الفئات المستفيدة
من أموال التأمينات الاجتماعية – مصر

إعــــداد
الأستاذ/ مجدى صالح محمد
المحامى بالإدارة المركزية للشئون القانونية
بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعي
الصندوق الحكومي

فى الفترة من 13-15 أكتوبر 2002م

مقدمــة

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الغمة وترك أمته على المحاجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا كل ضال ورضى الله عن آل محمد وصحبه والمهتدين بهديه.

وبعد فان الشريعة الإسلامية قد جاءت بالوسطية فى كل شىء وقد كفلت لكل فرد حياة كريمة وهيئت له كل السبل والوسائل الطبية لان بعيش حياة آمنة مطمئنة لا يخاف الأحداث والنوازل أن حلت به وذلك لأنه يعيش فى مجتمع من أخص خصائصه التكافل فى السراء والضراء وهذا التكافل امتد ليشمل حتى غير المسلمين دون تفرقه بين الأديان فقد روى ان عمر بن الخطاب رأى يهوديا مسنا يسأل الناس فسأله من الذى حملك على هذا فأجاب الجزية والسن فقال عمر له : ما انصفناك اكلنا شبيبتك حتى إذا كبرت ووهن عظمك
ثم امر به وبنظرائه فوضعت عنهم الجزية وفرض لهم من بيت المال ما يكفيهم “ .

هذا وقد سبق الاقتصاد الإسلامى النظم العالمية الأخرى فى نظام تأمين الأطفال واللقطاء فقد فرض عمر بن الخطاب لكل مولود مائة درهم فإذا ترعرع بلغ مائتين كما فرض لكل لقيط مائة درهم ولوليه كل شهر رزقا يعينه عليه ثم يسوى عند كبره بسواه من الأطفال بل وصل الأمر كما ورد بكتاب المحلى لابن حزم : ان لولى الأمر الحق عن طريق الشورى فى ان يفرض على الأغنياء ما يكفى حاجة الفقراء غذاء وملبسا ومسكنا قال الإمام ابن حزم “وفرض على الأغنياء من كل بلد أن يقوموا بفقرائهم ويجبرهم

السلطان على ذلك ان لم تقم الزكوات بهم ولا فى سائر أحوال المسلمين بهم فيقام لهم بما يأكلونه من القوت الذى لابد فيه ومن اللباس للشتاء والصيف بمثل ذلك ومسكن يكنهم من المطر والصيف وعيون المارة وبرهان ذلك قولـه تعالى ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ﴾ الآية 26 سورة الإسراء، وقال تعالى ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾ الآية 36 سورة النساء كتاب المعلى لابن حزم ج6 ص 156 .

والتكافل فى الإسلام لا يعنى تأمين الفقراء فقط ومن فى حكمهم على أنفسهم أو من يعولون فى حياتهم وبعد مماتهم بكفالة ما يكفيهم من طعام وملبس ومأكل ولكن يشمل أيضا تأمين أرباب الأموال على مستواهم الذى وصلوا إليه بجدهم من الحلال فقد أمن الإسلام كل فرد على ماله من مسكن أو أثاث أو مال فى التجارة أو غيره التجارة ضد الغرق والحريق والآفات العارضة كما ضمن له كل دين ينفقه فى المكارم أو المصلحة العامة ” مجلة الشباب المسلمين العدد 91 لسنة 41 ص 15 .

كل هذا تحت مظلة قوله تعالى ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (المائدة: من الآية2).

فكل من تنزل به خسارة مالية بسبب جائحه أو حريق أو سيل أو دين فى غير معصية ولو كان لديه مال ولكن الدين محيط به وكل من يتعرض لفقر وحاجة بعد غنى ويسر يأخذ من سهم الغارمين أو من بيت المال ما يعوض خسارته ويقضى عنه دينه ويؤمنه على مستوى عيشه الذى كان ينعم به قبل ان يتعرض لما تعرض له حتى يظل فى مستوى كريم من العيش وما أروع ما فعله خامس الخلفاء الراشدين إذا اعتبر لديه المسكن والفرس والخادم والأثاث عارما يقضى عنه دينه .

هذا وقد ذهب الإمام الشافعى وأصحابه والإمام احمد إلى ان من تحمل حمالات فى إصلاح أو برا يدخل فى الغارمين وان كان غنيا إذا كان هذا يجحف بماله فقد روى الإمام مسلم فى صحيحه عن قبيصه بن مخارق الهلالى قال: ” تحملت حمالة فأتيت رسول الله  اسأله فيها فقال اقم حتى تأيتينا الصدقه فنأمر لك بها ” قال : ثم قال ياقبيصه ان المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاث : رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصبيها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحه اجتاحت ماله فحملت لـه المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من عيش ورجل أصابته فاقه حتى يقول ثلاثة من ذوى الحاجا من قومه لقد أصابت فلانا فاقة فحلت لـه المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سداد من عيش ” فما سواهن من المسألة يا قبيصه. سحتا يأكلها صاحبها سحتا “ .

وقد اهتم الإسلام باليتامى اهتماما عظيما تضمن لهم تأمينا كاملا وكفالة تامة فقد قـال الله تعالى: ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾. سورة الماعون .

وقد ورد ان النبى  اوصى بقوله : اتجروا فى اموال اليتامى حتى لا تأكلها الزكاة”. حرصا على حياة كريمة لهم .

وكذلك اهتم بالعمال والمرضى ومن فى حكمهم وكفل لهم الحقوق التى تكفل لهم حياة طيبة وفاضلة فكل فرد فى المجتمع الإسلامى لـه حق الحياة الإنسانية الكريمة فى ظل الإسلام وشريعته السمحاء ” اشتراكية الإسلام د/مصطفى السباعى ص 117 “

والخلاصة : ان الإسلام يؤمن كل فرد على ماله وعلى نفسه وعلى مستوى كريم من العيش وان حماية الإنسان وتحقيق مستوى لائق من العيش لهو مبدأ إسلامى وأصل من أصول شريعتنا الغراء.

وهكذا نجد ان الله عز وجل لم يترك لنا سوى ان نطبق المنهج الإسلامى المتوازن فى كل منابعه وروافده الكريمة وسوف نجد ثمرة ذلك فى كل حركة من حركات المجتمع وسلوكياته فلا نجد اى خلل فى المجتمع الإسلامى أو نشاز فى سلوكه فنجد مجتمع رحيم يسوده الحب والتكافل والؤام فيما بينه .

والحمد الله رب العاملين ،،،
المبحث الأول
تعريف التأمين
الاجتماعى وأقسامه وتاريخ تطوره

ويتفرع هذا المبحث الأول إلى مطلبين هما :
1 ـ التعريف بالتامين الاجتماعى وأقسامه .
2 ـ تطوير تاريخ التأمين الاجتماعى .

المطلب الأول
تعريف التأمين الاجتماعى لغويا وقانونيا وأقسامه
من الناحية اللغوية تذكر كتب اللغة لمادة ” امن ” معانى متعددة كلها تدور فى فلك الامن الذى هو طمأنينه النفس وزوال الخوف عنها .

” فأمن أمنا وأمنا وأمانا وأمنه : اطمأن ولم يخف ، وبيت امن ذو امن
قال الله تعالى ﴿رب اجعل هذا البلد آمنا﴾ ويقال فرس أمين القوى وناقة امون قوية مأمون فتورها ، واستأمن الحربى استجار وطلب الامن ودخل دار الإسلام معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، اساس البلاغه للزمخشرى ، ولسان العرب لابن منظور .

وقد عرف المجمع اللغوى فى مجموعة المصطلحات العملية والفنية ج5 ص 111 عقد التأمين بانه يلتزم احد طرفيه وهو المؤمن قبل الطرف الآخر وهو المستأمن باداء ما يتفق عليه عند تحقق شرط أو حلول اجل فى نظير مقابل نقدى ” .

اما تعريفه من الناحية القانونية : فان بعض القوانين الفرنسية والالمانية الخاصة بالتأمين تفادت وضع تعريف له بحجة ان التامين نظام غير مستقر أو من الصعب احاطة التعريف بكل عناصر التأمين

وقد قام الاستاذ محمد السيد الدسوقى فى كتابه التأمين وموقف الشريعة الإسلامية بالرد على هذا بان حجة مردوده لانه إذا كان التأمين كما يقولون نظاما غير مستقر فيمكن تعريفه تبعا لقوانينه واوضاعه الراهنة والقول بانه من الصعب احاطة التعريف بكل عناصر التأمين غير مسلم به لانه ليس المطلوب فى التعريف ان يكون شاملا للاحكام الفرعية ولكن المهم ان يكون جامعا مانعا بحيث يدخل فى عمومه كل انواعه ولا يخرج منه اى نوع .

وقد عرف الاستاذ / محمد السيد الدسوقى فى مرجعه السابق التأمين بانه عقد بين مستأمن وهيئة فنية مؤمنه يقتضى ان يدفع الاول للثانية اقساطا مالية معلومة أو دفعة واحدة فى مقابل تحملها تبعة خطر يجوز التأمين منه ـ بان يدفع للمستأمن أو للمستفيد من التأمين عوضا ماليا مقدرا إذا تحقق الخطر المؤمن منه “

وهذا التعريف بنصه لا تقوم به الا هيئة فنية تنشأ وفقا للقوانين والاصول الفنية التى تحدث عنها فقهاء التأمين ومن اهمها توزيع الخسارة بين المستأمنين جميعا .

وقد عرفت الاستاذة / ليلى الوزيرى فى مذكرتها نظام التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون 79 لسنة 1975 التأمين بانه :” معالجة المخاطر الاجتماعية والطوارىء التى يمكن ان يتعرض لها الإنسان طوال حياته وافراد اسرته بعد مماته وذلك بما يستهدفه من ضمان المستوى المناسب لمعيشة كل مؤمن عليه فى حالة فقد القدرة على الكسب بصفة مؤقته أو دائمة مع كفالة من كان يعولهم فى حال وفاته وكذلك بما يوفره من رعاية طبية واجتماعية وخدمات تأهيلية بجانب دوره الهام فى تطوير وتنمية الاقتصاد القومى بما يوفره من احتياطيات يمكن استثمارها فى اقامة المشروعات المختلفة .

وهذا التعريف المطول يعتبر من اقوى التعريفات الحديثة للتأمين الاجتماعى حيث شمل كل جوانب التأمين الاجتماعى سواء من الناحية القانونية أو الاجتماعية أو الاقتصادية فيعتبر جامعا مانعا وهو الذى نرجحه على كافة التعريفات الاخرى فى هذا المجال

*****

اما عن أقسام التأمين الاجتماعى فينقسم التأمين إلى :
1 ـ تأمين تجارى
2 ـ تامين اجتماعى

1- التأمين التجارى :
هو ما اجمع عليه اكثر الفقهاء والمحدثين والقدامى على حرمته كما سنبين لاحقا .
2 ـ التأمين الاجتماعى :
وهو المتمثل فى التأمين الاجتماعى وهو محل بحثنا هذا ولم يختلف اى من فقهاء الشريعة على حل هذا النوع من التأمين لانه من قبيل قوله تعالى: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان﴾ حيث ان الشريعة الإسلامية جعلت التكافل والتعاون بين الناس امر مفروضا وجاءت بالمبادئ التى تكفل الاستقرار للمجتمع الإسلامى وغيره ممن يعيشون بجانبه من المستأمنين حياة كريمة وطيبة .

وقد اقر فقهاء الشريعة هذا التأمين محل بحثنا هذا حيث انه يتمشى مع روح الشريعة ومبادئها ويجب الاخذ به لانه يحقق رسالة التأمين دون الوقوع فيما يحذر منه فى التأمين التجارى .

وذلك كله لانه نظام تفرضه الدولة لمساعدة الفئات التى لا تكفى مواردها لمجابهة ما يتعرضون له من اخطار ولا تقوم الدولة حينئذ بدور المؤمن كما جاء بالشرح الوسيط للقانون المدنى للدكتور عبد الرازق السنهورى بالجزء السابع ص 1109 وذلك لان التأمين الاجتماعى ليس عقدا يبرم مثل عقد التأمين ولا يخضع للقانون المدنى كالتأمين التجارى ولهذا لا يدفع المنتفعون بهذا النوع من التأمين الاقساط وحدهم واحيانا لا يدفعون شيئا فأين هذا من ذلك العقد الذى يخضع لشروط خاصه وتباشره شركات هدفها الاول الكسب المادى . ولذلك تتحايل على التخلص من مسئوليتها ما واتتها الفرصة وتستخدم سماسرة تدفع لهم رواتب لجذب العملاء واغرائهم بالتأمين .

كما ان مفهوم التعاون فى الإسلام اشمل واكرم من هذا المفهوم حيث انه يقوم على معنى الاخوة فى العقيدة فالله تعالى يقوم ﴿انما المؤمنون اخوة﴾ الاية 10 من سورة الحجرات واعلان الاخاء بين افراد مجتمع ما هو تقرير للتكافل والتضامن بين افراد هذا المجتمع فى المشاعر والاحاسيس وفى المطالب والحاجات وفى المنازل والكرامات وان المجتمع الإسلامى مجتمع يؤمن افراده بانهم خلفاء على ما بأيدهم من ثروات فلا يعرفون الشح والاثرة ولا يكنزون الذهب والفضة ولكنهم ينفقون بما استخلفهم الله عز وجل فيه كما امرهم الله انه مجتمع شعاره التكافل والتساند والتعاون ولهذا كان كالجسد الواحد أو البنيان المرصوص يشد بعضه بعض .

****

المطلب الثانى
تطور تاريخ التأمين الاجتماعى فى مصر

بدأت قوانين التأمين الاجتماعى فى مصر لاول مرة فى 26 ديسمبر سنة 1854 حين صدر قانون المعاشات المعروف بقانون سعيد وجاء بعد ذلك القانون الصادر فى يناير 1871 المعروف بقانون إسماعيل ثم القانون الصادر فى 11 يونيه سنة 1887 المعروف بقانون توفيق حيث كانت تلك القوانين تسمى باسماء الحكام التى صدرت فى عهودهم .

وصدر القانون رقم 1909 فى 15 ابريل وقضى بان ينتفع باحكامه جميع الموظفين والمستخدمين الملكيين المقيدين بصفة دائمة فيما عدا فئات الموظفين والمستخدمين المعينون بصفة وقتيه أو إلى اجل مسمى والمعينين بعقود تخول لهم مزايا خصوصية فى صورة مكافأة وطوائف العمال .

ثم صدر المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية وكانت احكامه اقل قسوة من القانون رقم 5 لسنة 1909 فرفع الحد الاقصى للمعاشات واضاف ورثة جدد إلى المستحقين كما كان اكثر رحمة بالموظفين وورثتهم فى حالات العجز الصحى والوفاة اثناء الخدمة أو بسبب الحوادث التى تنشأ بسبب الوظيفة .

و16 يناير سنة 35 اوقف تثبيت جميع موظفى الحكومة حتى ولو كان تعيينهم على درجات دائمة بالميزانية وظل الحال كذلك إلى ان قامت الثورة بعلاج التخلف والقصور فى هذه القوانين فاصدرت المرسوم بقانون رقم 316 لسنة 1952 بنظام التأمين والادخار كعلاج عاجل لمشكلة الموظفين

ثم ما لبثت ان استكملت هذا النظام بوضع نظام للتأمين والمعاشات بمقتضى القانون رقم 394 لسنة 56 كبداية لمرحلة التأمين الاجتماعى وينتفع باحكام هذا القانون موظفى الدولة المدنيين غير المثبتين المربوطة مرتباتهم على وظائف دائمة أو مؤقته أو درجات شخصية تخصم بها على وظائف خارج الهيئة وعلى الاعتمادات المقسمة إلى درجات كما يسرى على الموظفين المثبتين المعاملين بقوانين المعاشات القديمة نظرا لعدم وجود نظام مماثل لتلك الفئات .

ثم صدر القانون 36 لسنة 1960 باصدار قانون التأمين والمعاشات لموظفى الدولة المدنيين الذى حل محل القانون رقم 394 لسنة 1956 متضمنا مزيدا من المزايا التى كشفت عن الحاجة اليها ، وحتى ذلك التاريخ كان مستخدموا الدولة وعمالها يفتقرون إلى نظام يؤمن مستقبلهم بعد اعتزالهم الخدمة ويؤمن اسرهم بعد وفاتهم وتقرر لاول مرة انتفاعهم بنظام التأمين والمعاشات بصدور القانون 37 لسنة 1960 فكان بذلك اول القوانين لهذه الفئة من العاملين بالدولة .

وفى عام 1960 صدر ميثاق العمل الوطنى الذى جعل من التأمينات حقا لكل مواطن فكان لابد من اصدار قانون جديد يترجم هذا التعبير الجذرى الذى تم بصدور القانون رقم 50 لسنة 1963 ولعل اهم ما جاء به هذا القانون الاخير هو التحرر من الروتين وتقليل الإجراءات إلى ادنى الحدود واعفاء المعاشات من جميع انواع الضرائب ورعاية الارامل والمطلقات والطلبة المستحقين والى غير ذلك من المزايا واهمها ما يأتى :

1 ـ حقق المساواة بين المعاملين وازال الطبقية بين فئات العاملين فى خدمة الدولة .
2 ـ حرر الموظفي

ن والعمال من الخوف والقلق فحظر حرمانهم من معاشتهم ومكافآتهم .

3 ـ حفظ للاسرة كيانها وكرامتها وزيادة دخلها برفع مستوى المعاشات .

4 ـ ساهم فى توفير الرعاية الاجتماعية للموظفة المتزوجة فخصها ببعض الميزات .

وقد أصدرت الدولة القانون 33 لسنة 1964 الذى قضى بمنح معاشات للموظفين الذين تركوا الخدمة منذ إيقاف تثبيت الموظفين فى 16/1/1935 .
كما صدر القانون رقم 71 لسنة 1964 وكان فاتحة خير بمنح معاشات استثنائية أو زيادة فى المعاش فى بعض الحالات التى تستأهل ذلك .

هذا وقد تتابعت القرارات والقوانين معدله لهذا القانون حتى وصل الأمر إلى القانون 79 لسنة 1975 للتأمين الاجتماعى للعاملين سواء بالقطاع الحكومى أو العام أو الخاص معدلا فى القانون 50 لسنة 1963 متوسعا فى المزايا وإدخال بعض المستحقين الذين لم يكونوا مستحقين فيه وزاد مجال تطبيقه على كافة العاملين بالدولة .

كما ازال بعض القيود التى كانت تحكم القانون 50 لسنة 1963 وكان اى القانون 79 لسنة 1975 اكثر عدلا وتنظيما وسعة من سابقه على جملة المستفيدين به .

*****

المبحث الثانى
آراء فقهاء الشريعة فى عقد التأمين

بداية كما نوهنا سابقا فان فقهاء الشريعة الإسلامية جميعا يوافقون على اى عمل تعاونى بين المسلمين أو غيرهم لان يحقق مصالح هامة للفرد والمجتمع وحيث تحققت المصلحة فثم شرع الله حيث ان هذا قائم على قوله تعالى ﴿تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان﴾ سورة المائدة الاية 2 .

والتأمين الاجتماعى الذى تقوم به الدولة من هذا القبيل للتكافل والتضامن بين افراد هذا المجتمع فى المشاعر والاحاسيس وفى المطالب والحاجات وعليه فان هذا النوع من التأمين ليس عليه اى غبار وان اكثر الفقهاء

متفقون على حله الا من بعض المآخذ التى إذا أخذت فى الاعتبار مثل توزيع التعويض الاضافى على المستفيدين بعد وفاة صاحب المعاش بالمخالفة للشريعة الإسلامية فى الميراث لانه ابيح للموظف ان يعين مستفيدين غير الورثة الشرعيين وبذلك يكون حرم أصحاب الحقوق من حقهم الشرعى معطلا بذلك احكام الشريعة وكذا دفع قسط الاستبدال بالزيادة .

اما الذى سوف نناقشه هنا هو اراء فقهاء الشريعة الإسلامية فى عقد التأمين التجارى :
بداية ذى بدأ لا بد ان ننوهه ان عقد التأمين التجارى فى صورته الحالية لم يكن معروف قديما الا ما تكلم عنه الفقيه محمد امين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقى والملقب بان عابدين من الائمة الاحناف فى القرنين الماضيين هو اقدم الفقهاء الذين تكلموا عن عقد التأمين وقد اسماه السوكره ( التامين البحرى ) لانه كان اول نوع من انواع التأمين ظهر فى البلاد الإسلامية بسبب النشاط التجارى بين الشرق والغرب ابان النهضة الصناعية فى أوروبا فكان التجار الاجانب الذين يقيمون فى بلادنا لعقد الصفقات الاستيرادية هم حملة هذا النوع من التأمين الينا عن طريق التأمين البحرى ( مجلة حضارة الإسلام السنة الثانية العدد الاول ص 37 ) .

وقد تكلم ابن عابدين فى حاشيته جـ 3 فى كتابه رد المحتار ” شرح تنوير الابصار “ بانه جرت العادة ان التجار إذا استأجروا مركبا من حربى يدفعون له اجرته ويدفعون ايضا مالا معلوما لرجل حربى مقيم فى بلاده يسمى ذلك المال ” سوكره ” على انه مهما هلك من المال الذى فى المركب بحرق أو غرق أو نهب أو غير ذلك فذلك الرجل ضامن له ، بمقابل ما يأخذه منهم وله وكيل عنه مستأمن فى دارنا يقيم فى بلاد السواحل الإسلامية باذن السلطان يقبض من التجار مال السوكره واذا هلك من مالهم فى البحر شىء يؤدى ذلك المستأمن للتجار بدله تماما “ .

وبعد ان عرض هذه الصورة قال ” والذى يظهر لى انه لا يحل للتاجر اخذ بدل الهالك من ماله لان هذا التزام مالا يلزم ” فهو يرى ان هذا النوع من التأمين غير جائز شرعا وذلك لانه التزام ما لا يلزم بالنسبة للمستأمن الحربى لان هذا العقد فاسد لا بتنائه على ضامن مالا يمكن التحرز فيه .

وقد اكمل ابن عابدين كلامه ـ وهو غير جائز ولا يحل للمسلم ان يعقد مع المستأمن فى دار الإسلام الا ما يحل معه العقود مع المسلمين لهذا فان اخذ التاجر بدل الهالك من ماله لا يحمل لان المستأمن لا يلزمه شرعا ذلك ولا يجوز أن يؤخذ عنه الا ما يلزمه وان جرت به العادة كالعوائد التى تؤخذ من زوار بيت المقدس “.

وقد نفى ابن عابدين ان يكون التأمين من قبيل الوديعة وذلك لان المال فيها يكون بيد المودع بخلاف التأمين فان المال يكون بيد صاحب المركب وليس بيد صاحب السوكره .

ونفى ايضا أن يكون التأمين صورة من صور الكفالة الجائزة شرعا وهو بهذا يؤدى بنا إلى امرين هامين هما :
أولا : حرمة التأمين البحرى الذى كان فى عصر ابن عابدين لانه التزام ما لا يلزم بالنسبة للمستأمن الحربى ولانه ليس صورة من صور الكفالة الجائزة شرعا وهو بهذه الصفة عقد فاسد شرعا لا يجوز فعله فى دار الإسلام .

ثانيا : احكام الإسلام لا تنفذ الا فى دار الإسلام والمسلم لا يؤاخذ بما يفعله فى دار الحرب وان اوخذ عليه فى دار الإسلام وقد نص على ذلك فى بدائع الصنائع للكاسنى أبى بان هذا رأى بن حنيفه ومحمد لان الامام لا يقدر على اقامة الحدود فى دار الحرب لعدم الولاية ولكن ابا يوسف يقول ” لايجوز للمسلم فى دار الحرب الا ما يجوز له فى دار الإسلام ” ويرى هذا الرأى الامام الشافعى ومالك واحمد ان المسلم يلتزم احكام الإسلام حيث كان ونحن مع هذا الرأى الاخير حيث يجب على المسلم ان يلتزم حدود الله اينما كان وفى كل وقت حيث ان هذا يتمشى مع خلق الإسلام ومثله العليا .

وقد عقب الأستاذ محمد الدسوقى فى كتابه التأمين وموقف الشريعة الإسلامية منه على ذلك بقولـه ” اما رأى ابى حنيفه ومن شايعه فيراعى مبدأ تحقق المنفعه للمسلمين بالاضافة إلى ظروف الحرب وما تقتضيه من السياسة فى معاملة المحاربين حتى يتسنى تنفيذ الاحكام التى يناط امر تنفيذها إلى الامام ولا يعقل ان ابا حنيفه يقصد ان المسلم بمجرد انتقاله من دار الإسلام إلى دار الحرب يجوز له ان يتحلل من قواعد دينه واداب شريعيته .

وقد ذهب الأستاذ المرحوم / عبد الوهاب خلاف إلى ان عقد التأمين على الحياة بصورته الحديثة اقرب العقود شبها بعقد المضاربة وذكر بان إذا اعترض على ذلك بان الربح فى المضاربة غير محدد وقى التأمين محدد وان الشركة تستغل أموالها بطريق غير مباح مثل القرض بالفائدة اجيب بان كون الربح فى المضاربة نسبيا لا قدرا ليس حكما مجمعا عليه فقد خالف فيه بعض المجتهدين ” يقصد بذلك الإمام محمد عبده فى تفسيره القرآن الحكيم ج 3 ص 116 “

فالامام لا يأخذ برأى الفقهاء فى اجماعهم على جعل الربح نسبيا فى المضاربة ليؤكد ان عقد التأمين يشبه المضاربة ولكن بقية الفقهاء قد رفضوا مطلقا قياس عقد التأمين على المضاربة حيث ان رب العمل فى المضاربة يتحمل الخسارة وحده وليس الامر كذلك فى التأمين كما انه لو مات رب المال فى المضاربة فليس لورثته الا ما دفعه مورثهم لا يزيد شيئا اما فى التأمين فانه لو مات المؤمن استحق صاحب منفعة التأمين مبلغا ضخما وهذه مخاطرة ينهى عنها الشارع لان ذلك لا ضابط له الا الحظوظ والمصادفات .

وقد ذهب الاستاذ الدكتور مصطفى زايد إلى اختلاف عقد التأمين عن المضاربة وذلك ان المضاربة تقتضى الاشتراك فى الربح والخسارة وليس فى التأمين اى تعرض للخسارة وان المضاربة من شروطها ان يكون الربح نسبيا غير محدد .

هذا وقد جاء فى مجلة المحاماه حكم اصدرته المحكمة العليا الشرعية سنة 1917 ان دعوى الوارث استحقاقه لنصيبه فى مبلغ الشركة السكورتاه ، تعهد مدير الشركة بدفع دفعة واحدة فى ظرف مدة معينة ان لو مات الوارث فيها نظير دفعة للشركة مبلغ كل شهر غير صحيحة لاشتمالها على ما لا يجوز المطالبة به ” السنة 7 رقم 45 ص 937 ” .

وقد استفتى الشيخ عبد الرحمن قراعه مفتى الديار المصرية عام 1925 عن شركات التأمين على الحريق فاجاب بان عمل هذه الشركات غير مطابق لاحكام الشريعة الإسلامية وذلك لان هذا العمل معلق على خطر فتارة يقع وتارة لا يقع فيكون قمارا بمعنى يحرم الاقدام عليه شرعا .

وللأستاذ الشيخ المرحوم أحمد إبراهيم رأى فى شركات التأمين خلاصته ان عنصر الربا يتحقق فيه كما ان حصول الورثة على مبلغ التأمين قبل اداء الاقساط جميعها مقامرة ومخاطرة لانه لا مقابل لما دفعت الشركة فى هذه الحالة ولان المستأمن والشركة لا علم لهما بما سيكون من احداث مستقبله فيكون تعاملهما على مجهول والاصل فى التعامل ان يكون معلوما ( مجلة الشبان المسلمين سنة 13 عدد3 1941 ) .

وللاستاذ الشيخ عبد الرحمن عيسى فى كتابه المعاملات الحديثة واحكامها ” رأى فى التأمين فقسمه إلى تأمين تبادلى وتأمين تجارى وقال عن الاول انه جائز شرعا بل مرغوب فيه لانه من قبيل التعاون على درء الشدائد والكوارث واستند إلى صورة الجعل الذى لا يعود على الجاعل منفعة ولكن الموضوع لا يحتاج إلى هذا التخريج حيث انه لا صلة بينهما وكان يكفى لتوجيه رأيه ما اشار اليه من ان هذا التأمين من قبيل التعاون والتضامن لاغير .
وما ذهب اليه فى كتاب المعاملات الحديثة واحكامها للاستاذ عبد الرحمن عيسى بان التأمين التجارى ضد اخطار الملكية والمسئولية المدنية مباحا اعتمادا على انه يخدم الصالح العام ويحفظ على كثير من الناس ثرواتهم ويدرأ عنهم الكوارث المالية الخطيرة ويحقق ارباحا للشركة فهو عملية اقتصادية تخدم الطرفين وقد تعاقدا عليها برضاهما التام .

وتعقيبا على هذا فان هذا الرأى غير صحيح على اطلاقه لانه فيه تجاهلا للحق والحقيقية حيث انه يقوم على اسس لا تحقق المساواة بين الطرفين لانه من عقود الاذعان حيث يمل الطرف القوى هو الشركة شروطه على الطرف الضعيف وهو المستأمن كما ان عقد التأمين من عقود الغرر وهذا الاخير منهى عنه لانه عقد احتمالى هذا من ناحية ومن ناحية اخرى تتجمع لدى الشركة اموال المستأمنين وتقوم باستغلالها وتحصل عن طريقها على ربح وفير فهو من ناحية يمثل خطرا احتكاريا واقتصاديا يضر بالصالح العام ولنا سؤال هل رضا الطرفين دائما يدعوا إلى الحكم بالجواز شرعا على تصرفاتهما ؟ .

وقد ذهب الشيخ عبد الرحمن عيسى إلى جواز التأمين المختلط على الحياة وهو التأمين الذى يتعهد المؤمن فيه بدفع عوض التأمين للمؤمن عليه شخصيا ان كان حيا بعد مضى مدة التأمين أو إلى المستفيد إذا توفى قبل مضى المدة وفى هذا التأمين يكون القسط مزدوجا قسط للتأمين وقسط للادخار واشترط الشيخ عبد الرحمن ان يكون هناك خطرا شديدا فى حل التأمين بل ذهب إلى حل التأمين العادى إذا كان هناك خطرا شديدا .

ونرد على هذا الرأى بان التأمين هو التأمين سواء كان عاديا أو مختلطا وهو تامين على الحياة له ذات العيوب التى دللنا عليها سلفا .

وفى مؤتمر دمشق لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية عام 1961 قد ذهب الاستاذ عبد الله القلقيلى مفتى الاردن فى عقد التأمين فى ذلك الوقت إلى حرمة عقد التأمين بكل الوانه وضروبه وبانه من الحرام البين للأسباب الآتية :

1 ـ منافاته لطرق الكسب الطبيعية المألوفة كالبيع والشراء .
2 ـ لا يخلو من من شبهة المقامرة .
3 ـ لا يخلو من الضرر والغبن .
4 ـ الربا .

وانتهى إلى تأكيد ما ذهب إليه من حرمة التأمين غير انه قال ” اننا لا نرى فى التأمين من المصالح العامة والساسة الرشيدة الصالحة ما يضطرنا إلى التماس السبل لنصيب فى مدارك الشريعة ما يجعله حلالا طبيا حسنا ”
وهذا الرأى الاخير ليس صحيح على اطلاقه حيث ان بين ايدينا التأمين الاجتماعى فهو بعيد كل البعد عن كل الشبهات التى تحوم حول عقد التأمين التجارى .

ـ اما الاستاذ محمد الامين العزيز الاستاذ فى كلية الحقوق جامعة الخرطوم فى بحثه القيم حكم عقد التأمين فى الشريعة الإسلامية والمقدم إلى المؤتمر سالف الذكر .

حيث انتهى فى بحثه إلى ان ” لا يرى اباحه عقد التأمين بوضعه الحالى لانه لا يصح ان نلجا إلى استخدام الضرورة أو الحاجة الا إذا لم نجد سبيلا غيرها وفى موضوعنا هذا من الممكن ان تحتفظ بعقد التأمين فى جوهره ونستفيد بكل مزاياه مع التمسك بقواعد الفقه الإسلامى ” وقد اسرد سيادته فانه يجب اخراج التأمين من عقود المعاوضات وادخاله فى عقود التبرعات وذلك بابعاد الوسيط الذى يسعى إلى الربح بان يجعل التأمين كله تعاونيا يديره المشتركون انفسهم ان امكن اوتشرف عليه الحكومة .

هذا وقد انتهى المؤتمر الثانى لمجمع البحوث الإسلامية الذى عقد فى القاهرة فى شهر المحرم سنة 1385 بشأن التأمين ان :

1 ـ التأمين الذى تقوم به جمعيات تعاونية يشترك فيها جميع المستأمنين لتؤدى لأعضائها ما يحتاجون اليه من معاونات وخدمات امر مشروع وهو من التعاون على البر .

2 ـ نظام المعاشات الحكومى وما يشبهه من نظام الضمان الاجتماعى المتبع فى بعض الدول ونظام التأمينات الاجتماعية المتبع فى دول اخرى كل هذا من الاعمال الجائزة.

3 ـ اما التأمينات التى تقوم بها الشركات ايا كان وضعها مثل التأمين الخاص بمسئولية المستأمن والتأمين الخاص بما يقع على المستأمن من غيره والتأمين الخاص بالحوادث فقد قرر الاستمرار فى دراستها بواسطة لجنة لعلماء الشريعة وخبراء اقتصاديين وقانونيين واجتماعيين مع الوقوف قبل ابداء الرأى على اراء علماء المسلمين فى جميع الاقطار الإسلامية بالقدر المستطاع ” مجلة الازهر ـ المحرم سنة 1385 ص 125 “

واخيرا فان عقد التأمين التجارى لا يشبه اى عقد من عقود الفقه الإسلامى المعروفة كما لا يخلوا من شبهة المقامرة والمخاطرة كما لا يخلوا من الجهاله والربا ولا توجد ضرورة اقتصادية أو اجتماعية تفرض هذا العقد التجارى حيث انه غير جائز فى نظر الشريعة الإسلامية نظرا لطبيعته التجارية التى جعلته مشوبا بالربا والقمار والضرر والجهاله .

وعلى ذلك فانه اقترح دراسة المشكلة فى ضوء مبادىء الشريعة الإسلامية بمجتمعنا اليوم يواجه تطورا جذريا فى حياته الانتقالية من النظام الاشتراكى إلى النظام الحر ويجب ان يكون للشريعة الإسلامية فى هذه الاونة موقف ايجابى فقد حاول الاستعمار وساعدت الظروف ان ينحى الشريعة الإسلامية عن مجال الحياة الاقتصادية ونجح فى ذلك فحيل بين الشريعة والتقنين المدنى والجنائى والاقتصادى واقتصر الامر على الاحوال الشخصية .

فيجب دراسة الامر على اساس النظرة الكلية للشريعة الإسلامية بحيث ان كل مسألة مستجده لا جيب ان تنفصل عن مبادىء الشريعة الإسلامية وعن المقومات والقيم التى يتميز بها المجتمع المسلم .

ولا يفهمن احد ان الشريعة تعادى كل جديد وان المجتمع المسلم لا يستفيد من خبرات الاخرين فان ما ارمى اليه هو ان الحكم على كل امر مستحدث لاينبغى ان ينفصل عن مبادئ الشريعة العامة سدا للشريعة إلى التحلل من اوامر الدين ـ وشعائره شيئا فشيئا “

ان الشريعة الإسلامية كل لايتجزأ وهى صالحة لكل زمان ومكان لانها عالجت مشكلات الروح والجسد بمنهج يتسم بالوسطية ومراعاة الطاقة البشرية وتحقيق العدالة والمساواة بين الجميع ولا يجوز ان تؤخذ من ناحية أو من بعض النواحى وتهمل من بعضها الاخر لان تعاليمها وحده مترابطة على اختلاف صورها .

وعلى مجمع البحوث الإسلامية يقع عبء القيام بهذه المهمة الجليلة وعقد المؤتمرات الإسلامية الواحد تلو الاخر حتى يصل إلى حل لهذه المشكلة بدعوة جميع علماء الشريعة الإسلامية فى العالم الإسلامى .
هذا وان ما يفعله مركز صالح عبد الله كامل للاقتصاد الإسلامى من عقد هذه المؤتمرات لخير دليل وشاهد للوصول إلى حل هذه المشكلة فجازى الله القائمين عليه افضل الجزاء واعناهم على تأدية هذه المهمة الجليلة التى نحن فى اشد الحاجة اليها الان .

****

المبحث الثالث
المستفيدون من أموال التأمين الاجتماعى
بالقانون رقم 79 لسنة 1975

وهذا المطلب سيقسم إلى مبحثين :
المطلب الاول : الفئات المستحقة لاموال التأمين الاجتماعى .
المطلب الثانى : المستحقون عن المؤمن عليهم أو اصحاب المعاشات .

المطلب الاول
الفئات المستحقة لاموال التأمين الاجتماعى
اصبح نظام التأمين الاجتماعى فى الوقت الحاضر من اهم النظم الاجتماعية التى تعالج المخاطر التى يتعرض لها الانسان فى حياته أو يتعرض لها من بخلفه فى حالة وفاته وقد علل الدكتور عباس نصحى فى كتابه القيم انظمة المعاشات فى التشريع المصرى المقارن وذلك بما يكفله هذا النوع من التأمين من الضمانات وما يقدمه من اوجه الحماية للمنتفعين به .

وتطبق احكام التأمين الاجتماعى المقررة بالقانون رقم 79 لسنة 1975 كقاعدة عامة على العاملين المدنيين بالجهاز الادارى للدولة وبالهيئات العامة وبالمؤسسات العامة وبالوحدات الاقتصادية التابعة لاى من هذه الجهات كما تطبق على العاملين المصريين والاجانب الخاضعين لاحكام قانون العمل بمن لا تقل سنهم عن 18 سنة وتربطهم بصاحب العمل علاقة منتظمة على انه يشترط بالنسبة للاجانب بالاضافة إلى خضوعهم لقانون العمل المصرى الا تقل مدة عقد عملهم عن سنة وان توجد اتفاقية بالمثل .

واستثناء من هذه القاعدة العامة قرر المشرع تطبيق احكام هذا النظام على العاملين الذين سبق التأمين عليهم وفقا لقوانين التأمينات الاجتماعية والتأمين والمعاشات الواردة بالمادة الثانية من قانون الاصدار . كما قرر تطبيق احكام تأمين اصابات العمل على العاملين الذى تقل اعمارهم عن 18 سنة والمتدرجين والتلاميذ الصناعيين والطلاب المشتغلين فى مشروعات التشغيل الصيفى .

فتنص المادة (2) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 على ان :” تسرى احكام هذا القانون على العاملين عن الفئات الاتية :
1 ـ العاملون المدنيون بالجهاز الادارى للدولة والهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لاى من هذه الجهات وغيرها من الوحدات الاقتصادية بالقطاع العام .

2 ـ العاملون الخاضعون لاحكام قانون العمل الذين تتوافر فيهم الشروط الاتية :
أ ـ ان يكون سن المؤمن عليه 18 سنة فاكثر .
ب ـ ان تكون علاقة العمل التى تربط المؤمن عليه بصاحب العمل منتظمة ويصدر وزير التأمينات قرار بتحديد القواعد والشروط اللازم توافرها لاعتبار علاقة العمل منتظمة ويستثنى من هذا الشرط عمال المقاولات وعمال الشحن والتفريغ.

ومع عدم الاخلال باحكام الاتفاقات الدولية التى صدقت عليها جمهورية مصر العربية يشترط لسريان احكام هذا القانون على الاجانب الخاضعين لقانون العمل الا تقل مدة العقد عن سنة وان توجد اتفاقية بالمعاملة بالمثل .

ج ـ المشتغلون بالاعمال المتعلقة بخدمة المنازل فيما عدا من يعمل منهم داخل المنازل الخاصة الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير التأمينات .

كما نصت المادة (3) من ذات القانون سالف الذكر على ان :
” استنثاء من احكام المادة (2) تسرى احكام هذا القانون على العاملين الذين سبق التأمين عليهم وفقا لقوانين التأمينات الاجتماعية والتأمين والمعاشات المشار اليها بالمادة الثانية من قانون الاصدار ” .

كما تسرى احكام تأمين اصابات العمل على العاملين الذين تقل اعمارهم عن 18 سنة والمتدرجين والتلاميذ الصناعيين والطلاب والمشتغلين فى مشروعات التشغيل الصيفى والمكلفين بالخدمة العامة وفقا للقانون رقم 76 لسنة 1973 فى شأن الخدمة العامة للشباب الذى انهى المراحل التعليمية “ .

ويتبين من هذه النصوص ان المشرع هدف بها التطوير وسد الثغرات التى تكشف عنها التنفيذ الفعلى لأحكام القانون 79 لسنة 1975 فضلا عن تحقيق المزيد من المزايا والتيسيرات والتبسيط فى الإجراءات لصالح المؤمن عليهم وأصحاب المعاشات وكذا المستحقين عنهم وهذا ما حققه القانون رقم 25 لسنة 1977 فى مد نطاق التأمين ليشمل فئة المشتغلين بالاعمال المتعلقة بخدمة المنازل فيما عدا من يعمل منهم داخل المنازل الخاصة وهذه الفئة الاخيرة ظلت محرومة من اى نظام تأمينى متكامل إلى ان صدر هذا القانون (25 لسنة 1977 )

والذى قرر استفادتها من احكام التأمين الاجتماعى المقررة بالقانون رقم 79 لسنة 1975 اعتبارا من 1/5/1977 كما جاء بالمادة السابعة من مواد الاصدار هذا ولم يقتصر نطاق تطبيق احكام التأمين الاجتماعى على الحالات سالفة الذكر فقط

بل امتد ليشمل فئات اخرى من غير العاملين ممن يمنحون معاشات استثنائية مقابل ادائهم خدمات جليلة للبلاد عوضا عمن يتوفى منهم فى حادث يعتبرمن قبيل الكوارث العامة فقد صدر القرار الجمهوري بالقانون رقم 71 لسنة 64 فى شأن منح معاشات ومكافآت استثنائية بتطبيق باقى احكام القانون رقم 50 لسنة 63 بنظام التأمين والمعاشات لموظفى الدولة ومستخدميها وعمالها المدنيين والذى حل محله الان القانون رقم 79 لسنة 1975 على غير المعاملين باحد قوانين المعاشات الحكومية أو قانون التأمين الاجتماعى ممن يمنحون معاشات أو مكافآت استثنائية طبقا لاحكام ذلك القرار بقانون .

فقد نصت المادة ( 1 ، 3 ) من القرار سالف الذكر على ان :
” يجوز منح معاشات أو مكافآت استثنائية أو زيادات فى المعاشات للموظفين والمستخدمين والعمال المدنيين والعسكريين الذين انتهت خدمتهم فى الحكومة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة لاسر من يتوفى منهم .

كما يجوز منحها ايضا لغيرهم ممن يؤدون خدمات جليلة للبلاد أو لاسر من يتوفى منهم وكذلك لاسر من يتوفى فى حادث يعتبرمن قبيل الكوارث العامة .

وتنص مادة (3) من ذات القرار السابق على ان :” تسرى على المعاشات والمكافآت الاستثنائية المقررة بمقتضى هذا القانون باقى احكام قوانين المعاشات المعامل بها من منحت له أو لاسرته هذه المعاشات أو المكافآت  “ .

وعلى ذلك سنبين تباعا احكام الفئات الاتية وهم :
الفئة الاولى وهم العاملين بالجهاز الادارى للدولة والهيئات العامة والمؤسسات والوحدات الاقتصادية التابعة لها ثم نعرض لاحكام الفئة الثانية من العاملين الخاضعين لقانون العمل ثم نوضح احكام الفئة الثالثة من المشتغلين بالاعمال المتعلقة بخدمة المنازل والتى تقرر انتفاعها بنظام التأمين الاجتماعى لاول مرة بمقتضى التعديل الذى استحدث بالقانون رقم 25 لسنة 1977 هذا ويجب ان ننوه إلى اننا سوف نتكلم فى بحثنا هذا عن المستحقين عن سالفى الذكر جميعا وانصبتهم وشروط استحقاقهم على حدا بعد وفاة صاحب المعاش فى بحث ثان ، كما سنبتن فئة رابعة وهم المؤمن عليهم من شاغلى المناصب العامة .

كما سنبين احكام فئة اخرى خامسة نص عليها القانون رقم 108 لسنة 1976 لاصحاب الاعمال .

أولا الفئة الاولى :
** العاملون المدنيون بالجهاز الادارى للدولة :
حدد القانون رقم 79 لسنة 1975 هذه الفئة المستفيدة من نظام التأمين الاجتماعى وحصرهم فى العاملين المدنيين بالجهاز الادارى للدولة والهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لاى من هذه الجهات وغيرها من الوحدات الاقتصادية بالقطاع العام .

حيث يتكون الجهاز الادارى للدولة من وزارت الحكومة ومصالحها ووحدات الادارة المحلية فشكل الوحدة الادارية أو الاقتصادية هو المعيار الذى يعتد به لتحديد المنتمين لهذه الفئة من فئات المنتفعين بنظام التأمين الاجتماعى بصرف النظر عن الاعمال الموكولة اليهم وما إذا كانت مؤقته أو عارضة وبصرف النظر عن التسمية التى تسمى بها العامل ، موظف أو مستخدم أو عامل وبصرف النظر عن النظام الوظيفى المطبق عليهم وما إذا كان نظام العاملين المدنيين بالدولة المقرر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 ام نظام العاملين بالقطاع العام المقرر بالقانون 48 لسنة 1978 ام قانون العمل الصادر بالقانون 91 لسنة 1959 والذ حل محله الآن القانون 137 لسنة 1981( ).

*** شروط الانتفاع بنظام التأمين الاجتماعى لهذه الفئة :
الشرط الاول : أن يكون الشخص عاملا فى احدى الجهات التى حددها القانون :
وهذا الشرط مستفاد من نص الفقرة (أ) من المادة الثانية من القانون رقم 79 لسنة 1975 فقد نصت المادة الثانية من القانون 79 لسنة 1975 على ان :” تسرى احكام هذا القانون على العاملين من الفئات الاتية :

أ ـ العاملون بالجهاز الادارى للدولة والهيئات العامة والمؤسسة العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها ” .

والمادة الخامسة من القانون رقم 79 لسنة 1975 لم تحدد معنى العامل وتعريفه ولكن القانون 48 لسنة 1978 باصدار نظام العاملين بالقطاع العام احال إلى قانون العمل فيما لم يرد به نص فى هذا القانون وبالرجوع إلى قانون العمل 137 لسنة 1981 نجد المادة الاولى منه تنص على ان :” يقصد بالعامل كل شخص طبيعى يعمل لقاء اجر لدى صاحب عمل وتحت ادارته واشرافه .

ومفاد هذه النصوص ان العامل هو من تنشأ بينه وبين صاحب العمل علاقة عمل يتمثل فى خصوع العامل لاشراف وتوجيه الجهة التى يعمل بها سواء كان شخصا معنويا أو طبيعيا والتزامه بما تكلفه به من عمل مقابل اجر يحصل عليه أو من يعين باحدى الوظائف المبينة بموازنة كل وحدة من وحدات الجهاز الادارى للدولة .

ويلاحظ ان هذه العلاقة اى علاقة العامل برب العمل لا تنشأ الا من تاريخ صدور قرار بتعيينه ممن يملك اصداره أو من تاريخ ابرام عقد العمل على انه لا يشترط فى هذا القرار شكل معين فقد يكون قانونا أو ضمنيا يستخلص من واقع الحال ” فتوى الجمعية العمومية لمجلس الدولة رقم 86/4/75 فى 19/4/1964 “ .

وبتعيين العامل تعيينا صحيحا فى وظيفة باحدى الوحدات الادارية أو الاقتصادية التى ذكرتها الفقرة (أ) من المادة الثانية من القانون 79 لسنة 1975 يخضع لنظام التأمين المقرر بمقتضى هذا القانون .

الشرط الثانى : ان يكون العامل مدنيا :
وهذا الشرط واضح منه الا يكون العامل عسكريا حيث ان المشرع نظم لفئة العسكريين نظام خاص بهم بالقانون رقم 90 لسنة 1975 وفصل بين المدنيين والعسكريين تأمينيا .
ولنا تعقيب على هذا حيث اننا لانرى اى اساس للفصل بين المواطن العسكرى والمواطن المدنى حيث انهم جميعا يعيشون جميعا على ارض واحدة الا وهى ارض مصر فيجب اصدار تشريع واحد تأمينيا يضم الطرفين المدنى والعسكرى تحت مظلته .

الشرط الثالث : لا يكون العامل اجنبيا :
كان القانون 50 لسنة 1963 الخاص بالتأمين والمعاشات لا يجيز تطبيق سريان احكامه على الاجانب فقد نص فى المادة (55) منه على ان :” لاتسرى احكام هذا القانون على الموظفين والمستخدمين والعمال الاجانب وذلك عدا من يستثنون بقوانين خاصة “.

اما القانون 63 لسنة 1964 جاء خاليا من هذا الحظر ولهذا فقد طبقت احكامه على جميع العاملين فى مصر عدا الفئات المستثناه دون الالتفات إلى جنسيتهم .

هذا وقد صدر القرار الجمهورى 114 لسنة 1968بشأن القواعد والنظم الخاصة باستخدام الاجانب فى مصر .

وقد نص فى المادة (10) منه على عدم منح الاجنبى معاشا أو مكافآة عن مدة خدمته وثار جدل حول هذه المادة الا ان الجمعية العمومية حسمت ذلك وانتهت إلى ان القرار 114 لسنة 1968 ينطبق على الاجانب الذين يعينون بعد العمل باحكامه فى المؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية لها بالاضافة إلى تطبيق احكامه على الاجانب العاملين فى الجهات الحكومية ” فتوى ” الجمعية العمومية بمجلس الدولة بتاريخ 29/2/1972 .

وبصدور القانون 79 لسنة 1975 قضى بسريان احكامه على العمال الاجانب الخاضعين لقانون العمل بشرط الا تقل مدة عقد العمل عن سنة واحدة وان توجد اتفاقية بالمثل.
اما الاجانب غير الخاضعين لقانون العمل بسبب خضوعهم لنظام وظيفى اخر بالقطاعين الحكومى والاعمال فلم يورد هذا القانون حكما بشأنهم وبالتالى لايجوز تطبيق احكام التأمين الاجتماعى عليهم ولكن يجوز بقرار من رئيس الجمهورية منحهم مكافأة خاصة إذا اقتضت الضرورة ذلك كما نص القرار الجمهورى رقم 114 لسنة 1968 فى مادته العاشرة منه .

وترتيبا على ذلك فانه يشترط ان يكون العامل مصريا خالصا حتى ينتفع باحكام قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 إذا عين باحدى قطاعى الحكومة أو العام على ان يقع بحث اثبات الجنسية على من يدعى انه يتمتع بجنسية مصر العربية .

*****
الفئة الثانية
العاملون الخاضعون لاحكام قانون العمل
حصر المشرع التأمينى اشخاص الفئة الثانية من فئات المستفيدين باحكام قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 فى العاملين الخاضعين لاحكام قانون العمل الذين تتوافر فيهم الشروط التالية التى نصت عليها المادة 2 /ب من القانون 79 لسنة 1975 على انه :

” تسرى احكام هذا القانون على العاملين من الفئات الاتية :
1  العاملون الخاضعون لاحكام قانون العمل الذين تتوافر فيهم الشروط الاتية :
أ ـ ان يكون سن المؤمن عليه 18 سنة فاكثر .
ب ـ ان تكـون علاقـة العمل التى تـربط المؤمن عليــه بصاحب العمل منتظمة ” .
والعامل فى مفهوم التأمين الاجتماعى هو العامل الذى يؤدى عمله تحت ادارة واشراف شخص اخر هو رب العمل والذى تتمثل فيه سلطة الاشراف اثناء تنفيذ العقد على نشاط العامل .

*** شروط الانتفاع بنظام التأمين الاجتماعى لهذه الفئة :
قد بينت المادة الثانية كما اوضحنا سابقا شروط انتفاع هذه الفئة وقسمتها إلى شرطين هما :

الشرط الاول : ان يكون الشخص عاملا :
جاء القانون 79 لسنة 1975 خاليا من تعريف أو إشارة إلى من هو العامل وبالرجـوع إلى قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 نجد ان المادة الاولى منه تنص على انه:

” يقصد بالعامل كل شخص طبيعى يعمل لقاء اجر لدى صاحب عمل وتحت أدارته أو أشرافه ” .

كما انه بالرجوع إلى تعريف عقد العمل فى القانون المدنى فى المادة (674) نجده يعرفه بانه هو الذى يتعهد فيه احد المتعاقدين بان يعمل فى خدمة المتعاقد الاخر وتحت ادارته أو اشرافه مقابل اجر يتعهد به المتعاقد الاخر .

من هذا لابد ان يتوافر فى العامل عنصرين الاول عنصر التبعية ويتمثل فى كون الشخص يعمل فى خدمة شخص اخر وتحت ادارته وسيطرته .

والعنصر الثانى : يتمثل فى المقابل الذى يحصل عليه العامل لقاء عمله وهو ما اصطلح على تسميته بالاجر ” مجموعة احكام النقض المدنى لسنة 18 ” .

الشرط الثانى : ان يكون سن العامل 18 سنة فاكثر :
لا ينطبق قانون التأمين الاجتماعى على كل عامل بل لا بد ان يكون سن هذا الاخير اكثر من 18 سنة فاكثر وعليه فمن لم يبلغ هذا السن التأمينية لا يحق له الانتفاع بنظام التأمين الاجتماعى .

ولكن من ناحية اخرى وحماية لهؤلاء الاحداث الذين يعملون دون السن التأمينى من الاخطار التى يتعرضون لها خلال حياتهم قرر المشرع استثناء من السن التأمينى انتفاعهم باحكام تأمين اصابات العمل رغم عدم بلوغهم هذه السن ,
فقد نص فى المادة (3) من القانون 79 على ان : ”  كما تسرى احكام تأمين اصابات العمل على العاملين الذين تقل اعمارهم عن 18 سنة والمتدرجين والتلاميذ الصناعيين والطلاب والمشتغلين فى مشروعات التشغيل الصيفى والمكلفين بالخدمة العامة وفقا للقانون 76 لسنة 1973 فى شأن الخدمة العامة للشباب الذى انهى المراحل التعليمية “ .

ويلاحظ ان تطبيق احكام اصابة العمل على هؤلاء الصبية ليس مشروط باعطائهم اجر بدليل مد هذا التأمين إلى المتدرجين والتلاميذ الصناعيين وهؤلاء لا يحلصون على اجر لان المقصود من عملهم التدريب والتعليم وليس العمل فى حد ذاته ولذا فان المشرع عفى اصحاب الاعمال ان يؤدوا أي اشتراكات تأمينية لهذه الفئة من الاحداث .

الشرط الثالث : ان تكون علاقة العمل منتظمة :
اشترط القانون 79 لسنة 1975 ان تكون علاقة العمل التى تربط العامل بصاحب العمل علاقة منتظمة .

وعلى هذا يخرج من نظاق التأمين الاجتماعى العمال الموسمين الذين يعملون فى اعمال عرضية مؤقته ومعيار العلاقة المنتظمة هو ان العمل الذى يزاوله العامل يدخل بطبيعته فيما يزاولـه صاحب العمل من نشاط وكذا عنصر الزمن فقد نصت المادة الاولى من قرار وزير التأمينات رقم 286 لسنة 76 على ان علاقة العمل المنتظمة تتحقق فى حالة ما إذا كان العمل الذى يزاوله العامل يستغرق ستة اشهر على الاقل .

وعلى هذا فان العمال الذين يقومون باعمال لا تدخل بطبيعتها فيما يزاوله صاحب العمل من نشاط يخضعون لاحكام التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 إذا استمرت اعمالهم ستة اشهر فاكثر .

ويعلل عدم خضوع العمال الذين لا تدخل اعمالهم بطبيعتها فيما يزاوله صاحب العمل من نشاط ـ اعمال عرضية أو فى اعمال لا تستغرق ستة اشهر على الاقل اعمال مؤقته لاحكام التأمين الاجتماعى لعدم استقرار اعمالهم ولعدم اتصالهم مباشرة بصاحب العمل .

ونحن نرى فيمن يرى ان هذا التعليل غير كافى لحرمان تلك الفئة من امتداد احكام قانون التأمين الاجتماعى لاسيما وان الشرط العام للخضوع لاحكام القانون والمتمثل فى عقد العمل متحقق بالنسبة لهم اسوة بعمال المقاولات وعمال الشحن والتفريغ والذى استثناهم المشرع من هذا الشرط كما جاء بالمادة الثانية من القانون 79 لسنة 1975 فهم يخضعون لنظام التأمين الاجتماعى المقرر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 على الرغم من كون علاقتهم بصاحب العمل علاقة عمل غير منتظمة .

الشرط الرابع: الا تقل مدة عقد عمل الاجنبى عن سنة وان توجد اتفاقية عمل بالمعاملة بالمثل:
فقد نص البند (ب) من المادة (2) من القانون 79 لسنة 1975 على ان :
” مع عدم الاخلال باحكام الاتفاقات الدولية التى صدقت عليها جمهورية مصر العربية يشترط لسريان احكام هذا القانون على الاجانب الخاضعين لقانون العمل الا تقل مدة العقد عن سنة وان توجد اتفاقية بالمعاملة بالمثل .

فالمادة السابقة اشترطت شرطين لانتفاع العمال الاجانب الخاضعين لقانون العمل باحكام قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 وهى :

1 ـ الا تقل مدة العقد عن سنة .
2 ـ ان توجد اتفاقية خاصة بالمعاملة بالمثل مع دولهم إذا لم تكن هناك اتفاقية اقليمية أو دولية صدقت عليها جمهورية مصر العربية .

ومن الاتفاقات العربية التى صدرت فى هذا الشأن الاتفاقية العربية للمستوى الادنى للتأمينات الاجتماعية وكذا اتفاقية نقل الايدى العاملة ، والاتفاقية العربية لنقل الايدى العاملة وكلها تضمن رعايا العرب من العاملين فى دول الاتفاق وكذا الاجانب طالما ان هناك معاملة بالمثل وكذا شمولهم بنظام التأمينات الاجتماعية والضمان الاجتماعى .

الفئة الثالثة
المشتغلون بالاعمال المتعلقة بخدمة المنازل

هذه هى الفئة الثالثة المستفيدة من اموال التأمين الاجتماعى والمقصود بهذه الفئة وفقا لقانون العمل هم الذين يقومون بالاعمال المادية دون الذهنية وهذه الفئة لا تخضع لقانون العمل ومقتضى استثنائها من احكام هذا القانون ان تظل خاضعة بالنسبة لروابط العمل التى تكون طرف فيها للاحكام الواردة فى القانون المدنى الخاصة بعقد العمل .

ويتحدد المؤمن عليهم وفقا لاحكام قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 من هذه الفئة بمن يتوافر فى شأنهم الشرطان الآتيان :
1 ـ الا يكون محل العمل داخل منزل معد للسكن الخاص .
2 ـ الا يكون العمل الذى يمارسه يدويا لقضاء حاجات شخصية للمخدوم أو ذويه .
وقد صدر القانون رقم 149 لسنة 1977 بتعريف هذه الفئة فقد جاء به ما يعنى ان خدم المنازل الخاصة هم من يمارسون عملا يدويا لقضاء حاجات شخصية للمخدوم أو ذويه داخل منزل معد للسكن الخاص .

وهذا التعريف مستمد من طبيعة العمل الذى يقوم به الخادم وهو الخدمة المنزلية والحقيقة ان تلك الفئة سواء من كان يخدم منهم داخل المنازل الخاصة أو خارجها يسوى عمالا تربطهم بصاحب العمل الخدوم ـ علاقة عمل كما نص فى قانون العمل مما يستوجب خضوعهم لقانون العمل وادراجهم بالتالى تحت الفئة الثانية من فئات المنتفعين باحكام قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975 والمنصوص عليه بالبند (ب) من المادة الثانية من هذا القانون .

الفئة الرابعة
المؤمن عليهم من شاغلى المناصب العامة

تناول قانون التأمين فى المادة 31 منه بتنظيم الحقوق التأمينية لشاغلى منصب الوزير ونائب الوزير وترتيبا على هذا الحكم يكون المشرع قد اضاف لمجال تطبيق هذا القانون شاغلى هذين المنصبين من المناصب العليا وكذا منصب المحافظ حيث يقضى قانون الادارة المحلية بمعاملتهم معاملة الوزير من حيث المعاش .

***

الفئة الخامسة
أصحاب الأعمال
ومن فى حكمهم طبقا للقانون رقم 108 لسنة 1976

نصت المادة الاولى من القانون رقم 108 لسنة 1976 على ان :” فى تطبيق احكام هذا القانون يقصد :

أ ـ بالهيئة : الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية .
ب ـ بالمؤمن عليه : كل من تسرى عليه احكام هذا القانون .
ج ـ بالسن : سن الخامسة والستين  ” .
فهذا القانون يؤمن اصحاب الاعمال ومن فى حكمهم من اخطار الشيخوخة والعجز والوفاة ( المادة 2 ) فصاحب العمل هو كل شخص طبيعى يستخدم عاملا أو عمالا لقاء اجر مهما كان نوعه .

ومن هذا يتضح ان المشرع يحدد نطاق تطبيق القانون رقم 108 لسنة 1976 على صاحب العمل وفيمن يأخذ حكم هذا الاصل اعتبارا .

وقد اورد هذا القانون فئات اخرى امتد اليهم احكامه شمل الافراد الذين يزالون لحساب انفسهم نشاط تجاريا أو صناعيا أو زراعيا والحرفيون وغيرهم ممن يؤدون خدمات لحساب انفسهم والشركاء المتضامون فى شركات الاشخاص والمشتغلون بالمهن الحرة والاعضاء المنتجون فى الجمعيات التعاونية الانتاجية الذين يشتغلون لحساب انفسهم ومالكوا وحائزو الاراضى الزراعية التى تبلغ مساحتها عشرة افدنة أو اكثر واصحاب وسائل النقل الالية والمأذونون الشرعيون والادباء والفنانون والعمد والمشايخ والمرشدون والوكلاء التجاريون (المادة 3 من القانون 108 لسنة 1976 ).

** هذا ويشترط فى أصحاب الاعمال ثلاث شروط كالاتى :

1 ـ ان يكون صاحب العمل من هذه الفئات المنصوص عليها بالمادة 3 من ق 108 لسنة 1976 .
2 ـ الا تقل سن صاحب العمل عن الحادية والعشرين والا تجاوز سن الخامسة والستين .
3 ـ الا يكون صاحب العمل من المنتفعين باحكام قوانين المعاشات والتأمين الاجتماعى .
واننا نرى مع من يرى ان هذا القانون يؤمن بعض صور الرأسمالية الوطنية دون البعض الاخر اذ ان هذه التفرقة تحول دون امتداد هذا النظام التأمينى إلى الفئات الاخرى ولهذا يجب ان يتم تعديل احكامه بما يسمح بتأمين جميع الرأسمالية الوطنية فى شتى صورها حتى يتحقق التكامل التأمينى الكامل لعنصرى العملية الانتاجية العاملة فى كل صورها .

واخذ بهذا الاتجاه فان ق 108 لسنة 1976 اجاز لرئيس الجمهورية اضافة فئات اخرى وعليه فقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 234 لسنة 1978 باضافة القساوسة والشمامسة ، الشركاء المتضامون فى شركات التوصية البسيطة والتوصية بالاسهم ” الجريدة الرسمية عدد 39 لسنة 1978 .

***

المطلب الثانى
المستحقون عن المؤمن عليه أو صاحب المعاش بعد وفاتهم

فى المبحث السابق وهو حقوق المؤمن عليه أو صاحب المعاش ذاته وهو على قيد الحياة ليس فيه اى صعوبة حيث ان الجهة تعد ملف المعاش بمعرفة مفتشى الجهة التأمينية ثم ترسله إلى الجهة المختصة لتسوية معاشه وتخرج له مستحقاته ثم المعاش الذى سوف يتقوت منه طالما ان الله واهب له الحياة ولكن إذا توفى المؤمن عليه أو صاحب المعاش كان لاقاربه حتى درجة معينة الحق فى تقاضى ما كان يأخذه من معاش اثناء حياته بنسب معينة قد حددها الجدول رقم 3 المرافق للقانون رقم 79 لسنة 1975 مع ملاحظة ان هذه النسب وتوزيعها ليس لها صلة باحكام المواريث فى قانون الاحوال الشخصية .

وعلى ذلك يمكن ان نقول ان المعاش لايعد تركه مورثه عن صاحب المعاش انما هو حق يتلقاه اصحاب الشأن من القانون مباشر اى من قانون التأمين الاجتماعى .

وعلى ذلك فاختلاف الدين بين الزوجين لا يقوم سببا للحرمان من المعاش ولا يتميز الذكور عن الاناث فى الانصبة ولا يلتفت إلى وصية المتوفى فى ذلك .

ولهذا نجد ان استحقاق احد المستحقين قد يتأثر بوجود غيره فقد يترتب على وجود احد المستحقين أو بعضهم حرمان البعض الاخر من المعاش أو نقصان نصيبه رغم توافر شروط الاستحقاق فيه ” انظر فتوى الجمعية العمومية للفتوى والتشريع لوزارة الخزانة رقم 452/2/114 فى 19/10/1961 .
وعلى هذا فقد نصت المادة (104) من القانون رقم 79 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1977 على ان :” إذا توفى المؤمن عليه أو صاحب المعاش كان للمستحقين عنه الحق فى تقاضى معاش وفقا للانصبة والاحكام المقررة بالجدول رقم (3) المرافق من اول الشهر الذى حدثت فيه الوفاة ” .
ويقصد بالمستحقين الارملة والمطلقة والزوج والابناء والبنات والوالدين والاخوة والاخوات الذين تتوافر فيهم فى تاريخ وفاة المؤمن عليه أو صاحب المعاش شروط الاستحقاق المنصوص عليها فى المواد التالية ” .

ويلاحظ على هذه المادة ما يأتى :
1 ـ استحقاق المعاش فى حالة وفاة المؤمن عليه ” اثناء الخدمة ” أو صاحب المعاش للمستحقين عنه وذلك اعتبارا من اول الشهر الذى حدثت فيه الوفاة وذلك حتى ولو وقعت الوفاة فى اخر يوم من ايام الشهر ” فتوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع ـ ملف رقم 86/4/876″ .

2 ـ يوزع المعاش على المستحقين وفقا للانصبة والاحكام المقررة بالجدول رقم (3) المرافق للقانون 79 لسنة 1975 .

3 ـ انه يقصد بالمستحقين المؤمن عليه أو صاحب المعاش بالترتيب :
أ ـ الارملة .
ب ـ المطلقة .
ج ـ الزوج .
د ـ الابناء والبنات .
هـ الوالدين .
و ـ الاخوة والاخوات .

ولذلك بشـرط ان تتوافر فيهم شروط استحقاق المعاش المنصوص عليها بالمواد 105 ، 106 ، 107 ، 108 ، 109 من قانون التأمين الاجتماعى 79 لسنة 1975 على نحو ما سنعرض له .

وان شاء الله سنتناول فيما يلى بيان المستحقين فى المعاش وشروط استحقاق كل منهم:

أولا : أرملة المؤمن عليه أو صاحب المعاش :
نصت المادة (105) من القانون 79 لسنة 1975 على ان :
” يشترط لاستحقاق الارملة أو المطلقة ان يكون الحكم موثقا أو ثابتا بحكم قضائى نهائى بناء على دعوى رفعت حال حياة الزوج ولوزير التأمينات بقرار يصدره تحديد مستندات اخرى لاثبات الزواج فى بعض الحالات التى يتعذر فيها الاثبات بالوسائل سالفة الذكر ” .

كما يشترط بالنسبة للارملة ان يكون عقد الزواج أو التصادق على الزواج قد تم قبل بلوغ المؤمن عليه أو صاحب المعاش سن الستين ويستثنى من هذا الشرط الحالات الاتية :

1 ـ حالة الارملة التى كان المؤمن عليه أو صاحب المعاش قد طلقها قبل بلوغ سن الستين ثم عقد عليها بعد هذا السن .

2 ـ هذه الحالة الغيت بنص القانون 12 لسنة 2000 باستحقاق الارملة التى تزوجت المؤمن عليه أو صاحب المعاش وهى اقل من سن الاربعين بعد بلوغه سن الستين وكانت لا تزال على قيد الحياة وكان يشترط هذا الشرط قبل الغاءه على عدم استحقاق الارملة التى تزوجت المؤمن عليه أو صاحب المعاش وهى اقل من اربعين عاما بعد بلوغه سن الستين .

3 ـ حالات الزواج التى تمت قبل هذا القانون :
وعلى هذا يكون المقصود بالارملة فى هذه الخصوصية هى التى كانت زوجة المؤمن عليه أو صاحب المعاش التى كانت فى عصمته وقت وفاته أو معتدة من طلاق رجعى فقد جاء بكتاب احكام الاحوال الشخصية فى الفقة الإسلامى للدكتور /محمد يوسف موسى ص 354 بانه إذا توفى احد الزوجين اثناء العدة من طلاق رجعى ورثة الآخر لان الطلاق الرجعى لا يزيل الزوجية فان كان الطلاق بأنا فلا ميراث للحى منهما من الآخر إلا إذا اعتبر المتوفى فارا من الميراث تأسيسا على قيام رابطة الزوجية خلال فترة العدة ” .

وعلى ذلك فان شروط الارملة لكى تستحق معاشا فيما يأتى :
1 ـ ان تتحقق واقعة الزواج .
2 ـ وجود الزوجة على قيد الحياة عند وفاة المؤمن عليه أو صاحب المعاش .
3 ـ استمرار قيام رابطة الزوجية حتى تاريخ الوفاة .

الشرط الاول : تحقق واقعة الزواج :
يشترط لاستحقاق الارملة ان يكون عقد زواجها ثابتا وموثقا رسميا وعليه فان المتزوجة عرفيا لاتستحق معاش عن زوجها المتوفى هذا وقد صدر حكم المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 189 لسنة 23 ق فى شهر 12 لسنة 2001 بعدم دستورية هذه الفقرة من المادة 105 سالفة الذكر والتى تنص على ان ترفع الدعوى حالة حياة الزوج وليس قبل وفاته ” وبالغاء هذه الفقرة بعدم دستوريتها يصبح من حق الزوجة معاشا عن زوجها ولو توفى الزوج اثناء رفع دعوى اثبات الزوجية أو حتى لو رفعتها الزوجة اى الدعوى بعد ممات الزوج .

الشرط الثانى: تحقق حياة الارملة وقت وفاة الزوج :
يجب ان تثبت حياة الارملة وقت وفاة الزوج حقيقة أو حكما فاذا توفيت قبله فلا تعتبر من قبيل المستحقين فى المعاش على ان العبرة بتحقق وفاة الارملة بوقت وفاة المؤمن عليه أو صاحب المعاش وليس بوقت المطالبة بالمعاش .

الشرط الثالث : استمرار العلاقة الزوجية حتى تاريخ الوفاة :
يجب ان تستمر العلاقة الزوجية قائمة لو حكما بين الزوجة والمؤمن عليه أو صاحب المعاش حتى وفاته وعلى ذلك فان وصف الأرملة لا يلحق المطلقة طلاقا رجعيا أو المطلقة الحامل إذا وقعت الوفاة فى الحالة الاولى قبل مضى فترة العدة اى خلال مائة يوم ـ تحسب من تاريخ الطلاق أو خلال فترة العدة فى الحالة الثانية حتى تضع المطلقة حملها .

وعلى هذا إذا اجتمعت هذه الشروط الثلاثة فى المرأة اعتبرت ارملة فى نظر قانون التأمين الاجتماعى وتستحق معاشا عن زوجها دون اى شرط اخر فلا يشترط فقرها أو عجزها عن الكسب أو غير ذلك من الاوصاف الا ان المشرع اورد عليه قيد يحد من اطلاقه فمن يتزوج من المؤمن عليهم أو اصحاب المعاشات بعد سن الستين يجب الا يكون للمؤمن عليه أو لصاحب المعاش زوجة اخرى أو مطلقة مستحقة طلقها رغم ارادتها بعد بلوغه سن الستين

وكانت موجودة على قيد الحياة دون ان تتزوج من غيره وكانت المادة (105) من القانون 79 لسنة 1975 قبل تعديلها بالقانون 12 لسنة 2001 تنص على قيد اخر وان تكون سن الزوجة اربعين سنة على الاقل وقت الزواج وهذا الشرط الغى بنص صدور حكم المحكم الدستورية العليا ونص القانون رقم 12 لسنة 2001 وجعله قيد واحدا والذى تم التنويه عنه سلفا .

وعلى هذا يتضح ان لارملة المؤمن عليه أو صاحب المعاش الحق فى تقاضى معا عن زوجها بعد وفاته لانصبة معينة حددها الشرع فى الجدول (3) المرافق للقانون باربعة انصبة تختلف باختلاف الموجدين على قيد الحياة من المستحقين الاخريين كالاتى :
1 ـ 1 (الثلث) للمعاش إذا اجتمع معها اولاد المتوفى ووالدين .
3
2 ـ 1 (نصف) المعاش إذا اجتمع معها اولاد المتوفى فقط .
2
3 ـ 2 (ثلثان) المعاش إذا اجتمع معها والدى المتوفى .
3
4 ـ 3 (ثلاثة ارباع ) المعاش فى حالة عدم وجود اولاد ووالدى المتوفى أو عدم
4
استحقاقهم لاى سبب وفى حالة اجتماعها مع اخوة واخوات المتوفى .

ثانيا : مطلقة المؤمن عليه أو صاحب المعاش :
المقصود بالطلاق لغة الترك والمفارقة ـ وشرعا : هو رفع القيد الثابت شرعا بالزواج أو هو حل رابطة الزوجية فى الحال اوالمآل بلفظ مخصوص( المبسوط للسرخسى )
وعلى هذا فالمطلقة هى المرأة التى رفع عنها القيد الثابت بعقد الزواج الذى كان يربطها برجل معين مما يؤدى إلى حل الرابطة الزوجية فى الحال بالطلاق البائن أو المآل بالطلاق الرجعى .

** شروط استحقاق المطلقة فى معاش المؤمن عليه وصاحب المعاش :
الاصل فى استحقاق المعاش عن المؤمن عليه أو صاحب المعاش هو تحقق رابطة الزوجية أو صلة القرابة لدرجة معينة فى شخص المستحق وقت الوفاة وخروجا على هذا الاصل قرر المشرع استحقاق مطلقة المؤمن عليه أو صاحب المعاش لمعاش عنه إذا توافرت الشروط التى نصت عليها المادة 105 من القانون 79 لسنة 1975 والتى تنص على ان :

” ويشترط بالنسبة للمطلقة ما يأتى” :
1 ـ ان يكون قد طلقها رغم ارادتها .
2 ـ ان يكون زواجها بالمؤمن عليه أو صاحب المعاش قد استمر مدة لا تقل عن عشرين سنة .

3 ـ ألا تكون بعد طلاقها من المؤمن عليه أو صاحب المعاش قد تزوجت من غيره .

4 ـ ألا يكون لديها دخل من اى توع يعادل قيمة استحقاقها فى المعاش أو يزيد عليه فإذا كان الدخل يقل بما يستحقه من معاش يربط لها معاش بمقدار الفرق على انه إذا كانت قيمة كل من الدخل والمعاش تقل عن ثلاثين جنيها فيربط لها من المعاش بالقدر الذى لا يجاوز معه قيمة الدخل والمعاش معا هذا الحد ، وفى جميع الأحوال يرد على الارملة فى حالة وجودها واذا لم توجد فيرد على الاولاد ” .

اذا هذه المادة تشترط لاستحقاق المطلقة اربعة شروط كالاتى :
الشرط الاول : ان تكون مطلقة رغم ارادتها :
ومؤدى هذا الشرط ان يكون الطلاق وقع دون موافقة الزوجة حيث ان الزوج استعمل حقه الشرعى بمحض ارادته فى وقوع الطلاق .

كما ان من بيدها العصمة وتملك ان تطلق نفسها لا يعتبر طلاقها طلاقا رغم ارادتها كما ينتفى هذا الوصف ايضا فى حالات الخلع ومن طلقت للضرر بحكم قضائى اذ تكون مطلقة بارادتها ولا ينشأ لها لذلك حق فى استحقاق المعاش عن مطلقها كما لا يعتبر طلاق رغم الارادة ان تبرأ الزوجة الزوج من مؤخر مهرها أو من نفقة العدة أو من الاثنين معا لان لارادتها دخل كبير فيه يصل إلى حد التنازل عن حقوقها الشرعية مقابل تحرير نفسها من قيد الزواج يؤكد ذلك ان استحقاق المطلقة فى معاش زوجها خروجا عن الاصل العام لاستحقاق المعاش والمتمثل فى تحقق رابطة الزوجية أو صلة القرابة لدرجة معينة وقت الوفاة .

الشرط الثانى : ان يكون الزواج قد استمر عشرين سنة على الاقل :
وهذا الشرط إذا كان يدل فأنما يدل على ان المشرع يهدف من منح المطلقة معاشا هو تعويضها ومساعدتها وذلك عن المدة الطويلة التى قضتها مع زوجها السابق مما يعتبر هذا النوع كما ذهب الدكتور نصحى عباس من قبيل المساعدات الاجتماعية والضمان الاجتماعى مع ملاحظة ان لا يشترط ان تكون هذه المدة متصلة اى بعقد زوجية واحد اذ يصح ان تكون متفرقة بسبب طلاق اعتراضها كما لا يشترط ان تكون بعض المدة قبل التقاعد والبعض الاخر بعدة وهذا ما ذهب اليه الاستاذ / احمد شوقى المليجى فى الوسيط فى التشريعات الاجتماعية ص 1013 اذ لم يشترط النص شيئا من ذلك .

الشرط الثالث : عدم زواجها بعد طلاقها من صاحب المعاش أو المؤمن عليه :
وذلك ان تقرير معاش للمطلقة انما هو بمثابة مكافأة أو تعويض عن غدر الزوج بها بعد ان عاشت معه عشرين سنة ثم اقدم على اطلاقها مما يعد معه ضررا شديدا ولكن يلاحظ هنا ان المانع من الزواج هو الزواج الرسمى دون الزواج العرفى لان الزواج العرفى اى المدنى لا وزن له فى قانون التأمين الاجتماعى .

الشرط الرابع: عدم وجود دخل من اى نوع يعادل قيمة استحقاقها فى المعاش أو يزيد عليه:
وهذا الشرط مؤداه الا يكون للمطلقة دخل من اى نوع من وظيفة أو نشاط تجارى أو ايرادات عقارية أو غله سندات أو اسهم إلى غير ذلك من اموال منقولة وان يكون هذا الدخل معادلا لقيمة ما يستحقه لها من معاش أو يزيد عليه فالغاية من هذا الشرط عدم ضياع المطلقة بعد تطليق زوجها لها فاذا كان لها دخل معادل لهذا المعاش أو زائد عليه انتفت حاجتها إلى ذلك المعاش .

ويقرر النص انه فى حالة إذا ما كان الدخل يقل عما تستحقه من معاش استحقت معاشا مساويا للفرق بين هذا الدخل وبين المعاش المقدر لها فاذا لم تبلغ قيمة الدخل والمعاش معا مبلغ ثلاثين جنيها ربط لها من المعاش بالقدر الذى لايجاوز معه قيمة الدخل والمعاش معا هذا الحد .

ونرى انه يجب ان ينظر المشرع نظرة عملية لحدود الجمع ” 30 جنيها ” بالنسبة للمطلقة حيث ان يجب ان يعدل هذا الجمع ليصل إلى ما نصت اليه المادة (112) من ق 79 لسنة 1975 وهو مائة جنيها على الاقل حتى لا يكون هناك تفرقه بين حدود الجمع بين المستحقين وان تفاوتت قوة الصلة بينهما .

هذا ويلاحظ ان الجدول رقم (3) المرافق للقانون 79 لسنة 1975 اعتبر المطلقة فى حكم الارملة من حيث توزيع الانصبة فى المعاش وانه فى جميع الاحوال يرد الباقى من استحقاق المطلقة إلى الارملة فى حالة وجودها فاذا لم توجد يرد على باقى الاولاد :

ثالثا : الزوج العاجز :
تنص المادة (106 ) من القانون 79 لسنة 1975 على ان :
” يشترط لاستحقاق الزوج ما يأتى :
1 ـ ان يكون عقد الزواج موثقا .
2 ـ ان يكون عاجز عن الكسب وفقا للبيانات المقدمة بطلب صرف المعاش على ان يؤيد ذلك بقرار من الهيئة العامة للتأمين الصحى .
3 ـ ان يكون عقد الزواج قد تم قبل بلوغ المؤمن عليها أو صاحبة المعاش سن الستين .

شروط ثلاثة لاستحقاق الزوج ونصت عليها المادة (106) من ق 79 لسنة 1975 سالفة الذكر حيث يعتبر الزوج فى حكم الزوجة من الناحية التأمينية سواء من حيث مبدأ الاستحقاق فى المعاش أو من حيث مقدار نصيبه فيه .
هذا وقد استحدث القانون 394 لسنة 1956 لاول مرة حكما بمنح ثلاث اثمان المعاش للزوج فى حالة وفاة زوجته إذا كان مصاب بعجز صحى كامل يمنعه من مزاولة اى مهنة أو عمل يتكسب منه على ان يزول حقه كليا أو جزئيا متى ظهر له مصدرا للرزق .

الشرط الاول : ان يكون عقد الزواج موثقا :
وعلى ذلك لا يعتد بالزواج العرفى ويجب ان تبقى الزوجية مستمرة حتى وفاة زوجة المؤمن عليها أو صاحبة المعاش وعدم انحلالها بالطلاق البائن أو بعد انتهاء فترة العدة فى الطلاق الرجعى .

الشرط الثانى : عجز الزوج عن الكسب :
والجهة الوحيدة التى يرجع اليها فى اثبات عجز الزوج لكى يستحق معاشا عن زوجته هى الهيئة العامة للتأمين الصحى بما يفيد ان لديه عجز يمنعه من الكسب بشهادة منها حيث ان العبرة بعجز الزوج عن الكسب بوقت وفاة المؤمن عليها أو صاحبة المعاش وان يكون هذا العجز عجزا كليا بينه وبين عمله بواقع 50% على الاقل .

ويستوى ان يكون العجز ناشئا بالميلاد أو نتيجة حادث أو مرض يصاب به الشخص قبل بلوغه سن الستين كما نص البند (ى) من المادة (5) من القانون 79 لسنة 1975 .

ويلاحظ على هذا الشرط أن الآراء تتجه إلى الغائه من خلال وسائل الاعلام ويوجد طعن بعدم دستورية هذه المادة والغائها ليكون الزوج مستحقا عن زوجته سواء كان صحيحا أم عاجزا.

الشرط الثالث: ان يكون الزواج تم قبل بلوغ المؤمن عليها أو صاحبة المعاش سن الستتن:
وهذا الشرط يعتبر شرطا تحفظيا قصد به حماية نظام التأمين الاجتماعى من تلاعب المنتفعين به فقد يلجأ العاجزون من الزواج بالمسنات من المؤمن عليهمن طمعا فى المعاش القريب فاذا عقد الزواج بعد بلوغ المؤمن عليها أو صاحبة المعاش هذا السن فلا يستحق الزوج المعاش المقرر .
***

رابعا : استحقاق الابناء فى المعاش :
وبقصد بهذه الفئة من المستحقين لمعاش المؤمن عليه أو صاحب المعاش هم ابنائه من ذكر أو انثى وهم الابناء الطبيعون الذين تربطهم به علاقة بنوه حقيقية ومباشرة فلا يعنى مصطلح الاولاد فى عرف التأمين الاجتماعى الاحفاد كما هو مقرر بقانون الاحوال الشخصية فى المادة (170) من القانون 77 لسنة 43 بشأن المواريث وتنص على انه :” للعصبة بالنفس من جهات اربع مقدم بعضها على بعض فى الارث على الترتيب الاتى:

1 ـ البنوه وتشمل الابناء وابناء الابن وان نزل ”
وذلك كله لان المعاش ليس بتركه كما نصت فتوى الجمعية العمومية 428/1/241 لسنة 1954 والغاية من تقريره هو تأمين اولاد المؤمن عليه أو صاحب المعاش بعد وفاته دون احفاده بعكس الميراث الذى شرعه الله سبحانه وتعالى للخلافة عن المبت حقيقة أو حكما فى ماله بسبب القرابه أو الزوجية .

هذا وان استحقاق الابناء فى المعاش عن الوالد أو الوالدة لا يكون مطلقا فلقد علق المشرع استحقاقهم على شروط معينة نص عليها فى المادة (107) من القانون 79 لسنة 1975 والتى نصت على الاتى :

” يشترط لاستحقاق الابناء الا يكون الابن قد بلغ سن الحادية والعشرين ويستثنى من هذه الشروط الحالات الاتية :
1 ـ العاجز عن الكسب .

2 ـ الطالب باحد مراحل التعليم التى لا تجاوز مرحلة الحصول على مؤهل الليسانس أو البكالوريوس أو ما يعادلها بشرط عدم تجاوزه سن السادسة والعشرين وان يكون متفرغا للدراسة .

3 ـ من حصل على مؤهل نهائى لا يجاوز المراحل المشار اليها بالبند السابق ولم يلتحق بعمل أو لم يزاول مهنة ولم يكن قد بلغ سن السادسة والعشرين بالنسبة للحاصلين على مؤهل الليسانس والبكالوريوس وسن الرابعة والعشرين بالنسبة للحاصلين على المؤهلات الاقل .

وهذه الشروط التى نص عليها المشرع لاستحقاق الابناء منها من يختص بالذكور فقط ومنها ما يختص بالاناث فقط ومنها ما يختص بهما جميعا .

أولا : الشروط التى يجب توافرها فى الابناء الذكور والاناث معا هى :

الشرط الاول : شرعية النسب :
لابد من توافر هذا الشرط فهو جوهرى لاستحقاق الابناء فى معاش الاب والام المتوفيان وتثبت البنوة بشهادة الميلاد أو مستند رسمى كالبطاقة الشخصية أو حكم قضائى مثبت لصحة النسب «حكـم محكمـة النقض فى الطعن 21 لسنة 44 أحوال شخصية جلسة 7/4/1976».

وثبوت النسب فى الشريعة الإسلامية يتم بأمور ثلاثة ـ الفراش ـ الاقرار ـ البنية فاذا ثبت نسب الولد باى من هذه الطرق كان ولد شرعيا يستحق معاش عن ابيه والا كان اجنبيا عنهما لا يكون له اى حق وعلى ذلك لا يكون الولد المتبنى أو الولد من الرضاعة ابنا شرعيا ومن ثم لا يستحق معاشا .

الشرط الثانى : هو تحقق حياة الاولاد وقت وفاة المؤمن عليه أو صاحب المعاش :
هذا هو الشرط الثانى المشترك بين الاولاد الذكور والاناث لاستحقاقهم معاشا عن والدهم أو والدتهم وهو تحقق الحياة لكل منهما وقت الوفاة لاى من الوالدين ونتيجة لهذا الشرط جرى العمل بكل من الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى الصندوق الحكومى والهيئة القومية للتأمين الاجتماعى لصندوق قطاع الاعمال العام والخاص على عدم اعتبار الحمل المستكن من بين الاولاد المستحقين للمعاش عن المؤمن عليه أو صاحب المعاش الذى يتوفى ويترك ارملته حاملا انتظارا لولادته حيا ولكن استثناء من ذلك فقد نص القرار 214 لسنة 1977 فى مادته رقم (39 )على ان يحجز نصيب الحمل المستكن فى تعويض الدفعة الواحدة حتى يولد الطفل المنتظر .

** اما الشروط التى تتعلق بالابن المستحق وحده هى :
1 ـ صغر سن الابن :
وهذا الشرط خاص بالابن الذكر دون البنت فقد اشترط المشرع عدم بلوغه سن الواحدة والعشرين عاما وقت وفاة اى من الوالدين لاستحقاق معاشا عنهما ويلاحظ على هذا الشرط انه ربط بين استحقاق الابن لمعاش عن والديه وعدم بلوغه سن الحادية والعشرين ـ سن الرشد ” وقت الوفاة مع انه لاوجه للربط بينهما حيث ان بلوغ الابن هذا السن دليل على اكتمال اهليته لمباشرة حقوقه المدنية ولا ارتباط بين اكتمال أهليته واستحقاقه لمعاش عن والده

لان العلة الاصلية لتقرير المعاش له ترجع إلى تأمين حياة افراد اسرة المؤمن عليه أو صاحب المعاش بعد وفاته بايجاد مورد مالى يتمثل فى قيمة المعاش المستحق لهم ولذا فان عدم استحقاق الابن لمعاش عن والديه يجب ان ينهض بمجرد حصوله على مورد مالى يؤمن حياته وهو ما قد يتحقق قبل بلوغه الحادية والعشرين دون تعليق ذلك على بلوغه الابن سنا معينا واكتمال اهليته لمباشرة حقوقه المدنية وهو ما نص عليه المشرع التأمينى فى المادة (111) من ق 79 لسنة 1975 من ان يقطع معاش الابن إذا التحق باى عمل يحصل منه على دخل صافى يساوى قيمة المعاش أو يزيد عليه .

هذا وان قرينه السن هذه ليست قرينة قاطعة بل تقبل اثبات العكس ولهذا فان المشرع عاد وقرر استحقاق الابن أو استمرار استحقاقه لمعاش عن والديه رغم بلوغه سن الحادية والعشرين أو تجاوزه لها وذلك فى حالات معينة وهى :

الحالة الاولى : العاجز عن الكسب :
فاذا كان الابن مصابا وقت وفاة اى من والديه بعجز يمنعه عن الكسب استحق معاشا عنه رغم بلوغه سن الحادية والعشرين أو تجاوزه لها وبصرف النظر عن سبب هذا العجز على ان يكون اثبات هذا العجز بشهادة من الهيئة العامة للتأمين الصحى .

ولهذا فان استحقاقه لهذا المعاش يستمر طوال عجزه المانع عن الكسب .

الحالة الثانية : طالب العلم :
ان الابن يستحق معاش والديه حتى ولو جاوز الحادى والعشرين من عمره طالما انه طالبا متفرغا للدراسة باحد مراحل التعليم التى لاتجاوز مرحلة الحصول على مؤهل الليسانس أو البكالوريوس أو ما يعادله وهو ما يستفاد منه ان علة استحقاق الابن للمعاش فى هذه الحالة ترجع لعدم حصوله على مورد مالى بديل لهذا المعاش مما يؤكد الارتباط بين استحقاق المعاش والحاجة اليه بصرف النظر عن تجاوز المستحق سن الحادية والعشرين .

على ان يلاحظ انه يجب لاستحقاق الابن فى المعاش عن والديه فى هذه الحالة لكونه طالبا الا يجاوز السادسة والعشرين .

الحالة الثالثة : من حصل على المؤهل النهائى ولم يلتحق بعمل أو يزاول مهنة :
وهذه الحالة تخص الابن الذى حصل على مؤهل نهائى لا يجاوز الليسانس أو البكالوريوس ولم يلتحق بعمل أو لم يزاول مهنة ولم يبلغ سن السادسة والعشرين فى حالة حصوله على الليسانس أو البكالوريوس ، وسن الرابعة والعشرين لمن حصل على مؤهلات اقل .

ويلاحظ ان استحقاق الابن لمعاش فى هذه الحالة رغم اتتهاء دراسته بحصوله على المؤهل النهائى انما يؤكد على هذا الاستحقاق التى تتمثل فى عدم القدرة للابن على مواجهة الحياة وحاجته لهذا المعاش .

4 ـ استحقاق البنات فى المعاش :

تنص المادة (108 ) من القانون 79 لسنة 1975 على ان : ” يشترط لاستحقاق البنت الا تكون متزوجة .
وهذا النص سار على عكس النص الذى قبله فعمر البنت ليس له اى اثر على استحقاقها أو عدم استحقاقها معاشا عن والديها وذلك لان الانوثة وحدها مظهر وامارة من امارات العجز فلا يلتفت إلى سنها وقت وفاة اى منهما .

ولكن المشرع اشترط شرطا واحدا الاوهو عدم زواجها وقت وفاة اى من والديها ويستوى فى ذلك كونها بكرا أو مطلقة أو ارملة .

(ب) نصيب الاولاد فى المعاش كما نص عليه الجدول (3) المرافق للقانون 79 لسنة 1975 الآتى :

1 ـ كامل المعاش : إذا وجد اكثر من ولد مستحق ذكر أو انثى ولم توجد فئة اخرى مستحقة .
2 ـ خمس اسداس المعاش : إذا وجد اكثر من ولد مستحق مع وجود الوالدين أو احدهما.
3 ـ ثلثى المعاش : إذا وجد ولد واحد مستحق ولم يوجد احد من المستحقين أو وجد معه الوالدان أو احدهما .
4 ـ نصف المعاش : مع ارملة أو أرامل أو زوج أو والدين .

5 ـ استحقاق الوالدين فى المعاش :
لم يتطلب المشرع اى شرط لاستحقاق والدى المؤمن عليه أو صاحب المعاش للمعاش عنه فى حالة وفاته اكتفاء بالصلة الشرعية التى تربط بينهما بصرف النظر عن ظروفهما المالية وقدرتهما على الكسب من عدمه وبصرف النظر عن استمرار الحياة الزوجية بينهما أو انحلالها وزواج الام من شخص اخر خلاف والد المؤمن عليه أو صاحب المعاش وبصرف النظر عن اعالته لهما من عدمه وهذا بعكس القانون 50 لسنة 1963 السابق على القانون 79 لسنة 1975 والذى كان يشترط عدم وجود دخل خاص للوالدين يعادل قيمة استحقاقهما فى المعاش أو يزيد عليه فاذا نقص هذه الدخل عما يستحقاه ادى اليهما الفرق ” المادة 29 من ق 50 لسنة 1963 ” ولكن الاعتبارات الانسانية ادت إلى الغاء هذه المادة فى القانون 79 لسنة 1975 واعطاء المعاش للوالدين دون قيد أو شرط وذلك لتأمين حياتهما درأ لآفة الحاجة والعوز عنهم .

ونحن نرى فيمن يرى انه يجب ان يستحق المعاش للوالدين عن ابنائهم فى حالة العوز والفقر الحقيقى تيمنا بالشريعة الإسلامية فقد قرر الفقهاء فى الشريعة الإسلامية بانه لا يشترط لاستحقاق الاصول للنفقة الا لفقر والحاجة فيكتفى ان يكون الاب أو الام فقيرا محتاجا لتجب نفقته على ابنه بصرف النظر عن اى اعتبار اخر ” احكام الاحوال الشخصية فى الفقة الإسلامى للدكتور / يوسف موسى ص 499 .

(ب) نصيب الوالدين فى المعاش كما نص عليه الجدول (3) المرافق للقانون 79 لسنة 1975
1 ـ نصف المعاش إذا لم يوجــد مستحق من فئة اخرى أو وجد مع الاخوة أو الاخوات حالة (12)
2 ـ ثلث المعاش : إذا استحقا مع الارامل أو ما يقوم مقامهما وهو الزوج العاجز حالة (2) أو إذا استحق مع ولد واحد وبدون مستحقين اخرين ( حالة رقم 8) .
3 ـ سدس المعاش : إذا استحقا مع اكثر من ولد ” حالة رقم 9 ” أو استحقا مع فئة الارامل وفئة الاولاد ” حالة رقم 5 ” .

6 ـ استحقاق الاخوة والاخوات فى المعاش :
وهؤلاء هم قرابة المؤمن عليه أو صاحب المعاش الذين ليسوا من الاصول أو الفروع ويعرفون بالحواشى حيث ان الحاشية كل شىء جانبه وطرفه والاقارب من هذا الصنف هم جوانب الانسان واطرافه والحواشى اعم من الاخوة بل يمتد إلى الاعمام والعمات والاخوال والخالات واولادهم ولكن قانون التأمين الاجتماعى لم يظل باحكامه الا الاخوات والاخوة فقط فقد نصت المادة (109) من القانون رقم 79 لسنة 1975 على ان :

” يشترط لاستحقاق الاخوة والاخوات بالاضافة إلى شروط استحقاق الابناء والبنات ان يثبت اعالة المؤمن عليه أو صاحب المعاش اياهم وفقا للشروط والاوضاع التى يصدر بها قرار من وزير التأمينات .

واول مدلول يؤخذ من هذا النص ان لفظ الاخوة لا يقتصر على الاخوات الاشقاء فقط بل يشمل ايضا الاخوة والاخوات لاب أو الام دون الاخوة والاخوات من الرضاعة أو التبنى لكون هذه الصلة ليست فى قوة قرابة الدم أو النسب ويكون النص جاء عاما مطلقا للفظ الاخوة ايضا .

كما يشترط هذا النص اعالة المؤمن عليه أو صاحب المعاش لاخوته واخواته قبل الوفاة ويشترط ان تكون هذه الاعالة اعالة فعلية وليست الاعالة القانونية كما نصت على ذلك فتوى ادارة الفتوى والتشريع لوزارة الخزانة رقم 452 /2/108 لسنة 61 ” هذا وقد صدر القرار الوزارى رقم 102 لسنة 1992 محددا الشروط التى يجب توافرها فى الاخوة حتى يطبق عليهم شرط الاعالة وهى كالاتى :

1 ـ إذا لم يكن اى من اولاد المؤمن عليه أو صاحب المعاش سبق استحقاقه فى المعاش .
2 ـ إذا لم يكن للاخ أو الاخت والد أو ابن أو بنت متوسط دخولهم من اى مصدر يعادل قيمة المعاش المورث أو يزيد عليه ولا يعتبر من هذا الدخل المعاش المستحق عن الغير.

3 ـ إذا لم يكن للاخ أو الاخت دخل من اى مصدر يعادل قيمة استحقاقه فى المعاش أو يزيد عليه ، وعليه فان المشرع قد ربط بين حاجة الاخوة والاخوات وعوزهم وبين استحقاقهم لمعاش عن المؤمن عليه أو صاحب المعاش واشترط لنهوص هذا الاستحقاق اعالته لهم قبل وفاته .

وانطلاقا من هذا المفهوم نرى وجوب التوسع فى دائرة المستحقين عن المؤمن عليهم أو صاحب المعاش من قرابة الحواشى وعدم قصرها على الاخوة والاخوات فقط مادامت العلة اى علة الاستحقاق لهذا المعاش متحققة حتى يحقق التأمين الاجتماعى اهدافه ليظل غالبية الفقراء والمحتاجين والعاجزين عن الكسب واقارب المتوفى الذين كان يعولهم قبل وفاته .

(ب) نصيب الاخوة فى المعاش :
1 ـ نصف المعاش إذا لم يوجد معهم أو مع احدهم مستحق من فئة اخرى ( حالة 11) .

2 ـ ربع المعاش إذا استحق معهم أو مع احدهم الارملة أو الزوج العاجز حالة رقم (3) أو الوالدين أو ايهما حالة رقم (12) .

من العرض السابق لاشخاص المستحقين للمعاش يتضح ان المشرع التأمينى ربط بين استحقاق المعاش وتحقق صلة معينة بين المؤمن عليه أو صاحب المعاش والمستحق لمعاش عنه سواء كانت قرابة حتى درجة معينة أو رابطة زوجية تجمع بينهما وذلك بصرف النظر عما إذا كان مستحق المعاش فى حاجة لهذا المعاش ام لا وبصرف النظر عن حالته المالية وما إذا كان معسرا من عدمه .

الخاتمــة

ان نظام التأمين الاجتماعى اصبح فى الوقت الحاضر من اهم النظم الاجتماعية التى تعالج الاثار التى تنجم عن الاخطار التى يتعرض لها الإنسان خلال حياته الوظيفية سواء فى ذلك الاخطار المؤكدة كالوفاة ـ والشيخوخة ـ أو الاخطار الاجتماعية كخطر العجز والمرض والبطالة وذلك بايجاد بديل للاجر فى حالة انقطاعه بسبب تحقق اى من هذه الاخطار تتميز بالدورية والثبات اصطلح على تسميته بالمعاش .

 

ولهذا قد مررنا بالمستفيدين من اموال التأمين الاجتماعى بعد مقدمة بينا فيها التكافل فى الإسلام وكذا بينا التطور التاريخى للتأمين الاجتماعى وكذا شرعية عقد التأمين واراء فقهاء الشريعة منه وكذا آرائهم نحو التأمين الاجتماعى وقد انتهينا إلى عدم شرعية عقد التأمين التجارى وحل التأمين الاجتماعى لقيامه على التكافل والتعاون بين المسلمين بعضهم البعض وبين غيرهم من اهل الذمة

وبينا انواع المستفيدين من واقع القانون 79 لسنة 1975 وكذا المستحقين عنهم وبينا شروطهم حيث ان معاش المستحقين عن المؤمن عليه أو صاحب المعاش لا يعدوا ان يكون ايضا حق مستمد من القانون مباشرا دون ان يمر بالذمة المالية لايهما الامر الذى ينتفى معه وصف هذا الحق بانه تركه .

وقد عالج المشرع القصور الذى شاب القانون 79 لسنة 1975 من عدم تغطية تأمينيا جميع الفئات القادرة على الكسب من الشعب الذى دعى المشرع إلى اصدار القانون 112 لسنة 1980 للتأمين الشامل وكذا اصدر القانون 108 لسنة 1976 لاصحاب الاعمال ليغطى بذلك جميع افراد الشعب وهو بذلك يعتبر بالصورة الحديثة المقننة لنظام التكافل المعيشى الذى عرفه الإسلام منذ 14 قرن .

والذى يتمثل فى كفالة الغنى للفقير وفى مبادرة المسلم إلى تفريج كرب اخية واعانته على قضاء حوائحة وهو ما عرف فى الإسلام بنظام التكافل المعيشى ولذا حرص الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية على ان يضمن احكام هذا المبدأ فلقد نصت المادة السابعة عشر منه على ان ” تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعى والصحى ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين وذلك وفقا للقانون موسرا،

أو عاجزا عن الكسب ام قادرا عليه وفى هذا ما يباعد هذا النظام التأمينى ونظام التكافل المعيشى الذى يعد بلاشك الاصل الدينى والشرعى لنظام المعاشات أو لنظام لتأمين الاجتماعى بوجه عام فعلى العكس من الاحكام المتقدمة نجد ان الشريعة الإسلامية تحصر المستحقين لموارد التكافل المعيشى فى فئات معينة تتصف بالفقر والمسكنة أو يجمع بينهما العوز والحاجة بصرف النظر عن صلاتهم العائلية أو روابطهم الاجتماعية اللهم الا نسبهم إلى العقيدة وحتى تلك الصلة فان منهج الإسلام كان سمحا فيها إلى ابعد الحدود إذا شملت مظلة التكافل المعيشى جماعة الإسلام وأهل الذمة ما داموا يقيمون بدولة الإسلام أو بدار الإسلام حسب التعبير الفقهى كما نوهنا فى مقدمة بحثنا هذا .

ولهذا فان معالجة تفشى الفقر والحاجة والعوز الذى نلمسه الآن فى مجتمعنا المصرى إنما يرجع أساسا إلى سوء توزيع المستحقات التأمينية والمعاشية وقصرها على المؤمن عليهم وأسرهم والذين تربطهم علاقة قرابة معينة أو علاقة زوجية بصرف النظر عن مدى احتياجهم لهذه المستحقات من عدمه فيجب توسيع نطاق مظلة التأمينات الاجتماعية والمعاشية لفئات أخرى حتى يصبح مجتمعنا مجتمعا يسوده التعاون والتكافل فيما بينهم والحمد لله رب العالمين .

****

أهم مراجع البحث

1 ـ أنظمة المعاشات فى التشريع المصرى والمقارن للدكتور نصحى عباس رمضان لسنة 1987 .
2 ـ قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 .
3 ـ نظام التأمين الاجتماعى فى مصر تشريعا وتطبيقا للأستاذ / نبيل محمد عبد اللطيف لسنة 1977 .
4 ـ شرح نظام المعاشات والادخار للعاملين المدنيين بالدولة للأستاذ / محمد عبد المجيد مرعى لسنة 1970 .
5 ـ ملزمة شارحه لنظام التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 للأستاذ / ليلى محمد الوزيرى .
6 ـ الجزء الاول من موسوعة شرح قانون التأمين الاجتماعى للأستاذة / ليلى محمد الوزيرى .7 ـ المبسوط للسرخسى .
8 ـ كتاب المحلى لابن حزم ج6 .
9 ـ رسائل ابن عابدين فى حاشيته ج2 .
10 ـ المعاملات الحديثة وأحكامها للشيخ عبد الرحمن عيسى .
11 ـ بدائع الصنائع للكاسانى .
12 ـ الوسيط فى التشريعات الاجتماعية للمستشار شوقى المليجى 1982 .
13 ـ قانون العمل ” محمود جمال الدين زكى 1983 .
14 ـ التأمين وموقف الشريعة الإسلامية للأستاذ / محمد الدسوقى .
15 ـ شرح الوسيط للقانون المدنى للدكتور / عبد الرازق السنهورى .
16 ـ أحكام الأحوال الشخصية فى الفقه الإسلامى للدكتور / محمد يوسف موسى .
****