حق الطلاق بين الرجل والمرأة

إنكم فرقتم بين الرجل والمرأة في حق الطلاق ، وجعلتم الطلاق بيد الرجل لعدم ثقتكم بقدرات المرأة وكفائتها ، وأردتم أن يكون استقرار بيتها وسعادتها مرهونان بيد الرجل ،فإن شاء طلقها ، وإن شاء أبقاها وهي مهددة في الحالتين.

الرد على شببهة عدم مساواة المرأة بالرجل في حق الطلاق:
1-لا بد أن نفرق أولاً ما بين جمال النظام وعدالته وبين سوء استخدامه والتعسف في تطبيقه ، فإذا أساء الرجال أو النساء استخدام الحق فلا يعني ذلك سوء النظام وظلمه ، وإنما يعني ذلك سوء النفس الإنسانية التي تعسفت في استخدامه.
2-إن هناك نوعين من الطلاق: الأول يقع بإرادة الطرفين ، وهو مايسمى (بالإرادة المشتركة ) ، والثاني يتم بإرادة منفردة أما بإرادة الزوج والزوجة غير راغبة ،أو بإرادة الزوجة والزوج غير راغب ، وهذان النظامان كلاهما موجود في شريعتنا ، فإذن نحن لم نجعل الطلاق بيد الرجل فقط و إنما راعت الشريعة جميعالحالات والظروف .

3-إن دعاة المساواة ليس لديهم تحفظ على الطلاق الذي يقع بإرادة منفردة ، لذا نحتاج أن نفصل في ذلك قليلاً:
فلو وقع الطلاق من الرجل ، فالشريعة تعطي للمرأة تعويضاً نفسياً ومالياً وهو نفقة للعدة ونفقة للمتعة ويكون لها المهر ولا يستثنى من ذلك إلا حالة النشوز ولو وقع الطلاق بطلب المرأة فالقاضي يوقع الطلاق وتأخذ حقوقها المالية إذا كان الزوج ناشزاً ، وأما إن كان طلبها للطلاق مزاجياً فتعطي الرجل تعويضاً مالياً وهذا ما يسمى ( بالمخالعة ) .
4-إن المتتبع للأيان والمذاهب في موضوع الطلاق يرى أن منها من يحرم الطلاق والفراق بين الزوجين ، وتكون علاقتهما أبدية ، ومنها من لا يرى للطلاق قيمة ولا لعقد الزواج قدسية ، فالباب مفتوح دائماً ، ولكن الإسلام دين الوسطية والاعتدال ، قد شرع الطلاق وحدد له شروطاً وضوابط ، حتى لا يكون أداة هدم لأهم مؤسسة في الكون ، فهو أي الطلاق رحمة للأسرة تستخدمه متى احتاجت إليه.

5-من الخطأ عن مالقانونين أن نحكم على نص من غير النظر في الدستور كله وفهم العلاقة بين نصوصه ، وهذا ما نريد أن نقوله في موضوع الطلاق ، فالإسلام تعامل مع نص الطلاق بين الطرفين كما يتعامل الصائغ مع كفتي الميزان ، فجعل كفة بيد الرجل ( في بعض الحالات ) وأعطى ( المهر والنفقة الشهرية ) للمرأة ، فلكل طرف حق مربوط بالطرف الآخر ( فهو مغرم ومغنم لكل طرف ) .
6-من المفارقات كما يقول الشيخ الغزالي: ” في الوقت الذي تحتج فيه المرأة المصرية على الطلاق ” تحتج المرأة الإنجليزية على أبدية الزواج ، وقد تقمت النائبة الانجليزية ( مسز هوايت ) إلى مجلس العموم البريطاني بمشروع يقضي بإقرار الطلاق بين كل زوجين انفصلا أكثر من سبع
سنوات .
7-إن الإسلام عندما أقر الطلاق حدد له وقتاً وعين له مراحل ، فلا يطلق الرجل وهو غضبان أو مكره أو وزوجته حائض وقسم بين الطلاق السني والبدعي وأعطى مجالاً للصلح بل وحدد عدداً للطلقات:
الطلقة الأولى: محك وتجربة .
الطلقة الثانية:امتحان أخير للعلاقة .
الطلقة الثالثة:دليل على فساد العلاقة ، فالمسألة ليست عبثاً .

8- لقد أبدعت الشريعة الإسلامية وانفردت في موضوع ” المراجعة ” دون الشرائع الأنظمة الأخرى لأن الإنسان معرض للخطأ والتقصير ، كما وأن في المراجعة حفظ لحقوق المرأة وحريتها وكرامتها ، وجعل الشارع ضابطها انقضاء العدة حتى لا تكون المرأة لعبة بيد الرجل متى ومتى شاء طلقها ومتى شاء أرجعها ، فلو انتهت العدة فلا يستطيع أن يرجعها إلا بعقد ومهر جديدين ، وللمرأة هنا أن تشترط ما يضمن حققها لوكان الرجل هو المتسبب في الطلاق وأرادت أن ترجع إليه.

9- لا يختلف اثنان اليوم على استخدا م اكثر الرجال للجانب الأيسر من المخ ، وأقوى ما فيه الواقعية والعقلانية ، واستخدام اكثر النساء الجانب الأيمن وأقوى ما فيه الخيال والإبداع والعاطفة ، فالشارع راعى الفروق الفردية بين الجنسين عندما جعل قرار الطلاق بيد الرجل ، ومع ذلك أعطى للمرأة حقها بطرق ووسائل تتناسب وطبيعتها العاطفية .
10- حدث في تونس أن أعطيت المرأة حق الطلاق بنفس وسائل الرجل وطرقه ، فإزدادت نسب الطلاق في تلك السنة أضعافاً مضاعفة،ثم تم تعديل القانون ، وتبين أن أكثر النساء اللاتي أوقعن الطلاق كان تطليقهن لأزواجهن بسبب ردة فعل عاطفية تجاه موقف من الزوج فتلفظن بالطلاق ، ثم ندم الكثير منهن على هذا التصرف .

11- في بعض الولايات المتحدة بأمريكا إذا حصل طلاق بين الطرفين فللمرأة نصف ممتلكات الزوج ، وفي ذلك ظلم للطرفين ، فالمرأة يدخل في ملكيتها مال ليس ملكاً لها وهذا ظلم ، والرجل يسلب منه ما يملك من غير رضاه ، وهذا ظلم آخر ، وإني أعرف رجلاً يملك عقارات وأسهم بالملايين ، وعندما طلق زوجته باع كل ما يملك بمائة دولار، فأعطى لزوجته خمسين دولاراً وأخذ هو خمسين دولار اً نكاية فيها حتى لا تستفيد من ماله وكان ذلك بحكم المحكمة .

12- مع كل ماسبق فإن الشريعة اعطت المرأة الحق في أن تجعل الطلاق بيدها دون وساطة القاضي ، وفي هذه الحالة تكون العصمة بيدها إذا وافق الزوج ، فتستوي معه في التمكن من هذا الحق ، ولكن عليها أن تشترط ذلك في عقد الزواج .
13- أدركت بعض الدول الغربية والتي كانت تحرم الطلاق وتمنعه خطأها فيسرت الحصول على الطلاق ، وكانت آخر هذه الدول ايطاليا ، حيث أباحته عام 1971م ويكفي أن نعلم إنه ما إن أقر الطلاق في إيطاليا حتى قدم إلى المحاكم أكثر من مليون طلب طلاق .
كما نشرت مجلة الأسبوع العربي ، العدد(681 )- ص 65: بدأت صناعة بطاقات التهنئة في العالم ، تتجه إلى قضايا الطلاق بإعتبارها أمراً واقعاً فظهرت في بعض أسواق الدول الغربية بطاقات مخصصة للأشخاص الذين أنهوا علاقاتهم الزوجية ، وللأشخاص الذين يودون تهنئتهم بذلك ، فقد حوت بعض البطاقات عبارات مثل ” تهانينا لطلاقكم ” ” ونحسدكم على حريتكم ” و ” وما أجمل ما صنعتم .. حظاً سعيداً “.

14- أعطت الشريعة للمرأة الحق في طلب الطلاق في حالة غياب زوجها عنها أكثر من سنة أو امتناعه عن الإنفاق ، أو إن كان به علة كمرض البرص والعنة وغيرهما ، أو للضرر ، سواء كان الضرر مادياً ،أو نفسياً ، وقد اطلعت على حكم صدر في مصر بتطليق زوجة للضرر وكان الضرر في هذه القضية هو ” صمت الزوج ” وقد تم تأييد الحكم بالاستئناف والتمييز .
15- إن مشاهير النساء في الغرب إذا تزوجن فإنهن يكتبن ورقة على أزواجهن في حالة حدوث الطلاق فلا يأخذ المطلق أكثر من ( 100 ) ألف دولار مثلاً ، وهذا ما حصل مع ” مادونا ” عندما تزوجت ممثل مشهور ولم يستمر زواجهما أكثر من سنة هل هذه العدالة المطلوبة

الاستاذ جاسم مطاوع

اعادة نشر بواسطة محاماة نت