التعددية النقابية في الجزائر، بين الاطلاق والتقييد

الدكتور خليفي عبد الرحمان

المدرسة العليا للضمان الاجتماعي، الجزائر العاصمة

خبير قانوني على مستوى ندوة جامعات الشرق الجزائري ونائب رئيس تحرير مجلة الاقتصاد والقانون

الملخص

يعتبر موضوع النشاط النقابي من أهم المواضيع التي شغلت ومازالت تشغل السياسيين والباحثين والشركاء الاجتماعيين، وانقسمت الآراء الى فريق يرى أن الوحدوية النقابية هي أساس التنمية الاقتصادية، وفريق آخر لا يتصور تطورا للاقتصادي ولا تكريسا للسلم الاجتماعي إلا في ظل تعددية نقابية ،تقوم على التنافس بين التنظيمات النقابية ،وتجعل من الدولة حارسة لا متدخلة بما يحقق الاستقلالية التامة للتنظيمات النقابية وتشكيلها بطريقة ديمقراطية.

تخلى المشرع الجزائري بعد صدور دستور 1989 نهائيا عن فكرة الوحدوية وسمح بالتعددية النقابية، وهذا ما استلزم استصدار القانون 90-14 المؤرخ في 02 جوان 1990 المعدل والمتمم ،الذي حدد الإطار العام وشروط ممارسة الحق النقابي ،ونفس المسلك ثبته المؤسس الدستوري في أحكام دستور 1996 المعدل في 2016.

ولأن كانت النصوص تكرس التعددية النقابية والسلطة أفصحت عن نيتها في الالتزام بتعهداتها الدولية إلاّ أن الواقع بين وجود بعض التجاوزات والتخوف من إطلاق المجال النقابي.

سنسلط على الضوء على الممارسة النقابية في الجزائر ومدى مساهمتها في تحقيق تنمية مستدامة وتوفير السلم الاجتماعي المنشود.

الكلمات المفتاحية:

-الممارسة النقابية-تعددية نقابية-وحدوية نقابية-نقابة تمثيلية-نقابة أكثر تمثيلا-منازعة نقابية-تنظيم نقابي-إطار نقابي-تقييد-إطلاق-تعهدات دولية.

L’exercice du droit syndical en Algérie, entre la liberté et la restriction

Résume

L’activité syndicale revêt une extrême importance dans le monde du travail et caractérise le respect des droits constitutionnels en matière de droit social.

L’Algérie et après la publication de la Constitution de 1989 a renoncé à l’idée de l’unicité de façon permanente et l’instauration du pluralisme syndical, et cela a nécessité la promulgation de la loi 90-14 du 02 juin 1990 modifiée et complétée, fixant les règles de l’exercice du droit syndical ,de même la constitution de 1996 modifiée en 2016 a maintenu le principe du pluralisme syndical, en déclarant la libre constitution et adhésion aux syndicats pour les travailleurs ainsi que pour les employeurs.

Le pouvoir en place s’est engagé pour le respect du droit syndical et ce conformément aux dispositions des conventions internationales ratifiée par l’Algérie, malgré les contraintes vécues par les organisations syndicales.

La présente étude va faire la lumière sur l’exercice du droit syndical en Algérie dans le sens de sa contribution dans la réalisation du développement durable et l’instauration de la paix sociale souhaitée.

Les mots clés:

-L’exercice syndicale-pluralisme syndical-unicité syndicale-syndicat représentatif- syndicat plus représentatif-contentieux syndical-organisation syndicale- cadre syndical- la restriction-la liberté -engagements internationaux.

مقدمة

مما لا شك فيه ان الممارسة النقابية(النشاط النقابي)تلعب دورا بالغ الأهمية في تحقيق التوازن المنشود في عالم الشغل ،ولأن كانت ممارسة الحق النقابي حق من الحقوق العامة أو الدستورية التي كفلها المشرع لكل العمال والمستخدمين على حد السواء، إلا أن الدول والأنظمة انقسمت الى قسمين ،فريق يرى أن التعددية النقابية هي السبيل الوحيد لتكريس الحقوق العامة ،وفريق آخر يرى أن العكس هو الصحيح باعتبار أن الترابط بين فئة العمال ووحدتهم لا تتجسد إلا باعتماد الوحدوية النقابية وجعل الممارسة في ظل نقابة تنشئها وتدعمها الدولة دون سواها.

عاشت الجزائر التجربتين ،بحيث أنه و إلى غاية سنة 1990 حصرت الممارسة النقابية في الاتحادالعام للعمال الجزائريين اعتبارا للظروف السياسية(وحدوية حزبية)و لااقتصادية(النهج الاشتراكي) والاجتماعية(الدور الاجتماعي للدولة)،التي كانت سائدة ،لكن بعد أحداث اكتوبر 1988 وجدت السلطة نفسها مضطرة لمراجعة العديد من المسائل ومنها جانب الحقوق المهنية، وبالفعل يعتبر دستور 1989 اللبنة الأساسية في إرساء عدة حقوق سياسية ومهنية ومنها فتح المجال النقابي ورفع الحظر الذي كان مفروضا عليه بموجب دستور سنة 1976 وقانون 88-28،المؤرخ في 19 يوليو 1988 المتعلق بممارسة الحق النقابي.

والجدير بالملاحظة أن فتح المجال للممارسة النقابية، و اعتماد التعددية النقابية، بما يستجيب وتطلعات عالم الشغل وفئة العمال الأجراء وأرباب العمل على حد السواء ،هو في حقيقة الأمر تكريسا للتشاور والحوار المهني ويؤدي إلى الاستقرار المنشود في عالم الشغل ،والتزاما بالاتفاقية الدولية التي صادقت عليها الجزائر.

أهمية الدراسة

تكمن أهمية الدراسة في وضع اليد على أهم حق مكفول دستوريا وقانونيا للعمال الأجراء وكذا موظفي القطاع الإداري والمؤسسات ذات الصبغة الادارية ،والمتمثل في الحق النقابي، ولكن هل أن فتح هذا المجال لكل الفئات دون استثناء ودون تقييد فيه مساس بالنظام العام ،ويؤثر سلبا على استقرار الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية؟ أم أن ذلك يساهم في استقرار الأوضاع ويعطي ديناميكية في عالم الشغل ،وهو ما يمكن من تحقيق استقرارا ويدفع بعجلة التنمية إلى الأمام.

وبما أن الجزائر صادقت على الاتفاقيتين الدوليتين رقم 87 و 98 الصادرتين على التوالي في سنتي 1948 و 1949 المتعلقتين بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم، فإنها مطالبة باحترام الأحكام الواردة فيهما من حيث السماح بممارسة النشاط النقابي بكل حرية وإشراك النقابات التمثيلية في الحوار والتشاور.

وقلة الدراسات المتخصصة ذات الصلة بالممارسة النقابية تجعل من الدراسة لها أهمية خاصة ،لا سيما أن الوضع يشهد تحولات على المستويين الداخلي والخارجي ،وتميزت هاته التحولات باعتماد انفتاح اقتصادي، ودخول المؤسسات في وضع يقوم على المنافسة والمتاجرة ،بما يعني أن الانشغال منصب على قضايا اخرى اكثر أهمية من جانب الممارسة النقابية ،ولهذا فإن التوجهات والمتغيرات الحاصلة في السياسة الاقتصادية تمارس تأثيرا مستمرا على قواعد وتنظيمات قانون العمل بصفة عامة ،وهذا بالنظر إلى ذلك الطابع الواقعي الذي يتميز به قانون العمل باعتباره كذلك أهم الأدوات التي تتحقق بها السياسة الاقتصادية.

ومن ثم فالترابط بين تشريع العمل و باقي التشريعات لازم و ضروري بل و حتمي و لا يتوقف ترابط تشريع العمل مع باقي الفروع الداخلية بل كذلك مع المستجدات الدولية تماشيا مع ميزة التدويل التي تختص بها قواعده .

الأهداف من الدراسة

إجمالا يمكن حصر أهداف الدراسة في النقاط التالية:

1- تسليط الضوء ووضع اليد على أهم حق من الحقوق العامة وهو الحق النقابي وكيفية ممارسته في ظل جو اقتصادي متغير

2-إبراز أهمية فتح المجال النقابي وإزالة القيود والعراقيل التي تحول دون حسن ممارسته

3-محاولة الربط بين الممارسة النقابية والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، ودحض المزاعم التي تحمل التعددية النقابية كل الإشكالات التي عرفها الاقتصاد الوطني.

4 -الوصول إلى تقييم مدى نية المشرع في ترسيخ التعددية أم أن الأمر لا يعدو أن يكون سوى نصوص تتطلب إرادة سياسية لتطبيقها وتجسيدها ميدانيا.

5-تقييم مدى التزام الجزائر بالمواثيق الدولية لا سيما الاتفاقيتين الدوليتين رقم 087 لسنة 1948 والتي صادقت عليها الجزائر في سنة 1962 و رقم 098 لسنة 1948 التي صادقت عليها الجزائر في سنة 1962،والمتعلقتين على التوالي بالحرية النقابية وحماية الحق النقابي، و حق التنظيم والتفاوض الجماعي.

6-إلى أي مدى تشارك النقابات ،لا سيما التمثيلية منها ،في اعداد وتنفيذ خطط التنمية

الإشكالية المطروحة

ومن ثم ،وبالنظر لطبيعة الدراسة ،تتمثل الإشكالية في :

ما هو أثر التعددية النقابية على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الجزائر ؟

وهل هي مكسب يجب الإشادة به و المحافظة عليه؟أم أن الوحداوية النقابية وتقييد الممارسة أنفع للعمال الأجراء في الوقت الراهن؟

المنهج المتبع

للإجابة على التساؤل(الإشكالية)المطروحة اعتمدت على المنهج الوصفي والمنهج التحليلي ،لتكون الدراسة ليس فقط سرد للنصوص والمواد بل لكيفية قراءتها وتطبيقها ميدانيا من طرف السلطات العامة والجهات المختصة ، مع إبراز دور القضاء في حماية هاته المكاسب الدستورية

وعليه قسمت الدراسة إلى المحاور التالية:

المبحث الاول : ماهية المنظمة النقابية

الحق النقابي من الحقوق المهنية الجوهرية وحمايته يتيح للمنظمات النقابية النشاط في ظل القانون والمساهمة بإيجابية في إرساء دعائم الحوار والتشاور ،وعليه الحديث عن ماهية الحق النقابي يستلزم التعريف به وخصائص التنظيم النقابي وحدود الممارسة النقابية بما لا يعيق مسيرة التنمية الاقتصادية.

المطلب الأول :تعريف النقابة

لم يعرف التشريع الجزائري ولا التشريعات المقارنة النقابة وترك هذا الجانب للفقه ومن خلال التعريفات المتداولة لدى الفقهاء والباحثين ،تعتبر النقابة جمعية مهنية غايتها حماية المهنة وتشجيعها والدفاع عن مصالحها والعمل على تقدمها من جميع الوجوه الاقتصادية والصناعية والتجارية ،أي الدفاع عن المصالح المهنية(مادية ومعنوية)للعمال [1].

ومن ثم يعتبر العمل النقابي من أهم أشكال السلطات الاجتماعية التي تساهم في تطوير وترقية ممارسة الحقوق والحريات النقابية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وتمثيل العمال واتخاذ كل إجراءات أو خطوات لحماية مصالحهم المادية والمعنوية.

كما ينظر للنقابة على أنها منظمة تتكون بطريقة حرة من جماعة من العمال على وجه دائم، أو منظم لتمثيل مهنتهم والدفاع عنها وحماية مصالحهم وتحسين أحوالهم ،ولقيام تأسيس هذه النقابات صحيحا يلزم توافر شروط شكلية وأخرى جوهرية.[2]

وظهور النقابات هو ظاهرة طبيعية، لأن الأشخاص الذين يكونون في وضع اقتصادي واجتماعي واحد مدعوون حتما إلى التكتل للدفاع عن مصالحهم، ويحافظوا على التوازن في علاقتهم مع أرباب العمل.[3]

قانون العمل الجزائري أشار صراحة إلى إمكانية ممارسة الحق النقابي ،بحيث يحق للعمال الأجراء، من جهة ، والمستخدمين، من جهة أخرى، الذين ينتمون إلى المهنة الواحدة أو الفرع الواحد أو قطاع النشاط الواحد ، أن يكونوا منظمات نقابية ، للدفاع عن مصالحهم المادية و المعنوية، كما يحق للعمال الأجراء ، من جهة ، والمستخدمين ، من جهة أخرى، أن يكونوا لهذا الغرض ، منظمات نقابية أو ينخرطوا انخراطا حرا و إراديا في منظمات نقابية موجودة شريطة أن يمتثلوا للتشريع المعمول به و القوانين الأساسية لهذه المنظمات النقابية [4].

نستنتج أن النقابة ليست جمعية عادية تخضع لأحكام قانون الجمعيات ،بل هي جمعية من نوع خاص ،تهدف إلى الدفاع عن المصالح المهنية لأعضائها وللمنخرطين فيها، وتخضع لأحكام قانونية خاصة(قانون النقابات)،أو قانون العمل ،عندما تدرج أحكام الممارسة النقابية في باب مستقل ضمن نصوص قانون العمل .[5]

ويتفق أغلبية الباحثين والمختصين في الشأن المهني أن النقابات أصبحت تشارك بفاعلية في إعداد وتنفيذ خطط وبرامج التنمية، والتعاون بين السلطة والنقابات أضحى شرطا ضروريا لإحداث التنمية الحقيقية ،لتصبح شريكا أساسيا ،ومعيار المشاركة مؤشر من مؤشرات الحوكمة(الحكم الراشد)،مما يدفع بمسيرة التنمية إلى الأمام ،ويساهم في تحقيق ديمقراطية تشاركية .

من جهة أخرى بالنظر لخصوصية التنظيم النقابي ،فعلينا ألا نخلط بين النقابات المهنية(نقابة المحامين)والنقابات العمالية، لأن النقابات المهنية عبارة عن مرافق عامة مهنية ، وقد تحولت التجمعات العمالية لشريك للدولة وتسعى لتحقيق المصلحة العامة، ولا يقتصر دورها على المطالبة المهنية والاجتماعية ،بخلاف النقابات المهنية والتي تدير المهن الحرة بنظام الحكم الذاتي وبفضل امتيازات تمنحها السلطة العامة. [6]

المطلب الثاني :خصائص النقابة

تلعب النقابات العمالية والنقابات المهنية دورا بالغ الأهمية في المجال الاقتصادي والاجتماعي وتعتبر في المجال السياسي قوة ضاغطة ،فدراستنا الحالية تقتصر على النقابات العمالية ونقابات أرباب العمل التي تنشط في إطار قانون العمل(ممارسة الحق النقابي)،دون النقابات المهنية والتي تسعى لحماية المنتسبين اليها في إطار مهنة منظمة، كمهنة المحاماة أو التوثيق أو محافظي الحسابات …

ومن ثم واعتبارا لكون النقابة العمالية منظمة أو تجمع يضم العمال الذين يمارسون مهنة أو حرفة واحدة أو الذين يباشرون عملا في مكان واحد، او لحساب منشأة واحدة بقصد الدفاع عن مصالحهم الاقتصادية والإجتماعية.2 ،مما يجعلنا نستخلص من تعريف النقابة ،أنها جمعية ذات طابع مهني وتتمتع بالشخصية المعنوية، على النحو الذي سنفصله أدناه[7].

أولا: النقابة جمعية

ذلك أن النقابة تتألف من عدة اشخاص يوحدون جهودهم بصورة دائمة، في سبيل غاية لا يقصدون بها تحقيق الربح المادي ،بل الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية، وهي تختلف على الجمعيات المهنية من ناحية عدم اجبارية الانتساب وشروط الممارسة ،وإن كانت النقابة جمعية إلا أنها لا تخضع لقانون الجمعيات بل لقانون العمل في مجال الممارسة النقابية.[8]

يكتسي في فرنسا العمل أو النشاط النقابي أهمية بالغة بحيث تتولى تمثيل العمال أمام رب العمل ومن سنة 1884 إلى غاية 1920 لم يقر المشرع هذه الممارسة إلا على المستوى المحلي أو المهني فقط … بمعنى أن النشاط النقابي محصور في المؤسسة إلى غاية صدور قانون 27 ديسمبر 1968 بحيث توسع مجال النشاط النقابي و أصبح دورها ممتد للدفاع عن المصالح المادية والمعنوية للعمال والتفاوض وبذلك تم إقرار حماية خاصة لأعضائها عند ممارستهم لنشاطهم…[9]

وأهم المبادئ التي يكرسها التشريع الفرنسي في مجال الممارسة النقابية تتمثل في:

– الحرية النقابية – التعددية النقابية – – الطابع المهني للنقابة

– la liberté syndicale -le pluralisme syndical – le caractère professionnel [10]

ثانيا: النقابة ذات طابع مهني(الصبغة المهنية للنقابة)

تنحصر غاية النقابة في الدفاع عن مصالح مهنة والعمل على الرفع من تقدمها من جميع الوجوه الاقتصادية والاجتماعية، ولا يجوز للنقابة أن تخرج عن هذه الصبغة وتنشغل بالعمل أو النشاط السياسي.

وقد نصت معظم التشريعات على منع ارتباط النقابة بجمعية ذات طابع سياسي ،بحيث نصت المادة 5 من قانون ممارسة الحق النقابي في الجزائر ،على أن التنظيمات النقابية مستقلة في تسييرها وتتمايز في هدفها وتسميتها عن أية جمعية ذات طابع سياسي.

ولا يمكنها الارتباط هيكليا أو عضويا بأية جمعية ذات طابع سياسي ولا الحصول على إعانات أو هبات أو وصايا كيفما كان نوعها من هذه الجمعية ولا المشاركة في تمويلها، تحت طائلة تطبيق الاحكام المنصوص عليها في المادتين 27 و 30 من القانون(توقيف النشاط أو الحل)[11].

مع الإشارة أن المشروع التمهيدي لقانون العمل الجزائري أبقى على نفس التدبير بموجب المادة 506 منه، أما قوانين العمل الأنظمة المقارنة فجلها كرس الطابع المهني ومنعت الارتباط العضوي والهيكلي للنقابة بالأحزاب السياسية ،هذا التوجه نصت عليه المادة 84 من قانون العمل اللبناني ،كما أن القضاء الفرنسي أكد أنه لا يجوز للنقابة أن تفرض على أعضائها الاشتراك في مظاهرة سياسية أو التدخل في الانتخابات البرلمانية.[12] ،ولكن هذا الحظر يعني النقابات كأشخاص معنوية ولا يخص الأشخاص المنتمين إليها، والذين يمكنهم الانتساب (الانخراط)في الأحزاب السياسية وممارسة السياسة بصفة فردية ودون غطاء نقابي.

وهو ما يعني أن النقابة تخضع لمبدأ التخصيص ،فلا يجوز لها أن تباشر أي نشاط يخرج عن حدود الغاية التي أنشئت من أجلها، وتطبيقا لهذه القاعدة قضت محكمة النقض الفرنسية في قرار بتاريخ 16-11-1914،بحل النقابة التي تعمل على إنشاء طوائف دينية ،والدعاية لصحيفة دينية، وتشجيع العمل على الحج لروما، وحكمت بالغرامة على مديرها، لأنها قامت بنشاط غير مشروع. [13]

قانون العمل الجزائري أجاز حق تكوين النقابات وحق الانتماء أو الانخراط انخراطا حرا وإراديا في تنظيمات نقابية موجودة شريطة الامتثال للتشريع المعمول به والقوانين الأساسية لهذه التنظيمات.

مع تطبيق نفس الأحكام على اتحادات التنظيمات النقابية واتحاداتها وكونفدراليتها[14].

ثالثا: النقابة تتمتع بالشخصية المعنوية

وتتمتع النقابة في إطار النشاط والممارسة النقابية بالشخصية المعنوية بحيث يمكنها تحريك الدعاوى كمدعية أو مدعى عليها، كما يمكنها الحصول على الأموال المنقولة والعقارية ويمكنها إبرام العقود والاتفاقيات … كما تقوم النقابة بعدة أدوار مهنية وأهمها :

-نشاط مطلبي (احتجاجي) revendication

– نشاط أو مهمة تمثيلية représentation

– دور الشريك في مجال التفاوض partenariat [15]

والاعتراف للنقابة بالشخصية المعنوية، هو الوسيلة القانونية لتيسير عمل النقابة الجماعي ،وتمكينها من ممارسة نشاطها وتحقيق أهدافها، وإن كان في بداية الأمر ثار جدل حول طبيعة النقابة القانونية هل هي شخص من أشخاص القانون العام أم شخصا من أشخاص القانون الخاص؟

والاستقرار الفقهي والقضائي يعتبر النقابة شخص من أشخاص القانون الخاص وتخضع في كل أحكامها إلى القانون الخاص، ولا تنطبق عليها قواعد القانون العام، ولا تعتبر أموالها أموالا عامة، ومنازعاتها تخضع لولاية القضاء العادي لا الإداري، ولا تمتلك حق السلطة العامة، كما هو مطبق على المرافق أو الجمعيات المهنية.[16]

لتصبح النقابة العمالية حرة في إنشائها ،بحيث تنشأ بالإرادة الحرة والمنفردة للأعضاء دون حاجة إلى تدخل من السلطة العامة، والعمال الأجراء أحرارا في الانخراط من عدم الانخراط دون أن يؤثر ذلك في مركزهم القانوني والمهني، والنقابة لا بد أن تحمل هدفا يميزها عن غيرها من المنظمات وهي شخص من أشخاص القانون الخاص بما يعني ذلك من تبعات قانونية وقضائية.

وهذا يعني أن للنقابة جنسية تتمتع بها وهي جنسية الدولة التي تنشأ فيها ،بحيث لا يحق للأجانب إنشاء نقابات في الدول التي يعملون فيها بموجب اتفاقيات أو عقود امتياز ،ونفس الشيء ينطبق على أرباب العمل والشركات الأجنبية.

واكتساب النقابة للشخصية المعنوية يعني الإقرار لها بالحقوق التالية:

-الحق في التملك،-الحق في التعاقد،-الحق في التقاضي.[17]

وبذلك يمكن للنقابة تملك العقارات والمنقولات بعوض أو بدونه، وشراء ما هو ضروري لممارسة مهنتها أو التوسط مجانا في بيع ما ينتجه أعضاؤها من شغلهم الشخصي ،وتسجيل علاماتها النقابية أو شارتهم طبقا للتشريع المعمول به.[18]

وقد نصت المادة 49 من القانون المدني الجزائري على الأشخاص الاعتبارية ومنها كل مجموعة من أشخاص أو أموال يمنحها القانون الشخصية القانونية، وتأكيدا للتوجه الفقهي والقضائي ،فقد نصت المادة 5ّ0 من القانون المدني على آثار الشخصية الاعتبارية ،بحيث يتمتع الشخص الاعتباري بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الانسان ،وذلك في الحدود التي يقررها القانون، ويكون لها على الخصوص

-ذمة مالية،

-أهلية في الحدود التي يعينها عقد إنشائها أو التي يقررها القانون،

-موطن وهو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارتها،

-نائب يعبر عن إرادتها،

-حق التقاضي.

وهذا ما نصت عليه المادة 16 من القانون 90/14 المتعلق بممارسة الحق النقابي بحيث اقرت للنقابة حق تمثيل العمال أمام كافة السلطات العمومية ،وبمناسبة إبرام العقود والاتفاقات و الاتفاقيات مع أصحاب العمل.[19]

ولا يعني حرية إنشاء النقابة وحرية الانخراط بالنسبة للعمال ولأرباب العمل عدم إخضاع إنشاء لأية شروط، بل أوجب القانون على كل مجموعة ترغب في إنشاء تنظيم نقابي الالتزام بالشروط القانونية

تحت طائلة عدم مشروعية الممارسة وعدم اعتراف السلطات العمومية بها.

وبالفعل أوجب القانون توفر شروط موضوعية وأخرى شكلية لإنشاء النقابة والاعتراف بها ،وتتمثل الشروط الموضوعية في الشروط التالية:

-شرط ممارسة المهنة.

-شرط الانتماء إلى المهنة الواحدة أو الفرع أو قطاع النشاط الواحد

-شروط لا بد توفرها في الأعضاء المؤسسين. [20]

أما الشروط الشكلية فقد نصت عليها المادة 10 من قانون ممارسة الحق النقابي ،وذلك من خلال:

-إيداع ملف التصريح بالتأسيس أو التسجيل،

-وصل التسجيل والإيداع.

-الإشهار.[21]

وباستيفاء الشروط الشكلية والموضوعية يصبح للنقابة وجود من خلال الاعتراف لها بالشخصية المعنوية

ويمكنها الدفاع عن مصالح أعضائها والمنتسبين إليها، وبعد فترة زمنية لا تقل عن ستة أشهر وعند جمعها لعدد من المنخرطين يمكنها التفاوض وإبرام العقود والاتفاقات والاتفاقيات، واكتسابها للصفة التمثيلية.

وأساس حركية العمل النقابي هو الحرية النقابية والذي يعد من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها التنظيم الدولي للعمل، ويتمتع بالحماية الوطنية والدولية على حد السواء.

من جهة أخرى، من المفيد التذكير، بأن التنظيم النقابي يقوم على المبادئ الثلاثة التالية:

1-التعدد ،بما يعني إمكانية إنشاء عدة تنظيمات نقابية لكل فئة من فئات المهن للعمال الأجراء ولأصحاب العمل، ويصبح لكل نقابة شخصية معنوية مستقلة عن النقابات الأخرى.

2-المراقبة،أي أن التنظيمات النقابية تخضع لرقابة الدولة في كل ما تمارسه من أنشطة ،بحيث تعطي الدولة الترخيص للنقابة وتراقب عملها وفي حالة الإخلال بإمكانها توقيف النشاط واتخاذ الإجراءات المناسبة لحلها ومصادرة أموالها.

3-الإختيارية،يتجلى ذلك في حرية الفرد في الانتساب أو عدم الانتساب إلى النقابة المهنية، وفي أنه حر في الانسحاب منها متى يشاء.

ولذلك لا يجوز للنقابة أن تفرض نفسها فرضا على الأجراء، بوضع شروط غير مهنية ،وهذا ما يميز النقابات العمالية عن الاتحادات المهنية. [22]

المبحث الثاني: الممارسة النقابية في الجزائر

يتبين مما سبق أن الحرية النقابية أصبحت مبدأ أساسيا في التشريعات الحديثة، ويقضي هذا المبدأ ،بأن لأفراد كل مهنة من المهن الحق بإنشاء نقابات خاصة تدافع عن مصالحها المهنية ،كما يقضي بأن لكل فرد في هذه المهنة الحق في الانضمام إلى هذه النقابات أو عدم الانضمام إليها، وإذا انضم إليها ،فله الحق بالانسحاب منها متى شاء[23]

مرت ممارسة الحق النقابي في الجزائر بعدة مراحل ،قبل إرساء قواعد الممارسة التعددية النقابية ،وميز النضال الذي خاضته الطبقة الشغيلة في إطار الدفاع عن حقوقها وحماية مكتسباتها المهنية ،وبات جليا إن نشأة وظهور النقابة مرتبط بظهور الصناعة وقيام التجمعات العمالية، وبالنظر للتطورات السياسية التي مرت بها الجزائر وخضوعها للاحتلال الفرنسي فترة تجاوزت القرن والنصف قرن، فإن الحركة النقابية في الجزائر تأثرت بهذا الوضع من ناحية تأخر نشأتها والضغوط التي عرفتها وكذا مشاركتها في الثورة التحريرية، وعليه فان مسار الحركة النقابية في الجزائر مر بمرحلتين على النحو التالي:

المطلب الأول: المرحلة الاستعمارية

الفرع الأول: الفترة الممتدة من 1884 الى 1939

فرض الواقع السياسي الذي عايشته الجزائر أثناء الحقبة الاستعمارية وضعية اقتصادية واجتماعية مزرية، وهو ما دفع بالعمال الجزائريين في البداية الدخول في النقابات الفرنسية المتواجدة بالجزائر ،وهذا للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية ،قبل أن يؤسسوا نقابات مستقلة تضم سوى العمال الجزائريين ،وهذا في ظل نصوص قانونية كانت تجيز الممارسة النقابية وأهمها، القانون 1884 الخاص بالنقابات

والقانون 12 مارس 1920،والذي حمس إلى الانخراط الواسع للعمال الجزائريين في النقابة العامة للشغل ،والتي تحولت إلى تنظيم سياسي هو حزب الشعب في مارس 1937،والذي حل سنة 1939 CGTمن طرف السلطات الفرنسية واعتباره مناهضا لفرنسا ومواليا للثورة التحريرية، مع الإشارة أنه في تلك الفترة تأسست الاتحادات الثلاثة الموجودة في الجزائر و قسنطينة و وهران، وبالنظر للمصداقية التي اكتسبتها الاتحادات فقد انظم اليها وانخرط فيها عدد معتبر من العمال، بحيث تضاعف عدد المنخرطين من 12 ألف عامل في سنة 1936 إلى أكثر من 20000 عامل بداية من 1938 .[24]

وما حمس انضمام الجزائريين إلى النقابات هو التمييز الذي شهدته الطبقة الشغيلة والظلم الذي عانته من أرباب العمل الفرنسيين، وحتى من طرف سلطة الاستعمار، بسعيها لقهر وحرمان العمال الجزائريين (المسلمين)من أبسط حقوقهم المهنية.

الفرع الثاني: الفترة الممتدة من 1939 الى 1956

تميزت بزيادة في عدد المنتسبين للتنظيمات النقابية ،بانخراط الجزائريين للدفاع عن مصالحهم وحقوقهم المهنية والتخفيف من الضغط الذي كان يمارسه أرباب العمل عليهم ،وهذا إلى غاية 1947 سنة تشكل تنظيم نقابي حر بعد مؤتمر حركة انتصار الحريات الديمقراطية، على رأسها المرحوم الشهيد عيسات إدير، وحل الحزب في سنة 1954 مما أثر في إعلان التنظيم النقابي ،إلى غاية إعلان الثورة وإعلان نقابة الاتحاد العام للعمال الجزائريين، ولعل الأوضاع المزرية التي عانى منها الجزائريين لا سيما العمال منهم، كانت الدافع الأساس والمحرك لإنشاء نقابات خاصة بالجزائريين ،بحيث تميزت الوضعية الاقتصادية والاجتماعية ب:

-تنامي ظاهرة البطالة في وسط الأهالي الجزائريين،

-ضعف القطاع الصناعي في الجزائر،

-احتكار العمال الأوروبيين والفرنسيين خاصة لمعظم المهن والصناعات، وترك الأعمال والقطاعات الأخرى للجزائريين.

-استغلال العمال الجزائريين في الأشغال الشاقة والمرهقة وذات الطابع الموسمي، لعزوف اليد العاملة الفرنسية ورفضها العمل فيها.[25]

في هذه الظروف المتميزة تأسست نقابة الاتحاد العام للعمال الجزائريين في 24 فيفري 1956 وقدمت ملف اعتمادها طبقا لقانون الجمعيات الفرنسي لسنة 1901،وأنتخب الشهيد عيسات ادير أول أمين عام لها، وضمت تحت لوائها اكثر من 50 نقابة ،و110.000 منخرطا، وساهمت بشكل فعال في مواجهة الاستعمار وشاركت في الثورة التحريرية [26].

المطلب الثاني: مرحلة ما بعد الاستقلال

الحركية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كانت لها أثر في التطورات التي عرفها التشريع العمالي في الجزائر ،ذلك أن الاقتصاد الجزائري مر بمرحلتين حاسمتين، مرحلة الدولة المتدخلة (الدولة الكل)ومرحلة الدولة غير المتدخلة(الخصخصة الاقتصادية واقتصاد السوق)،هذا الوضع كان له تأثير على تعاطي المشرع مع مجال الممارسة النقابية ،بعد الاستقلال مباشرة صدر الأمر 71/75 المؤرخ في 16/11/1971 والذي اعترف للعمال بالحق النقابي بإمكانية إنشاء فرع نقابي في كل مؤسسة خاصة، ثم صدر المرسوم 75/64 المؤرخ في 29/04/1975 المتعلق بحماية الحق النقابي في المؤسسات الخاصة ليضفي الحماية القانونية على هذا الحق ،إضافة إلى الأحكام التي تضمنها الأمر 71/74 المتعلق بالتسيير الاشتراكي للمؤسسات والذي اضفى على العامل صفتين، منتج ومسير، وإعطاء دور لمجالس العمال لتمثيل العمال، وهذا إلى غاية صدور القانون 88/28 المؤرخ في 19 يوليو 1988،المتعلق بممارسة النشاط النقابي ،وهو أول نص كرس الممارسة النقابية في ظل الاتحاد العام للعمال الجزائريين دون سواه(الوحدوية النقابية)،وبقت الأمور على حالها إلى غاية صدور دستور 89 والذي أقر التعددية النقابية وعلى إثره صدر القانون 90/ 14 بتاريخ 02 يونيو 1990،المعدل والمتمم، المتعلق بممارسة الحق النقابي، وهو أول نص أجاز التعددية النقابية، وعليه يتبين أن هاته المرحلة تم التعاطي فيها مع الحق النقابي من خلال الفترات التالية:

الفرع الأول: في ظل الوحدوية النقابية

الفترة الممتدة من سنة 1962 إلى غاية 1988 تميزت بحصر الممارسة في ظل الاتحاد العام للعمال الجزائريين ،بالرغم من صدور عدة نصوص ذات صلة بالممارسة النقابية ،بدءا بالأمر 71/75 المؤرخ في 16/11/1971 والأمر 71/74 المؤرخ في 16/11/1971 ،المتعلق بالتسيير الاشتراكي للمؤسسات هذا النص وسع من صلاحية مجالس العمال باعتبار التسيير الاشتراكي للمؤسسات يضفي على العامل صفتين ،صفة عامل اجير وصفة مسير، ويعد بمثابة انتقال النقابة داخل المؤسسة…

وهذا النص لا يعترف بالتعددية النقابية ويجعل من العمل النقابي مجرد إطار سياسي لا يمكن تبريره خارج النظام السياسي القائم على الحزب الواحد، وهو ما يتجلى باعتبار الاتحاد منظمة جماهيرية تابعة للحزب، تستخدم كأداة لتجنيد العمال في إطار الاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة.[27]

الى غاية صدر القانون 78/12 المؤرخ في 05 اوت 1978 المتضمن القانون الأساسي العام للعامل والذي جاء بفكرة توحيد الأنظمة القانونية وتوحيد سياسة الأجور، بما يعني توحيد النصوص المتعلقة بالممارسة النقابية على كافة القطاعات(القطاع الإداري الاقتصادي العام ،القطاع الخاص)مع ابقاء الهيمنة النقابية للاتحاد العام للعمال الجزائريين، حتى أصبح الاتحاد المتهيء(الممون) الرئيس للدولة بالعديد من الإطارات، وهذا التزاوج بين الاتحاد والقيادة السياسية للدولة، هو المفسر لسير الوفاق الاجتماعي الذي طبع تاريخ علاقة الدولة بالحركة النقابية ،هذه الحركة التي اختارت الاندماج في هياكل الدولة بدلا من الاستقلال عنها ،وهو ما جعل من الممارسة النقابية تتميز بالطابع الشكلي دون فاعلية نقابية، وهذا يتجلى من خلال العزوف عن الممارسة النقابية والنزاعات الداخلية والمستوى المتدني للمنخرطين.[28]

من الملاحظ أنه منذ سنة 1976 لم يصدر أي نص يخص تحرير العمل النقابي وضبطه إلى غاية سنة 1988 وصدور القانون 88/28 المؤرخ في 1ّ9 يوليو 1988 والمتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي،والذي ربط بين حزب جبهة التحرير الوطنية والاتحاد العام للعمال الجزائريين مع اعتماد الوحدوية النقابية وحصرها في الاتحاد العام للعمال الجزائريين ،مع الربط بين النضال الحزبي والمسؤولية النقابية على غرار باقي مؤسسات وهيئات الدولة.[29]

اذا كان قد القانون حدد الإطار العام للممارسة النقابية وفتح مجال لإشراك العمال في أجهزة المؤسسات العمومية، فإن الواقع الاقتصادي والاجتماعي كان يسير في اتجاه مغاير، لا سيما مع صدور قوانين استقلالية المؤسسات والتي فتحت المجال لإعادة هيكلة المؤسسات العمومية وجعلها تنفتح على السوق الداخلي والخارجي ،وهناك أسباب جدية جعلت من السلطة سرعان ما تفكر في مراجعة هذا النص بما يتلاءم والوضع الجديد، ومن هذه الأسباب:

-غياب التنسيق بين الخلايا النقابية.

-ظهور بوادر الانقسام بين الحزب والاتحاد العام للعمال الجزائريين.

-نقص الوعي النقابي لأغلبية المنخرطين في الاتحاد العام للعمال الجزائريين[30].

إن تهميش النقابة عند الإقدام على اتخاذ إجراءات إعادة الهيكلة والتصحيح الاقتصادي، ساهم في فقدان الثقة في الاتحاد ،وبروز رغبة من مجموعة منخرطين للاستقلال عن الحزب والسلطة للحفاظ على المكاسب المهنية والاجتماعية، بعد أن وافق الاتحاد وساند البرامج الاقتصادية التحررية دون مراعاة لمصالح العمال، ودون حتى استشارتهم.

تسارع الأحداث والتطورات التي عرفتها الجزائر ،استلزم مراجعة الأحكام الدستورية والقوانين ذات الصلة بالعمل النقابي، ذلك أنه و بعد أن كانت الممارسة النقابية محصورة في الاتحاد العام للعمال الجزائريين بموجب القانون 88/28 فإنه ومع دخول الجزائر مرحلة الإصلاحات السياسية والاقتصادية و إقرار التعددية الحزبية والنقابية بموجب دستور 1989 ،تم فتح المجال النقابي للتنافس والتنوع بين مختلف التنظيمات النقابية، بحيث نصت المادة 56 من دستور 1989 على أن الحق النقابي معترف به لجميع المواطنين، بما يفيد هجر فكرة الوحدوية النقابية والاتجاه لفتح المجال للحرية النقابية .

المطلب الثاني: في ظل التعددية النقابية

وبخلاف النصوص القانونية السابقة لاسيما القانون 88/28 المؤرخ في : 19/07/1988 والذي حصر الممارسة النقابية في إطار الاتحاد العام للعمال الجزائريين فإنه وباعتماد التعددية الحزبية والنقابية بموجب دستور سنة 1989 ، صدر قانون 90/14 المؤرخ في 02/06/90 المتعلق بممارسة الحق النقابي و أدخل مفاهيم جديدة و نمط جديد لتمثيل العمال على أساس مبدأ التعددية النقابية و حرية الانتساب إلى النقابات ،وحرية الإنشاء للعمال ولأرباب العمل على حد السواء، مع إضفاء الحماية القانونية لهاته الممارسة بما فيها استقلالية التسيير ومنع أية جهة من التدخل و الحث على التمثيل الحقيقي و الديمقراطي للعمال في الحوار و المشاركة ، وقد يترتب على ممارسة الحق النقابي ما يلي:

– حرية إنشاء و الانتماء للنقابات .

– التعددية النقابية تخص العمال و المستخدمين على حد السواء .

– مساهمة المنظمات النقابية التمثيلة في التفاوض و المشاركة .

– إمكانية كل نقابة تمثيلية إنشاء هيكل نقابي ضمن شروط نص عليها القانون . [31]

وتعتبر الحركة النقابية في الجزائر منذ نشأتها جزء من الحركة النقابية العالمية ، بصفة عامة والدول النامية ، بصفة خاصة، وتعتبر سنة 1990 بمثابة المنعرج في حياة ومسيرة النشاط النقابي في الجزائر إذ أنه وتطبيقا لمبدأ التعددية النقابية المكرس بموجب دستور 1989،لم يبق الحق النقابي مقتصرا على الانخراط أو الانسحاب من النقابة الوحيدة التابعة للاتحاد العام للعمال الجزائريين ، بل أصبح حقا كاملا بما فيه حق تكوين التنظيمات النقابية ، وغيرها من الحقوق المتصلة بممارسة الحق النقابي لكل النقابات ولكل العمال وأرباب العمل على حد السواء .

لقد كرس الدستور الحق النقابي حينما جعله مطلقا بأن نص على أن الحق النقابي معترف به لجميع المواطنين ،وهذا التوجه تضمنه دستور 1989،ودستور 1996 المعدل في سنة 2016.[32]

وبالاستناد إلى المبادئ العامة الواردة بالدستور والنصوص المتعلقة باستقلالية المؤسسات ،فان الأمر اقتضى إصدار القانون المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي، تحقيقا للأهداف التالية:

-ترسيخ ممارسة الحريات الأساسية في عالم الشغل،

-الحث على التمثيل الحقيقي، والديمقراطي للمتعاملين الاجتماعيين،

-تعزيز أسس الحوار والتشاور وتنظيم مشاركة النقابة في المؤسسة المستخدمة [33]

ذلك القانون 90/14 طرح نموذجا جديدا للممارسة النقابية ،بسعيه إلى تحويل النقابة كفضاء للضبط الاجتماعي، لا يتشكل فقط من العمال الأجراء ،بل من حق أرباب أيضا تكوين نقابات خاصة بهم، حسب ما نصت عليه المادة الثانية من القانون.[34]

وبالفعل، ومن خلال ما سبق ذكره، فقد جاء القانون الجديد المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي ، مقرا للمبادئ الأساسية التالية :

1- الحرية في إنشاء المنظمات النقابية مما يترتب عنه الأخذ بالتعددية النقابية …للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية .

2- مساهمة المنظمات النقابية التي لها الصفة التمثيلية للعمال في التفاوض الجماعي داخل المؤسسة والمشاركة في الوقاية من الخلافات الجماعية في العمل وتسويتها …[35]

وبذلك تعتبر المنظمات النقابية مستقلة في تسيرها، و تتمايز في هدفها و تسميتها عن أية جمعية ذات طابع سياسي ، و لا يمكنها الارتباط هيكليا أو عضويا بأية جمعية ذات طابع سياسي و لا الحصول على إعانات أو هبات أو وصايا كيفما كان نوعها من هذه الجمعيات و لا المشاركة في تمويلها ، تحت طائلة تطبيق الأحكام المنصوص عليها في المادتين 27 و 30 من هذا القانون(الحل والتوقيف)، غير أن أعضاء المنظمة النقابية يتمتعون بحرية الانضمام الفردي إلى الجمعيات ذات الطابع السياسي.[36]

والغاية من وراء الفصل بين النقابات المهنية والأحزاب السياسية ،هي تحقيق هدفين:

-الاول :تجنب استعمال الطبقة العاملة كورقة ضغط سياسي من طرف الجمعيات السياسية، والتي قد تسيء استخدامها لأغراض انتخابية أكثر منها مهنية،

– الثاني :تجنب التجربة السابقة، حيث كانت النقابة مجرد منظمة جماهيرية، تبعيتها للسلطة والحزب أكثر من دفاعها عن مصالح العمال المادية والمعنوية.[37]

وانطلاقا مما سبق تصبح النقابة من منظور السلطة مجرد إطار لطرح المشاكل المهنية والاجتماعية للعمال، وهذا المفهوم الجديد للنقابة يتناسب مع التعريف الليبرالي لها، ويتجلى هذا الطابع للنقابة الجزائرية من حيث الأوجه التالية:

-من حيث عملية التأسيس،

-من حيث مضمون القانون الأساسي،

-من حيث التمثيل النقابي[38]

إن القانون الجديد أصبح يركز على الجانب التفاوضي بدلا من الجانب التنظيمي ،وهو ما جعل من التنظيمات النقابية تلعب دورا بالغ الأهمية في إرساء قواعد قانون العمل، ورسم معالم العلاقات الفردية والجماعية بآلية التفاوض والعقود الجماعية، بالرغم من المعيقات الميدانية التي تؤثر في الممارسة النقابية، لا سيما انعدام الثقة والتعاون بين المنظمات النقابية العمالية ومسيري المؤسسات المستخدمة، وضعف مستوى المندوبين النقابيين في مجال التفاوض، وتدخل السلطة في غالبية الأحيان و هو ما حال دون تفعيل القانون الاجتماعي الاتفاق، بحسب رأي الأستاذ سليمان أحمية. [39]

من جهة اخرى اقر القانون للتنظيم النقابي بتمتعه بالشخصية المعنوية وما ينتج عنها ما أثار، طبقا لما ورد في صلب المادتين 49 و50 من القانون المدني الجزائري.

وبالفعل تمتع النقابة بالشخصية المعنوية واعتراف المشرع لها بذلك يمكنها من التحرك والنشاط وتحمل المسؤولية، على اعتبار ان لها حق التعاقد ولها ممثلا ولها ذمة مالية مستقلة ومقر وأهلية تقاضي ،وهذا بالحتمي يعني وجوب استيفائها لشروط شكلية وموضوعية حتى يعترف لها المشرع بذلك ويمنحها الاعتماد بالممارسة.

اضافة الى تمتع التنظيم النقابي بنتائج المترتبة على اكتساب الشخصية المعنوية فقد اوردت المادة 16 من القانون 90-14 حقوق يتمتع بها التنظيم النقابي وتتمثل في:

-التقاضي وممارسة الحقوق المخصصة للطرف المدني لدى الجهات القضائية المختصة…

-تمثيل اعضائها اما السلطات العمومية،

– ابرام اي عقد او اتفاقية او اتفاق له علاقة بهدفها،

-اقتناء املاك منقولة او عقارية… 2

وخص نفس القانون الباب الثالث للمنظمات النقابية التمثيلية بتيان حدود التمثيل النقابي وكذلك التسهيلات المكرسة للمثلين النقابيين والحماية المقررة لهم. 3

وبالنظر لعلاقة الممارسة النقابية بجوانب حساسة ،من جهة اعتبارها حق للعمال الاجراء ،والتزام على عاتق ارباب العمل ،بشرط النشاط طبقا وفي ظل القانون بما يعني ترتيب تبعات و جزاءات على كل خرق او مخالفة للقانون طبقا لما ورد في الباب الخامس من القانون 09-14. [40]

المبحث الثالث: واقع وآفاق الممارسة النقابية في الجزائر

تثير الممارسة النقابية في ظل القانون 90/14 المؤرخ في 02/01/1990 المتعلق بممارسة الحق النقابي إشكالات بخصوص حدود و آثار التمثيل النقابي و كذا كيفيات عمل الفروع النقابية و صلاحيات المندوبين و الممثلين النقابيين و كذا تمثيلية النقابات و النقابات الأكثر تمثيلا .

ذلك أن فتح المجال أمام التعددية النقابية لا بد أن يقابله جو سياسي واقتصادي واجتماعي منفتح ،لأن الغاية من التعددية النقابية هو فسح المجال للمنافسة الشريفة، وإعطاء استقلالية للتنظيمات النقابية لتقوم بدورها المهني في جو شفاف وبدون تحيز ولا ضغوط، على اعتبار أن النشاط النقابي في ظل التعددية يقوم على شرطين:

الأول: الاستقلالية، أي استقلالية التنظيم النقابي عن أية تبعية سياسية(لا تبعية لحزب ولا للسلطة)،بما في ذلك ضمان حقه في وضع قانونه الأساسي ونظامه الداخلي بكل حرية ،لتصبح النقابة شريكا ضروريا في تحقيق التنمية والنمو الاقتصادي.

الثاني: الديمقراطية، بما يعني أن الممثلين النقابيين ينتخبون بطريقة ديمقراطية وبدون فرضهم من اطراف لا علاقة لهم بالنقابة.

ويصبح بذلك العمل النقابي من أهم أشكال السلطات الاجتماعية التي تساهم بقدر كبير في تطوير وترقية ممارسة الحقوق والحريات النقابية بما يؤدي إلى استقرار سياسي واقتصادي وتدعيما للأمن والهدوء الاجتماعي. [41]

المطلب الأول :مرحلة صدور القانون 90/14 المكرس للتعددية النقابية

صدور القانون 90/14 جاء تماشيا مع أحكام دستور 1989 والذي أقر التعددية الحزبية والتعددية النقابية، فتح مجال الحريات العامة ،في هذه المرحلة كان تأثير الاتحاد العام ما زال قائما لكونه التنظيم النقابي الوحيد الذي مارس النشاط النقابي احتكارا منذ الاستقلال ،وهو ما أهله لأن يبقى أكبر ممثلا للطبقة الشغيلة، لا سيما وأن باقي التنظيمات النقابية، تأسست إما كردة فعل ،أو بإيعاز من أحزاب معارضة وهو ما يعد انتهاكا لاستقلاليتها ومخالفة للقانون.

وتميزت هذه المرحلة بعدم تكافئ الفرص بحيث أن الاتحاد العام للعمال الجزائريين استفاد من الوسائل المادية والبشرية التي كانت تحت تصرفه إبان الوحدوية النقابية ،كما أن السلطة من جهتها بقت تتعامل معه منتهكة قواعد الممارسة القانونية والاتفاقيات ذات الصلة ،وقد أجمع الملاحظين أنه وإلى غاية سنة 1996 تعاملت السلطة بحذر كبير مع فتح مجال الممارسة النقابية.

وبالنظر للتوجه السياسي الذي كان سائدا عمدت الدولة إلى التدخل الإداري والملاحقة القضائية والتضييق على التنظيمات النقابية التي لم يكن لديها الخبرة الكافية ولا الوسائل المادية والبشرية ،وهو ما أفشل التنافس النقابي الحر ،بحسب تقارير محلية ودولية حول الوضع النقابي في الجزائر بعد إقرار التعددية النقابية.[42]

وما جعل السلطة تتخذ مواقف سلبية هو الأداء النقابي غير الفعال للنقابات المستقلة في بداية الأمر وتخبطها في وضع خطط لحماية المصالح المادية والمعنوية للمنخرطين في تنظيماتها، لكن مع مرور الزمن اكتسبت النقابات المستقلة خبرة وأصبحت أكثر احترافية ومهنية في ممارسة نشاطها النقابي، لا سيما في سلك الإدارة العامة وفي سلك التعليم.

وبناء على ما تقدم ،أصبحت النقابة المحور الرئيسي للسلطة ،بعد أن خولها المشرع صلاحية التفاوض الجماعي والمشاركة في الوقاية من منازعات العمل الجماعية ،وهو ما جعلها تكتسب شكل جديد بحيث انتقلت من مجرد منظمة جماهيرية تابعة لحزب جبهة التحرير الوطني ،إلى مرتبة الشريك أو الحليف للبقاء في الحكم أو الذهاب منه، وهذا هو الدور الجديد للاتحاد العام للعمال الجزائريين ،وتبقى المفاوضة في كل الحالات سلطة جديدة وفعالة للتنظيمات النقابية… [43]

المطلب الثاني: مرحلة ما بعد سنة 1996

في سنة 1996 صدر دستور الجزائر الثاني في عهد التعددية الحزبية والنقابية، وأبقى على المكاسب التي تضمنها دستور 1ّ989 في مجال الحريات والحقوق العامة ،مع الاستفادة من فترة ست(6) سنوات من الممارسة الميدانية ،إلا أن التكريس الحقيقي للحرية والتعددية النقابية اعترضته عدة معوقات وعراقيل من طرف المتعاملين مع التنظيمات النقابية ،وهذا بحسب تقارير اللجان المختصة والتي تتابع وتراقب عن كثب مدى التزام الدولة بشروط الممارسة النقابية الحرة والمستقلة.

وفي أول تقرير لها أصدرت اللجنة الوطنية للحريات النقابية ، تقريرا مفصلا عن الحريات النقابية في الجزائر بعنوان “الحريات النقابية المقيدة “،بما يفيد وجود تضييق على النشاط النقابي وعدم الالتزام بأحكام الاتفاقيات الدولية، وفي شهر جويلية 2011 صنف الاتحاد الدولي للنقابات الجزائر في قائمة تضم مجموعة من الدول هي الأكثر تضييقا وتقييدا للحريات في العالم.[44]

وتلجا الدولة لعدة أساليب للتضييق على النشاط النقابي والتدخل فيه بما يعيق الممارسة المستقلة والحرة، ومن هذه الأساليب ،التدخل الإداري، والملاحقات القضائية، والتوقيف التعسفي ومعاقبة النشطاء النقابيين وكذا رفض منح التراخيص بحجج واهية.

وهذا السلوك في النهاية يؤدي إلى إنكار الدولة لمبدأ استقلالية النقابات وأحقيتها في أن تكون طرفا أساسيا في رسم السياسة العامة والمشاركة في التنمية ومسيرة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي.

ويتجلى التقييد بخلق الدولة لنقابات موالية لها وتسير في فلكها، وكذا غلق المقرات ومنع الاجتماعات وعدم إشراكها في المفاوضات ، وعدم تقديم الدعم للتنظيمات المستقلة عنها بما يؤثر سلبا في نشاطها، وإن كانت هذه التنظيمات النقابية تبقى تواجه عمدت السلطة إلى ملاحقتها قضائيا وحلها ،ملاحقة النقابات تارة وإطاراتها تارة أخرى.

وكتقييم شامل يتبين أن النصوص ذات الصلة بالممارسة النقابية توحي بأن الجزائر ملتزمة بأحكام الاتفاقيات الدولية المصادق عليها ،لكن الواقع العملي أثبت تردد وتخوف السلطة من فتح المجال النقابي لعدة اعتبارات سياسية ومهنية ،لتصبح بذلك التعددية النقابية تعددية شكلية ،لكن صدور دستور 2016(المعدل لدستور 1996)حسم الجدل وأظهر نية الدولة في السير قدما نحو تكريس تعددية نقابية وإزالة كل العوائق بما يحقق دولة القانون والحريات ،وهذا جلي كذلك من الأحكام التي تضمنها المشروع التمهيدي لقانون العمل.

خاتمة(نتائج وتوصيات)

مما سبق نخلص إلى أن النشاط النقابي من أهم المواضيع التي يضبطها قانون العمل ،وفتح المجال النقابي للتنافس بآلية التعددية يعتبر مكسبا مهنيا لا يمكن الاستهانة به مهما كانت النقائص ،لكن من المستحيل أن يساهم النشاط النقابي في ترقية العلاقات المهنية والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، ما لم تتمتع التنظيمات باستقلالية في عملها، ولو نسبية، عن السلطة، على اعتبار أن الاستقلالية من المبادئ الجوهرية التي تساهم في تحقيق السلم الاجتماعي في الدولة.

وقد تميزت الممارسة النقابية إلى غاية سنة 1990 بالوحدوية النقابية بحصر الممارسة في الاتحاد العام للعمال الجزائريين باعتباره منظمة جماهيرية تابعة لحزب جبهة التحرير الوطني ،ومن ثم مسايرته لكل قرارات السلطة في المجال الاقتصادي والاجتماعي، وابتعاده عن النشاط النقابي إلى المساندة السياسية،

بصدور دستور 1989 ،دستور الحريات، وإقراره التعددية الحزبية والتعددية النقابية ،كان لزاما على المشرع استصدار نص قانوني يخص النشاط النقابي ،وبالفعل صدر القانون 90/14 والذي كرس التعددية النقابية، بفتح المجال للتنافس ،لكن على أن تنشأ التنظيمات النقابية في ظل الديمقراطية والاستقلالية ،مما يوحي التزام الجزائر بأحكام الاتفاقيات الدولية المصادق عليها، لا سيما الاتفاقية 87 والاتفاقية 98 ،لكن الواقع أثبت أن ضغوط وقيود فرضتها السلطة حالت دون التجسيد الميداني للمبادئ المعلن عنها رسميا ،وتم تأكيدها بموجب دستور 1996 والتعديل الدستوري لسنة 2016،في إطار تكريس دولة القانون والحريات، وهناك عدة أسباب دفعت بالسلطة إلى هاته الممارسة تم ذكرها في صلب الدراسة، ومهما يكن من الحال تبقى التجربة الجزائرية رائدة في مجال النشاط والممارسة النقابية ،بما يجسد نظرية مفادها: ان التعددية ليست وبالا على العالم المهني(عالم الشغل)والعالم الاقتصادي، بل هي مكسب لا يستهان به ويجب حمايته وتحسيس كل الفاعلين بذلك .

ذلك أن الممارسة النقابية التعددية الشفافة والبعيدة عن الضغوط ،هي مؤشر من مؤشرات الحكم الراشد ،لأنها تمثل المشاركة والتفاوض وتحقق الاستقرار الاجتماعي(السلم الاجتماعي) والاقتصادي، بما يمكن الحركية الاقتصادية من المساهمة في التنمية المستدامة والتطور المنشود.

ومن خلال دراسة وتحليل المراحل التي مر بها النشاط النقابي في الجزائر ،توصلت إلى بعض النتائج العلمية ،كما أنهيت الدراسة بتوصيات ،الأخذ بها يساهم في تفعيل الممارسة النقابية وجعلها في خدمة السلم الاجتماعي والتنمية الاقتصادية، على النحو الذي سنبينه.

النتائج المتوصل اليها:

1-أنه وبداية من صدور دستور 1989 والقانون 90/14 المؤرخ في 02/جوان/1990 المتعلق بممارسة الحق النقابي ،اختارت الجزائر طريق التعددية النقابية

2-الأحكام الدستورية والقانونية والتنظيمية ذات الصلة بممارسة الحق النقابي في مستوى تطلعات الطبقة الشغيلة

3-أن التنظيمات النقابية التي تأسست في بداية التعددية لم تكن في مستوى الدور المنوط بالنقابة كمنظمة مهنية هدفها الدفاع عن مصالح العمال المادية والمعنوية

4-بالنظر للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي مرت بها الجزائر ،حاولت السلطة تقزيم دور التنظيمات النقابية ودعمها المباشر وغير المباشر للاتحاد العام للعمال الجزائريين

5-مارست السلطة في بعض الأحيان التدخل الإداري والتقييد من نشاط التنظيمات النقابية وهو ما أثر على وضع التعددية في الجزائر بحسب التقارير الموجهة للسلطة للالتزام بالاتفاقيات والمواثيق الدولية والأحكام الدستورية المكرسة للاستقلالية والحرية النقابية.

6-ضعف تكوين الإطارات النقابية التي تحملت مسؤولية إنشاء نقابات أثر في أداء التنظيمات النقابية وخلق منافسة شريفة تساهم بتحقيق السلم الاجتماعي وتنشغل بالمساهمة بالتنمية المستدامة.

7-صدور القانون 08/08 المتعلق بمنازعات الضمان الاجتماعي، والقانون 08/09 المتعلق بقانون الإجراءات المدنية والإدارية، وإعطاء الاختصاص القضائي للقسم الاجتماعي(محكمة عمالية) للبت في منازعات الممارسة النقابية بموجب المادة 500 منه، يعتبر نقلة نوعية في تكريس دولة القانون وتسهيل إجراءات التقاضي وتبسيطها وإزالة الغموض على هذا الصنف من المنازعات

8-بعد صدور التعديل الدستوري 2016 أفصحت الدولة عن نيتها في المضي قدما لتحقيق تعددية حقيقية في ظل الاستقلالية والديمقراطية ،بما يحقق دولة القانون ليس على الورق بل في الواقع ،تماشيا مع تعهدات الدولة الخارجية ونيتها في تكريس مؤشرات الحكم الراشد

9-طرح للنقاش والإثراء مشروع تمهيدي لقانون العمل، قانون جامع لكل مشتملات القانون العمالي، وتخصيص كتاب مستقل للممارسة النقابية، يعد بادرة حسنة من المشرع ،بما يكرس تعددية حقيقية وخلق جو تنافسي بعيدا عن كل الضغوط والقيود، وهو ما يبين استفادة السلطة من التجربة السابقة وتثمينها في إصدار القانون الجديد.

التوصيات:

مهما كانت الإيجابيات والمحاسن التي عرفها مجال النشاط النقابي في الجزائر، من ناحية النصوص والمصادقة على الاتفاقيات الدولية، إلا أننا كباحثين في مجال القانون الاجتماعي، ومن خلال تجربتنا المتواضعة ،ومقارنة بالخطوات التي اتخذتها بعض الأنظمة المقارنة ،نتقدم بالتوصيات التالية:

1-لا بد من مراجعة شاملة للقانون 1990 والذي صدر في وضع وظروف سياسية واقتصادية واجتماعية داخلية ودولية، غير الظروف الحالية ،بما يمكن من تعددية نقابية تستجيب لتطلعات الطبقة الشغيلة وآمالها.

2-إعادة النظر في مسالة تمثيلية النقابات والنقابات الأكثر تمثيلا بما ينسجم مع الوضع الاقتصادي الحالي.

3-إرساء قواعد الحماية النقابية للإطارات والمندوبين النقابيين بما يتماشى وروح الاتفاقية الدولية رقم 135 لسنة 1971 والمتعلقة بحماية ممثلي العمال في المؤسسة والتسهيلات الممنوحة لهم

4-عدم ممارسة أي شكل من أشكال التقييد أو التدخل أو الملاحقات التعسفية ضد النقابات والإطارات النقابية بسبب نشاطهم ومواقفهم النقابية، والالتزام بنص المادة 2 من الاتفاقية الدولية رقم 87.

5-إعادة فتح المركز الوطني للتكوين النقابي ،وجعله يساهم في تكوين المندوبين النقابيين والإطارات النقابية لكل التنظيمات المعتمدة ،وليس فقط لإطارات والنقابيين التابعين للاتحاد العام للعمال الجزائريين

6-وجوب الدعم المادي للتنظيمات النقابية بحسب عدد منخرطيها وبطريقة شفافة وبدون تمييز

7-إعادة النظر في كيفيات التمثيل النقابي على مستوى الهيئات و الأجهزة والمؤسسات واللجان(المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي ،لجان الطعن في مجال الضمان الاجتماعي ،لجان العجز ،لجان الطعن المحلية والوطنية في منازعات التقاعد والمعاشات..)، والتمثيل على مستوى أجهزة الهيئات الدولية(مكتب العمل الدولي، منظمة العمل الدولية…)بما يحقق العدالة وعلى أساس معايير موضوعية لا معيار الولاء للسلطة .

8-مراجعة الجزاءات المقررة ضد المستخدمين الذين يعرقلون ممارسة الحق النقابي بأي شكل من الأشكال

9-إعادة النظر في الشروط الشكلية والموضوعية لإنشاء النقابات بتخفيفها بما يتلاءم ويتماشى ودولة القانون ،لا سيما مؤشر تبسيط الإجراءات(من ناحية اجل الترخيص، والإشهار ،وحضور محضر قضائي للجمعية العامة التأسيسية…)

10-فصل جانب نقابات أرباب العمل ،بمحور مستقل عن نقابات العمال الأجراء ،لأن لكل خصوصياته

11-الإلتفات إلى موضوع الثلاثية(حكومة نقابة وأرباب العمل)ومراجعتها بما يتماشى والتمثيل النقابي الواقعي والفعال ،وعدم حصر التمثيل في نقابة واحدة قد لا تحسن اتخاذ المواقف والقرارات لا سيما في مسالة تحرير الاقتصاد وتحديد الحد الأدنى من الأجور ،مع ضرورة احترام ما ورد في صلب المادة 5 من الإتفاقية الدولية رقم 87 المشار إليها أعلاه، والاتفاقية رقم 144 لسنة 1976 المصادق عليها سنة 1993

12-الإلتفات لمسألة الأجانب العاملين في الجزائر وحقهم في الدفاع عن مصالحهم بالانتماء لأية نقابة

13-الإلتفات لمسألة تمويل النقابات بعدم فرض قيود إدارية وجزائية على الوصايا والهبات وتحريرها من الترخيص الإداري.

14-إنشاء جهة مختصة بمنازعات الممارسة النقابية خلافا لما هو وارد في نص المادة 500 الفقرة 4 من قانون الإجراءات المدنية الإدارية.

هناك توصيات أخرى سيتم تقديمها في مناسبات علمية ،مع بقاء البحث مفتوحا لأهل الاختصاص لإثراء هذا الموضوع العمالي الهام والحساس في نفس الوقت.

تم بحمد الله وعونه

الدكتور خليفي عبد الرحمن

أستاذ محاضر بالمدرسة العليا للضمان الاجتماعي ،الجزائر العاصمة

نائب رئيس تحرير مجلة الاقتصاد والقانون

رئيس فرقة بمخبر الشباب والمشكلات الاجتماعية

خبير على مستوى ندوة جامعات الشرق الجزائري

لائحة المصادر والمراجع :

أولا: النصوص الرسمية

1-الدساتير

-دستور 1976

-دستور 1989.

-دستور 1996 المعدل في سنة 2016. .

2:الإتفاقيات والمواثيق الدولية

-الاتفاقية الدولية رقم 87 لسنة 1948 المتعلقة بالحرية النقابية وحماية الحق النقابي(منظمة العمل الدولية)،تمت المصادقة عليها من طرف الجزائر في سنة 1962

– الاتفاقية الدولية 98 لسنة 1949 المتعلقة تطبيق حق التنظيم والمفاوضة الجماعية(منظمة العمل الدولية)، تمت المصادقة عليها من طرف الجزائر في سنة 1962

– الاتفاقية الدولية رقم 135 لسنة 1971 بشان توفير الحماية والتسهيلات لممثلي العمال في المؤسسة(منظمة العمل الدولية)، تمت المصادقة عليها من طرف الجزائر في سنة 2006

– الاتفاقية الدولية رقم 144 لسنة 1976 حول المشاورات الثلاثية المتعلقة بمعايير العمل الدولية(منظمة العمل الدولية)، تمت المصادقة عليها من طرف الجزائر في سنة 1993

3: النصوص القانونية والتنظيمية ومشاريع القوانين

الأمر74/71 المؤرخ في 1971/11/16 المتعلق بالتسيير الاشتراكي للمؤسسات( ملغى)

– القانون 12/78 المؤرخ في 5 اوت 1978 المتضمن القانون الأساسي للعامل. ( ملغى)

-القانون 82/06 المؤرخ في 27 /02/1982 المتعلق بالعلاقات الفردية للعمل( ملغى)

-القانون 28/88 المؤرخ في1988/07/19 المتعلق بممارسة الحق النقابي ( ملغى)

-القانون 90/02 المؤرخ في 06/02/1990 المتعلق بالوقاية من المنازعات الجماعية في العمل وتسويتها وممارسة حق الإضراب ،المعدل والمتمم

-القانون 90/03 المؤرخ في 06/02/1990 المتعلق بمفتشية العمل، المعدل والمتمم

-القانون 90/04 المؤرخ في 06/02/1990 المتعلق بالوقاية من المنازعات الفردية في العمل وتسويتها ،المعدل والمتمم

-القانون 90/11 المؤرخ في 21/04/1990 المتعلق بعلاقات العمل، المعدل والمتمم

-القانون 90/14 المؤرخ في 02/02/1990 المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي ،المعدل والمتمم

– القانون 07/05 المؤرخ في 13ماي 2005 القانون المدني الجزائري المعدل والمتمم للأمر 58/75 المؤرخ في 26سبتمبر 19975 والمتضمن القانون المدني.

-القانون 08/08 المؤرخ في 25/02/2008 المتعلق بمنازعات الضمان الاجتماعي

-القانون 08/09 المؤرخ في 53/02/2008 المتضمن قانون الاجراءات المدنية والادارية

-المرسوم 82/302 المحدد لكيفيات تطبيق الأحكام الواردة في القانون 82/06 المتعلق بعلاقات العمل الفردية.

ثانيا :المراجع الفقهية

1 -باللغة العربية

-القاضي حسين عبد اللطيف حمدان، قانون العمل اللبناني ،منشورات الحلبي الحقوقية،بيروت،لبنان،2003.

-أحمد حسن البراعي، الحريات النقابية ومدى تأثرها بإعلان المبادئ والحقوق الأساسية في العمل، منظمة العمل العربية،مصر،2002.

-أحمية سليمان، محاضرات في قانون علاقات العمل في التشريع الجزائري، كلية الحقوق ،جامعة الجزائر العاصمة،2014/2015.

-بن حساين محمد، القانون الاجتماعي المغربي، طوب براس، الرباط، المغرب ،طبعة 2015.

-بعلي محمد الصغير ،تشريع العمل في الجزائر ،دار العلوم للنشر والتوزيع، سنة 2009.

-خليفي عبد الرحمن ،القضاء الاجتماعي في الجزائر، الدار العثمانية،الجزائر2016.

-عبد السلام ذيب، قانون العمل الجزائري والتحولات الاقتصادية، دار القصبة للنشر،الجزائر،2003.

-محمد حسن منصور، قانون العمل في مصر ولبنان، دار النهضة العربية،بيروت،لبنان،1995 .

2 -باللغة الفرنسية

-BENOIT (F),Droit Administratif Français,Paris,1958.

-BOUTEFNOUCHET(M), La Socialisation Dans L’entreprise,OPU,Alger,1982

-.CAMERLYNCK(G.H ) Lyon Caen(G) , Droit Du Travail, dixième ,Dalloz,1980

-PELLISSIER(J)-SUPIOT(A)-JEAMMAUD (A),Droit du Travail,20eme édition, Delta,Dalloz,2001.

-DAUGAREILH (I),La Modernisation Du Dialogue Social-Approche Comparative, Actes du colloque international “Cinquantenaire du Code du Travail” ,Tunisles27et28 avril 2016,Editions de l’Intes ,Tunis.

ثالثا: الرسائل الجامعية

-بولعناصر الزبير، الحركة النقابية في الجزائر في ظل التجربة الديمقراطية، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، كلية العلوم السياسية والإعلام، جامعة الجزائر3،سنة 2011.

-حورية عيوش، استراتيجية الممارسة النقابية، مذكرة ماجستير ،كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية ،قسم علم الاجتماع، جامعة الجزائر ،سنة 2006.

-مناصرية سميحة، الحرية النقابية في الجزائر، مذكرة ماجستير في الحقوق، كلية الحقوق، جامعة بسكرة2012.

-محمد حسن منصور ،قانون العمل في مصر ولبنان ،دار النهضة العربية،بيروت،لبنان،1995.

-طهير عبد الرحيم، الحق النقابي بين المواثيق الدولية والتشريع الجزائري ،مذكرة ماجستير في الحقوق ،كلية الحقوق ،جامعة تلمسان،الجزائر2010.

رابعا: المقالات والملتقيات

-أحمية سليمان، الحركة النقابية في الجزائر، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية الاقتصادية والسياسية، جامعة الجزائر ،العدد 01 / 2013.

-إدريس بولكعيبات، الحركة النقابية الجزائرية بين عصرين، مجلة العلوم الانسانية ،جامعة بسكرة، العدد 12/2007.

-علي خطار ،نظرية المرافق العامة المهنية ،المجلة التونسية للعلوم القانونية، مركز الدراسات والبحوث والنشر، تونس، العدد 1و2 سنة1990.

-سليمان أحمية ،نحو تكريس القانون الاتفاقي في علاقات العمل في الجزائر، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية الاقتصادية والسياسية، جامعة الجزائر، العدد 04 سنة 2009.

-كمال الهشومي، الحوار الاجتماعي كآلية لتطوير وإصلاح قوانين الشغل ،نموذج حالة المغرب ،اشغال الندوة الدولية “خمسينية مجلة الشغل”.

خامسا :الوثائق والتقارير

-تقرير الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان،كوبنهاغن،الدنمارك،ديسمبر2011.

-تقرير اللجنة الدولية لمساندة النقابات المستقلة في الجزائر(تقرير بالفرنسية) ،بين الاضطهاد والمناورة ،شجاعة مقاومة النقابات المستقلة في الجزائر ،ديلا سودا فنسوا،2009 .

([1] )حول التعريف اللغوي والاصطلاحي للنقابة، راجع كل من:

-القاضي حسين عبد اللطيف حمدان ،قانون العمل اللبناني، منشورات الحلبي الحقوقية،بيروت،لبنان،2003،ص 366 وما بعدها- بن حساين محمد، القانون الاجتماعي المغربي ،طوب براس، الرباط، المغرب ،طبعة 2015،ص143

-حورية عيوش، استراتيجية الممارسة النقابية، مذكرة ماجستير ،كلية العلوم الانسانية والاجتماعية ،قسم علم الاجتماع، جامعة الجزائر، سنة 2006،ص 25

-مناصرية سميحة ،الحرية النقابية في الجزائر ،مذكرة ماجستير في الحقوق، كلية الحقوق ،جامعة بسكرة2012،ص12

( [2] )القاضي حسين عبد اللطيف حمدان، مرجع سابق ،ص 337

( [3]) مناصرية سميحة، مذكرة سابقة، ص 12

([4] )أنظر نص المادتين 2 و 3 من القانون 90/14 المتعلق بممارسة الحق النقابي، المعدل والمتمم

([5] ) للإشارة ان الجزائر خصت الممارسة النقابية بقانون مستقل ،لكن المشروع التمهيدي ادرج هذا الجانب ضمن قانون العمل بتخصيص الكتاب السابع(المواد من 500 الى 564) تحت عنوان:” ممارسة الحق النقابي” لهذا الجانب.

([6] ) حول أهمية المرافق المهنية وتمييزها عن النقابات العمالية، راجع:-علي خطار ،نظرية المرافق العامة المهنية المجلة التونسية للعلوم القانونية ،مركز الدراسات والبحوث والنشر، تونس ،العدد 1و2 سنة1990،ص 95 وما بعدها

-« Elles sont constituées sociologiquement autour d’un noyau de particuliers unis entre eux par une même activité ou un même intérêt… »-BENOIT (F),Droit Administratif Français,Paris,1958.

مشار إليه في مقال، خطار علي، المجلة والمقال السابق ،ص 99

([7] ) -لتفصيل أكثر حول هذا الموضوع ،راجع: محمد حسن منصور ،قانون العمل في مصر ولبنان، دار النهضة العربية،بيروت،لبنان،1995،ص 81 وما بعدها.

([8] ) -لتفصيل أكثر ،راجع القاضي حسين عبد اللطيف حمدان، المرجع السابق ،ص 368

)[9](-. CAMERLYNCK (G.H )- LYON CAEN (G) , Droit Du Travail, dixième ,Dalloz,1980 , pp. 489- 493

)[10](.Ibid. ,p.490 et suite

( [11] )أنظر نص المادة 5 من القانون 90/14 المعدلة بموجب القانون 91/30

([12] )حول موقف التشريعات العربية والغربية من نشاط النقابة المهني ،راجع كل من:

-القاضي حسين عبد اللطيف حمدان، المرجع السابق، ص 369 وما بعدها

– – CAMERLYNCK (G.H )- LYON CAEN (G) , op cit ,p.490 et suite

-بن حساين محمد، مرجع سابق، ص 145 وما بعدها

([13]) قرار مشار إليه في مرجع القاضي حسين عبدا للطيف حمدان، المرجع السابق، ص 370

( [14] ) أنظر المادة 4 من القانون 90/14 المشار اليه اعلاه

[15] -CAMERLYNCK (G.H )- LYON CAEN (G) , op cit ,p. 492et suite

بن حساين محمد، مرجع سابق ،ص 145

([16]) حول هذا الموضوع ، راجع :ا لقاضي حسين عبداللطيف حمدان، المرجع السابق، ص 371 و372

-مناصرية سميحة ،المذكرة السابقة ،ص 22

([17]) حول هذا الموضوع ،راجع :القاضي حسين عبداللطيف حمدان، المرجع السابق، ص 372 وما بعدها

-طهير عبد الرحيم، الحق النقابي بين المواثيق الدولية والتشريع الجزائري، مذكرة ماجستير في الحقوق، كلية الحقوق، جامعة تلمسان،الجزائر2010،ص195

([18] ) راجع: القاضي حسين عبداللطيف حمدان، المرجع السابق، ص 373 -بن حساين محمد، مرجع سابق، ص 145

([19] ) أنظر نص المادتين 49 و 50 من القانون المدني الجزائري، والمادة 16 من القانون 90/14

-حول نتائج الاعتراف بالشخصية المعنوية للنقابة، راجع كل من:

القاضي حسين عبداللطيف حمدان ،المرجع السابق، ص من 373 – 375

-أحمية سليمان، محاضرات في قانون علاقات العمل في التشريع الجزائري ،كلية الحقوق ،جامعة الجزائر العاصمة،2014/2015،ص ص 88-93

بن حساين محمد، مرجع سابق، ص ص.143-145

([20]) -راجع أحمية سليمان، المرجع السابق ،ص 86

([21]) -أنظر المواد 8 و9 و 10 من القانون 90/14

([22]) -لتفصيل أكثر حول موضوع الحرية النقابية ومبادئ التنظيم النقابي في الجزائر وفي الأنظمة المقارنة، راجع كل من:

-القاضي حسين عبداللطيف حمدان، مرجع سابق، ص .384-388

-عبد السلام ذيب ،قانون العمل الجزائري والتحولات الاقتصادية ،دار القصبة للنشر،الجزائر،2003،ص ص.225-228

-PELISSIER (J)-SUPIOT (A)-JEAMMAUD (A),Droit du Travail,20eme édition, Delta,Dalloz,2001,pp.555-564

([23]) القاضي حسين عبداللطيف حمدان، المرجع السابق،ص382

([24] ) أكثر تفصيل حول تطور الحركة النقابية في الجزائر ،راجع:

-إدريس بولكعيبات، الحركة النقابية الجزائرية بين عصرين، مجلة العلوم الإنسانية، جامعة بسكرة، العدد 12/2007،ص ص.149-151

( [25] ) -حول هذا الموضوع ،راجع: أحمية سليمان، الحركة النقابية في الجزائر، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية الاقتصادية والسياسية، جامعة الجزائر ،العدد 01 / 2013 ،ص ص.601-603

-ادريس بولكعيبات، المقال والمجلة السابقة ص 150 وما بعدها

( [26] ) المقال والمجلة نفسها، ص 152 وما بعدها

([27]) عجة الجيلالي، المرجع السابق ،ص 31 و 32

[28]) ) لتفصيل أكثر حول هذا الموضوع، راجع: عجة الجيلالي ،المرجع السابق، ص 32

-BOUTEFNOUCHET (M), La Socialisation Dans L’entreprise,OPU,Alger,1982,p.61 et suite

([29] ) – لتفصيل أكثر، راجع:-عجة الجيلالي، المرجع السابق، ص 109

([30] )-عبد السلام ذيب، مرجع سابق ،ص 226 وما بعدها

([31]) بعلي محمد الصغير ،تشريع العمل في الجزائر، دار العلوم للنشر والتوزيع، سنة 2009 ، ،ص 28.

([32] ) الحق النقابي معترف به لجميع المواطنين، المادة 70 من التعديل الدستوري في شهر مارس 2016.(ج.ر 01/2016)

([33] ) بعلي محمد الصغير، مرجع سابق، ص 28

([34] )عجة الجيلالي، مرجع سابق، ص 171

([35] ) بعلي محمد الصغير ، المرجع السابق، ص 29.

( [36]) راجع خليفي عبد الرحمن ،القضاء الاجتماعي في الجزائر ،الدار العثمانية،الجزائر2016،ص 339 وما بعدها

([37] ) عجة جيلالي، المرجع السابق، ص 172

[38] المرجع نفسه ،ص 172 وما بعدها

([39] ) لتفصيل أكثر حول هذا الموضوع ،راجع: سليمان أحمية ،نحو تكريس القانون الاتفاقي في علاقات العمل في الجزائر المجلة والمقال السابق، ص 56 وما بعدها

(2 ) انظر نص المواد 6 و 16 من القانون 90-14 سالف الذكر

(3 ) انظر المواد من 34 الى 57 من نفس القانون

([40] ) انظر المواد 58 الى 61 من القانون 90-14 السالف الذكر

([41] ) حول دور النقابة في إرساء قواعد التشاور والحوار وأدائها للدور المنوط بها في عالم الشغل، راجع:

أحمد حسن البراعي، الحريات النقابية ومدى تأثرها بإعلان المبادئ والحقوق الأساسية في العمل، منظمة العمل العربية،مصر،2002،ص 62 وما بعدها.

([42] )حول تجربة التعددية النقابية في الجزائر بعد صدور دستور 1989 والقانون 90/14،راجع:

-تقرير الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان،كوبنهاغن،الدنمارك،ديسمبر2011

-تقرير اللجنة الدولية لمساندة النقابات المستقلة في الجزائر(تقرير بالفرنسية) ،بين الاضطهاد والمناورة، شجاعة مقاومة النقابات المستقلة في الجزائر ،ديلا سودا فنسوا،2009،ص 6

([43] ) عجة جيلالي، مرجع سابق، ص 182

-أكثر تفصيل حول دور التنظيمات النقابية في التفاوض والمشاركة ،راجع:

-DAUGAREILH (I),La Modernisation Du Dialogue Social-Approche Comparative, Actes du colloque international “Cinquantenaire du Code du Travail” ,Tunisles27et28 avril 2016,Editions de l’Intes,Tunis,pp.95-108

-كمال الهشومي، ا لحوار الاجتماعي كآلية لتطوير وإصلاح قوانين الشغل ،نموذج حالة المغرب، أشغال الندوة الدولية “خمسينية مجلة الشغل”، المجلة السابقة،ص42 وما بعدها.

([44] )-لتفصيل أكثر حول واقع الممارسة النقابية في الجزائر، راجع: بولعناصر الزبير، الحركة النقابية في الجزائر في ظل التجربة الديمقراطية، مذكرة لنيل شهادة الماجستير ،كلية العلوم السياسية والإعلام، جامعة الجزائر3،سنة 2011،ص 126 وما بعدها.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت