انقضاء دعوى المسؤولية المدنية ضد المسير في شركات المساهمة

عز الدين حيدا

باحث بصف الدكتوراه

مختبر قانون الاعمال -كلية الحقوق بسطات

اطار بوزارة الاقتصاد و المالية

إن الغاية الأساسية من رفع دعوى المسؤولية المدنية في شركات المساهمة هي إلزام المسير أو المسيرين[1] المسؤولين عن الضرر بأداء التعويض، أي بتنفيذ الالتزام الذي يفرضه عليهم القانون طبقا لأحكام المسؤولية التقصيرية، وبالتالي فإن هذا الالتزام يعتبر التزاما مدنيا، يمكن أن ينقضي بأي وسيلة من وسائل انقضاء الالتزامات بصفة عامة ما لم تكن متعارضة مع طبيعته.

وقد فصل ظهير الالتزامات والعقود المغربي أسباب انقضاء الالتزام[2]، وهي وإن كانت تؤدي أيضا إلى انقضاء الدعوى المدنية التبعية، إلا أننا لن نعرض لها هنا، ونكتفي بالإحالة عليها في موضعها الأصلي وهو نظرية الالتزامات في القانون المدني[3]، وكذلك ما دام أن المشرع لم ينص في قانون شركات المساهمة إلا على سببين اثنين تنقضي بهما دعوى المسؤولية المدنية ضد المسيرين هما التقادم[4] والتنازل[5]، واللذين سنحاول ما أمكن التركيز عليهما من خلال هذا العمل.

ونظراً لما يثيره الإبراء الممنوح من قبل الجمعية العامة العادية لمصلحة المسيرين عند اختتام الدورة المحاسبية من جدل، حول مدى تأثيره على دعوى المسؤولية المقامة ضد هؤلاء، فقد آثرنا أن نخصص له المطلب الأول، قبل أن نتناول في مطلب ثان سبل انقضاء دعوى المسؤولية المدنية ضد المسيرين، والتي سنحصرها تبعا للأسباب المذكورة في التنازل والتقادم.

المطلب الأول: تأثير الإبراء على دعوى المسؤولية المدنية

أفرد المشرع المغربي مجموعة من الأحكام الخاصة التي تهدف إلى ضمان الممارسة الحرة لدعوى المسؤولية المدنية ضد المسيرين، فمن جهة أكد بمقتضى الفقرة الأولى من المادة 354 من ق ش م 95-17، على بطلان كل شرط يرد بالنظام الأساسي يعلق ممارسة دعوى الشركة على الإبداء المسبق لرأي الجمعية العامة، أو على ترخيص من هذه الأخيرة، أو يتضمن تنازلا مسبقا عن هذه الدعوى؛ ومن جهة أخرى قرر بنص الفقرة الثانية من نفس المادة على أنه: “لا يمكن أن يترتب عن أي قرار من قرارات الجمعية العامة سقوط دعوى المسؤولية ضد المتصرفين والمدير العام وإن اقتضى الحال المدير العام المنتدب أو أعضاء مجلس الإدارة الجماعية لخطأ ارتكبوه أثناء ممارستهم مهامهم“.

وتبعا لهذه المقتضيات، نلاحظ أن المشرع المغربي واكب من خلال موقفه هذا المتطلع إلى التحرير الكامل والكلي لممارسة دعوى المسؤولية ضد المسيرين، واكب تماما ما سبق وأن تبناه المشرع الفرنسي بمقتضى الفصل 246 من ق.ش.م لسنة 1966، والذي يعد نسخة أصلية للمادة 354 من ق ش م 95-17[6].

ويعد الإبراء[7] عند بعض الفقه الفرنسي[8]، أحد أهم القرارات التي تتخذها الجمعية العامة للشركة، والتي تهدف إلى إبعاد المسؤولية عن المسيرين، فالمسيرون يقدمون حساباتهم للجمعية العامة السنوية التي تصوت على إبراء لصالح تسييرهم وحسابات السنة المحاسبية المنصرمة.

ونظراً لكون الجمعية العامة تكون فيها السيطرة والهيمنة للمسيرين، حتى وإن كان هؤلاء لا يملكون أغلبية الأصوات فقد سعى المشرع المغربي مثل نظيره الفرنسي إلى حماية المساهمين من الآثار السلبية لهذه الهيمنة، فقرر في الفقرة الثانية من المادة 354 من ق.ش.م 95-17 عدم تأثير ما تتخذه الجمعية العامة للشركة من قرارات، ومن بينها قرار إبراء المسيرين من دعوى المسؤولية التي تمارس ضدهم عن الأخطاء التي ارتكبوها أثناء تنفيذهم لمهامهم داخل الشركة.

ويعد مصطلح الإبراء من المصطلحات القانونية الصعبة التحديد، ومع ذلك فقد حاول البعض[9] تعريفه بأنه: “موافقة الجمعية العامة على تسيير الدورة المحاسبية المنصرمة”، وبذلك يتميز إبراء الجمعية العامة للمسيرين عن الإبراء المدني كوسيلة من وسائل انقضاء الالتزامات المنصوص عليها في الفصل 319 من ظ ل ع والذي يعني “نزول أو تنازل الدائن باختياره ودون مقابل عن الالتزام المترتب له في ذمة المدين”.[10]

وجدير بالتذكير في هذا الباب أن قانون 1867 الخاص بشركات المساهمة، لم يكن يبين الأثر الذي يحدثه قرار الجمعية العامة بإبراء المسيرين على دعوى الشركة بصفة خاصة، ودعوى المسؤولية المدنية ضد المسيرين بصفة عامة. وهو الأمر الذي أثار جدلا حادا بين الفقه آنذاك تمحور حول ما إذا كان إبراء الجمعية العامة ومصادقتها على تقرير التسيير ينهي دعوى المسؤولية، أم لا يكون لقراراتها بهذا الخصوص أي تأثير؟

ونظرا لأهمية النقاش الذي ثار بخصوص تأثير الإبراء على دعوى المسؤولية المدنية الممارسة ضد المسيرين في ظل القانون الفرنسي المتعلق بشركات المساهمة، ارتأينا أن نفرد له الفقرة الأولى من هذا المطلب، على أن نتعرض في الفقرة الثانية منه لأثر الإبراء على دعوى المسؤولية في ظل قانون شركات المساهمة المغربي.

الفقرة الأولى: أثر الإبراء على دعوى المسؤولية المدنية في ظل القانون الفرنسي

لقد أثار سكوت قانون 1867، والذي تم تمديد العمل به في المغرب بمقتضى ظهير 11 غشت 1922، عن بيان أثر الإبراء على دعوى المسؤولية المدنية المقامة ضد المسيرين جدلا واختلافا كبيرين بين الفقه في المغرب بخصوص هذه المسألة.

هكذا، ذهب أحد الفقه إلى أن “الإبراء الممنوح للمتصرفين تكون له قيمة قانونية إلى جانب قيمته المعنوية؛ فالإبراء المعطى عن معرفة لسببه يحول دون ممارسة دعوى الشركة، وعلى خلاف ذلك فإن الإبراء الممنوح من طرف الجمعية العامة، لا يمكن الاحتجاج به في مواجهة المساهم الذي يمارس الدعوى الفردية، على أن يثبت إصابته بضرر شخصي يختلف عن الضرر الذي لحق الشركة”[11].

وتبعا لهذا، رفض الفقيه أحمد شكري السباعي ما انتهى إليه هذا الاتجاه الفقهي من أن للإبراء فائدة أو قيمة قانونية إلى جانب قيمته المعنوية، وأكد تأييده لقاعدة عدم تأثير الإبراء على المسؤولية، متأثرا في ذلك بموقف المشرع الفرنسي في الفصل 246 من قانون شركات المساهمة لسنة 1966، الذي لم يرتب أي أثر للإبراء، أو أي قرار آخر للجمعية العامة عن ممارسة دعوى المسؤولية ضد المسيرين بما في ذلك دعوى الشركة؛ وطالب بضرورة أن تسير قاعدة عدم تأثير الإبراء على المسؤولية في ظل قانون 1867 بالرغم من سريان النص، وذلك لما في هذه القاعدة من حماية للمساهمين والأغيار من عبث وتلاعب واحتيال المسيرين، تلك القاعدة التي تجعل الإدارة تكليفا ومسؤولية لا تشريفا وتهاونا[12].

ونشير إلى مشروع قانون شركات المساهمة المغربي لسنة 1989، وإن كان أخد حرفيا في الفصل 52 منه، بالفقرة الأولى من الفصل 246 من قانون شركات المساهمة الفرنسي لسنة 1966، والتي تقضي ببطلان كل شرط يرد في النظام الأساسي يعلق ممارسة دعوى الشركة على الإبداء المسبق لرأي الجمعية العامة، أو على ترخيص من هذه الأخيرة أو يتضمن تنازلا مسبقا عن هذه الدعوى، فإن هذا المشروع لم يأخذ بالفقرة الثانية من الفصل 246 المذكور أعلاه، والمتعلقة بعدم تأثير قرارات الجمعية العامة للشركة، ومنها قرار الإبراء، على ممارسة دعوى المسؤولية المدنية ضد المسيرين.

ولكن بصدور قانون شركات المساهمة رقم 95-17، حسم المشرع المغربي الجدل الفقهي الذي كان دائرا حول مدى تأثير الإبراء على دعوى المسؤولية، وذلك بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 354 منه، فاقتفى المشرع المغربي بذلك أثر نظيره الفرنسي في الفقرة الثانية من الفصل 246 من قانون شركات المساهمة 1966.

الفقرة الثانية: أثر الإبراء على دعوى المسؤولية المدنية في ظل القانون المغربي

بالرغم من حسم المشرع المغربي في المادة 354 من ق ش م 95-17 في مسألة تأثير الإبراء على ممارسة دعوى المسؤولية ضد المسيرين، ومجاراته لموقف التشريعات الحديثة بخصوص هذا الموضوع، والتي لا تجعل للإبراء أي أثر على ممارسة دعوى المسؤولية، فإن صياغة الفقرة الثانية من المادة 354 أعلاه والتي استعملت عبارة “سقوط دعوى المسؤولية“، قد توحي بأن الإبراء أو أي قرار آخر صادر عن الجمعية العامة لا يكون له أي أثر على دعوى المسؤولية التي سبق رفعها أو مباشرتها قبل منح الإبراء للمسيرين، وأن هذا الإبراء قد يؤثر على دعوى المسؤولية التي لم ترفع إلى القضاء قبل منح الإبراء للمسيرين، فيحول دون ممارسة دعوى المسؤولية ضدهم عن الأفعال التي حصلوا على إبراء بشأنها.

وعلى هذا الأساس، فإن القاضي لن يتردد في الأخذ بهذا الحل الذي يعتبر حلا منطقيا، اعتبارا لعبارة سقوط الدعوى التي استعملها المشرع في الفقرة الثانية من المادة 354 الآنفة الذكر، وينسجم هذا الاتجاه تماما مع تعريف الإبراء بأنه لا يعني بتاتا موافقة الجمعية العامة على تسيير السنة المحاسبية المنصرمة، وإنما يعني إسقاط الجمعية العامة للمسؤولية عن المسيرين المستفيدين من هذا القرار.

وعلى النقيض من ذلك، يؤكد الفقه الفرنسي أن الإبراء لا يمنع من إقامة دعوى المسؤولية ضد المسيرين لاحقا، بسبب الأفعال التي حصلوا على إبراء من أجلها من طرف الشركة، فالإبراء لا ينتج أي أثر من الناحية العملية[13]. ونميل إلى تأييد هذا الرأي الأخير للفقه الفرنسي الذي يجعل الإبراء لا يحول دون ممارسة دعوى المسؤولية المدنية ضد المسيرين في مرحلة لاحقة، بسبب الأفعال التي ارتكبوها والتي حصلوا على إبراء من أجلها من قبل الجمعية العامة، لما في ذلك من ضمان لمصالح المساهمين وللشركة.

وإذا كان الإبراء لا يؤثر على ممارسة دعوى الشركة، فإنه من باب أولى أن لا يكون له أي أثر على الدعوى الفردية، سواء الممارسة من قبل المساهم أو الغير[14]، فالشركة التي لا تملك الحق في ممارسة الدعوى الفردية، لا يمكنها أن تتصرف في هذه الدعوى بموجب قرارات صادرة عن الجمعية العامة[15].

ويبقى إقرار المشرع المغربي، مثل نظيره الفرنسي لقاعدة عدم تأثير الإبراء على دعوى المسؤولية المدنية حلا جيدا، ما دام أن المساهمين المجتمعين في الجمعية العامة العادية التي تصوت على الإبراء، قد لا يملكون المعرفة أو الوقت الكافي لإجراء التحقيق بشأن المعلومات المقدمة من طرف مجلس الإدارة، ومن ثم تقدير تسيير المسيرين في السنة المحاسبية المنصرمة[16].

زد على ذلك، أنه مـــــــــــــن الناحية العملية تعرف معظـــــــــــــــم الشركات ظاهـــــــــــــرة غياب المساهمين الذيـن لا يحضرون الجمعيات العامة العادية التي تصوت على الإبراء، كما أن المتصرفين يتفننون في الحصول على وكالات للتصويت نيابة عن المساهمين الغائبين، وطبعا فالوكيل ليس إلا المتصرف نفسه، والذي لا يمكن أن يصوت ضد تسييره، لذلك حسناً فعل المشرع حين قرر عدم تأثير أي قرار من قرارات الجمعية العامة على دعوى المسؤولية المدنية.

وبناء على كل ما تقدم، نخلص إلى أن الإبراء الممنوح للمسيرين من طرف الجمعية العامة، لا يكون له أي أثر على ممارسة دعوى المسؤولية المدنية، شأنه شأن كل قرارات الجمعية العامة، وذلك تطبيقا للفقرة الثانية من المادة 354 من قانون شركات المساهمة 95-17.

المطلب الثاني: سبل انقضاء دعوى المسؤولية المدنية

لقد فضلنا أن نركز في إطار بحثنا لسبل انقضاء دعوى المسؤولية المدنية ضد المسيرين على سببين اثنين هما: التنازل والتقادم، وذلك اعتبارا لأن التقادم يعد السبب الوحيد لانقضاء دعوى المسؤولية ضد المسيرين الذي نصت عليه المادة 355 من ق ش م 95-17، كما أن التنازل يعد أحد أهم أسباب انقضاء دعوى المسؤولية المدنية وفقا لقواعد قانون المسطرة المدنية، والذي يجد صدى له في القواعد التي وضعها قانون شركات المساهمة لدعوى المسؤولية المدنية ضد المسيرين.

وتبعا لذلك، سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين، الأولى سنقف فيها عند التقادم كسبب لانقضاء دعوى المسؤولية المدنية، أما الثانية فسنخصصها للحديث عن انقضاء هذه الدعوى بواسطة التنازل.

الفقرة الأولى: انقضاء دعوى المسؤولية المدنية بالتقادم

يعتبر التقادم[17] سببا مهما من أسباب انقضاء دعوى المسؤولية المدنية، ذلك أن التزام المسيرين بتعويض المتضرر عما أصابه من ضرر، باعتباره التزاما مدنيا، ينقضي إذا ما توانى المتضرر عن المطالبة بالتعويض خلال المدة المحددة قانونا.

ويستتبع تلاشي حق المتضرر في التعويض بالتقادم، منع سماع الدعوى التي قد يرفعها ضد المسير أو المسيرين المسؤولين عن التعويض. وقد أكد المشرع المغربي هذا المعنى في المادة 355 من ق ش م 95-17[18]، والتي تذهب إلى أن دعوى المسؤولية ضد المسيرين، سواء قدمتها الشركة أو فرد من الأفراد تتقادم بمرور خمس سنوات، ابتداء من تاريخ العمل المحدث للضرر أو من تاريخ كشفه إن وقع كتمانه، أما إذا ما وصف هذا العمل بالجريمة، فإن الدعوى لا تتقادم إلا بمرور عشرين سنة[19].

وفي هذا الإطار، نجد أن محكمة النقض في قرار لها صادر بتاريخ 17/06/2009 قد اعتبرت مسؤولية المسير عن الأخطاء التي ارتكبها أثناء مدة تسييره، بمثابة مطالبة ذات طبيعة مدنية تخضع لقواعد التقادم المدني المنصوص عليه في الفصل 392 من ظ.ل.ع، وليس للتقادم القصير في المادة التجارية[20].

كما نص المشرع في الفقـــــــــــــرتين الأولى والثالثة مــــن المادة 351 مــــــــــــن قانون شركات المساهمـــــــــــــة 95-17[21]، على أن دعـــــــــــوى المسؤولية ضد المتصرفين والمرتكزة على بطلان الشركـة أو عقودها أو مداولاتها اللاحقة لتأسيسها، تتقادم بمرور خمس سنوات ابتداءً من يوم اكتساب مقرر البطلان الصبغة النهائية أو ابتداء من يوم تدارك سبب البطلان، ما دام أن زوال سبب البطلان لا يحول دون ممارسة المتضرر لدعوى التعويض عن الضرر المترتب عن العيب الذي لحق الشركة أو تصرفاتها أو مداولاتها، وذلك وفقا لما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 351 من قانون شركات المساهمـــــــــــــة 95-17.

وقرر المشرع أيضا تقادم دعوى المسؤولية عن الضرر المتسبب في عدم تضمين النظام الأساسي، بيانا إلزاميا ما، أو إغفال إجراء ينص عليه قانون شركات المساهمة في باب تأسيس الشركة أو القيام به بشكل غير صحيح، وكذلك دعوى المسؤولية عن الضرر الناتج عن تعديل النظام الأساسي، بمرور خمس سنوات تبتدئ حسب الحالة من تاريخ التقييد في السجل التجاري بالنسبة للدعوى الأولى، أو من تاريخ تقييد التعديل بالنسبة للدعوى الثانية، وذلك كله تطبيقا لمنطوق الفقرة الثالثة من المادة 349 من ق.ش.م[22].

والملاحظ من خلال هذه النصوص، أن المشرع سعى إلى تحديد أجل تقادم دعوى المسؤولية ضد المسيرين في خمس سنوات، بعدما كان هذا الأجل يختلف باختلاف الأسس التي تقوم عليها دعوى المسؤولية ضد المسيرين[23].

وتبعا لذلك، فإنه بتوحيد المشرع لأمد تقادم دعوى المسؤولية ضد المسيرين بمقتضى قانون شركات المساهمة 95-17، يكون قد استجاب لمطالب بعض الفقه المغربي[24] الذي كان يدعو المشرع في ظل قانون 1922، إلى التدخل لتوحيد أجل التقادم، لما كان يرى في تنوع واختلاف آجال التقادم من عرقلة لعمل القضاة والمحامين وغيرهم، فليس أفضل للمصلحة العامة في نظر هذا الفقه من أن يوحد أمد تقادم الدعوى ضد المسيرين.

وبهذا، يكون المشرع المغربي قد اقتفى بتوحيده لأجل تقادم دعوى المسؤولية المدنية ضد المسيرين، أثر المشرع الفرنسي الذي كان سباقا إلى ذلك، بمقتضى قانون شركات المساهمة، وإن كان هذا الأخير قد حدد مدة التقادم في ثلاث سنوات بدلا من مدة خمس سنوات التي تبناها المشرع المغربي[25].

وزيادة على ذلك، فقد اعتبرت محكمة النقض المغربية في أحد قراراتها[26] على أن: “الدفع بالتقادم هو دفع موضوعي من حق صاحب المصلحة إثارته في أي مرحلة كانت عليها الدعوى مادام ليس في القانون ما يمنعه من ذلك أو ما يلزمه بتقديمه داخل أجل الطعن بالاستئناف غير أنه لا يجوز له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض“.

وبالرغم من هذا التوحيد لأمد تقادم دعوى المسؤولية ضد المسيرين، فإن هناك بعض الدعاوى لا تخضع لتقادم خمس سنوات، الأمر الذي يدفعنا إلى تحديد مجال التقادم في سبيل الوصول إلى تحديد الدعاوى التي تخضع لتقادم خمس سنوات أو التقادم الخماسي، والدعاوى التي لا تخضع له، وذلك حتى نتمكن من تحديد أمد تقادم الدعاوى التي من الممكن أن يتابع بها مسير شركات المساهمة (أولا).

ولما كان المشرع يشترط لتحقق تقادم دعوى المسؤولية ضد المسيرين، انقضاء المدة التي يحددها القانون، فإنه قد يحصل أحيانا أن تعترض سبيل التقادم عقبات تعيق تحققه وتعطل مضيه، فتكون سببا لوقفه أو تزيل كل أثر سابق له فتكون سببا لقطعه (ثانيا).

أولا: تنوع آجال التقادم

إذا كانت القاعدة الأصلية، أن مدة التقادم في التشريع المغربي خمسة عشر سنة طبقا للفصل 387 من ظهير الالتزامات والعقود، حيث يجب أن ترفع كل “دعوى تنشأ عن التزام يقبل التقادم في مدة أقصاها خمس عشرة سنة، وإلا امتنع سماعها”[27]، فإن المشرع قد وضع مدة خاصة لتقادم دعوى المسؤولية المدنية ضد المسيرين بمقتضى قانون شركات المساهمة محددة بصفة عامة في خمس سنوات، كما حدد المشرع بدقة نقطة بداية أو انطلاق أجل هذا التقادم.

وعلى النقيض من ذلك، فإن هناك بعض دعاوى المسؤولية التي لا تخضع لتقادم خمس سنوات، الذي سعى المشرع إلى جعله تقادما عاما لدعاوى المسؤولية ضد المسيرين، الأمر الذي يدفعنا إلى تحديد الدعاوى التي تخضع للتقادم الخمسي (1)، والدعاوى التي لا تخضع له (2).

الدعاوى التي تخضع للتقادم الخماسي
أصبح التقادم لمدة خمس سنوات منذ صدور قانون شركات المساهمة سنة 1996، هو التقادم العام الذي يطبق على دعاوى المسؤولية المدنية ضد المسيرين، وذلك دون حاجة للبحث عما إذا كانت المسؤولية ترتكز على خطأ ارتكب أثناء تأسيس الشركة، أو خلال حياتها.

وهكذا، نجد أن دعوى المسؤولية ضد المتصرفين الأولين والناشئة عن الضرر المتسبب فيه عدم تضمين النظام الأساسي بيانا إلــــــــــــــزاميا ما، أو إغـــــــــــــــفال إجراء ينص عليه قانـــــــــــــون شركات المساهمة في باب تأسيــــــــس الشركة، أو القيام به بشكل غير صحيح، تتقادم بمرور خمس سنوات ابتداءً من تاريخ التقييد في السجل التجاري. كما أن دعوى المسؤولية ضد المتصرفين والمترتبة عن الضرر الناتج عن تعديل النظام الأساسي، تتقادم بمرور خمس سنوات ابتداءً من تاريخ تقييد هذا التعديل في السجل التجاري، وذلك تطبيقا للفقرة الثالثة من المادة 349 من قانون شركات المساهمـــــــــــــة 95-17[28].

كما نجد أن دعوى المسؤولية ضد المتصرفين والمرتكزة على بطلان الشركة أو عقودها أو مداولاتها اللاحقة لتأسيسها، تتقادم طبقا للفقرتين الأولى والثالثة من المادة 351 من قانون شركات المساهمـــــــــــــة 95-17 بمرور خمس سنوات ابتداءً من يوم اكتساب مقرر البطلان الصبغة النهائية، أو من يوم تدارك سبب البطلان، ما دام أن المشرع لم يرتب على زوال سبب البطلان انقضاء حق المتضرر في ممارسة دعوى التعويض عن الضرر المترتب عنه وفقا لنص الفقرة الثانية من نفس المادة 351 أعلاه[29].

وتتقادم دعوى المسؤولية ضد المسيرين بسبب الأخطاء المرتكبة من قبلهم أثناء تسييرهم لشؤون الشركة بمضي خمس سنوات، ابتداء من تاريخ الفعل المحدث للضرر، أو من تاريخ كشفه إن وقع كتمانه طبقا للمادة 355 من ق.ش.م 95-17[30].

والملاحظ من خلال هذه النصوص، أن المشرع المغربي قد سعى إلى توحيد آجال تقادم دعاوى المسؤولية التي قد يتابع بها المسيرين، سواء بسبب أخطائهم المرتكبة أثناء حياة أو سير الشركة، وهو نفس النهج الذي سبق أن سار عليه المشرع الفرنسي عند إصلاحه قانون شركات المساهمة سنة 1966، وإن كان هذا الأخير قد حدد مدة التقادم في ثلاث سنوات أو ما يعرف بالتقادم الثلاثي[31].

واستنادا إلى المادة 355 من ق.ش.م 95-17، فإن التقادم الخماسي الخاص بدعوى المسؤولية المدنية ضد المسيرين بسبب أخطاء التسيير، لا يشمل فقط دعوى الشركة، وإنما يشمل أيضا الدعوى الفردية، سواء الممارسة من طرف المساهمين أو الغير.

ويميل كثير من الفقه الفرنسي[32] إلى أن التقادم الثلاثي المؤسس بمقتضى المادة L225-254 من مدونة التجارة الفرنسية[33]، لا يقتصر أثره على دعوى الشركة فقط، وإنما يتعداه إلى الدعوى الفردية الممارسة من طرف المساهمين أو الغير لمطالبة المسيرين بتعويض الأضرار الناتجة عن أخطاء التسيير المنسوبة إليهم.

الدعاوى التي لا تخضع للتقادم الخماسي
كما مر معنا، فإنه بالرغم من سعي المشرع المغربي إلى توحيد أجل تقادم دعوى المسؤولية المدنية ضد المسيرين في مدة خمس سنوات، فإن هناك بعض الدعاوى التي لا تخضع لهذا التقادم الخماسي، نجد على رأسها الدعوى المدنية التابعة، أي دعوى تعويض الضرر الناتج عن ارتكاب المسيرين لجريمة ما، حيث قضى المشرع في المادة 355 من ق.ش.م 95-17، بأنه في الحالة التي يوصف فيها الفعل المنسوب للمسيرين بالجريمة، فإن دعوى المسؤولية المدنية لا تتقادم إلا بمرور عشرين سنة.

وهكذا، يكون المشرع قد وضع تقادما خاصا بدعوى المسؤولية المدنية المترتبة عن ارتكاب المسيرين لجريمة ما، الأمر الذي لا يدع مجالا لتطبيق المادة 14 من ق.م.ج التي تنص على أنه: “تتقادم الدعوى المدنية طبقا للقواعد المعمول بها في القانون المدني “[34].

وما يمكن ملاحظته من خلال قراءة مقتضيات المادة 355 من ق.ش.م 95-17، أن المشرع لم يحدد نقطة بداية أو انطلاق أجل تقادم دعوى المسؤولية المدنية المترتبة عن ارتكاب المسيرين لجريمة ما، وهو ما يفرض علينا الرجوع إلى القواعد العامة المقررة في ظهير الالتزامات والعقود، لنجد أن الفصل 106 منه يقضي بأن مدة تقادم دعوى التعويض عن الضرر الناتج عن الجريمة “…تبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم الفريق المتضرر الضرر ومن هو المسؤول عنه”، فلا يكفي هنا علم المتضرر بحدوث الضرر، لبدء سريان التقادم فقط، بل يتعين بالإضافة إلى ذلك أن يعلم من المسؤول عن تعويض هذا الضرر، فالمتضرر الذي يجهل المسؤول عن الضرر يستحيل عليه المطالبة بحقه، ولذلك لا يسري عليه التقادم[35].

وإذا كان المشرع المغربي قد سار في نفس اتجاه المشرع الفرنسي، في وضع تقادم خاص بدعوى المسؤولية المدنية الناتجة عن الفعل المنسوب للمسيرين، الذي يشكل جريمة ما، فإنه قد خالفه فيما يخص مدة تقادم هذه الدعوى، التي حددها المشرع المغربي في عشرين سنة، في حين جعلها المشرع الفرنسي عشر سنوات فقط تطبيقا للمادة L225-254 من مدونة التجارة الفرنسية.

وبالعودة إلى منطوق الفصل 387 من ظ.ل.ع[36]، يتبين أن كل دعوى تنشأ عن التزامات المسيرين الخارجة عن مهام الإدارة والتسيير المنوطة بهم بمقتضى قانون شركات المساهمة، يجب أن ترفع خلال مدة خمسة عشرة سنة التي يحددها القانون في الفصل 387 أعلاه أو خلال المدة المحددة في الفصول من 388 إلى 382 من ظ.ل.ع، والمخصص للاستثناءات التي ترد على المدة العامة للتقادم المحددة في الفصل 387، أو أن ترفع هذه الدعوى خلال المدة التي يقضي بها القانون في الحالات الخاصة غير المنصوص عليها في الفصول من 387 إلى 392 من ظ.ل.ع.

وتخرج أيضا عن التقادم الخماسي، دعوى المسؤولية ضد المسيرين، والهادفة إلى تحميلهم النقص الحاصل في أصول الشركة في الحالات التي تخضع فيها الشركة لمساطر التسوية أو التصفية القضائية، أو ما يعرف بدعوى تغطية خصوم الشركة[37]، حيث قرر المشرع المغربي بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 704 من م.ت أن هذه الدعوى: ” تتقادم بعد مضي ثلاث سنوات ابتداءً من صدور الحكم الذي يحدد مخطط التسوية وفي غياب ذلك، فمن تاريخ الحكم القاضي بالتصفية القضائية”.

وفي هذا الإطار، لابد من الإشارة إلى أننا قصدنا من وراء تحديد هذه الدعاوى التي لا تخضع للتقادم الخماسي المؤسس بمقتضى المادة 355 من ق.ش.م 95-17، تقديم نماذج من هذه الدعاوى ليس إلا، دون أن ندعي الإحاطة بكل الدعاوى التي تخرج عن التقادم الخماسي.

بقي أن نشير في الأخير إلى بعض القواعد العامة التي تحدد كيفية حساب مدة التقادم، حيث ينص الفصل 386 من ظ.ل.ع على أنه: “يحسب التقادم بالأيام الكاملة لا بالساعات، ولا يحسب اليوم الذي يبدأ التقادم منه في الزمن اللازم لتمامه.

ويتم التقادم بانتهاء اليوم الأخير من الأجل“.

وتحسب مدة التقادم بالتقويم الميلادي لا بالتقويم الهجري، ذلك أن المشرع المغربي قد صرح في الفصل 132 من ظ.ل.ع أن: “المقصود بالسنة، عندما يكون الأجل مقدرا بالسنة، مدة ثلاثمائة وخمس وستين يوما كاملة”.

أما إذا وافق حلول آخر يوم من مدة التقادم يوم عطلة رسمية، فإن سريان التقادم يوقف بالقوة القاهرة إلى أول يوم من أيام العمل يأتي بعده،[38]ولا تكتمل مدة التقادم إلا بانقضاء هذا اليوم.[39]

ثانيا: وقف التقادم وقطعه

قد يحصل أحيانا أن تعترض سبيل تقادم دعوى المسؤولية ضد المسيرين عقبات تعيق تحققه وتعطل مضيه فتكون سببا لقطعه، لذلك وجب علينا أولا أن نميز بين أسباب قطع التقادم وأسباب وقفه، فأسباب القطع تقضي على المدة السابقة وتجعلها كأن لم تكن، بحيث إذا بدأ سريان تقادم جديد بعد انقطاعه، وجب أن تستمر المدة الكاملة لكي تترتب آثاره، أما أسباب الوقف فهي تعطل التقادم عن السير، بحيث إذا زال المانع عاد التقادم يمضي في سريانه مع حساب المدة السابقة[40].

ونحيل فيما يخص الأحكام العامة لوقف التقادم وقطعه على الفصول من 378 إلى 382 من ظ.ل.ع، ونكتفي في هذا المقام بالإشارة إلى أهم الأسباب التي توقف أو تقطع التقادم، والتي لا تتعارض مع طبيعة دعوى المسؤولية المدنية ضد المسيرين.

وهكذا فقد يوقف تقادم دعوى المسؤولية المدنية ضد المسيرين بأحد الأسباب التالية:

طروء سبب من أسباب نقصان الأهلية على المتضرر من الأفعال المنسوبة للمسيرين، كالخلل العقلي على سبيل المثال، وذلك إلى أن يعين له نائب قانوني أو يرفع عنه الحجر تطبيقا للفصل 379 من ظ ل ع؛
غيبة المتضرر إلى أن يعين له نائبا قانونيا، وفقا لأحكام البند الرابع من الفصل 380 من ظ ل ع.
كما أن تقادم دعوى المسؤولية ضد المسيرين قد يقطع بأحد الأسباب الآتية:

بكل مطالبة من المتضرر من أخطاء المسيرين بحقه في التعويض، سواء كانت هذه المطالبة قضائية أو غير قضائية يكون لها تاريخ ثابت، ولو رفعت الدعوى أمام المحكمة غير المختصة، أو حكم ببطلانها لعيب في الشكل طبقا للفصل 381 من ظ.ل.ع؛
باعتراف أو إقرار المسير المسؤول عن الضرر بحق المتضرر في التعويض تطبيقا لمقتضيات الفصل 382 من ظ ل ع؛
بقيام الدائن بمبلغ التعويض، بكل إجراء تحفظي على أموال المسير المدين بمبلغ التعويض، أو طلبه الحصول على الإذن لمباشرة هذا الإجراء.[41]
وتبعا لهذا، فإنه تترتب على التقادم آثار هامة، فإن تمت المدة المحددة بمقتضى القانون لتقادم دعوى المسؤولية ضد المسيرين، انقضت هذه الدعوى وامتنع سماعها طبقا لما ينص عليه الفصل 371 من ظ ل ع[42].

وبالإضافة إلى هذا المقتضى، فإن التقادم لا يسقط الدعوى بقوة القانون، بل يجب على من له مصلحة فيه أن يحتج به[43]، وليس للقاضي أن يثير التقادم من تلقاء نفسه[44]، وهذا يعني أن التقادم لا يسقط الدعوى إلا إذا تمسك به صاحب المصلحة، وهو هنا المسير المسؤول عن التعويض.

والدفع بالتقادم ليس من الدفوع الشكلية، بل هو دفع في الجوهر، وعليه لا يستطيع المدعي الذي ردت دعواه على أساسه أن يجدد الدعوى، ولو غير في المبررات وفي الأسلوب[45].

وجدير بالذكر، أن المسير صاحب المصلحة في التقادم يجوز له أن يتمسك به في أي مرحلة من مراحل الدعوى أمام محاكم الموضوع، فيستطيع ذلك أمام محاكم الدرجة الأولى كما أمام محاكم الاستئناف، إلا أنه لا يستطيع التمسك بالتقادم لأول مرة أمام محكمة النقض في معرض الطعن بالنقض، لأن هذه المحكمة لا تنظر إلا في الدفوع التي أثيرت أمام محاكم الموضوع، ما لم يكن من الدفوع المتعلقة بالنظام العام، والدفع بالتقادم ليس من النظام العام[46]. على أن محكمة النقض إذا نقضت الحكم المطعون فيه لسبب من الأسباب وأحالت القضية على محكمة من محاكم الموضوع، فإنه يكون لذي المصلحة الإدلاء بالتقادم أمام محكمة الإحالة لأنها محكمة موضوع، والتمسك بالتقادم جائز أمام محاكم الموضوع في أي حالة كانت عليها الدعوى.[47]

الفقرة الثانية: انقضاء دعوى المسؤولية المدنية بالتنازل

وفقا لقواعد قانون المسطرة المدنية المقررة في الفصول من 119 إلى 123[48]، فإن التنازل يؤدي إلى انقضاء دعوى المسؤولية المدنية، بحيث إن تنازل المدعي عن دعواه يحول دون إمكانية رفعها في المستقبل بناء على نفس الأسباب، ولكن السؤال الذي يثار بحدة هنا، يتمحور حول ما إذا كان يحق للمدعي في دعوى المسؤولية ضد المسيرين أن يتنازل عن دعواه أم لا؟

تقتضي منا الإجابة على هذا التساؤل، التمييز بين أنواع دعاوى المسؤولية الممارسة ضد المسيرين، فهكذا نجد أن المشرع المغربي، واقتداءً بالمشرع الفرنسي، منع الجمعية العامة للشركة بمقتضى المادة 354 من ق ش م 95-17، من التنازل عن دعوى الشركة، حيث قرر في الفقرة الثانية من هذه المادة أنه: “لا يمكن أن يرتب عن أي قرار من قرارات الجمعية العامة سقوط دعوى المسؤولية ضد المتصرفين…لخطأ ارتكبوه أثناء ممارستهم مهامهم“.

وإذا كانت المادة 354 السالفة الذكر، لا تمنع إلا الجمعية العامة من التنازل عن دعوى الشركة، فإنه ومن باب أولى يجب ألا يسمح أيضا لمجلس الإدارة بالتنازل عنها، بالرغم من أن المادة 354 لا تمنع من ذلك إلا الجمعية، كما أن المسيرين قد يجدون في ذلك وسيلة جد مناسبة للتخلص من مسؤوليتهم، فتنازل مجلس الإدارة عن دعوى الشركة سيكون أكثر خطرا على مصالح المساهمين والشركة من تنازل الجمعية العامة[49].

وهكذا، يبدو أن دعوى الشركة لا تنقضي بالتنازل، ما دام أنه لا يحق أصلا لا للجمعية العامة للشركة ولا لمجلس إدارتها التنازل عنها.

وعلى عكس دعوى الشركة الممارسة بصفة جماعية من قبل ممثلي الشركة القانونيين، يؤكد الفقه[50] أن المساهم يستطيع التنازل عن دعواه الفردية، لأنه لا توجد أي مقتضيات من النظام العام تمنعه من ذلك، فالمساهم يجوز له أن يتنازل عن حقه في رفع دعوى المسؤولية ضد المسيرين، لأنها تهدف إلى حماية حق خاص به، فله حرية التصرف فيها[51].

وتجدر الإشارة في هذا الصدد، إلى أن محكمة الاستئناف التجارية بمراكش في أحد قراراتها ذهبت إلى أنه: “يحق للطاعن التنازل عن طعنه في أي مرحلة يكون عليها الطعن وأنه مادام التنازل يمحو الترافع أمام القضاء بالنسبة للطلبات المقدمة إليه ومادام التنازل لم يكن محل أي طعن فإنه يتعين الإشهاد على المستأنفة بالتنازل عن استئنافها وتحميلها الصائر”[52].

وعليه، فإذا كان المساهم يملك حق ممارسة دعوى الشركة بصفة فردية في حالة تقاعس ممثليها القانونيين عن رفعها، فإن جانبا من الفقه الفرنسي[53] يذهب إلى أن المساهم يستطيع التنازل عن دعوى الشركة في حدود منفعته أو مصلحته فيها، وذلك بالرغم من أن مقتضيات الفقرة الأولى من المادة L225-253 من مدونة التجارة الفرنسية – وهي نفس مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 354 من ق.ش.م المغربي 95-17 – تمنع تنازل المساهم المسبق عن ممارسة دعوى الشركة، لكن هذا التنازل لا يكون له أي أثر بالنسبة لباقي المساهمين الذين يحق لهم متابعة دعوى الشركة. فإذا سبق لأحد المساهمين أن أقام دعوى الشركة ضد المسيرين، وحصل على حكم بمتابعتهم، ثم تنازل بعد ذلك عن جميع دعاويه، فإن ذلك لا يمنع باقي المساهمين من متابعة هذه الدعوى[54].

ولما كان الغير يملك طبقا للمادة 352 من ق.ش.م 95-17، حق مقاضاة المسيرين لمطالبتهم بتعويضه عن الأضرار اللاحقة به من جراء الأخطاء المنسوبة إليهم، وذلك تطبيقا للقواعد العامة في المسؤولية التقصيرية، فإن هذا الغير يملك تبعا لذلك حق التنازل عن دعواه، لأنه ليست هناك مقتضيات من النظام العام تمنعه من ذلك[55].

ومن باب المقارنة، فإن جانبا من الفقه اللبناني، وانسجاما مع موقف المشرع اللبناني في المادة 169 من قانون التجارة[56]، التي تجعل براءة الذمة -أي الإبراء- المعطاة للمسيرين بعبارات صريحة تبرئهم من المسؤولية، ذهب إلى أن الشركة يمكنها أن تتنازل عن دعوى الشركة، بعقد الصلح بشأنها مع المسير أو المسيرين المسؤولين بقرار يصدر عن الجمعية العامة، والذي يعتبر إقرارا بسلامة الإدارة وتنازلا ضمنيا عن حق رفع الدعوى على أعضاء مجلس الإدارة[57].

والملاحظ أن المشرع المغربي لم يميز في إطار قانون المسطرة المدنية، بين التنازل عن الدعوى وترك الدعوى، لكن الخيط الرفيع الفاصل بين كليهما، هو أن التنازل عن الدعوى يشمل حق رفع الدعوى نفسه، إذ لا يمكن في المستقبل رفع دعوى لنفس الأسباب. أما ترك الدعوى فهو يشمل فقط الدعوى المرفوعة، ويبقى الحق المتنازع فيه قائما، ويمكن رفع الدعوى من جديد بمقال جديد.[58]

وبالرجوع إلى قواعد قانون المسطرة المدنية، نجد أن التنازل عن الدعوى يمكن أن يقع من طرف المدعي في أي مرحلة من مراحل الدعوى، ولو أمام محكمة الاستئناف، وأنه في الحالة التي يتفق فيها الأطراف على التنازل، فإن القاضي لا يمكنه أن يتدخل إلا لإثبات اتفاقهم، والذي يصبح غير قابل لأي وجه من أوجه الطعن وفقا للفقرة الأولى من الفصل 121 من ق.م.م[59]. وفي هذا الصدد ذهب المجلس الأعلى –محكمة النقض حاليا- في أحد قراراته[60] إلى أن التنازل عن الدعوى بناء على صلح لا يقبل أي طعن.

ويكون للمدعى عليه، أي المسير، الحق في رفض التنازل الموقع من طرف المدعي، إذا ما كانت له مصلحة أكيدة ومبررة في مواصلة الدعوى قصد الحصول على حكم لصالحه، إذا ما تقدم بطلب مقابل، ويكون للمحكمة في هذه الحالة أن تقرر ما إذا كان رفض المدعى عليه للتنازل، مرتكزا على أسباب مشروعة أم لا، ويكون حكمها هذا قابلا للاستئناف، وذلك طبقا للفقرة الثانية من الفصل 121 من ق.م.م[61].

وتترتب عن تنازل المدعي عن دعوى المسؤولية آثار مهمة، تتمثل في بطلان كل الإجراءات المسطرية، وكل الآثار التي تترتب عنها، وكذلك شأن الطلبات الإضافية والأحكام قبل البت في الجوهر وإجراءات التحقيق.

وعلاوة على ذلك، فإن تنازل المدعي الذي قبله المدعى عليه، يسقط طلبات هذا الأخير العارضة أو المقابلة، طبقا للفصل 123 من ق.م.م. وبالمقابل فإن تنازل المدعي عن دعوى المسؤولية لا يعفيه من أداء المصاريف التي يمكن استخلاصها بكل الطرق القانونية[62].

ومما يجدر ذكره، أنه في الحالة التي يتابع فيها المسير أو المسيرين من أجل جريمة معاقب عليها بمقتضى مجموعة القانون الجنائي، أو أي قانون خاص آخر، لاسيما قانون شركات المساهمة، فإن المطالب بالحق المدني يجوز له أن ينهي دعواه أمام المحكمة المختصة بالتنازل عنها في أي مرحلة من مراحل المسطرة، فيمكن له أن يفعل ذلك أمام قاضي التحقيق أو أمام هيئة الحكم إلى غاية ختم المناقشة، وإذا استأنف المطالب بالحق المدني حكما ابتدائيا، أمكن له التنازل عن هذا الاستئناف، كما يحق له التنازل عن الطعن بالنقض، وبعبارة أخرى؛ فإن حق الطرف المدني في التنازل عن دعواه، هو حق عام ومطلق.[63]

ومع ذلك، فإنه يجب ألا نأخذ هذا الحق العام والمطلق للمطالب بالحق المدني في التنازل عن دعواه المدنية على إطلاقه، في حقل دعوى المسؤولية المدنية الممارسة ضد المسيرين، ذلك أنه في الحالة التي يكون فيها الفعل المجرم المرتكب من قبل المسير أو المسيرين قد ألحق الضرر بالشركة ذاتها، فإن ممثليها القانونيين لا يستطيعون التنازل عن دعوى الشركة تطبيقا للمادة 354 من ق.ش.م 95-17، غير أن هذا لا يمنع المساهم الذي باشر دعوى الشركة بصفة فردية في حالة تقاعس ممثليها القانونيين عن ممارستها، من التنازل عن دعوى الشركة في حدود مصلحته فيها، ومع ذلك فإن تنازل المساهم عن دعوى الشركة، لا يكون له أي أثر بالنسبة لباقي المساهمين الذين يحق لهم متابعة هذه الدعوى[64].

ويرى جانب من الفقه،[65] أن حق التنازل عن الدعوى المدنية، وإن كان حقا عاما، فإن المتهم -وهو هنا المسير المرتكب للجريمة – لا يحرم من حقه كذلك في المنازعة في قبول هذا التنازل، استنادا إلى الفصل 121 من ق.م.م، الذي يسمح للمدعى عليه بمعارضة تنازل خصمه عن الدعوى إذا رأى أن هذا التنازل سيلحق به ضررا.

وتنحصر آثار التنازل عن الدعوى المدنية، في إنهاء إجراءات المطالبة بالتعويض أمام المحكمة المختصة، غير أنه يبقى للمدعي حق متابعة المسير بدعوى التعويض التي يقيمها أمام الهيئة القضائية المختصة، سواء كانت مدنية أم تجارية، وذلك تطبيقا لروح المادة 356 من قانون المسطرة الجنائية[66].

وزيادة على هذا، فإنه طبقا لمقتضيات المادة 355 من ق.م.ج، فإنه لا يحول تنازل المطالب بالحق بالمدني عن دعواه دون الحكم عليه بالمصاريف المنفقة قبل تنازله، وإنما يعفيه فقط من المصاريف التي تنفق بعد التنازل، علما بأن نفس الحكم يجب أن يطبق في حالة التنازل أمام قاضي التحقيق.

من كل هذا وذاك، نخلص إلى أن دعوى المسؤولية المدنية المقامة ضد المسيرين، سواء كانت دعوى مدنية أصلية أو تابعة، إذا كانت دعوى الشركة فإنها لا تنقضي بالتنازل في حالة ممارستها بصفة جماعية من طرف ممثلي الشركة القانونيين، لأن هؤلاء لا يحق لهم التنازل عنها، أما في حالة ممارسة دعوى الشركة الممارسة بصفة فردية من قبل أحد المساهمين، فإن هذا الأخير يستطيع التنازل عنها في حدود مصلحته فيها مع بقاء حق المساهمين الآخرين قائما في متابعة دعوى الشركة.

أما إذا كانت دعوى المسؤولية المدنية المقامة ضد المسيرين هي دعوى فردية، فإن كلا من المساهم والغير يستطيع التنازل عن دعواه الفردية ما دامت هذه الدعوى تهدف إلى حماية حق خاص يملك صاحبه حرية التصرف فيه.

[1] – ونعني بذلك المتصرفين، ويبقى دائما ماثلا في الأذهان أننا حينما نذكر كلمة المتصرف أو المتصرفين في ثنايا هذا الموضوع، فإننا نقصد بذلك المتصرفين الذين يزاولون مهام التسيير (المسيرين)، حيث إنه بالرجوع للمادة 76 من ق.ش.م رقم 95-17 التي تنص على أنه:” يكلف داخل المجلس المتصرفون غير المسيرين خصوصا بمهام مراقبة التسيير ومتابعة تدقيق الحسابات الداخلية والخارجية. ويمكنهم أن يكونوا فيما بينهم لجنة للاستثمار وأخرى للأجور والمكافآت “. فمن خلال قراءة هذه المادة بمفهوم المخالفة يتضح بأن هناك متصرفون لا يمارسون مهام التسيير ومتصرفون يمارسون المهام المتعلقة بالتسيير.

وتعتبر إذا هذه المادة الدافع الأساسي التي جعلتنا نفضل توظيف كلمة “المسير” على استعمال “المتصرف”.

