التحكيم حسب القانون المغربي – بحث متميز جدا

التحكيم

مقدمة:

يعتبر التحكيم من أقدم المؤسسات التي يسند إليها مهمة حل النزاعات وتسويتها , حيث صاحب الإنسان مند عهود قديمة, وتطور بتطور التجارة الدولية, حتى أصبح عادة أصيلة مترسخة في نفوس الناس , فقد اعتقدوا كونه وظيفة للقضاء والعدل ووسيلة للحسم الخلافات ,وكان يعهد قديما إلى شيخ القبيلة المحترم أو زعيم مشهور أو إمرأة حكيمة حسنة الخلق فكان بحق مؤسسة قائمة بذاتها تجاوز القضاء الرسمي بل تميزت عنه بسمات ومزايا لا نظير لها في قضاء الدولة, ولهذا فقد عبر أريسطو عن ذلك بقوله “عن أطراف النزاع يستطيعون تفضيل التحكيم على القضاء دلك إن المحكم يرى العدالة بينما لايعتد القاضي إلا بالتشريع” [1] والتحكيم اعتمد عليه وعرف في مجتمعات مصر القديمة و بابل واشور والفنيقين والرمان واليونان [2] إلى أن ظهر الإسلام أكد على أهميته واعتنى به عناية محكمة،ودلك لما له من دور هام في حل بعض الاشكالات والخصومات،إذ قال سبحانه وتعالى هو يتحدث عن النزاعات التي تقع بين الزوجين( وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا [3] وقال أيضا عز وجل (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما” [4] و قال سبحانه في آية قرآنية أخرى “إن الله يأمركم أن نؤدوا الأمانات إلى أهلها و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعضكم به إن الله كان سميعا بصيرا ” [5]
و أول ظهور لتحكيم في المغرب يرجع لعهد المولى إسماعيل و تحديدا في سنة 1913 تاريخ إبرام معاهدة سان جرمان مع الدولة الفرنسية التي تضمنت إمكانية الفصل في بعض النزاعات عن طريق التحكيم [6]
و يعتبر قانون المسطرة المدنية الصادرة في تاريخ 12 غشت 1913 كأول مبادرة لتنظيم موضوع التحكيم في المغرب، إذ خصص له الفصول من 527 إلى 543 ، ثم جاء تعديل قانون المسطرة المدنية لسنة 1974 فقام بإعادة تنظيم قانون التحكيم في الفصول من 306الى 327 .

و لما أصبح التحكيم يحظى باهتمام كبير من طرف المحتكمين ،و زيادة معدل التجارة الدولية و اتساع نطاق سوقها ،و ذلك لسهولة المواصلات عبر الحدود ،ووجود وسائل نقل البضائع عبر البحر و الجو ، و عدم ملائمة التنظيمات القضائية و القوانين الوضعية لتسوية المنازعات ،جاء التحكيم كبديل لقضاء الدولة، ودلك لماله من سمات تجعل الأطراف المحتكمين يتحررون من القيود التي تفرضها القوانين الوضعية .

و لهذا أصبح المستثمرون يبحثون على الجو الملائم للاستثمار أموالهم من قبيل البحث عن العدالة و السرعة في فض المنازعات التي قد نثار بينهم و المتعاملين معهم ،و كذا حماية استثماراتهم على طريق قانون مرن و سريع ،و لعل التحكيم يعد من أهم الوسائل البدبلة عن القضاء العام المعروف بتعقيد مساطره و طول إجراءاته

و حتى يواكب المغرب التطورات الحاصلة و مواجهة تحديات العولمة الاقتصادية إذ غالبا مايعزى رفض المستثمرين الأجانب للاستثمار اموالهم في المغرب خوفهم من عدم وجود قضاء عادل يكون محل ثقة،وبالتالي حكمت الوضعية الجديدة على المشرع المغربي أن يتماشى ويتجاوب مع التطورات الاقتصادية ذلك بسنه قوانين تتجاوب مع متطلبات العصر ويستجيب لطموحات الفاعلين الاقتصاديين بالمغرب،ولهذا فقد أولى صاحب الجلالة الملك محمد السادس اهتمام كبير من اجل حث المشرع على تطوير نظم القانونية المغربية حتى تكون مواكبة للعصر،حيث أكد في خطابه الذي ألقاه بمناسبة افتتاح السنة القضائية باكادير بتاريخ 29 يناير2003 “… وهكذا وتجسيدا لنهجنا الراسخ للنهوض بالاستثمار وتفعيلا لما ورد في رسالتنا الموجهة لوزيرنا الأول في هذا الشأن،فإننا ندعوا حكومتنا إلى مواصلة الجهود لعصرنة القضاء بعقلنة العمل وتبسيط المساطر وتعميم المعلوميات،كما يجب تنويع مساطر التسوية التوافقية لما قد ينشأ من منازعات بين التجار.و كذلك من خلال الإعداد السريع لمشروع قانون التحكيم التجاري الوطني والدولي يستجيب نظامنا القضائي لمتطلبات عولمة الاقتصاد وتنافسية ويسهم في جلب الاستثمار الأجنبي… [7]

ولعل هذا ما جعل المشرع المغربي يستجيب لتطورات ويرضخ لضغوطات الدولية التي تنادي بعصرنة القضاء المغربي وذلك بإصداره قانون 05-08 المتعلق بالتحكيم إلا أن موضوع التحكيم كوسيلة من وسائل تسوية المنازعات بين الافراد و الجماعات محاط بمجموعة من الصعوبات و المشكلات العملية،خاصة أن العديد من جوانب التحكيم يوجد بشأنها اختلاف في وجهات النظر سواء في القانون الوضعي والقضاء و الفقه،من بين هذه الاشكالات تحديد طبيعة التحكيم،وكذا من أهم الصعوبات التي يطرحها التحكيم غياب مراكز التحكيم وكذا الأطر القادرة على المسك بزمام الأمور ،بالإضافة إلى عرقلة القضاء للتحكيم و ذلك بسبب بسط سلطته على معظم مجرياته .

فهل استطاع المشرع المغربي تجاوز هذه الصعوبات و العراقيل بإصداره قانون التحكيم 05-08 ؟
و ما هي الاعتبارات التي جعلت المشرع المغربي لم يصدر مدونة التحكيم مستقلة عن قانون المسطرة المدنية ؟
و ما هي أهم المستجدات التي جاء بها القانون الجديد 05-08 ؟
هذا ما نقوم بدراسته و ذلك من خلال دراسة مقارنة بين القانون الملغى و مشروع مدونة التحكيم و فانون 05-08 و ذلك بإتباع خطة البحث التالية :
المبحث الأول : ماهية التحكيم و أنواعه
المبحث الثاني : طبيعة التحكيم وخصوصياته بالمغرب

المبحث الأول :ماهية التحكيم و أنواعه

التحكيم أداة فعالة لتسوية المنازعات، حيث يتم إسناد مهمة الفصل في هذه النزاعات إلى أشخاص يسمون المحكمين ، و يكون هؤلاء الأشخاص محل اختيار الأفراد ،و من الأوصاف التي يأخذها الأفراد في اختيارهم للمحكمين الخبرة والدراية بالمسائل المراد الاحتكام فيها، وكذا التخصص الفني وأصبح التحكيم من أفضل الوسائل التي يتم الاعتماد عليه لتسوية المنازعات وخاصة المنازعات التجارية وذلك لما له من مزايا لا نظير لها في القضاء العام وما تجدر الإشارة إليه كذلك هناك بعض المسائل استثنها المشرع من نطاق التحكيم (المطلب الأول) وعرف التحكيم أشكال مختلفة في الممارسات العملية اليومية (المطلب الثاني)، ولهذا ستكون دراسة هدا المبحث وفق النهج التالي:
المطلب الأول: مفهوم التحكيم و شروط
المطلب الثاني: أنواع التحكيم

المطلب الأول : مفهوم التحكيم وشروطه

يعتبر التحكيم أداة لفضي المنازعات وتسويتها من قبل المحكم أو المحكمين، ولهذا فالتحكيم له أهمية كبيرة تجعله مميزا عن القضاء العام والذي تستأثر الدولة بتنظيمه، خصوصا في المعاملات التجارية، وحتى يؤدي التحكيم وظيفته بشكل سليم وصحيح يتطلب الأمر توفر مجموعة من الشروط والأركان، كما يجب الإشارة إلى أن هناك حالات من النزاعات لا يجوز اللجوء فيها إلى التحكيم قصد تسويتها.
فما المقصود بالتحكيم؟ (الفقرة الأولى) وما هي أهيمته وشروطه؟ (الفقرة الثانية) وما هي القيود الواردة عليه؟ (الفقرة الثالثة).

الفقرة الأول: تعريف التحكيم
التحكيم في اللغة معناه التفويض في الحكم. فالتحكيم مصدر حكم-بتشديد الكاف مع الفتح. يقال حكمت فلانا في مالي تحكيما أي فوضت إليه الحكم فيه فاحتكم علي في ذلك [8]
والتحكيم في الاصطلاح القانوني هو اختيار الأطراف لقاضيهم عن طريق إعمال شرط التحكيم [9] أو مشارطة التحكيم [10] دون اللجوء إلى المحاكم القضائية [11].
وبعدما أن تغاضى المشرع المغربي عن تعريف التحكيم في الباب الثامن من القسم الخامس من قانون المسطرة المدنية، والمتعلق بالتحكيم جاء في قانون رقم 05-08 [12] والذي نسخ مقتضيات هذا الباب واستدرك الأمر بتعريفه لتحكيم وذلك على غرار باقي التشريعات المقارنة، في الفصل 306 من قانون 05-08 “يراد بالتحكيم حل نزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من الأطراف مهمة الفصل في النزاع بناء على اتفاق التحكيم”.
وعرف اتفاق التحكيم في الفصل 307 من نفس القانون (05-08) بأنه “اتفاق التحكيم هو التزام الأطراف باللجوء إلى التحكيم، قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ عن علاقة قانونية معينة تعاقدية أو غير تعاقدية يكتسي اتفاق التحكيم عقد التحكيم أو شرط التحكيم”.
وعرفه المشرع المصري في المادة العاشرة من قانون التحكيم على أن “اتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية” [13]، وعرفه المشرع اليمني في القانون المتعلق بالتحكيم مادته الثانية بأنه “اختيار الطرفين برضائهما شخصا أخر أو أكثر ليحم بينهما، دون المحكمة المختصة فيما يقوم بينهما من خلافات ونزاعات” [14].
وقد حضي موضوع التحكيم باهتمام كبير من طرف فقهاء القانون ونال دراسة جد كبيرة من لدنهم ووضعت له مجموعة من تعاريف، فقد عرفه جانب من الفقهاء أنه اتفاق أطراف النزاع على اللجوء إلى جهة قضائية اختيارية لفض نزاعاتهم الطارئة أو المحتملة بواسطة شخص أو عدة أشخاص معينين من طرفهم أو من طرف هيئة متخصصة [15]، وعرفه جانب أخر بأنه” الاتفاق على طرح النزاع على أشخاص معينين يسمون محكمين Arbitres ليفصلوا فيه دون المحكمة المختصة، وقد يكون الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بعد نشأته ويسمى الاتفاق في هذه الحالة مشارطة التحكيم compromis وقد يتفق ذووا الشأن مقدما، وقبل قيام النزاع على عرض المنازعات التي قد تنشأ في المستقبل خاصة بتنفيذ عقد معين على التحكيم ويسمى الاتفاق في هذه الحالة شرط التحكيم [16] clouse compromsoire .
ومن خلال التعريفات التي وضعت لتحكيم سواء من قبل الفقهاء أو من قبل التشريعات يستشف أن التحكيم له صبغة اتفاقية من جهة ووظيفة قضائية من جهة أخرى وهو ما يجعله يتميز بالتراضي في مرحلة الانعقاد والإلزام في مرحلة التنفيذ، بحيث يستفيد من مزيا العقد والحكم في نفس الوقت [17]. وهذا ما عبر عنه الدكتور أحمد أبو الوفاء بقوله “إذا كان التحكيم يبدأ بعقد فهو ينتهي بحكم، وإذا كان يخضع لقواعد القانون المدني من حيث انعقاده فإنه يخضع لقواعد قانون المرافعات من حيث أثاره ونفاذه وإجراءاته وإذا كان يبطل بما تبطل به العقود فإن حكمه يطعن فيه كما يطعن في الأحكام القضائية وينفذ كما تنفذ هذه الأخيرة [18].

الفقرة الثانية: شروط التحكيم وأهميته
-أولا : شروط التحكيم:
يعد التحكيم عقد كباقي العقود ولا يقوم صحيحا مرتبا لأثاره القانونية إلا إذا استجمع جميع أركانه وشروطه من أهليه ومحل وسبب والتراضي بين طرفيه، بالإضافة إلى ان يجري التحكيم كتابة سواء بعقد رسمي أو عرفي، ولما كان كل من السبب والمحل والتراضي واضحة المعالم في كل عقد من العقود، اقتصر الحديث عن نوع الأهلية المتطلبة في عقد التحكيم وكذا شرط الكتابة.

أ-أهلية المحتكمين:
يشترط في المتحكم أو طالب التحكيم إذا كان شخصا ذاتيا أن يكون أولا متمتعا بأهلية الأداء أو التصرف، وبعبارة ثانية لا يجوز لعديمي وناقصي الأهلية والمحجوز عليهم قضائيا بجنون أو عته أو غفلة أو سفه اللجوء إلى نظام التحكيم [19]، وهذا ما أكده المشرع المغربي من خلال الفصل 308 من قانون رقم 05-08. “يجوز لجميع الأشخاص من ذوي الأهلية الكاملة. سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ضمن الحدود وفق الإجراءات والمساطر المنصوص عليها في هذا الباب وذلك مع التقيد بمقتضيات الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود، كما وقع تغييره وتتميمه ولاسيما الفصل 62 منه”.

وهذا ما أكده كذلك المشرع التونسي من خلال الفصل 259 من قانون التحكيم في مجلة الإجراءات المدنية والتجارية، بقوله :”لا يصح التحكيم إلا ممن له أهلية التصرف في حقوقه ولا يصح تحكيم القاصر أو المحجوز عليه أو المفلس أو المحروم من حقوقه المدنية”، ويجب أن يملك الطرفين كذلك سلطة التصرف في الحقوق محل النزاع إذا كانت تقبل التعامل أو داخلة في دائرته، وبالتالي تستثني سلطة الإدارة من حق إجراء التحكيم والاتفاق عليه.
وهكذا فإن الموافقة على التحكيم تقتصر على من يملكون التصرف في الحقوق موضوع التحكيم ومن ثم، يستثنى الحارس الشيء سواء كان قضائيا أو إتفاقيا [20] طبقا لمقتضيات الفصل 821 من ق.ل.ع.م والذي يقضي بأن “للحارس حفظ الشيء وإدارته ويجب عليه أن يجعله يدر كل الثمار التي في إمكانه أن يدرها”. ونص الفصل 822 من نفس القانون على أن “وليس له [21] أن يقوم بأي عمل من أعمال التفويت إلا ما هو ضروري لمصلحة الأشياء المعهود إليه بحراستها”.
ويخرج من أحكام الفصل 308 من قانون 05-08 كذلك المودع عنده إذ يلزمه الفصل 791 من ق.ل.ع.م بالسهر على حفظ الوديعة بنفس العناية التي بذلها في المحافظة على أموال نفسه كما يحمله الفصل 793 من ذات القانون المسؤولية عن هلاك أو تعيب الوديعة ولو نتيجة قوة قاهرة أو حادث فجائي، إذا استعملها أو تصرف فيها دون إذن من المودع.
وبالتالي كخلاصة القول أن لا حق من لا يملك حق التصرف فيما يملك الاتفاق على فض المنازعات المثارة حولها بواسطة التحكيم كوسيلة لتسوية النزاع.

ب-شرط الكتابة:
بعدما إن اشترط المشرع المغربي ف كل من الفصل 307 من ق.م.م وكذا الفصل 309 على إلزامية إجراء التحكيم كتابة وأن يكون شرط التحكيم مكتوبة باليد وموافقا عليه بصفة خاصة من لدن الأطراف تحت طائلة البطلان، وبالتالي يكاد المشرع المغربي ينفرد في اعتبار الكتابة شرط انقضاء لعقد التحكيم، لاسيما عندما أكد على إلزامية ان يكون عقد التحكيم مكتوبا بخط اليد وما يتسم هذا من مبالغة والشدة، تجعله أكثر اتصالا بالنظام العام، رغم أنه شرط غير ملائم بالنسبة للمناخ التجاري [22] كمجال خصب لإمكانية اللجوء إلى وسيلة التحكيم قصد تسوية المنازعات المثارة في شأن المعاملات التجارية.
جاء قانون 05-08 فخرج عن الكثير من هذه الأحكام المتشددة، فرغم أن المشرع أوجب تحرير اتفاق التحكيم كتابة سواء بعقد رسمي أو عرفي أو محضر ينجز أمام هيئة التحكيم فقد خفف من شرط الكتابة بنصه في الفصل 313 من قانون 05-08 “يعتبر اتفاق التحكيم مبرما كتابة إذا ورد في وثيقة موقعة من الأطراف أو في رسائل متبادلة أو اتصال بالتكلس أو برقيات أو أية وسيلة أخرى من وسائل الاتصال والتي تعد بمثابة الاتفاق تثبت وجوده أو حتى بتبادل مذكرات الطلب أو الدفاع التي يدعي فيها أحد الطرفين بوجود اتفاق تحكيم دون أن ينازعه الطرف الأخر في ذلك.

ويعد في حكم اتفاق التحكيم المبرم كتابة كل إحالة في عقد مكتوب إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية أو إلى أي وثيقة أخرى، تتضمن شرطا تحكيميا إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد”. ولعل المشرع المغربي استجاب لتطورات التي حدثت في الآونة الأخيرة والتي مست بالأساس مؤسسة العقد وظهور إلى الوجود ما يسمى بالعقد الالكتورني [23]، الذي لا يتطلب حضور الأطراف المتعاقدة في مجلس واحد للعقد، لكن التساؤل الذي يبقى مطروحا بعدما أن أوجب المشرع أن يبرم اتفاق التحكيم كتابة (الفصل 313. من قانون 05-08) مما يعني لا يجوز إثبات عقد التحكيم بالقرائن أو بشاهدة الشهود [24]، هل يجوز إثباته بالإقرار أو أداء اليمين القانونية من جهة؟
وسؤال الذي يبقى مطروحا كذلك هل الكتابة التي أوجبها المشرع في عقد التحكيم هي شرط للإثبات أم هي شرط وجود وصحة، أي شرط للإنعقاد؟
إن المشرع المغربي وبنصه على إلزامية إجراء عقد التحكيم كتابة وذلك تحت طائلة البطلان [25] فالكتابة هنا شرط للانعقاد ومن ثم فعقد التحكيم لا يثبت بأية وسيلة أخرى من وسائل الإثبات مهما قام الدليل على اتجاه الإرادة إليه [26].

-ثانيا: أهمية التحكيم:

أصبح التحكيم اليوم وماله من أهمية في فض وحل المنازعات ذات الطابع التجاري على الخصوص، سواء في العلاقات التجارية بصفة عامة، وفي العلاقات التجارية الدولية بصفة خاصة.
وذلك لما له من سمات ومزايا لا نظير لها في القضاء العادي ورجحان كفته عليه، وهذا لا يعد انتقاص لمرفق القضاء الذي يعتبر الحارس الأول للحريات العامة وصمام الأمان للحقوق الأساسية في الحياة العامة، فالتحكيم والقضاء ليس نقيضين، وإنما دعت إليه ضرورات اقتصادية واعتبارات دولية لا يمكن بحال من الأحوال غض الطرف عنها [27].
وبالتالي أصبح التحكيم من أهم الوسائل المجدية والفعالة التي تساهم في تنشيط وتشجيع التجارة الخارجية واستقرارها [28]، وحل مجموعة من الإشكاليات ذات الطابع الدولي مثل إشكالية تنازع القوانين في العلاقات القانونية المشتملة على العنصر الأجنبي خوصا مسألة القانون الواجب التطبيق لأنه غالبا ما يتم الاتفاق على ذلك مسبقا من طرف الأطراف المتعاقدة في شرط التحكيم.

ومن أهم مزايا التحكيم يمكن أن نجملها على الشكل الآتي:
حرية اختيار المحكم من قبل الأطراف المتنازعة [29] سواء قبل النزاع بواسطة ما يسمى بشرط التحكيم وهذا ما نص عليه الفصل 317 من 05-08 فقرته الثانية أنه:”أن ينص في شرط التحكيم إما على تعيين المحكم أو المحكمين وإما عن طريقة تعيينهم”. أو بعد نشوء النزاع بواسطة ما يسمى مشارطة التحكيم وهذا ما ن عليه الفصل 315 من قانون 05-08. ” “يجب أن يتضمن عقد التحكيم تحت طائلة البطلان:

  • 1- تحديد موضوع النزاع
  • 2- تعيين الهيئة التحكيمية أو التنصيص على طريقة تعيينها”.
    إلا أنه وبمقارنة الفصل 309 من الباب الثامن من القسم الخامس من ق.م.م. الملغى والفصل 317 من قانون 05-08 يلاحظ أن المشرع المغربي أسقط مصطلح الأعمال التجارية أي عندما أجاز الاتفاق على تعيين المحكمين في شرط التحكيم إذ تعلق بعمل تجاري، فهل يجوز بتالي السماح للأطراف الاتفاق على تعيين المحكمين مسبقا في شرط التحكيم وإن لم يكون العمل غير تجاري؟

فإذا كان المشرع المغربي في ظل الفصل 309 الملغى أجاز الاتفاق على تعيين هيئة التحكيم في العمال التجاري أخذا بعين الاعتبار أن النزاع الذي يمكن أن يقع بين تاجرين اعتبار مؤداه أنه يفترض فيهم العلم بعالم المال والأعمال، وأن هذا الاتفاق إن دل على شيء فإنما يدل على ملائمة التحكيم للبيئة التجارية التي تمتاز بالبساطة والمرونة والتعقيد في بعض الأحيان وكذلك السرعة في إنجاز العمليات التجارية، وخاصة التجارة التي تنجز بين تاجرين ينتميان إلى بلدين مختلفين [30].
لكن كما يبدوا رغم أن المشرع المغربي في قانون 05-08 لم يرد مصطلح الأعمال التجارية في الفصل 317 حتى يبقى مجال تعيين المحكمين في شرط التحكيم مسبقا مقتصرا في الأعمال التجارية وفيما بين التجار فقط إلا أنه هناك مجموعة من المقتضيات القانونية من قانون 05-08 توحي بأن التحكيم يجوز في الأعمال التجارية بالخصوص ومن بين هذه المقتضيات الفصل 309 الذي ينص كما يلي: “مع مراعاة مقتضيات الفصل 308 [31] أعلاه، لا يجوز أن يبرم اتفاق التحكيم بشأن تسوية النزاعات التي تهم حالة الأشخاص وأهميتهم أو الحقوق الشخصية التي لا تكون موضوع تجارة وكذا البند 3 من الفصل 312 “رئيس المحكمة التجارية ما لم يرد خلاف ذلك”، وبالتالي فإن القانون 05-08 يهم بالخصوص المعاملات التجارية.

-السرية:
من أهم المزايا التي تجذب المحتكمين من الشركات والمستمرين في المعاملات التجارية الدولية هي سرية الإجراءات، والحفاظ على أسرر التجارة في أحكام التحكيم التجاري، فإذا كانت كقاعدة عامة مبدأ العلانية في القضاء العادي ومن ضماناته الأساسية لتحقيق العدالة، فإن التجار غالبا ما يفضلون الحفاظ على أسرار مهنتهم وحرصهم على عدم إذاعة أسرار صناعية أو تكنولوجية أو اتفاقات خاصة، بل أن البعض من التجار يفضل خسارة دعواه على كشف أسرار التجارة تضيع في نظرهم أمول طائلة أكبر من قيمة الحق المتنازع بشأنه [32].
ولهذه المزية يفضل التجار اللجوء إلى مؤسسة التحكيم قصد الحفاظ على أسرار مهنتهم.

-بساطة القواعد الإجرائية : يمتاز التحكيم ببساطة إجراءاته وعدم تعقديها في سير العملية التحكيمية والسرعة التي تتم بها تجعل من التحكيم الوسيلة المفضلة خاصة عند فئة التجار كحاجة الحياة التجارية إلى السرعة والبساطة، فضلا على أن المحكمين يلتزمون بإصدار قرارهم خلال ميعاد معين غالبا ما يحدده الأطراف في اتفاق التحكيم [33].

-انخفاض تكلفة التحكيم: يرى البعض أنه من السمات الأساسية لتحكيم انخفاض تكاليفه مقارنة إذا عرضت القضية على القضاء العادي، الذي يحتاج إلى أموال طائلة وذلك لطول إجراءاته ودفع أتعاب المحامين والرسوم الواجبة لرفع الدعوى.
إلا أن جانب من الفقه اعتبر هذا الأمر غير واقعي ويعد من قبيل الدفوع المغرية أو الوهمية [34]، فمهما بلغت تكاليف القضاء فهي أقل من تكاليف التحكيم خاصة إذا كان التحكيم يتم في أكثر من دولة بما يستتبعه من نفقات سفر وأجور باهضة للمحكمين، كما أن أتعاب المحكمين أصبحت جد مرتفعة خصوصا في التحكيم المؤسساتي، وبهذا وصف الفقيه الفرنسي Y.GOYON التحكيم بمثابة عدالة الترف المخصصة للمترافعين الأغنياء والذين يرغبون أكثر أو أقل إقرار تجنيب عدالة الدولة، مثلهم في ذلك المرضى الذين يفضلون المصحات الطبية الحرة على المستشفيات العمومية [35].

والواقع أن تكلفة دفع الدعوى أمام القضاء الدولة أكبر بما هي في التحكيم وذلك لطول الإجراءات التقاضي وكذا دفع أتعاب المحامي.

الفقرة الثالثة: القيود الواردة على التحكيم

عمد المشرع المغربي إلى إخراج مجموعة من المسائل من دائرة التحكيم وذلك لاعتبارات خاصة إما حماية لمصالح الغير وإما حماية لمصلحة اقتصادية أو مالية أو اجتماعية أو دينية [36]، حيث نص في الفصل 306 من ق.م.م.م. الملغى وفي فقرته الثانية.
“…غير أنه لا يمكن الاتفاق عليه [37]
-في الهبات والوصايا المتعلقة بالأطعمة والملابس والمساكن
-في المسائل المتعلقة بحالة الأشخاص وأهليتهم
-في المسائل التي تمس النظام العام وخاصة:
-النزاعات المتعلقة بعقود أو أموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام
-النزاعات المتصلة بتطبيق قانون جبائي
-النزاعات المتصلة بقوانين تتعلق بتحديد الأثمان والتداول الجبري والصرف التجارة الخارجية.
-النزاعات المتعلقة ببطلان وصل الشركات”.

غير أن المادة 2 مشروع مدونة التحكيم أخرجت النزاعات المتعلقة بالأحوال الشخصية من مجال التحكيم، لكنها استثنت النزاعات ذات الطابع المالي الناتجة عن نزاعات الأحوال الشخصية فيمكن أن تكون محل تحكيم.
وكذا النزاعات أشخاص القانون العام التي تنتج عن علاقات الدولية ذات الطابع الاقتصادي أو التجاري أو المالي.
إلى أن جاء القانون 05-08 والذي جاء بمقتضيات جديدة مميزا عن القانون الملغى وكذا مدونة التحكيم الأولي، من حيث توسيع مجال التحكيم، وتخلي على مجموعة من القيود التي كانت مقررة في ظل القانون الملغى حيث نص في الفصل 309 “مع مراعاة مقتضيات الفصل 308 أعلاه، لا يجوز أن يبرم اتفاق التحكيم بشأن تسوية النزاعات التي تهم حالة الأشخاص وأهليتهم أو الحقوق الشخصية التي لا تكون موضوع تجارة”.
ونص في الفصل 310 من قانون 05-08 “لا يجوز أن تكون محل تحكيم النزاعات المتعلقة بالتصرفات الأحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية”.
وتستثنى الفصل 310 من حالات المنع النزاعات المالية الناتجة عن الدولة، وأجازها أن تكون محل عقد التحكيم ما عدا المتعلقة بتطبيق قانون جبائي.
وبالتالي ومن خلال مقارنة مقتضيات القانون الملغى والقانون الجديد نجد هذا الأخير أكثر اتساعا لتطبيق التحكيم وينسحب على مجموعة من النزاعات كانت في السابق محل منع.

المطلب الثاني : أنواع التحكيم

إذا كان التحكيم نظام يقوم أساسا على مبدأ سلطان الإدارة بمعنى أن اللجوء إليه يتم باختيار طرفي النزاع وبمحض إرادتهما الحرة، فإنه وباستقراء بعض القوانين المتعلقة بالتحكيم وتطبيقات المراكز والهيئات المتخصصة في شأنه يأخذ في العمل أكثر من نوع واحد.

الفقرة الأولى: التحكيم الحر والتحكيم المؤسساتي

نص على هذين النوعين من التحكيم الفصل 319 من قانون 05-08 الخاص بالتحكيم الذي جاء فيه “يكون التحكيم إما خاصا أو مؤسساتيا”. فالتحكيم الحر أو الخاص هو ذلك التحكيم الذي يتولى المحكمين إقامته بمناسبة نزاع معين، ولهم الحرية في اختيار من يشاءوا من المحكمين بأنفسهم وتحديد القواعد الإجرائية والموضوعية التي تحكم النزاع [38]. ذلك سواء قبل نشوء النزاع عن طريق شرط التحكيم أو بعد نشوءه عن يطرق مشارطة التحكيم.
والتحكيم الحر يجعل كأساس له مبدأ الثقة في الشخص المحكم والطمأنينة لتقديره السليم، وهو نوع غالبا ما يسود في إطار العلاقات الداخلية [39].
ومن أبرز قواعد التحكيم الحر في الوقت الحاضر، القواعد التي وضعتها لجنة قانون التجارة الدولية (unicitral) . فبدلا من قيام الأطراف أو هيئة الحكيم بإعداد قواعد إجرائية لإثباتها في التحكيم الحر، سهلت اللجنة المهمة عليهم بأن وضعت تلك القواعد لإتباعها إذا رغب الأطراف بذلك [40]. فالعبرة في هذا النوع من التحكيم بما يختاره طرفا النزاع من إجراءات وقواعد تطبيق على التحكيم وخارج هيئة أو منظمة تحكيمية حتى وإن إستعان الطرفان بالإجراءات والقواعد والخبرات الخاصة بتلك الهيئة أو المنظمة [41].

وقد أصبح التحكيم في الوقت الحالي أمرا مفروضا لفض الكثير من المنازعات الداخلية منها والدولية، وبذلك لم يعد التحكيم مقصورا على التحكيم الحر فقط بل ظهر إلى جانبه نوع آخر والمسمى بالتحكيم المؤسساتي أو لنظامي حيث يعهد بالتحكيم إلى هيئات تتولى تنظيم العملية التحكيمية. بدأ من تعيين هيئة التحكيم مرورا بإجراءات التحكيم وانتهاء بصدور قرار التحكيم وتبليغه للأطراف النزاع [42].

ونظرا للأهمية هذه المراكز في تفعيل وتطوير العملية التحكيمية ، وفي منح الثقة والإطمئنان لرؤوس الأموال الوطنية والأجنبية، وهي بصدد الدخول في العمليات الاستثمارية، شهدت الساحة العالمية في نهاية السنوات الماضية ظهور العديد من المراكز والمؤسسات التحكيمية لها قوانينها الخاصة تكون واجبة التطبيق بمجرد اختيار مركز معين للفصل في النزاع [43].
لكن رغم ما للتحكيم المؤسساتي من مميزات إلا أنه بدوره لا يخلو من بعض العيوب (كثرة النفقات مقارنة مع التحكيم الحر) والتي تظل وأهمية أو عديمة الأثر أمام كثرة الإيجابيات التي يتسم بها، مما جعله الوسيلة المثلى والأفضل للمتقاضين في الميدان التجاري والاستثماري، نظرا للسرعة والمرونة التي يعرفها خاصة على مستوى الأجال وتحديد المواعيد [44].
وبذلك نرى أن إلتجاء الأطراف إلى التحكيم المؤسساتي هو في يحد ذاته تشجيع الاستثمار وبالتالي التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة، ولهذا كان من الضروري على الدول السائرة في طرق النمو ومن بينها المغرب أن تكثف جهودها بإحداث مزيد من المراكز والمؤسسات الدائمة الخاصة بالتحكيم.

الفقرة الثانية: التحكيم الاختياري والتحكيم الإجباري

الأصل ف التحكيم أن يكون اختياريا، أي يتم الالتجاء إليه بإرادة المحكمين واختيارهم لهم كوسيلة لحل النزاع الحاصل بينهم، ويترتب عن اللجوء إليه تنازلهم المؤقت عن طرح النزاع على القضاء العام وهذا ما عبرت عنه المادة 2/1 من القانون اليمني الخاص بالتحكيم حيث جاء فقط “التحكيم اختيار الطرفين برضائهما شخصا آخر أو أكثر للحكم بينهما، دون المحكمة المختصة فيما يقوم بينهما من خلافات أو نزاعات” كما أكده كذلك بعض الفقهاء [45] من خلال قولهم بأن “التحكيم الاختياري هم التحكيم الذي يتفق عليه الخصوم من تلقاء أنفسهم، فيختارون المحكمين ويعينون مكان التحكيم وينضمون إجراءاته ويتفقون على القانون الواجب التطبيق، فيستند التحكيم عندئذ في كليته إلى سلطان الإرادة”.

ونظرا للطابع الاستثنائي لنظام التحكيم فإن المشرع المغربي قد ترك للأفراد حرية اللجوء إليه للفصل في المنازعات التي يجوز فيها الصلح، ومن ثم فإن التحكيم لا يكون في منازعات الأفراد-كأصل عام-إلا بموجب اتفاق التحكيم [46].
فالتحكيم نابع من اتفاق إداري للطرفين، وذلك بمحض إرادتهم والتجائهم للتحكيم لا يعني بتاتا تنازلهم عن الدعوى وإنما يتنازلون عن اللجوء إلى القضاء الرسمي لفائدة قضاء توافقي سريع يسمح لهم بتحديد إجراءاته ومسطرته وذلك بمحض إرادتهم [47] وهذا ما أكده كذلك القضاء المغربي حيث جاء في قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بمراكش الحيثية التالية :”الاتفاق على التحكيم لا يتعلق بالاختصاص وإنما يتناول إرادة الأطراف في اللجوء إلى القضاء من عدمه” [48].

إذا كان التحكيم الاختياري هو الأصل فإنه على النقيض من ذلك إذا لم يكن للأطراف حرية في اللجوء إليه وكانوا ملزمين باللجوء إليه في حالة نشوء نزاع بينهم بناء على نص يفرض عليهم هذا الطريف ففي هذه الحالة يكون التحكيم إجباريا [49] بحيث لا يجو للأطراف إطلاقا الإلتجاء إلى القضاء العالي بالمرة، أو أنه يجوز لهم ذلك ولكن بعد طرح النزاع على التحكيم أولا [50].
وهناك بعض الدول العربية التي تنص قوانينها على هذا النوع من التحكيم في شأن منازعات معينة، من ذلك القانون السوري أن يلزم اللجوء إلى التحكيم في منازعات معينة منها قضايا العمل حيث تحل الخلافات بين العمال وأرباب الأعمال بالتحكيم الإجباري [51]، ونفس الشيء، كذلك بالنسبة للقانون المصري الذي يفرض التحكيم قبل اللجوء إلى القضاء وذلك في مسائل الأحوال الشخصية والذي تنص عليه وتنظمه المواد من 6 إلى 11 من القانون رقم 25 لسنة 1920، والتحكيم في منازعات العمل والذي تحكمه المواد من 93 إلى 106 من قانون رقم 137 لسنة 1981 [52].

كما أن المشرع المغربي جعل التحكيم إجباريا في نزاعات الشغل الجماعية وذلك بعد استفاد جميع مراحل الصلح وبقاء النزاع قائما حيث يتم في هذه الحالة اللجوء إلى مسطرة التحكيم، وقد حددت المادة 567 من مدونة الشغل الحالات التي يتم اللجوء فيها إلى التحكيم. وطبقا لهذه المادة فإن اللجنة المعينة للبحث والمصالحة هي التي تقوم بإحالة النزاع الجماعي على التحكيم وذلك خلال 48 ساعة الموالي لتحرير المحضر المتعلق بالنزاع [53].

الفقرة الثالثة: التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي

ينقسم التحكيم إلى تحكيم داخلي وتحكيم دولي، وقد اختلف الفقه حول ضوابط التفرقة بينهما لدرجة الخلط في بعض الأحيان.
حيث يرى بعض الفقه أن أساس التمييز بينهما يرجع إلى طبيعة العلاقة التي يفصل فيها. فإذا كانت طبيعة العلاقة وطنية أو داخلية صرفة لا يكتنفها عنصر أجنبي فإننا نكون أمام تحكيم داخلي، كأن يكون مثلا القانون والإجراءات والمحكم ومكان التحكيم والأطراف كلها مغاربة.
لكن إذا كانت طبيعة الطلاقة ذات عنصر أجنبي فإننا نكون أمام تحكيم خارجي أو دولي، كان يكون التحكيم في دولة أجنبية أو جنسية الأطراف أجنبية أو القانون أو الإجراءات المطبقة على النزاع أجنبية أو المحكم أجبينا [54].
إلا أن جانب من الفقه والذي نسايره يرى أن التحكيم الداخلي هو الذي ينتمي إلى قانون دولة معينة بجميع مقوماته، وينقلب إلى التحكيم دولي إذا طولب تنفيذ القرار الصادر بشأنه على إقليم دولة أخرى [55].
ومن خلال ما سبق يتضح أنه لحسم هذا الخلاف لا بد من تدخل التشريع وهذا ما حدث فعلا في التشريع المغربي من خلال تعديل الباب الثامن من قانون المسطرة المدنية الخاص بالتحكيم، ففي ظل النصوص القديمة المنظمة للتحكيم اقتصرت فقط على تنظيم التحكيم الداخلي وأغلقت تنظيم التحكيم الدولي لكن التعديل الجديد حاول تخطي هذا النقص بحيث خصص القسم الأول للتحكيم الداخلي من الفصل 306 إلى الفصل 38-327 والقسم الثاني خصه للتحكيم الدولي وذلك من الفل 39-327 إلى الفصل 54-327. وبالرجوع إلى الفصل 39-327 من ق.م.م نلاحظ أن المغرب يأخذ للتمييز بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي بمعيار التنفيذ في دولة غير الدولة التي صدر فيها الحكم، وهو المعيار الذي اتخذته معاهدة نيويورك لسنة 1958 وصادق عليها المغرب. كما أنه وبالرجوع إلى الفصل 40-327 نلاحظ أن المشرع المغربي قد حدد الحالات التي يعتبر فيها التحكيم دوليا، وبذلك يكون قد حسم أي خلاف في هذا الشأن.

المبحث الثاني طبيعة التحكيم وخصوصيته في المغرب

اذا كان هدف التحكيم هو الوصول إلى حل النزاع يشبه الى حد كبير الاحكام الصادرة عن القضاء الرسمي فان هناك جدلا فقهي حول طبيعة التحكيم وهو السؤال الذي يطرح بكثرة في مجال دراسات وقضايا التحكيم بغرض تحديد القواعد العامة التي يخضع لها نظام التحكيم في وجود قواعد خاصة به في نصوصه(المطلب الاول) والتحكيم في المغرب له خصوصيته خاصة بعد خروج قانون 05-08 الى حيز التطبيق، والذي رغم ايجابياته فانه لا يخلو من عدة هفوات ستعيق بالتاكيد تطبيق التحكيم بالمغرب (المطلب الثاني).

المطلب الأول : الطبيعة القانونية للتحكيم

إلى جانب القضاء الرسمي الذي أناط به الدستور مهمة الفصل في النزاعات التي تحصل بين المتقاضين عموما، توجد هناك موازاة معه طرق بديلة لتسوية المنازعات [56] ولعل من أبرزها مؤسسة التحكيم مما يجعل من الصعب تحديد طبيعة القانون لهذه الأخيرة.
ولأهمية تحديد طبيعة التحكيم يطرح تساءل حول ما هي الطبيعة القانونية للتحكيم، وذلك لغرض تحديد القواعد العامة التي يخضع لها نظام التحكيم في حالة عدم وجود قواعد خاصة به في نصوصه، أي تعيين قانون الواجب التطبيق واختيار المحكمين وتحديد المواد القابلة للتحكيم، وفي هذا الصدد وجدت محاولات فقهية حول تحديد طبيعة القانونية للتحكيم في أربع نظريات تتمثل في أن التحكيم ذو طبيعة تعاقدية (الفقرة الأولى) والثانية تقول بأنه ذو طبيعة قضائية (الفقرة الثانية) والثالثة ذو طبيعة مختلطة، أما الرابعة فهي ذو طبيعة خاصة (الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى : النظرية العقدية في التحكيم

شاعت هذه النظرية في إيطاليا ووجدت لها بعض الأنصار في فرنسا وفي مصر، وهي تدرج التحكيم ضمن المعاملات الخاصة للأفراد التي تستند إلى مصدر عقدي بإدراج شرط التحكيم في بنود العقد، أو مشارطة التحكيم الذي يحدد جهة التحكيم [57] ومهمتها، والموضوع الذي سينصب عليه التحكيم والإجراءات، وكذلك القانون الذي سيتم تطبيقه على النزاع، مما يعني أن اتفاق التحكيم يشكل في حد ذاته مصدرا لقرارات التحكيم، وضرورة تنفيذها [58].
أي أن قرار المحكمين يستمد حجيته بالنسبة للأطراف من عقد التحكيم الذي يلتزم فيه الطرفان بالخضوع لهذا القرار، ويستندوا أصحاب هذه النظرية إلى الدور الكبير الذي تؤديه الإرادة في التحكيم، فهي المحرك الأساسي لعملية التحكيم وهذا يتوافق والطبيعة العقدية، فالعقد شريعة المتعاقدين والرضائية هي الركن الأساسي فيه وبتالي فقرارات التحكيم الصادرة على أساس اتفاق تحكيم تشكل وحدة واحدة وتشاركه في خاصية الاتفاق [59]. وذلك لكون التحكيم عقد مسمى يخضع للقواعد الخاصة لعقد التحكيم والنظرية العامة للعقد.

ولو رجعنا إلى بعض النصوص في ق.م.م. لوجدنا أن مشرعنا جنح إلى الأخذ بالطبيعة الاتفاقية للتحكيم من خلال مجموعة من الفصول [60]، أما على مستوى القضاء فقد ذهب القضاء المغربي في بعض اجتهاداته إلى تبني هذه النظرية بحيث جاء في قرار لمحكمة استئناف الدار البيضاء “تبعا لذلك فإن حكم المحكمين المطابق لاتفاقية الأطراف لها طبيعة تعاقدية، ولا تصل إلى درجة القرارات القضائية” [61].
وبتالي ما يمكن استخلاصه من هذه النظرية أن أصحابها يستندون على الحجج اللآتية:

  • 1-أن المحكمين ليسو قضاة تعينهم الدولة لأنهم أفراد عاديين
  • 2-أن مصدر سلطتهم في القضاء يرجع إلى طابع تعاقدي وهو رضاء الأفراد بحكمهم
  • 3-أن الإرادة هي التي تطبق لمعرفة القانون الواجب التطبيق على أحكام المحكمين الأجنبية.
  • 4-أن المحكمين يستطيعون رفض التحكيم دون أن يكونوا منكرين للعدالة كما أنهم لا يستطيعون توقيع جزاءات على الخصوم.
  • 5-أن المحكمين لا يمتعون بسلطة الأمر التي يتمتع بها القضاء ويتقيدون بالأشكال الإجرائية [62].

إلا أن هذه النظرية انتقدت من لدن بعض الفقه في كونها بالغت في دور الإرادة للأطراف، هذا فضلا على أن التحكيم وإن كان يستند إلى اتفاق الخصوم، فإن الالتجاء إلى القضاء يستند إلى إرادة الخصوم والمتمثلة في المطالبة القضائية، وطلبات الخصوم، ولا يحكم إلا بناء على هذه الطلبات، وفي حدودها، كما يمكن لأطراف الخصومة الاتفاق على نزع الاختصاص من محكمة وتثبيته لمحكمة أخرى [63].

كما أن هذه النظرية تجاهلت حقيقة الوظيفة التي يؤديها المحكم، فالمحكم يقوم في الواقع بالوظيفة ذاتها التي قوم بها القاضي وهو ينتهي في هذا الشأن إلى حكم مشابه للحكم الذي يصدر عن القاضي.
ويترتب عن هذا الاتفاق الذي يرد في شكل عقد، أثار قانونية مهمة في ذمة عاقديه ومن يحل محلها وفي حقوقيهما والتزاماتهما، ولعل من أبرزها نزع الاختصاص عن المحاكم القضائية وجعل هيئة التحكيم هي المختصة. ويطرح هذا السحب جملة من التساؤلات نناقشها في أربع حالات:

  • -الحالة الأول: تمسك أحد الأطراف باتفاق التحكيم أمام القضاء:
    يثير لجوء أحد الأطراف إلى القضاء رغم وجود اتفاق على التحكيم خلافا حول الموقف الذي ستتخذه المحكمة هل تقضي بعدم الاختصاص أم تقضي بعدم قبول الطلب؟ [64]
    وقد حسم المشرع في تعديل لقانون المسطرة المدنية من خلال قانون 05-08 الأمر فنص الفصل 327 “عندما يعرض نزاع مطروح أمام هيئة تحكيمية عملا باتفاق تحكيم، على نظر إحدى المحاكم، وجب على هذه الأخيرة إذا دفع المدعي عليه بذلك قبل الدخول في جوهر النزاع أن تصرح بعدم القبول إلى حين استنفاذ مسطرة التحكيم أو إبطال اتفاق التحكيم” [65].
  • الحالة الثانية : هل تملك المحكمة حق التصدي لنزاع قضت ببطلان إجراءاته المسطرية المتعلقة بالتحكيم؟
    هنا المحكمة التي أبطلت إجراءات التحكيمية لا يمكن لها أن تنظر في النزاع وذلك لكون عندما تبطل المحكمة هذه الإجراءات لا يعني أن اتفاق التحكيم يبطل بتبعية، لكونه منفصل عن إجراءات التحكيم فيبقى صحيحا وقائما بذاته رغم بطلان إجراءات التحكيم، ويبقى منتجا لإثارة السلبي في سلب ولاية المحكمة العامة بنظر في النزاع الأمر الذي يرتب عدم صلاحية المحكمة التي أبطلت الإجراءات التحكيمية أن تنظر في النزاع [66].
  • الحالة الثالثة: هل يحق للأطراف اللجوء إلى قاضي المستعجلات لطلب اتخاذ إجراءات تحفظية أو وقتية؟
    إذا كان وجود اتفاق التحكيم ينزع الاختصاص عن المحكمة القضائية فإنه لا يمنع أطراف الحكم من صون حقوقهم من الضياع في الأمور التي لا يمكن الانتظار البث فيها من قضاء الموضوع، لكن التساؤل المطروح هنا هل اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة مشروط بعدم افتتاح إجراءات التحكيم أمام هيئة التحكيم؟
    بالرجوع إلى الفصل 149 من ق.م.م [67] نجد أن جميع الإجراءات الاستعجالية تكون من اختصاص قاضي المستعجلات ولو كان النزاع قد أحيل على قاضي الموضوع وكذلك الأمر بنسبة للتحكيم، وهذا ما أكده قانون 05-08 المعدل للمسطرة المدنية من خلال الفصل 1-327 حين نص صراحة “لا يمنع اتفاق التحكيم أي طرف من اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها لطلب اتخاذ أي إجراء وقتي أو تحفضي وفقا للأحكام المنصوص عليها في هذا القانون ويجوز التراجع عن تلك الإجراءات بالطريقة ذاتها” وهو ما كرسه العمل القضائي حيث جاء في أمر استعجالي عدد 665/325 صادر بتاريخ 5-7-1976 في الملف رقم 721 عن رئيس المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء الذي “رد الدفع بعدم اختصاصه بناء على مقتضيات المادة 149 من ق.م.م بالرغم من أن النزاع في الموضوع معروض على هيئة التحكيم بالغرفة التجارية الدولية بباريس” [68].
  • الحالة الرابعة: اتفاق التحكيم وفتح مسطرة صعوبة المقاولة:
    يختلف تأثير اتفاق التحكيم على مسطرة صعوبة المقاولة حسب نشأته قبل فتح هذه المسطرة أو بعد فتحها.

ففي الحالة التي يتم الاتفاق على التحكيم قبل صدور الحكم بفتح مسطرة صعوبات المقاولة فالفقه والقضاء مجمعون على إمكانية استمرار التحكيم ولو بعد الحكم بفتح مساطر صعوبات المقاولة.
ففي قرار لمحكمة النقض الفرنسية جاء فيه أنه في الحالة التي لم تكن قد انعقدت فيها هيئة التحكيم أمام القاضي المنتدب فيجب على هذا الأخير أن يتحقق من صحة الشرط وبقابليته للتطبيق ثم يقول بعدم اختصاصه [69].
وهو ما سارت عليه حتى الهيئات التحكيمية ففي قرار صدر سنة 1991 بصدد نزاع نشأ بين شركة سورية وأخرى فرنسية بشأن عقد تسليم وبناء، وخلال إجراءات التحكيم وضعت الشركة الفرنسية قصد التصفية القضائية، فذهب المحكمون أن تصفية الشركة الفرنسية لا تعفيهم من ضرورة إصدار قرار تحكيمي [70].

أما في الحالة التي يتم اتفاق على التحكيم بعد افتتاح مساطر صعوبات المقاولة فهو يكون باطلا وذلك لتعلقه بالنظام العام وبإجراءات جوهرية وذلك لحرص أغلب التشريعات الحديثة أن تسند هذا الاختصاص حصريا للمحاكم الوطنية، ومنها التشريع المغربي الذي جعل من مادة صعوبة المقاولة من اختصاص المحاكم التجارية.

الفقرة الثانية : النظرية القضائية لطبيعة التحكيم

وهي النظرية السائدة يكاد يشبه الإجماع في الفقه والقضاء، بحيث ترى أن المحكم يعتبر قاضيا بحكم وظيفته وهي الفصل في المنازعات وهو يصدر حكما حقيقيا في المنازعة، أي يؤدي عملا قضائيا يحوز حجية الأمر المقضي [71].
وهو لا يستمد سلطته من عقد التحكيم وحده وإنما من إرادة المشرع التي تعرف به وتجعل لحكمه حجية الأمر المقضي، [72] ومن خلال التأمل في مقتضيات قانون 05-08 نجده أخذ كذلك بهذه النظرية على غرار النظرية السابقة من خلال مجموعة من الفصول خاصة عند وضع الصيغة التنفيذية وكذلك عند تعذر اتفاق الهيئة التحكيمية على حكم موحد وكذلك في اختيار هذه الهيئة [73].
وكذلك الأمر بالنسبة للتشريع الفرنسي يمكن القول أنه أسبغ على التحكيم طابعا قضائيا، سواء من حيث الشكل أو من حيث الموضوع، الأمر الذي يقطع دابر الجدل حول طبيعة التحكيم.
فمن حيث الشكل يعد حكما لأن المحكمين ملزمين باحترام حقوق الدفاع ، ومن حيث الموضوع يعد حكما لأنه يحسم المنازعة. [74]

وتأييدا لهذه النظرية ، أشارت المحكمة العليا الفرنسية إلى أن التحكيم يعتبر قضاء استثماريا، يملك فيه المحكم سلطة ذاتية ومستقلة للفصل في النزاعات التي يطرحها عليه الخصوم [75].

وكما هو الشأن في النظرية التعاقدية لطبيعة التحكيم فإن النظرية القضائية هي الأخرى تطرح عدة إشكاليات، لعل أبرزها تمسك أحد أطراف باتفاق التحكيم أمام القضاء، وذلك راجع إلى كون عقد التحكيم يرتب أثاران أحدهما سلبي، وآخر إيجابي.
الآثر الإيجابي والذي لا يطرح إشكالا فهو إنهاء النزاع بطريقة التحكيم والاعتداء بالحكم الصادر فيه واعتباره كأنه قد صدر من المحكمة المختصة بالنزاع.

وكذلك الأمر عند رفع دعوى بطلان اتفاق التحكيم أمام القضاء تحسبا لتمسك الطرف الآخر به وذلك استنادا إلى القواعد العامة في الأحوال التي يكون فيها التحكيم باطلا لانعدام الأهلية اللازمة لعقد الاتفاق ،أو إذا كانت إرادة أحد الطرفين مشوبة بعيب من عيوب الرضا وإذا كان محل اتفاق التحكيم مخالفا لنظام العام أو مما لا يجوز اللجوء بشأنه إلى التحكيم بنص القانون [76].
أما الآثر السلبي والذي يطرح الإشكال هنا ،يتجلى في حرمان أحد أطراف العقد من الإلتجاء إلى القضاء بصدد النزاع الذي اتفقوا فيه على التحكيم لنزولهم عن اللجوء إليه بمحض إرادتهم وبإختيارهم.
وبذلك إذا ثار نزاع بصدد تنفيذ عقد ورد فيه شرط التحكيم ورفع أحد الطرفين النزاع إلى المحكمة المختصة جاز للطرف الثاني أن يدفع بوجود شرط التحكيم ويتمسك به [77] وتكون المحكمة ملزمة باستجابة إلى طلبه، والتساؤل الذي يطرح هنا هل يعتبر هذا الدفع دفعا بعدم الاختصاص أم دفعا بعدم القبول؟
إذا رجعنا إلى قانون 05-08 نجده يجعل هذا الدفع دفعا بعدم القبول، عكس المشرع الفرنسي الذي نص في المادة 1458 من ق.م.م.ف لسنة 1980 بأنه ” إذا رفع أمام المحكمة القضائية نزاع معروض أمام هيئة التحكيم بموجب اتفاق تحكيمي فعليها أن تصرح بعدم اختصاصها، غير أنه لا يمكن للمحكمة القضائية أن تعلن عدم اختصاصها من تلقاء نفسها”.
عكس ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف التجارية بمراكش في قرار لها ” بأن الاتفاق على التحكيم لا يتعلق بالاختصاص وإنما يتناول إرادة الأطراف في اللجوء إلى القضاء من عدمه، وهو بذلك لا ينزع الاختصاص عن المحكمة، وإنما يحول دون قبول الدعوى” [78].
ورغم تبني أغلب الفقه المغربي لهذا الاتجاه وعلى رأسه أستاذنا الدكتور عبد الله درميش والذي نوه باعتبار المشرع المغربي أخذ بد فع بعدم القبول وليس بعدم الاختصاص [79].
إلاأن الجانب من الفقه المغربي يسير عكس هذا الاتجاه ، ومنهم الأستاذ رحال البوعناني والذي يرى أن الاتفاق على التحكيم يؤدي إلى سلب الاختصاص عن المحكمة المختصة أصلا بالنظر في النزاع إلى عدم قبول الدعوى، نظرا لكون الاتفاق على التحكيم ينشئ لنا محكمة يمكن نطلق عليها محكمة التحكيم، وبموجب هذا الاتفاق كذلك يتم نزع الاختصاص عن المحكمة القضائية وإسناده إلى محكمة التحكيم التي تكون مختصة وحدها بالنظر في النزاع مادام هذا الاتفاق قائما، وإذا زال سبب من الأسباب فإن الاختصاص يعود إلى القضاء الرسمي للدولة [80].

وفي الأخير تجدر الإشارة إلى أن الدفع بعدم اللجوء إلى شرط التحكيم من الدفوع الشكلية التي يجب أن تثار قبل كل دفع في الجوهر، وهو ما أقره المجلس الأعلى في إحدى قراراته بحيث جاء فيه “أن الدفع بعدم اللجوء إلى شرط التحكيم هو من الدفوع الشكلية التي يجب أن تثار قبل كل دفع أو دفاع في الجوهر وإلا كانت غير مقبولة، ولا يمكن إثارتها لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ما لم يتعلق الأمر بالنظام العام، وما لم يكن الحكم صدر غيابيا في حق المتمسك به، إذ أن عقد التحكيم كدفع شكلي لا يخرج عن نطاق القاعدة المنظمة بمقتضى الفصل 49 من ق.م.م. من حيث وجوب التمسك به قبل أي دفع أو دفاع في الجوهر [81].

ولكن إذا لم يثر الطرف الثاني شرط التحكيم أمام المحكمة، فإن هذه الأخيرة لا تثيره من تلقاء نفسها وتبث في النزاع إن كان شرط التحكيم غير موجود، ولا يمكن إثارة التحكيم أمام محكمة الاستئناف إلا إذا لم يحضر مثيره أمام المحكمة الابتدائية [82].

الفقرة الثالثة: النظرية المختلطة والخاصة لطبيعة التحكيم

على غرار النظريتين التقلديتين السابقتين،تبنى الفقه الحديث نظريتين أكثر موضوعية،وهما النظرية المختلطة (أولا)، والنظرية الخاصة لطبيعة التحكيم(ثانيا)

أولا: النظرية المختلطة

اتجه عدد كبير من الفقهاء إلى التوفيق بين النظريتين السابقتين، بالقول أن كلا منهما قد أصابت جزءا من الحقيقة، والتحكيم في الحقيقة ذو طبيعة مختلطة أو مركبة عقدية وقضائية، فهو يبدأ باتفاق الأطراف وينتهي بحكم قضائي يحوز حجية الأمر المقضي به، وهكذا يبدأ عقدا وينتهي قضاءا [83].
يعلل أصحاب هذه النظرية توجههم هذا بما تقتضيه مصلحة التجارة التي تتطلب إطلاق حرية الاتفاق على التحكيم وبدايته،ثم تحويله في المرحلة الأخيرة إلى القضاء ليكتسب القرار الذي صدر فيه حجية بداية، فلا يحتاج إلى دعوى يعقبها حكم يضفي عليه هذه الحجية [84].

بمعنى أن حكم المحكمين يحوز الحجية ولو كان قابلا للطعن فيه وتجد الإشارة إلى أن حكم المحكمين يصدر في الأصل نهائيا في القانون المغربي، [85] وتأكيدا لذلك فقد قضت المحكمة بعدم جواز الطعن بالاستئناف في حكم المحكمين قبل الأمر بتنفيذه لأن الاستئناف لا يوجه إلا إلى العمل القضائي، والحكم قبل الأمر بتنفيذه ليس كذلك [86].
وفي قرار آخر بمحكمة النقض الفرنسية التي عللت بكون قرار التحكيم أجنبي له نفس مرتبة قرار التحكيم الوطني، فهو ليس في حاجة لتنفيذه لرفع دعوى إلى محكمة بل يكفي تقديم طلب لرئيس المحكمة قصد تذييله بالصيغة التنفيذية [87].
وعلى الرغم من محاولة هذه الإتجاه التقريب بين النظريات السابقة وتفادي النقض الموجه لها، إلا أنه لم يأتي بجديد وإنما أقر شيئا موجودا، لأن وجود العقد والتحكيم أمر مسلم به ولا خلاف فيه.وحسب تعبير أحد الفقهاء فإن هذا الإتجاه حاول الهروب من مواجهة الحقيقة بإبعادها لأن القول بالطبيعة المختلطة لا معنى له، إذ يجب تحديد هذه الطبيعة وليس الإكتفاء بالقول إنها مختلطة حتى يمكن معرفة النظام القانوني الذي يحكم التحكيم [88].

ثانيا: النظرية الخاصة للتحكيم

ترى هذه النظرية أن التحكيم قد ظهر في المجتمعات البدائية قبل القضاء ونشأ نشأة مستقلة عنه، واستمر قائما بعد ظهور القضاء لأنه يشبه حاجة اجتماعية مختلفة لا يحققها القضاء، وهذا يقتضي تمييزه عن القضاء وخضوعه لنظام خاص، يحتفظ له بمرونته بعيدا عن نظام القضاء بضماناته الشكلية الكثيرة وقواعده الجامدة [89].
وبذلك فالتحكيم هو عمل قضائي من نوع خاص لأنه لا يصدر عن السلطة القضائية ولا تتبع بصدده الإجراءات القضائية المتبعة أمام المحاكم، ولا يصدر في ذات الشكل المقرر للأحكام القضائية، ومن ناحية أخرى لا تطبق بصدده قواعد القانون التقليدية المقننة، وإنما يمكن أن يرجع في صدوره إلى العرف والعدالة [90].

وتجدر الإشارة هنا أن اختلاف التحكيم عن قضاء الدولة لا يفهم منه أن التحكيم يظل بمعزل عن القضاء الرسمي بل يحتفظ القضاء بدوره بالمساعدة والمراقبة في جميع مراحل العملية التحكيمية [91].
وخلاصة القول بالنسبة لهذه المسألة أن جميع النظريات السابقة قد لامست جانب من الصواب، إلا أننا نزكي أصحاب النظرية الخاصة التي نرى أنها أقرب إلى الصواب والمنطق لما يتمتع به التحكيم من ذاتية خاصة ينفرد به عن القضاء، وكذلك لا يمكن اعتبار العقد جوهر التحكيم بدليل أنه لا يوجد في التحكيم الإجباري.

وهكذا يمكن القول أن القانون ينظم نوعين من القضاء، قضاء المحاكم وقضاء التحكيم، أو بعبارة أخرى قضاء الدولة وقضاء خاص، والتحكيم يعتبر بذلك نوعا خاصا من القضاء.

المطلب الثاني:خصوصيات التحكيم بالمغرب

من الصعوبات العملية التي يثيرها التحكيم بالمغرب أنه لم يأتي بقانون مستقل بذاته على شكل مدونة وذلك لاكراهات تتجلى في غياب الوسائل الاساسية المتطلب في التحكيم مت مراكز التحكيم ومن اطر متخصصة وذات كفاءة وخبرة في شتى الميادين و بالخصوص ما يتعلق بالمعاملات التجارية الدولية رغم وجود بعض المراكز التحكيمية في المغرب ( مثل مركز التحكيم في مراكش، الرباط، وطنجة)، إلا أنها لا تكن محل ثقة من طرف المستثمرين الأجانب في المغرب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى هناك صعوبات عملية والتي أتى بها القانون الجديد 08-05 حيث إذا كان من مبادىء الأساسية التي تميز قضاء عن التحكيم وحرية اختيار المحكم الذي سيتولى الفصل في النزاع، فإن القانون الجديد قلص من هذه الحرية وذلك بنصه على إلزامية المحكم بالتصريح لدى الوكيل العام قصد تسجيله في لائحة تشمل أسماء محكمين مما يعني أن المشرع المغربي قيد الأشخاص الذين يتولون مهمة التحكيم في طائفة معينة وبسط يده على مجريات التحكيم، كما قام بتقييد الشخص المعنوي في تولي مهمة المحكم حيث أجاز له سوى صلاحية تنظيم التحكيم وضمان حسن سيره لكن الواقع العملي أن هناك شركات ذات خبرة أكثر من الشخص الذاتي كشركة المتخصصة في منح درجة السفن فهذه الأخيرة لها إمكانية تولي مهمة التحكيم.

ومن الأمور التي تدعوا إلى الانتقاد كون المشرع لم يفرق بين التحكيم المدني والتحكيم التجاري وذلك عكس بعض التشريعات المقارنة [92] ، أما بالنسبة للتعديل فقد جاء أكثر غموض من القانون السابق حين وسع من نطاق التحكيم التجاري على حساب التحكيم المدني وذلك بشكل غير مباشر من خلال اقتصار أغلب فصوله على المعاملات التجارية وإقصائه للمعاملات المدنية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الإتجاه الخاطىء والغير البناء الذي سلكه تعديل قانون 05-08، فعوض تشجيع أفراد المجتمع المدني على فض نزاعاته عن طريق القانون التفاوضي الإرادي سلك القانون اتجاه تشجيع الأفراد الذين ليست لهم صفة التاجر ولوج المحاكم. رغم كون المترقبين لتعديل المسطرة كانوا ينتظرون توسيع من فئة المجتمع المدني للاستفادة من هذه الوسيلة لفض منازعاتهم وخاصة فيما يخص نزاعات الشغل والشخصية ولما تشمل حتى النزاعات الجنائية.

ورغم ما لهذا التعديل من سلبيات إلا أنه جاء بمجموعة من المقتضيات الجديدة وذلك حتى يتخطى النقص الوارد في القانون القديم، ومن بين الإيجابيات التي جاء بها هذا التعديل أنه خص قسم للتحكيم الداخلي وقسم آخر للتحكيم الدولي، وبذلك يكون قد وضع حدا لتخوف المستثمرين الأجانب بالمغرب الذين كانوا يمتنعون عن الاستثمار بالمغرب نظرا لعدم وجود قانون خاص ينظم تعاملاتهم.

كما أن هذا التعديل وسع من اختصاص هيئة التحكيم بحيث منح لهذه الأخيرة سلطة واسعة بالنظر في موضوع النزاع أو إيقاف الإجراءات إذا عرض عليها خلال مرحلة التحكيم مسألة تخرج عن اختصاصها أو تم الطعن بالزور في ورقة أو سند قدم لها واتخذت بشأن تزويره إجراءات جنائية (الفصل 17-327 من قانون 05-08).

الخاتمة:

من خلال الدراسة المقارنة بين التشريع القديم في المغرب و القانون الجديد 05-08 يلاحظ أنه جاء مستجيبا لمجموعة من النواقص التي كانت تشوب التشريع الملغى ،و من بينها التمييز بين التحكيم الداخلي و الدولي و هذه ميزة ايجابية تحسب له، لكن رغم كل ما جاء به من ايجابيات فإنه لا يخلو من بعض الهفوات و العراقيل التي تعيق مساطر التحكيم بالمغرب ،من بين هذه العراقيل التي تبقى حاجزا بين طموحات المستثمرين الأجانب بالمغرب و مؤسسة التحكيم كوسيلة مفضلة لهم في تسوية المنازعات ، بسط الدولة يدها على مجريات التحكيم ، ناهيك عن العائق التشريعي الذي تجسد في إدراج قانون 05-08 في قانون المسطرة المدنية عوض تخصيص مدونة مستقلة للتحكيم، مما يدل على استمرار تحكم القضاء الرسمي في التحكيم و لا أدل على ذلك الإحالة بشأن مسطرة التحكيم على بنود المسطرة المدنية المتسمة بالتعقيد ، و أمام هذا العجز التشريعي الذي خيب آمال المهتمين يبقى الرهان منعقدا على المهتمين بالقطاع خاصة التجاري و الفاعلين الاقتصاديين و السياسيين بالدفع قدما بهذه المؤسسة حتى تتجاوز هذه العراقيل خاصة في ظل الحديث عن إصلاح قضائي.

لائحة المراجع:

المراجع العامة:

– محمد ناصر المتيوي المشكوري، تقرير تمهيدي لأشغال الندوة العلمية التي نظمتها شعبة القانون الخاص بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس بشراكة مع وزارة العدل وهيئة المحامين بفاس، يوم 4-5 أبريل 2003 منشور في منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة الندوات، الأيام الدراسية، العدد 2 – 2004، الطبعة الأولى .
– أحمد أبو الوفاء التحكيم الاختياري والإجباري منشأة المعارف الاسكندرية الطبعة الخامسة 1988.
-ابن منظور، لسنا العرب، دار صادر لطباعة والنشر الطبعة الأولى الجزء 12-1990.
-أحمد شكري، الوسيط في النظرية العامة والمقاولات. مطبعة المعارف الجديدة الطبعة الأولى 2001.
-أحمد يوسف حلاوي، أنواع التحكيم، مقال منشور في الموقع الإلكتروني بتاريخ 2008/04/08.
-الحاج الكوري، مدونة الشغل الجديد، القانون رقم 99-65،أحكام عقد الشغل، الجزء الأول سنة 2004.
-المعطى الجبوجي، القواعد الموضوعية والشكلية للإثبات وأسباب الترجيح بين الحجج، مكتبة الرشاد سطات.
-مهند أحمد الصانوري، دور المحكم في خصومة التحكيم الدولي الخاص، مطبعة دار الثقافة لنشر والتوزيع.
-محمود السيد التحيوي، التحكيم في المواد المدنية والتجارية وجوازه في منازعات العقود الإدارية الطبعة 1999، مطبعة دار الجامعة الجديدة للنشر.
-سامي رشيد، التحكيم في العلاقات الدولية الخاصة، دار النهضة العربية القاهرة.
-عز الدين بنستي، دراسات في القانون التجاري المغربي، الجزء الأول النظرية العامة للتجارة والتجار طبعة الثانية.
-عز الدين بنستي، بعض التجليات التسوية الودية في المادة التجارية طرق البديلة لتسوية المنازعات.
عبد السلام الزوير، الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية وإشكالياته العملية الطبع والنشر والتوزيع، مكتبة دار السلام الرباط.
-عبد العزيز توفيق، شرح قانون شرح قانون المسطرة المدنية،لتنظيم القضائي الجزء الثاني مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، طبعة 1995.
-جيريمان عبد القادر، اتفاق التحكيم وفقا لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية دار النهضة العربية الطبعة الأول، 1966.
-جورجي شفيق ساري التحكيم ومدى جواز اللجوء إليه لفض النزاعات في مجال العقود الإدارية دار النهضة العربية طبعة 1999.

الرسائل:

-عبد الله درميش، التحكيم الدولي في المواد التجارية رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص الموسم الجامعي 1982-1983.
-معمر نعمان محمد الناظري، الرقابة القضائية على التحكيم في التشريعين المغربي واليمني، رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانون الخاص، وحدة العقود والعقار كلية الحقوق جامعة محمد الأول.

المقالات

-أحمد شكري السباعي، التحكيم التجاري في النظام القانوني المغربي، مما منشور في دفاتر المجلس الأعلى، ندوة علمية، الضمانات القضائية للاستثمار.
-حمزة حداد، تعريف التحكيم (بوجه عام) وبقواعده لدى اتحاد المصارف العربية، مقال منشور بالمجلة المغربية للتحكيم التجاري العدد 2 سنة 2003.
– عبد الرحيم بن سلامة، نظام لتحكيم في التشريع المغربي، مقال منشور في مجلة الامن الوطني، العدد 217 السنة12/ 1423.
-محمد أخياظ التحكيم البحري (غرفة التحكيم البحري بالمغرب) مجلة العدد 1 يناير 2002.
-عزمي عبد الفتاح، سلطة المحكمين في تفسير وتصحيح أحكامهم مقال منشور بمجلة الحقوق الكويتية العدد 4 ديسمبر 1984.
-عبد اللطيف الناصري، التحكيم وعلاقته بالقضاء،مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 109.
-زكرياء البورياحي، التحكيم في إطار قانون المسطرة المدنية، مقال منشور بمجلة رسالة الدفاع، العدد الرابع 2003 .
-زكرياء العزاوي، تسوية المنازعات التجارية عن طريق التحكيم المؤسساتي، مقال منشور في المجلة المغربية للتحكيم التجاري عدد 2، سنة 2003.
-ضياء نعمان، التحكيم في عقد النقل الجوي للبضائع بين الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية، مقال منشور بمجلة محاكمة عدد 3، أكتوبر- دجنبر 2007، ص: 143.
-وجدي راغيب فهمي هل التحكيم نوع من القضاء مقال منشور بمجلة الحقوق الكويتية العدد الأول والثاني .
-رحال بوعناني، دور مؤسسة التحكيم مقال منشور بمجلة المحكمة عدد 3-2004.
الفرنسية :
– Mehamed jamal Bennouna -voici un article de la loi sur l’arbitrage au Maroc public dans vie « Alahdath Almaghribia ».www.ciamex.over.blag.com Mardi 28 août 2007
المواقع الإلكترونية :
-أحمد يوسف حلاوي، أنواع التحكيم، مقال منشور في الموقع الإلكتروني :
– www.mog-gov.sa
-www.ciamex.ouve.blog.com

الفهرس:

مقدمة: 1
المبحث الأول :ماهية التحكيم و أنواعه . 4
المطلب الأول : مفهوم التحكيم وشروطه . 5
الفقرة الأول: تعريف التحكيم . 5
الفقرة الثانية: شروط التحكيم وأهميته 7
الفقرة الثالثة: القيود الواردة على التحكيم . 14
المطلب الثاني : أنواع التحكيم . 16
الفقرة الأولى: التحكيم الحر والتحكيم المؤسساتي . 16
الفقرة الثانية: التحكيم الاختياري والتحكيم الإجباري . 18
الفقرة الثالثة: التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي . 20
المبحث الثاني طبيعة التحكيم وخصوصيته في المغرب .. 21
المطلب الأول : الطبيعة القانونية للتحكيم . 21
الفقرة الأولى : النظرية العقدية في التحكيم . 22
الفقرة الثانية : النظرية القضائية لطبيعة التحكيم . 27
الفقرة الثالثة: النظرية المختلطة والخاصة لطبيعة التحكيم . 30
المطلب الثاني:خصوصيات التحكيم بالمغرب .. 32
الخاتمة: 34
لائحة المراجع: 35
الفهرس: 39

[1] – زكرياء البورياحي.التحكيم في اطار قانون المسطرة المدنية مفال منشور قي مجلة رسالة الدفاع العدع الرابع.2003 ص79
[2] – عبد الكريم الطالب.حجية احكام المحكيمين في قانون المسطرة المدنية المغربية.مقال منشور.في منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية .سلسلة الندوات والأيام الدراسية العدد2.2004 الطبعة الاولى ص89
[3] – سورة النساء الآية 35.
– سورة النساء، الآية 64. [4]
[5] – سورة النساء الآية 58.
[6] – عبد السلام زوير، الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية واشكالياته العملية، مطبعة دار السلام، الرباط، ص 136.
[7] – محمد ناصر المتيوي المشكوري، تقرير تمهيدي لأشغال الندوة العلمية التي نظمتها شعبة القانون الخاص بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس بشراكة مع وزارة العدل وهيئة المحامين بفاس، يوم 4-5 أبريل 2003 منشور في منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة الندوات، الأيام الدراسية، العدد 2 – 2004، الطبعة الأولى، ص 25.
[8] – ابن منظور، لسنا العرب، دار صادر لطباعة والنشر الطبعة الأولى الجزء 12-1990، ص: 42.
[9] – زكرياء البورياحي، التحكيم في إطار قانون المسطرة المدنية، مقال منشور بمجلة رسالة الدفاع، العدد الرابع 2003 ص: 79.
[10] – شرط التحيكم هو أن يتفق الأطراف على اللجوء إلى المحكمين وذلك قبل نشوء أي نزاع بينهم، عبد الكريم الطالب التحكيم في قانون المسطرة المدنية المغربي، مقال منشور بمجلة المنتدى، العدد الثاني، 2000، مراكش، ص: 18.
[11] – مشارطة التحكيم هو اتفاق الخصوم على عرض نزاع قائم أو نشأ بينهم على حكم أو هيئة تحكيمية بدلا من عرضه على مؤسسة قضائية رسمية أي تابعة للدولة، أحمد شكري السباعي، الوسيط في قانون التجارة المغربي المقارن الجزء الأول، النظرية العامة للتجارة وبعض الأعمال التجارية مطبعة المعارف الجديدة، الرباط الطبعة الثالثة، 1988 ص: 231.
[12] – قانون 05-08 المتعلق بالتحكيم والصادر بالجريدة الرسمية عدد 5584، 6 ديسمبر 2007.
[13] – مهند أحمد الصانوري، دور المحكم في خصومه التحكيم الدولي الخاص، مطبعة دار الثقافة للنشر والتوزيع ص: 34.
[14] – ضياء نعمان، التحكيم في عقد النقل الجوي للبضائع بين الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية، مقال منشور بمجلة محاكمة عدد 3، أكتوبر- دجنبر 2007، ص: 143.
[15] – عبد اللطيف الناصري، التحكيم وعلاقته بالقضاء،مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 109، ص: 221.
[16] – محمود السيد التحيوي، التحكيم في المواد المدنية والتجارية وجوازه في منازعات العقود الإدارية الطبعة 1999، مطبعة دار الجامعة الجديدة للنشر، ص: 16.
[17] – عبد اللطيف الناصري، م.س.، ص: 222.
[18] – أحمد أبو الوفاء التحكيم الاختياري والإجباري منشأة المعارف الاسكندرية الطبعة الخامسة 1488، ص: 18.
[19] – أحمد شكري السباعي،التحكيم التجاري في النظام القانوني المغربي، مما منشور في دفاتر المجلس الأعلى، ندوة علمية، الضمانات القضائية للاستثمار ص: 223.
[20] – عبد الكريم الطالب/ م.س. ص: 16.
[21] – أي حارس الشيء
[22] – عبد المجيد غميجة، مشروع مدونة التحكيم، مقال منشور أعده في أشغال الندوة العلمية التي نظمتها شعبة القانون الخاص، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس بشراكة مع ووزارة العدل وعيئة المحامين بفاس يومي 4 و5 أبريل 2003 من منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية سلسلة الندوات والأيام الدراية العدد 2-2004 الطبعة الأولى، ص: 125.
[23] – قانون 05-53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني المنشور في الجريدة الرسمية عدد 25584 ذو القعدة 1428، 6 دسمبر 2007.
[24] – عبد السلام زوير، الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية وإشكالياته العملية، طبع ونشر وتوزيع مكتبة دار السلام، شارع طونكان عمارة 23 رقم 2 ديور الجامع الرباط، ص: 141.
[25] – الفصل 317.
[26] – المعطى الجبوجي، القواعد الموضوعية والشكلية للإثبات وأسباب الترجيح بين الحجج، مكتبة الرشاد سطات، ص: 50.
[27] – مهند أحمد الصانوري، م.س. ص: 42
[28] – ضياء نعمان، م.س.، ص: 139
[29] – زكرياء البورياحي، م.س.، ص: 180، بنسالم أوديجا، إدماج الوساطة في النظامين القانوني والقضائي بالمغرب، السياق العام، الإشكالية المطروحة أي دور للمحامي في التجربة، مقال منشور بمجلة الإشعاع العدد 32 يونية 2007، ص: 50
[30] – عز الدين بنستي، دراسات في القانون التجاري المغربي، الجزء الأول النظرية العامة للتجارة والتجار طبعة الثانية ص: 85.
[31] – ينص الفصل 308 “يجوز لجميع الأشخاص من ذوي الأهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق التحكيم في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ضمن الحدود وفق الإجراءات والمساطر المنصوص عليها في هذا الباب وذلك مع التقييد بمقتضيات الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 12 أغسطس 1913 بمثابة قانون الالتزامات والعقود كما وقع تغييره وتتميمه ولاسيما الفصل 62 منه”.
[32] – مهند أحمد الصانوري، م.س.، ص: 43
[33] – زكرياء البورياحي، م.س. ص: 80، مهند أحمد الصانوري، م.س.ص: 43.
[34] – عز الدين بنستي، م.س. ص: 84.
[35] – عز الدين بنستي، م.س. ص: 84.
[36] – أحمد شكري السباعي، م.س. ص: 233.
[37] – التحكيم
[38] – محمد أحمد الصانوري م.س. ص: 42
[39] – عبد الرحيم بن سلامة، نظام لتحكيم في التشريع المغربي، مقال منشور في مجلة المن الوطني، العدد 217 السنة12/ 1423، ص: 35.
[40] – حمزة حداد، تعريف التحكيم (بوجه عام) وبقواعده لدى اتحاد المصارف العربية، مقال منشور بالمجلة المغربية للتحكيم التجاري العدد 2 سنة 2003، ص: 10
[41] – أحمد يوسف حلاوي، أنواع التحكيم، مقال منشور في الموقع الإلكتروني www.mog-gov.sa بتاريخ 2008/04/08، ص: 3.
[42] – حمزة حداد م.س. ص: 10
[43] – زكرياء العزاوي، تسوية المنازعات التجارية عن طريق التحكيم المؤسساتي، مقال منشور في المجلة المغربية للتحكيم التجاري عدد 2، سنة 2003، ص: 97.
[44] – جاء في المادة 44 من نظام المركز اليمني للتوفيق والتحكيم”على الهيئة إصدار حكمها خلال مدة ثلاثة أشهر من تاريخ عقد أول جلسة للهيئة…” ونفس الأمر نجده في التحكيم التابع للمنظمة العالمية للملكية الفكرية OMPI حيث يتم إصدار حكم المحكمين في موعد غايته 3 أشهر للمزيد من التفاصيل راجع زكرياء العزاوي، م.س. ص: 98.
[45] – جيريمان عبد القادر، اتفاق التحكيم وفقا لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية دار النهضة العربية الطبعة الأول، 1966، ص: 47.
[46] – الفصل 308 من ق.م.م حسب تعديل 05-08 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية الصادر بتاريخ 30 يونبر 2007.
[47] – voici un article Bennouna de la loi sur l’arbitrage au Maroc public dans vie « Alahdath Almaghribia ».www.ciamex.over.blag.com Mardi 28 août 2007
[48] – قرار محكمة الاستئناف التجارية بمراكش، القرار رقم 551 الصادر بتاريخ 20/04/99 رقم 159/99 منشور بمجلة المنتدى عدد 2، ص 187.
[49] – جورجي شفيق ساري التحكيم ومدى جواز اللجوء إليه لفض النزاعات في مجال العقود الإدارية دار النهضة العربية طبعة 1999، ص: 27.
[50] – عبد الرحيم ابن سلامة، م.س. ص: 35.
[51] – أحمد يوسف حلاوي، م.س ص: 8.
[52] – جوجي شفيق ساري، م.س.، ص: 31.
[53] – الحاج الكوري، مدونة الشغل الجديد، القانون رقم 99-65،أحكام عقد الشغل، الجزء الأول سنة 2004، 305
[54] – أحمد شكري، الوسيط في النظرية العامة والمقاولات. مطبعة المعارف الجديدة الطبعة الأولى 2001، ص: 298.
[55] – عبد الله درميش، التحكيم الدولي في المواد التجارية رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص الموسم الجامعي 1982-1983، ص: 56.
[56] – عز الدين بنستي بعض تجليات التسوية الودية في المادة التجارية الطرق البديلة لتسوية المنازعات م.س. ص: 43
[57] – ينص الفصل 307 من ق.م.م. “اتفاق التحكيم هو الالتزام الأطراف باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ عن علاقته قانونية معينة تعاقدية أو غير تعاقدية .
يكتسي اتفاق التحكيم شكل عقد تحكيم أو شرط التحكيم.”
[58] – محمد أخياظ التحكيم البحري (غرفة التحكيم البحري بالمغرب) مجلة القصر، العدد 1 يناير 2002، ص: 10.
[59] – معمر نعمان محمد النظاري الرقابة القضائية على التحكيم في التشريعين المغربي واليمني رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص جامعة محمد الأول كلية الحقوق وجدة وحدة البحث والتكوين في العقود والعقار، ص: 14.
[60] – الفصول: 306-307-308-309-311.
[61] – قرار محكمة استئناف بالبيضاء الغرفة التجارية 13-4-1976 رقم 565 ملف مدني عدد 4779 (غير منشور) أورده محمد أخياط م.س. ص: 39.
[62] – عزمي عبد الفتاح سلطة المحكمين في تفسير وتصحيح أحكامهم مقال منشور بمجلة الحقوق الكويتية عدد الرابع دسمبر 1984 ص: 101.
[63] – معمر نعمات محمد النظاري، م.س. ص: 14.
[64] – عبد المجيد غميجة م.س. ص: 124.125.
[65] – وسوف نتناول هذه الإشكاية بتفصيل في الفقرة الثانية
[66] – عبد الله درميش التحكيم الدولي في المواد التجارية م.س. ص: 192.
[67] – ينص الفصل 149 على أنه “يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبث بصفته قاضيا للمستعجلات، كلما توفر عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ أو الأمر بالحراسة القضائية، أو أي إجراء أخر تحفضي سواء كان النزاع في الجوهر قد أحيل على المحكمة أم لا، بالإضافة إلى الحالات المشار إليها في الفصل السابق والتي يمكن لرئيس المحكمة الابتدائية أن يبت فيها بصفه قاضيا للمستعجلات”.
[68] – ذ.عبد اللطيف الناصري م.س. ص: 226.
[69] – ـورده عبد اللطف الناصري في مجلة المحاكم المغربية م.س. بدون ذكر مراجع القرار، ص: 227.
[70] – مرجع سابق، ص: 227.
[71] – الفصل 26-327 يكتس الحكم التحكيمي بمجرد صدور حجية الشيء المقضي به بخصوص النزاع الذي تم الفصل فيه ”
[72] – وجدي راغب فهمي هل للتحكيم نوع من القضاء مقال منشور بمجلة الحقوق الكويتية العدد الأول والثاني مارس يوينو 1993 ص: 133.
[73] – الفصول المقصودة هنا 321 و 29/327 و32/327…
[74] – عزمي عبد الفتاح، مرجع سابق، ص: 102.
– اورده محمد أخياظ، م.س، ص 12. [75]
– الحسن الكاسم، الرقابة القضائية قبل انطلاق عملية التحكيم من المقالات المنشورة في ندوة لذكرى الخمسينية لتأسيس المجلس الأعلى في قضايا الاستثمار والتحكيم من خلال توجهات المجلس الأعلى، ص 217. [76]
– فصل 327. [77]
– قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بمراكش رقم 151 الصادر بتاريخ 20/04/99. رقمه بمحكمة الاستئناف التجارية 159/99 منشور بمجلة المنتدى العدد الثاني سنة 2000. [78]
[79] – عبد الله درميش م.س. ص: 222.
[80] – رحال البوعنان دور مؤسسة التحكيم مقال منشور بمجلة الحكمة العدد 3-2004 ص: 12.
– قرار من المجلس الأعلى عدد 1214 المؤرخ في 2/10/2002، ملف تجاري عدد 577/3/1/2001 المنشور في المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، عدد 3 شتنبر 2003. [81]
– عبد العزيز توفيق، شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي، ج 2، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، طبعة 1995، ص 76. [82]
– وجدي راغب فهمي، م.س، ص 134. [83]
– معمر نعمان محمد النظاري، م.س، ص 18. [84]
– سواء قبل التعديل لقانون م.م. (الفصل 319 أو بعد التعديل من خلال الفصل 34/327 ” لا يقبل الحكم التحكيمي أي طعن مع مراعاة مقتضيات الفصلين 327/35 و 327/36 وما بعده”. [85]
– محكمة النقض التجارية بفرنسا، 22/12/1959 مجلة التحكيم الفرنسية 1960، ص 17، منشور بمجلة الحقوق الكويتية، عدد 4، ص 104. [86]
– قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 27/7/37 أورده معمر نعمان محمد النظاري، م.س، ص 18. [87]
– سامي راشد، التحكيم في العلاقات الدولية الخاصة، دار النهضة العربية القاهرة، ص 17. [88]
– وجدي راغب فهمي، م.س، ص 19. [89]
– أحمد أبو الوفا، م.س، ص 19. [90]
– معمر نعمان محمد الناظري، م.س، ص 20. [91]
– مثل التشريع اليمني، حينما ميز في المادة الثانية بين التحكيم التجاري والتحكيم المدني فعرف التحكيم المدني في كونه” اختيار الطرفين برضائهما شخصا آخر أو أكثر للتحكيم بينهما، دون المحكمة المختصة، فيما يقوم بينهما من خلافات ونزاعات” والتحكيم التجاري في كونه ” أي التحكيم تكون أطرافه أشخاصا طبيعيين أو اعتباريين يمارسون أعمالا تجارية أو اقتصادية أو استثمارية أيا كان نوعها، سواء كانوا يمنيين أم عرب أو آجانب.” [92]