الأصل الدستوري للحصانة القضائية لأعضاء النيابة الإدارية

(( الثـــــــــوابت ))

النصوص الدستورية تحتل الصدارة على ما سواها من القواعد القانونية ومؤدى ذلك – ضرورة التقيد بها وإنفاذ محتواها

وفي ذلك قضت المحكمة الدستورية العليا بأن ” النصوص التي ينتظمها الدستور , تتوخى أن تحدد لأشكال من العلائق الاجتماعية والاقتصادية جانباً من مقوماتها , ولأنماط من التطور روافدها وملامحها ؛ ولحقوق المواطنين وحرياتهم تلك الدائرة التي لا يجوز اقتحامها .

ولا يتصور أن تكون نصوص الدستور – وتلك غايتها – مجرد تصور لقيم مثالية ترنو الأجيال إليها , ولاتعبيراً في الفراغ عن آمال ترجوها وتدعو إليها , بل تتمحض عن قواعد قانونية تتسم بانتفاء شخصيتها , ولا يجوز بالتالي تجريدها من آثارها , ولا إيهانها من خلال تحوير مقاصدها , بعد أن أقام الدستور من النصوص التي تضمنها , بنياناً مجتمعياً متكاملاً لا تنفصل أجزاؤه عن بعضها البعض . بل إن صدارة هذه النصوص على ما سواها من القواعد القانونية , يعليها فوقها , ويقدمها عليها ويدنيها لها ؛ وهو ما يعني ضرورة التقيد بها وإنفاذ محتواها .

( القضية رقم 116 لسنة 18 قضائية ” دستورية ” بجلسة 2/8/1997 )

كما قضت المحكمة الدستورية بشأن طبيعة المبادئ الدستورية أن ” الرقابة على الشرعية الدستورية تفترض دستوراً مدوناً وجامداً , الدستور يمثل ضمانة رئيسية لإنفاذ الإرادة الشعبية في توجهها نحو مثلها الأعلى , وبوجه خاص في مجال إرسائها نظاما للحكم لا يقوم على هيمنة السلطة وانفرادها , والدستور فوق هذا يولي الاعتبار الأول لمصالح الجماعة بما يصون مقوماتها , الدستور وثيقة تقدمية نابضة بالحياة , الشرعية الدستورية هي التي تكفل ارتكاز السلطة على الإرادة العامة وتقوم إعوجاجها , الدستور يظل دائما فوق كل هامة , معتلياً القمة في مدارج التنظيم القانوني , وله السيادة كحقيقة مستقر أمرها , مستعصية على الجدل “

( القضية رقم 33 لسنة 15 قضائية “دستورية” بجلسة 5/2/1994 )

(( تقـــــــــــــــــــــديم ))

الحصانة القضائية هي أمر يحقق لأعضاء النيابة الادارية المناخ المناسب لكي تمارس عملها في حيدة تامة تستلزمها طبيعة عملها

فالنيابة الادارية جزء من السلطة القضائية تضطلع بمهام قضائية = فهي فضلا عن مباشرتها للدعوى التأديبية وكونها جزء من تشكيل المحاكم وتحديداًٍ المحاكم التأديبية – تقوم بأعمال قاضي التحقيق في جرائم الفساد والإنحراف الإداري (المخالفات المالية والإدارية ) التي تقع من كبار المسئولين والموظفين القائمين على انفاذ القانون , وتتولى الفصل في جدية عرائض مظالم المواطنين وبلاغاتهم ضد مؤسسات الحكومة والسلطة التنفيذية

وليس من شك في أن من أسمى مهام الدولة في العصر الحديث بث الطمأنينية في نفوس المواطنين وتأمينهم على حرياتهم وحقوقهم ولا سبيل الى ذلك الا بالإحتكام إلى سيادة القانون الذي يتعين أن يسري على الحاكمين والمحكومين جميعا , والقوانين مهما كان حظها من السمو لن تبلغ الغاية منها الا اذا توافر على تطبيقها قضاء يتغيا إدراك مراميها وفرض سلطانها على الكافة دون تمييز وفي ضوء المبادئ التي أرساها الدستور – والتي من بينها أن استقلال القضاء وحصانته ضمانتان أساسيتان لحماية الحقوق والحريات ,

( وهذا ما أكدت عليه اللجنة التشريعية بمجلس الشعب بمبادئها بتقريرها عن مشروع القانون رقم 17 لسنة 1976)

كما أن الحصانة القضائية لأعضاء النيابة الإدارية تمثل معاملتهم في كل أمورهم ذات المعاملة التي يعامل بها زملائهم قضاة مجلس الدولة والتي تشكل من كلاهما – النيابة الإدارية ومجلس الدولة – منصة القضاء التأديبي , وتمثل أيضا معاملتهم بذات معاملة أقرانهم بالنيابة العامة والتي تضطلع بذات المهام القضائية بالنسبة للدعوى الجنائية ,

خاتمـــــة التقديم

وما سبق سرده من الأسباب هي ذاتها الأسباب التي ساقها – تقرير لجنة الشئون الدستورية والقانونية بمجلس الشعب عن مشروع القانون رقم 35 لسنة 1984 والذي بموجبه تم بسط الحصانة القضائية على أعضاء النيابة العامة قانوناً

(( الأصـــــل الدســـــــــــــــتوري ))

الحصانة القضائية لأعضاء النيابة الإدارية ليست مجرد عاصم من جموح السلطة التنفيذية يكفُّها عن التدخل في شئون العدالة . بل هو مدخل لسيادة القانون , ولخضوع الدولة لأحكامه – إذ أن النيابة الإدارية تتولى الفصل في جدية عرائض مظالم المواطنين وبلاغاتهم ضد مؤسسات السلطة التنفيذية , ومن ثم فإن الحصانة تحقق لها الإستقلال والأخير عاصم من التدخل في أعمالها لضمان أن تصدر قراراتها القضائية وفقاً لقواعد تكفل بمضمونها الحماية الكاملة لحقوق المتقاضين

وفي هذا الشأن قضت المحكمة الدستورية العليا أن ” تنظيم العدالة وإدارتها إدارة فاعلة مسألة وثيقة الصلة بالحرية , وصون الحقوق على إختلافها . وقد كفل الدستور للسلطة القضائية استقلالها ؛ وجعل هذا الإستقلال عاصماً من التدخل في أعمالها أو التأثير فيها , أو تحريفها أو الإخلال بمقوماتها , بإعتبار أن القرار النهائي في شأن حقوق المتخاصمين وحرياتهم عائد إليها , تَرُدّ عنهم العدوان , وتقدم لمن يلوذ بها الترضية القضائية التي يكفلها الدستور أو القانون أو كلاهما ؛ لايثنيها عن ذلك أحد ,

وليس لجهة أياً كان شأنها , أن تصرفها عن مهامها أو تعطلها , ليظل واجباً مقيداً دوماً بأن تفصل فيما يعرض عليها من أنزعة على اختلاف صورها , وفقاً لمقاييس موضوعية لايداخلها باطل ولايعتريها بهتان , وعلى ضوء الوقائع التي تستبين لها صحتها , ووفقاً للقواعد القانونية المعمول بها , وبما يرد عنها كل تدخل في شئونها , سواء كان ذلك بالوعد أو الوعيد , بالإغواء أو بالإرغام , ترغيبا أو ترهيبا ……… وفقا لقواعد إجرائية تكون منصفة في ذاتها , وبما يكفل الحماية الكاملة للمتقاضين “

( القضية رقم 14 لسنة 17 قضائية ” دستورية ” بجلسة 2/9/1995 )

وفي ذلك قضت المحكمة الدستورية العليا أن ” استقلال القضاء – في جوهر معناه وأبعاد أثاره – ليس مجرد عاصم من جموح السلطة التنفيذية يكفها عن التدخل في شئون العدالة , ويمنعها من التأثير فيها إضراراً بقواعد إدارتها .

بل هو فوق هذا , مدخل لسيادة القانون , بما يصون للشرعية بنيانها , ويرسم تخومها . وحيث أن الدستور بنص المادة (64) , وقرنها بمبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص عليها بنص المادة (65) ,ليكونا معاً قاعدة للحكم فيها , وضابطا لتصرفاتها . ………. . وهي بعد حقيقة قانونية لا تجوز المماراة فيها “

( القضية رقم 27 لسنة 16 قضائية دستورية بجلسة 15/4/1995 )

ومن الجدير بالبيان أن المبادئ الدستورية قد حاصرت السلطة التنفيذية حرصا من جموحها وإفتئاتها على السلطة القضائية , خاصة وأن من القضاء هيئات تختص بمساءلة هذه السلطة والتحقيق مع رجالها – النيابة الإدارية – فقد كفلت النصوص الدستورية بنص صريح الحصانة القضائية لأعضاء الهيئات القضائية مباشرةً دون حاجه لنص قانوني

وتأكيداً لذلك قضت المحكمة الدستورية العليا بأن ” إقامة الدستور من استقلال القضاء وحصانته ضمانين أساسيين لحماية الحقوق والحريات , لازمة , إذ أن حق التقاضي مدخل هذه الحماية , كفالة هذا الحق بنص صريح بالدستور , كي لا تكون الحقوق والحريات التي نص عليها مجردة من وسيلة حمايتها , بل معززة بها لضمان فعاليتها “

( القضية رقم 8 لسنة 8 قضائية ” دستورية ” بجلسة 7/3/1992 )

وفي هذا الشأن قضت المحكمة الدستورية العليا أن ” نَصَ الدستور في المادة (165) على أن السلطة القضائية مستقلة تتولاها المحاكم على إختلاف أنواعها ودرجاتها , وقرنها بالمادة (167) التي تفوض المشرع في تحديد الشروط التي يُعيَّن أو ينقل على ضوئها من يباشرون الوظيفة القضائية , ويتولون شئونها ؛ ومن المقرر أن كل ما يتصل بشروط خدمتهم بما في ذلك مرتباتهم ومعاشاتهم وسن تقاعدهم , وعدم قابليتهم للعزل , ضمانة أساسية لا يستقيم عملهم بدونها ويكفلها الدستور أو القانون أو هما معاً “

( القضية رقم 14 لسنة 7 قضائية ” دستورية ” بجلسة 2/9/1995 )

وفي هذا الشأن أيضا سطرت المحكمة العليا قضائها خلص في أن ” السلطة القضائية سلطة أصيلة تقف على قدم المساواة مع السلطتين التشريعية والتنفيذية وتستمد وجودها وكيانها من الدستور ذاته لا من التشريع , وقد ناط بها الدستور – وحدها – أمر العدالة مستقلة عن باقي السلطات , ومن ثم فلا يجوز عن طريق التشريع – إهدار ولاية تلك السلطة كلياً أو جزئياً , ولئن نص الدستور في المادة (167) منه على أن – يحدد القانون الهيئات القضائية وإختصاصها – فإن المقصود بذلك أن يتولى الشارع توزيع ولاية القضاء كاملةً على تلك الهيئات جميعها ,

لتنال كل منها قسطاً أو نصيباً منها , دون مساس للسلطة القضائية في ذاتها ودون عزلها جميعا عن نظر منازعة بذاتها على نحو يكفل تحقيق العدالة , تنظيما لأداة استعمال السلطة القضائية وتمكيناً للأفراد من ممارسة حق التقاضي دون مساس بالسلطة القضائية في ذاتها أو عزل لجانب من المنازعات عن ولايتها , فإن تجاوز القانون هذا القيد الدستوري وانتقص من ولاية القضاء – ولو جزئياً – كان مخالفاً للدستور .

( القضية رقم 11 لسنة 5 قضائية ” عليا ” بجلسة 3/4/1976 ) , ( القضية رقم 13 لسنة 7 قضائية ” عليا ” بجلسة 16/4/1977 ) , (القضية رقم 27 لسنة 16 قضائية ” عليا ” بجلسة 15/4/1995 )

وقد تضمنت الأعمال التحضيرية لدستور 1971 المثبتة بمحاضر اجتماع اللجنة التحضيرية للدستور ( لجنة نظام الحكم ) محضر الاجتماع الثالث عشر بتاريخ 27 /6 /1971 ومحضر الاجتماع الرابع عشر فى 28 /6 /1971 التي تضمنت مناقشات الضمانات الدستورية للقضاء وتحديد المقصود بالهيئات القضائية ، إذ ظهر اتجاه إلى تحديدها فى الدستور بمسمياتها : القضاء العادى والنيابة العامة ومجلس الدولة , وهيئة قضايا الدولة ، والنيابة الإدارية ، اللمحكمة الدستورية العليا بيد أنه عدل عن هذا الاتجاه تقديراً بأن العرف لم يجر به ، بحسبانه من الأمور المتروكة للتشريع العادى

( قضية المحكمة الدستورية رقم 193 لسنة 19 قضائية ” دستورية ” بجلسة 6/5/2000 )

هذا وقد اكدت المحكمة الدستورية العليا فى أحكامها على ان ” النيابة الادارية هيئة قضائية مستقلة “

( الدعوى رقم 5 لسنة 22 قضائية ” دستورية” جلسة 4 / 8 / 2001 ) , ( الدعوى رقم 3 لسنة 8 قضائية دستورية جلسة 3 / 3 / 1990 ) , ( الطعن رقم 193 لسنة 19 قضائية بجلسة 06 \ 05 \ 2000 )

كما أكدت على سريان مبادئ استقلال السلطة القضائية على النيابة الادارية واعضائها لكونها جزءا من منظومة السلطة القضائية فى مصر , كما أكدت فى اسبابها ان عمل عضو النيابة الادارية هو عمل قضائى

( الدعوى رقم 83 لسنة 20 قضائية “دستورية” بجلسة 5/12/1998 )

أكدت المحكمة الدستورية العليا على وجوب التماثل بين اعضاء السلطة القضائية واعضاء الهيئات القضائية جميعا ومن بينها النيابة الادارية فى كافة شئونهم.

(الدعوى رقم 3 لسنة 8 قضائية دستورية )

يضاف إلى ذلك أن الهيئات القضائية كانت قائمة بالفعل قبل إعداد الدستور , وتعاقبت التشريعات ما قبل الدستور وبعد صدوره لترسيم الشئون الخاصة لأعضاء هذه الهيئات وذلك على النحو التالي :-

1. القانون رقم 580 لسنة 1954 الصادر بإنشاء النيابة الإدارية والمتضمن بمذكرته الايضاحية الغرض من

إنشاء النيابة الإدارية – بغرض الاضطلاع بالدور الذي تقوم به النيابة العامة للمواطن بالمجتمع العام بالقيام بمثله في المجتمع الوظيفي وإصلاح أداة الحكم

2. قانون إعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية الصادر بالقرار بالقانون رقم 117 لسنة 1958

3. القانون رقم 82 لسنة 1969 بشأن المجلس الأعلى للهيئات القضائية والذي كان ممثلا فيه رئيس هيئة النيابة الادارية ممثلا للنيابة الادارية كهيئة قضائية

كما يبين أن الدستور قنن قيام المجلس الأعلى للهيئات القضائية دستورياً ومن بين أعضائه رئيس هيئة النيابة الإدارية ورئيس المحكمة الدستورية العليا ، رئيس محكمة النقض , رئيس هيئة قضايا الدولة ، رئيس مجلس الدولة

4. القانون رقم 85 لسنة 1969 بشأن تعيين وترقية أعضاء الهيئات القضائية والذي تضمن تصديره أنه ” بعد الاطلاع على القانون رقم 15 لسنة 1967 بتفويض رئيس الجمهورية بإصدار قرارات لها قوة القانون , وبعد الاطلاع على القانون 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية , وعلى القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة , وعلى القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن إدارة قضايا الحكومة ,على القانون رقم 43 لسنة 1965 في شأن السلطة القضائية وعلى القانون رقم 82 لسنة 1969 بشأن المجلس الأعلى للهيئات القضائية ” وانتهى القانون الى أن تعيين وترقية هؤلاء السادة لا يكون الا بقرار جمهوري

5. قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار الجمهوري بقانون رقم 47 لسنة 1972 حيث نصت المادة (9) من القسم القضائي في صدد تشكيلها لمنصة المحاكم التأديبية على جلوس النيابة الادارية ضمن تشكيل هذه المحاكم تمثيلا للإدعاء نيابة عن المجتمع والحق العام

نظمت نصوص المواد 8, 21 , 39 , 40 من قانون مجلس الدولة – بعض من دور النيابة الادارية في شأن ولايتها على الدعوى التأديبية والطلبات التي تعرض على المحاكم أثناء مباشرة النيابة الادارية التحقيق القضائي أو أثناء نظر الدعوى أو وقفها

6. القانون رقم 139 لسنة 1975 بشأن صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية لأعضاءالهيئات القضائية
والذي يضم النيابة الادارية كاحدى الهيئات القضائية التي تتمتع بخدمات الصندوق

7. القانون رقم 39 لسنة 1974 المضاف به نص المادة 38 مكررا الى قانون النيابة الادارية يتضمن تنظيما لقواعد الندب والاعارة الخارجية على نسق قانون السلطه القضائية حيث ورد بالمذكرة الايضاحية ” تحقيقا للتناسق بين القوانين المنظمة لشئون الهيئات القضائية وتوحيدا للقواعد التي تحكم شئون هذه الهيئات “

8. القانون رقم 17 لسنة 1976 الصادر بتعديل بعض قوانين الهيئات القضائية حيث جاء بالمذكرة الايضاحية بالبند ثانيا من المبادئ الاساسية التي أقرتها اللجنة التشريعية بمجلس الشعب أن استقلال القضاء وحصانتة ضمانتان أساسيتان لحماية الحقوق والحريات – وأوردة الاحكام الأساسيه للمشروع تحت عنوان الوظائف القضائية العليا أنه ” ساوى المشروع بين مرتبات ومقررات كل من رئيس محكمة النقض وبين مرتبات ومقررات رئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العام ورئيس هيئة النيابة الادارية ورئيس مجلس الدولة ورئيس هيئة قضايا الدولة فجعل المعاملة المالية لهذه الوظائف المعاملة المقررة للوزير وهو ما يعبر عن تقدير خاص لكافة الهيئات القضائية باعتبار أن هذه الوظائف هي قمة السلطة القضائية وعنوانها “

-وأوردت المذكرة الايضاحية في مواضع اخرى الدرجات القضائية بقانون السلطه القضائية والدرجات القضائية النظيرة بالهيئات القضائية ومن بينها النيابة الادارية

-وهو ما أيدته المحكمة الدستورية العليا في الطلب رقم 14 لسنة 8 قضائية ” تفسير ” بجلسة 3/6/1978 , و الطلب رقم 3 لسنة 8 قضائية ” تفسير ” بجلسة 3/3/1990 , كما أضاف الطلب رقم 3 لسنة 8 قضائية ” تفسير ” – المساواة بين أعضاء المحكمة الدستورية العليا ونظرائهم بالهيئات القضائية ومنها النيابة الإدارية

9. القانون رقم 12 لسنة 1981 بتعديل بعض أحكام بقانون النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية حيث أستهلت المذكرة الايضاحيه بأنه ” حرص القانون 117 لسنة 1958 باعادة تنظيم النيابة الادارية والمحاكمات التأديبية وما ادخل عليه من تعديلات على توحيد أوضاع هذه النيابة مع الهيئات القضائية الاخرى وعلى تحقيق المساواة الكاملة بينها وبين هذه الهيئات سواء في الوظائف وما يتصل بها من أحكام أو في الشروط الواجب توافرها في أعضائها وما يفرض عليهم من واجبات أو يكون لهم من حقوق

ومما سبق يتضح أن النيابة الإدارية جزء من السلطة القضائية – ويتفق ذلك مع مقتضيات النظام الأساسي للقضاء – والذي يقوم على الفصل بين سلطة التحقيق والإتهام من جانب (ويتولاها في مصر أعضاء النيابتين الإدارية والعامة ) وسلطة الفصل في الاتهام من جانب اخر (يتولاها القضاة) , إذ تشكل من كلاهما المحاكم

أذ أن السلطة القضائية تشمل النيابة بعملها البارز كسلطة تحقيق وإتهام وهما من صميم العمل القضائي – تتحرك له النيابة في سياج ضمانات هي ذاتها الضمانات المقررة في مرحلة المحاكمة ,

وقاعدة الفصل بين سلطة الإتهام وسلطة الفصل فيه – إستحدثها الشارع الفرنسي علما بأنها لم يكن لها أساس في قوانينه القديمة والتي كانت تمزج العملين فكان القاضي يحرك الدعوى من تلقاء نفسه ثم يفصل فيها ومن هنا سار المثل القديم (كل قاضي مدعي عمومي)

ولكن الفصل بين العملين قد أصبح في فرنسا وفي مصر نظاما راسخا لا مندوحة عنه – لما يشكله من توزيع للسلطات بين جنبات القضاء وبما يغلق المجال أمام الجمع بين سلطات التحقيق والإتهام من جانب وسلطة الفصل في الإتهام من جانب أخر فيسد الأبواب أمام مغريات السلطة المطلقة بما يغلق المجال أمام الفساد في القضاء ومنح المتهمين الضمانات الكافية بالفصل بين سلطتي الاتهام والفصل في الاتهام – فإطمأن له وجه الأمور وإرتضته النفوس فسكنت إليه ,

وسايرت الدساتير المصرية المتعاقبة هذا الإتجاه فجاءت في المادة 128 من دستور 1923 والمادة (117) من دستور 1930 والمادة (159) من دستور 1964 على أن تتضمن المحاكم في تشكيلها النيابة العمومية بأن نصت على أن :

” يكون تعيين رجال النيابة العمومية في المحاكم وعزلهم وفقاً للشروط التي يقررها القانون “

وسايرته دساتير الدول العربية ومنها المادة (105) من دستور البحرين والمادة (132) من دستور قطر والمادة (164) من دستور الكويت والمواد ( 102 , 103 , 104 ) من دستور الإمارات والمادة (62) من دستور عمان

ويتوافق مع ما أكدته المحكمة الادارية العليا اذ قضت بأن ” التحقيق مع المتهم المحال للمحاكمة التأديبية يشترط لسلامته توافر الضمانات المتطلبة في القاضي – وذلك لوجه الحق والصدق والعدل – وأنه لا ينبغي أن يقل التجرد والحيدة الواجب توافرها في المحقق عن القدر المتطلب في القاضي أساس ذلك أن الحكم في المجال العقابي جنائيا كان أو تأديبيا انما يستند الى أمانة المحقق واستقلاله ونزاهته وحياده كما يستند الى أمانة القاضي ونزاهته وحياده سواء بسواء وعليه يجب تطبيق القواعد والضمانات الواجب توافرها في شأن صلاحية القاضي على عضو النيابة الادارية ” وأكدت على أن ” مبدأ الحيدة يطبق على تحقيق النيابة الادارية “

( الطعنين رقمي 1341سنة32 ق جلسة 16 /12 /1986 و285 لسنة 33 ق والطعن رقم 3285 لسنة33 ق )

وقد تماشى هذا الحكم مع ما أكدت عليه المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 38 لسنة 16 قضائية ” دستورية ” بشأن ضمانات الفصل إنصافاً في المنازعات والتي سوف يتم تفصيلها في الموضع اللاحق مباشرةً

والحصانة القضائية لأعضاء النيابة الإدارية حال توليها قضاء الإحالة في الدعاوى التأديبية المتمثل قانونا في إصدار الأمر بإحالة المتهمين إلى المحاكمة التأديبية – أمر ضرورة فهي توفر لها الحيدة في إصدار هذه الأوامر والحيدة فيما تتخذه من إجراءات حال التحقيق القضائي الذي تقيم عليه أوامر الإحالة بعيدأً عن أشكال التأثير الخارجي التي توهن عزائم رجالها فيميلون معها عن الحق إرغاماً وترهيباً

وفي هذا الشأن ذهبت المحكمة الدستورية العليا إلى ” استقلال السلطة القضائية وإن كان لازماً لضمان موضوعية الخضوع للقانون , ولحصول من يلوذون بها على الترضية القضائية التي يطلبونها عند وقوع عدوان على حقوقهم وحرياتهم , إلا أن حيدة تلك السلطة عنصر فاعل في صون رسالتها , لا تقل شأناً عن استقلالها بما يؤكد تكاملهما ؛ ذلك أن استقلال السلطة القضائية يعني أن تعمل بعيداً عن أشكال التأثير الخارجي التي توهن عزائم رجالها فيميلون معها عن الحق إغواءً وإرغاماً , ترغيباً أو ترهيباً , ……………………. ولحقيقة أن العمل القضائي لا يجوز أن يثير ظلالاً قاتمة حول حيدته , فلا يطمئن إليه متقاضون داخلهم الريب فيه , بعد أن صار نائياً عن القيم الرفيعة للوظيفة القضائية , يؤيد ذلك :-

أولاً: أن استقلال السلطة القضائية , وحيدتها ضمانتان تنصبان معاً على إدارة العدالة بما يكفل فعاليتها , وهما بذلك متلازمتان , وإذ جاز القول – وهو صحيح – بأن الخصومة القضائية لا يستقيم الفصل فيها حقاً وعدلاً إذا خالطتها عوامل تؤثر في موضوعية القرار الصادر بشأنها , …..

ثانيا: أن ضمانة الفصل إنصافاً في المنازعات على إختلافها وفق نص المادة (67) من الدستور , تمتد بالضرورة إلى كل خصومة قضائية , أياً كانت طبيعة موضوعها – جنائياً كان أو مدنياً أو تأديبياً – ………. إذ أن التحقيق في هذه الخصومات , وحسمها إنما يتعين إسناده إلى جهة قضاء أو هيئة قضائية منحها القانون اختصاص الفصل فيها بعد أن كفل استقلالها وحيدتها ,وأحاط الحكم الصادر فيها بضمانات التقاضي التي يندرج تحتها حق كل خصم في عرض دعواه وطرح أدلتها , والرد على مايعارضها على ضوء فرص يتكافأ أطرافها فيها جميعاً , ليكون تشكيلها وقواعد تنظيمها وطبيعة النظم المعمول بها أمامها , وكيفية تطبيقها عملاً , محدداً للعدالة مفهوماً تقدمياً يلتئم مع المقاييس المعاصرة للدول المتحضرة

وحيث إن الفصل فى مدى صلاحية عضو النيابة الإدارية للإستمرار فى عمله القضائى، أو تأديبه معقود لمجلس تأديب يرأسه رئيس الهيئة الذى أجازت له المادتان 38 مكرراً – 3 ، 39 أن يطلب عرض أمر هذا العضو على المجلس ، وكان الأصل ألايقدم هذا الطلب منه قبل أن يستكمل التحقيق مجراه ، وأن يكون قد جال ببصره فيه بعد عرضه عليه مرجحاً – على ضوء اعتقاده – ماإذا كان بنيانه متماسكا أو متهادما ، منتهيا من ذلك إلي المضى فى دعوى الصلاحية أو الدعوى التأديبية أو التخلى عنهما ؛ وكان ذلك لايعدو أن يكون رأيا مؤثرا فى موضوعية تلك الخصومة وحائلا دون تأسيسها على ضمانة الحيدة التى لايجوز إسقاطها عن أحد من المتقاضين لتسعهم جميعا على تباينهم ، فإن النصوص المطعون فيها تكون – فى هذه الحدود – مخالفة لأحكام المواد 65 ، 67 ، 68 من الدستور

( القضية رقم 38 لسمة 16 قضائية ” دستورية ” بجلسة 16/11/1996 )

والحصانة القضائية لأعضاء النيابة الإدارية تضفي أثراً فيما تتمتع به المحاكم التأديبية من ضمانات تتماثل مع ضمانات المحاكم الجنائية بما يظهر أثره بلاريب بمنصة القضاء التأديبي التي يدخل في تشكليلها النيابة الادارية طبقا لنص المادة التاسعة من القسم القضائي بقانون مجلس الدولة والمادة الرابعة من قانون إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية – بما ينعكس على تعزيز حق المواطن في مواجهة السلطة التنفيذية واساءة استعمال كبار الموظفين للسلطة ودعم استقلال الموظفين العموميين والقائمين على تسيير الشئون العامة حال أدائهم للأعمال المكلفين بها

وفي ذلك قضت المحكمة الدستورية العليا بأن ” المشرع سواء في قانون العاملين العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964 أو في القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية أو غيرها من التشريعات التي تناولت موضوع تأديب العاملين قد عالج هذا الموضوع علاجاً تشريعيا مستهدياً في ذلك بالتشريعات الجنائية واستبدل بمقتضى القانون الأخير بمجالس التأديب التي كانت تتولى تأديب العاملين ويغلب على تشكيلها العنصر الإداري محاكم تأديبية نظمها تنظيما قضائياً وغلب فيها العنصر القضائي لتوفير الثقة والضمانات للعاملين عند محاكمتهم تأديبياً وكان هو الهدف الأصيل من إصدار القانون المذكور لإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية ونظراً لهذا الطابع القضائي الذي أضفاه المشرع على هذه المحاكم أخضع أحكامها للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا فقد أصبحت ملحقة بالقسم القضائي بمجلس الدولة الذي يتولى كافة شئونها ومن ثم تعتبر المحاكم التأديبية جهات قضائية في مفهوم المادة 153 من الدستور “

( القضية رقم 4 لسنة 1 قضائية عليا ” دستورية ” بجلسة 3/7/1971 )

(( التطـبيـــــــــــــــــــــــق ))

وإنفاذاً لحكم الدستور بإعتبار أن النصوص الدستورية تحتل الصدارة على ما سواها من القواعد القانونية ومؤدى ذلك – ضرورة التقيد بها وإنفاذ محتواها , وبعد نضال مع السلطة التنفيذية أدخل المشرع على قانون السلطة القضائية تعديلا نصت بمقتضاه المادة 96 على أنه :

” لا يجوز القبض على القاضي أو حبسه احتياطيا في غير حالات التلبس بالجريمة الا بعد الحصول على اذن من مجلس القضاء الأعلى ,

وفي حالة التلبس يرفع النائب العام الأمر الى ذلك المجلس في مدة الاربع والعشرين ساعة التالية للقبض وللمجلس أن يقرر اما استمرار حبسه أو الافراج بكفالة أو بغير كفالة وللقاضي أن يطلب سماع أقواله أمام المجلس عند عرض الأمر عليه ويحدد المجلس المشار اليه مدة الحبس ,

وتراعى الاجراءات سالفة الذكر كلما رؤي استمرار الحبس الاحتياطي بعد انقضاء المدة التي قررها المجلس “

وباستقراء نص السابق يتضح الأتي :

أولا : في غير حالة التلبس بالجريمة :

1. أنه لا يجوز مباشرة أي اجراء من اجراءات الدعوى الجنائية الا بعد الحصول على اذن من مجلس القضاء الأعلى بناءا على طلب من النائب العام مشفوعا بالتسبيب يقوم المجلس المشار اليه بفحصه للوقوف على مدى جدية الاتهام

2. للقاضي الحق في الادلاء بأقواله عند عرض الأمر على المجلس ليمكنه من ايضاح أمور قد لا تُظهر كيدية الاتهام للمجلس من ظاهر الدليل

ثانيا : في حالة التلبس :

1. وجوب رفع الأمر الى مجلس القضاء الأعلى في خلال مدة الأربع والعشرين ساعة التالية للأجراء ليقرر اما استمرار

الحبس أو الافراج بكفالة أو بغير كفالة

2. للقاضي الحق في الادلاء بأقواله عند عرض الأمر على المجلس ليمكنه من ايضاح أمور قد لا تظهر كيدية الاتهام للمجلس من ظاهر الدليل

ذلك لأن حالة التلبس من الامور الموضوعية التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع وقد تنتهي الى عدم توافر حالة التلبس لذلك وضعت بعض القيود فقد يتضح لدى عرض الأمر على المجلس المشار اليه أن حالة التلبس كيديه فيضحى له من الأمر ما يحمي به كرامة القاضي وحريته من المس ولا تضحى التلبس وسيله للنيل من حصانة القضاء

ومما لاشك فيه أن هذه الضمانات ينطبق عليها الأتي :-

1. تحقق الحماية الحقيقية والطمأنينة بما ينعكس أثره على حياد القائمين بأعباء الوظيفة القضائية

2. تتفق ومدلول الأستقلال والحصانة التي عناها المشرع الدستوري

3. تتفق مع ما نصت عليه مدونة السلطة القضائية الصادرة في اطار الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الانسان وما تضمنته بشأن توفير الحصانة الشخصية لأعضاء الهيئات القضائية بالدول التي تتبع في نظامها القضائي نظام الهيئات القضائية – علما بأن الحكومة المصرية قد صدقت على هذه الاتفاقيات مما تضحى معه نافذه في تشريع البلاد اعمالا لنص المادة 151 من الدستور المصري

وإنفاذاً لحكم الدستور أدخل المشرع على قانون السلطة القضائية تعديلا نصت بمقتضاه المادة 130 منه على أن ” تسري أحكام المادة 96 على أعضاء النيابة العامة ” ومن ثم فان الضمانات السابقة بشأن القضاة تسري على أعضاء النيابة العامة

وإنفاذاً لحكم الدستور أدخل المشرع على قانون مجلس الدولة تعديلا نصت بمقتضاه المادة 91 بأن :

” أعضاء مجلس الدولة من درجة مندوب فما فوقها غير قابلين للعزل ويسري بالنسبه لهؤلاء جميع الضمانات التي يتمتع بها رجال القضاء وتكون الهيئة المشكل منها مجلس التأديب هي الجهة المختصة بكل ما يتصل بهذا الشأن “

ومفاد هذا النص أن الضمانات المقرره للقضاة وأعضاء النيابة العامة تسري على أعضاء مجلس الدولة

وإنفاذاً لحكم الدستور أكد المشرع بقانون المحكمة الدستورية العليا وفق نص المادة (20) على أن :

” تسري في شأن أعضاء المحكمة جميع الضمانات والمزايا والحقوق والواجبات المقررة بالنسبة إلى مستشاري محكمة النقض , وفقاً لقانون السلطة القضائية “

ومفاد هذا النص أن الضمانات المقرره للقضاة وأعضاء النيابة العامة تسري على أعضاء المحكمة الدستورية العليا

إلا أن المشرع حال وضع الحماية الدستورية بقانون النيابة الإدارية جانبه الصواب حيث استحدث المادة 40 مكرر/2 بشأن الحصانة القضائية , جرى نصها على النحو التالي : –

” لا يجوز في غير حالات التلبس بالجريمة القبض على عضو النيابة الادارية أو حبسه احتياطيا أو اتخاذ أي اجراء من اجراءات التحقيق أو رفع الدعوى الجنائية عليه الا بعد الحصول على اذن من المحامي العام المختص “

وباستقراء النص سالف البيان وبالوقوف على مدلول الحصانة القضائية حيث تُعَرٍّف بأنها قيد يرد على النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية – يتمثل في – طلب يقدم من النائب العام للحصول على اذن من مجلس أو لجنة تختص بشئون الهيئة التي خصها النظام الدستورى بحصانة لكفالة حماية حقوق المواطنين وحرياتهم وأكد على توفير هذه الحصانة كضمانه لأعضائها لتمكينهم من مباشرة مهامهم الدستورية ….. ولا ريب في أن المقصود بهذه الهيئة هي الهيئات القضائية والتشريعية ,

ويتضح ذلك جليا من نص الحصانة المقررة لأعضاء مجلس الشعب , والتي وردت تفصيلاً بالدستور إذ جرى نصها على أنه” لا يجوز في غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ أية إجراءات جنائية ضد عضو مجلس الشعب إلا بإذن سابق من المجلس “

وبتطبيق التعريف القانوني السابق والشكل العام للحصانة التي قصدتها المبادئ الدستورية لتحقيق الحماية المطلوبة للحقوق والحريات – على – نص المادة 40 مكرر/2 يتبين أن :-

النص نظم تحريك الدعوى الجنائية باذن من درجة قضائية داخل النيابة العامة – وليس من المجلس الأعلى للنيابة الادارية المختص بشئون أعضائها ,

وبذلك ينتفى وجود أي قيد على النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية وبما لا يعدو به نص المادة 40 مكرر/2

سوى أن يكون شكل رسمه القانون للدعوى الجنائية من ضمن الأشكال التي نصت عليها المادة 63 من قانون الاجراءات الجنائية – فذلك النص أضحى قاعدة مطردة تتخذ أساساً لصدور القرارات الفردية من المحامين العامين بالنيابة العامة بما يتنافى ومضمون الحصانة الدستورية ,

(( الخـــــــــــــــــاتمه ))

بالوقوف على ما قضت به المحكمة الدستورية العليا من ” سريان مبادئ استقلال السلطة القضائية على النيابة الادارية واعضائها لكونها جزءا من منظومة السلطة القضائية فى مصر ” , كما أكدت فى اسبابها ان ” عمل عضو النيابة الادارية هو عمل قضائى “

( الدعوى رقم 83 لسنة 20 قضائية “دستورية” بجلسة 5/12/1998 )

وما قضت به المحكمة الدستورية العليا من ” وجوب التماثل بين اعضاء السلطة القضائية واعضاء الهيئات القضائية جميعا ومن بينها النيابة الادارية فى كافة شئونهم “

(الدعوى رقم 3 لسنة 8 قضائية دستورية )

بالمقارنة مع النصوص التي استدرك بها المشرع أمر الحصانة والتي قررها لرجال القضاء العادي والنيابة العامة وأعضاء مجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا

تضحى معه المادة 40 مكرر/2 – إنتقاصاً من أصل دستوري , وحادت عن وجوب الإلتزام بقاعدة المساواة بين أصحاب المركز القانونى الواحد ( أعضاء الهيئات القضائية )

وفي هذا الشأن قضت المحكمة الدستورية العليا بأن ” مؤدى تكافؤ المتماثلين في الحماية القانونية أنها ينبغي أن تسعهم جميعاً – قصد المشرع إجراء تمييز مناقض للدستور أو إخلال الآثار التي يحدثها التمييز بأغراض قصد الدستور إلى إرسائه أو انطواء التشريع على قاعدة تقوم على التمييز بين أصحاب المركز القانوني الواحد؛

أثره: الخروج على وجوب الالتزام بقاعدة المساواة بينهم ؛ إذ أن المساواة التي نصت عليها المادة (40) من الدستور تستهدف عدم التمييز بين أفراد الطائفة الواحدة إذا تماثلت مراكزهم القانونية فهو مناط إعمال مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص , صور التمييز المجانبة للدستور قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والواجبات التي كفلها الدستور أو القانون بما يحول دون مباشرتها على قدم من المساواة الكاملة بين المؤهلين قانوناً للانتفاع بها ؛

فالمراكز القانونية التي يتعلق بها مبدأ المساواة تتحد في العناصر التي تُكَوِنْ كُلاً مِنها، لا باعتبارها عناصر واقعية لم يدخلها المشرع في اعتباره، بل بوصفها عناصر اعتد بها مرتباً عليها أثراً قانونياً محدداً ؛ السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق لا يجوز أن تؤول إلى التمييز بين المراكز القانونية المتماثلة وغلا كان مجافيا للمبادئ الدستورية “

( القضية رقم 37 لسنة 9 قضائية ” دستورية ” ) , ( القضية رقم 1 لسنة 18 قضائية ” دستورية ” بجلسة 9/ 9/ 2000) , ( القضية رقم 40 لسنة 16 قضائية ” دستورية ” بجلسة 6 / 4 / 1995) , ( القضية رقم 34 لسنة 13 قضائية ” دستورية ” بجلسة 20 / 6 / 1994)

و تأسيساً على قضاء المحكمة الدستورة العليا في الدعوى رقم 3 لسنة 22 قضائية طلبات الأعضاء من ” وحيث إن

قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه إذا انطوى التشريع على قاعدة تقوم على التمييز التفضيلى لبعض أصحاب المركز القانونى الواحد دون البعض الآخر ، فإن هذا التمييز يَعيب القاعدة وذلك أياً كان مستواها فى مدارج الهرم التشريعى ، فيصيب القانون كما يصيب ما دونه من قرارات تنظيمية طالما شكلت هذه القرارات قاعدة مطردة تتخذ أساساً لصدور القرارات الفردية “

وما قضت به المحكمة الدستورية العليا من أن ” خضوع الدولة للقانون محددا على ضوء مفهوم الديمقراطية , طبقا للمواد ( 1 ,2, 3, 4, 65 ) من الدستور مرتبطة , مؤداه: ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التي تعتبر التسليم بها في الدول الديمقراطية مفترضاً أولياً لقيام الدولة القانونية وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان وحرياته وكرامته وشخصيته المتكاملة – يندرج تحتها طائفة من الحقوق تعتبر وثيقة الصلة بالحرية الشخصية التي كفلها الدستور في المادة (41) منه واعتبرها من الحقوق الطبيعية التي لا تمس “

( القضية رقم 22 لسنة 8 قضائية ” دستورية ” بجلسة 4/1/1992 )

فيضحى تأسيساً على ما سبق- نص المادة 40 مكرر/2 من قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية معيبا مخالفاً للدستور , ينعدم الأثر المترتب عليه , وتكون القاعدة المطبقة في شأن الحصانة هي القاعدة العامة التي تتماشى مع أحكام الدستور , والمطبقة على أعضاء السلطة القضائية – تأسيسا على تماثل المركز القانوني لهذه الهيئات طبقا للمبادئ الدستورية

وبذلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكـــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ :

” يسري على أعضاء النيابة الإدارية جميع الضمانات التي يتمتع بها رجال القضاء ويكون المجلس الأعلى للنيابة الإدارية هو الجهة المختصة بكل ما يتصل بهذا الشأن “

(( ربنا لا تذغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمه إنك أنت الوهاب ))

ســــــــــراي مجمع النيابات الإدارية بالأقصـر

في 15/1/2012

محمــد رضـــــوان

وكيل أول النيابة – بالنيابة الإدارية