[2]– ينص الفصل 319 من ظ ل ع على أنه:

“تنقضي الالتزامات بما يأتي:

1- الوفاء؛ 2- استحالة التنفيذ؛ 3- الإبراء الاختياري؛ 4- التجديد؛ 5- المقاصة؛ 6- اتحاد الذمة؛ 7- التقادم؛ 8- الإقالة الاختيارية”.

[3]– للمزيد من التوسع، يراجع:

– مأمون الكزبري، “نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات و العقود المغربي”،ج 2، ص: 283 وما يليها.

[4]– وذلك بمقتضى المادة 355 من ق.ش.م 95-17 التي تنص على أنه:

“تتقادم دعوى المسؤولية ضد المتصرفين والمدير العام وإن اقتضى الحال المدير العام المنتدب أو أعضاء مجلس الإدارة الجماعية سواء قدمتها الشركة أو فرد من الأفراد، بمرور خمس سنوات ابتداء من تاريخ كشفه، وفيما يخص العناصر المدرجة في القوائم التركيبية يسري التقادم ابتداء من تاريخ الإيداع بكتابة الضبط المنصوص عليه في المادة 158. غير أنه إذا وصف هذا العمل بالجريمة، فلا تتقادم الدعوى إلا بمرور 20 سنة“.

[5]– المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 354 من ق ش م 95-17 التي جاء فيها:

“يعتبر كأن لم يكن واردا في النظام الأساسي كل شرط يعلق ممارسة دعوى الشركة على الإبداء المسبق لرأي الجمعية العامة أو على ترخيص من هذه الأخيرة أو يتضمن تنازلا مسبقا عن هذه الدعوى”.

[6] – L’Article 246 Loi n° 66-537 du 24 juillet 1966 sur les sociétés commerciales dispose que : « Est réputée non écrite, toute clause des statuts ayant pour effet de subordonner l’exercice de l’action sociale à l’avis préalable ou à l’autorisation de l’assemblée générale, ou qui comporterait par avance renonciation à l’exercice de cette action.

Aucune décision de l’assemblée générale ne peut avoir pour effet d’éteindre une action en responsabilité contre les administrateurs pour faute commise dans l’accomplissement de leur mandat ».

[7] – LE QUITUS.

[8] – (G) Ripert et ( R ) Roblot, Traite élémentaire de droit commercial », T : 1, 2ème ED, Ed L.G.D.J, 1980, Paris, p 1018.

[9] – (M) De Juglart et (B) Ippolitto, Traité de droit commercial » 3ème Ed. Montchrestien -Paris, 1982. P: 802.

[10]– مشار إليه لدى: – مأمون الكزبري، ج 2، م.س، ص: 484.

[11] – (P) Decroux, « Les sociétés en droit marocain », 5ème Ed 1998, Ed la porte-Rabat, P: 153.

[12]– مشار إليه لدى:- أحمد شكري السباعي: “الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي-شركات المساهمة–”،ج 4، ط 1، ص: 273.

[13]– (P) Bezard: « La Société Anonyme » Ed. Montchrestien- Paris 1986, P: 238.

[14] – (G) Ripert et ( R ) Roblot, Op.Cit, P: 1018.

[15] – (Y) Guyon, « Responsabilité civile des administrateurs », J.C des Soc Fascicule 132, Ed. Techniques, 1990, P :21.

[16]– للمزيد من التفصيل بخصوص هذه المسألة، يراجع: – أحمد شكري السباعي: “الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي-شركات المساهمة–”،ج 4، ط 1، م.س، ص: 273.

– (PH) Merle, «Droit Commercial-Sociétés Commerciales», 3éme Ed, Ed Dalloz 1992-Paris, P: 366.

[17]– عرف جانب من الفقه التقادم بأنه: “مرور مدة من الزمان يمنع القانون بعدها سماع الدعوى للمطالبة بحق من الحقوق، فالذي يسقط بالتقادم إنما هو حق إقامة الدعوى للمطالبة بالحق، لا الحق المطالب به ذاته، لذلك يقال بأن الالتزام الذي لا يطالب بتنفيذه حتى تمر عليه مدة التقادم لا يعود في الإمكان إقامة الدعوى للمطالبة به، فيصبح التزاما طبيعيا”.

– أحمد شكري السباعي: “نظرية بطلان العقود في القانون المدني المغربي والفقه الإسلامي والقانون المقارن”، منشورات عكاظ، ط 2، س 1987، ص: 417 وما بعدها.

[18]– تنص المادة 355 من ق.ش.م 95-17 على أنه:

“تتقادم دعوى المسؤولية ضد المتصرفين والمدير العام وإن اقتضى الحال المدير العام المنتدب أو أعضاء مجلس الإدارة الجماعية سواء قدمتها الشركة أو فرد من الأفراد، بمرور خمس سنوات ابتداء من تاريخ كشفه، وفيما يخص العناصر المدرجة في القوائم التركيبية يسري التقادم ابتداء من تاريخ الإيداع بكتابة الضبط المنصوص عليه في المادة 158. غير أنه إذا وصف هذا العمل بالجريمة، فلا تتقادم الدعوى إلا بمرور20 سنة”.

[19] – ما يمكن التنبيه إليه في هذا الإطار، هو أن جميع الجرائم في قانون شركات المساهمة هي عبارة عن جنح لا ترقى إلى درجة الجنايات، وتبعا لذلك، فبالرجوع إلى المادة الخامسة من ق.م.ج نجد أن التقادم هو أربع سنوات فيما يتعلق بالجنح، حيث إن هذه المادة جاءت لتخفف وليس لتشدد.

ومن هنا وجب القول بأن على مشرع ق.ش.م أن يعمل على الأقل على تعديل مقتضيات المادة 355 لكي يساير توجه النص العام.

[20]– قرار عدد 993 صادر عن محكمة النقض بتاريخ 17/06/2009، منشور بمجلة المحاكم المغربية، العدد المزدوج: 129-128.

[21]– تذهب المادة 351 من ق.ش.م 95-17 في:

– فقرتها الأولى إلى أنه:

“تتقادم دعوى المسؤولية المرتكزة على بطلان الشركة أو عقودها أو مداولاتها اللاحقة لتأسيسها بمرور خمس سنوات ابتداء من يوم اكتساب مقرر البطلان الصبغة النهائية” – فقرتها الثالثة إلى أنه: “تتقادم هذه الدعوى بمرور خمس سنوات ابتداء من يوم تدارك سبب البطلان“.

[22]– تنص الفقرة الثالثة من المادة 349 من ق.ش.م 95-17 على أنه:

“تتقادم الدعوى بمرور خمس سنوات، حسب الحالة، ابتداء من تاريخ التقييد في السجل التجاري أومن تاريخ تقييد التعديل“.

[23]– حيث كانت الدعوى الناشئة عن بطلان الشركة تتقادم بمرور ثلاث سنوات من اليوم الذي ظهرت فيه أسباب البطلان، وذلك تطبيقا للمادة 8 من قانون 1867، والذي جرى تعديله بقانون 30 أكتوبر 1935. فيما كانت دعاوى مطالبة المساهمين باسترجاع الأرباح دون إجراء إحصاء، تتقادم بمضي خمس سنوات من يوم إجراء التوزيع وفقا للمادة 10 من نفس القانون.

وبالمقابل كانت الدعوى الناتجة عن الجريمة وشبه الجريمة تقادم بمضي خمس سنوات، تبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم الفريق المتضرر، الضرر ومن هو المسؤول عنه، على أن تتقادم في جميع الأحوال بمضي عشرين سنة تبتدئ من وقت حدوث الضرر، وذلك تطبيقا للفصل 106 من ظ.ل.ع.

بينما كانت الدعاوى الأخرى غير المشار إليها، تخضع للتقادم العام المنصوص عليه في الفصل 387 من ظ.ل.ع الذي يجعل التقادم خمس عشرة سنة كاملة، وذلك مع مراعاة الاستثناءات الواردة في ظ.ل.ع أو النصوص الخاصة.

[24]– للمزيد من التفصيل بخصوص هذه المطالب، يراجع: – أحمد شكري السباعي، “الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي-شركات المساهمة–”، ج 4، ط 1، م.س، ص: 299.

[25] – (Y) Guyon, Op.Cit, P: 21.

[26]– قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 24 مارس 2011، تحت رقم 428، في الملف عدد 1157/3/2/2010، منشور بمجلة قضاء محكمة النقض، ع 74، س 2012، ص: 248 وما يليها.

[27]– للمزيد من التفصيل، يراجع:- مأمون الكزبري، ج 2، م.س، ص: 527-528.

[28] – تنص الفقرة الثالثة من المادة 349 من ق ش م 95-17 على أنه:

“تتقادم الدعوى بمرور خمس سنوات، حسب الحالة، ابتداء من تاريخ التقييد في السجل التجاري أومن تاريخ تقييد التعديل“.

[29]– تذهب الفقرة الثانية من المادة 351 من ق ش م 95-17 إلى أنه:

“لا يحول زوال سبب البطلان دون ممارسة دعوى التعويض عن الضرر المترتب عن العيب الذي لحق الشركة أو تصرفاتها أو مداولاتها “.

[30]– للإشارة فقط، فإن دعوى المسؤولية بسبب أخطاء التسيير كان بعض الفقه المغربي في ظل قانون 1867 يخضعها للتقادم الخماسي الذي تخضع له دعوى المسؤولية التقصيرية تطبيقا لمنطوق الفصل 106 من ظ.ل.ع.

– للمزيد من التفصيل بخصوص هذه النقطة، يراجع:

– أحمد شكري السباعي، “الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي-شركات المساهمة–”، ج 4، ط 1، م.س، ص: 276.

[31]– « La Prescription Triennale », voir : article L225-254 du code de commerce français .

[32] – (PH) Merle, Op.Cit, P: 366.

– (M) De Juglart et (B) Ippolitto, Op.Cit, P: 510.

– (G) Ripert et ( R ) Roblot, Op.Cit, P : 1019.

[33]– هذه المادة تطابق تماما مقتضيات المادة 355 من قانون شركات المساهمة المغربي لسنة 1996.

حيث تنص المادة L225-254 من مدونة التجارة الفرنسية على أنه:

« L’action en responsabilité contre les administrateurs ou le directeur général, tant sociale qu’individuelle, se prescrit par trois ans, à compter du fait dommageable ou s’il a été dissimulé, de sa révélation. Toutefois, lorsque le fait est qualifié crime, l’action se prescrit par dix ans ».

هذه المادة التي عدلت بمقتضى القانون:

-Loi n° 2001-420 du 15 mai 2001 relative aux nouvelles régulations économiques.

[34]– بخصوص انقضاء الدعوى المدنية التابعة وفقا لقواعد قانون المسطرة الجنائية، يراجع:

– أحمد الخمليشي، “شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الأول، الطبعة الخامسة، مطبعة المعارف الجديدة -الرباط، س 1999، ص: 229 وما يليها.

[35]– أحمد الخمليشي، م.س، ص: 230 وص234.

[36]– ينص الفصل 387 من ظ ل ع على أنه:

“كل الدعاوى الناشئة عن الالتزام تتقادم بخمس عشرة سنة، فيما عدا الاستثناءات الواردة فيما بعد، والاستثناءات التي يقضي بها القانون في حالات خاصة“.

[37]– عبد العالي العبدوني: “تقادم المادة 706 من مدونة التجارة بين الحصرية وإعادة التجدد- تعليق على قرار محكمة النقض رقم 434 بتاريخ 24 مارس 2011 في الملف التجاري 1347″، مجلة المحاكم المغربية، العدد المزدوج 133-134، يناير-مارس 2012، ص: 135.

[38]– ينص الفصل 133 من ظ.ل.ع على أنه:

“إذا وافق حلول الأجل يوم عطلة رسمية قام مقامه أول يوم من أيام العمل يأتي بعده.”

[39]– للمزيد من التعمق والتفصيل بخصوص القواعد العامة في كيفية حساب مدة التقادم، يراجع:

– مأمون الكزبري، ج 2، م.س، ص: 545 وما بعدها.

[40]– مأمون الكزبري، ج 2، م.س، ص: 547.

[41]– طبقا لمقتضيات البند الثالث من الفصل 381 من ظ ل ع.

[42]– ينص الفصل 371 من ظ ل ع على أنه:

“التقادم خلال المدة التي يحددها القانون يسقط الدعوى الناشئة عن الالتزام”.

[43]– وذلك طبقا لمنطوق الفقرة الأولى من الفصل 372 من ظ ل ع.

[44]– حسب مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 372 من ظ ل ع.

[45]– نقلا عن:

– مأمون الكزبري، م.س، ج 2، ص: 577-578.

[46]– وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 372 من ظ ل ع.

[47]– للمزيد من التفصيل بخصوص هذه النقطة، يراجع:

– مأمون الكزبري، ج 2، م.س، ص: 580-581.

[48]– تنظم هذه الفصول مؤسسة التنازل عن الدعوى وفقا لقواعد قانون المسطرة المدنية.

[49] – (G) Ripert et ( R ) Roblot, Op.Cit, P: 1018.

[50] – (Y) Guyon, Op.Cit, P: 16.

– (G) Ripert et ( R ) Roblot, Op.Cit, P: 205.

[51]– مشار إليه لدى:

– علي جمال الدين عوض، “الشركات التجارية”، دار النهضة العربية، س 1961، ص: 205.

[52] – قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بمراكش بتاريخ 8-03-2012، تحت رقم 426 في الملف رقم 80-2-12، غير منشور.

[53]– هذا المنع للتنازل المسبق عن ممارسة دعوى المسؤولية، لا يشمل فقط دعوى الشركة، بل يشمل أيضا الدعوى الفردية الممارسة سواء من طرف المساهم أو الغير.

-(G) Ripert et ( R ) Roblot, Op.Cit, P: 1018.

[54] – (F) Lefebvre, Op.Cit, P :468.

[55]– مشار إليه لدى:- مأمون الكزبري، ج 1، م.س، ص: 432.

[56]– تنص المادة 169 من قانون التجارة اللبناني على أنه:

“لكي يتسنى الإدلاء بتبرئة الذمة يجب دائما أن تسبقها تأدية حسابات الشركة وتقرير المفوضين المراقبين. ولا تشمل تلك التبرئة إلا الأمور الإدارية التي تمكنت الجمعية العمومية من معرفتها“.

[57]– نقلا عن: – فؤاد سعدون عبد الله، “إدارة الشركات المساهمة بين حقوق المساهمين القانونية وهيمنة مجلس الإدارة ورئيسه عليها الواقع والحلول”، دار أم الكتاب، بيروت، س 1995، ص: 263.

[58]– يراجع: – “المسطرة المدنية في شروح”: إصدار وزارة العدل المغربية، المعهد الوطني للدراسات القضائية، مطبعة ومكتبة الأمنية، نشر دار المعرفة، الرباط، طبعة 1990، ص: 97.

[59]– تنص الفقرة الأولى من الفصل 121 من ق م م على أن:

“تسجل المحكمة على الأطراف اتفاقهم على التنازل. ولا يقبل ذلك أي طعن”.

[60]– قرار صادر عن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) بتاريخ 13/01/2010 تحت ع 229، في الملف ع 1655/08، منشور بمجلة الملف، ع 17، س 2011، ص: 263 وما يليها.

[61]– تنص الفقرة الثانية من الفصل 121 من ق.م.م على أنه:

“إذا تعرض الطرف المواجه على التنازل بالنسبة للدعوى أو لحق الترافع بعلة أنه قدم دعوى مقابلة أو لسبب آخر بت القاضي في صحة التنازل بحكم قابل للاستيناف“.

[62]– وذلك طبقا لمنطوق الفصل 123 من ق.م.م الذي ينص على أنه:

“يترتب عن كل تنازل موافقة الطرف المتنازل عن أداء المصاريف التي يمكن استخلاصها بجميع الطرق القانونية”.

[63]– للمزيد من التفصيل بخصوص هذه النقطة، يراجع:

– أحمد الخمليشي، م.س، ص: 277.

[64] – (F) Lefebvre, «Memento Pratique des Sociétés Commerciales», Ed.Francis Lefebvre 1995 ., P: 468 – 469.

[65]– أحمد الخمليشي، م.س، ص: 227.

[66]– ينص الفصل 356 من ق م ج، على أنه:

“لا يحول تنازل الطرف المدني عن طلبه دون إقامته الدعوى المدنية بعد ذلك أمام المحكمة المدنية المختصة”.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت