 8/2 من النظام القانونى الموطنى الأمانة العامة م (108/2 من لائحة موظفى المنظمة) وتقدم هذه اللجنة للأمين العام للمنظمة المشورة فى جميع المسائل العامة المتعلقة بالموظفين وفى كل ما يتعلق بتحسين مستواهم الوظيفى. كما تقدم له كذلك المقترحات التى تراها مناسبة لتعديل لوائح الموظفين ونظم توظيفهم.
كذلك فقد أنشأت لجان استشارية مماثلة فى عديد من الإدارات الدولية الأخرى، مثل اللجنة الاستشارية المختلطة بموظفى منظمة الطيران المدنى الدولية وفقا لحكم المادة التاسعة من النظام القانونى لموظفى هذه المنظمة. واللجنة المختلطة لموظفى الاتحاد الدولى للمواصلات التليفونية طبقا للمادة (50) من لائحة موظفى الاتحاد، ومع مراعاة أن الأمين العام لهاتين المنظمتين هو الذى يتولى رئاسة اللجنتين المذكورتين.

وأيضا أنه وفقا للمادة (8) من النظام القانونى لموظفى منظمة الأغذية والزراعة، والمادة (109) من النظام القانونى لموظفى مكتب العمل الدولى، فقد أنشأت لجان مماثلة فى هذين الجهازين وقد سارت جامعة الدول العربية كذلك على نفس النهج، حيث أنشأت جهازا مماثلا بمقتضى المادة (14) من النظام الأساسى لموظفى الجامعة. وفقا لحكم هذه المادة فأنه يتم إنشاء لجنة استشارية لشئون موظفى الأمانة العامة، تكون مهمتها إبداء الرأى وإسداء المشورة فى المسائل المتعلقة بشئون الموظفين وحسن سير الإدارة، كما فى ذلك سياسة التعيين والترقية والرواتب والتعويضات وإنهاء الخدمة، وتشكل هذه اللجنة بقرار من الأمين العام من الرئيس والموظفين يختارهم الأمين العام لمدة سنة قابلة للتجديد وموظفين أصليين وموظفين احتياطيين ينتخبهما موظف الفئات الثلاث الأولى سنويا بالاقتراع السرى من موظفى هذه الفئات والفئات الثلاث هى

  • الفئة الأولى: وتشمل الوظائف الرئيسية،
  • الفئة الثانية: وتشمل الوظائف التخصصية،
  • الفئة الثالثة: وتشمل وظائف الخدمات الإدارية.

وتحدد الإشارة فى هذا الصدد إلى أنه فى الحالات التى تكون رئاسة اللجنة الاستشارية المذكورة للرئيس الإدارى الأعلى للجهاز الدولى، مثل الأمين العام، وكما هو الحال بالنسبة للجنة الخاصة بكل من منظمة الطيران المدني الدولى والاتحاد الدولى للمواصلات التليفونية، فإن تلك اللجنة تظل مع ذلك محتفظة بطابعها الإستشارى، بمعنى أن القرار الذى يصدر بالأغلبية بعد المداولات، يعد رأيا استشاريا إذا كان الرئيس من الرأى الذى لم يحصل على الأغلبية ولكن على العكس من ذلك إذا كان القرار قد صدر بالأغلبية التى كان يؤيدها رئيس اللجنة الاستشارية، فتكون بصدد قرارات وليس مجرد رأى استشارى. وتنص على هذا الحكم صراحة المادة (11/5) من النظام القانونى لموظفى منظمة الطيران المدنى الدولى كما تنطبق هذه المادة كذلك حكما يلزم الأمين العام للمنظمة بأن يعرض على الجهاز التشريعى للمنظمة (الجهاز العام) كل مسائلة تم عرضها على اللجنة الاستشارية عندما يتعذر على هذه اللجنة إصدار قرار بسبب عدم توفر الأغلبية اللازمة لصدور القرار ولكن الرئيس الأعلى (الأمين العام) رفض القرار الذى وافقت عليه أغلبية اللجنة( ). وسوف نقوم بعرض لبعض هذه اللجان بشئ من التفصيل:-

أولا: اللجان الإدارية بمنظمة الأمم المتحدة.

أ- هيئة الاستئناف المشتركة بالأمانة العامة للأمم المتحدة:
ينشئ الأمين العام جهازا إداريا يساهم فيه الموظفين سداء التضحية فى حاله اسئناف موظف لقرار إدارى صادر ضده ويدعى مخالفة لشروط تعبئة أو أنه غير متضمن لكل النظم والأحتكام التى يجب مراعاتها أو ضد القرارات التأديبية وهذه اللجنة تشكل كالأتى:
1- رئيس يختاره الأمين العام سنويا بعد استشارة لجنة شئون الموظفين.
2- عضو أصلى وآخر احتياطى يعينه سنويا الأمين العام.
3- عضو أصلى وآخر إحتياطى ينتخب سنويا بواسطة موظفى الأمانة العامة.
4- سكرتير أصلى وآخر احتياطى يعينهما الأمين العالم بناء على ترشيح من مكتب المستخدمين بالنسبة للأصلى ومن إدارة الوصايه والمعلومات من الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتى بالنسبة للاحتياطى. وتختص هذه اللجنة بتقديم النصح والمشورة للسكرتير العام فى حالة تظلم الموظفين من القرارات الإدارية المسؤلة بعدم المشروعية وأيضا القرارت التأديبية.

ب- اللجنة الاستشارية الخاصة بالأمانة العامة للأمم المتحدة
وتشكل هذه الهيئة من رئيس يعينه السكرتير العام بناء على ترشيح من رئيس محكمة العدل الدولية وعضو، وعضوية أربعة أعضاء يعينهم السكرتير بالأتفاق مع مجلس الموظفين، وسكرتير يعينه الأمين العام أيضا من بين موظفى مكتب الشئون القانونية، وتختص هذه الهيئة لتقديم النصيحة للسكرتير العام فى حالة فصل الموظفين بسبب سوء السلوك أو ظهور بيانات خلاف تلك التى قدمها الموظف عند تعينه.

ج- اللجنة الاستشارية المختلطة:
أنشأت الأمانة العامة للأمم المتحدة، لجنة استشارية مختلطة طبقا للمادة 8/2 من النظام القانونى لموظفي الأمانة العامة، والمادة 108/2 من لائحة موظفي الأمم المتحدة.
تشكيلها:

أ- تتكون هذه اللجنة من رئيس يعينه الأمين العام من بين الأسماء التى توجد فى قائمة المرشحين لهذه الوظائف، وهذه القائمة يقوم بإعدادها مجلس موظفى الأمم المتحدة.

ب- ثلاثة أعضاء أصليين وثلاثة آخرون احتياطيين يمثلون مجلس موظفي الأمم المتحدة.

ج- عضوان أصليان واثنان ممثلون السكرتير العام وتختص هذه اللجنة بتقديم الآراء للسكرتير العام فى جميع المسائل العامة للموظفين وكل ما فيه خيرهم مثل الشروط العامة للتعيين وأحكام الآداء الوظيفى وما يتصل بها من أمر مثل المرتبات وساعات العمل والأجازات والامتيازات

أنشئت منظمة الدول الأمريكية لجان إدارية إستشارية من هذا القبيل.

أ) لجنة التظلمات:
وتشكل لجنة التظلمات الإدارية بمنظمة الدول الأمريكية على النحو التالى:
1- عضو يعينه السكرتارية العامة.
2- عضو تعينه لجنة الموظفين.
3- عضو ثالث يعينه الجهتين السابقتين بالانصاف بينهما.
وتختص بإبداء الرأى للسكرتير العام قبل أن يصدر أمره فى المسائل التأديبية.

ب) اللجنة الاستشارية لمنظمة الدول الأمريكية:
وتشكل هذه اللجنة الاستشارية لإعادة النظر بمنظمة الدول الأمريكية على النحو التالى:
1- عضو تعينة السكرتارية العامة
2- عضو يعينه لجنة الموظفين.
3- عضو ثالث يعينه الجهتين السابقتين بالانصاف بينهما.
وجدير بالذكر أن السكرتارية العامة ولجنة الموظفين تعين كل عام عضواً أصلياً واثنين احتياطيين لمدة سنة، وذلك من أجل تشكيل لجنة التظلمات، واللجنة الإستشارية لإعادة النظرز أما العضو الثالث فيجرى تعيينه لكل حالة على حدة ولا يجوز لأى من هؤلاء الأعضاء أن يمارس مهامه فى تلك اللجان فى الحالات التى يكون منها أحد أعضاء الإدارة التى ينتمى إليها طرفاً فى الموضوع المطروح وتختص هذه اللجنة بإبداء المشورة للسكرتير العام فى الطعون أو فى طلبات إعادة النظر المقدمة من الموظفين ضد القرارات التأديبية.

ثالثاً: المجلس الاستئنافي لمنظمة اليونسكو:

وفقاً للمادة 29 من لائحة شئون موظفى اليونسكو وتشكل مجلس إستئنافياً على النحو التالى:
1- رئيس يعين من قبل المجلس التنفيذى لليونسكو
2- عضوين أصليين يعينهم المدير العام ليونسكو وعضوين آخرين إحتياطيين.
3- عضوين أصليين ممثلون المظفون يتم إنتخابهم بواسطة موظفى اليونسكو وعضوين آخرين إحتياطيين.
ويختص المجلس الاستئنافي لمنظمة اليونسكو بالنظر فى الطعون ضد القرارات التأديبية، كما يختص أيضاً بنظر طلبات التعويض المترتبة على القرارات المطعون منها.
وجدير بالذكر أن هذا المجلس لا يصدر قرارات واجبة النفاذ بل يبدى منها بطرح عله من طعون آراء إستشارية فقط.

رابعاً: مجلس موظفى الجامعة العربية:

ولقد أنشئت جامعة الدول العربية طبقاً للمادة (14) من النظام الأساسى لموظفى الجامعة، جهازاً ممثلاً هو مجلس موظفى الجامعة، ويتكون هذا المجلس من الامناء المساعدين ومديري الإدارات، ويرأسه الأمين العام بدون تمثيل العاملين فى الإدارات المختلفة لأمانة جامعة الدول العربية، ويشمل الإختصاص الإستشارى لهذا المجلس عديداً من المسائل مما فى ذلك تحديد شروط التعيين فى وظائف الجامعة، وإختيارهم والترقية والنقل وذلك طبقاً للمادة 20، 21 من لائحة موظفى جامعة الدول العربية().

وتوجد لجان عديدة بمختلف الإدارات والأجهزة يتم إستطلاع رأيها قبل إصدار القرارات التى تمس شئون الموظفين الدوليين، ونشير فيما يلى إلى لجنتين من هذه اللجان وهما: لجان التأديب المشتركة ولجان مراجعة العقود.

أولاً: لجان التأديب المشتركة:
إذا قارف الموظف الدولى خطأ أو أتى إهمالاً فى أعمال وطيفته فإنه يكون عرضة للجزاء التأديبى الذى يوقعه الرئيس المباشر أو رئيس الإدارة الدولية التابع لها. وهذه الجزاءات الإدارية تتنوع وتتعدد حسب درجة الخطأ أو الذنب الإدارى الذى ارتكبه الموظف، والقاعدة العامة المتبعة فى كافة الأجهزة الدولية أن الجزاء التأديبى لا يمكن توقيعه على الموظف الدولى إلا بعد التحقيق معه وسماع أقواله فيما نسب إليه، وبعد أخذ رأى اللجنة التأديبية المختصة.
ونستعرض فيما يلى بعض الأحكام الأساسية لهذه اللجان التأديبية حسبما وردت فى النظم واللوائح الوظيفية الخاصة بالأجهزة والإدارات الدولية.

وبالرجوع إلى لائحة موظفى الأمم المتحدة بنضح أنها قد أشارت فى المادة (10) منها إلى اللجنة التأديبية المشتركة والتى تتولى تقديم المشورة إلى الأمين العام عند إتحاد الإجراءات التأديبية مثل موظفى المنظمة، سواء العاملين بمقر المنظمة فى نيويورك أو فى مكتبها بجينف. وتتألف هذه اللجنة وفقاً لما حددته المادة 110/2 من لائحة موظفى المنظمة من ثلاثة أعضاء، هو الرئيس ويختاره الأمين العام من لجنة يعينها سنوياً بعد التشاور مع لجنة العاملين وعضو يعنيه الأمين العام سنوياً، وثالث ينتخبه العاملون ويجب أن يكون العامل الذى يجلس فى هذه اللجنة شاغلاً لدرجة معادلة على الأقل لدرجة الموظف( ) لأن التصدى لفحص ادعاء أحد الموظفين أو أعلى منه، ولا يجوز فى جميع الأحوال أن يعرض الأمر على من هم أقل منه درجة، ففى منظمة الصحة العالمية ينقسم أعضاء مجلس إلى ثالثة مجموعات:
– عضوان ينتميان إلى الموظفين المعينين محلياً.
– عضوان ينتميان إلى المستوى 1أ وحتى 3أ من جدول تصنيف الوظائف.
– عضوان ينتميان إلى المستوى 4 أو ما يعلوه.
ولا يجف لاعضاء ينتمون لطائفة أقل من تلك التى ينتمى إليها الموظف المشاركة فى نظر الأمر كما ينبغى أن يكون أحد الأعضاء من نفس طائفة الطاعن.
وتنطبق هذه القواعد فى منظمة اليونسكو والتى تتطلب بالإضافة لذلك ضرورة مراعاة التوزيع الجغرافى العادل عند تشكيل المجلس( ).
ومما جدير بالذكر أن نظام موظفى منظمة الدول الأمريكية قد التزم نفس الإسلوب المتقدم حيث جعل عرض أمر توقيع جزاء تأديبى على الموظف ضرورياً وجدياً على “اللجنة التأديبية المشتركة” والتى تقوم بإسداء النصح والمشورة للسكرتير العام عند توقيع الجزاءات التأديبية، وعلى أن يستثنى من ذلك جزاء (التحذير الشفوي) فلا يحتاج توقيعه إلى أخذ رأى تلك اللجنة مسبقاً، وفقاً إلى ما أشارت إليه المادة 111/3 من النظام المذكور وإن كان يلاحظ أن ثمة مغايرة بين تشكيل اللجنة التأديبية المشتركة فى هذا النظام المشار إليه من ثلاثة أعضاء:
1- رئيس أساسى وعضوين متناوبين يختارهم السكرتير العام سنوياً من قائمة بأسماء عشرة موظفين، يعدها كل عام بالتشاور مع لجنة هيئة الموظفين.
2- عضو رئيسى وعضوين متناوبين يعينهم السكرتير العام سنوياً.
ويجوز أن يحل السكرتير العام محل الرئيس أو العضوين المتناوبين الذين عينهم السكرتير العام. وهذا التشكيل يخالف التشكيل المقرر للجنة التأديبية المشتركة المنصوص عليها فى لائحة موظفى الأمم المتحدة( ).

ثانياً: لجان مراجعة القيود:

من أهم الأمور التى أهتمت بها الأمم المتحدة كانت مسألة ضمان الحد الأقصى من الأمن الوظيفى للعاملين منها، وتمشياً مع هذا الإتجاه تم تعديل النظام القانونى لموظفى الأمم المتحده بواسطة الجمعية العامة فى الدول السابقة بما يعطى الأمين العام سلطة مطلقة فى تسريح الموظفين بمقتضى عقود مؤقته حتى يمكن بالتدرج أنقاص عدد موظفى هذه الطائفة إلى الحد الأدنى بحيث يكون موظفوا الأمم المتحدة من العاملين بصفة دائمة. وتحقيق هذه الغاية أنشئت لجان المراجعة فى نطاق الأمم المتحدة.

1- إنشاء لجان المراجعة:
فى سنة 1952 أعلن الأمين العام للأمم المتحدة عن رغبته فى القيام بدراسة وضع الموظفين المؤقتين والعمل إلى تحوليهم إلى موظفين دائمين كلما كان ذلك ممكناً وللوصول إلى هذه النتيجة تشكل لجنة الاختبار برئاسة أقدم الأمناء المساعدين لعصبة الأمم “مستر وولترز” مهمتها دراسة هذه الحالات بصفة فردية وتقديم التوصيات بشأنها للأمين العام للأمم المتحدة وهى التوصيات والتى إما أن تكون بمنحهم وظائف دائمة أو تسريحهم أو الإبقاء عليهم فى وظائف لمدة محدودة. ثم مدت هذه اللجنة دائرة نشاطها فيما بعد لدراسة أوضاع موظفى الأمم المتحدة فى المقر الأوربى بعد أن تولى إدارتها “مستر موديرو”.
ولقد أنشئت لجان مماثلة لدراسة موظفى اللجان الإقتصادية التابعة للأمم المتحدة خاصة اللجنة الإقتصادية “لآسيا” والشرق الأقصى واللجنة الإقتصادية لأمريكا اللاتينية، ويلاحظ أن هذه اللجان أنشئت بعد الإتفاق مع ممثلى الوظفين الدوليين. وبعد إستقالة “مستر والترز” سنة 1953 قام الأمين العام بعد التشاور مع لجنة الموظفين بإنشاء لجنتين فى مقر الأمم المتحدة فى مايو 1953 تتولى إحداهما دراسة وضع موظفى أجهزة الأمم المتحدة والأخرى لدراسة أحوال موظفى الأقسام العامة وكانت مهمة اللجنتين متابعة دراسة المراجعة الشاملة للعقود وكانت كل لجنة إلى جانب الرئيس ثلاثة من كبار موظفى الأمانة العامة فى حين كان العضو الخامس يتم إختياره بواسطة الموظفين. ومن ناحية أخرى، فإن اللجنة التحضيرية لمنظمة الأمم المتحدة أقترحت سنة 1945م ان يتم مراجعة أوضاع الموظفين الدائمين كل خمسة عشرة سنة ومن أجل ذلك يشكل الأمين العام لجنة لمراجعة العقود الدائمة لهذا الغرض.

2- إجراءات ونشاط اللجان:
وجود اللجان الإستشارية الخاصة فى الأمانة العامة تحقق رقابة هامة فى اختيار الموظفين، حيث يمر هذا الإختيار بمراحل متعددة تتولى احداها بعناية فائقة لجنة التعيينات والترقيات التى من سلطتها إقتراح التعيين تحت التمرين لمدة سنتين. وعند انتهاء مدة التمرين يمكن تعيين الموظف لمدة غير محدودة بناء على اقتراح أحد لجان المراجعة الثلاث حيث تقوم هذه اللجان بإبلاغ السكرتير العام بوجهة نظرها بخصوص توافر الشروط المطلوبة للتعيين بصفة دائمة فى الوظيفة، واخيراً فإن هذا التعيين يخضع بصفة دائمة للمراجعة مرة أخرى كلما مضى على الموظف فى العمل مدة خمسة عشر سنة للتأكد دائماً أن هذا الموظف يستجمع دائماً الصفات اللازمة للوظيفة التى يكون قد وصل إليها بعد انقضاء هذه المدة. ذلك لأن هذه اللجان المختلفة تقوم بدراسة مواصفات العمل والإختصاص والتكامل فى الموظفين، ونعطى أهمية لمدى الكفاية الجثمانية وغير ذلك من العناصر العديدة. ومن حق هذه اللجان أن تقوم بإجراء تحقيق عندما يكون ذلك ضرورياً. ويجب أن يحال إلى هذه اللجان عند تقييمها للموظف الملف الكامل والتقارير السنوية وآراء الرئيس الأعلى المباشر ومكتب الموظفين. وخلال مدة معينة كانت أعمال لجنة “وولتز” سرية بالكامل، كما أن وثائقها أعدمت بالكامل مما أدى إلى إضطراب أحوال الأمانة العامة( ).

3- آثار هذه اللجان وظيفتها:
وقد ثار التساؤل بمناسبة ممارسة لجان المراجعة لإختصاصها المشار إليه، عند الأثر المترتب على عدم قيام هذه اللجان بدراسة أوضاع الموظفين الذين أنهوا مدة الإختبار وقدرها سنتان، وعما إذا كان القرار الذى يصدر بفصل الموظف، بغير إستطلاع رأى هذه اللجان، يعتبر قرار غير مشروع يسوغ للموظف المفصول حق الطعن فى هذا القرار أمام المحاكم الإدارية الدولية؟
تعرضت المحكمة الإدارية للأمم المتحدة، لهاتين المسألتين فى حكمها الصادر فى الرابع عشر من شهر ديسمبر 1954 فى قضية (19) ” روسل كب”.
وتتلخص وقائع هذه القضية فى أن الطاعن كان يعمل فى الأمم المتحدة وقد حصل بعد إنتهاء عقدين ابرما مدة كل منهما سنة واحدة، على عقد عمل غير محدد المدة. ونتيجة تخفيض العمالة بسبب ضغط الإنفاق، فقد تم إنهاء عقه وقد تمسك الطاعن أمام المحكمة بالمنشور الإدارى الصادر بتاريخ 8 مارس سنة 1954، ورأى أنه يمنحه الحق فى البقاء والإستمرار فى وظيفته، ريثما تنتهى لجنة المراجعة من دراسة حالته، وأن هذه اللجنة ملزمة بدراسة حالات الموظفين الذين أنهوا مدة الإختبار وقدرها سنتان. وفضلاً عن ذلك فقد أشار الطاعن إلى أن عدم دعوته للمثول أمام اللجنة المذكورة بمثل إنتهاكاً آخر للمنشور المشار إليه. وقد لاحظت المحكمة أن المنشور الإدارى سالف الذكر قيمه قانونية بحسبان أنه يعد جزءاً من لائحة الموظفين وأن هذا المنشور ينص على دراسة وضع الموظف بعد إنقضاء مدة الإختبار المذكورة لكى يتجدد وضعه، وهذا الحكم واجب وملزم للإدارة لأن الأمر يتعلق بتقرير مصير الموظف، وبذلك يكون الطاعن على حق فى التمسك بهذا الإجراء.

وقد أشارت المحكمة فى هذا الأمر على ضرورة أن يتم عرض الأمر على لجنة المراجعة، وإنتهاء هذه اللجنة من عملها خلال مدة معقولة. لأن الأصل هو عدم جواز مد فترة الإختبار لمدة تزيد على سنتين.
وقد رأت المحكمة من جهة أنه لا يترتب على ما سبق أن يكون للموظف الحق فى البقاء والإستمرار فى الوظيفة لحين الإنتهاء من دراسة وضعه بواسطة لجنة المراجعة، لأن ذلك يعطل أحكام اللائحة المتعلقة بتسريح الوظفين سيما حكم المادة 9/1ج الذى يخول الأمين العام إنهاء التعيين فى أى وقت، طالما كان هذا الإجراء متفقاً مع صالح الأمم المتحدة على نحو ما أشارت هذه المادة. وبذلك يكون التسريح صحيحاً دائماً بدون عرض الأمر فى لجنة المراجعة.
وعلى الرغم من أن المحكمة قد اعترفت فى قضائها بوقوع إخلال بالإلتزام الذى يقع على عاتق الإدارة بغرض الحالة على لجنة المراجعة، بالنسبة للمعينين بعد مضى فترة الإختيار، إلا أنها رفضت الدعوى مع ذلك، وأقامت رفضها على أساس أن هذه الإخلال لا تربطه بقرار الفصل علاقة سببية أو رابطة قانونية ضرورية( ).

المطلب الثانى الضمانات الإدارية اللاحقة على صدور القرار الإداري

تعتبر الضمانات الإدارية اللاحقة على صدور القرار الإداري من أهم الضمانات للموظف سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الدولي فعن طريقة يستطيع الموظف بمراجعة الإدارة فى القرار الصادر ضده.
فالقرار الإداري هو: (طبقاً لما استقرت عليه أحكام القضاء الإداري في خصوص تعريف القرار الإداري) بأنه عمل قانوني من جانب واحد يصدر بالإدارة الملزمة لإحدى الجهات الإدارية في الدولة لما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح فى الشكل الذي يتطلبه القانون بقصد إنشاء وضع قانوني معين ابتغاء مصلحة عامة( ).

وهناك ثلاثة أنواع تسلكها الدول بصدد الرقابة الإدارية وهى:

  • 1- التظلم الولائى: وبذلك بأن يتقدم ذو المصلحة إلى من صدر منه التصرف المخالف للقانون طالباً منه أن يعيد النظر فى تصرفه إما بسحبه أو بإلغائه أو بتعديله، بعد أن يبصره بوجه الخطأ الذى أرتكبه.
  • 2- التظلم الرياسى: وهنا يتظلم المضرور إلى رئيس مصدر القرار فيتولى الرئيس بناء على سلكته الرياسية، سحب القرار أو إلغاءه أو تعديله بما يجعله مطابقاً للقانون. وقد يتولى الرئيس من تلقاء نفسه ممارسة هذه السلطة دون تظلم.
  • 3- التظلم إلى لجنة إدارية خاصة: وهذه اللجنة تشكل عادة من موظفين إداريين من طبقة معينة، وتحقق للإفراد بعض الضمانات التى لا تتوافر فى الطريقتين السابقتين( ).

وعلى المستوى الدولي يحق للموظف الدولي بمقتضى الأحكام آلتي تضمنتها كافة لوائح ونظم الموظفين الخاصة بغالبية الإدارات والأجهزة الدولية المختلفة، أن يطعن فى القرار الصادر فى حقه من رئيس الإدارة الدولية المختلفة، أن يطعن فى القرار الصادر فى حقه من رئيس الإدارة الدولية، إدا ما رأى أن هذا القرار يشكل مخالفة لأحكام لائحة الموظفين، أو الشروط التى تضمنها عقد استخدامه فى المنظمة. ويمثل هذا الطعن ضمانه من الضمانات التالية لصدور القرار الإداري.
ويتم عرض هذا الطعن على جهاز مشترك، يطلق عليه تسميان متعددة في كافة الإدارات الدولية. ويصدر هذا الجهاز رأيه فى الطعن المرفوع إليه، ويقدم تقرير بشأنه إلى الأمين العام الذى يصدر القرار الإداري النهائي.
ونستعرض فيما يلى الأحكام الخاصة بهذا الجهاز فى كل من منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الدول الأمريكية ومنظمة اليونسكو والمنظمة الأوروبية للتعاون الاقتصادي وإتحاد البريد العالمى بحسبان أن هذه المنظمات تضم العدد الأكبر حالياً من الموظفين الدوليين، كما أنه يمكن من خلال تناول أحكام هذه الأجهزة التعرف على أوجه وأساليب الطعن الذى يقدمه الموظف القرار الإدارى المخالف والإجراءات الواجب إتباعها فى تقديم الطعون، وتلك التى يتعين التقيد بها عند نظر هذه الطعون( ).

1- لجنة الطعن المشتركة لمنظمة الأمم المتحدة:
قررت الجمعية العامة بقرار أصدرته فى 13 فبراير سنة 1946 إنشاء نظام لصالح موظفى الأمانة العامة يضمن لهم حماية إدارية وقضائية ثلاثية تشمل:
أ) إجراءات إدارية فى مسائل التأديب وفسخ العقود يشترك فيها ممثلون عن الموظفين، تقوم بمهمتها قبل أتحاذ الإجراء الإدارى فى هاتين الحالتين.
ب) إجراءات إدارية فى الحالتين السابقتين أيضاً يشترك فيها ممثلون عن الموظفين تنظر فى القرار الإدارى بعد صدوره.
ج) إنشاء جهاز قضائى ينظر فى القرارات بعد صدورها ومرورها من الإجراءين السابقين.
وكانت هذه اللجنة الإستئناف تختص بالنظر فى الطعون التى تقدم ضد أى قرار يصدر بالتطبيق لأحكام المنشورات الإدارية التى يصدرها الأمين العام، والقرارات التى تصدر مؤسسة على العادات الإدارية فى مسائل فسخ العقود الموظفين كما كان يشمل إختصاصها أيضاً النظر فى الإجراءات التأديبية، والطعون المؤسسة على عدم إحترام شروط عقد العمل، أو أى طعن أياً كانت طبيعته إذا رأى الأمين العام أن هذا الطعن يدخل فى إختصاص هذه اللجنة وكانت اللجنة تتكون من رئيس غير تابع للأمانة العامة، وأربعة أعضاء، إثنان منهم يتم إختيارهم من بين القائمة المقدمة من ممثلى الموظفين، والعنصران الآخران يتم إختيارهم من بين الأسماء الواردة فى القائمة التى يقدمها الأمين العام.

وقد أثبتت هذه الطريقة أن إنشائها كان أمراً ضرورياً للغاية ويكفى لبيان ذلك أنها كانت فى حالة إنعقاد شبه دائم بحيث عقدت 65 جلسة خلال المدة التى تنحصر بين تاريخ إنشائها فى 3 ابريل 1947 و 3 يونيه 1948، لقد تغير تشكيل اللجنة خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة ستة عشرة مرة بحيث لم يبق من أعضائها عند التشكيل الأول طيلة هذه المدة سوى رئيس اللجنة وسكرتيرها.
وبعد إنقضاء المدة التى أشرنا إليها تغيرت تسمية اللجنة بحيث أصبحت تسمى لجنة الطعن المختارة ولقد أصبح استمرار هذه اللجنة معرضاً للخطر فى اللحظة التى بدأ فيها التفكير فى إنشاء المحكمة الإدارية للأمم المتحدة سنة 1949، وذلك نظراً لأن الأمين العام وبعض وفود الدول اعتقدت أن هذه اللجنة ذات طبيعة مؤقته وأن استمرارها فى آداء مهمتها مرهون بإنشاء جهاز قضائى بالمعنى الكامل بحيث لا يبقى بعد إنشاء هذا الجهاز القضائي الإداري الدولى أى مبرر لإستمرار اللجنة فى مباشرة وظائفها. وحقيقةً أن قرار الجمعية العامة بتاريخ 13 فبراير سنة 1946 قد ينص على هذا الجهاز القضائى ولكن هذا القرار تضمن فى الوقت ذاته اللائحة المؤقتة لموظفي الأمانة العامة التى اشتملت على المادة 33 التى قررت إنشاء لجنة للطعن أمامها ضد القرارات وهذا يعنى أن تعد بمثابة طريق للطعن، يجب أن يبقى قائماً حتى بعد إنشاء جهة الطعن الإدارى القضائية، لإختلاف طبيعة كل من هذين النوعين من الطعن سواء فى القوانين الإدارية الوطنية والقانون الدولى الإدارى.

* المقارنة بين اختصاص اللجنة والمحكمة:

لو أن الرأى المنادى بإلغاء اللجنة قد أنتصر لأدى ذلك إلى وضع خطير للغاية وذلك لأن اختصاص اللجنة أشمل من اختصاص المحكمة الإدارية للأمم المتحدة والتى لو كان إنشاؤها مقروناً أو مشروطاً بإلغاء اللجنة لأدى ذلك إلى التقهقر إلى الخلف فى نطاق ضمانات الموظفين الدوليين ضد تعسف الإدارة الدولية وذلك لأن اللجنة يدخل فى اختصاصها النظر فى الطعون التى ترفع ضد سائر القرارات المتعلقة بتطبيق أحكام لائحة الموظفين وكذلك سائر الإجراءات الإدارية التى تتخذها الإدارة فى مسائل فسخ العقود وأيضاً كل القرارات الإدارية المتصلة بالشروط العامة للإستخدام. كذلك تختص اللجنة بالنظر فى الطعون المرفوعة ضد سائر الإجراءات التأديبية وهو الاختصاص الذى حجب صراحة عن المحكمة الإدارية بالنص الصريح على ذلك، وهكذا فإن إلغاء اللجنة كأن يؤدى حتماً إلى حرمان الموظفين من حق الطعن فى هذه المسائل، وكذلك فإن اللجنة مختصة بالنظر فى الطعون ضد القرارات الإدارية التى تصدر فى طلبات منح العلاوات المقدمة من الموظفين فى حين أن المحكمة ليس لها هذا الأختصاص بصورة شاملة كذلك فإن الأمين العام له الحق فى أن يعرض على اللجنة آية مسألة مهما كانت طبيعتها وهذا ما لا تستطيع المحكمة القيام به طبقاً لنظامها القانونى، والأمر هنا يتعلق بالنسبة للجنة بإختصاص لا مقابل له فى النظام الأساسى للمحكمة ويعد هذا الشرط ذا أهمية بالغة لأنه يفتح باب الطعن فى سائر الحالات التى لا يمكن توقعها والنص عليها. وأخيراً فإن اللجنة من سلطاتها تقديم التوصيات بخصوص سائر المسائل التى يعرضها عليها الأمين العام أو لجنة الموظفين بعد موافقة الأمين العام.
وتجدر الإشارة إلى أن الموظفين يعلقون أهمية كبرى على هذا الإختصاص الذى لا تملكه المحكمة الإدارية لأنه عن طريقه يمكن إنقاص حالات أوجه الخلاف بينهم وبين جهة الإدارة إلى حد كبير للغاية.
والدليل على ذلك التسليم نهائياً بالإحتفاظ باللجنة قائمة تباشر إختصاصها بالرغم من إنشاء المحكمة الإدارية ومباشرتها فعلاً لوظائفها فإن السبب فى الإبقاء على اللجنة إنما يعزى إلى الرغبة فى تقليل حالات الخلاف بين ممثلى الموظفين والإدارة الدولية إلى أكبر قدر مستطاع لأن إلغاء اللجنة كان سيؤدى حتماً وبالضرورة إلى أختناق المحكمة بسيل من الطعون المرفوعة من الموظفين ضد الإدارة الدولية ممثلة فى الأمين العام للأمم المتحدة، وما قد يترتب على ذلك من التشدد فى المواقف عند نظر هذه الطعون من جانب هذه الطعون.

* تشكيل اللجنة:

روعى عند صياغة الأحكام القانونية الخاصة بتشكيل اللجنة أن يكون هذا التشكيل مؤدياً إلى توفير عنصر الموضوعية للجنة إلى أقصى الحدود الممكنة. وهذا يتضح من أن لجنة الطعن تتكون من ثلاثة أعضاء على الوجه الآتى: الرئيس يعينه الأمين العام لمدة سنة من بين الأسماء التى تحتويها قائمة يعدها الأمين العام سنوياً بعد أخذ رأى لجنة الموظفين، وعضوي يعينه الأمين العام لمدة سنة، والعضو الثالث يتولى الموظفون إنتخابه سنوياً، وعادة يكون هناك ثلاثة أعضاء إحتياطيون يختارون طبقاً للقواعد السابقة وفى حالة تغيب الأعضاء أو قيام مانع آخر يحول بينه وبين الإشتراك فى أعمال اللجنة يحل محله العضو الإحتياطى الذى يكون من ذات طائفته بالنسبة لأحكام العضوية فى اللجنة والعضوية فى اللجنة قابلة للتجديد. كذلك للأمين العام بعد أخذ رأى لجنة الموظفين أن يقبل أى عضو من الأسماء الواردة فى قائمة رؤساء اللجنة من وظائفه كذلك له الحق فى أن يقيل أعضاء اللجنة الأصليين والإحتياطيين الذين يتم تعيينهم بواسطة، كذلك للجنة الموظفين أن تقرر اغلبية الثلثين إعفاء العضو الذى انتخبته والعضو الإحتياطى أيضاً من وظائفهما. كذلك يستطيع رئيس اللجنة أن ينحى العضو أو العضو الإحتياطى عن نظر أحد الطعون إذا رأى أن العلاقات التى تربط العضو الأصلى أو الإحتياطى والموظف الذى يهمه الأمر تبرر هذا الإجراء كذلك يثبت لرئيس اللجنة سلطة إعفاء أحد الأعضاء من نظر طعن معين إذا وجد لهذا الإجراء ما يبرره.
ويلاحظ أنه إذا كان العضو قد اشترك فى لجنة التأديب المختلطة عندما تنظر هذه اللجنة الأخيرة فى طعن يتعلق بنفس الموضوع الذى سبق عرضه على لجنة التأديب المختلطة عندما كان نفس العضو عضواً فيها خلال فصلها فى الموضوع.
ويقوم رئيس اللجنة باستدعاء الأعضاء الاحتياطيين فى حالة رد العضو أو إقالته أو قيام مانع آخر من مباشرته لوظيفته.
وقد تؤدى الأوضاع السابقة إلى تعذر إستكمال تشكيل اللجنة وبذلك يكون من الممكن للمحكمة أن تباشر رقابتها فى هذا الغرض بطريق غير مباشر. وقد تأتى هذا الوضع الإستئنافى سنة 1952، لأن العضو المنتخب بواسطة الموظفين فى تلك السنة وهو “مستر بانك روفت” تعرض للإستجواب على يد اللجنة الفرعية للأمن الداخلى بمجلس الشيوخ الأمريكى، وانسحب بعد ذلك من إجتماعات اللجنة عند نظرها فى الطعون المقدمة من الموظفين الذين تعرضوا للإستجواب من جانب ذات الطعن ” مستر بانك روفت” من نظر الطعن المقدم للجنة من “والاتس” ولكنه لم يقم بإستدعاء العضو الإحتياطى المنتخب ليحل محله وبالرغم من ذلك قامت اللجنة بإصدار قرارها فى الطعون بدون حضور العضو الثالث ممثل الموظفين.
وعندما لجأ الطاعن إلى المحكمة الإدارية قررت ان اللجنة قد وقعت فى خطأ يتعلق بالإجراءات وبالتالى يكون الرأى الذى أصدرته فى الموضوع لا قيمه له، وطلبت المحكمة من رئيس لجنة الطعن أن يحترم إجراءات تشكيل اللجنة على النحو الآتى:

* إجراءات اللجنة:

يجب على الموظف قبل الطعن أمام اللجنة أن يقوم أولاً خلال مدة معينة بأن يرسل للإدارة خطاباً يطلب فيه أن تعيد النظر من جديد فى حالته، ومن الواضح أن هذا الإجراء يعد نوعاً من الطعون الإدارية الذى يتم عن طريق التظلم مقدماً للإدارة من قرارها. ورد الإدارة على هذا الخطاب هو الذى يكون موضوع الطعن أمام لجنة الطعن فإذا لم يتلقى الموظف أى رد على تظلمه من الإدارة خلال أسبوعين من تاريخ إرسال الطعن، يكون للموظف إبتداءاً من هذا التاريخ تقديم الطعن الإدارى مباشرة إلى لجنة الطعن.
وعندما يكون الأمر معلقاً بإجراء تأديبى صادر من السكرتير العام لا يكون الموظف ملزماً بالتظلم من هذا الإجراء إذا كان قرار الأمين العام قد صدر بعد عرض الأمر على لجنة التأديب المشتركة، ويلاحظ أن عدم إحترام الموعيد التى تحددها نصوص القانون يؤدى إلى إغلاق باب الطعن أمام اللجنة مع ذلك تستطيع قبول الطعن إستثناء فى هذه الحالة مع ملاحظة أن قرار اللجنة يمد ميعاد الطعن لا يخضع لرقابة المحكمة الإدارية للأمم المتحدة.
ويجب أن يعلن الموظف بتشكيل اللجنة قبل أن تبدأ هذه اللجنة فى نظر حالته، وذلك حتى يتسنى له أن يرد اللجنة أو أحد أعضائها إذا رأى مبرراً لذلك ويمكن للموظف أن يختار أحد الموظفين لتمثيله أو مساعدته فى الإجراءات أمام اللجنة ولكنه لا يستطيع أن يختار لهذه المهمة شخصاً أجنبياً عن الأمانة العامة.

يلاحظ أخيراً أن الطعن أمام اللجنة ليس له أثر موقف واللجنة عند دراسة الطعون المقدمة لها “يجب أن تباشر مهمتها بالسرعة التى تسمح لها بالقيام بدراسة عادلة للطعن”. هذا هو تفسير اللائحة الذي يتطلب من اللجنة أن تبذل أقصى طاقتها للفصل فى الطعن بأقصى ما تستطيع من السرعة بدون تأخير ولكن كما هو معلوم لنا فإن اللجنة مشكلة من ثلاثة أعضاء, لذلك فإن الأغلبية الوحيدة الممكنة هى صدور القرار بموافقة عضوين والتى تكون فى ذات الوقت بالرغم ن أنها الأغلبية البسيطة حسب القواعد العامة فى التصويت فى الأجهزة والمنظمات الدولية أغلبية الثلثين فى حالة لجنة الطعن المختلطة. ويجب على اللجنة أن تسمح أو تراجع وجهات نظر الطرفين حسبما إذا كان الأمر يتعلق باستجواب تقوم به اللجنة أو مذكرات يقدمها الطرفان إليها. ويجب أن يتم ذلك فى الحالتين بإحدى لغات العمل الرسمية للجنة، وللجنة أن تستدعى أمامها من ترى من الضرورى الإدلاء برأيه من موظفى الأمانة العامة، كما أن لها أن تطلب تقديم المستندات التى تراها ضرورية للفصل فى النزاع، وأعمال اللجنة سرية، وتصدر قراراتها بالأغلبية البسيطة ويجب أن ترسل إلى الأمين العام تقريراً يتضمن قرارها فى الموضوع ولذلك فى نهاية ثلاثة أسابيع من تاريخ بدء نظرها للطعن ويجب أن يشتمل التقرير على بيان المداولات وتحليل شامل للموضوع وتوصيات اللجنة وبيان موقف أعضاء اللجنة عند التصويت على القرار ومن حق كل عضو أن يطلب إرفاق رأيه المخالف للأغلبية وذلك أخذاً بالنظام الأنجلو سكسونى، ويلاحظ بناء على ما سبق أن القرار الإدارى النهائى يصدره الأمين العام بعد وصول تقرير اللجنة إليه.
وتوجد لجنة للطعن أخرى تختص بنظر الطعون التى يقدمها موظفو الأمم المتحدة العاملون فى المقر الأوروبى فى جنيف، كذلك يكون من حق موظفى الأمم المتحدة العاملين خارج المقر الرئيسى أو المقر الأوروبى تقديم طعونهم إلى إحدى لجنتى الطعن السابقتين بالشروط المحددة لذلك فى حالة عدم وجود لجان طعن إقليمية أخرى( ).

2) المجلس الإستئنافى لمنظمة اليونسكو:

بتاريخ 31 مارس سنة 1948 أنشأ المجلس التنفيذي، المجلس الإستئنافى لليونسكو ـ ووفقاً للمادة (29) من لائحة موظفى اليونسكو، فإن النصوص الخاص بالمجلس الإستئنافى، تعتبر نصوصاً مؤقتة، كما أن اختصاص المجلس محدود كما سيتضح فيما بعد.
ويشكل المجلس من خمسة أعضاء لهم حق متساوٍ فى التصويت، وذلك على النحو التالى:
عضوين يعينهما المدير العام لليونسكو بصفة أصلية، وأثنين آخرين بصفة إحتياطية، وعضوين آخرين يمثلان الموظفين، يتم إنتخابهما بواسطة موظفى اليونسكو من بين الأسماء الواردة فى قائمة المرشحين للعضوية أما الرئيس فهو محايد، ويقوم المجلس التنفيذى لليونسكو بتعيينه كما يقوم المجلس بتعيين رئيس آخر أو عدة رؤساء آخرين فى ذات الوقت ليحل أحدهم محل الرئيس فى ممارسة أختصاصه عن قيام مانع لدى الرئيس. فضلاً عن ذلك فإن المدير العام لليونسكو يقوم بتعيين سكرتير للمجلس لا يكون له الحق فى التصويت على قرار المجلس. ويحق للموظف الطاعن أن يرد أى إثنين من أعضاء المجلس، سواء كان ممن يقوم المدير العام لليونسكو بتعينهما أم ينتخبان من قبل موظفى اليونسكو، ويعتبر الرد المقدم ضد أى عضوين بمثابة رد للعضوين الآخرين بالتبعية.
وبالنسبة لإختصاص المجلس المذكور فهو ليس عاماً أو مطلقاً، وإنما هو إختصاص محدود كما ذكرنا، فهو يقتصر فحسب على المنازعات التى تثور بين منظمة اليونسكو وموظفيها. ويشمل ذلك الموظفين المعينين بصفة مؤقته، سيما من يعين من هؤلاء للعمل فى المؤتمرات العامة لليونسكو, وكذلك المعينين بعقود محددة المدة حتى لو بلغت هذه المدة أياماً معدودة وقصيرة.
ويشمل إختصاص المجلس، النظر فى الطعون الموجهة إلى القرارات الصادرة بأنهاء وفسخ العقود، والتى ينطوى على إخلال ومخالفة لشروط العقد، والإجراءات التاديبية التى يتخذها المدير العام ضد الطاعن، وكذا طلبات التعويض عند هذه القرارات. ويملك المجلس كذلك نظر المسائل الأخرى التى يصدر بتحديدها وبعرضها على المجلس قرار المدير العام ، ومع ذلك فإن المدير العام لم يمارس هذا الإختصاص بعد.

وفقاً لما سبق أن أشرنا إليه عند تناول إختصاص اللجان الإستئنافية للأمم المتحدة. فإن المجلس الإستئنافى لمنظمة اليونسكو لن يتعرض أو يتصدى للنظر فى موضوع النزاع أو ملائمة إصدار القرار، ولكن يفق إختصاص المجلس فى هذه الحالة عند بحث ما إذا كان القرار قد صدر بدافع التحيز أو كان منطوياً على تعسف فى إستعمال السلطة أو إساءة لإستعمالها( ).
وتتميز الإجراءات أمام المجلس بالتبسيط الكامل وبأنها بدون مصاريف، تصدر القرارات خلال مدة قصيرة. ويجب أن يكون القرار محل الطعن قد سبق التظلم منه أمام رئيس العمل الذى يجب عليه الرد خلال خمسة عشر يوماً، وفقط يختص المجلس بالنظر فى القرار الإيجابى أو السلبى الذى يصدر من هذا الرئيس. ويكون من حق الطاعن أن يطلب مساعدته موظف آخر فى الإجراءات أمام المجلس ولكن ليس له الإستعانة وجلسات المجلس غير علنية. وذلك حتى لا تمتلئ بالموظفين الذين قد يهتمون بمتابعة الطعن أمام المجلس وما يترتب على ذلك من تعطيل العمل. ولا يصدر عن المجلس قرارات نافذه لأنه يصدر مجرد رأى يخطر به المدير العام لليونسكو وبذلك لا يكون له إختصاص قضائى ويعد رئيس المجلس مشروع الرأى الذى تم التصويت عليه وإعتماده. ونظراً لأن رئيس المجلس عادة يكون احد مستشارى مجلس الدولة فإن آراء المجلس تتم صياغتها بالأسلوب الذى تصاغ به أحكام مجلس الدولة الفرنسى. ويلحق بالرأى شرحاً للآراء المعارضة للرأى الذى حاز موافقة أغلبية أعضاء المجلس. وفيما يتعلق بالقانون الذى يطبقه المجلس ـ فإنه يسهر على إحترام اللوائح والقواعد, ولقد رفض المجلس فى الرأى الذى أصدره فى 7 ديسمبر 1950 طلب الطاعن تأسيس طعنه من الناحية القانونية على نصوص القوانين الوطنية، ولكن فى حالة سكون نصوص قوانين اليونسكو أو العقود بالنسبة لحكم معين، فإن المجلس فى هذه الحالة يطبق المبادئ العامة للقانون( ).

المبحث الثانى الضمانات القضائية

إذا كان العصر الحالى هو بالفعل عصر التنظيمات والتجمعات الدولية فإنه قد نما مع هذه التنظيمات قانونها الإداري والأمر بالنسبة لهذا القانون الإدارى يحتاج كما هو الحال بالنسبة لأى نظام قانونى إلى سلطة مختصة يكون من واجباتها الفصل فى المنازعات الإدارية التى قد تنشب بين المنظمة وبين موظفيها. أو بين المنظمة وبين من يصيبه ضرر بسبب ممارساتها أو نشاطاتها المختلفة من أجل رعاية الحقوق المشروعة هذا الجهاز القضائى يعتبر الشكل الحمائى الفعال للموظف الدولى وخاصة وأنه مشكل من قضاه مستقلون فى الرأى ويتمتعون بالنزاهة ويملك هذا الجهاز القدرة القانونية على إصدار أحكام ملزمة وواجبه النفاذ إحتراماً للمشروعية، وتطبيقاً لقواعد العدل ومبادئ الإنصاف، ولا شك أن وجود مثل هذا الجهاز الحمائى يعتبر الوسيلة الفعالة لضمان حقوق موظفى المنظمة الدولية ضد ما قد يصيبهم من أضرار بسبب القرارات غير المشروعة أو غير العادلة التى قد تصدر عن أجهزة المنظمة. وإلى هذا المعنى كانت قد ذهبت محكمة العدل الدولية فى رأيها الإستشارى المتعلق بأثر أحكام المحكمة الإدارية للأمم المتحدة كان أمراً ضرورياً لتأمين موظفى المنظمة ضد ما قد يصيبهم بسبب القرارات غير المشروعة التى تصدر قبلهم/ وبالتالى فإنه ينبغى توفير حماية قضائية لهؤلاء الموظفين كى يشعروا بالثقة والاستقرار والطمأنينة، وهذا يعود بالفائدة على الموظفين ويحقق أهداف ومصالح المنظمة( ).

والضمانات القضائية هى فى الأصل مقررة للموظف على المستوى الوطنى ضد عسف الإدارة وانتقلت منه إلى المستوى الدولى لحماية العاملين فى المنظمات الدولية وعلى المستوى الوطنى قد يخصص قضاء مختص بالنظر فى إلقاء القرارات الإدارية المعيبه والصادرة على غير مقتضى اللوائح والقوانين، وهو القضاء المزدوج والذى يشمل بجانب القضاء العادى قضاء إدارى مختص بالنظر فى القرارات الإدارية المعيبة ومثال ذلك القضاء الإدارى فى مصر وفرنسا. وقد يكون القضاء موحد أى أنه لا يوجد قضاء مختص بالنظر فى القرارات الإدارية على حده وهذا النظام موجود فى الدول الأنجلو سكسونية ويشير عادة فقهاء القانون الإدارى إلى كل من إنجلترا وأمريكا بإعتبارهما مثالين للدول التى تأخذ بالقضاء الدولى الموحد( ).
وبعد هذه المقدمة للرقابة القضائية على المستوى الدولى والوطنى سوف نتعرض لمراحل تطور القضاء الإدارى الدولى فى مطلب والتطبيقات المختلفة لتداعى الموظف الدولى أمام بعض المحاكم الإدارية الدولية فى مطلب آخر.

المطلب الأول مراحل تطوير القضاء الإدارى الدولى ونشأة المحاكم الإدارية

نظراً للطبيعة الخاصة للقانون الذى يحكم الوظيفة الدولية، وهى طبيعة تتصل إتصالاً وثيقاً بالأسلوب الإدارى الخاص الذى تنتهجه المنظمة الخاص الذى تنتهجه المنظمة الدولية فى علاقتها بموظفيها، إنما تجعل القضاء الوطنى غير مؤهل فى حسم النازعات التى تثور بينها وبين العاملين لديها. وقد نشا القانون الدولى الإدارى نتيجة الإعتراف بالشخصية القانونية الدولية للمنظمات الدولية، والذى يضم الضمانات الضرورية للموظفين الدوليين، خاصة الضمانات القضائية التى نحن بصددها والسبب فى إنحدار اختصاص المحاكم الوطنية فى هذا الصدد، لا يرجع إلى الحصانة التى تتمتع بها المنظمات الدولية، التى تحول دون مقاضاة موظفيها لها أمام المحاكم، وإنما يتعلق الأمر فى هذه الحالة بإنعدام الإختصاص كلية، وعدم قبوله بصفة مطلقة( ) ووجود المحاكم الإدارية الدولية لتلك المنظمات ضرورى لتكملة النقص الموجود فى القانون العام للوظيفة الدولية من خلال ما ترسيه مبادئ عامة عبر سوابقها القضائية التى تتبلور بتصديها لما يعرض عليها من منازعات، وكذلك إنشاء جهاز للقضاء الإدارى الدولى ليس فقط مجرد ضمان للموظفين الدوليين وإنما يعد ضرورياً لحسن الآداء داخل المنظمة وكذلك لمصلحة جماعة الدول المكونة للمنظمة، وأيضاً لأن انتظام الحياة الإدارية يضمن للرؤساء الإداريين فى المنظمة الوسائل اللازمة لإتمام مهامهم الكبيرة. وأخيراً لأن الحق فى التظلم واللجوء إلى القضاء يعد من الملامح الأساسية لحقوق الإنسان( ) وسوف تعرض لتطور المحاكم الإدارية الدولية:

أولاً: المحكمة الإدرايه لعصبة الأمم:

ناطت عصبة الأمم باللجنة الدائمة التابعة لها فى عام 1952 مهمة وضع مشروع ميثاق (دستور) لمحكمة إدارية تابعة للعصبة، حيث تمكنت هذه اللجنة من إعداد هذا المشروع فى أبريل سنة 1927 وكانت النيه قد اتجهت فى البداية إلى وضع دستور المحكمة الإدارية لعصبة الأمم على سبيل التجربة لمدة ثلاث سنوات، ويترك للجمعية العامة للعصبة إعادة النظر فيه عند إنتهاء هذه المدة فى عام 1931، وذلك فى ضوء الظروف والتجارب المتحصلة. غير أنه بحلول هذا الموعد، فقد استقر الرأى على إعتماد هذا الدستور بحالته، وبدون أى تعديل. وبذلك يكون قد تأكد بصفة دائمة فى عام 1931، قيام أول محكمة إدارية دولية. وتتكون المحكمة الإدارية لعصبة الأمم من ثلاثة قضاه أصليين وثلاثة آخرين إحتياطيين، يتم تعيينهم بواسطة مجلس العصبة، وينتمى كل منهم إلى جنسية مختلفة ويعين القضاه الأصليون والمناوبون لمدة ثلاث سنوات. وعند الفصل فى المنازعات، تشكل المحكمة من ثالثة قضاه، ويكون إحداهما على الأقل قاضياً أصلياً. وتصدر الأحكام بأغلبية الاصوات، وهى نهائية ولا تقبل الطعن.
وقد منحت المحكمة إختصاصاًَ بنظر المنازعات التى تنطوى على مخالفة لشروط إستخدام الموظفين الدوليين فى كل من سكرتارية عصبة الأمم وصندوق المعاشات والمكتب الدولى للعمل (السكرتارية الدائمة للمنظمة الدولية للعمل)، وكذلك المنازعات التى تشكل مخالفة لنصوص اللوائح التى تطبق على هؤلاء الموظفين. وقد مارست المحكمة، التى وصفت بأنها هيئة قضائية، إختصاصاً تحكيمياً ـ كذلك الذى تباشره محاكم التحكيم. وذلك بالنسبة لموظفى المعهد الدولى للتعاون الثقافى، ومكتب نوزن الدولى للاجئين، والمعهد الدولى للسينما التعليمية.
أما القواعد الخاصة بالإجراءات المعنية أمام المحكمة، فتتلخص فى أن اللجوء إلى المحكمة إنما يتقرر:
أ) للموظف حتى لو انتهى عمله، ولكل من يرث حقوق الموظف.
ب) لكل شخص آخر يستطيع إثبات حقوق ناشئة عن عقد خاص بالموظف المتوفى، أو يكون له حق الإنتفاع بخصوص لائحة الموظفين، والتى كان يمكن للموظف المتوفى أن يتمسك بها، ولا يقبل أى طعن أمام المحكمة إلا إذا كان القرار المطعون فيه نهائياً، وكان صاحب الشأن قد استنفذ كل أوجه الطعن التى تخولها له لائحة الموظفين فى هذا الصدد.
ويعتبر مضى ستين يوماً على تقديم التظلم إلى الهيئة الإدارية التى أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية دون أن تجيب عنه تلك الهيئات المختصة بمثابة رفضه وهو ما يشكل قراراً ضمنياً نهائياً بالرفض يخول لذى الشأن الطعن فيه أمام المحكمة. ولا يترتب على تقديم الطعن إلى المحكمة وفق تنفيذ القرارات المطعون عليها. وفى حالة ما إذا نازع مجلس إدارة المكتب الدولى للعمل، أو مجلس إدارة صندوق المعاشات فى قرار اتخذته المحكمة يتعلق بإختصاصها ويؤكد هذا الإختصاص، فإنه يفترض أن قرار المحكمة معيب بخطأ جوهرى فى الإجراءات فى هذه الحالة. ويقوم مجلس الإدارة بعرض مسألة مشروعية قرار المحكمة فى هذا الغرض على محكمة العدل الدولية لتبدى رأيها الإستشارى فى شأنه ويكون لهذا الرأى قوة إلزامية.
رأت المحكمة الإدارية لعصبة الأمم، فى حالة ما إذا رأت أن الطعن قائم على أساس، إلغاء القرار المطعون فيه، أو الأمر بتنفيذ الإلتزام المطالب به أما إذا كان الإلغاء أو التنفيذ غير ممكن ومستحيلاً مادياً فأنه يكون للمحكمة أن تقضى بالتعويض الذى يغطى الضرر الذى أصاب صاحب الشأن.

وقد عقدت المحكمة ثمانى دورات فى الفترة من عام 1929 إلى 1946 وأصدرت ما يقرب من أربعين حكماً. وكان النظام الأساسى للمحكمة يقيل فضلاً عن الطعون الفردية التى تقدم من موظف واحد ـ الطعون الجماعية التى يتقدم بها مجموعة من الموظفين.
وقد أكدت المحكمة فى أثنى عشر قراراً أحدرته فى أعقاب الحرب العالمية الثانية فى 26 فبراير سنة 1946، أن سكرتارية عصبة الأمم والمكتب الدولى للعمل، لا يستطيعان أن يطبقا على موظفيهما السابقين بعض التعديلات المستحدثة فى اللوائح، كما لا تملك جمعية العصبة إجراء التعديلات كذلك. وعلى أثر قرارات المحكمة التى أصدرتها فى هذا الصدد، طرحت مسألة القوة النتفيذية لهذه القرارات على اللجنة المالية للعصبة فى الإجتماع الحادى والعشرين لجمعية عصبة الأمم فى عام 1946.
وقد أثير آنذاك أن قبول قرارات المحكمة الإدارية للعصبة يعنى أن قرارات تلك المحكمة لها من السلطة والقوة ما يعلو على قرارات الجمعية ذاتها, والتى تكون سلطتها هى الأساس لسلطة المحكمة وما تصدره من قرارات وقد سلمت اللجنة المالية بأن قرارات المحكمة لا يمكن أن تعلو عن إرادة الهيئة (جمعية العصبة) التى أنشأت المحكمة والتى تستمد المحكمة سلكتها منها واقترحت اللجنة على الجمعية ألا تنفذ قرارات المحكمة. وبالرغم من بعض التحفظات التى أبداها بعض الأعضاء، فإن الجمعية قبلت اقتراحات اللجنة المالية بعدم تنفيذ قرارات المحكمة.

ويجدر ونحن فى مقام سرد التطور التاريخى، وبيان المراحل التى مر بها إنشاء المحاكم الإدارية الخاصة بالمنظمات الدولية، أن نشير إلى أنه قد ثار على أثر تشكيل المحكمة الإدارية لعصبة الأمم، اقتراح بإنشاء محكمة إدارية للمعهد الدولى للزراعة فى روما. وقد أبدى هذا الإقتراح إبان إنعقاد الجمعية العاشرة للمعهد فى 14 أكتوبر سنة 1930، وبعد أن تمت دراسته من قبل اللجان المختصة، تمت الموافقة عليه فى الجمعية التالية للمعهد والتى عقدت فى 17 أكتوبر سنة 1932، وشهد هذا التاريخ مولد المحكمة الإدارية للمعهد الدولى للزراعة.

وينص النظام الأساسى للمحكمة على تشكيل:
لجنة للصلح يتعين أن تعرض عليها كافة الدعاوى والطعون قبل تقديمها للمحكمة قدر المستطاع، وهو ما يخفف العبء على المحكمة. وتختص اللجنة والمحكمة بكل المنازعات المتعلقة بعقد الإستخدام أو بأحكام لائحة الموظفين، والتى يترتب عليها المساس بحقوق الموظفين التى يكفلها هذا العقد وتلك اللائحة.
ويقوم رئيس المعهد بناسبة نظر كل قضية على حدة، بتشكيل كل من اللجنة والمحكمة، حيث يضم هذا التشكيل ثلاثة أعضاء من جنسيات مختلفة، ويجب أن تكون هذه الجنسيات مختلفة أيضاً عن جنسية الطاعن. وعلى هذا فإن المحكمة ليس لها صفة الدوام أو الإستمرار، لأنها تشكل بمناسبة كل قضية بناء على طلب رئيس المعهد, وبمعرفة رئيس المحكمة الدائمة للعدل الدولى (الآن محكمة العدل الدولية). وفى حالة قيام مانع يتعلق بأحد أعضاء المحكمة، فإن رئيس محكمة العدل الدولية هو الذى يتولى تعيين قاضى يكون مقيماً فى روما (حيث مقر المحكمة) إن أمكن ذلك وتكون له نفس جنسية القاضى المتنحى( ).

ثانياً: المحكمة الإدارية لمنظمة العمل الدولية:

فى دورتها الحادية والعشرين ـ الأخيرة ـ أصدرت جمعية عصبة الأمم قرار فى 18 إبريل سنة 1946 بمقتضاه آلت المحكمة الإدارية للعصبة إلى منظمة العمل الدولية وأصبحت من هذا الوقت تسمى “المحكمة الإدارية لمنظمة العمل الدولية”.
ونفس القرار الصادر عن جمعية العصبة أعطى المحكمة الإختصاص بنظر المنازعات التالية حتى 31 أكتوبر سنة 1946.
1- الطعون التى يرفعها موظفو العصبة بسبب عدم مراعاة لائحة شئون الموظفين أو بسبب مراعاة نصوص التعاقد المبرمة بينهم وبين العصبة.
2- المنازعات الخاصة بطلب التعويضات المنصوص عليها فى المادتين 45 ، 70 من لائحة شئون موظفى العصبة.
3- الطعون الخاصة بعدم مراعاة أحكام المادة الأولى من لائحة صندوق التعويضات.
تشكيل المحكمة:
وفقاً للمادة الثالثة من نظام المحكمة الإدارية لمنظمة العمل الدولية تتشكل المحكمة من ثلاثة قضاه أصليين، وثلاثة آخرين إحتياطيين شريطة أن يكون كل قاض منتمياً إلى جنسية مختلفة لتلك التى ينتمى إليها الآخر.
ولعله من الواضح أن معظم أنظمة القضاء الإدارى الدولى تشترط ضرورة ألا ينتمى أكثر من قاضى لجنسية واحدة. وسبب ذلك هو الحيلولة بين أن تتمتع دولة ما بإمتياز فى المحمة ولو كان من الناحية العددية فقط هذا من ناحية ومن ناحية أن الشرط يعود إلى وجود أفكار قانونية متعددة وهذا من شأنه أن يؤدى إلى إيجاد الحلول للمشاكل المطروحة أمام المحكمة خاصة فى حالة الشك أو الإلتباس حول النصوص واجبة التطليق وتفسيرها، وأيضاً فى حالة عدم وجود نصوص تحكم الوقائع المطروحة على ساحة المحكمة حيث فى هذه الفروض يتم الإستعانة بالمبادئ العامة للقانون، ثم أن تنوع جنسيات القضاء يعد فى حد ذاته ضمانة الإستقلال ولحسن آداء مهمة العدالة.
ويتم تعيين قضاة المحكمة بواسطة المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية دون الإلتزام بعمر معين أو جنس (ذكر ، أنثى) أو درجة علمية معينة. ومع ذلك فإن مجلس الرقابة وضع توجيهات عامة يتعين مراعاتها بالنسبة لتعيين القضاة وهى أن يكون المعين له خبرة قانونية كقضاة المحاكم المدنية أو الإدارية أو المحامين أو رجال القانون بصفة عامة.
ووفقاً للفقرة الثانية من المادة الثالثة من نظام المحكمة فإن قضاة المحكمة يعينون المدة ثلاث سنوات. ولكن بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية إمتدت فترة ولاية القضاة من الذين كانوا بخدمة المحكمة فى أول يناير سنة 1940 حتى أول أبريل 1947 وظلوا شاغلين لوظائفهم إلى أن تصدر الجهة المختصة قراراً بخلاف ذلك. وجدير بالذكر أن قضاة هذه المحكمة قابلون للعزل من وظائفهم، خاصة وأن نظام المحكمة لم يتضمن النص على أن قضائها غير قابلين للعزل.

* والسؤال الآن هل قضاة هذه المحكمة يعتبرون موظفون دوليون؟
دون أدنى شك أن قضاة المحكمة الإدارية لمنظمة العمل الدولية يؤدون وظيفة دولية ألا وهى حسم المنازعات التى تنشأ بين المنظمة وموظفيها. ولكن خلال فترة العطلات القضائية فإن هؤلاء القضاة يحتفظون بوظائفهم فى بلدانهم التى ينتمون إليها بجنسياتهم. وعلى هذا الأساس فمن الصعب منحهم صفة الموظف الدولى. إلا أنهم مع ذلك يستفيدون من الحصانة الدبلوماسية المقررة( ).

* إختصاص المحكمة:
تختص المحكمة الإدارية لمنظمة العمل الدولية بالفصل فى الطعون التى مبناها عدم مراعاة نصوص عقد الاستخدام، سواء من الناحية الموضوعية أو من الناحية الشكلية، كما تختص بالنظر فى الطلبات المتعلقة بعدم مراعاة نصوص لائحة الموظفين فى هذا الشأن وتختص كذلك بالنظر فى المنازعات المتعلقة بعدم مراعاة نصوص لائحة الموظفين فى هذا الشأن. وتختص كذلك بالنظر فى المنازعات المتعلقة بالتعويضات المنصوص عليها فى حالات عدم الصلاحية والحوادث والمرض الذى يصيب موظفاً أثناء تأدية وظيفته. وتختص أخيراً بالفصل في التظلمات والطعون الناشئة عن عدم إتباع أحكام لائحة صندوق المعاشات، أو القواعد المطبقة فى هذا المجال والتى تكون مدعى بها من الموظف أو فئة من الموظفين تطبق فى شأنهم أحكام اللائحة والقواعد المذكورة. هذا وقد باشرت المحكمة الإدارية لمنظمة العمل الدولية أسوة بالمحكمة الإدارية لعصبة الأمم، إختصاصاً تحكيما فى سنة 1947، وذلك بالنسبة لقدامى موظفى المعهد الدولى للتعاون الثقافى.
ولقد أدخل تعديل على المادة 2/4 من لائحة المحكمة المعتمدة فى 9 أكتوبر سنة 1946 والمعدلة فى 9 يونيه سنة 1949م، أصبحت المحكمة تختص بموجب النظر فى المنازعات الناشئة عن العقود التى تكون منظمة العمل الدولية طرفاً فيها. وهذا يمثل تجديداً فى إختصاص المحكمة وفى الإختصاص الممنوح للمحاكم الإدارية للمنظمات الدولية بوجه عام.
وهذا التوسع فى الإختصاص إنما يستند إلى مبررا تعينة منها أن المنظمة الدولية لا يمكن أن تخضع بحال، لقضاء محكمة أى دولة من الدول بشأن المنازعات المشار إليها، لأن ذلك يؤدى إلى عرقلة أعمال المنظمة، ويتقارض مع الحصانات الممنوحة لها. وكذلك فإن المنازعات الدولية فى خارج منازعاتها مع موظفيها أو ورثتهم والتى تطرح على محاكمها الإدارية حسبما سلف، قد يطلب منها على الدوام أن تؤدى أعمالاً وتصرفات تخضع للقانون الخاص، مثل العقود التى تبرمها مع مقاولين لبناء وتوسيع وصيانة مبانيها ومنشئاتها والعقود المبرمة مع أصحاب المطابع لطبع مستنداتها ووثائقها مثلاً، وكذلك العقود المبرمة مع شركات التأمين لتغطية المخاطر التى تتعرض لها. ففى هذه الأحوال ينبغى أن يكون هناك قضاء موحد يختص بالفعل فى المنازعات التى تطرأ بمناسبة تغير هذه العقود وتلك التصرفات ولا يجوز أن يترك الإختصاص لجهة معينة فى كل حالة على حدة، مثل عرض الأمر فى تلك الأحوال تارة على القضاء، وأخرى على التحكيم، وهو الحل الذى كان مقبولاً فى أغلب الأحيان فى الماضى.
ومن ناحية أخرى فإن ثمة تعديلاً آخر أصاب لائحة المحكمة الإدارية لمنظمة العمل الدولية، حيث أباح مؤتمر العمل الدولى فى سنة 1949 لهيئات ومنظمات دولية أخرى، حق الإلتجاء إلى المحكمة، وذلك بالتطبيق للفقرة الخامسة من المادة الثانية من لائحة المحكمة( ).

ثالثاً: المحكمة الإدارية لمنظمة الأمم المتحدة:

1- نشأة المحكمة:
بقيام منظمة الأمم المتحدة ظهرت الضرورة الملحة نحو إقامة محكمة إدارية تابعة للمنظمة، ولذلك أوصت اللجنة التحضيرية للأمم المتحدة بضرورة إنشاء محكمة إدارية للمنظمة الدولية بوصف كونها ضمانة لموظفى المنظمة، نظراً لإزدياد عدد الموظفين الدوليين بالمنظمة، وهؤلاء الموظفون لا يملكون حق اللجوء إلى القضاء الوطنى للدول التى تعمل المنظمة أو أحد فروعها على إقليمها أو قضاء الدول الذين ينتمون إليها هؤلاء الموظفين بجنسياتهم لعدم إختصاص هذه المحاكم بنظر تلك الدعاوى، وبالتالى فقد أصبح ضرورياً وضع نظام يكفل الحفاظ على حقوق هؤلاء الموظفين وييسر لهم سبل الإلتجاء إليه للدفاع عن حقوقهم، هو إنشاء محكمة إدارية للمنظمة ومن أجل هذا عهدت الجمعية العامة للأمم المتحدة لتقديمه إلى الجمعية العامة لإقراره فى أول إجتماع لها.
ولكن أرجئ عرض المشروع على الجمعية العامة فى حينه، سبب تباين مواقف بعض الدول الأعضاء من إنشاء المحكمة، واستمرت المناقشات حوالى ثلاث سنوات أسفرت عن إجراء عدة تعديلات فى المشروع السابق إعداده، ثم أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 351 بتاريخ 24 نوفمبر 1949 بإنشاء المحكمة الإدارية لمنظمة الأمم المتحدة وإعتماد النظام الأساسى للمحكمة( ).

2- تشكيل المحكمة:
يتم إختيار أعضاء المحكمة الإدارية للأمم المتحدة عن طريق لجنة المراقبة والتى عهده إليها فى عام 1946 بإعداد دراسة حول إنشاء هذه المحكمة قد اقترحت أن يتم إختيار أعضاء هذا الجهاز القضائى بواسطة محكمة العدل الدولية، كما تقدم بعض الاعضاء أمام اللجنة الخامسة للجمعية العامة بإقتراح أن يتم إختيار أعضاء المحكمة الإدارية بواسطة الجمعية العامة بناء على إقتراع من محكمة العدل الدولية. ولقد انتهى الأمر بجعل إختيار أعضاء المحكمة من بين إختصاصات الجهاز العام “الجمعية العامة”( ) وتتكون المحكمة من سبعة قضاه من جنسيات مختلفة، ويقوم ثلاثة بالفصل فى كل دعوى تعرض على المحكمة بحيث إذا تكلت دائرة لنظر نزاع من أكثر من ثلاثة قضاة فلا يكون العدد الزائد حق التصويت، ويصدر الحكم فى جميع الأحوال من ثلاثة قضاة فقط.
وأعضاء المحكمة الإدارية للأمم المتحدة ليس بموظفين دوليين ذلك لأنه يجوز لهؤلاء القضاة فى غير أدوار انعقاد المحكمة الإحتفاظ بوظائفهم فى الدول التى ينتمون إليها ومباشرتها، ويرجع ذلك إلى الطابع غير الدائم لعمل المحكمة والذى يتسم أيضاً بقصر وقت الجلسات وقلة عدد المنازعات المعروضة أمامها مما لا يبرر منعهم من إمتهان أعمال أخرى( ).

رابعاً: المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية:

بتاريخ 31/3/1964 أصدر مجلس الجامعة العربية قراره رقم 1980 بإنشاء المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية. وبالفعل تضمنت المادة الأولى من النظام الأساسى للمحكمة النص فى أنه “تنشأ بموجب هذا النظام محكمة تسمى المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية ويكون مقرها بجامعة الدول العربية”.

1- تشكيل المحكمة:

تؤلف المحكمة من خمسة قضاه. ولا يجوز أن يكون بها أكثر من قاضى واحد من مواطنى دولة بعينها. ويكون الفصل فى الدعاوى التى تنظرها المحكمة من هيئة تشكل من ثلاثة قضاه فقط من بين هؤلاء الخمسة.
أما عن كيفية شغل القضاة لمناصبهم فيتم وفقاً للإجراءات الآتية:
– لكل دولة عضو فى الجامعة أن ترشح لعضوية المحكمة أحد مواطنيها من رجال القانون أو القضاه.
– يعد الأمين العام لجامعة الدول العربية قائمة بأسماء المرشحين ومؤهلاتهم وجنسياتهم ويعرضها على مجلس الجامعة.
– ينتخب مجلس الجامعة بالإقتراع السرى خمسة من هؤلاء المرشحين، هذا ويعين مجلس الجامعة قضاة المحكمة لمدة ثلاث سنوات على أن يعين خلفاً لها قبل إنقضاء مدة ولايتهم بسنة. ويجوز إعادة تعيين القضاة لمدد أخرى وتنتخب المحكمة من بين أعضائها رئيساً ووكيلاً لها.
وجدير بالإشارة أن أعضاء المحكمة غير قابلين للعزل إلا إذا أجمع سائر الأعضاء على أن العضو قد أصبح غير مستوف للشروط المتطلبة فيه.
وإذا رغب أحد أعضاء المحكمة فى الإستقالة فيتقدم لها إلى رئيس المحكمة وبهذا يخلو منصبه. ويتولى رئيس المحكمة إبلاغ الإستقالة إلى الأمين العام للجامعة، حيث تتخذ إجراءات تعيين قائى خلفاً للمستقيل بذات الإجراءات سابق الإشارة إليها آنفاً، ولا يعين لمدة كاملة بل يتم مدة سلفه.
وهذا ويتمتع قضاة المحكمة بالمزايا والحصانات اللازمة لقيامهم بعملهم بصرف النظر عن جنسيتهم. وتكون حرمة مقر المحكمة ووثائقها ومحفوظاتها مصونة.

2- أدوار الإنعقاد:

تنعقد المحكمة فى إدوار إنعقاد عادية فى المواعيد المحددة فى نظامها الداخلى إن وجدت قضايا تبرر عقدها حسب تقرير رئيس المحكمة ولرئيس المحكمة حق عقد ادوار غير عادية فى حالة ما إذا كانت القضايا المدرجة بالجدول تستلزم ذلك، هذا وللمحكمة أن تقرر عقد جلساتها فى غير مقرها إذا دعت إلى ذلك ظروف إستثنائية.

3- حق التقاضى أمام المحكمة:

إن حق التقاضى أمام المحكمة الإدارية مقصور على موظفى ومستخدمى جامعة الدول العربية. وكل من تربطهم بها علاقة عمل حتى بعد إنتهاء خدماتهم لديها سواء بإقامة الدعوى مباشرة أم بطريق التدخل وكذلك لنوابهم وورثتهم( ).

المطلب الثانى التطبيقات المختلفة لتداعى الموظف الدولى أمام بعض المحاكم الإدارية

أولاً: إعداد وتحضير الدعوى:

تبدأ هذه المرحلة بعد أن يتقدم الموظف بصفته لدى قلم كتاب المحكمة أو السكرتارية واستيفائه للأوضاع الشكلية المطلوبة بما فى ذلك رفع الكفالة إن كان لذلك مقتضى وفى المحكمة الإدارية لمنظمة العمل الدولية بمجرد أن يتسلم رئيس قلم الكتاب الطعن فإن يكون مكلفاً بإخطار الإدارة والتى يجب عليها بدورها أن تجيب على هذا الإخطار مدعماً بالأوراق اللازمة خلال ثلاثين يوماً من إخطارها ويتولى بعد ذلك نقل رد الإدارة للموظف الطاعن. وعلى ذلك فإن رئيس قلم الكتاب يؤدى دور الوسيط بين الطرفين وعليه فى جميع الأحوال مراعاة المساواه بينهما.

ويلى هذه الخطوة قيام رئيس قلم الكتاب بإرسال ملف الطعن إلى رئيس المحكمة ويحوز هذا الأخير طبقاً للمادة 9 من النظام المحكمة سلطات هامة \فله من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أحد الأطراف أن يقرر إجراء تحقيق تكميلي ويمكنه تقديم مذكرة مكتوبة إضافية أو تقديم وثائق تكميلية وذلك خلال المدة التى يحددها (م 9/2 من اللائحة) وتمنح المادة 12/1 من لائحة المحكمة لرئيسها ليس فقط مطالبة الاطراف بتقديم وثائق إضافية ولكن تمنحه أيضاً سلطة سماع المدير العام للمنظمة وكذلك مدير صندوق المعاشات إذا كان لذلك متتضى وعندما يرى رئيس المحكمة أن إجراءات التحقيق قد إنتهت فإنه يعهد لقلم الكتاب بإدراج الدعوى جدول المحكمة لنظرها وإعلام الأطراف بذلك (م 9/3 من اللائحة الداخلية) وتطبق إجراءات مماثلة لما سبق فى إطار المحكمة الإدارية للأمم المتحدة حيث يحق لرئيس المحكمة بعد رد الإدارة على ما ورد فى الطعن إجراء ما يلزم من تحقيق وله طلب ما يراه ضرورياً من معلومات وسماع ما يراه من شهود أو خبراء (م 9/3 من اللائحة الداخلية لمحكمة الأمم المتحدة) كما له أن يعهد لأحد أعضاء المحكمة أو أحد الأفراد الذين لهم مصلحة مرتبطة بالدعوى لتهيئتها.

وتبدو أهمية المادة 9/3 فى أنها تسمح لرئيس المحكمة أن يتخذ ما يراه ملائماً من إجراءات لهدف إعداد الدعوى وتهيئتها قبل عرضها على المحكمة التى يمكنها بمجرد إجتماعها نظر الدعوى على وجه السرعة ويستخدم الرئيس هذه الرخصة بصفة مستمرة. وتعد مساءلة Bulsara مثالاً واضحاً على أهمية سماع عدة شهود متواجدين فى بلاد مختلفة من العالم ويصعب جمعهم أمام المحكمة وسماعهم، لذلك أستخدم رئيس المحكمة سلطاته وقام بجمع شهادة هؤلاء قبل الجلسة.
كذلك سمح هذا النص (م 9/3) بطلب الإيضاحات اللازمة من السكرتير العام للأمم المتحدة حول مسألة تتعلق بمكتب العون واللاجئين فى فلسطين.

ثانياً: نظر الدعوى:

بداءةً يتم نظر الدعوى من قبل الجهة القضائية بتشكيل محدد وعلى سبيل المثال فإنه فى إطار المحكمة الإدارية لمنظمة العمل الدولية يتم نظر الدعوى أمام دائرة مكونة من ثلاثة أعضاء (م 3/4) من النظام الأساسى وطبقاً للمادة 8 من اللائحة الداخلية للمحكمة الإدارية لمنظمة الوحدة الإفريقية تجتمع المحكمة بقضاة ثلاث وتصدر قراراتها بالأغلبية، كما تقضى المادة الخامسة من النظام الأساسى للمحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية بأن تؤلف المحكمة من خمسة قضاة ولا يجوز أن يكون بها أكثر من قاضى واحد من مواطنى دوله بعينها على أن يكون الفصل فى الدعاوى من هيئة تشكل من ثلاثة منهم فقط. كذلك تنظر محكمة العدل للمجموعة الاوروبية الدعاوى المعروضة عليها بدوائر تتكون كل منها على الاقل، من ثلاثة قضاه من بين أعضائها البالغ عددهم عشرة أعضاء.

ويتم نضر الدعاوى خلال أدوار الإنعقاد العادية وفى المواعيد التى تحددها اللوائح الداخلية لهذه الجهات القضائية ويجوز لرئيس المحكمة، حق عقد أدوار غير عادية إذا كانت القضايا المدرجة بالجدول تستلزم ذلك كما هو الحال فى جامعة الدول العربية (م 6 من النظام الأساسى) أو بناء على طلب رئيس مجلس إدارته مكتب العمل الدولى بالنسبة للمحمة الإدارية لمنظمة العمل الدولية (م 4 من النظام الأساسى). وتعقد الجهة القضائية جلستها، عادة فى مقرها والكائن دائماً بالمقر الرئيسى للمنظمة ويجوز لرئيس المحكمة أن يعين مكاناً آخر لعقد جلستها إذا دعت إلى ذلك ظروف إستثنائية، ويتم فى هذه الحالة إخطار الجهاز الإدارى للمنظمة قبل الإنعقاد بوقت كاف (م 5/4 من اللائحة الداخلية للمحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية) وعند بداية نظر الدعوى تفصل المحكمة فى ال؟؟؟؟ المتعلقة بولايتها( ).

1- التدخل فى الدعوى:

تعرضت المحكمة الإدارية للأمم المتحدة فى أحد أحكامها لهذه المسألة الهامة التى يعنى بها قانون المرافعات الدولى، وهى المسألة المتعلقة بالتدخل والإدخال فى الدعاوى الدولية. وقد تناولت المحكمة فى هذا الحكم، بيان الأشخاص الذين يحق لهم التدخل فى الدعوى المعروضة عليها، وتحديد أسباب هذا التدخل وحالاته.
وكانت نقابة الموظفين قد طلبت تدخلها فى الدعوى المنظورة أمام المحكمة وبررت تدخالها بكونها تمثل المصالح العامة للموظفين ولكان المحكمة رفضت قبول تدخل النقابة فى الدعوى، مستندة فى ذلك إلى الحكم الذى جاء به نص الفقرة الثانية من المادة الثانية من النظام الأساسى للمحكمة والذى يقضى صراحة بأن حق اللجوء إلى المحكمة مقصور فحسب على من ورد ذكرهم فى هذا النص وأن النقابة لا تندرج فى عداد من شملهم النص المذكور وقد وقفت لمحكمة عند هذا المعنى الحر فى الضيق لعبارة النص، وقضت بعدم قبول تدخل النقابة فى الدعوى، وأسست ذلك على أن اختصاصها قد جاء محدداً بمقتضى نظامها الأساسى الذى إعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث أشار هذا النظام إلى نطاق وحدود ذلك الإختصاص من حيث الموضوع والأشخاص.

ويتضح ذلك مما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة التاسعة عشر من ذلك النظام التى منحت حق التدخل لأوئك الذين منحو حق اللجوء إلى المحكمة وفقاً للنظام الداخلى للمحكمة، وكذلك لمن يمكن أن تتأثر حقوقهم بالحكم الصارد عن المحكمة دون سواهم.
إلا أن هذا الرأى قد تقرض للنقد على أساس أن هذا التفسير الضيق الذى أعطته المحكمة لتلك النصوص لا يمكن أن يحقق بالضرورة, الحماية الواجبة لحقوق المواطنين فى مواجهة الإدارة وهى الحماية التى تستهدفها وتسعى إليها دواماً النقابة التى ينتمى إليها الموظف. فتدخل النقابات فى الدعاوى التى يعتبر أعضاؤها أطرافاً فيها، أمر تكفله وتعترف به غالبية التشريعات الوطنية الخاصة بالنقابات المختلفة، من أجل حقوق الأعضاء والدفاع عن مصالحهم( ).

وفى إطار جامعة الدول العربية يجوز لكل ذى مصلحة أن يتدخل فى الدعوى مؤيداً لطلبات الخصوم.
وطبقاً للمادة 12 من اللائحة الداخلية للمحكمة الإدارية لمنظمة العمل الدولية لرئيس مجلس إدارات صندوق المعاشات ولمدير مكتب العمل الدولى أو من يمثلها وكذلك لكل شخص له مصلحة قانونية تتأثر بالدعوى المقامة أن يطلب التدخل فى الدعوى ولرئيس المحكمة أن تأمر قلم الكتاب بإخطار كل شخص تقدر المحكمة أنه يمكنه التدخل بأن يكون ؟؟؟ لحقوق ومصالح قانونية عرضة للتأثير بالدعوى المطروحة أمامها( ).

2- ضم الدعوى:

يجوز لهذه الجهات القضائية بقرار منها أن تضم عدة دعاوى مقامة من منبع واحد إذا قام بينهما إرتباط أو مماثلة تبرر قضاءها فيها بحكم واحد كما يجوز لها أن تقرر ضم عدة دعاوى بالطعن على قرار واحد (م 37 من اللائحة الداخلية للمحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية).
وفى مسألة Steijn وآخرين ضمت المحكمة الإدارية لمنظمة العمل الدولية خمسة طعون مختلفة نظراً لتعلقها بموضوع واحد، ومع ذلك فإن الحكم قد يتفاوت تبعاً للطعون، فعلى الرغم من أن الطاعنين قد أثاروا نفس المشكلات القانونية فإن طلبات كل منهم كانت مختلفة. كما ضمنت المحكمة فى مسألة Geisler تسعة طعون لتعلقهم بنفس الموضوع وقد تم رفضها جميعاً بعد نظر جوهر النزاع. وفى مسألة Benussi وآخرين حددت المحكمة شروط الضم وهى:
أ) وحدة الطلبات والدفوع.
ب) وحدة الوقائع المرتبطة بها أى تلك التى تعتمد عليها الدفوع أما الحجج فيمكن تنوعها( ).

* سماع الشهود:

يعد سماع الشهود من الإجراءات الشفوية أمام القضاء الإدارى الدولى، ويشابه هذا الإجراء ما جرى عليه العمل أمام القضاء الأنجلوسكسونى ويبدو واضحاً الابتعاد عن أسلوب مجلس الدولة. والأصل أن الشهادة تتعلق فقط بوقائع وخصوصاً ما يرتبط منها بالممارسات الإدارية، وعلى ذلك فإن الشهادة فيما يتعلق بمسألة قانونية تبدو أمراً إستثنائياً. ولقد لجأت المحكمة الإدارية لمنظمة العمل الدولية فى مسألة Weiss ضد المعهد الدولى للتعاون الفكرى لسماع شهادة السيد Herniat رئيس مجلس إدارة المعهد للتعرف على مسألة قانونية تمثلت فى تحديد السلطات التى كان يحوزها سنة 1939م لكفالة إستمرارية العمل بالمعهد. ولقد إرتكزت المحكمة على ما ورد فى شهادة المذكور حول هذه المسألة القانونية. ويتم عادة اللجوء للشهادة عندما يتعلق الأمر بدعوى انحراف فى السلطة ففى هذه الحالة يصعب إستخلاص الدليل من الأوراق والوثائق الإدارية( ).
3- الإختصاص الموضوعى للقضاء الإدارى الدولى:
على الرغم من إتساع نطاق الإختصاص الموضوعى لهذه الجهات القضائية فإن هذه الأجهزة لا تحوز سوى إختصاصات محدودة ولا يفترض إختصاص هذه الجهات وينبغى فى جميع الأحوال التقييد بما ورد فى النظام الأساسى للجهاز القضائى والذى يتحدد بمقتضاه إختصاصه.

* والشروط هى:

أولاً: إرتكاز الطعن على نصوص عقد التشغيل:
بالنسبة لوجود العقد فقد أكدت المحكمة الإدارية لمنظمة العمل الدولية على أن إختصاصها مرتبط بوجود عقد، وهذا العقد لا يتصور وجوده إلا إذا كان هناك إتفاق تام وغير متنازع عليه حول كافة المسائل التى تنظمها العلاقة العقدية.
وإذا ثار خلاف حول وجود عقد تشغيل الطاعن لدى المنظمة فإن هذه المحاكم تختص أيضاً بالنظر فى مدى حيازة الطاعن لهذا العقد من عدمه.

ثانياً: ارتكاز الطعن على القواعد القانونية التى تحكم أوضاع وشروط العمل.
ويتسع نطاق اختصاص الجهة القضائية إذا ما كان الطعن قائماً على مخالفة وإنتهاك “شروط العمل” ذلك لأن هذا المفهوم لا ينصرف فقط إلى نظام الموظفين أو اللوائح الخاصة بهم وإنما يمتد لينطوي تحته كافة القواعد القانونية للوظيفة العامة الدولية.

ثالثاً: وجود نزاع حقيقي وفعلي:
يجب أن يرتكز الطعن على وجود انتهاك أى نزاع فعلى وحقيقي، وعلى ذلك فإن هذه الجهات القضائية لا تنظر الطعون التى تتعلق بمنازعات تصويرية مجردة أو مستقبله( ).

شارك المقالة

1 تعليق

  1. دكتور محمد ربيع هاشم

    19 مايو، 2018 at 12:53 ص

    هذه الدراسة مقتطعة من اطروحتي للدكتوراه جامعة القاهرة 2001 والامانة العلمية تقتضي الاشارة الى المصدر
    ارجو تدارك ذلك منعا للمسئولية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.