التطور المأمول في نظام مسؤولية المهنيين:

الحاجة لتوحيد طبيعة القواعد الحاكمة للمسؤولية المدنية

The Desirable Shift in Professional Liability Regime:

The need For a Uniform Rules Governing Liability

د. معمر بن طرية، أستاذ محاضر ب، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة عبد الحميد ابن باديس مستغانم، الجزائر

مقدمة:
كما هو معلوم، يتميز قانون المسؤولية المدنية في القانون المدني الفرنسي، باعتباره نموذجاً رائداً في النظم القانونية اللاتينية، بتأثيره القوي على تشريعات عديد البلدان بحيث بقي مورداً وخزاناً لها، بالرغم من أن أحكامه وضعت قبل أكثر من مائتي عام سنة 1804.

إلاّ أن الملاحظ أن القضاء الفرنسي منذ قرابة قرن من الزمن، شيّد استناداً على أحكام هذا التقنين صرحاً قضائياً ضخماً، سعى من خلاله مواكبة واقع جديد فرضته الظروف الاجتماعية والاقتصادية، بتقرير قواعد تحمي المستهلكين لكن كان ذلك على حساب الوضوح والأمن القانوني، إذ لم يتم إدماج هذه التطورات في التقنين المدني الفرنسي لتكريسها وجعلها متاحة للجميع([1]).

لذا لم تبق أحكام المسؤولية المدنية المستوحاة من التقنين الفرنسي في غنى عن تحديثات بدت ضرورية، وعلى وجه الخصوص مسألة التمييز التقليدي بين المسؤوليتين التعاقدية والتقصيرية، ومدى انسجامه مع آخر التحديثات والتخريجات التي شهدها القضاء الفرنسي، والذي سعى في الكثير منها إلى توضيح القواعد العامة للمسؤولية و مدى جواز إعمالها بصدد النظم الخاصة للمساءلة([2]).

زد إلى ذلك، فإن تزايد مشاريع التوحيد والمواءمة بين تشريعات الدول الأوربية حديثاً، بهدف تحقيق التقارب و الانسجام بين الأنظمة الأوروبية للمسؤولية المدنية، جعل من أولوياته إنشاء نظام مقبول من لدن جميع الدول لاسيما من خلال التوحيد بين نظامي المسؤولية المدنية العقدية والتقصيرية، فظهرت فرق للأبحاث في هذا المجال منها: المجموعة الأوروبية حول المسؤولية المدنية European Group on Tort Law ([3]) أو المجموعة الأوروبية حول المسؤولية المدنية والتأمين GRERCA وكذلك مشروع القانون المدني الأوروبي Von Barr.

وكانت الاستجابة سريعة على المستوى الفرنسي، فهذا المشروع الأوّلي حول تعديل القانون المدني الفرنسي CATALA و بالرغم من اعترافه بالتقسيم التقليدي بين المسؤولية العقدية و التقصيرية، إلاّ أنه قرر أحكاما خاصة في مشروعه، خاصة في مجال تعويض الأضرار الجسمانية والتي منح فيها المضرور رخصة الخيار بين ما هو أنسب له من الدعوى التقصيرية أو العقدية في حالة الضرر الجسماني وذلك حسبما قضت به المادة 1341 من المشروع([4]):
وسنتناول في هذه الورقة البحثية ملامح التطور المأمول في قانون المسؤولية، بالارتكاز على بعض نماذج المسؤولية المهنية كالأطباء والمنتجين وغيرهم، والمتمثلة عموماً في ضرورة إعادة النظر في مدى جواز اعمال التقسيم الثنائي التقليدي بين فرعي المسؤولية-العقدية والتقصيرية-، إذ سنخصص هذه الدراسة التحليلية النقدية لمصير هذا التقسيم الثنائي لقواعد المسؤولية في محورين، نخصص الأول لدراسة أسس ومرتكزات هذه الطبيعة الثنائية-المزدوجة- للمسؤولية المدنية في القانون الفرنسي، ثم تقدير مدى استجابتها لخصوصيات النشاط المهني، لنعرج في المحور الثاني من هذه الدراسة على الاختلالات التي نجمت عن اعمال هذا التقسيم في مجال مسؤولية المهنيين، ما أدى إلى اقتراح توحيد مأمول للقواعد التي تحكم مسؤولية هؤلاء استجابة لحقوق ضحايا الحوادث المهنية.

المبحث الأول:

قراءة في الطبيعة المزدوجة لقواعد المسؤولية المدنية

ومدى تلاؤمها مع الأنشطة المهنية

نادرة هي الدراسات التي حللت بشكل مستفيض، طبيعة القواعد التي تحكم نظام المسؤولية المدنية، و التي تُقِّر بضرورة التفرقة بين الحالة التي يكون فيها للمضرور صفة المتعاقد، و الحالة التي يكون فيها من الغير-Tiers-، ومدى ملائمة هذا الطرح مع نظام مساءلة المهنيين عموماً والذي يشهد على وجود اختلالات وتعقيدات لضحايا الحوادث المهنية، هذا ما يستدعي منا الوقوف عند جوهر هذا التقسيم ومرجعياته، وتقدير مدى ملائمته مع ميدان مسؤولية المهنيين (المطلب الأول) ، لإبراز التوجه المأمول في هذا المجال والذي يمكن تبريره بخصوصية الالتزام المهني، باعتباره التزاما يستمد مصدره من المهنة مباشرة ويرتب نتائج مماثلة بالنسبة للمتعاقدين و الغير، هذا ما يستدعي إعادة النظر في طبيعة القواعد المنظمة لمسؤولية الأطراف المهنية، مراعاةً لوحدة مصدر الخطر لهذه الخصوصية (المطلب الثاني).
المطلب الأول:

قواعد المسؤولية المدنية ذو طبيعة مزدوجة: المبررات والتحولات

لإدراك و معرفة مدى تأثير التنامي المشهود لعنصر الخطر في المجتمع المعاصر، على طبيعة قواعد المسؤولية المدنية ذات التركيبة الثنائية، و الذي تجلى على وجه الخصوص في مجال مسؤولية المهنيين، كان لابد من الوقوف عند جوهر هذه التركيبة المزدوجة (الفرع 1) لاستبيان بعد ذلك مدى ملائمة و مسايرة هذه القواعد لحركة التحول الذي يشهده مجال مسؤولية المهنيين (الفرع 2).
الفرع الأول-

جوهر الطبيعة المزدوجة لنظـام المساءلة المدنيـة

لا تخفى على أحد الفوارق القائمة بين نظامي المسؤولية المدنية العقدية و التقصيرية، بالنظر إلى الاختلاف الوارد بينهما من حيث المصدر و الأساس و الطبيعة و حتى الوظيفة، و التي تبرر بصفة أولية وجود تنظيمين في إطار مادة المسؤولية المدنية: المسؤولية العقدية و التي تمثل جزاء الإخلال بالعقد، و المسؤولية التقصيرية كجزاء عن الإخلال بالواجب القانوني العام، و الذي مفاده أن يلتزم الكل بعدم الإضرار بالغير.

ذلك أن العلاقات بين الأفراد في المجتمع تخضع في حكمها إما للقانون و إما للعقد، بحسب ما كانت إرادة الشارع هي التي تبين حقوقهم و واجباتهم، أو الإرادة الخاصة للأفراد، و هذا الاختلاف في الضابطة العقدية و القانونية ينجم عنه بالضرورة وجود جزاءين مختلفين، جزاء قانوني يترتب عن الإخلال بالضابطة القانونية و آخر عقدي ينجم عن انتهاك الضابطة العقدية، يبرران تبعاً وجود تنظيمين مختلفين للمسؤولية المدنية، هما المسؤولية العقدية و المسؤولية التقصيرية([5]).

فالمسؤولية العقدية تستند إلى الضابطة العقدية – norme contractuelle- على اعتبار أنها تفيد جزاء الإخلال بالالتزامات الناشئة عن إرادة العاقدين، لذلك فإنها لا تقوم إلاّ بينهما، بينما المسؤولية التقصيرية لا تترتب إلاّ بين أشخاص أجانب لا تربطهم في الأصل علاقة سابقة، و من ثم فهي تشكل جزاء الإخلال بالضابطة القانونية-norme légale-، أو بعبارة مساوية جزاء الانحراف عن السلوك المألوف في الجماعة([6]).

إلاّ أن الملاحظ خلال منذ بداية القرن الماضي، أن التفرقة بين الضابطتين لم تعد تخلو من الانتقاد نظراً لاقتحام المشرع بصفة متصاعدة في تحديد محتوى العقد، فلوحظ نوع من الانفصال بين الضابطة العقدية و إرادة المتعاقدين لأنها لم تعد تقترن بإرادتهم الخاصة فحسب([7])، بل أصبحت إرادة الشارع تتدخل في تنظيم معظم العقود المتداولة في المجتمع المعاصر، و في تحديد مضمونها و قواعد إنشاءها( عقد العمل، عقد الشركة، عقد التأمين،…)([8])، و ظهر هذا التدخل جلياً في ميدان العقود التي تبرمها فئات مهنية، و ذلك في ظل الاختلال في التوازن -Déséquilibre- بين الطرف غير المهني و الطرف المهني صاحب الكفاءة و الهيمنة الاقتصادية-Puissance économique-([9]).

لذلك، اعتبر أحد الأساتذة في فرنسا بأن الاضطراب-Désordre- المشهود في جوهر ثنائية نظام المسؤولية المدنية، إنما يرتكز بصفة أولية على عامل التحول الذي يعرفه حالياً مضمون العقد-Altération de la pureté du contrat-([10]).

و بتتبعنا لأصل هذا التحول الذي عرفه العقد في القوانين المعاصرة، فإننا نجده يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتنامي وثير الحياة و تضاعف حجم المخاطر في الفترة التي شهدتها فرنسا ابتداءاً من سنة 1800 مع ظهور حوادث العمل و حوادث السيارات([11])، و هو الأمر الذي اعتبره الأستاذ Ph. REMY عاملاً رئيسياً في الأزمة التي عرفتها المسؤولية المدنية، لاسيما فيما يتعلق بطابعها المزدوج و بأساسها الفردي([12]).

فأوضح الأستاذ([13])Ph. REMY، كيف أنه عندما عُرِضت مسألة تعويض حوادث العمل و حوادث الطريق على التشريع الفرنسي و كذا القضاء، كان أمامهم خيارين، الأول يقتضي الإبقاء على المسؤولية التقصيرية لتعويض هؤلاء المتضررين في مقابل التفكير في أساس جديد غير الخطأ لتمكينهم من ذلك([14])، و إما نقل مهمة تعويض هؤلاء إلى النطاق العقدي حفاظاً على أساس الخطأ([15])، فأعتمد الاقتراح الأول في مجال حوادث العمل أولاً بمبادرة من القضاء([16])، ثم من خلال تشريع حوادث العمل في 9 أفريل 1898، بينما جُسد الخيار الثاني بصدد حوادث النقل و ذلك بنقل مهمة تعويض الضحايا إلى النطاق العقدي بتدخل من القضاء([17]) و إنشاء ما سمي ” الالتزام بالسلامة “، و من ثم استبدلت المسؤولية التقصيرية بالمسؤولية العقدية و ذلك من أجل إنشاء تأمين لفائدة المضرور لم توفره الضابطة القانونية([18]).

و بهذا الشكل، تم الاعتماد على المسؤولية العقدية كطريق لتعويض ضحايا الأضرار الجسمانية في ميدان حوادث النقل لإعفائهم من ضرورة إثبات الخطأ، و ذلك بتطويع -forçage- مضمون العقد([19]) و إدماج تأمين لفائدة المضرور مقتضاه السلامة-une garantie de sécurité-، و من ثم أصبحت المسؤولية العقدية في هذا المجال وسيلة استعملها القضاء لتكريس مسؤولية موضوعية لاخطئية-un procédé d’objectivation de la responsabilité- ([20]).

و لم ينحصر تطويع العقد من طرف القاضي في مجال مسؤولية الناقل، بل امتد إلى مجالات أخرى منها مسؤولية البائع العقدية، فتم إدماج الالتزام بالسلامة في عقد البيع بصفة ظاهرة، و ذلك على الرغم من عدم إدراجه من قبل المتعاقدين([21]).

هذا، و يشهد مضمون العقد أيضاً تدخلاً و تطويعاً من طرف المشرع باسم النظام العام التعاقدي-ordre public contractuel-، خاصة في ميدان العقود التي تربط فئة المهنيين بأشخاص أقل منهم دراية و احترافية، و ذلك من أجل توفير حماية لهؤلاء، و ظهر هذا التدخل أولاً بصدد عقد العمل حماية لفئة العمال و سمي ” بالنظام العام العمالي أو الاجتماعي ordre public social”([22])، و انتقل في الآونة الأخيرة إلى عقود الاستهلاك([23])لتوفير حماية لفئة المستهلكين و عُرف باسم ” النظام العام لحماية المستهلكين l’ordre public de protection des consommateurs “([24]).

كما أوضحت الأستاذة G.VINEY و الأستاذ P.JOURDAIN كيف أن المشرع أصبح يستعين بمفهوم معاصر للنظام العام، بعيداً عن مفهومه التقليدي([25]) الذي عُرف به، حيث كان ينظر إليه الفقه من جانبه السلبي كقيد على مبدأ حرية التعاقد و الذي يحول دون تعديل أو إنشاء بعض الالتزامات([26])، حيث شهد مفهوم النظام العام التعاقدي تحولاً خلال السنوات الأخيرة، فلم يعد يقتصر دوره على المنع فحسب، بل أصبح يستعان بهذا المفهوم كوسيلة لفرض التزامات تعاقدية و تحديد مضمون العقود و أثاره بموجب قواعد آمرة([27]).

و بالإمعان في حركة التحول و التطويع التي عرفها العقد في الآونة الأخيرة، فانه يتبين لنا أنها أسهمت بصفة مباشرة في التداخل بين الضابطة العقدية من جهة و الضابطة القانونية من جهة أخرى، و من تم التأثير على الطبيعة المزدوجة لقواعد المسؤولية المدنية، حيث أدت إلى نتيجتين:

التحول في وظيفة العقد إلى أداة لتعويض المضرورين:
ذلك أن العقد قبل أن يكون وسيلة للحفاظ على مصالح الطرفين و لتعويض الأضرار، هو أداة لتبادل السلع و الخدمات و لتدوال الأموال في المجتمع([28])، لكن بالتطويع الذي شهده فانه أصبح يُسند إليه وظيفة حمائية لحقوق لا تنحصر بالعقد بل تتعداه، و التي يمكن اعتبارها مصالح غير تعاقدية-intérêts extracontractuels-([29]).

وفي هذه الأحوال، فإنه ترتب عن هذا التطويع فقدان العقد لأحد خصائصه الأساسية و هي ” خاصية التوقع prévision ” باعتباره تصرفاً قوامه التوقع-acte de prévision-، و ذلك لأن تحديد مضمون العقد لم يعد يرتبط فقط بإرادة المتعاقدين، بل أصبح رهناً بالرغبة المشروعة للدائن-l’attente légitime du créancier- المتضرر جراء عدم التنفيذ([30])، فتأثرت بالضرورة وظيفة المسؤولية العقدية و المتمثلة في توزيع مخاطر الإخلال التعاقدي بين الدائن و المدين وفقاً لتلك الخاصية([31]).

2- التداخل بين المسؤولية العقدية و المسؤولية التقصيرية في الوظيفة :

ذلك أن الأصل في المجال التعاقدي هو التنفيذ العيني، فالمراد بالعقد هو التنفيذ و ليس التعويض، لكن في الوقت الذي أصبح يُستعان بالعقد لتحقيق غرض حماية المضرورين، فانه بات يُنظر للتعويض في المسؤولية العقدية من جانبه الإصلاحي-fonction réparatrice- كما هو الحال في نطاق المسؤولية التقصيرية، فوقع نوع من التداخل بين نظامي المسؤولية المدنية فيما يتعلق بالوظيفة، نظراً للتنافس الذي ظهر بينهما في ضمان تحقيق مقتضى السلامة([32]).

و أمام هذا الوضع استشعر جانب من الفقه([33])، أنه و على الرغم من اعتراف أغلبية الأنظمة التشريعية بازدواجية نظام المسؤولية المدنية([34])، إلاّ أن الواقع العملي التي تعرفه هذه الأنظمة يشهد لتحولات عميقة تهدد بقاء هذا التقسيم([35])، و الذي جعل إعمال تلك التفرقة الثنائية و التقليدية أمراً مصطنعاً-artificiel- من الناحية العملية، و ذاك أمر مشهود في أغلب الأنظمة القانونية المقارنة([36]).
الفرع الثاني-

التحولات المشهودة على الطبيعة المزدوجة لقواعد المسؤولية في المجال المهني

لقد سبق الإشارة، إلى مدى ارتباط الطابع المزدوج لقواعد المسؤولية المدنية بطبيعة و بأصل الالتزام الذي حصل الإخلال به، فبينما تكمن خصوصية المسؤولية العقدية في أصل الالتزام العقدي المقتبس من الإرادة الفردية للأشخاص، و باعتبارها جزاء الإخلال بهذه الرابطة([37])، ترتبط خصوصية المسؤولية التقصيرية بالمصدر التشريعي للضابطة المنتهكة التي ينشئها و يحدِّد مداها القانون من دون تدخل إرادة الأفراد، و باعتبارها جزاء الإخلال بالواجب العام بعدم الإضرار بالغير([38]).

إلاّ أنه تشهد المسؤولية المدنية (العقدية) مؤخراً، إفراغاً من محتواها الحقيقي، و ذلك بالنظر إلى حركة التطويع الذي تخضع له العقود المبرمة من قبل الفئات المهنية، سواء من طرف المشرع أو القاضي([39])، و يعتبر ذلك من قبيل تحميل العقد ما لا يحتمل و إرغامه على احتواء ما لا يحوي([40]).

وكانت نتيجة هذا التطويع، فقدان العقد باعتباره تصرفاً قانونياً قوامه الإرادة، لأحد عناصره الجوهرية و هو عنصر التوقع-prévisibilité- المقتبس من إرادة العاقدين الصريحة أو الضمنية([41])، فأثر هذا بالضرورة على مميزات و خصوصيات المسؤولية العقدية مقارنة بالمسؤولية التقصيرية، فكان مالها تأثر طبيعة المسؤولية المدنية، و القائمة على فروقات جوهرية قائمة بين نوعي المسؤولية المدنية (العقدية- التقصيرية) كما يلي:

من حيث مدى التعويض –étendue de la réparation-: فالأصل أن الاختلاف الجوهري القائم بين نظامي المسؤولية المدنية، هو أن التعويض في المسؤولية التقصيرية يشمل كل ضرر مباشر سواء كان متوقع أو غير متوقع، على النقيض من المسؤولية العقدية و التي يشمل فيها التعويض، الأضرار الذي كان يمكن للمدين توقعها وقت التعاقد([42]).

و لعل هذا الفارق مرتبط بوظيفة المسؤولية العقدية، و المتمثلة في توزيع مخاطر الاختلال العقدي-répartir les risques de l’échec contractuel-، وفقاً لجوهر العقد و طبيعته، و باعتباره تصرفاً قانونياً أساسه التوقع-prévision-، هذا ما يجعل المدين مسؤولاً فقط عن الضرر المتوقع -prévu- أو القابل للتوقع -prévisibles-([43]).

و هذا ما يفسر حصول التقارب بين أحكام المسؤولية العقدية و التقصيرية في مجال مسؤولية المهنيين، إذ لم يعد يقتصر التعويض فيه على الضرر المتوقع فحسب، و في ذلك تسوية بين المتضرر المتعاقد و الأغيار([44]).

من حيث إمكانية تحديد المسؤولية أو الإعفاء منها -exonération ou limitation de la responsabilité- : حيث أنه إذا معترفاً به أنه يجوز الإعفاء أو التخفيف أو التشديد من تبعة المسؤولية العقدية فيما عاد حالتي الغش أو الخطأ الجسيم، ما دام العقد شريعة المتعاقدين-le contrat fait la loi des parties-، فانه ليس جائزاً ذلك في مجال المسؤولية التقصيرية([45])، و ذلك على خلاف الأمر في ميدان مسؤولية المهنيين، إذ يستوي هنا إبطال الشروط التي تتضمن الإعفاء أو التخفيف من المسؤولية الناجمة عن إخلال بالعقود التي يبرمها فئات مهنيون([46])، و لعل هذا يجد تبريره في استبعاد المبرر القانوني، و الذي مفاده عدم ارتباط أحكام المسؤولية العقدية بالنظام العام باعتبارها جزاء الخلال بالعقد صنيع إرادة العاقدين([47])، باعتباره مبرراً لا ينطبق مع واقع المسؤولية المهنية.

من حيث افتراض التضامن بين المسؤولين-présomption de solidarité- : فالأصل أنه لا يفترض التضامن بين المدينين المتعددين في مجال المسؤولية العقدية، إلاّ بمقتضى اتفاق أو نص قانوني([48])، و ذلك لارتباطها بعنصر التوقع، بينما يُفترض التضامن في ميدان المسؤولية التقصيرية بين المدينين في التزامهم بتعويض الفعل الضار([49])، أما في المجال المهني فنرى أن اتساع دائرة مساءلة الفئات المهنية([50])، يقتضي تضامنهم في تعويض المضرورين، و تقريراً لحماية شاملة لهم، باعتبارها الطرف الضعيف في العلاقة القانونية.

بالإضافة إلى ذلك، فانه ترتب عن حركة التطويع هذه، توسيع مضمون الالتزام العقدي بإدماج بنود لم يرتضيها المتعاقدون تحقيقاً لمقتضى السلامة، فنجم عن هذا إفراغ العقد من محتواه الحقيقي، نتيجة لفقدانه أحد ضوابطه الأساسية و المتمثلة في « مبدأ الأثر النسبي للعقود »([51])، و الذي يشهد حالياً إفراغا من محتواه([52])، و ذلك في ظل السياسة المنتهجة من قبل القضاء و التشريع، « لإقحام الأذرع المكسورة و جثث الموتى في نطاق المسؤولية العقدية »([53]).

و قد حمل لواء هذه السياسة ابتداءً القضاء الفرنسي، حينما سعى جاهداً إلى توسيع دعوى ضمان العيوب الخفية-garantie des vices cachés- لمساءلة المنتج، و تمكين المضرور جراء المنتوجات المعيبة من اقتضاء حقه من المنتج، و ذلك بالرغم من ارتكاز هذه الدعوى في الأصل على فكرة عدم الصلاحية للعمل-inaptitude à l’usage- وفقاً لمعيار وظيفي-critère fonctionnel-، أكثر من ارتباطها بعيب السلامة-défaut de sécurité-، و على الرغم من طابعها المقيد لأنها لا تفيد سوى المتعاقدين -cocontractant-([54]).

فسار القضاء الفرنسي تدريجياً، بغرض إفادة شريحة واسعة من المضرورين جراء المنتجات المعيبة، نحو توسيع نطاق الضمان، ليستفيد منه مضرورون لا تربطهم بالشخص المسؤول علاقة تعاقدية، كأفراد عائلة المتعاقد أو جيرانه أو متعاقدون من الباطن-sous-contractants- أو حتى المارة، وذلك خروجا عن المبدأ السائد هنا والمتمثل في الأثر النسبي للعقود-principe de relativité des contrat- المستنبط من المادة 1165 من القانون المدني الفرنسي([55])، و تم هذا التطور عبر مراحل:

كما أقرت محكمة النقض الفرنسية في أحد قراراتها([56])، بجواز استفادة المشتري الفرعي من دعوى الضمان بطريق مباشر-action directe en garantie – ضد البائع الأصلي، و استندت في حيثياتها على كون دعوى الضمان من ملحقات الشيء المبيع فتنتقل معه([57])، و طُبِّق هذا الحكم أولاً بصدد العقود المتجانسة-contrats homogènes- كالبيوع المتعاقبة مثلاً([58])، ثم امتد إلى مجال العقود غير المتجانسة-contrats hétérogènes-([59])، و ذلك بالاستناد على فكرة مجموع العقود المتعاقبة-ou groupe de contrats ensemble contractuel-([60]).

كما شهد من جهته مسار القضاء الأمريكي في مجال مسؤولية المنتج، و الذي انتهى إلى جعل دعوى الضمان العقدية و المسماة «Warranty»([61])، مصدراً مستقلاً -source autonome- في مجال مسؤولية المنتج، و آلية فعالة تسعف ضحايا المنتجات المعيبة، متعاقدين كانوا أم أغيار([62]).

خاصة إذا ما علمنا، أن هذه الدعوى ذات الطابع التعاقدي، تسخر بميزة جوهرية في ظل القانون الأمريكي، كونها تنبني على نظام موضوعي للمساءلة -strict liability-، يُرتب مسؤولية الطرف المتعاقد المخل من دون ثبوت خطإ في جانبه، كل ما في الأمر أن هذه الدعوى لا تفيد إلاّ المتعاقدين و تتقيد بينهم، طبقاً لمبدأ هنا و هو الأثر النسبي للعقود-Privity of contracts- ([63]).

و هو الأمر الذي أدى بالقضاء الأمريكي، بغرض إفادة شريحة واسعة من المضرورين، أولاً إلى توسيع مفهوم النسبية-The Notion of Privity -([64]) ثم بإلغائها تدريجياً([65])، لتصبح آلية فعالة بيد المتعاقدين و الأغيار على حد سواء، و انطلاقاً من هذا جنح القضاء الأمريكي نحو توحيد طبيعة القواعد الناظمة لمسؤولية المصنعين والمنتجين، و ذلك بالأخذ من مزايا النظامين العقدي والتقصيري، فأخذ عن الأول الصرامة في المساءلة وعن الثاني الامتداد والتوسّع في نطاق التطبيق([66]).

المبحث الثاني- الدعوة إلى الاعتراف بالطبيعة المُوحَّدة لمسؤولية المهنيين

يبدوا أنه في ظل عدم وجود بناء قانوني خاص يكفل مساءلة الأطراف المهنية عمّا تحدثه نشاطاتهم من أضرار، اتجه القضاء نحو الاتكاء على القواعد العامة للمسؤولية المدنية، من خلال تطويعها و التوسع في تفسيرها، إلاّ أنه لم ينته ذا المسار دون تسجيل عجز في الحلول المستخلصة من النظام المزدوج للمسؤولية المدنية (الفرع 1) هذا ما دفع الفقه و القضاء للدعوة إلى ضرورة تناول توحيد طبيعة القواعد الحاكمة للمسؤولية المدنية المهنيين (الفرع 2).

الفرع الأول: الاختلالات الناتجة عن اعمال التفرقة الثنائية في المجال المهني

حيث تجدر الإشارة في هذا الصدد، أنه أعتبر ميدان المسؤولية المدنية للمهنيين بصفة عامة، من ضمن المجالات التي شهدت مجالاً واسعاً من التعقيد و التفاوت و عدم الاستقرار القانوني، و الناجم عن التطبيق الصارم للتفرقة التقليدية و الثنائية في نظام المسؤولية المدنية (التقصيرية و العقدية)، و ذلك يرجع بالدرجة الأولى إلى خصوصية الالتزام المهني، و الذي قد يرتب الإخلال به أضراراً بأشخاص تربطهم علاقة تعاقدية بالطرف المهني أو بالأغيار على حد سواء، و من ثم يصبح أمراً لا مبرر له الاختلاف في النظام القانوني المطبق لمجرد التباين في الظروف التي وقع فيها الضرر أو في صفة المضرور، خاصة إذا ما علمنا أن مثل هذه الملابسات غالباً ما تكون نتاج الصدفة([67]).

وفي هذا الشأن لاحظ الأستاذ A.TUNC ، النتائج غير المقبولة و اللامنطقية التي أدى إليها إعمال التفرقة التقليدية و الثنائية في مجال المسؤولية المهنية، و ذلك نظراً لوجود التزامات تقع على الأطراف المهنية، و التي ترتبط في الأصل بجوهر النشاط المهني و طبيعته و بغض النظر عن وجود رابطة تعاقدية سابقة، لذلك فانه يصبح من غير المستساغ أن تختلف طبيعة الدعوى التي يستعين بها المضرور، بين الحالة التي يكون له فيها صفة المتعاقد و بين الحالة التي يكون فيها من الأغيار، مع أن النشاط المهني قد يكون منشأً للخطر نفسه بالنسبة للمتعاقدين و الغير على حد سواء([68]).

فهذا هو الشأن مثلاً في مجال حوادث العمل، فالالتزام العام الذي يقع على رب العمل بالمحافظة على شخصية العامل و ضمان سلامته الجسدية، يبدو شروطاً في الأصل بطبيعة النشاط المهني أكثر من ارتباطه بعقد العمل نفسه، باعتباره التزاماً جوهرياً لا يشكك في وجوده أي من المتعاقدين، مع العلم أن المحيط التعاقدي-contexte contractuel- الذي وقع فيه الفعل الضار، هو من الملابسات التي وقع فيها الحادث و التي لا تأثير لها على الواجب العام([69]).

و هذا الأستاذ قادة شهيدة([70])، يرى الاختلاف غير المبرر في معاملة المضرورين جراء المنتوجات المعيبة، بالنظر إلى طبيعة نظام المسؤولية المدنية المزدوج المطبق، و الذي يؤدي إلى تفاوت غير مقبول في معاملة المضرور، لمجرد اختلاف الظروف التي يقع فيها الضرر و بحسب ارتباط المضرور بعلاقة عقدية أم لا مع المسؤول.

و شكل ميدان المسؤولية الطبية أيضاً، مصدراً لتفاوت غير مقبول في معاملة المضرورين جراء الحادث الطبي، و ذلك نتيجة لإعمال التفرقة الثنائية بين الدعوى العقدية و الدعوى التقصيرية للمسؤولية المدنية، فهذا الأستاذ Jean CALAIS-AULOY يستكشف التراوح غير المبرر في الجزاء المترتب عن الإخلال بواجب الإعلام الطبي، و ذلك نتيجة لاستعمال معيار زماني و كرونولوجي-chronologique-، فيكيف الدعوى بالتقصيرية إذا ما وقع الإخلال في المرحلة قبل التعاقدية-phase précontractuelle- أو بالعقدية إذا وقع الإخلال بعد تمام العقد، و هو معيار لا يخلو من الانتقاد و يدعو لتفاوت غير منطقي في معاملة المضرور([71]).

حيث شهد القضاء الفرنسي([72]) في انقلابا تاريخيا فيما يخص الطبيعة القانونية لدعوى المسؤولية الطبية، ليس فقط في حالة المسؤولية الناجمة عن خطإ في الإعلام الطبي و لكن في نظام المسؤولية الطبية بمجملها([73])، كما بينه بصفة جلية الأستاذ P.JOURDAIN([74]).

و قد فسر هذا الأستاذ، تحول القضاء الفرنسي في تكييفه لطبيعة المسؤولية المدنية الطبية، و التي تم سابقاً إرساء طابعها التعاقدي بموجب قرار MERCIER([75])، و ذلك بالارتكاز على الطابع المهني و القانوني-caractère professionnel déontologique et légal- الذي تختص به الالتزامات الطبية، و التي تقع على كاهل الطبيب لا بصفته متعاقداً و لكن باعتباره مهنياً في المجال الطبي، بحيث تسموا هذا الالتزامات ذات الطابع المهني على الرابطة العقدية، و تفرض نفسها و لو في غياب العقد، و ترتب مسؤولية قانونية مهنية غير تعاقدية-responsabilité professionnelle extracontractuelle– في حالة الخطأ الفني كما في حالة الخطأ الأخلاقي([76]).

كما أعتبر الأستاذ محمد رايس([77])، بأن التراوح المشهود من قبل الفقه و القضاء، في تكييفهم للطبيعة القانونية للمسؤولية الطبية، إنّما يدل على عدم مطابقة نظام المسؤولية المدنية المزدوج مع ميدان المسؤولية المهنية عموماً و الطبية خصوصاً، و هو الأمر الذي حال دون ضبطهم للحدود الفاصلة بين المسؤوليتين العقدية و التقصيرية.

كما أكد نفس الأستاذ، على عدم كفاية قواعد المسؤولية العقدية من أجل ضمان احترام الالتزامات الطبية، و ذلك نظراً لارتباط هذه الأخيرة بالنظام العام، و ذلك على خلاف الالتزامات العقدية الأخرى و التي تخضع عموماً لمبدأ الحرية التعاقدية([78])، في حين أن الالتزامات الطبية تُقتبس أساساً من صُلب أخلاقيات المهنة -الإطار المهني- لا من الشكل الذي تُفرغ فيه – العقد -، و هي بذلك قواعد عامة و مجردة ذات طابع اجتماعي، و مقترنة بجزاء([79]).

و لقد سار القضاء الجزائري مؤخراً ([80])، نحو تكريس الطابع المهني لالتزامات الطبيب، بالتركيز على المصدر الأخلاقي-déontologique- و المهني-professionnel- لهذه الالتزامات، وعدم الالتفات إلى مصدرها العقدي أو التقصيري، حينما أقرت الغرفة المدنية على مستوى المحكمة العليا، بأنه «…يقع على عاتق الطبيب التزام مهني ببدل الجهود الصادقة التي تتفق و الظروف القائمة و الأصول العلمية الثابتة…و أن التزامه هذا يمليه عليه ضميره و أخلاقيات مهنته…كما أن الإخلال بهذا الالتزام يشكل خطأً طبياً مسؤوليته الطبية الناتجة عن التقصير في مسلك الطبيب ».

و في هذا السياق، توصل أحد الأساتذة من خلال رسالته القيمة، و التي خصها بدراسة الواقعة المرتبة للمسؤولية العقدية-Le fait générateur de la responsabilité contractuelle- ([81])، بأن الالتزامات المُدمجة في العقود المهنية عموماً، و التي غالباً ما تكون غير مُدرجة في العقد بصفة اتفاقية، بل تكون ناتجة عن حركة التطويع-forçage du contrat-([82])، إنما تعتبر في جوهرها « شبه التزامات عقدية pseudo-obligations contractuelles » تميزها عن الالتزامات العقدية المحضة -obligations contractuelles proprement dites-، و ذلك لكونها التزامات لا تهدف في المقام الأول إلى تحقيق هدف تعاقدي–objectif contractuel ، بل أن المراد منها توظيف العقد لتحقيق وظيفة تعويض أضرار، بالرغم من ارتباط هذه الوظيفة في الأصل بمجال المسؤولية التقصيرية، كما يترتب عن هذا أيضا، أن التعويض المستحق في حالة عدم تنفيذها يقترب من التعويض الممنوح في مجال المسؤولية التقصيرية، بالنظر إلى طابعه الإصلاحي و المتمثل في إرجاع المضرور إلى الحالة التي كان عليها لو أن الضرر لم يتحقق، و خلافاً للتعويض المستحق في مجال المسؤولية العقدية، و الذي يهدف ابتداءً إلى تلبية الرغبات المشروعة للدائن، و ذلك بوضعه في الحالة المالية التي كان سيكون عليها لو أن العقد نُفِّد ([83]).
الفرع الثاني:

الحاجة إلى تكريس نظام مُوحّد للمساءلة المدنية للمهنيين

ولعل من أهم ما يجب التركيز عليه في هذا الصدد، هو الاقتراح الذي وضعه الأستاذ J.F.OVERSTAKE ، و الذي دعا فيه إلى ضرورة تناول الطبيعة القانونية لمسؤولية المنتج في إطار نظام قانوني مستقل، و الذي ينبني على معاملة كل المتضررين من أضرار منتجات الخطيرة على قدم المساواة، سواء كان تربطهم علاقة تعاقدية مع المسؤول عن الضرر أم لا، و ذلك في إطار الرؤية المستقبلية لنظام مسؤولية المنتج، و التي من شأنها مواجهة القصور الذي أبدته الحلول المأخوذة من القواعد العامة للمسؤولية بطابعها المزدوج، و التي كانت مثار نقد كبير([84]).

وهو ذات المسعى الذي دعا إليه الأستاذ Philippe REMY، و ذلك لمواجهة حالة عدم الاستقرار التي تسود قواعد مسؤولية المهنيين، فأقر أنه بيد المشرع سلطة تقديرية واسعة، تؤهله لإنشاء طوائف من المسؤوليات القانونية و التي لا يعدو من الضروري إدراجها و تصنيفها ضمن أحد النظامين العقدي و التقصيري تلبية لتقسيم تقليدي و نظري، و ذلك من خلال الإقرار بوجود أنظمة قانونية ذات طبيعة موحدة([85]).

و ذات الدعوى أكد عليها الأستاذ A.TUNC، حين تبين له من خلال دراسته المعمقة لمختلف الأنظمة القانونية المقارنة([86])، و جود مفارقات غير مبررة في معاملة المضرورين جراء النشاطات المهنية، و الناتجة من إعمال التفرقة الثنائية بين المتضررين الذين تربطهم علاقة عقدية بصاحب النشاط و بين فئة الأغيار، و ذلك بالرغم من وحدة مصدر الخطر هنا و هو النشاط أو الإطار المهني-cadre professionnel-، فألح هذا الأستاذ على رؤيته المأمولة و الهادفة إلى توحيد القواعد المطبقة على نوعي المسؤولية المدنية في المجال المهني-The desirable unification of rules governing the 2 heads of liability in professional field-.

و هو الإجراء الذي اعتبره الأستاذ P.JOURDAIN([87])، كفيلاً لاستبعاد هذا التفاوت في نظام مسؤولية المهنيين، و ذلك من خلال تعويض المضرورين جراء الأضرار الناشئة من الأنشطة المهنية، دون تمييز بين المتعاقدين و الغير و توحيد القواعد المطبقة عليهم، و كذلك الأستاذة G.VINEY([88]).

كما ألحت الأستاذة G.VINEY ، تجسيداً لنظام موحد للمسؤولية المدنية في المجال الطبي، على ضرورة إنشاء تشريع خاص يحكم تعويض الأضرار المتأتية من الحوادث الطبية، و الذي لا يأخذ بعين الاعتبار الطابع الخاطئ-caractère fautif- أو غير الخاطئ-non fautif- لهذه الأضرار، و بغض النظر عن صفة المضرور أي كونه متعاقداً أم من الأغيار، و تلك غاية تفرضها اليوم مقتضيات العدالة الاجتماعية-impératif de justice sociale-، سواءً في جانب المضرور أو الطبيب([89]).

ومن اللافت للملاحظة هنا، وجود مؤشرات قانونية مؤخراً، على المستوى الأوروبي([90])و الفرنسي([91])، تدل على وجود استجابة على المستوى التشريعي و القضائي للمسعى الذي بادر به الفقه، و ذلك من خلال السعي نحو التقريب بين نظامي المسؤولية المدنية خاصة في مجال مسؤولية المهنيين.

كما كان التوجيه الأوروبي رقم 85-374 المؤرخ في 25 جويلية 1985 الخاص بالتعويض عن حوادث المنتجات([92])، أول تشريع ساهم في إقرار نظام لمسؤولية المنتج بقوة القانون-de plein droit- يتجاهل تلك التفرقة التقليدية بين المسؤولية العقدية و المسؤولية التقصيرية، لأن خطر المنتجات المعيبة يهدد فئة واسعة من المتعاقدين و الأغيار([93])، تلاه بعد ذلك القانون رقم 98-389 و المدمج في القانون المدني الفرنسي في بند –IV bis- و المتعلق بالمسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة، و الذي أسّس لنظام موحد لمسؤولية المنتج و الصانع، و المطبق على كل ضحايا نقص الأمان في المنتجات، متعاقدين كانوا أم أغيار([94]).

هذا، و كرست المادة 140 مكرر من القانون المدني الجزائري، مسلك المشرع الجزائري في الأخذ بمفهوم موسع للمضرور أو الضحية، و هو كل شخص يتذمر في شخصه أو ماله و حتى و لو لم تربطه بالمنتج علاقة تعاقدية، و هو ذات المسلك المعتمد في القوانين الأمريكية و الأوروبية التي تسعى إلى جعل مسؤولية المنتج، مسؤولية عن فعل المنتجات المعيبة مركزة على ضحايا المنتوجات-courant victimologique-، من دون التركيز على مركزهم التعاقدي أو صفتهم القانونية([95]).

وهو القانون الذي اتفق أغلب الفقه الفرنسي على خصوصيته، من حيث أنه أسّس لنظام للمسؤولية ذو طابع قانوني – responsabilité légale-([96])، عام-général -([97])، و يتمتع بخاصية مميّزة-spécifique- من حيث أنه يستبعد-transcende- ذلك التقسيم الثنائي للمسؤولية المدنية-dichotomie-، القائم بين المسؤولية العقدية و المسؤولية التقصيرية([98])، و يجعله نظاماً للمسؤولية من جنس خاص -sui generis-([99])، تسري قواعده على كل المضرورين متعاقدين أو أغيار بصفة مماثلة([100]).
و هو ذات القانون الذي اعتبره أحد الفقه([101])، بأنه يمثل امتدادا لتوجه تشريعي سائد، حمل عدة تعديلات و تحولات على نظام المسؤولية المدنية، مدفوعاً نحو إرساء نظام للمسؤولية يتميز بثلاث مميزات أساسية: استبعاد التفرقة التقليدية للمسؤولية المدنية (العقدية و التقصيرية)، الاتجاه نحو تأسيس موضوعي و إقرار مبدأ أولوية تعويض الأضرار اللاحقة الأشخاص (الأضرار الجسمانية) على الأضرار اللاحقة بالأموال.

ولعله ذات التوجه المغذّي لمجال المسؤولية المدنية الطبية، دفع أحد الأساتذة([102]) إلى إقرار التمرُّد المشهود للمسؤولية المهنية الطبية عن التقسيم الثنائي للمسؤولية المدنية، و استشعر ضرورة مُلّحة تقتضي إزالة تلك التفرقة في المجال الطبي خصوصاً و المهني عموماً، و ذلك من خلال الاعتراف باستقلالية نظام المسؤولية المهنية الطبية([103]).

ذلك أن المسؤولية الطبية لا تترتب فقط نتيجة الإخلال بالتزام عقدي احتواه العقد، أو نتيجة للإخلال بالواجب العام المتمثل في واجب الحيطة و الحذر و التبصر، إنما تنشأ عن الإخلال بالواجبات المهنية التي تتضمن قواعد المهنة، و التي تُعدُ مصدراً لالتزامات المهنيين و منهم الأطباء، و هذه حقيقة عملية تستدعي كسر ذلك الطوق الصلب القائم على ثنائية المسؤولية-عقدية و تقصيرية-، في المجال المهني([104]).

و نفس القناعة أدركتها الأستاذة F.ALT-MAES ، نتيجة للتراوح غير المبرر في الجزاء المترتب عن الإخلال بواجب الإعلام الطبي، و ذلك بالنظر إلى ارتباط هذا الجزاء بالمرحلة التي وقع خلالها إخلال المدين المسؤول بواجب الإعلام، و اقترحت هذه الأستاذة ضرورة الاعتراف باستقلالية هذا الالتزام بالنظر إلى كونه التزاماً يهدف في المقام الأول إلى حماية الضعيف في العلاقة القانونية، و ضرورة إقرانه بقانون الاستهلاك و ذلك على غرار الالتزام بالسلامة، باعتبارهما التزامين يندرجان تحت لواء « النظام العام للحماية l’ordre public de protection »، مما يستوجب أقرار انفصالهما العقد و المسؤولية العقدية([105]).
الخاتمة:

لعله اتضح لنا من التحليل السابق لمسألة التقسيم الثنائي لأحكام المسؤولية المدنية في النطاق المهني، وجود بعض الاختلالات السابق ذكرها والتي يمكن ارجاعها لخصوصية الالتزام المهني عموماً، والذي يستمد مصدره من المهنة دون مراعاة نشأته التعاقدية أو غير التعاقدية، من هذا المنطلق جاز اقتراح بعض الاصلاحات على هذا النظام أهمها:
-ضروة تعزيز الحماية المقررة لضحايا الحوادث المهنية بإقرار واجب كل طرف مهني في الاستجابة لمخاطر نشاطه اتجاه ضحاياه متعاقدين كانوا أم أغيار.

– ضرورة التفكير في امكانية إزالة التفرقة بين المضرور المتعاقد و المتضررين الأغيار في المجال الطبي، و ذلك من خلال الاعتراف باستقلالية نظام المسؤولية المهنية الطبية.

– استبعاد التفرقة التقليدية للمسؤولية المدنية في مجال التعويض عن الأضرار الجسمانية التي يتسبب في احداثها المهني، حماية لضحايا هذه الفئة.

– ضرورة معاملة كل المتضررين من أضرار منتجات الخطيرة على قدم المساواة، متعاقدين كانوا أم أغيار، و ذلك ما تجسد من خلال النظام الذي أقره التشريع الجزائري في المادة 140 مكرر من القانون المدني.

-المراجع باللغة العربية:

إبراهيم محمد دسوقي، تقدير التعويض بين الخطأ و الضرر، مؤسسة الثقافة الجامعية للطبع و النشر و التوزيع، الإسكندرية، مصر، د.ت.

بن رقية بن يوسف، العلاقة بين نظامي المسؤولية المدنية و مدى جواز الخيرة بينهما في القانون المدني الجزائري: دراسة موازنة (ت.إ دكتور محمد حسنين )، رسالة ماجستير في العقود و المسؤولية، جامعة الجزائر .

علي علي سليمان، نظرات قانونية مختلفة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1994.

قادة شهيدة، إشكالية المفاهيم و تأثيرها على رسم ملامح النظام القانوني لمسؤولية المنتج: دراسة مقارنة في القانون الجزائري و المقارن، مجلة الدراسات القانونية، مخبر القانون الخاص، عدد 9.

قادة شهيدة، المسؤولية المدنية للمنتج: دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، 2007، الإسكندرية.

محمد حسنين، الوجيز في نظرية القانون في القانون الوضعي الجزائري، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1986.

محمد رايس، المسؤولية المدنية للأطباء في ضوء القانون الجزائري، دار هومه، الجزائر، 2007.

-المراجع باللغة الأجنبية:

André TUNC, International Encyclopedia of Comparative Law, vol. XI, Torts, chap.1, introduction, n°44.

Denis TALLON, L’inexécution du contrat : pour une autre présentation, RTD.Civ, 1994.

Eric SAVAUX, La fin de la responsabilité contractuelle ?, RTD.Civ, 1-1999, n°10.

Florence TARTANSON, Les risques de développement dans la responsabilité des fabricants : étude comparative, Mémoire Maitrise, institue droit comparé, MC Gill, Montréal, 1990.

François TERRE, Philippe SIMLER et Yves LEQUETTE, Droit civil : les obligations, 6ème éd., Dalloz.

Françoise ALT-MAES, L’information médicale au cœur de la distinction entre responsabilité délictuelle et responsabilité contractuelle, R.D.S.S, 1994.

Gaël COFFINET-FRETIGNY, L’indemnisation des dommages causés par une chose en matière contractuelle, thèse Doctorat, université Reims, 2008.

Geneviève VINEY, Pour une loi organisant l’indemnisation des victimes d’accident médicaux, Méd. & dr. éditorial, Elsevier, 1997-24.

Geneviève VINEY, Traité droit civil, introduction à la responsabilité (sous direct. J.GHESTIN), 2ème éd., L.G.D.J., 1995.

Jacques FLOUR, Jean Luc AUBERT et Eric SAVAUX, Les obligations, Le fait juridique, 8ème éd. Armand Colin.

Jean CALAIS-AULOY, L’influence du droit de la consommation sur le droit civil des contrats, RTD.Com, 1994.

Jean CALAIS-AULOY, L’influence du droit de la consommation sur le droit civil des contrats, RTD.com, 1994.

Jean PIERRE SCARANO, Dictionnaire des obligations, éd. Ellipses, 1999.

Laurent BETEILLE et Alain ANZIANI, Responsabilité civile : des évolutions nécessaires, Dalloz, chron., 2009.

Laurent LEVENEUR, Le forçage du contrat, Revue Droit et Patrimoine, n°58, 1998.

Marianne FAURE ABBAD, Le fait générateur de la responsabilité contractuelle : contribution à la théorie de l’inexécution du contrat (sous direct. Ph. REMY), thèse Doctorat, L.G.D.J, Paris, 2003.

Noureddine TERKI, Les Obligations : responsabilité civile et régime général, O.P.U, 1982.

Patrice JOURDAIN, Le changement de nature de la responsabilité médicale ?, RTD.Civ, 1-2011.

Patrice JOURDAIN, Les principes de la responsabilité civile, 5ème éd., Dalloz, 2000.

Philippe LETOURNEAU, Responsabilité civile en générale, Rép.civ.Dalloz sept. 2001, n°29.

Philippe MALAURIE, Laurent AYNES et Philippe STOFFEL-MUNCK, Les obligations, éd. Defrénois, 2003, n°301.

Philippe REMY, La Responsabilité contractuelle : histoire d’un faux concept, RTD.Civ, 1997.

Pierre WESSNER, La distinction de la responsabilité contractuelle et de la responsabilité délictuelle, Travaux du « GRERCA », travaux de séminaire du 27-28 nov. 2009.

Thérèse ROUSSEAU-HOULE, Les lendemains de l’arrêt Kravitz: la responsabilité du fabricant dans une perspective de réforme, Les Cahiers de Droit, 5, 1980-21.

Yves-Marie LAITHIER, Etude comparative des sanctions de l’inexécution du contrat, LGDJ, 2004.

([1]) Laurent BETEILLE et Alain ANZIANI, Responsabilité civile : des évolutions nécessaires, Dalloz, chron., 2009 p. 2328.

([2]) Ibid.

([3]) http://civil.udg.edu/php/biblioteca/items/288/PETLFrench.pdf.

([4]) « Toutefois, lorsque cette inexécution provoque un dommage corporel, le cocontractant peut, pour obtenir réparation de ce dommage, opter en faveur des règles qui lui sont plus favorables »,

1 بن رقية بن يوسف، العلاقة بين نظامي المسؤولية المدنية و مدى جواز الخيرة بينهما في القانون المدني الجزائري: دراسة موازنة (ت.إ دكتور محمد حسنين )، رسالة ماجستير في العقود و المسؤولية، جامعة الجزائر ، ص.37.

([6]) بن رقية بن يوسف، المرجع السابق، ص.28.

([7]) Geneviève VINEY, Traité droit civil, introduction à la responsabilité (sous direct. J.GHESTIN), 2ème éd., L.G.D.J., 1995, n°234, pp.426-427.

([8]) André TUNC, International Encyclopedia of Comparative Law, vol. XI, Torts, chap.1, introduction, n°44, p.25.

([9]) Jean CALAIS-AULOY, L’influence du droit de la consommation sur le droit civil des contrats, RTD.Com, 1994, p.243.

([10]) Eric SAVAUX, La fin de la responsabilité contractuelle ?, RTD.Civ, 1-1999, n°10, p.7.

أنظر عن كيفية ظهور فلسفة الخطر في ميدان حوادث العمل: الفصل التمهيدي من هذه المذكرة في الصفحة4 و 5.([11])

([12]) Philippe REMY, La Responsabilité contractuelle : histoire d’un faux concept, RTD.Civ, 1997, p.327.

([13]) Philippe REMY, ibidem.

([14]) و هو الحل الذي اقترحه الفقيه SALEILLES ثم انظم إليه الفقيه JOSSERAND.

([15]) من خلال نظرية الضمان. SAINCTELETTE وهو اقتراح الفقيه

([16]) و ذلك من خلال استنباط محكمة النقض الفرنسية للمسؤولية عن فعل الأشياء بمناسبة قرار TEFFEINE : Cass.civ. 16 juin 1896, D.P

1897.1.433, note SALEILLES.

([17]) Cass.civ, 21 nov. 1911, D.P 1913. 1.249, note SARRUT.

([18]) إبراهيم محمد دسوقي، تقدير التعويض بين الخطأ و الضرر، مؤسسة الثقافة الجامعية للطبع و النشر و التوزيع، الإسكندرية، مصر، د.ت، رقم 125، ص.244-245.

([19]) و استعملت عبارة تطويع العقدdu contrat Forçage لأول مرة من طرف الفقيه JOSSERAND في سنة 1933 من خلال مؤلفه ” العقد الموجه Le contrat dirigé ” و ذلك للدلالة على الطريقة التي يستعين بها القاضي لإدماج التزامات جديدة في العقد لم يسبق أن اتفق عليها المتعاقدين، أنظر: Laurent LEVENEUR, Le forçage du contrat, Revue Droit et Patrimoine, n°58, 1998, p.69

([20]) Philippe REMY, La Responsabilité contractuelle : histoire d’un faux concept, RTD.Civ, 1997, p.330.

([21]) فقضت محكمة النقض الفرنسية في قرارين لها بأنه « يقع على عاتق البائع التزام بالسلامة يقتضي منه تسليم منتوج يخلوا من كل عيب أو نقص في التصنيع من شأنه أن يشكل خطراً بسلامة الأشخاص أو الأموال»، Cass.civ 1ère, 11 juin 1991, Bull.civ. I. n°201, Cass.civ 1ère, 15 oct. 1996, Bull.civ. I. n°354. , voir : Laurent LEVENEUR, art. Préc., p.72.

([22]) Geneviève VINEY et Patrice JOURDAIN, Traité de droit civil, précité, n°493, p.389.

([23]) حيث أوضح في هذا الشأن الأستاذ J.CALAIS-AULOY كيف أن تدخل المشرع في ميدان عقود الاستهلاك أصبح يتخذ صورتين: الأولى سلبية تتمثل في إلغاء الشروط التعسفية المدمجة من طرف العون الاقتصادي و الثانية ايجابية تتمثل في تحديد مضمون العقود التي يبرمها المنتجون و الأعوان الاقتصاديون من قبل السلطات العامة أو في إطار اتفاق جماعي accord collectif كما هو الحال بالنسبة للعقود التي يتفاوض لتحديد مضمونه جمعيات حماية المستهلكين، أنظر عن هذا : Jean CALAIS-AULOY, L’influence du droit de la consommation sur le droit civil des contrats, RTD.com, 1994, pp.243-245.

([24]) Geneviève VINEY et Patrice JOURDAIN, Traité de droit civil, précité, n°494, p.390.

([25]) فعرف العميد السنهوري النظام العام بمجموع القواعد التي يقصد بها تحقيق مصلحة عامة تتعلق بنظام المجتمع الأعلى و تعلو على مصلحة الأفراد، سواء كانت هذه المصلحة اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية “، و هو المعيار الذي يكاد يكون القاضي في إطاره كالمشرع بفضل مرونته، محمد حسنين، الوجيز في نظرية القانون في القانون الوضعي الجزائري، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1986، ص.277.

([26]) حيث لا يجوز للمتعاقدين الاتفاق على بنود مخالفة للنظام العام و الآداب العامة باعتبارها قيداً يرد على مبدأ الحرية التعاقدية، أنظر عن ” النظام العام كقيد على مبدأ سلطان الإرادة ” مرجع: محمد حسنين، الوجيز في نظرية القانون في القانون الوضعي الجزائري، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1986، ص.ص.277-278.

([27]) Geneviève VINEY et Patrice JOURDAIN, Traité de droit civil, précité, n°491, p.387.

([28]) Eric SAVAUX, La fin de la responsabilité contractuelle ?, RTD.Civ, 1-1999, n°12, pp.8-9.

([29]) Philippe REMY, La Responsabilité contractuelle : histoire d’un faux concept, art. Préc, p.340.

([30]) Yves-Marie LAITHIER, Etude comparative des sanctions de l’inexécution du contrat, LGDJ, 2004, n°90, p.128.

([31]) Marianne FAURE ABBAD, Le fait générateur de la responsabilité contractuelle : contribution à la théorie de l’inexécution du contrat (sous direct. Ph. REMY), thèse Doctorat, L.G.D.J, Paris, 2003, p.493.

([32]) Denis TALLON, L’inexécution du contrat : pour une autre présentation, RTD.Civ, 1994, p.226.

([33]) على رأسهم الأستاذ André TUNC و الأستاذة Geneviève VINEY.

([34]) فعلى سبيل التمثيل تعرف الأنظمة الأنجلوأمركية مثل هذه التفرقة الثنائية في نظام المسؤولية المدنية و التي تفرق بين المسؤولية التقصيرية و المتمثلة في مجموع الإخلالات الماسة بالضابطة القانونية و المسماة « Torts» و تقابلها من جهة ثانية المسؤولية العقدية الناجمة عن الإخلال العقدي «Breach of contract » و ما يترتب عنه من جزاءات و التي يُطلق عليها مصطلح « Contractual remedies »أنظر:

Geneviève VINEY, op.cit, n°232, p.423

([35]) Geneviève VINEY, Traité droit civil, introduction à la responsabilité, précité, n°232, p.425.

([36]) André TUNC, International Encyclopedia of Comparative Law, vol. XI, Torts, chap.1, introduction, n°33, p.19.

([37]) Noureddine TERKI, Les Obligations : responsabilité civile et régime général, O.P.U, 1982, n°30, p.30.

([38]) محمد رايس، المسؤولية المدنية للأطباء في ضوء القانون الجزائري، دار هومه، الجزائر، 2007، ص.377-379.

([39]) على غرار الالتزام بضمان السلامة و هو الالتزام تم تكريسه في العديد من العقود المهنية، و ذلك بالرغم من عدم انصراف إرادة العاقدين إلى إقراره إلاّ أن الوضع الاجتماعي للمتعاقدين هو الذي استلزم إقراره في هذه العقود بالنظر إلى المخاطر المتأتية من هذه العقود، أنظر عن هذا: محمد رايس، المرجع السابق، ص.403.

([40]) محمد رايس، المرجع السابق، ص.403.

([41]) Yves-Marie LAITHIER, Etude comparative des sanctions de l’inexécution du contrat, LGDJ, 2004, n°90, p.128.

بن رقية بن يوسف، المرجع السابق، ص.ص.88-89. ([42])

([43]) Marianne FAURE ABBAD, Le fait générateur de la responsabilité contractuelle, précitée, p.493.

قادة شهيدة، المسؤولية المدنية للمنتج: دراسة مقارنة، المرجع السابق، ص.96. ([44])

و ذلك حسب المادة 178 فقرة 2 من القانون المدني الجزائري.([45])

علي علي سليمان، نظرات قانونية مختلفة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1994، ص.235.([46])

([47]) قادة شهيدة، المسؤولية المدنية للمنتج: دراسة مقارنة، المرجع السابق، ص.265.

([48]) و هذا ما تقضي به المادة 217 من القانون المدني الجزائري.

([49]) و ذلك حسب المادة 126 من القانون المدني الجزائري.

([50]) على غرار مساءلة الأطراف المهنية المساهمة في عملية الإنتاج، فاعتبرت المادة 3 فقرة 7 من القانون 09-03 الخاص بحماية المستهلك و قمع الغش، مسؤولاً في هذا النطاق كل شخص طبيعي أو معنوي ساهم في عملية وضع المنتوج للاستهلاك سواء كان منتجاً، مستورداً، مخزناً، ناقلاً، موزعاً بالتجزئة أو بالجملة.

([51]) و هو المبدأ المقتبس من المادة 113 قانون مدني جزائري تقابلها المادة 1165 من القانون المدني الفرنسي.

([52]) Noureddine TERKI, Les Obligations : responsabilité civile et régime général, précité, n°30, p.30.

([53]) و هي مقولة العميد Jean CARBONNIER عند وصفه للسياسة القضائية الهادفة إلى إعمال النظام التعاقدي لضمان سلامة الأشخاص أو ما يسمى ب « contractualisation de la sécurité »، أنظر عن هذا : محمد رايس، المسؤولية المدنية للأطباء في ضوء القانون الجزائري، المرجع السابق، ص.403، و كذلك: قادة شهيدة، المسؤولية المدنية للمنتج: دراسة مقارنة، المرجع السابق، ص.145

([54]) Florence TARTANSON, Les risques de développement dans la responsabilité des fabricants : étude comparative, Mémoire Maitrise, institue droit comparé, MC Gill, Montréal, 1990, p.48.

([55]) Florence TARTANSON, Les risques de développement dans la responsabilité des fabricants, précitée, p.48.

([56]) Cass.com. 27 avril 1971, JCP, 1972, II. 17280, 1ère espèce, note BOITARD et RABUT.

([57]) حيث جاء في حيثيات قرار الغرفة التجارية: «Considérant que l’action directe été accessoire à la chose transmise ».

([58]) Cass.civ. 1ère, 9 oct. 1979, Bull.civ, I, n°241.

([59]) كحالة عقد بيع يتبعها عقد إيجار، و كان ذلك في قرار للغرف المجتمعة لمحكمة النقض الفرنسي:Ass.Plén. 7 fév. 1986, D, 1986, juris. 293.

([60]) Florence TARTANSON, précité, p.48.

([61]) و هي عبارة عن إقرار حول الصفات و الخصوصيات التي يتمتع بها المبيع ناتج عن اتفاق صريح أو ضمني مبرم بين البائع و المشتري، منها ضمان مطابقة المبيع و استجابته للأغراض التي أنشأ من أجلها أو ما يسمى بضمان القابلية للتسويق « warranty of merchantability » و هناك أيضاً ضمان صلاحية المبيع و مطابقته لاستعمال خاص أو ما يسمى ب « warranty of fitness for a particular purpose », voir : Thérèse ROUSSEAU-HOULE, Les lendemains de l’arrêt Kravitz: la responsabilité du fabricant dans une perspective de réforme, Les Cahiers de Droit, 5, 1980-21, p.21,

([62]) Thérèse ROUSSEAU-HOULE, Les lendemains de l’arrêt Kravitz:, art. Préc, p.21.

([63]) Thérèse ROUSSEAU-HOULE, Les lendemains de l’arrêt Kravitz, art. Préc, p.22.

([64]) و ذلك بتفسير موسع لمفهوم النسبية لإدخال شريحة واسعة من الأشخاص الذين كانوا في مقربة من المنتوج و ترتيب رابطة عقدية بينهم و بين الصانع، و كان ذلك في قضية: Peterson V. Yanib Rubber, 353 P. (2d) 575(1960) ، كما أقر القضاء الأمريكي في هذا الشأن بوجود عقد استعمال ضمني بين الصانع و المشتري و حتى أقرباءه و ذلك لإتاحة فرصة المتابعة من طرف هذه الشريحة، أنظر عن هذا:

Thérèse ROUSSEAU-HOULE, précité, p.16.

([65]) كما في قضية : Henningsen V. Bloomfield and Chrysler, 32 N.J. 358, 161 (2d) 69 (1960) أو في قضية: Greenman V. Yuka Power Prod. Inc., 59 Cal Rptr 697 (1963) –

([66]) Thérèse ROUSSEAU-HOULE, Les lendemains de l’arrêt Kravitz, art. Préc, p.22.

([67]) Geneviève VINEY, Traité droit civil, introduction à la responsabilité, précité, n°243, p.445.

([68]) André TUNC, International Encyclopedia of Comparative Law, vol. XI, Torts, chap.1, introduction, n°44, pp.25-26.

([69]) Pierre WESSNER, La distinction de la responsabilité contractuelle et de la responsabilité délictuelle, Travaux du « GRERCA », travaux de séminaire du 27-28 nov. 2009, pp.8-9. Voir :

http://grerca.univ-rennes1.fr/theme/travaux

قادة شهيدة، المسؤولية المدنية للمنتج: دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، 2007، الإسكندرية، ص.128. ([70])

([71]) Françoise ALT-MAES, L’information médicale au cœur de la distinction entre responsabilité délictuelle et responsabilité contractuelle, R.D.S.S, 1994, p.389.

([72]) Cass.civ 1ère, 14 oct. 2010, n°09-69.195, D. 2010. 2682, obs. I.GALLMEISTER, note P.SARGOS.

([73]) و ذلك تثبيتاً لقرار سابق لمحكمة النقض الفرنسية أكد على الطابع غير التعاقدي لدعوى المسؤولية الطبية: Cass.civ 1ère, 28 janv. 2010, n°09-10.992, D. 2010. 1552, note P.SARGOS.

([74]) Patrice JOURDAIN, Le changement de nature de la responsabilité médicale ?, RTD.Civ, 1-2011, pp.128-131.

([75]) Arrêt Mercier, Cass. Civ. 1, 20 mai 1936. D.1936, 1, p.88, conclu. MATTER, rapp. JOSSSERAND

([76]) Patrice JOURDAIN, Le changement de nature de la responsabilité médicale, art. Préc., p.129.

محمد رايس، المسؤولية المدنية للأطباء في ضوء القانون الجزائري، المرجع السابق، ص.407.([77])

محمد رايس، المرجع السابق، ص.404.([78])

محمد رايس، المسؤولية المدنية للأطباء في ضوء القانون الجزائري، المرجع السابق، ص.405.([79])

حكم المحكمة العليا، الغرفة المدنية، ملف رقم 399828، مجلة المحكمة العليا، 2008، ص.ص.175-178.([80])

([81]) Marianne FAURE ABBAD, Le fait générateur de la responsabilité contractuelle : contribution à la théorie de l’inexécution du contrat (sous direct. Ph. REMY), thèse Doctorat, L.G.D.J, Paris, 2003.

([82]) و أقر الأستاذ بجواز تسمية هذه الالتزامات ب « شبه الالتزامات العقدية pseudo-obligations contractuelles » ذات طابع تعويضي أو إصلاحي -à but indemnitaire-، أنظر في هذا: Marianne FAURE ABBAD, thèse. Précité, p.494.

([83]) Marianne FAURE ABBAD, ibidem.

قادة شهيدة، المسؤولية المدنية للمنتج: دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، 2007، الإسكندرية، ص.ص.132-133. ([84])

([85]) « …est que le législateur, qui peut tout faire, nous fabrique des –responsabilités légales- qu’il ne faudrait pas chercher à faire rentrer à tous prix dans les deux catégories contractuelle ou délictuelle …pour respecter une simple classification abstraite et théorique, pour consacrer des régimes de responsabilité uniforme », voir : Eric SAVAUX, La fin de la responsabilité contractuelle ?, RTD.Civ, 1-1999, n°21, pp.13-14.

([86]) André TUNC, International Encyclopedia of Comparative Law, vol. XI, Torts, chap.1, introduction, n°44 et 46, pp.25-28.

([87]) Patrice JOURDAIN, Les principes de la responsabilité civile, 5ème éd., Dalloz, 2000, p.43

([88]) Geneviève VINEY, Traité droit civil, introduction à la responsabilité, précité, n°244, p.449.

([89]) Geneviève VINEY, Pour une loi organisant l’indemnisation des victimes d’accident médicaux, Méd. & dr. éditorial, Elsevier, 1997-24 :1, p.1.

([90]) فشهدت الدول الأوربية تياراً حديثاً يسعى إلى تحقيق التقارب و الانسجام بين الأنظمة الأوروبية للمسؤولية المدنية، لإنشاء نظام مقبول من لدن كافة الدول لاسيما من خلال التوحيد بين نظامي المسؤولية المدنية العقدية و التقصيرية، فظهرت فٍّرق و مجموعات للأبحاث في هذا المجال منها: المجموعة الأوروبية حول المسؤولية المدنية European Group on Tort Law أو المجموعة الأوروبية حول المسؤولية المدنية و التأمين GRERCA و كذلك مشروع القانون المدني الأوروبي Von Barr، للاضطلاع على أبحاث هذه الفرق أنظر المواقع الآتية: http://civil.udg.edu/php/biblioteca/items/288/PETLFrench.pdf

([91]) فهذا المشروع الأوّلي حول تعديل القانون المدني الفرنسي CATALA و بالرغم من اعترافه بالتقسيم التقليدي بين المسؤولية العقدية و التقصيرية، إلاّ أنه منح المضرور رخصة الخيار بين ما هو أنسب له من الدعوى التقصيرية أو العقدية في حالة الضرر الجسماني وذلك حسبما قضت به المادة 1341 فقرة منه: «Toutefois, lorsque cette inexécution provoque un dommage corporel, le cocontractant peut, pour obtenir réparation de ce dommage, opter en faveur des règles qui lui sont plus favorables », voir : Véronique WESTER-OUISSE, Responsabilité délictuelle et contractuelle : fusion des régimes à l’heure internationale, RTD.Civ, 2010, n°28, p.428.

([92]) Relative au rapprochement des dispositions législatives, réglementaires et administratives des états membres en matière de responsabilité du fait des produits défectueux, JOCE, n° L 210, 7 aout 1985.

([93]) Philippe LETOURNEAU, Responsabilité civile en générale, Rép.civ.Dalloz sept. 2001, n°29.

([94]) قادة شهيدة، المسؤولية المدنية للمنتج: دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، 2007، الإسكندرية، ص.134.

([95]) قادة شهيدة، إشكالية المفاهيم و تأثيرها على رسم ملامح النظام القانوني لمسؤولية المنتج: دراسة مقارنة في القانون الجزائري و المقارن، مجلة الدراسات القانونية، مخبر القانون الخاص، عدد 9، ص.11.

([96]) Philippe MALAURIE, Laurent AYNES et Philippe STOFFEL-MUNCK, Les obligations, éd. Defrénois, 2003, n°301, p.158.

([97]) François TERRE, Philippe SIMLER et Yves LEQUETTE, Droit civil : les obligations, 6ème éd., Dalloz, n°987.

([98]) Jacques FLOUR, Jean Luc AUBERT et Eric SAVAUX, Les obligations, Le fait juridique, 8ème éd. Armand Colin, n°298, p.279.

([99]) و هو مصطلح قانوني ذو أصل يوناني يعني « من جنس خاص أو من نوع خاصde son propre genre -de son espèce »، يُوظًّف في المجال القانوني للدلالة على أي عقد أو منظومة أخرى لا يمكن إدراجها ضمن أيِ من التصنيفات المسماة المعمول بها، و ذلك على غرار عقد الفندقة hôtellerie الذي يتشكل من عدة عقود أخرى مسماة ( إيجار و وديعة و بيع في نفس الوقت ) و يجعله عقداً غير مسمى، أنظر عن هذا :Dictionnaire des obligations, éd. Ellipses, 1999, p.271. Jean PIERRE SCARANO,

([100]) Gaël COFFINET-FRETIGNY, L’indemnisation des dommages causés par une chose en matière contractuelle, thèse Doctorat, université Reims, 2008, n°297-298, p.158.

([101]) François TERRE, Philippe SIMLER et Yves LEQUETTE, Droit civil : les obligations, 6ème éd., Dalloz, n°945, p.765.

([102]) محمد رايس، المسؤولية المدنية للأطباء في ضوء القانون الجزائري، المرجع السابق، ص.402.

([103]) محمد رايس، المرجع السابق، ص.404.

([104]) محمد رايس، المرجع السابق، ص.404.

Françoise ALT-MAES, L’information médicale au cœur de la distinction entre responsabilité délictuelle et responsabilité contractuelle, R.D.S.S, 1994, p.390-391.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت