المفهوم القانوني للنزاع الدولي

يعرف النزاع الدولي على ان (الخلاف الذي ينشأ بين دولتين بشأن موضوع قانوني او حادث معين او بسبب وجود تعارض في مصالحهما الاقتصادية او السياسية او العسكرية وتباين حججهما القانونية بخصوصه). ويذهب الفقه والتعامل الدولي الى التمييز بين نوعين من المنازعات الدولية هما : المنازعات القانونية والمنازعات السياسية ويكون النوع الاول من اختصاص محكمة دولية او محكمة تحكيم او محكمة العدل وهذا بطبيعة الحال يقتضي الرجوع الى قواعد القانون الدولي لحل النزاع القائم اما النوع الثاني واعني به المنازعات السياسية فلا يصلح لان تنظر فيه محكمة دولية بل يلجا في حله الى طرق التسوية السلمية للنزاعات كالوساطة او التوفيق .

وفي الاونة الاخيرة ظهر نوع ثالث من المنازعات الدولية هي المنازعات الفنية والتي تتم تسويتها عن طريق الوكالات الدولية المتخصصة والتي تكون عادة ملمة بالمشكلات الفنية. وقد اختلف فقهاء القانون الدولي حول ايجاد معيار للتفرقة بين هذين النوعين من المنازعات الى ثلاثة اتجاه : حيث يذهب الاتجاه الاول الى ان المنازعات القانونية هي التي يمكن تسويتها بتطبيق قواعد القانون الدولي الواضحة والمعترف بها اما اذا كان النزاع سياسيا فلا يمكن اتباع الطريقة الاولى في تسويته .

اما الاتجاه الثاني فيرى ان معيار التفرقة بين المنازعات القانونية والسياسية هو ان الاولى قليلة الاهمية وتتصل غالبا بمسائل ثانوية او صغيرة ولا تمس مصالح الدولة العليا اما النزاع السياسي فهو يمس مصالح الدولة العليا مثل المصالح الوطنية الحيوية او الاقتصادية . في حين يذهب الاتجاه الثالث الى ان المنازعات القانونية هي التي تكون اساس الخصومة فيها على تطبيق او تفسير قانون قائم من دون ان يطالب احد الاطراف فيها تعديل ذلك القانون في حين ان المنازعات السياسية استنادا الى انصار هذا الاتجاه هو الذي يطالب فيها احد الاطراف تعديل القانون القائم.

اما طريقة تسوية المنازعات فهي تختلف بحسب كل منها فالمنازعات القانونية تحل بالتحكيم او القضاء الدوليين استنادا الى قواعد القانون الوضعي ( القانون الدولي العام ) في حين ان المنازعات السياسية لا يمكن حلها الا عن طريق اللجوء الى الوسائل الدبلوماسية او السياسية مع مراعاة التوفيق بين مختلف المصالح المتضاربة ، وقد اكدت المواثيق الدولية ضرورة حل المنازعات الدولية بالطرق السلمية كاتفاقية لاهاي لعام 1907 بشان التسوية السلمية للمنازعات الدولية وكذلك عهد عصبة الامم سنة 1919 في المادة 13 / فقرة 2 منه والتي عددت المنازعات القانونية الصالحة لتسويتها عن طريق التحكيم او القضاء وورد ايضا تعداد مماثل في المادة 36/فقرة 2 من النظام الاساس لمحكمة العدل الدولية وذلك بشان اقرار اية دولة بولاية المحكمة الجبرية في نظر جميع المنازعات القانونية التي تقوم بينها وبين دولة تقبل الالتزام ذاته اذا كانت المنازعات القانونية تتعلق بالمسائل الاتية : (تفسير معاهدة من المعاهدات او اية مسالة من مسائل القانون الدولي او التحقيق في واقعة من الوقائع اذا ثبت بانها كانت خرقا لالتزام دولي واخيرا نوع التعويض المترتب على خرق التزام دولي ومدى هذا التعويض) وميثاق لوكارنو لسنة 1925 وكذلك ميثاق التحكيم العام لسنة 1928 .

وقد نصت المادة 33 من ميثاق الامم المتحدة لسنة 1945 على انه (يجب على اطراف اي نزاع من شان استمراره ان يعرض حفظ السلم والامن الدوليين للخطر ان يلتمسوا حله بادئ ذي بدء بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية او ان يلجأوا الى الوكالات والتنظيمات الاقليمية او غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارها).

كما ان ميثاق الامم التحدة نص في عدة مواقع على اختصاص الجمعية العامة اومجلس الامن باصدار التوصية اللازمة لحل النزاع سلميا اذا تعذر حله باحدى الوسائل المتقدمة الذكر ، فقد قررميثاق الامم المتحدة ان لمجلس الامن ان ( يدعو أطراف النزاع إلى أن يسووا ما بينهم من النزاع بتلك الطرق إذا رأى ضرورة ذلك) كما ان مجلس الامن منح صلاحية فحص اي نزاع او موقف ويقرر ما اذا كان ذلك قد يعرض للخطر حفظ السلم والامن الدوليين وذلك في المادة 34 منه.

وقد اشارت المادة 35 الى اشراك الدول الاعضاء وغير الاعضاء في التنبيه على اي موقف يحصل بين الدول الاخرى من شانه ان يشكل خطرا على الامن والسلم الدوليين وكذلك في حالة كونها طرفا في ذلك النزاع حيث تنص على انه (1- لكل عضو من الأمم المتحدة أن ينبه مجلس الأمن أو الجمعية العامة إلى أي نزاع أو موقف من النوع المشار إليه في المادة الرابعة والثلاثين . 2- لكل دولة ليست عضواً في الأمم المتحدة أن تنبه مجلس الأمن أو الجمعية العامة إلى أي نزاع تكون طرفا فيه إذا كانت تقبل مقدماً في خصوص هذا النزاع التزامات الحل السلمي المنصوص عليها في هذا الميثاق).

المحامية: ورود فخري