بحث قانوني مميز حول التعويض عن السجن

مقال حول: بحث قانوني مميز حول التعويض عن السجن

بحث قانوني مميز حول التعويض عن السجن

الدكتور / ناصر بن محمد الجوفان

المقدمة :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله •

التمهيــد:

المبحث الأول : التعريف بمفردات العنوان :

المطلب الأول : تعريف التعويض :

1- تعريف التعويض في اللغة :
العوض في اللغة هو البدل ، ويجمع العوض على أعواض ، تقول: عضت فلاناً أو عوضته وأعضته أي: أعطيته بدل ما ذهب منه (1)•
جاء في تاج العروس: (والعوض -كعنب- الخلف ، وفي العباب: كل ما أعطيته من شيء فكان خلفاً) (2)• وتشتق من مادة العوض عدة اشتقاقات(3) والذي يعنينا منها هنا هو (التعويض) وهو البدل ، أو الخلف ، مقصوداً به الاستقبال ، جاء في لسان العرب: (والمستقبل التعويض) (4)•

2- تعريف التعويض في الاصطلاح الفقهي :
الناظر في كتاب الفقهاء القدامى لا يجد فيها تعريفاً اصطلاحياً للتعويض ، وإنما استعملوا بدله لفظ الضمان ، واختلف معنى الضمان عندهم ، فمنهم من يستعمله بمعنى التعويض ، ومنهم من يستعمله للتعويض وغيره ، وبعضهم يستعمله بمعنى لا يدخل فيه معنى التعويض، وهذا يبين من تعريفاتهم للضمان ، وعليه نورد (5) بعض تعريفاتهم للضمان ، لعلاقتها بالتعويض، فمن هذه التعريفات نذكر ما يأتي :

1- هو: (ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة بنفس أو دين أو عين) (6)•
2- هو: (إيجاب مثل التالف إن أمكن أو قيمته ، نفياً للضرر بقدر الإمكان) (1)•
3- هو: (عبارة عن رد مثل الهالك أو قيمته) (2)•
4- (شغل ذمة أخرى بالحق) (3)•
5- (التزام حق ثابت في ذمة غيره أو إحضار عين مضمونة أو يد من يستحق حضوره) (4)•
6- (واجب رد الشيء ، أو بدله بالمثل والقيمة) (5)•
7- (عبارة عن غرامة التالف) (6)•
8- (ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق) (7)•

وبالنظر إلى هذه التعريفات نجد أن الموافق منها لمعنى التعويض هو التعريفات التالية: الثاني ، والثالث ، والسادس ، السابع ، أما التعريفات الباقية مما ذكر فلا يدخل فيها معنى التعويض •
وإن كان التعويض متداخلاً مع الضمان في كلام الفقهاء المتقدمين، إلا أن الذي يظهر هو وجود فارق دقيق بينهما ، وهذا الفارق هو أن الضمان مطلق الالتزام بالتعويض، سواء حدث الضرر فعلاً أو كان متوقع الحدوث، بخلاف التعويض ، فإنه لا يجب إلا عندما يحدث الفعل الضرر فعلاً، وعليه يكون التعويض نتيجة للضمان (8)•
هذا وعند النظر في التعريفات التي ذكرها الفقهاء المعاصرون ، نجد أنها سعت إلى تحديد معناه ، وتخليصه من العموم الوارد في اصطلاح الضمان عند الفقهاء المتقدمين ، وفيما يلي نورد بعض هذه التعريفات :

1- هو: (رد بدل التالف) (1)•
ويؤخذ عليه كونه غير دقيق لأنه لم يبين ماهية التعويض •
2- (تغطية الضرر الواقع بالتعدي أو الخطأ) (2)•
ويؤخذ عليه شموله للقصاص والتعازير ، فهو إذا غير مانع •
3- (جبر الضرر الذي يلحق المصاب) (3)•
ويؤخذ عليه أنه أغفل إظهار صفة المالية في التعريف ، وهذا أمر أساس في التعويض ، لأن المقصود تخصيص هذا المصطلح بالتعويض عن الضرر بالمال ، وعليه يكون التعريف غير مانع لإمكان دخول القصاص والتعازير فيه •
3- هو: (المال الذي يحكم به على من أوقع ضرراً على غيره ، في نفس أو مال أو شرف) (4)•
وهذا التعريف هو الأولى بالاختيار ، للأمور الآتية :
أ- أنه بين ماهية التعويض وهو أنه مال يدفع للمتضرر عن طريق حكم الحاكم ، وهو بهذا يكون مانعاً من دخول غير المعروف فيه •
ب- أنه شمل نوعي الضرر ، الواجب التعويض عنهما ، وهما :
1- الضرر المادي •
2- الضرر الأدبي •
وهو بهذا يكون جامعاً لأفراد المعرف ، فتحقق بذلك كونه جامعاً مانعاً•

المطلب الثاني : تعريف السجن :

1- تعريف السجن في اللغة :

السجن مأخوذ من الفعل الماضي (سجن) ، والسين والجيم والنون أصل واحد ، وهو الحبس ، يقال: سجنته سجناً ، والسجن: المكان الذي يسجن فيه الإنسان ، قال الله عز وجل في قصة يوسف عليه السلام: قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه والا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين (1)•
وقد سجنه من باب نصر ، بمعنى حبسه (2)• ويقال للرجل: مسجون وسجين ، وللجماعة سجناء وسجنى ، ويقال للمرأة: سجين وسجينة ومسجونة وللجماعة: سجنى وسجائن • ويسمى من يتولى أمر المسجونين وحراستهم سجاناً والسجين موضع السجن ، ومكان فيه كتاب الفجار (3)•

2- تعريف السجن في الاصطلاح :

لم أقف على تعريف للسجن عند الفقهاء ، غير ما ورد عن شيخ الإسلام ابن تيمية (4)، والكاساني (5)، والسروجي (6)، فقد عرفه شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه: (تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه) (7)•
وعرفه الكاساني بأنه: (منع الشخص من الخروج إلى أشغاله الدينية والاجتماعية) •
وعرفه السروجي فقال: (والحبس مقر مانع من السعي في البلاد) (1)•
وعند النظر في تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية وتعريف الكاساني نجد أنهما عامان ، وقريبان من المعنى اللغوي الذي يدل على مطلق المنع • وعليه لا يلزم أن يكون السجن جعل المسجون في بنيان خاص معد لذلك ، ولكن ذلك لا يدل على عدم مشروعية اتخاذ سجن معين معد لذلك ، قال ابن العربي (2): (الامساك والحبس في البيوت كان في صدر الإسلام قبل أن يكثر الجناة ، فلما كثروا وخُشي قوتهم اتخذ لهم سجن) (3)•

فأما تعريف السروجي فقد ورد به التنصيص على مقر السجن وموضعه•
وقريب من السجن الحبس ، وهو مصدر من الفعل حبس ، ومعناه المنع والإمساك ، ويجمع على حبوس ، مثل فلوس ، ويقال للرجل : محبوس وحبيس ، وللجماعة محبوسون وحبس ، وللمرأة: حبيسة ، وللجمع: حبائس (4)• والسجن والحبس معناهما واحد في دلالة نصوص الكتاب والسنة ، قال الله تعالى: قالت ما جزاء من أراد بأهل سوء إلا أن يسجن أو عذاب أليم (5)•
وقال أيضاً: تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله (6)•
وجاء في الحديث: (الدنيا سجن المؤمن) (1)• وجاء فيه أيضاً: (إن الله حبس عن مكة الفيل) (2)•
وكذلك معناهما واحد عند الفقهاء (3)•
جدير بالذكر أن هذا التعريف للسجن يشمل التوقيف أيضاً ، وهذا يتفق مع مقصودنا في هذا البحث ، فإننا عندما رسمنا عنوان هذا البحث ، أردنا السجن بمعناه المتقدم الذي يدخل فيه التوقيف ، لأن أحكامهما فيما يتعلق بالتعويض واحدة ، سواء في الفقه أو النظام ، وليس المراد به السجن في الاصطلاح النظامي ، الذي هو: عقوبة تعزيرية يحكم بها شرعاً ، أو توقعها الجهة المختصة ذات الولاية بالفصل في دعاوى جزائية (4)•
فالسجن لابد أن يصدر به حكم قضائي ، بخلاف التوقيف ، وعقوبة السجن تنفذ في السجون ، بينما يودع الموقوف بأمر من السلطات المختصة في دور التوقيف •
والمقصود بالموقوفين : هم الذين لم يبت القضاء في أحكامهم لعدم تجاوزهم مرحلة الاتهام ، ويعاملون معاملة أخف من المسجونين ، ويشترك الجميع في كونهم مقيدي الحرية (5)•

المطلب الثالث : تعريف التعويض عن السجن :

بناء على ما تقدم معنا من تعريف للتعويض بصفة عامة ، فإننا نرى أن يكون تعريف التعويض عن السجن هو : (المال الذي يحكم به على من أوقع الضرر أو تسبب في وقوعه على المسجون في نفسه أو ماله أو شرفه) •

شرح التعريف :

قولنا: (المال) هذا من أجل بيان حقيقة التعويض ، وهو أنه مال يدفع للمتضرر •
قولنا: (على من أوقع الضرر أو تسبب في وقوعه) يبين الشخص الذي يحكم عليه بدفع التعويض ، كما يتناول التعويض عن الضرر الناشئ عن الفعل المباشر ، والتعويض عن الضرر الناشئ عن الفعل بطريق التسبب •
قولنا على (المسجون) هذا من أجل حصر التعويض هنا عن الضرر الحاصل بسبب السجن دون غيره وهو المراد هنا •
قولنا: (في نفسه) من أجل إدخال التعويض عن الضرر الجسدي •
قولنا: (أو ماله) من أجل إدخال التعويض عن الضرر المالي •
قولنا: (أو شرفه) من أجل إدخال التعويض عن الضرر الأدبي •

المبحث الثاني : دليل مشروعية السجن وحكمته :

المطلب الأول : دليل مشروعية السجن :

قامت الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والمعقول على مشروعية السجن ، وفيما يلي نذكر بعض هذه الأدلة :

أولاً : الدليل على مشروعية السجن من الكتاب :

دلت آيات كثيرة من الكتاب على مشروعية السجن ، وفيما يلي نذكر بعض هذه الآيات على سبيل التمثيل لا الحصر :
1- قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمناً ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذاً لمن الآثمين (1)•
وموضع الشاهد من هذه الآية قوله سبحانه تحبسونهما ووجه الاستشهاد، أن الله أمر بحبس الشاهدين فيما يتعلق بالوصية ، والأمر يفيد المشروعية ، ومعنى تحبسونهما أي توقفونهما (2)•
قال القرطبي (3): (وهذه الآية أصل في حبس من وجب عليه حق) (4)•
2- قوله تعالى: إنما جزاء الذي يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم(5)•
وموضع الشاهد من الآية قوله تعالى: أو ينفوا من الأرض ووجه الاستشهاد هو: أن هذه الآية بينت عقوبات قطاع الطريق ، ونصت على أن إحداها هي النفي من الأرض ، والنفي هو أحد معاني السجن ، لأنه نفي من سعة الدنيا إلى ضيق السجن ، فأصبح المسجون بمثابة المنفي من الأرض ، التي هي أوطانهم التي تشق عليهم مفارقتها (6)•
والمقصود أنه لا يستقيم الاستدلال بهذه الآية إلا عند من يرى من العلماء أن المراد بالنفي في هذه الآية هو السجن (7)•
ويتأكد قول هؤلاء بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (أحبسه حتى أعلم منه التوبة ، ولا أنفيه إلى بلد يؤذيهم) (1)•
ويفعل عثمان رضي الله عنه (2)•
ونكتفي بالاستدلال بهاتين الآيتين طلباً للاختصار •

ثانياً : الدليل على مشروعية السجن من السنة :

دلت أحاديث كثيرة على مشروعية السجن ، نذكر فيما يلي بعضاً منها:
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث النبي خيلاً قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال ، فربطوه بسارية من سواري المسجد ، فخرج إليه النبي فقال: (ما عندك يا ثمامة ؟)، فقال: عندي خير يا محمد إن تقتلني تقتل ذا دم ، وإن تنعم علي تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت ، فتركه حتى كان الغد ، ثم قال له: (ما عندك يا ثمامة ؟) ، فقال: ما قلت لك ، إن تنعم تنعم على شاكر ، فتركه حتى كان بعد الغد ، فقال: (ما عندك يا ثمامة ؟)، فقال: عندي ما قلت لك، فقال: (اطلقوا ثمامة)، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله) الحديث(3)•
ووجه الدلالة منه: أن ثمامة كان مربوطاً بإحدى سواري المسجد ، ويمر عليه الرسول أكثر من مرة ، في أيام متفرقة ، وفي ذلك إقرار منه وإقراره سنة •
2- ما ورد أن النبي (حبس رجلاً في تهمة) (4)•
ووجه الدلالة فيه: أن النبي حبس رجلاً في تهمة وهذا فعل منه وفعله سنة ، فدل على مشروعية السجن •
ونكتفي بإيراد هذين الحديثين على مشروعية السجن طلباً للاختصار•

ثالثاً : الدليل على مشروعية السجن من الإجماع :

دل الإجماع أيضاً على مشروعية السجن ، حيث وقع زمن الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم إلى الآن في جميع الأعصار والأمصار دون إنكار •
قال الزيلعي (1): (الحبس ثابت بالكتاب والسنة والإجماع •• أما الإجماع فلأن الصحابة ومن بعدهم أجمعوا عليه) (2)•
وقد حبس الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين (3)•

المطلب الثاني : حكمته :

شرع السجن لحكم عظيمة تعود مصالحها على الفرد والمجتمع، وقبل بيان هذه الحكم والغايات منه يحسن التنبيه إلى أن السجن في الشريعة الإسلامية ليس مقصوداً لذاته ، بل يتوصل به إلى غيره ، وهي تلك المقاصد والغايات – والتي سنذكر بعضها في هذا المطلب – إضافة إلى ذلك فإن الشريعة الإسلامية لم تتوسع في موجبات السجن ، كما هو في القانون ، وجعلت عوضاً عنه إقامة الحدود ، والتعزيرات البدنية ، مما يخفف من السلبيات الناتجة عن السجن على الدولة والفرد والأسرة، والتي تمثل نواة المجتمع •
والآن نسوق بعض الحكم من مشروعية السجن :
1- زجر الجاني وتأديبه ، فعندما تقيد حرية الجاني بالسجن فإنه يحس بألم هذه العقوبة البليغة ، فيرتدع عن الوقوع في المحرمات، والتعدي على حدود الله ، وحقوق الناس •
2- إصلاح الجاني وتهذيبه وتقويمه ، وتحقيق توبته ، ويظهر هذا في السجن في أمور منها أن عقوبة السجن تقيد حرية الشخص فتخرجه من سعة الدنيا إلى ضيقها مما يدعوه إلى مراجعته لنفسه ومحاسبته لها، وهذا يفيد في استصلاحه وتقويمه ، وتحقيق توبته ، ومنها أن السجن يعزله عن مسرح الفساد ، مما يدعو أيضاً إلى صلاح حاله حيث لا يخفى ما للمجاورة من تأثير في الطاعة أو المعصية ، ومنها أنه يمكن استصلاحه في السجن عن طريق الوعظ والإرشاد والتوجيه حيث هو ملزم بالبقاء في المكان ، ونفسه غالباً منكسرة بالسجن فيكون ذلك أدعى للقبول •
ومما يدل على هذه الحكمة من السجن ، ما ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه حبس رجلاً وقال: أحبسه حتى أعلم منه التوبة (1)•
3- يقصد منه أيضاً ردع غيره من الناس ، فإنهم إذا رأوا ما حل به من السجن كفوا عن الوقوع في المعاصي والمحرمات •
4- دفع الضرر عن المسلمين ، وذلك بحفظ أهل الجرائم الذين ينتهكون المحارم ويتعدون على حدود الله ، وحقوق المسلمين ، وهذا من مقاصد الشريعة فإنها جاءت بالمحافظة على المصالح الدينية والدنيوية ويظهر ذلك جلياً في المحافظة على الضروريات الخمس المعروفة •
5- استيفاء الحقوق ممن وجبت عليهم ، ولم يؤدوها إلى أهلها •
6- يقصد منه كشف حال المتهم ، والتحقق من أمره • فإما أن تثبت إدانته أو براءته ، وهذا يظهر جلياً في السجن لمدة قصيرة ، والذي يقابل التوقيف في التنظيمات المعاصرة (1)•

الفصل الأول التعويض عن السجن في النظام

المبحث الأول : تحقق الفعل :

وقد عبرنا بتحقق الفعل ، لأننا نرجح النظرية المادية على النظرية الشخصية ، لكونها أدق دلالة على المراد ، وذلك لأنه يوجد في القوانين نظريتان :
النظرية الأولى: النظرية الشخصية ، أو الذاتية ، وهي النظرية التي تقيم المسؤولية التقصيرية عن الخطأ ، فهي تنظر أولاً إلى الشخص ، وتتحرى نية الإضرار في سلوكه ، وتشترط الخطأ لقيام المسؤولية (2)• فالخطأ إخلال بالسلوك ، لذا فهو لا ينسب إلا لمن يملك إرادة عاقلة حرة ، ويقع على الشخص المضرور عبء إثبات الخطأ (3)•
وقد تعرضت هذه النظرية لنقد شديد من جماعة من أهل القانون، وذلك لأن هذه النظرية تشترط إثبات الخطأ من جانب الفاعل لكي يلزم بالتعويض للمضرور ، وهذا يفضي في كثير من الأحيان إلى ضياع حق المضرور، لأنه قد يعجز عن إثبات الخطأ ، بعد استعمال الآلات الميكانيكية، وقيام الصناعات الحديثة ، ولأن المسؤولية الجنائية هي التي تعنى بالخطأ ، أما المسؤولية المدنية فينبغي أن تعنى بالضرر ، لأن التعويض فيها يقدر بالضرر (1)•

النظرية الثانية: النظرية المادية ، أو الموضوعية ، أو تحمل التبعة ، وهي التي ترتب المسؤولية على الضرر ، ليس على الخطأ ، وعليه كل فعل يترتب عليه ضرر تقوم مسؤولية فاعله ، سواء أكان مخطئاً ، أم غير مخطئ (2)•
ووفقاً لهذه النظرية يكفي لقيام مسؤولية الشخص أن تقوم رابطة بين الضرر والأفعال التي ارتكبها (3)• حتى ولو لم يرتكب خطأً ، وعليه لا يمكن أن يدفع من حصل منه الفعل المسؤولية بنفي الخطأ ، بل حتى ولو أثبت السبب الأجنبي قامت المسؤولية ، فما دام نشاطه هو الذي أدى إلى وقوع الضرر فهو مسؤول (4)•
بل قد يكون الأولى التعبير بالعمل الضار ، ويجب تفسيره بأوسع معانيه ليشمل الفعل المادي ، والقول الضار ، والسلوك الأثيم ، والخداع، ونحو ذلك ، كما يتناول حالة الامتناع عن إجراء يجب إجراؤه إذا نتج عنه ضرر بالغير (5)•
ولكن لا يعني هذا ترتيب المسؤولية على مجرد إحداث الفعل الضار ، بل لا بد من تقييد ذلك بحصول التعدي في هذا الفعل ، والتعدي هو مجاوزة الحد ، وعليه لا تلزم المسؤولية عند انتفاء التعدي في هذا الفعل •
ومن الصور التي يحصل فيها الفعل الضار ولا تترتب عليه مسؤولية لانتفاء التعدي فيها ، فعل الشخص المكلف بتنفيذ الحدود أو التعزيرات بالمجرمين ، وكل من يمارس حقاً مشروعاً (6)•
والمقصود أنه ليس كل عمل ضار محرماً وممنوعاً ، بل لا بد للمنع أو التجريم من أن يحصل هذا العمل تعدياً ، أي بدون حق أو جواز شرعي(1)•

جاء في نظرية الضمان: (التعدي ويعبر عنه الحقوقيون بالخطأ• ويمكن تعريف التعدي بأنه مجاوزة ما ينبغي أن يقتصر عليه شرعاً أو عرفاً أو عادة • والتعبير هنا بالتعدي أولى :
1- لأن التعدي يوحي بأن الالتزام رابطة مادية مالية ، والخطأ يوحي بأنه رابطة شخصية •
2- ولأن الشأن في الخطأ تحري الموصوف به من خلال النظر في سلوكه، أما التعدي فالشأن فيه النظر إلى واقع السلوك في عالم المادة الخارجي، بغض النظر عمن أوقعه • أي ينظر في التعدي إلى الفعل في الخارج، وفي الخطأ إلى فاعل الفعل •
3- كما أن التعبير بالتعدي يشمل الخطأ والعمد ويشمل التقصير والإهمال، ونحوهما ، أما التعبير بالخطأ فمجرد النطق به ، يوهم مقابلة العمد، ولا يشمل العمد إلا باصطلاح خاص) (2)•
وعند من يقيم المسؤولية على الخطأ ، يعرفون الخطأ بأنه: إخلال بالتزام سابق (3)• وهذا تعريف عام للخطأ ، يشمل الخطأ في المسؤولية العقدية ، والمسؤولية التقصيرية ، ولذا يعرف الخطأ في نطاق المسؤولية التقصيرية بأنه: الإخلال بواجب قانوني يقضي بعدم الإضرار بالغير من شخص مميز (4)•

ومعيار الخطأ هو معيار الرجل العادي ، لذا فالخطأ التقصيري هو انحراف في السلوك لا يأتيه الرجل العادي في الظروف الخارجية التي أحاطت بمن أحدث الضرر (1)•
والخطأ له ركنان :

الركن الأول: مادي ، وهو التعدي ، وهو انحراف في السلوك (2)• وهذا التعدي ، إما أن يكون عمدياً ، أي أنه يقصد الإضرار بالآخرين ، وإما أن يكون نتيجة إهمال أو عدم احتياط ، ويسمى الخطأ غير العمدي ، وهو انحراف في السلوك غير مقصود النتيجة ، حيث لم تتجه الإرادة فيه إلى إلحاق الضرر بالغير (3)•
ولكن هذا التعبير غير دقيق ، إضافة إلى كونه موهماً ، ولذا رجحنا النظرية المادية لكونها أدق في هذا الجانب ، كما تقدم آنفاً ، لكنا ذكرناه هنا لبيان المقصود به ، ولكون كثير من أهل القانون يعتمدونه •

الركن الثاني: التمييز ، ويطلق عليه الركن المعنوي ، ولذا فإنهم لا يرتبون المسؤولية على غير المميز ، لأن المسؤولية مناطها الإرادة ، وإذا لم توجد الإرادة لا يوجد الخطأ ، ومتى عدم الخطأ عدمت المسؤولية (4)• وإنما تلزم عندهم في حالات استثنائية وبصورة مخففة (5)، ولكن الصحيح هو أن التمييز ليس شرطاً في ترتيب المسؤولية التقصيرية (6)•
والفعل الذي أحدث الضرر ، إما أن يحدثه مباشرة أو عن طريق التسبب ، وفي حالة ما إذا اجتمع المباشر والمتسبب يضاف الحكم إلى المباشر (1)•
وبناء على ما تقدم فإن حدوث الفعل ، الذي يمثل التعدي الموجب للمسؤولية التقصيرية فيما يتعلق بالسجن يتمثل في الآتي :
1- السجن أو التوقيف بسبب الاتهام كيداً (2)• وكلمة كيداً هنا تفيد التعمد في هذا الاتهام • وهذا حسب نص نظام الإجراءات الجزائية ، وبناءً عليه لو كان هذا الاتهام الذي حصل بسببه السجن ليس من قبيل الكيد فإن المسؤولية تنتفي ولكننا نرى ألا يؤخذ هذا على اطلاقه ، لأن التعويض يُبنى على الضرر الناتج عن التعدي ، وهذا يستوي فيه العمد والخطأ ، والكيد وعدمه ، إلا أنه ينبغي عند تقدير التعويض النظر في حال المضرور هنا ، فإن كان قد أوقع نفسه في أمور أوجبت له التهمة ، فإنه يحسم بمقدار ذلك من التعويض الذي يستحق عن هذا السجن ، أما إن حصل له السجن بسبب اتهامه دون أن يقع منه ما يوجب له التهمة فإنه يستحق التعويض عن الضرر اللاحق به بسبب هذا السجن كاملاً والفعل هنا إنما يكون بطريق التسبب وليس المباشرة •
2- إطالة مدة التوقيف أكثر من المدة المقررة (3)• وهذا الفعل أكثر ما يُتصور وقوعه من أحد أشخاص السلطة التنفيذية ، بل قد لا يتصور من غيرهم ولكون التوقيف يدخل ضمن الفعل المكون لركن من أركان التعويض عن السجن ، فإننا نبين الأمور الموجبة للتوقيف ومن يأمر به ، والمدة المقررة له ، وذلك بالرجوع إلى ما هو مقرر بخصوص هذه الأمور في نظام الإجراءات الجزائية :
(1)- يحدد وزير الداخلية بناءً على توصية رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام ما يعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف (1)•
هذا وقد حدد وزير الداخلية الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف بأنها :

أ- جرائم الحدود المعاقب عليها بالقتل أو القطع •
ب- القتل العمد وشبه العمد •
ج- الجناية عمداً على ما دون النفس الناتج عنها زوال عضو ، أو تعطيل منفعة بصفة دائمة ، أو تزيد مدة شفاء الجناية عن (02) عشرين يوماً ، ما لم يتنازل صاحب الحق الخاص •
د- مقاومة رجل السلطة العامة التي يتسبب المقاوم خلالها بإصابة تزيد مدة شفائها عن عشرة أيام •
هـ- الاعتداء عمداً على الأموال والممتلكات العامة أو الخاصة بالتخريب، أو بالحرق ، أو بالهدم ، ونحو ذلك ، بما يؤدي إلى الاتلاف الكلي، أو الجزئي بما يزيد قيمة التالف عن خمسة آلاف ريال ، ما لم يتنازل صاحب الحق الخاص •
و- القوادة ، أو إعداد أماكن للدعارة •
ز- ترويج المسكرات، أو تهريبها ، أو تلقيها ، أو تصنيعها ، أو زراعتها، أو حيازتها ، وذلك كله بقصد الترويج •
ح- تهريب ، أو تصنيع ، أو حيازة الأسلحة الحربية ، أو ذخيرتها ، أو المتفجرات بقصد التخريب •
ط- غسل الأموال •
ي- جرائم تزييف وتقليد النقود الواردة في المادة الثانية من نظام تزوير وتقليد النقود الصادر بالمرسوم الملكي رقم 21 وتاريخ 21/7/9731هـ •
ك- جرائم التزوير الواردة في المادة الأولى من نظام مكافحة التزوير الصادر بالمرسوم الملكي رقم 411 وتاريخ 62/11/0831هـ، والمعدل بالمرسوم الملكي رقم 35 وتاريخ 5/11/2831هـ •
ل- جرائم الرشوة الواردة في المادتين الأولى والثانية من نظام مكافحة الرشوة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/63 وتاريخ 92/21/2141هـ •
م- اختلاس الأموال الحكومية ، أو الاختلاس من المؤسسات التي تساهم بها الدولة ، أو الشركات أو البنوك ، أو المصارف (1)•
(2) يصدر المحقق أمراً بتوقيف المتهم مدة لا تزيد عن خمسة أيام من تاريخ القبض عليه ، وذلك في الحالات التالية :
أ- إذا تبين بعد استجواب المتهم ، أو في حالة هروبه ، أن الأدلة كافية ضده في جريمة كبيرة •
ب- إذا كانت مصلحة التحقيق تستوجب توقيفه لمنعه من الهرب ، أو من التأثير في سير التحقيق (2)•
(3) ينتهي التوقيف بمضي خمسة أيام ، إلا إذا رأى المحقق تمديد مدة التوقيف فيجب قبل انقضائها أن يقوم بعرض الأوراق على رئىس فرع هيئة التحقيق والادعاء العام بالمنطقة ليصدر أمراً بتمديد مدة التوقيف مدة أو مدداً متعاقبة ، على ألا تزيد في مجموعها على أربعين يوماً من تاريخ القبض عليه ، أو الإفراج عن المتهم (3)•
(4) وفي الحالات التي تتطلب التوقيف مدة أطول يرفع الأمر إلى رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام ليصدر أمره بالتمديد لمدة أو مدد متعاقبة لا تزيد أي منها على ثلاثين يوماً ، ولا يزيد مجموعها عن ستة أشهر من تاريخ القبض على المتهم ، يتعين بعدها مباشرة إحالته إلى المحكمة المختصة ، أو الإفراج عنه (1)•
(5) يجب عند توقيف المتهم أن يُسلّم أصل أمر التوقيف لمأمور دار التوقيف بعد توقيعه على صورة هذا الأمر بالتسلّم ، ولا يجوز لإدارة أي سجن أو دار توقيف قبول أي إنسان إلا بموجب أمر يبقيه بعد المدة المحددة في هذا الأمر (2)•
من خلال ما سبق تبين من له صلاحية التوقيف في جميع الحالات، كما تبين مدة التوقيف من حيث الأصل ، والحالات التي تتطلب الزيادة عليها، والإجراءات التي يلزم اتخاذها لإصدار الأمر بتمديد مدة التوقيف •
وعليه يتحقق الفعل الموجب للمسؤولية بالزيادة على المدة المقررة نظاماً للتوقيف في الحالات السابقة ، سواء وقع ذلك خطأ ، أم تقصيراً ، أم عمداً، لأن ذلك يدخل ضمن التعدي الموجب للضمان ، ونؤكد هنا على أن ترتب المسؤولية التقصيرية لا يمنع من ترتب المسؤولية التأديبية على من حصل منه هذا الفعل •
ونحن نقول أىضاً: تلحق المسؤولية الموجبة للتعويض كل من تسبب في إطالة مدة توقيف هذا الإنسان بسبب دعوى كيدية ضده ، لأن إطالة مدة التوقيف قد تكون ناتجة عن شكاوى باطلة ودعاوى كيدية من بعض أفراد الناس ، وهذا يدخل في عموم نص المادة المقررة لحق التعويض والمشار إليها آنفاً (ولكل من أصابه ضرر نتيجة اتهامه كيداً) (3)• حيث جاءت كلمة (ضرر) نكرة ، خالية من أي وصف مخصص •

كما تقرره قواعد الحد من آثار الدعاوى الباطلة ، والشكاوى الكيدية، حيث نصت على أن (من تقدم بدعوى خاصة وثبت للمحكمة كذب المدعي في دعواه ، فللقاضي أن ينظر في تعزيره ، وللمدعى عليه المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر بسبب هذه الدعوى) (1)• وهذا عام في كل دعوى خاصة سواء كانت كيدية ، أم باطلة ، وسواء كانت مدنية أم جزائية•
على أن ثبوت المسؤولية التقصيرية هنا لا يمنع من ثبوت المسؤولية الجزائية ، التي ترتب على الفاعل عقوبة تعزيرية والفعل في هذه الحالة (التي هي إطالة مدة التوقيف أكثر من المدة المقررة) إن كان من أحد أشخاص السلطة التنفيذية يعتبر من قبيل إحداث الفعل الضار بالمباشرة، وإن كان هذا الفعل مبنياً على الاتهام كيداً فهو من قبيل إحداث الفعل الضار بالتسبب وكلاهما موجب للتعويض •
لكننا نلحظ هنا أن النظام قصر الحق في طلب التعويض على الضرر الحاصل بسبب التوقيف ، على إطالة المدة ، وأغفل حالة ما إذا كان هذا التوقيف حصل من حيث الأصل بدون حق ، كأن يكون مبنياً على الاتهام كيداً ، أو التقصير من الجهة المختصة بالتوقيف ، فإن ذلك لا ينفي الضرر الموجب للتعويض •
3- إطالة مدة السجن أكثر من المدة المقررة (2)• وهذا الفعل يتصور وقوعه من أحد أشخاص السلطة التنفيذية ، ويتحقق الفعل هنا بمجرد إطالة مدة السجن أكثر من المدة المقررة • ومدة السجن تحدد في الحكم الصادر بالسجن ، لأن السجن بهذا المصطلح الذي يفارق فيه التوقيف لا يمكن حصوله إلا بناءً على حكم نهائي ، لأنه من العقوبات الجزائية، والأحكام الجزائية لا يجوز تنفيذها إلا إذا أصبحت نهائية (3)•

والأحكام النهائية المكتسبة للقطعية هي :
أ- الحكم الذي يقنع به المحكوم عليه •
ب- الحكم المصادق عليه من محكمة التمييز ، أو من مجلس القضاء الأعلى ، بحسب الاختصاص (1)•
والأحكام التي يلزم مصادقة مجلس القضاء الأعلى عليها لتكتسب القطعية وتصبح نهائية هي الأحكام الصادرة بالقتل ، أو الرجم ، أو القصاص فيما دون النفس (2)• وكما قلنا فإن الفعل المحقق لركن المسؤولية هنا هو إطالة مدة السجن أكثر من المدة المقررة لا يكون إلا ممن أوكل إليه تنفيذ هذا الحكم ، وقد يكون شخصاً واحداً ، وقد يشترك في ذلك أكثر من شخص ، حسب كل قضية وظروفها ، والمقصود أنه لا يمكن تصور وقوعه من القاضي الذي حكم بالسجن ، لأن الفعل المكون لركن المسؤولية هنا اقتصر على مجرد إطالة مدة السجن ، أكثر من المدة المقررة، وهذا خارج عن اختصاص القاضي •
على أنه يمكن تصور حصول الإكراه من ذي سلطة وشوكة في الدولة على القائم على تنفيذ الحكم بالسجن بأن يطيل سجنه أكثر من المدة المقررة، وهنا يحدد من تقع عليه المسؤولية القاضي ناظر القضية ، لأن هذا مما تختلف فيه القضايا ، فيحدده بناء على درجة هذا الإكراه •
والفعل المكون لركن المسؤولية هنا يكون عن طريق المباشرة ، وهو موجب للتعويض مطلقاً أي سواء وقع ذلك عمداً ، أم خطأ ، أم تقصيراً •

ونلحظ هنا أن النظام قصر التعويض عن السجن على ما إذا طالت مدة السجن أكثر من المدة المقررة فقط ، في حيث أغفل التعويض عن السجن عندما تثبت براءة المحكوم عليه ، ويتضح أن الحكم بالسجن وقع عليه ظلماً والسجن هنا لا بد أن يكون بحكم ، وعليه فإن الفعل لا يكون إلا عن طريق التسبب ، سواء كان هذا الفعل وقع من أحد أفراد الناس ، نتيجة اتهامه لهذا الذي وقع عليه السجن كيداً ، أو حتى اتهمه خطأ ، أو وقع من المحقق العام ، أو من المدعي العام ، وسواء وقع ذلك عمداً أم خطأ ، أم تقصيراً ، أو وقع من حاكم القضية (القاضي) وسواء وقع ذلك منه عمداً أم خطأ ، أم تقصيراً أيضاً •
ذلك كله نرى أنه موجب للتعويض لحصول الضرر بغير حق ، لكن بالنسبة لعمّال الدولة كالمحقق العام ، والمدعي العام ، وكذا القاضي ، فإن بيت المال يتحمل ما حصل بسبب أخطائهم باعتبارهم من عمال الدولة (1)، أما العمد فيتحملونه ويلزمهم ضمانه في أموالهم الخاصة (2)• وجميع ذلك لا يعفيهم من المسؤولية التأديبية (3)• ولا يمكن القول بأن التعويض عن السجن في هذه الحالة الآتية يقتصر التعويض فيها عن الأحكام الصادرة بعدم الإدانة بناء على طلب إعادة النظر فقط •

4- التعويض عن السجن عندما يصدر حكم بعدم الإدانة بناءً على طلب إعادة النظر •

وهذا جاء النص عليه بشكل صريح في نظام الإجراءات الجزائية ، حيث جاء فيه: (كل حكم صادر بعدم الإدانة – بناءً على طلب إعادة النظر – يجب أن يتضمن تعويضاً معنوياً ومادياً للمحكوم عليه ، لما أصابه من ضرر إذا طلب ذلك (4)•
ولا شك أن الحكم الصادر بعدم الإدانة بناءً على طلب إعادة النظر قد سبقه حكم قضائي ، ليس من المحكمة الابتدائية فقط ، بل حكم نهائي •
وما ورد من تقرير الحق للمحكوم عليه بالتعويض عن الضرر الذي أصابه في الحالة المذكورة عام يتناول جميع الأحكام الجزائية بما فيها السجن •
والنظام قيد التعويض هنا بصدور حكم بعدم الإدانة بناءً على طلب إعادة النظر ، وإعادة النظر يمثل أحد الطريقين للاعتراض على الأحكام الجزائية وهما :

أ- التمييز (1)•
ب- إعادة النظر (2)•
وطريق إعادة النظر يعتبر طريقاً للاعتراض على الأحكام غير عادي، بمعنى أنه لا يتاح إلا في نطاق ضيق ومحدود ، وأحوال معينة ، كما أنه خاص بالاعتراض على الأحكام النهائية (3)•
وبما أن النظام قيد التعويض في الحالة المذكورة بصدور حكم بعدم الإدانة بناءً على طلب إعادة النظر ، نجد أنه لزاماً علينا أن نذكر الأحوال التي يجوز فيها الاعتراض على الأحكام النهائية عن طريق إعادة النظر، ليتحقق تصور المسألة ، واستكمال بحثها ، وعليه نبين هذه الأحوال على النحو الآتي :

1- إذا حكم على المتهم في جريمة قتل ثم وجد المدعي قَتْلُهُ حياً •
2- إذا صدر حكم على شخص من أجل واقعة ، ثم صدر حكم على شخص آخر من أجل الواقعة ذاتها ، وكان بين الحكمين تناقض يفهم منه عدم إدانة أحد المحكوم عليهما •
3- إذا كان الحكم قد بني على أوراق ظهر بعد الحكم تزويرها ، أو بني على شهادة ظهر بعد الحكم أنها شهادة زور •
4- إذا كان الحكم بني على حكم صادر من إحدى المحاكم ثم ألغي هذا الحكم •
5- إذا ظهر بعد الحكم ببينات أو وقائع لم تكن معلومة وقت المحاكمة، وكان من شأن هذه البنيات أو الوقائع عدم إدانة المحكوم عليه ، أو تخفيف العقوبة (1)•

ونلحظ أن النظام في هذه الأحوال أوجب التعويض عند طلب المتهم، لثبوت براءته بيقين ، وهذا يفيد في جواز التعويض وزيادة ، وفي ذلك تأكيد للتعويض ، وإشارة إلى تعيينه •
والفعل في هذه الحالة يكون عن طريق التسبب ، لأن السجن صادر بناء على حكم قضائي ، والفاعل قد يكون أحد أفراد الناس ، بأن اتهم هذا الإنسان كيداً – وهذا هو المنصوص عليه في النظام – وإن كنا نرى -كما بينّا سابقاً- إمكانية لحوق المسؤولية له حتى وإن لم يكن هذا الاتهام عن طريق الكيد ، لأن التعويض لا يشترط فيه التعمد ، بل يلزم التعويض حتى في حالة الخطأ ، وكل ذلك يدخل ضمن التعدي •

ويمكن أن يقع هذا الفعل من القاضي ، وهنا إما أن يكون على سبيل العمد ، فيلزمه التعويض في ماله الخاص ، وإما أن يكون على سبيل الخطأ وهنا لا يلزمه التعويض ، بل يتحمله بيت المال ، كما قررنا قبل قليل، وجميع ذلك لا يعفيه من المسؤولية التأديبية ، وهذا قررناه قبل قليل أيضاً•

ويمكن أن يقع الفعل من المحقق العام ، ويمكن أن يكون على سبيل الخطأ أو على سبيل العمد •
وكذلك يتصور وقوع هذا الفعل ، وهو التسبب في الحكم بالسجن من المدعي العام ، سواء وقع ذلك عن طريق العمد أم عن طريق الخطأ ، ويقال بالنسبة للتعويض عندما يقع الفعل المكون لركن المسؤولية التقصيرية من المحقق العام ، أو المدعي العام ، كما قلنا بالنسبة للقاضي ، أي أنهم يتحملونه في حالة العمد ، ويتحمله بيت المال في حالة الخطأ ، ولا يعفيهم ذلك من المسؤولية التأديبية •

ويمكن حصول الفعل المكون لركن المسؤولية هنا من الشهود ، عندما يشهدون زوراً على هذا الإنسان فيُحكم بسجنه بناءً على شهادتهم ، وعليه يلزمهم التعويض في هذه الحالة •
ويمكن وقوع الفعل الموجب للتعويض عن السجن ممن زور الأوراق، وكان الحكم بالسجن قد بني على هذه الأوراق المزورة •
كما يمكن تصور الاشتراك في الفعل الموجب للتعويض فيما يتعلق بالسجن ، وتقدير فعل كل واحد يخضع لتقدير القاضي ، وسيأتي بيان ذلك عند الكلام عن علاقة السببية •

المبحث الثاني : تحقق الضرر :

ويعرف الضرر بأنه: الأذى الذي يصيب الشخص في حق من حقوقه، أو في مصلحة مشروعة له ، سواء كان ذلك الحق ، أو تلك المصلحة متصلةً بسلامة جسمه أو عاطفته ، أو بماله أو حريته أو شرفه واعتباره أو غير ذلك (1)•
ويظهر في هذا التعريف العموم ، بمعنى أنه استغرق أفراد المعرف• وهناك من عرفه بأنه: الأذى الذي يلحق بالمضرور نتيجة خطأ الغير (2)•
ويتبين من هذا التعريف اتفاقه مع النظرية الشخصية التي ترتب المسؤولية على الخطأ •
ويعد الضرر ركناً أساسياً في المسؤولية التقصيرية ، ويوصف بأنه روح المسؤولية وعلتها التي تدور مع الضرر وجوداً وعدماً ، وشدة وضعفاً ، وهذا ما جعل بعض أهل القانون يقدمه على ركن الفعل ، أو الخطأ ، لأهميته ، لأنه الركن الأول الذي تقوم المسؤولية من أجل تعويضه، ولذا يجب البدء بإثباته قبل إثبات ركن الفعل أو الخطأ (1)•

أنواع الضرر :

الضرر نوعان :

النوع الأول : الضرر المادي ، ويقصد به ما يسبب للشخص خسارة مالية (2)• وهناك من عرفه بأنه: الضرر الذي يُلحق مفسدة في أموال الآخرين، باتلافها كلها ، أو بعضها ، أو جزء منها ، أو بإزالة بعض أوصافها (3)•
ومن الأمثلة على الضرر المادي ما يأتي :
أ- كل ما يمسَّ حق الملكية وحق الانتفاع •
ب- حقوق الملكية ، والمخترع •
ج- كل ما يمسَّ صحة الإنسان وسلامته ؛ وحريته وحقه في الحياة، إذا ترتب على ذلك خسارة مالية (4)•
ويرى البعض بأن الأولى تسميته بالضرر المالي ، وليس المادي ، لكونه أكثر دقة لأن تسميته بالمادي قد ينصرف معناه إلى أنه محسوس ، له مظهر مادي خارجي ، بينما تسميته بالضرر المالي لا يحمل معنى سوى أنه يصيب الشخص من الناحية المالية (5)•

شروط الضرر المادي :

يتفق القانونيون على أنه يشترط في الضرر الموجب للتعويض أن يكون محقق الوقوع ، ولو في المستقبل ، فلا يشترط أن يكون الضرر قد تحقق فعلاً ، وبهذا الاعتبار ينقسم الضرر إلى ثلاثة أقسام :
1- الضرر الذي تحقق فعلاً ، مثل إتلاف المال •
2- الضرر الذي سيحدث في المستقبل ، أي أن أسبابه قد تحققت، وتراخت آثاره ، كلها أو بعضها ، فهذا يعتبر في حكم الضرر المحقق ومثاله: أن يصاب شخص بجرح يتمخض في المستقبل عن عاهة مستديمة، فهنا يحق للمحكوم له بالتعويض عن الجرح أن يقيم دعوى جديدة يطلب فيها التعويض عن هذه العاهة •
3- الضرر المحتمل ، وهو ضرر لم يقع ، وليس هناك ما يؤكد أنه سيقع، وهذا النوع من الضرر لا يوجب مسؤولية إلا إذا تحقق فعلاً• ومثاله: عندما يضرب شخص حاملاً على بطنها ضرباً يحتمل معه إجهاضها، فإن مجرد هذا الضرب لا يجيز لها طلب التعويض سلفاً ، مالم يتحقق الإجهاض فعلاً (1)•
واتجه رأي أهل القانون إلى جواز المطالبة بالتعويض عن الضرر المفضي إلى الإخلال بالمصلحة ، كما هو الأمر بالنسبة للحق •
ومثاله: عندما يلحق الضرر بعائل أسرة ، فهذا فيه إخلال بحق من يعولهم ، عندما تكون نفقتهم واجبة عليه قطعاً كالأولاد ، فإن القانون يوجبها ، أو عندما يكون المضرور يعولهم فعلاً متطوعاً بصفة مستمرة من غير إلزام القانون ، كالإخوة ، غير أنه يشترط في هذه الحالة أن تكون المصلحة مشروعة • والمقصود أن الضرر الموجب للتعويض هو الضرر المحقق وقوعه ، سواءً أخل بحق أم مصلحة (2)•

وإذا أردنا تطبيق ما سبق بخصوص الضرر المادي على من يضار بسبب السجن بدون حق ، نجد أن الأضرار التي يمكن تصور وقوعها عليه كثيرة ، وهذا يرجع إلى ظروف كل واقعة ، وملابساتها لكن من المؤكد أنه لا يستحق المسجون التعويض إلا عن ضرر محقق ، سواء كان واقعاً فعلاً، أم قامت أسباب وقوعه مستقبلاً قطعاً ، مما يجعله في حكم المحقق •
ومع أن الأضرار المادية التي يمكن تصور وقوعها على الإنسان بسبب السجن كثيرة ، إلا أن ذلك لا يمنع من ذكر نماذج لها على سبيل التمثيل لا الحصر :

1- انقطاعه عن وظيفته إن كان موظفاً في الدولة ، سواء كان في القطاع المدني أم في القطاع العسكري ، وكذلك عندما يكون موظفاً في القطاع الخاص ، وما يترتب عليه من انقطاع مصدر رزقه •
2- الضرر المتمثل في فصله من وظيفته إن كان موظفاً ، سواء كان من الموظفين العموميين ، أو في القطاع الخاص •
3- الضرر المتمثل في حرمانه من مباشرة أعماله التي يتكسب من ورائها إضافة إلى وظيفته ، والتي يجيز النظام للموظفين العموميين مزاولتها، مثل متابعة استثمار عقاراته ، أو زراعته ، ونحو ذلك ، والتي يترتب عليها ضرر بالغ يتجلى في إلحاق الخسارة المادية به من هذه الناحية•
4- حرمانه من التكسب وطلب الرزق عندما يكون غير موظف في الدولة، مثل حرمانه من متابعة تجارته ، وإدارتها ، والقيام عليها ، وكذا حرمانه من الأجرة التي يتقاضاها عندما يكون أجيراً ، سواء كان أجيراً عاماً أم خاصاً • ونحو ذلك من وسائل الكسب المشروعة •
5- الضرر المتمثل في إصابته بمرض من الأمراض يحتاج إلى تكلفة علاج، وقد يتمثل هذا الضرر في كونه سبباً في تفاقم مرض من الأمراض التي كانت في المضرور قبل السجن ، كمرض السكر ، أو الضغط ، أو مرض القلب ، أو الكلى ، مما يحوجه إلى دفع الأموال للعلاج منها، وهي غالباً مكلفة •
6- الضرر الذي يحلق من يعولهم هذا الإنسان ، وذلك بسبب انقطاعه عن وظيفته ، أو لعدم استغلاله لعقاره ، أو زراعته ، أو تجارته ، ونحو ذلك من الأمور التي هي طريق كسبه ورزقه ، والضرر يلحق بهم لأنه هو المعيل لهم ، لذا يلحقهم الضرر مباشرة بسبب سجنه •
وهذه كما قلنا مجرد أمثلة على الضرر المادي الذي يمكن أن يلحق الإنسان بسبب السجن ، وإلا فالأضرار المادية التي يمكن وقوعها كثيرة، ويكون المرجع في اعتبارها من عدمه ، وكذا تقديرها هو القاضي المختص•
والتعويض عن الضرر المادي قد ورد النص عليه صراحة في نظام الإجراءات الجزائية في حالة الحكم الصادر بعدم الإدانة بناء على طلب إعادة النظر (1)•
كما أنه يدخل في عموم التعويض عن الضرر الذي قرره النظام بخصوص من أصابه ضرر نتيجة اتهامه كيداً ، أو نتيجة إطالة مدة سجنه أو توقيفه أكثر من المدة المقررة (2)•

النوع الثاني – الضرر الأدبي :

وقد عرفه السنهوري بأنه: (ما يصيب المضرور في شعوره ، أو عاطفته ، أو كرامته ، أو شرفه ، أو أي معنى آخر من المعاني التي يحرص عليها) اهـ (3)، وذكر في موضع آخر أنه: (الضرر الذي يصيب مصلحة غير مالية) اهـ (4)• وهناك من عرفه بأنه: (إلحاق مفسدة في شخص الآخرين ، لا في أموالهم ، وإنما فيما يمس كرامتهم ، أو يؤذي شعورهم، أو يخدش شرفهم ، أو يتهمهم في دينهم ، أو يسيء إلى سمعتهم ، أو نحو ذلك) (1)•
وقد يكون الضرر أدبياً محضاً ، أي لا يقترن به ضرر مادي ، ومثاله الضرر الذي يصيب الشخص في عاطفة الحنان والمحبة ، وقد يكون ضرراً أدبياً غير محض ، أي أنه يقترن به ضرر مادي ، ومثاله: الضرر الذي يشوه الجسم أو ينقص من قدرته على الكسب (2)•
هذا وقد اختلف أهل القانون في حكم التعويض عن الضرر الأدبي ، أو المعنوي ، وخلافهم في ذلك جرى على أقوال ، بيانها على النحو الآتي :
القول الأول: أنه يجوز التعويض عن الضرر الأدبي في نطاق المسؤولية التقصيرية ، أما في نطاق المسؤولية العقدية فلا •
القول الثاني: أنه يجوز التعويض عن الضرر الأدبي إذا مس جانباً مادياً ، أما ما عدا ذلك فلا •
القول الثالث: أنه يجوز التعويض عن الضرر الأدبي إذا كان وليد جريمة جنائية ، وما عدا ذلك فلا •
القول الرابع: التفصيل ، وذلك بالنظر إلى طبيعة الضرر الأدبي ، فما كان يمس الجانب الاجتماعي من الذمة الأدبية للإنسان ، مثل ما يمس الشرف والسمعة ، فإنه يجوز التعويض عنه ، لأنه ترتب عليه خسارة مادية ، وما كان منه يمس العاطفة ، والشعور والإحساس ، فإنه لا يجوز التعويض عنه ، لأنه يخلو من أي ضرر مادي •
القول الخامس: أن الضرر الأدبي لا يوجب إلا ضرراً اسمياً ، أو رمزياً لعدم الخسارة فيه •
القول السادس: أنه لا يجوز التعويض عن الضرر الأدبي مطلقاً ، لأنه بطبيعته لا يجدي في جبره ما يقدر من المال (1)•
واتجه أغلب أهل القانون أخيراً إلى جواز التعويض عن الضرر الأدبي، لأن من شأنه إن لم يمح الضرر بالكلية ، أن يخفف أثره ويحد من وقعه(2)•

ولما كان الأمر الآن مستقراً على التعويض عن الضرر الأدبي قانوناً وقضاءً ، وخاصة في نطاق المسؤولية التقصيرية (3)، فإننا نرى أنه لا حاجة لإيراد حجج من منع وحجج من أجاز ، وذلك طلباً للاختصار • هذا وعند الرجوع إلى نصوص نظام الإجراءات الجزائية، فيما يتعلق بالتعويض عن الضرر اللاحق بالمتهم من جراء السجن ، نجد أنه نص على جواز طلب التعويض ، دون التصريح بالتعويض عن الضرر الأدبي بعينه ، وذلك في الحالات التالية :

أ- كل من أصابه ضرر نتيجة اتهامه كيداً (4)•
ولحوق الضرر الأدبي بسبب الاتهام كيداً ظاهراً ، ومحتمل احتمالاً قوياً ومؤكداً ، بل إن الضرر الناتج عن الاتهام كيداً قد ينصرف إلى الضرر الأدبي أكثر منه إلى الضرر المادي فليتأمل •
والضرر اللاحق بالاتهام كيداً يكون سبباً في حصول السجن في أحوال كثيرة •
ب- كل من أصابه ضرر نتيجة إطالة مدة توقيفه أكثر من المدة المقررة نظاماً (5)•
وهذا نص في التعويض عن الضرر الحاصل بسبب السجن (1) خاصة• ونلحظ هنا أن النص جاء على النحو الآتي: (كل من أصابه ضرر) فجاء الضرر منكراً مجرداً من أي وصف مقيد ، وهذا يفيد شموله للضرر الأدبي مع الضرر المادي •
ج- كل من أصابه ضرر نتيجة إطالة مدة سجنه أكثر من المدة المقررة نظاماً (2)•
وهذا أيضاً نص في التعويض عن الضرر الحاصل بسبب السجن خاصة •
ويقال في تقرير شموله للضرر الأدبي مع الضرر المعنوي كما قيل بالنسبة لسابقة ، فلسنا نرجع نكرر ما ذكرنا •
وهذا التعويض يشمل التعويض عن الضرر الناشئ بسبب الدعاوى العامة والدعاوى الخاصة على حد سواء •
إضافة إلى ما تقدم – وهو كاف في تقرير التعويض عن الضرر الأدبي الحاصل بسبب السجن – فإننا نذكر بأنه يؤكد ما سبق ما ورد في قواعد الحد من آثار الشكاوى الباطلة والدعاوى الكيدية من تقرير جواز المطالبة بالتعويض عن الضرر اللاحق بسبب الدعوى الكاذبة (3)، وإن كانت دلالته أخص من دلالة النص الوارد في نظام الإجراءات الجزائية وذلك من وجهين:

الأول: أنه يقتصر على الدعوى الخاصة ، دون العامة •
الآخر: أنه خاص بالتعويض عن الضرر الناتج عن الدعوى ، فهو إذن يقتصر على التعويض عن الضرر بسبب السجن المبني على دعوى، ومعلوم أن الضرر الحاصل بسبب التوقيف أو السجن أكثر من المدة المقررة نظاماً لا يتوقف على الدعوى ، كما أن التعويض عن الضرر الحاصل بسبب السجن قد لا يكون بسبب دعوى خاصة ، بل بسبب دعوى عامة •
ووجه الدلالة ، فيما ورد في قواعد الحد من آثار الدعاوى الباطلة • هو أن الضرر جاء فيه مطلقاً من أي وصف مقيد (1)، وهذا يفيد شموله لنوعي الضرر المادي والأدبي •

أما ما نص عليه النظام بقوله: (كل حكم صادر بعدم الإدانة بناءً على طلب إعادة النظر ، يجب أن يتضمن تعويضاً معنوياً ومادياً للمحكوم عليه، لما أصابه من ضرر إذا طلب ذلك) (2)•

فالذي يظهر أنه لا يمكن الاستدلال به على التعويض عن الضرر الأدبي أو المعنوي ، لأن الوصف بالمعنوي قد ألحق بالتعويض ، وليس بالضرر، والتعويض المعنوي يختلف عن التعويض عن الضرر المعنوي ، ومثال التعويض المعنوي • الاعتذار من الشخص الذي وقع عليه الضرر بغير حق، وطلب العفو منه ، وكذا رد اعتباره وهذا له أصل في الشريعة الإسلامية، يدل على ذلك ما يأتي :
1- ما ورد أن امرأة خرجت على عهد النبي تريد الصلاة ، فتلقاها رجل فتجللها ، فقضى حاجته منها ، فصاحت ، وانطلق ، فمر عليها رجل فقالت: إن ذاك فعل بي كذا وكذا ، ومرت عصابة من المهاجرين فقالت: إن ذلك الرجل فعل بي كذا وكذا فانطلقوا فأخذوا الرجل الذي ظنت أنه وقع عليها ، فأتوها به ، فقالت: نعم هو هذا فأتوا النبي فلما أمر به قام صاحبها الذي وقع عليها فقال: يا رسول الله ، أنا صاحبها ، فقال لها: (اذهبي فقد غفر الله لك) • وقال للرجل قولاً حسناً ، وقال للرجل الذي وقع عليها : (ارجموه) • وقال: (لقد تاب توبة لو تابها أهل المدينة لقبلت منهم)(1)• ووجه الدلالة منه ، أن النبي رد اعتبار هذا الرجل بالقول الحسن عندما انتفت عنه التهمة ، وثبتت براءته •

2- عن عراك بن مالك قال: أقبل رجلان من بني غفار حتى نزلا منزلاً يضجنان من مياه المدينة وعنده ناس من غطفان عندهم ظهر لهم ، فأصبح الغطفانيون وقد أضلوا بعيرين من إبلهم، فاتهموا الغفاريين فأقبلوا بهما إلى النبي وذكروا له أمرهم فحبس أحد الغفاريين وقال للآخر: (اذهب فالتمس) فلم يكن إلا يسيراً حتى جاء بهما • فقال النبي لأحد الغفاريين قال حسبت أنه قال للمحبوس: (استغفر لي)، فقال: غفر الله لك يا رسول الله ، فقال رسول الله : (ولك وقتلك في سبيله)، قال فقتل يوم اليمامة(2)•
ووجه الدلالة منه أن النبي طلب من هذا الشخص الذي حبسه بسبب هذه التهمة ثم بانت براءته طلب منه العفو والصفح ، ويظهر هذا من طلبه منه أن يستغفر له ، ثم طيّب النبي نفس هذا الرجل بأن استغفر له ، ودعا له بالشهادة •
فالتعويض المعنوي وإن كان له أصل في الشرع إلا أنه يختلف عن التعويض عن الضرر الأدبي ، بل إننا نرى أن التعويض المعنوي خارج عن موضوع بحثنا ، ولو رجعت وطبقت عليه التعريف الذي ذكرناه للتعويض عن السجن لبان لك ذلك ، بل إننا نرى أنه لا يصدق عليه بأن يسمى تعويضاً بمعناه الاصطلاحي العام ، بل هو رد لاعتبار الشخص المتهم، وهو أمر مختلف عما نحن فيه •
غير أنا وإن كنا نقول بأن هذا هو الظاهر من نص المادة المذكورة ، إلا أننا أيضاً نرى أن الاحتمال وارد في صلاحية الاستدلال بنص تلك المادة على التعويض عن الضرر المعنوي ، ويوجه بأنه أطلق هذا الوصف -المعنوي- على التعويض من باب التجوز ، لأن التعويض موجب الضرر، ولكن هذا الاحتمال بعيد ، لكونه خلاف الظاهر من السياق ، ولعل القواعد التنفيذية للنظام تبين ذلك عند صدورها •

إذا تقرر ما سبق فإننا نؤكد على ترجيحنا لحق المضرور في المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر أدبي ، بل إننا نرى أن الضرر الأدبي قد يكون أكثر أهمية ، وأعظم أثراً في حصول الأذى بالمضرور ، ومما يستدعي معه أن يكون أولى بالتعويض من الضرر المادي •
هذا وقد صدر عن ديوان المظالم أحكام قضائية تقضي بالتعويض عن الضرر المادي والأدبي الحاصل بسبب السجن (1)، والضرر الأدبي الذي يلحق بالمضرور بسبب السجن يتمثل فيما يصيبه من الأذى في شعوره، أو كرامته ، أو سمعته ، أو حريته ، أو حتى عاطفته بحرمانه من أسرته، والحيلولة بينه وبين أهله وذويه والمعاناة النفسية ، والإحساس بالمهانة والازدراء في أعين الآخرين ، ويمكن تصوّر وقوع هذه الأضرار جميعها، أو بعضها ، كما يمكن تصوّر وقوع أضرار أدبية أخرى بسبب السجن غير ما ذكرنا ، لأن ما ذكرنا لا يعدو كونه من قبيل التمثيل لا الحصر ، والذي يقدر اعتبار هذه الأضرار من عدمه هو القاضي •

المبحث الثالث : تحقق علاقة السببية بين الفعل والضرر :

لا يكفي لقيام المسؤولية المدنية وقوع الفعل الضار من شخص، وحصول الضرر على شخص آخر ، بل لابد من ثبوت علاقة السببية بين هذا الفعل وذاك الضرر ، بمعنى أنه لابد أن يكون هذا الفعل هو السبب المنتج لهذا الضرر ، وإلا انعدمت المسؤولية (1)•
ويقع على من أصابه الضرر عبء إثبات علاقة السببية بين الفعل والضرر في المسؤولية عن العمل الشخصي ، أما في المسؤولية عن عمل الغير القائمة على خطأ مفترض ، فإن إثبات نفي السببية يكون على المسؤول (2)•
والأصل أن من حاق به الضرر هو المكلف بإثبات أركان المسؤولية (3)•
ولكن هذا لا يمنع المدعى عليه من دفع المسؤولية عن نفسه بقطع حبل السببية بين فعله وضرر المصاب (4)• وتنقطع علاقة السببية إذا كان راجعاً إلى سبب أجنبي ، ويشمل السبب الأجنبي ما يأتي :
1- القوة القاهرة ، أو الحادث المفاجئ ، وهما بمعنى واحد (5)•
والقوة القاهرة هي: التي تصدر عن حادث خارج عن إرادة الإنسان لا تجوز نسبته إليه ، وليس من الممكن توقعه ، أو تفاديه (6)•
ويشترط للقوة القاهرة الشروط الآتية :
أ- عدم إمكان التوقع •
ب- استحالة الدفع •
ج- أن تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً استحالة مطلقة (1)•
فإذا كان الحادث يرجع إلى هذه القوة فلا مسؤولية ولا تعويض • ومن الأمثلة عليها ، حوادث الزلزال والصواعق ونحوها (2)•
2- فعل المصاب ، فعندما يرتكب المصاب فعلاً يترتب عليه ضرره هو، يكون في هذه الحالة سبباً أجنبياً يتمسك به المدعى عليه ضد المصاب (3)•
وفعل المصاب أو المضرور ، لا يخلو إما أن يستقل في إحداث الضرر، فهنا يعتد به وحده ، وذلك لانعدام رابطة السببية بالنسبة للمدعى عليه، وبناء عليه لا مسؤولية ولا تعويض (4)•

وإما أن يشترك فعله مع فعل المدعى عليه ، المسؤول في إحداث الضرر، بمعنى أنه يجتمع فعل المصاب ، مع فعل آخر وقع من المسؤول ، وكان الضرر ناتجاً عن فعلهما المشترك أو المتبادل ، فالحكم هنا أن الرأي السائد فقهاً وقضاءً ، أن توزع المسؤولية بينهما ، فلا يقضي للمصاب بالتعويض كاملاً ، وإنما يخصم منه جزء يتناسب مع أثر فعله في إيقاع الضرر (5)•
3- فعل الغير • فعندما يجتمع في إحداث الضرر فعل المسؤول وفعل شخص آخر فهنا لا يخلو الأمر من أحد حالين :
الأول: أن يستغرق أحد الفعلين الآخر ، والحكم هنا أن المسؤولية تلحق من استغرق فعله فعل الآخر ، ويستغرق أحد الفعلين الآخر عندما يكون أحدهما متعمداً ، أو كان هو الذي دفع الآخر إلى ارتكاب الخطأ (6)•
الثاني: أن يبقى كل واحد من الفعلين مستقلاً عن الآخر ، والحكم في هذه الحالة أن المسؤولية تلحق الجميع ، ويحق للمصاب أن يرجع على أي منهما أو منهم ، بحكم التضامن الواجب بين الفاعلين ، ولمن حكم عليه وحده أن يرجع على الآخر وفقاً لقاعدة توزيع المسؤولية بين المسؤولين• كما أن نسبة المسؤولية توزع عليهم على أساس نسبة إحداث فعل كل منهم للضرر (1)•

تعدد الأسباب :

يبحث تحت علاقة السببية ، مسألة تعدد الأسباب ، وذلك لأن الضرر يمكن أن لا يحدث عن سبب واحد ، وإنما يحدث نتيجة أسباب متعددة، فما المعتبر منها في هذه الحالة ؟
اختلف أهل القانون في ذلك على نظريتين :

الأولى: نظرية تعادل الأسباب •

وتركز هذه النظرية على البحث في جميع الأسباب والاعتداد بها ، حتى ولو كان بعضها بعيداً ، بشرط أن يكون له دخل في إحداث الضرر •

الثانية: نظرية السبب المنتج أو الفعَّال •

وتركز هذه النظرية على البحث في السبب المنتج الذي يؤدي في العادة إلى الضرر ، دون السبب العارض ، ويكون السبب منتجاً إذا كان يؤدي في العادة -وحسب المجرى العادي للأمور- إلى إحداث الضرر ، وغيره يعتبر عرضياً •
واختلفت الاجتهادات القانونية في تغليب إحدى هاتين النظريتين على الأخرى ، ولا شك أن النظرية الأولى تتصف باليسر ، وبالبعد عن التحكم عند استقصاء الأسباب ، وهي التي اتجه إليها القضاء (2)•
وبناء على ما تقدم فإنه لا يكفي لتعويض المسجون حصول الضرر عليه ، ولا كون السجن بغير حق ، أو فيه تعدٍّ ، بل لابد أن يتحقق أنّ هذا الضرر ناتج عن السجن •
وقد سبق بيان صور الفعل المكون لركن المسؤولية عن السجن ، كما سبق ذكر صور الضرر المكون لركن المسؤولية عن السجن وعلى المضرور بالسجن عبء إثبات هذه العلاقة عندما تكون غير ظاهرة • وعندما يحدث الضرر عن أسباب متعددة ، فنحن نرجح أن ينظر إلى تلك الأسباب جميعها، ويعتد بها كلها ، طالما أن لها دخلاً في الضرر الحاصل على المسجود ، وعليه تلحق كل واحد نسبة من المسؤولية والتعويض بقدر نسبة خطئه ، وتقدير ذلك راجع إلى القضاء بحسب كل قضية ووقائعها •

الفصل الثاني التعويض عن السجن في الفقه

المبحث الأول : تحقق الفعل :

والمقصود به : كل فعل ترتب عليه ضرر ، سواء كان ترتب عليه بطريق المباشرة ، أم بطريق التسبب (1)•
ولا يشترط كون الفعل عمداً ، بل إن العمد والخطأ يستويان في مجال ضمان الأموال •
قال الشاطبي (2) رحمه الله: (ولا يقال إن هذا ينكسر في الأمور المالية، فإنها تضمن في الجهل والعمد ، لأنّا نقول الحكم في التضمين في الأموال أمر آخر ، لأن الخطأ فيها مساوٍ للعمد في ترتب الغرم في إتلافها) اهـ(3)• وقال الحطاب (1) رحمه الله: (العمد والخطأ والإكراه في أموال الناس سواء يجب ضمانها ، وهو من خطاب الوضع ، ولا يشترط فيه التكليف والعلم، فلا فرق في الإتلاف بين الصغير والكبير ، والجاهل والعامد) اهـ (2)• ويلحق بالعمد والخطأ هنا التقصير وقلة الاحتراز ، والتقصير هو إهمال أمر يجب إجراؤه والانتباه إليه ، كحفظ شيء واجب في بعض الأحيان، كحفظ الصغير ، وعدم التحرز هو: الإرادة المتوجهة نحو فعل دون حسبان لنتائجه ، ومثاله: السرعة في قيادة المركبة (3)•
وذلك كله يشمله التعدي •
ويشترط في الفعل الموجب للضمان أن يكون صادراً ممن له ذمة مالية، وبناء عليه لو صدر ممن لا ذمة له ، فإنه في هذه الحالة لا يترتب عليه مسؤولية ، ولا ضمان ، بل يعتبر فعله هدراً ، والدليل على ذلك قوله : (العجماء جرحها جبار) (4)•
والمعنى: هدر لا ضمان فيه (5)•
ومتى تحقق الفعل الضار ممن له ذمة فإن فاعله يتحمل مسؤولية هذا الفعل فيضمن ما أتلفه ، لأنه حصل منه التعدي ، بغض النظر عن توافر الأهلية فيه من عدما ، لأن كون الفاعل فاقداً للأهلية كالنائم أو المجنون لا يغيِّر من الأمر شيئاً ، إذ التعدي حاصل والضرر واقع (6)• وقد أوجب الشرع رفع ذلك قال النبي : (لا ضرر ولا ضرار) (1)• وهذا عام في كل ضرر ، فيتناول الضرر الواقع من المكلف ، والضرر الواقع من غير المكلف •
ولأن الضمان من الجوابر لا من الزواجر و(الجوابر مشروعة لجلب ما فات من المصالح ، والزواجر مشروعة لدرء المفاسد ، والغرض من الجوابر جبر ما فات من مصالح حقوق الله وحقوق عباده ، ولا يشترط في ذلك أن يكون من وجب عليه الجبر آثماً ، وكذلك شرع الجبر مع الخطأ والعمد والجهل والعلم والذكر والنسيان ، وعلى المجانين والصبيان بخلاف الزواجر فإن معظمها لا يجب إلا على عاص زجراً له على المعصية) اهـ (2)•

وقال ابن قيم الجوزية (3) رحمه الله: (••• وعلى هذا فالخطأ والعمد اشتركا في الإتلاف الذي هو علة للضمان ، وإن افترقا في علة الإثم، وربط الضمان بالإتلاف من باب ربط الأحكام بأسبابها ، وهو مقتضى العدل الذي لا تتم المصلحة إلا به ، كما أوجب على القاتل خطأ دية القتيل ، ولذلك لا يعتمد التكليف فيضمن الصبي والمجنون والنائم ما أتلفوه من الأموال، وهذا من الشرائع العامة التي لا تتم مصالح الأمة إلا بها ، فلو لم يضمنوا جنايات أيديهم لأتلف بعضهم أموال بعض ، وادعى الخطأ وعدم القصد، وهذا بخلاف الإثم والعقوبات ، فإنها تابعة للمخالفة وكسب العبد ومعصيته ففرقت الشريعة فيها بين العامد والمخطئ) اهـ (4)•
ويجب تقييد الفعل الموجب للتضمين بالتعدي ، والتعدي هو: المجاوزة الفعلية إلى حق الغير أو ملكه المعصوم (1)•
ومن القواعد المقررة في هذه المسألة: (أن كل ما ورد به الشرع مطلقاً، ولا ضابط له فيه ، ولا في اللغة يرجع فيه إلى العرف) اهـ (2)•
ويشمل التعدي: المجاوزة ، والتقصير ، والإهمال ، وقلة الاحتراز، كما يشمل العمد والخطأ (3)•
والفعل الضار هنا يدخل ضمن الإتلاف ، وعليه فهو يشمل الفعل عن طريق المباشرة ، والفعل عن طريق التسبب ، وهو سبب من أسباب الضمان في الفقه الإسلامي (4)• ومثال الإتلاف بالمباشرة في الأموال حرق الثياب، وهدم الدور ، وأكل الأطعمة ، ونحو ذلك • ومثال الإتلاف بالتسبب في باب الأموال: حفر الآبار في طريق الحيوان في غير الأرض المملوكة للحافر، ووقيد النار قريباً من الزرع (5)•
وفي كلا الحالين أعني الإتلاف بالمباشرة والإتلاف بالتسبب تلحق المسؤولية ، ويجب الضمان سواء وقع الفعل عن خطأ أم عمد ، طالما أن الفعل كان متصفاً بالتعدي •
وعليه فإن ما ورد في مجلة الأحكام العدلية بخصوص هذه المسألة من قولها (المباشر ضامن وإن لم يتعمد، والمتسبب لا يضمن إلا بالتعمد)اهـ(6)•

غير سليم ، لأنه موهم ، لأن التعمد يفيد معنى القصد ، وقد دلت كثير من الفروع الفقهية أن كلاً من المباشرة والتسبب في ضرر الغير موجبة للضمان ، متى وجد التعدي ، سواء قصد الفاعل الفعل ، أو الضرر أو لم يقصد ذلك (1)•
ولوجود هذا النص الموهم في القاعدة المذكورة ، فإن شراح المجلة عمدوا إلى تلافيه ، حيث قرنوا التعمد بالتعدي (2)•
وبالنسبة للسجن فإن الفعل يتحقق بمطلق حصول السجن الناتج عنه الضرر للمسجون ، سواء أكان عن طريق المباشرة أم عن طريق التسبب، وسواء أكان عن طريق العمد أم الخطأ ، أم التقصير أو الإهمال ، ولكن لحوق المسؤولية في جميع ما تقدم مشروط بكون هذا السجن حصل عن طريق التعدي ، وعليه فإن التعويض عن السجن لا ينحصر في الحالات التي نص عليها النظام ، والتي تقدم ذكرها في هذا البحث ، بل يشمل التعويض عن كل ضرر حصل بسبب السجن متى كان صدور هذا الفعل على وجه التعدي على ما بيناه آنفاً •

كما أنه يشمل السجن والتوقيف معاً ، كما قررناه في هذا البحث •
وبناء على ذلك نقول: يحق للشخص الواقع عليه الضرر بسبب السجن أن يطالب بالتعويض ، حتى ولو كانت ليست من الحالات التي نص عليها النظام ، لأن القضاء في المملكة يستمد أحكامه من الشريعة الإسلامية، وهي الحاكمة على جميع أنظمة المملكة (3)• ونحن بينا آنفاً من المقرر في الفقه الإسلامي ، جواز المطالبة بالتعويض عن الضرر إذا كان هذا الضرر حاصلاً عن تعدي من الفاعل •
وكما قلنا فإن المسؤولية الموجبة للتعويض عن السجن تلحق المباشر للسجن ، أو المتسبب فيه •
والمباشر للسجن يُتصوّر حصوله من ذي السلطة الذي بناء على سلطته يستطيع أن يوقف الناس أو يسجنهم ، بغض النظر عن نظامية ذلك من عدمه •

كما يُتصور حصوله في حالة إطالة مدة التوقيف أو إطالة مدة السجن، أكثر من المدة المقررة بالنسبة للتوقيف أو أكثر من المدة المنصوص عليها في الحكم بالنسبة للسجن •
والمتسبب للسجن قد يكون من أحد أفراد الناس بأن يقدم شكوى أو دعوى دون تثبت ، ونرى أنه لا يلزم هنا لكي تلحق المسؤولية هذا الشخص أن تكون الشكوى كيدية أو الدعوى باطلة ، بل تلحقه المسؤولية، ويلزمه الضمان متى ثبتت براءة المسجون ، لأنه هو المتسبب في سجن الذي ترتب عليه الضرر اللاحق به • اللهم إن كان هذا الشخص المسجون، قد أوقع نفسه في موضع التهمة ، ومعرض الريبة ، فيمكن القول بأنه يتحمل ما لحقه من ضرر بسبب السجن ، لأنه هو الذي أوقع نفسه في موضع التهمة ، وفي هذا حث للناس على اجتناب مواضع الريب ، وعلى كل حال فتقدير ذلك راجع إلى نظر القضاء كما أن من الواجب على المسؤولين المختصين في هذا الشأن التحقق والتمحيص لما يردهم من شكوى ودعوى فإن قصروا في التحقق من ذلك فتلحقهم المسؤولية • وقد يكون المتسبب في التوقيف أو السجن من ذوي السلطة ، حسب توزيع الاختصاصات ، وبغض النظر عن نظامية ذلك من عدمه ، وهذا يتصور وقوعه في حالة التوقيف ، والسجن ابتداءً ، أو في حالة إطالة مدة التوقيف أو السجن أكثر من المدة المقررة • وقد يكون المتسبب في السجن هو القاضي ، وذلك عندما يحكم بالسجن ، ولا يمكن تصوّر مباشرة القاضي للسجن في ظل فصل السلطات •
وقد يكون المتسبب في السجن الشهود ، عندما يشهدون عمداً أو حتى خطأ ضد المضرور بالسجن •
وقد تجتمع المباشرة مع التسبب في حصول السجن ، وحكم ذلك سنبينه إن شاء الله عند بحث علاقة السببية بين الفعل والضرر •
ويستحق التعويض عن السجن عندما يكون من قبيل التعدي ، ويحصل بسببه الضرر ، مطلقاً ، أي سواء أكان عن طريق العمد أم الخطأ ، أم التقصير أم الإهمال من دون إخلال بالمسؤولية الجزائية أو التأديبية (1)•
غير أنه في حالة كون الفعل الضار الناتج عن السجن وقع من أحد عُمّال الدولة ، وكان حصوله عن طريق الخطأ المبني على الاجتهاد ، وعدم الإهمال أو التقصير فإن بيت المال هو الذي يتحمل التعويض الذي يستحقه المضرور بسبب السجن •

المبحث الثاني : تحقق الضرر :

والضرر ركن أساس في المسؤولية ، لأن وجوب التعويض مترتب على وجود الضرر ، ومتى انتفى لم يجب التعويض ، ومبدأ اشتراط تحقق الضرر متفق عليه بين الفقهاء (2)•

أقسام الضرر :

1- الضرر المادي :
والضرر المادي هو: إنزال مفسدة جسمية أو مالية بالآخرين (3)•
إذاً الضرر المادي ينقسم إلى قسمين: الأول: الضرر الجسمي، وهو الذي يصيب الإنسان في جسمه من جراح يترتب عليه تشويه فيه أو عجز عن العمل ، أو ضعف في كسبه ، ونحو ذلك مما يستوجب معه الأرش، والآخر: الضرر المالي ، وهو الذي يلحق مفسدة في أموال الآخرين بإتلافها كلها ، أو بإتلاف بعضها ، أو جزء منها ، أو بإزالة بعض أوصافها (1)•

2- الضرر الأدبي :
وهو: إلحاق مفسدة في شخص الآخرين ، لا في أموالهم (2)•
ومن الأمثلة على الضرر الأدبي ما يأتي :
1- الضرر الذي يصيب الإنسان في شرفه ، أو عرضه ، أو يمس كرامته، أو يؤذي شعوره •
2- الضرر الذي يلحق الإنسان باتهامه في دينه •
3- الضرر المتمثل في الإهانة التي تمس مكانة الإنسان ، أو تلحق به سمعة سيئة ، سواء كان ذلك بالقول ، أو الفعل ، أو السعاية بدون حق إلى الحاكم •
4- الألم الجسمي الذي يحدث نتيجة الضرب، أو الجرح الذي لا يترك أثراً•
5- الآثار الأليمة التي تبقى في النفس نتيجة حدوث تشويه في الجسم (3)• ونحو ذلك من الآثار •
وإنني لأرى أن بحث التعويض عن الضرر الأدبي بسبب السجن خاصة له أهمية كبرى ، لأن السجن يُلحق بالمسجون ضرراً فادحاً من الناحية الأدبية ، خاصة فيما يتعلق بالسمعة السيئة ، والإخلال بالاعتبار والمكانة الاجتماعية، مما يرتب عليه أمور أخرى أيضاً في التعامل مع هذا الشخص، مثل ما يتعلق بالمصاهرة ، أو المجالسة ، أو المشاركة في التجارة ، أو العمل سواء في القطاع العام أو الخاص ، وغير ذلك • بل إن هذه الآثار قد لا تقتصر على الشخص نفسه ، بل تتعداه إلى أسرته ، والله المستعان •
ولذا فإنني أورد فيما يلي خلاف الفقهاء المعاصرين في التعويض عن الضرر الأدبي ، وأسوق أدلة كل فريق ، ثم أعمد إلى الترجيح ، وقبل ذلك يحسن البيان بأن الجميع متفقون على أن إلحاق الضرر الأدبي موجب للعقوبة التعزيرية وفق الضوابط الشرعية (1)•
وإنما موضع الخلاف بينهم منحصر في جواز جبر الضرر الأدبي بالمال ، وخلافهم في ذلك على قولين :
القول الأول: ويقضي بأنه لا يجوز التعويض عن الضرر الأدبي بالمال، ومن هؤلاء: الشيخ مصطفى الزرقا (2)، والشيخ علي الخفيف (3)، والدكتور صبحي محمصاني (4)•

القول الثاني: ويقضي بأنه يجوز التعويض عن الضرر الأدبي بالمال• ومن هؤلاء: الشيخ محمود شلتوت(5)، والدكتور محمد فوزي فيض الله(6)، والدكتور وهبة الزحيلي (7)، والدكتور محمد سراج (8)•
والذي يظهر لي من كلام الشيخ محمد بن إبراهيم آل شيخ (9) رحمه الله أنه يقول بجواز التعويض عن الضرر الأدبي ، وإن كنت لا أجزم بذلك حيث -سئل رحمه الله عن زواج الأجنبي ، فأجاب بقوله: (نفيدكم بأننا نوافق على أنه يجب عند طلب عقد نكاح الأجنبي من التأكد من: حسن سيرته وسلوكه ، والاطلاع على هويته وإقامته الرسمية ، وصحة جواز سفره ، وماله ، ومهنته ، ويجب أخذ الكفيل القوي عليه لتغريمه جميع التكاليف الأدبية والمالية إذا ثبت حصول خلل في الشروط السابقة ، ومن لم تتوافر فيه هذه الشروط فلا يسمح له بالزواج، ضماناً للمصلحة العامة، فاعتمدوا ذلك ، وعمموه على المحاكم من قبلكم ، وفق الله الجميع) اهـ(1)•

فهو نص بوضوح على جواز التعويض عن الأضرار الأدبية ، وبيان ذلك من أوجه :
1- أنه صرح بذكر التكاليف الأدبية بعينها •
2- أنه عطف على التكاليف الأدبية التكاليف المالية ، والعطف يقتضي المغايرة ، فلا يرد أي احتمال في انصرافه إلى المالية •
3- أنه ذكر التغريم ، والتغريم هو التعويض ، فلا ينصرف إلى التعزير •
4- نص على وجوب أخذ الكفيل القوي ، وهذا يؤكد على أن تغريمه هذه التكاليف هو من قبيل التعويض ، وليس من قبيل التعزير •
5- أنه تقدم ضمن الشروط التي ذكرها، حسن سيرة هذا الشخص وسلوكه وهو من أهم الصفات المطلوبة في الزواج، وهذا الشرط عندما يحصل خلل فيه ، تكون الأضرار الناتجة عنه أدبية وليست مادية •

الأدلة :

أولاً : أدلة أصحاب القول الأول :

استدل أصحاب القول الأول على ما ذهبوا إليه من عدم جواز التعويض عن الضرر الأدبي ، بعدة أدلة نجملها فيما يأتي :
1- قوله تعالى: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم (1)•
2- وقوله تعالى: إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم (2)• قالوا في وجه الدلالة من هاتين الآيتين: (يفيد هذا النص بمنطوقه أن موجب الضرر الأدبي هنا هو العقوبة لا التعويض) اهـ (3)•
3- أن التعويض عما يشين الإنسان في عرضه بالمال يعد من قبيل أخذ المال مقابل الاعتداء على العرض ، وهذا غير جائز ، قال الحطاب: (ومن صالح من قذفه على شقص أو مال لم يجز ، ولا رد ولا شفعة فيه، بلغ الإمام أم لا •• وجعله من باب الأخذ على العرض مالاً) اهـ(4)• فجعل الأعراض محل تعويض مالي تأباه الفطر السليمة (5)•
4- أن تقدير التعويض عن الضرر الأدبي لا ينضبط، بينما يظهر في أحكام الشريعة الحرص على التكافؤ الموضوعي بين الضرر والتعويض (6)•
6- أنه لا يوجد مبرر استصلاحي لمعالجة الأضرار الأدبية بالتعويض المالي، لأن الشريعة قد فتحت مجالاً واسعاً لقمعه بالزواجر التعزيرية (7)•
7- قالوا: حتى لو سلمنا بالتعزير المالي لمن أضر بغيره أدبياً لوجب أن يذهب إلى بيت المال لا إلى المتضرر ، وهذا لا يقولون به (8)•

ثانياً: أدلة أصحاب القول الثاني :

استدل أصحاب القول الثاني على ما ذهبوا إليه من جواز التعويض عن الضرر الأدبي ، بعدة أدلة نجملها أيضاً على النحو التالي :
1- أن الضرر في الإطلاق اللغوي ، وفي ألفاظ الشارع الأذى والضيق على أي وجه كان ، ويحمل على هذا الإطلاق مفهوم الضرر في قوله : (لا ضرر ولا ضرار) • وعليه فهو يدل على وجوب رفع الضرر دون تقييد بنوع منه دون آخر ، وبناء عليه تتناول دلالة النصوص الشرعية الضرر الأدبي (1)•
2- قياس التعويض بالمال عن الأضرار الأدبية على التعزير بأخذ المال الذي قررته الشريعة (2)•
3- أنه ورد عن بعض الفقهاء نصوص تدل على جواز التعويض عن الضرر الأدبي ، ومن ذلك ما يأتي :
أ- جاء في مجمع الضمانات: (ولو شج رجلاً فالتحمت ، ولم يبق لها أثر ، ونبت الشعر ، سقط الأرش عند أبي حنيفة • وقال أبو يوسف(3): عليه أرش الألم ، وهو حكومة عدل) اهـ (4)•
ب- وذكر الشافعية أنه لو جرحه وبرئ ولم ينقص أصلاً ، فقيل: إنه يعزر فقط ، إلحاقاً للجرح باللطم والضرب ، للضرورة ، وقيل: يفرض القاضي شيئاً باجتهاده (5)•
ج- وقال ابن قدامة (1) في معرض حديثه عن دية ثديي المرأة: (•• وقال مالك ، والثوري (2): إن ذهب اللبن وجبت ديتهما ، وإلا وجبت حكومة بقدر شينه) اهـ(3)• وقال عن ثديي الرجل: (وقال النخعي(4)، ومالك، وأصحاب الرأي ، وابن المنذر (5): فيهما حكومة • وهو ظاهر مذهب الشافعي ، لأنه ذهب بالجمال من غير منفعة) اهـ (6)• ولا شك أن الضرر الذي يزيل الجمال فقط هو من قبيل الضرر الأدبي•
د- وقال ابن القيم: (إن من غيَّر مال غيره بحيث فوّت مقصوده عليه فله أن يضمنه بمثله •• فإن فوّت صفاته المعنوية مثل أن ينسيه صناعته ، أو يضعف قوته ، أو يفسد عقله أو دينه ، فهذا أيضاً يُخيّر المالك بين تضمين النقص وبين المطالبة بالبدل) اهـ (7)•
فأنت كما ترى هنا بوضوح على جواز التعويض عن الضرر المعنوي•

الترجيح :

الراجح ما ذهب له أصحاب القول الثاني من جواز التعويض عن الضرر الأدبي ، وسبب الترجيح ما يأتي :
أولاً: قوة أدلتهم ووجاهتها ، وقد تقدمت •
ثانياً: الإجابة عن أدلة أصحاب القول الأول ، وذلك على النحو الآتي:
1- ما ذكروه فيما يتعلق بالقذف ، يجاب عنه بالآتي :
أ- أن هذا من الحدود ، والحدود لها أحكام خاصة ، وعليه لا يقاس عليها غيرها ، إذاً فهي خارجة عن محل النزاع •
ثم إن دلالتها على الحد دلالة منطوق، بينما دلالتها على نفي ما عدا الحد هي من قبيل دلالة المفهوم ، وهو أضعف من دلالة المنطوق •
ب- أن القذف جزء من الضرر الأدبي ، وليس هو كل الضرر الأدبي، ولا شك أن الحدود والتعزيرات البدنية فيها زجر للجاني ، ولكن ذلك لا يتنافى مع جواز الضمان المالي في المسائل الأخرى من الضرر الأدبي، لا سيما وقد وردت به النصوص الشرعية والتي سنشير إلى طرف منها بعد قليل •
2- ما ذكروه من أن التعويض عما يشين الإنسان في عرضه يعد من قبيل أخذ المال مقابل الاعتداء على العرض، وهذا غير جائز• يجاب عنه بالآتي:
أ- أنه لم يأت بجديد ، لأنه استدلال بمحل النزاع ذاته ، لأن الاعتداء على العرض داخل في الضرر الأدبي ، الذي يريد المخالفون الاستدلال على نفي جواز التعويض عنه •
ب- ثم استدلالهم هنا مبني على نص فقهي ، والنص الفقهي غير ملزم، ولا يعد حجة ، بل الحجة في الدليل الشرعي ثم هو معارض بالنصوص الفقهية التي تدل على جواز التعويض المالي عن الأضرار الأدبية والتي ذكرها أصحاب القول الثاني •
ثم هذا الدليل داخل ضمن الدليل السابق ، لأن القذف يتعلق بالعرض، وعليه يكون الجواب عنه مثل الجواب عن الدليل السابق، وقد تقدم آنفاً •
3- قولهم بأن الشريعة لا تُعِدُّ شرف الإنسان وسمعته مالاً متقوماً بمال آخر ، إذا اعتدي عليه • نجيب عنه فنقول: إن هذا منقوض بشرعية أخذ الدية على النفس ، أرأيت لو كان المقتول أباً أو أماً هل يعاب أخذ الدية في هذه الحالة ، لأن فيه تقويم الأب أو الأم مثلاً بالمال ؟؟ ولا شك أن الدية داخلة ضمن التعويض المالي ، وهذا يؤكد أنه لا يلزم من القول بجواز التعويض عن الضرر الأدبي ، أن يكون الشرف متقوماً بالمال• كما أنه منقوض أيضاً بالنصوص التي دلت على جواز أخذ التعويض عن الضرر الأدبي ، والتي سنشير إلى طرف منها بعد قليل •

4- قولهم: إن تقدير التعويض عن الضرر الأدبي لا ينضبط •• إلخ • نجيب عنه بالآتي :
أ- لا نسلم بذلك ، بل نقول يمكن تحديده •
ب- أن هذه الدعوى تنسحب على التعويض عن الضرر المادي ، وهم يقولون به ، وهذا يرد دعواهم هذه ويؤكد بطلانها ، لأنها تلزمهم فيما يتعلق بالضرر المادي •
ج- أن التعويض عن الضرر الأدبي بالمال وإن كان لا يجبره تماماً إلا أن فيه مقصداً آخر ، وهو تحقيق العزاء والسلوى للمصاب ، وهو من هذا الوجه يماثل الدية ، فإن الدية لا تجبر الضرر الحاصل على ولي المقتول، ولا تكاد ، بل لو دفعت أموال الدنيا إلى ولي المقتول لما جبر الضرر اللاحق به ، فتبيين من ذلك أنها شرعت للسلوى، وتخفيف الضرر عن المصاب •
د- لا شك أن المطلوب هو الانضباط في التقدير وتحقق الدقة فيه، ولكنه عندما يتعذر يصار إلى ما هو أقل منه درجة ، ولذلك نظائر في الشريعة ، مثل الخررص ، والحكومة •

5- قولهم: بأنه لا يوجد مبرر استصلاحي لمعالجة الأضرار الأدبية بالتعويض المالي •
نجيب عنه فنقول: إن التعويض بالمال عن الضرر الأدبي لم يثبت عن طريق الاستصلاح بل هو ثابت بالكتاب والسنة ، وسنبين ذلك عندما نذكر بعض الأحكام التي جاء بها الكتاب وجاءت بها السنة والتي هي من باب التعويض عن الضرر الأدبي •
6- قولهم: حتى لو سلمنا بالتعزير المالي لمن أضر بغيره أدبياً لوجب أن يذهب إلى بيت المال لا إلى المتضرر •
نجيب عنه فنقول: هناك فرق بين التعزير بالمال وبين التعويض بالمال، والمراد هنا هو التعويض بالمال عن الضرر الأدبي ، وإنما المقصود هو قياس جواز التعويض بالمال عن الضرر الأدبي على جواز التعزير بالمال ، والتعويض بالمال يعني الحكم به للمضرور ، وهذا هو المراد •

ثالثاً: أن التعويض عن الضرر الأدبي يدخل في عموم القاعدة الشرعية (لا ضرر ولا ضرار) •

والتي تعتبر من أعظم الأدلة التي ينبني عليها التعويض والضمان، وهذه القاعدة جاءت عامة ، ووجه ذلك أن كلمة (ضرر) جاءت منكرة بعد النفي ، والنكرة في سياق النفي تفيد العموم ، كما هو مقرر في علم أصول الفقه (1)•
كما أنه يدخل في عموم القاعدة الفقهية: (الضرر يزال) (2)، ووجه العموم فيها أن كلمة (الضرر) جاءت معرفة بالألف واللام ، والتي تفيد الجنس ، وعليه فهي مستغرقة لجميع أنواع الضرر ، لأن الألف واللام من صيغ العموم كما هو مقرر في علم أصول الفقه أيضاً (3)•

رابعاً: أنه لا يتعارض بين إيقاع عقوبة تعزيرية على المعتدي ، وبين إلزامه بالتعويض عن الضرر الأدبي الذي ألحقه بالمضرور ، وأن رفع الضرر يمكن أن يكون عن طريقين :
1- تعويض المضرور •
2- تعزير المعتدي •
خامساً : أن هناك أحكام كثيرة وردت بها النصوص الشرعية ، هي صور صريحة وواضحة للتعويض عن الضرر الأدبي ، ولكون هذه الصور كثيرة فإننا نقتصر على صورتين منها فقط ، طلباً للاختصار، وفراراً من الإطالة ، وبيان هاتين الصورتين على النحو التالي :
1- متعة الطلاق • فإنها واجبة للمطلقة بسبب الطلاق ، وقد نص غير واحد من العلماء على أن الضرر الأدبي الذي أصاب المطلقة هو علة الحكم بالمتعة ، ففي المتعة تسلية عن الفراق ، وجبر لما حصل لها من الانكسار بسبب الطلاق (1)•
2- إباحة أخذ الفداء من الزوجة إذا آذت زوجها أذى أدبياً أو معنوياً (2)•
ومن خلال ما تقدم يتأكد التعويض عن الضرر الأدبي اللاحق بالمضرور بسبب السجن ، بل إنني أرى أن الضرر الأدبي الناتج عن السجن أبلغ أثراً ، وأشد وقعاً من الضرر المادي الناتج عن السجن ، وأولى منه بالتعويض •

المبحث الثالث : تحقق علاقة السببية بين الفعل والضرر :

والتعبير بعلاقة السببية جرى عليه الفقهاء المعاصرون ، ويقابله في اصطلاح الفقهاء المتقدمين (الإفضاء) • والمقصود به: أن يكون الفعل موصلاً إلى نتيجة لا تتخلف عنه ، إذا انتفت الموانع (3)•
وعلى كل حال ، فإن المعنى واحد ، وهو أنه لابد لكي يسأل الفاعل عن فعله أن يكون فعله هو الذي أحدث الضرر ، إما مباشرة ، أو تسبباً• ويشمل الإفضاء في اصطلاح الفقهاء كلاً من السبب والعلة (1)• والإتلاف عن طريق المباشرة هو إتلاف الشيء بالذات ، فالمباشر هو الذي يقع التلف بفعله من غير أن يتخلل بين فعله والتلف فعل مختار (2)•
والإتلاف بطريق التسبب هو: إيجاد ما يحصل الهلاك عنده لكن بعلة أخرى إذا كان السبب مما يقصد لتوقع تلك العلة (3)•
أو هو إحداث أمر في شيء يفضي إلى تلف شيء آخر على جري العادة(4)•
ومن التعريف يتبين أنه يشترط أن يكون السبب (مما شأنه في العادة أن يفضي غالباً للإتلاف) اهـ (5)•
إذا تقرر ما سبق فإنه ينبغي أن يُعلم أنه في حالة الإتلاف بطريق المباشرة تكون علاقة الضرر بالفعل ظاهرة، وذلك لاتصال الفعل بمحل الضرر •
أما في حالة الإتلاف بطريق التسبب فلا بد من علاقة السببية بين الفعل والضرر بأن يفضي السبب إلى النتيجة غالباً على جري العادة •
وعندما تجتمع المباشرة مع التسبب فإن الحكم يضاف إلى المباشرة، وعلى هذا جاء نص القاعدة الفقهية (إذا اجتمع المباشر والمتسبب يضاف الحكم إلى المباشر) اهـ (6)•
وقال ابن رجب(1): (إذا استند إتلاف أموال الآدميين ونفوسهم إلى مباشرة وسبب ، تعلق الضمان بالمباشرة دون السبب إلا أن تكون المباشرة مبينة على السبب أو ناشئة عنه) اهـ (2)•
وجُعل الأصل هو ضمان المباشر ، لأن المباشرة تقطع السبب (3)•
ولكن ينبغي أن يعلم أن هذه القاعدة ليست على إطلاقها ، إذ يرد عليها استثناءات تلحق المسؤولية فيها المتسبب مع المباشر ، بل في بعض الحالات تلحق المسؤولية المتسبب دون المباشر (4)•

وإذا أردنا تطبيق ذلك على ما يتعلق بالتعويض عن السجن فإننا نقول: إن المباشرة هنا يتصور وقوعها من السلطة التنفيذية التي تباشر السجن أو التوقيف والتسبب يتصور وقوعه من أحد أفراد الناس عندما يكون السجن أو التوقيف بسببه لأن المباشرة مبنية عليها ، أو لكونه مستغرقاً للمباشرة ، أو لتوافر سوء القصد في المتسبب دون المباشر ، ويتصور وقوعه أيضاً من السلطة التنفيذية ، سواء أكان الحاكم الإداري ، أم رئيس الشرطة ، أم الجهة المختصة بتنفيذ السجن أو التوقيف ، ويمكن تصور حصول الاشتراك بين هذه الجهات ، أو بعضها ، وبين أكثر من شخص في نطاق الجهة الواحدة ، وعند الاشتراك يلزم الشخص بالتعويض الذي يناسب قدر الضرر الذي أنتجه فعله •
ولا شك أن تقدير السبب المؤثر ، أي الذي نتج عنه الضرر دون غيره يخضع لتقدير القاضي الذي تعرض عليه القضية ، وعليه مراعاة ميزان الأولويات عند تداخل الأسباب المؤدية إلى الضرر ، كما يجب عليه حينئذ أن يتصف بالنظرة العميقة والدقيقة لهذه الأسباب ، وذلك مما تختلف فيه القضايا بحسب الملابسات الخاصة بكل قضية بمفردها •
فحصل مما تقدم أنه يلزم للتعويض عن السجن أن يكون الضرر اللاحق بالمضرور حدث بسبب هذا السجن ، سواء أكان بطريق المباشرة أم التسبب •
والأصل في الشريعة الإسلامية أن المضرور بالسجن ، أو وليه هو الذي يقع عليه عبء إثبات الضرر ، وإثبات تعدي من ألحق به الضرر ، وأن تعديه كان هو السبب في الضرر ، وتثبت السببية بإقرار المتعدي ، كما تثبت بالشهادة ، والقرائن ، ونحوها من طرق الإثبات •
وبناء على ما تقدم إذا ترتب الضرر اللاحق بالمسجون بسبب آخر غير السجن فلا تعويض ، لأن التعويض مرتبط بالضرر والفعل الذي أنتج هذا الضرر وجوداً وعدماً •
وإذا تقرر عندنا التعويض عن السجن في الفقه الإسلامي ، فإننا نقول: إن تقدير التعويض عن الضر الحاصل بسبب السجن -سواء أكان التعويض عن الضرر المادي أم الأدبي- مرجعه إلى القاضي ناظر القضية ، لأن ما يلحق الناس من جراء السجن من أضرار يتفاوت ويختلف باختلاف أقدارهم وأحوالهم ، كما أن مقدار الضرر يختلف من واقعة لأخرى وبناءً عليه يختلف مقدار التعويض الجابر لهذه الأضرار تبعاً لذلك (1)•

الفصل الثالث الجهة المختصة بدعوى التعويض

المبحث الأول : الجهة المختصة بنظر الدعوى إذا كان السجن بسبب دعوى كيدية من أحد أفراد الناس •

عندما تقام دعوى التعويض عن السجن على أحد أفراد الناس لكونه هو السبب في سجن أو إيقاف المضرور ، كأن يكون هذا الشخص الذي أقيمت عليه الدعوى أقام على المضرور شكوى باطلة ، أو اتهمه كيداً ، أو حصل منه تعد في هذه التهمة أو الشكوى ، غير ما ذكر ، فإن الجهة المختصة بنظر هذه الدعوى هي جهة القضاء العام (1)•

المبحث الثاني : الجهة المختصة بنظر الدعوى إذا كان السجن من جهة حكومية :

المطلب الأول: الجهة المختصة بنظر الدعوى إذا كان السجن بدون حكم (2):

عندما تقام دعوى التعويض عن السجن ويكون هذا السجن بدون حكم، وتكون هذه الدعوى موجهة إلى جهة حكومية ، باعتبارها المسؤولة عن الضرر اللاحق بالمضرور بالسجن ، سواء أكان عن طريق المباشرة أم عن طريق التسبب ، فإن الجهة المختصة بنظر هذه الدعوى هي جهة القضاء الإداري المتمثلة في ديوان المظالم (1)• لأن هذه الدعوى عندما تقام على الجهة الحكومية تعد تظلماً من أعمال الإدارة ، وذلك من اختصاص ديوان المظالم •
لكن لابد من إقامة هذه الدعوى خلال خمس سنوات من تاريخ نشوء الحق ، وإلا سقطت الدعوى بسبب التقادم (2)•

المطلب الثاني: الجهة المختصة بنظر الدعوى إذا كان السجن بحكم:

الفرع الأول: الجهة المختصة بنظر الدعوى إذا كان الحكم صادراً من القضاء العام:

إذا أقيمت دعوى التعويض عن السجن على جهة حكومية ، وكان هذا السجن مبيناً على حكم صادر من القضاء العام ، فإن الجهة المختصة بنظر دعوى التعويض هنا هي جهة القضاء العام نفسه ، حتى ولو كانت الدعوى مقامة على جهة حكومية ، وذلك لأن هذا السجن صدر بناء على حكم قضائي ، وأحكام القضاء من الأمور التي تخرج عن اختصاص القضاء الإداري (1)• وذلك ضماناً لاستقلال القضاء وهذا الأمر كاف لوحده في تحديد اختصاص الجهة التي تنظر دعوى التعويض عن السجن في الحالة المذكورة ، ومع ذلك فيؤكد هذا الأمر الصادر من نائب رئيس مجلس الوزراء الموجه إلى وزير الداخلية والذي جاء فيه: (•• الأشخاص الذين يسجنون في قضايا معينة ثم يطلق سراحهم لعدم إدانتهم أو لثبوت براءتهم مما نسب إليهم ومطالبتهم بالتعويض عما لحقهم من ضرر بسبب ذلك • وحيث تبين أن ديوان المظالم سبق أن نظر بعض الدعاوى من هذا القبيل وقرر اختصاصه بنظرها وأن ما يلحق الناس من جراء السجن من أضرار يتفاوت باختلاف قدر كل شخص وحاله وما يحيط بسجنه من ظروف ، ومن ثم يختلف التعويض الجابر لهذه الأضرار ، ويُترك أمر تقدير التعويض للقاضي المنوط به الحكم في الدعوى • نرغب إليكم إفهام أصحاب الشأن بأن لهم التقدم بدعواهم في هذا الخصوص إلى ديوان المظالم ، وعدم الرفع إلا عمن يكون سجنه بموجب حكم شرعي ، ثم ثبتت بعد ذلك براءته بحكم شرعي آخر ، فأكملوا ما يلزم بموجبه) اهـ (2)•

الفرع الثاني: الجهة المختصة بنظر الدعوى إذا كان الحكم صادراً من غير القضاء العام (3):

حينما تقام دعوي التعويض عن السجن على جهة حكومية ، ويكون هذا السجن قد صدر به حكم قضائي من غير القضاء العام ، فإن هذا الحكم بالسجن لا يخلو إما أن يكون صادراً عن القضاء الإداري ، وإما أن يكون صادراً عن إحدى الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي •
فإن كان هذا الحكم بالسجن قد صدر من القضاء الإداري ، فإن المختص بنظر دعوى التعويض عنه يكون للقضاء الإداري نفسه ، وليس القضاء العام ، لما ذكرناه قبل قليل ، وهو ضمان عدم التدخل في أعمال القضاء تحقيقاً لاستقلاله ، لأن جهة القضاء الإداري مختلفة عن جهة القضاء العام من حيث الاختصاص ، وعليه فإذا لم تصح رقابة القضاء الإداري على أحكام القضاء العام فمن باب أولى ألا تصح رقابة القضاء العام على القضاء الإداري ، لأن الصلاحيات المخولة للقضاء الإداري أقوى من الصلاحيات المخولة للقضاء العام (1)•
أما إن كان الحكم بالسجن قد صدر عن إحدى الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي فإن الأمر لا يخلو من أحد حالين :
الأول: ألا يُنص في قرار تكوين هذه الجهات على أن قراراتها نهائية، بل يمكن التظلم منها أمام ديوان المظالم ، فإن الجهة المختصة بنظر دعوى التعويض عن السجن الصادر منها هي ديوان المظالم •
الآخر: أن يُنص في قرار تكوين هذه الجهات على أن قراراتها نهائية، فهذه تبقى نهائية ، ولا يمكن التظلم منها أمام ديوان المظالم (2)، وعليه تكون الجهة المختصة بنظر التعويض عن السجن الصادر منها هي هذه الجهات القضائية نفسها •
وفي الحالات التي يختص ديوان المظالم فيها بنظر دعوى التعويض عن السجن يلزم أن تقدم هذه الدعوى خلال خمس سنوات من نشوء الحق وإلا سقطت الدعوى بسبب التقادم (3)•

الخاتمة

وتمثل خلاصة مختصرة للبحث ، وما حصل فيه من نتائج :
1- التعويض في اللغة يأتي على معان منها البدل ، والخلف ، وفي الاصطلاح الفقهي ، يطلق على معنى يرادف الضمان ، كما يطلق بمعنى غرامة التالف ، وهو المراد في هذا البحث •
2- ويعرف بأنه : المال الذي يُحكم به على من أوقع ضرراً على غيره في نفس أو مال أو شرف •
3- السجن في اللغة يأتي بمعنى الحبس ، وفي الاصطلاح الفقهي عُرف بعدة تعريفات ، والأقرب منها إلى السجن في الاصطلاح المعاصر ما ذكر السروجي من أنه مقر مانع من السعي في البلاد ، وهو بهذا يشمل التوقيف •
4- التعويض عن السجن هو: المال الذي يُحكم به على من أوقع الضرر أو تسبب في وقوعه على المسجون في نفسه أو ماله أو شرفه • وبناءً على هذا التعريف يدخل فيه التعويض عن الضرر المادي ، والتعويض عن الضرر الأدبي •
5- السجن مشروع وقد دل على مشروعيته أدلة من الكتاب والسنة، والإجماع والمعقول •
6- يلزم للتعويض عن السجن في النظام توافر أركان التعويض ، وهي: تحقق الفعل ، وتحقق الضرر ، وتحقق علاقة السببية بين الفعل والضرر •
7- يشترط فيما يتعلق بالفعل الضار المكون لركن التعويض عن السجن أن يكون هذا الفعل صدر على سبيل التعدي ، والتعدي هنا يتمثل في:
أ- السجن أو التوقيف بسبب الاتهام كيداً •
ب- إطالة مدة التوقيف أكثر من المدة المقررة ، وقد بيّنا هذه المدد المقررة نظاماً في صلب البحث •
ج- إطالة السجن أكثر من المدد المقررة •
د- والصواب أن التعدي يشمل جميع هذه الأمور ولو كان حصوله عن طريق الخطأ ، وليس العمد •
هـ- والتعدي هنا قد يكون عن طريق المباشرة أو التسبب •
8- يشترط للتعويض عن الضرر المادي الناتج عن السجن أن يكون قد تحقق وقوعه فعلاً ، ويدخل في حكمه الضرر الذي تحققت أسبابه، وتراخت آثاره، أي أنه محقق الوقوع في المستقبل، أما الضرر المحتمل وهو الذي لم يقع ، وليس هناك ما يؤكد أنه سيقع فلا تعويض عنه •
9- استقر الرأي في فقه الأنظمة والقضاء على التعويض عن الأضرار الأدبية•
01- لا يكفي لتعويض المسجون عن السجن ، وقوع الضرر عليه ، ولا كون السجن فيه تعدٍ ، بل لابد أن يتحقق • ويقع على المضرور أو وليه عبء إثبات هذه العلاقة ما لم تكن ظاهرة •
11- يلزم عن التعويض عن السجن في الفقه توافر أركان التعويض، وهي: تحقق الفعل، وتحقق الضرر وتحقق علاقة السببية بين الفعل والضرر•
21- يُشترط فيما يتعلق بالفعل الضار المكون لركن التعويض عن السجن أن يكون هذا الفعل صدر على سبيل التعدي ، والراجح في تعريف التعدي أنه: المجاوزة الفعلية إلى حق الغير أو ملكه المعصوم ، وعليه فيشمل ذلك العمد والخطأ ، والتقصير ، والإهمال وعليه فهو أعم مما أورده النظام • كما أن الفعل الضار هنا يدخل ضمن الإتلاف ، وعليه فهو يتناول الفعل عن طريق المباشرة والفعل عن طريق التسبب •
31- الراجح هو تعويض المضرور عن الأضرار الأدبية التي حاقت به بسبب السجن ، بل إننا نرى أنها أولى بالاعتبار من الأضرار المادية، خاصة فيما يتعلق بالسجن لما يخلِّفه من أضرار أدبية بالغة على المسجون ، تفوق الأضرار المادية في كثير من الأحيان •
41- التعدي الموجب للتعويض عن السجن سواد في الفقه أو النظام يمكن تصور وقوعه من أحد أفراد الناس ، أو من أحد أفراد السلطة التنفيذية على اختلاف رتبهم، وأعمالهم ، أو من القاضي ، ويمكن أن يشترك فيه أكثر من شخص سواء في الجهة الواحدة، أو من عدة جهات، كما يمكن تصور وقوعه عن طريق المباشرة مع التسبب، إلا أنه في بعض الحالات لا تتصور فيه المباشرة، بل لا يمكن أن يكون إلا عن طريق التسبب•
51- إذا كان السجن حصل بسبب دعوى كيدية من أحد أفراد الناس فإن الجهة المختصة بنظر دعوى التعويض عنه هي جهة القضاء العام •
61- إذا كان السجن صدر من أشخاص السلطة في الدولة وكان بدون حكم فإن الجهة المختصة بنظر دعوى التعويض عن السجن هي جهة القضاء الإداري (ديوان المظالم) •
71- إذا كان الحكم بالسجن صدر بناءً على حكم قضائي من القضاء العام فإن الجهة المختصة بنظر دعوى التعويض عن السجن هي جهة القضاء العام نفسه •
81- إذا كان السجن صدر بناءً على حكم قضائي من غير القضاء العام فإن الجهة المختصة بنظر دعوى التعويض عن السجن هي جهة القضاء الإداري (ديوان المظالم) • ويستثنى من ذلك عندما يكون الحكم بالسجن قد صدر من جهة قضائية لا يجيز النظام الاعتراض على أحكامها أمام ديوان المظالم حيث تكون هذه الجهة نفسها هي الجهة المختصة بنظر الدعوى •
هذا وأسأل الله أن يرزقني الإخلاص في القول والعمل ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه •

الهوامش:

(1) انظر: لسان العرب ج9 ص55، 65 ، والصحاح ج3 ص2901، 3901 ، ومعجم متن اللغة ج4 ص642•
(2) ج5 ص95 •
(3) لسان العرب ج9 ص55 •
(4) ج9 ص55 •
(5) نوردها دون تعقيب عليها ولا مناقشة لها ، طلباً للاختصار •
(6) حاشية رد المحتار ج5 ص182 •
(1) تبيين الحقائق ج5 ص322 ، وانظر بدائع الصنائع ج7 ص861 •
(2) غمز عيون البصائر ج2 ص012 •
(3) مواهب الجليل ج5 ص69 •
(4) حاشية الباجوري ج1 ص933 •
(5) الوجيز ج1 ص802 •
(6) نيل الأوطار ج5 ص992 •
(7) المغني ج7 ص17 •
(8) التعويض عن الضرر ص551 •
(1) النظرية العامة للموجبات والعقود ج1 ص851 •
(2) المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير – لسيد أمين ص511 •
(3) نظرية الضمان – وهبة الزحيلي ص78 •
(4) المسؤولية المدنية والجنائية – لمحمود شلتوت ص53 •
(1) سورة يوسف الآية 33 •
(2) مقاييس اللغة ج3 ص731 ، ومختار الصحاح ص782 ، والقاموس المحيط ص4551 •
(3) لسان العرب ج31 ص302 وما بعدها ، والقاموس المحيط ص4551 ، والصحاح ج5 ص3312 ، والمعجم الوسيط ج1 ص814 •
(4) هو تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الدمشقي الحنبلي ، ولد سنة 166هـ، وتوفي سنة 827هـ ، الإمام العلامة الفقيه المفسر ، المحدث ، المجتهد ، له مصنفات كثيرة جداً منها: درء تعارض العقل والنقل ، كتاب الإيمان ، الاستقامة ، وغيرها ، انظر: ذيل طبقات الحنابلة ج2 ص615 ، والدرر الكامنة ج1 ص451 ، وطبقات الحفاظ ص615 •
(5) هو: علاء الدين أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني الحنفي ، من مؤلفاته: (بدائع الصنائع)• توفي سنة 875هـ ، طبقات الفقهاء ص201 •
(6) هو: أحمد بن إبراهيم بن عبد العزيز بن أبي إسحاق السروجي الحنفي ولد سنة 736هـ ، وقيل 936هـ• من مؤلفاته الغاية في شرح الهداية ، وأدب القضاء ، وشروح القدوري ، ومناسك الحج• البداية والنهاية ج71 ص701 ، الدرر الكامنة ج1 ص19-29 ، وحسن المحاضرة ج1 ص864 •
(7) مجموع فتاوى ابن تيمية ج53 ص893 •
(1) أدب القضاء ص951 •
(2) هو: أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد المعروف بابن العربي المعافري الأندلسي الحافظ المشهور ولد سنة 864هـ ، وقيل سنة 964 هـ بأشبيلية • وتوفي سنة 345هـ • ودفن بمدينة فأس • انظر: وفيات الأعيان ج4 ص692، 792 ، وشذرات الذهب ج4 ص141 ، والصلة ج2 ص855، 955، وتاريخ قضاة الأندلس (المرقبة العليا) ص501 •
(3) الجامع لأحكام القرآن ج3 ص456 •
(4) القاموس المحيط ص196 ، ولسان العرب ج6 ص44 وما بعدها ، والمصباح المنير ج1 ص811، والمعجم الوسيط ج1 ص251 •
(5) سورة يوسف الآية 52 •
(6) سورة المائدة الآية 601 •
(1) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب الزهد والرقائق ج4 ص7971 •
(2) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الديات – باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين ج9 ص6 • كما أخرجه في مواضع أخرى من صحيحه • وأخرجه مسلم في صحيحه – كتاب الحج – باب تحريم مكة، وصيدها ، وخلاها ، وشجرها ، ولقطتها ، إلا لمنشد ، على الدوام ج2 ص508، 608 •
(3) حاشية ابن عابدين ج4 ص66 ، وحاشية القليوبي ج2 ص292 ، والمغني ج41 ص122، 243، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ج53 ص893، 993 •
(4) مرشد الإجراءات الجنائية ص842 •
(5) المادة (1) من نظام السجن والتوقيف الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/13 وتاريخ 12/6/8931هـ، والمواد (211، 311، 411، 511، 711، 811، 421، 312، 512، 712) من نظام الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/93 وتاريخ 92/7/2241هـ •

(1) سورة المائدة الآية 601 •
(2) فتح القدير ج2 ص78 ، والتفسير الكبير للفخر الرازي ج21 ص11 •
(3) هو: الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرج الأنصاري الخزرجي ، الأندلسي القرطبي المفسر ، له مصنفات منها: (الجامع لأحكام القرآن) • توفي في شوال سنة 176هـ • انظر: طبقات المفسرين ج02 ص56 •
(4) الجامع لأحكام القرآن ج4 ص9432 •
(5) سورة المائدة الآية 33 •
(6) أضواء البيان 2/98 •
(7) أحكام القرآن للجصاص ج2 ص214 ، وأحكام القرآن لابن العربي ج2 ص895 ، وروح المعاني للألوسي ج6 ص021، والمبسوط ج02 ص88، وبدائع الصنائع ج7 ص59 ، والإنصاف ج1 ص892•
(1) الجامع لأحكام القرآن ج6 ص351 •
(2) انظر: أقضية الرسول لابن الطلاع ص21 •
(3) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب المغازي – باب وفد بني حنيفة – حديث تمامة بن آثال ج5 ص412 ، 512 ، ومسلم في صحيحه – كتاب الجهاد – باب ربط الأسير وحبسه ج21 ص كما أخرجه غيرهما •
(4) أخرجه أبو داود في سننه – كتاب الأقضية – باب الحبس في الدين وغيره ج3 ص313 ، والترمذي في سننه – كتاب الديات – باب ما جاء في الحبس في التهمة ج4 ص02 ، والنسائي في سننه= =كتاب السارق – باب امتحان السارق بالضرب ج8 ص86 ، وزاد الترمذي والنسائي ثم خلى عنه وهو حديث حسن صالح للاحتجاج • انظر: نصب الراية ج3 ص013، 113 ، وتهذيب التهذيب ج1 ص894، 994، وحسنه الشيخ الألباني • انظر: صحيح سنن أبي داود ج2 ص196 •
(1) هو: أبو محمد أو أبو عمر فخر الدين عثمان بن علي بن محجن الحنفي الزيلعي ، الفقيه – أشهر مصنفاته: (تبيين الحقائق) ، توفي سنة 347هـ • انظر: الفوائد البهية ص511 ، وتاج التراجم ص14، والجواهر المضيئة ج2 ص915 •
(2) تبيين الحقائق ج2 ص971 •
(3) تبصرة الحكام ج2 ص013 ، ونيل الأوطار ج7 ص151 •
(1) الجامع لأحكام القرآن ج6 ص251 •
(1) انظر فيما يتعلق بالحكم السابق ذكرها جميعها ما يأتي: الدر المختار ج4 ص67، 18 ، وبدائع الصنائع ج7 ص371 ، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص852، 952 ، وحاشية قليوبي ج4 ص502، وتبصرة الحكام ج2 ص213 ، 413-913 ، وجواهر الإكليل ج2 ص692 ، والأحكام السلطانية للماوردي ص263 ، ونيل الأوطار ج7 ص051، 151 •
(2) المسئولية التقصيرية ص941 ، والنظرية العامة للموجبات والعقود ج1 ص491، 591 •
(3) دروس في النظرية العامة للالتزامات ص831 •
(1) المسئولية التقصيرية ص182 ، ومصادر الالتزام ص182 ، ودروس في النظرية العامة للالتزامات ص831 •
(2) المسؤولية التقصيرية ص941 ، والنظرية العامة للموجبات والعقود ج1 ص491، 591 •
(3) شرح القانون المدني ج1 ص01 •
(4) دروس في النظرية العامة للالتزامات ص831 •
(5) النظرية العامة للموجبات والعقود ج1 ص961 •
(6) الفعل الضار والمضان فيه ص17، 27 •
(1) النظرية العامة للموجبات والعقود ج1 ص471 •
(2) نظرية الضمان ، د• محمد فوزي ص29، 39 •
(3) المسؤولية التقصيرية ص251 •
(4) دروس في النظرية العامة للالتزامات ص041 •
(1) الوجيز في نظرية الالتزام ص142 ، والمسؤولية التقصيرية ص451، 551 ، والنظرية العامة للموجبات والعقود ج1 ص691 ، ونظرية الضمان ، د• محمد فوزي ص39 ، 49 •
(2) الوجيز في نظرية الالتزام ص142 •
(3) الوجيز في نظرية الالتزام ص242 ، وشرح القانون المدني ج1 ص242 •
(4) مصادر الالتزام ص213 •
(5) دروس في النظرية العامة للالتزامات ص241 •
(6) الفعل الضار ص1231، وحالات انعدام المسؤولية أو انعدام الخطأ هي: أ- الدفاع الشرعي• ب- الضرورة، ج- تنفيذ أمر صادر من الرئيس • انظر: دروس في النظرية العامة للالتزامات ص441، والوجيز في نظرية الالتزام ص502 •
(1) الفعل الضار ص48 •
(2) المادة (712) من نظام الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/93 وتاريخ 82/7/2241هـ •
(3) المادة (712) من نظام الإجراءات الجزائية •
(1) المادة (211) من نظام الإجراءات الجزائية •
(1) قرار وزير الداخلية ذي الرقم (5421) وتاريخ 32/7/3241هـ •
(2) المادة (311) من نظام الإجراءت الجزائية •
(3) المادة (411) من نظام الإجراءات الجزائية •
(1) المادة (411) من نظام الإجراءات الجزائية •
(2) المادتين (511) و(63) من نظام الإجراءات الجزائية •
(3) المادة (712) من نظام الإجراءات الجزائية •
(1) المادة (4) من قواعد الحد من آثار الدعاوى الباطلة والشكاوى الكيدية الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم 49 وتاريخ 52/4/6041هـ •
(2) المادة (712) من نظام الإجراءات الجزائية •
(3) المادة (512) من نظام الإجراءات الجزائية •
(1) المادة (312) من نظام الإجراءات الجزائية •
(2) المادة (502) من نظام الإجراءات الجزائية •
(1) بدائع الصنائع ج7 ص61 ، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص722 ، وحاشية الطحطاوي ج3 ص371، وتاريخ قضاة الأندلس ص7 ، وقواعد الأحكام ج2 ص462 ، 561 ، وج1 ص09 ، وكشاف القناع ج6 ص06 ، والفروع ج6 ص04 ، وشرح الزركشي ج7 ص583 ، والإنصاف ج1 ص121، والمحرر ج2 ص941 ، والقواعد لابن رجب ص812 ، وحاشية الروض ج7 ص382 •
(2) غمز عيون البصائر ج2 ص112 ، ونظرية الضمان ، د• وهبة الزحيلي ص131 •
(3) تنبيه الحكام ص63 ، وتبصرة لحكام ج1 ص8 ، ومواهب الجليل ج6 ص631 ، وروضة القضاة ج1 ص751 ، وأدب القضاء للخصاف وشرحه للصدر الشهيد ج3 ص561، 661 ، والبحر الرائق ج6 ص182 ، وحاشية رد المحتار ج5 ص814 ، والفتاوى الهندية ج3 ص672 ، ومغني المحتاج ج4 ص183 ، وروضة الطالبين ج8 ص901 ، وحاشية الجمل ج5 ص143 ، ومعين الحكام للطرابلسي ص312 ، وجامع الفصولين ج1 ص31 ، ومجمع الأنهر ج2 ص521 •
(4) المادة (012) من نظام الإجراءات الجزائية •
(1) المادة (391) من نظام الإجراءات الجزائية •
(2) المادة (602) من نظام الإجراءات الجزائية •
(3) المادة (602) من نظام الإجراءات الجزائية •
(1) المادة (602) من نظام الإجراءات الجزائية •
(1) المسؤولية التقصيرية ص211 •
(2) دروس النظرية العامة للالتزامات ص741 •
(1) المسوولية التقصيرية ص111، 211 ، والتعويض القضائي ص301 •
(2) المسؤولية التقصيرية ص211 •
(3) نظرية الضمان ، د• محمد فوزي ص29 •
(4) المسؤولية التقصيرية ص211 •
(5) التعويض القضائي ص021 •
(1) المسؤولية التقصيرية ص311 •
(2) المسؤولية التقصيرية ص411 •

(1) المادة (012) من نظام الإجراءات الجزائية •
(2) المادة (712) من نظام الإجراءات الجزائية •
(3) الوسيط ج2 ص097 •
(4) الوسيط ج2 ص189 •
(1) نظرية الضمان ، د• محمد فوزي ص29 •
(2) المسؤولية التقصيرية ص411 ، والفعل الضار ص121 ، والتعويض القضائي 121 •
(1) انظر هذه الأقوال في: المسؤولية التقصيرية ص511 ، 721 ، والنظرية العامة للموجبات والعقود ج1 ص271 •
(2) المسؤولية المدنية ، حسين عامر ص913 وما بعدها •
(3) الوسيط ص768، 868 ، والمسؤولية التقصيرية ص611 ، والنظرية العامة للموجبات والعقود ج1 ص171 ، والفعل الضار ص121 ، والوجيز في نظرية الالتزام 662 ، والتعويض القضائي ص921•
(4) المادة (712) من نظام الإجراءات الجزائية •
(5) المادة (712) من نظام الإجراءات الجزائية •
(1) سبق البيان بأن التوقيف يدخل في السجن فيما يتعلق بالتعويض المعقود له هذه الدراسة ، لأنهما بمعنى واحد فيما يتعلق بالتعويض •
(2) المادة (712) من نظام الإجراءات الجزائية •
(3) المادة (4) من قواعد الحد من الدعاوى الكيدية والشكاوى الباطلة •
(1) المادة (4) من قواعد الحد من الدعاوى الكيدية والشكاوى الباطلة •
(2) المادة (012) من نظام الإجراءات الجزائية •
(1) الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند 6/993 ، وأبو داود في سننه – كتاب الحدود – باب في صاحب الحد يجيء فيقرّ ج4 ص431 ، والترمذي في سننه كتاب الحدود باب في المرأة إذا استكرهت على الزنا ج4 ص54 وقال هذا حديث حسن غريب صحيح وقال عنه الشيخ الألباني (حسن – دون قوله (ارجموه) والأرجح أنه لم يرجم( • انظر: صحيح سنن أبي داود ج3 ص828 ، وصحيح سنن الترمذي ج2 ص57 •
(2) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه كتاب اللقطة – باب التهمة – ج01 ص612، 712 •
(1) الحكم رقم 21/81/1/3/4/د/ف/32 لعام 5141هـ ، وحكم هيئة التدقيق الإداري (الدائرة الأولى) رقم 77/ت/1 لعام 6141هـ ، وحكم هيئة التدقيق الإداري (الدائرة الثانية) رقم 431/ت/2 لعام 6141هـ •
(1) الوافي في شرح القانون المدني ج1 ص554 ، والمسؤولية التقصيرية ص213 •
(2) مصادر الالتزام ص333 •
(3) المسؤولية التقصيرية ص413 •
(4) المسؤولية التقصيرية ص413 •
(5) عند غالبية الباحثين من أهل القانون انظر: المسؤولية التقصيرية ص513 •
(6) المسؤولية التقصيرية ص513 •
(1) دروس في النظرية العامة للالتزامات ص351 ، والمسؤولية التقصيرية ص513 •
(2) المسؤولية التقصيرية ص513 ، والوافي في شرح القانون المدني ج1 ص684 •
(3) المسؤولية التقصيرية ص613 ، ودروس في النظرية العامة للالتزامات – مصادر الالتزام ص531-651 ، ومصادر الالتزام ص043 ، والفعل الضار ص211 ، والوافي في شرح القانون المدني ج1 ص094 •
(4) المسؤولية التقصيرية ص613 ، ودروس في النظرية العامة للالتزامات ص531-651، والفعل الضار ص211 ، ومصادر الالتزام ص043 •
(5) المسؤولية التقصيرية ص613 ، والفعل الضار ص211 •
(6) دروس في النظرية العامة للالتزام – مصادر الالتزام – ص651 •
(1) المسؤولية التقصيرية ص713، 343 •
(2) المسؤولية التقصيرية ص313 •
(1) الضمان في الفقه الإسلامي – علي الخفيف ص43 •
(2) هو: الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي ، الشهير بالشاطبي ، له مؤلفات كثيرة منها: (الموافقات) و(الاعتصام) ، توفي في شعبان سنة 097هـ ، معجم المؤلفين ج1 ص811 •
(3) الموافقات ج2 ص743 •
(1) هو: محمد بن محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الله ، المعروف بالحطاب ، فقيه مالكي أصله من الغرب، ولد سنة 209هـ بمكة المكرمة • ومن مؤلفاته: (مواهب الجليل) و(تحرير الكلام في مسائل الالتزام) و(هداية السالك) • توفي سنة 459هـ ، انظر: المنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب ج1 ص591 ، والإعلام ج7 ص682 •
(2) مواهب الجليل ج5 ص872 ، وبداية المجتهد ج2 ص683 •
(3) النظرية العامة للموجبات والعقود ج1 ص491 ، والمسؤولية التقصيرية ص191 •
(4) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الديات – باب العجماء جرحها جبار ج9 ص51 ، ومسلم في صحيحه – كتاب الحدود – باب جرح العجماء والمعدن والبئر جبار ج3 ص7701 وغيرهما •
(5) نيل الأوطار ج5 ص523 •
(6) الضمان في الفقه الإسلامي – علي الخفيف ص63 •
(1) أخرجه ابن ماجة في سننه – كتاب الأحكام – باب من بنى في حقه ما يضر بجاره ج3 ص603، والحديث ورد من طرق متعددة ، يقوي بعضها بعضاً ، فصلها الزيلعي في نصب الراية ج4 ص483، 583، 683، والشيخ الألباني في إرواء الغليل ج3 ص404-804 •
(2) قواعد الأحكام ج1 ص051 •
(3) هو: محمد بن أبي بكر أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي الحنبلي ، شمس الدين أبو عبد الله بن قيم الجوزية ، ولد سنة 196هـ • له مؤلفات كثيرة منها: (زاد المعاد) و(إعلام الموقعين) • توفي سنة 157هـ ، انظر: ذيل طبقات الحنابلة ج2 ص744 ، وشذرات الذهب ج6 ص861 ، والدرر الكامنة ج4 ص12 ، ومعجم المؤلفين ج9 ص601 •
(4) إعلام الموقعين ج2 ص251 •
(1) الفعل الضار والضمان فيه ص87 ، وقد بين أن التعدي قد يتحقق بهذا المعنى ، ولا يكون الفعل محظوراً شرعاً ، بل قد يكون واجباً ويثبت معه الضمان ، وضرب لذلك أمثلة تركنا ذكرها خشية الإطالة• انظر ص97، 08 إذاً ليس المقصود بالتعدي هنا هو العمل المحظور شرعاً •
(2) الأشباه والنظائر للسيوطي ص89 •
(3) هناك فروع فقهية كثيرة تدل على ذلك: انظر: جامع الفصولين 2/221 وما بعدها ، ومجمع الضمانات ص04 •
(4) الفروق ج4 ص72 الفرق 712 ، وج2 ص602 ، الفرق 111 ، والأشباه والنظائر للسيوطي ص263، والقواعد لابن رجب ص402 •
(5) الفروق ج2 ص602 • الفرق رقم 111 •
(6) المادتين (29) و(39) من مجلة الأحكام العدلية •
(1) مجمع الضمانات ص641 ، والمبسوط ج72 ص22 ، وتبيين الحقائق ج6 ص941 ، وحاشية ابن عابدين ج5 ص45 ، والبناية ج01 ص602 ، ومجلة الأحكام الحنبلية م 1341، 3341 ، والمدخل الفقهي العام ج2 ص5401، 6401 ، والفعل الضار ص67 •
(2) شرح المجلة للشيخ أحمد الزرقا ص583-883 ، القاعدتين (19) و(29) ، وشرح المجلة لسليم الباز ص06 •
(3) المادة (7) من النظام الأساسي للحكم الصادر بالمرسوم الملكي رقم أ/09 وتاريخ 72/8/2141هـ •

(1) إذ أن الفاعل يمكن أن تلحقه المسؤولية الجزائية عند تعمده ، فيعاقب تعزيراً على فعله ، سواء كان موظفاً في الدولة أو من أحد أفراد الناس ، والموظف قد تلحقه إضافة إلى ذلك المسؤولية التأديبية في حالة العمد أو التقصير أو الإهمال •
(2) المسؤولية التقصيرية ص021 •
(3) الضمان في الفقه الإسلامي ، لعلي الخفيف ص283 •
(1) المسؤولية التقصيرية ص021 ، والضمان في الفقه الإسلامي ص83 ، ونظرية الضمان في الفقه الإسلامي 29 •
(2) نظرية الضمان في الفقه الإسلامي ص29 ، والمسؤولية التقصيرية ص021 ، غير أنه قال هنا: إنزال مفسدة في شخص الآخرين •
(3) نظرية الضمان د• وهبة الزحيلي ص32 ، والفعل الضار ص321 ، ونظرية الضمان ص29 ، والتعويض عن الضرر ص03 •
(1) نظرية الضمان ص42 ، والنظرية العامة للموجبات والعقود ج1 ص271 ، والمسؤولية التقصيرية ص631 وما بعدها ، والفصل الضار ص91-02، 42، 421 •
(2) الفعل الضار ص91-02، 42، 121-521 •
(3) الضمان في الفقه الإسلامي ص44 •
(4) النظرية العامة للموجبات والعقود ج1 ص271 •
(5) المسؤولية المدنية ص53 •
(6) نظرية الضمان ص29 ، والمسؤولية التقصيرية ص441 •
(7) نظرية الضمان ص42، 52 •
(8) ضمان العدوان ص651 •
(9) هو: سماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ الحنبلي ، ولد سنة 1131هـ، في مدينة الرياض ، تولى عدة أعمال منها: رئاسة القضاة في المملكة العربية السعودية • اشتهر بغزارة علمه وسعة اطلاعه ، وقوة ذاكرته ، جمع بين العلم والعمل ، والقوة واللين والتواضع • توفي رحمه الله تعالى سنة 9831هـ بالرياض • انظر: مجلة العدل ، العدد الأول ص702-012 •
(1) مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم ج01 ص36 •
(1) سورة النور الآية 4 •
(2) سورة النور الآية 32 •
(3) الفعل الضار ص02 •
(4) مواهب الجليل ج6 ص503 ، والفعل الضار ص421 •
(5) التعويض عن الضرر ص43 •
(6) الفعل الضار ص421 ، والتعويض عن الضرر ص43 ، والنظرية العامة للموجبات والعقود في الشريعة الإسلامية ج1 ص171 •
(7) الفعل الضار ص421، 521 •
(8) الفعل الضار ص421 •
(1) ضمان العدوان ص551 •
(2) المسؤولية التقصيرية ص631 وما بعدها •
(3) هو: يعقوب بن إبراهيم بن حبيب أبو يوسف القاضي ، صاحب أبي حنيفة من مؤلفاته: (النوادر) و(الخراج) ، ولد سنة 311هـ ، وتوفي سنة 281هـ ، وقيل سنة 181هـ• انظر: الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية ج2 ص022-222 ، والفوائد البهية في تراجم الحنفية ص522 ، وتاج التراجم في طبقات الحنفية ص18 •
(4) مجمع الضمانات ص171 ، المبسوط ج62 ص18 •

(1) هو: عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الدمشقي الحنبلي موفق الدين أبو محمد ولد في شعبان سنة 145هـ له عدة مؤلفات ، منها: (المغني) و(المقنع) و(الكافي) و(العمدة) • توفي بدمشق سنة 026هـ • انظر كتاب الذيل على طبقات الحنابلة ج2 ص331 •
(2) هو: سفيان بن سعيد بن مسروق العدناني الكوفي الثوري كان إماماً في العلوم وقد أجمع الناس على دينه وورعه ، وزهده وثقته • توفي بالبصرة سنة 161هـ • انظر: تهذيب التهذيب ج4 ص11، ووفيات الأعيان ج2 ص683 •
(3) المغني ج2 ص241، 341 •
(4) هو: أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي ، فقيه أهل الكوفة ، روي عن جماعة من الصحابة، وروي عنه جمع من التابعين توفي سنة 011هـ • انظر: تذكرة الحفاظ ج1 ص17 ، وتهذيب التهذيب ص362 •
(5) هو: أبو بكر محمد بن إبراهيم النيسابوري الشافعي ، من مؤلفاته: (الإجماع) و(السنن) و(المبسوط)، توفي في مكة سنة 813هـ • انظر: طبقات الفقهاء ص801 ، وطبقات الشافعية ج2 ص621 •
(6) المغني ج21 ص341 •
(7) إعلام الموقعين ج2 ص52 •

(1) روضة الناظر ص721 •
(2) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص58 ، والأشباه والنظائر للسيوطي ص38 •
(3) روضة الناظر ص621، 721 •
(1) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج1 ص592 ، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ج23 ص62•
(2) تفسير ابن جرير الطبري ج2 ص284 ، والقرطبي ج3 ص931 •
(3) نظرية الضمان ص69 •
(1) تعريف السبب والعلة وبيان أحكامها مقرر في علم أصول الفقه ، وقد آثرنا عدم ذكر ذلك طلباً للاختصار •
(2) المادة (788) من مجلة الأحكام العدلية ، وانظر: شرح المجلة لعلي حيدر ج1 ص19 ، وغمز عيون البصائر ج1 ص691 •
(3) الوجيز ج2 ص602 •
(4) المادة (888) من مجلة الأحكام العدلية •
(5) الفروق ج4 ص72 ، الفرق رقم (712) •
(6) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص91 ، والفروق للقرافي ج4 ص82 ، الفرق رقم (712) والأشباه والنظائر للسيوطي ص792 •
(1) هو: عبد الرحمن بن أحمد بن رجب السلامي البغدادي أبو الفرج زين الدين الحنبلي ولد في بغداد، وتوفي في دمشق سنة 597هـ • انظر: الأعلام للزركلي ج4 ص761 •
(2) القواعد ص582 • القاعدة (721) •
(3) المغني ج11 ص554 •
(4) ونحن آثرنا عدم ذكر هذه الاستثناءات خشية الإطالة ، لكن انظرها في: القواعد لابن رجب ص582- 882، والمنتقى من أخبار المصطفى ج2 ص996 ، وقرارات المجمع الفقهي بجدة رقم 57/2/د8 المنشور في مجلة البحوث الفقهية المعاصرة ص412 العدد التاسع ، والفعل الضار ص3 ، 33، 48 وما بعدها والنظرية العامة للموجبات والعقود ج1 ص091-391 •
(1) وقد أكد ذلك أمر نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 7041/م في 61/21/0241هـ •
(1) انظر المادة (94) من النظام الأساسي للحكم ، والمادة (62) من نظام القضاء الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/46 وتاريخ 41/7/5931هـ •
(2) قد يقول قائل كيف تقام دعوى التعويض عن السجن عندما يكون بدون حكم ، والسجن لا يكون إلا بناءً على حكم ، لأن السجن من العقوبات الجزائية والعقوبات الجزائية لا تكون قابلة للتنفيذ إلا بعد صدور حكم نهائي بها • انظر المواد (512، 612، 712) من نظام الإجراءات الجزائية • ولكن يمكن أن يقع السجن بصفة غير مشروعة فيكون بدون حكم انظر المادة (93) من نظام الإجراءات الجزائية، وكونه وقع بصفة غير مشروعة لا يغيّر من الأمر شيئاً فيما يتعلق بالتعويض عن السجن ، لأن المسؤولية التقصيرية لا تتعارض مع المسؤولية التأديبية لانفكاك الجهة بينهما ، إضافة إلى أننا قد ذكرنا أن تعبيرنا بالتعويض عن السجن في هذا البحث يدخل فيه التوقيف لكونها بمعنى واحد فيما يتعلق بالتعويض ، والتوقيف يكون بدون حكم • انظر المواد (211، 311، 411، 511، 61،، 711، 811، 911) من نظام الإجراءات الجزائية •
(1) المادة (1) من نظام ديوان المظالم ، والفقرتين (ب) و(ج) من نظام ديوان المظالم • وقد أكد ذلك الأمر الصادر من صاحب السمو الملكي نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 4/ب/15442 وتاريخ 82/11/2241هـ والموجه لصاحب السمو الملكي وزير الداخلية بشأن ما انتهت إليه اللجنة المشكلة بالأمر رقم 4/ب/93531 وتاريخ 21/9/8141هـ لدراسة ما رفعته إمارة منطقة عسير عن قيام ديوان المظالم باستقبال شكاوى المواطنين الذين يتم إيقافهم لتنفيذ أحكام قضائية أو عدم إلزالة إحداثات، ورأي الإمارة أن هذه الأمور من أعمال السيادة التي لا يجوز لديوان المظالم التعقيب عليها• ما انتهت إليه اللجنة في محضرها من أن هذه الإجراءات لا تعد بأي حال من الأحوال من قبيل أعمال السيادة التي يخرج النظر فيها من اختصاص ديوان المظالم كجهة قضاء إداري طبقاً للمادة التاسعة من نظامه ، وأنها لا تعدو أن تكون من قبيل الأعمال الإدارية التي يختص بها ديوان المظالم طبقاً لما نصت عليه المادة الثامنة من نظامه باعتبار قضاء ديوان المظالم هو الذي يحدد سلامة القرارات الإدارية ، ومن ذلك إجراءات التنفيذ أو خروجها عن نطاق ما جاء في النظام الأساسي للحكم والأنظمة واللوائح الأخرى عند التظلم منها ، ورأت اللجنة أن ما اتخذه ديوان المظالم يتفق مع الشرع والنظام وأن المصلحة العامة تتحقق بذلك ويؤيد سموكم ذلك وأنه يتفق وما تضمنه الأمر رقم 7041 في 61/21/0241هـ ونخبركم بموافقتنا على ما رأته اللجنة وأيده سموكم والشرع مطهرة للجميع فاكملوا ما يلزم بموجبه اهـ •
(2) المادة (4) من قواعد المرفقات والإجراءات أمام ديوان المظالم الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (091) في 61/11/9141هـ •
(1) المادة (9) من نظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/15 وتاريخ 71/7/2041هـ •
(2) أمر نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 7041/م في 61/21/0241هـ •
(3) يشمل ذلك القضاء الإداري ، والجهات التي خولها النظام إصدار أحكام بالسجن •
(1) ويتضح ذلك من طبيعة اختصاصات القضاء الإداري • انظر المادة (8) من نظام ديوان المظالم •
(2) المادة (9) من نظام ديوان المظالم ، والمذكرة الإيضاحية لنظام ديوان المظالم ص42 •
(3) المادة (4) من قواعد المرفقات والإجراءات أمام ديوان المظالم •

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.