المسؤولية الجنائية للوزير في القانون السعودي

 

عبدالله قاسم العنزي
يعتبر الوزير رئيسا مباشرا ومرجعا لشؤون وزارته، ويمارس أعماله وفق سلطة يخولها له النظام، وحيثما وجدت هذه السلطة وجدت المسؤولية على الوزير سواء كانت مسؤولية تقصيرية أو مسؤولية جنائية.

وتعتبر مسؤولية الوزير الفردية هي جوهر المسؤولية الوزارية أمام السلطة التنظيمية، ومن ذلك إذا قامت أدلة معتبرة على اقتراف وزير ما أو من في مرتبته مخالفة تقصيرية أو جريمة جنائية وفق ما حددته الأنظمة المرعية، فإن لرئيس مجلس الوزراء أن يؤلف لجنة مكونة من وزيرين وعضو قضائي للتحقيق مع الوزير، وإحالة نتائج التحقيق إلى رئيس مجلس الوزراء خلال مدة 30 يوما، ويحدد رئيس مجلس الوزراء جلسة لمجلس الوزراء لمناقشة نتائج تحقيق اللجنة خلال 15 يوما من تاريخ رفع النتائج.

ومما لا شك فيه أن مشكلة الفساد أصبحت قضية محل اهتمام على المستوى المحلي والدولي باعتبارها عائقا أمام التنمية الوطنية، وأنها سلوك ينتهك القيم الدينية والأخلاقية، وينخر في ساق الإدارة والدولة ويعرض الاقتصاد المحلي والأمن الاجتماعي والسكينة العامة إلى اضطراب، وعلى ذلك جاءت الضرورة الحتمية لمعالجة الفساد بالأنظمة والعقوبات التي تضمن حماية الوظائف العامة والمال العام من الانتهاك.

فقد عبر المنظم السعودي في نظام محاكمة الوزراء الصادر بالمرسوم الملكي رقم (88) وتاريخ 22 / 9 / 1380 أن استغلال النفوذ ولو بطريق الإيهام للحصول على فائدة أو ميزة لنفسه – أي الوزير- أو لغيره من أية هيئة أو شركة أو مؤسسة أو مصلحة من مصالح الدولة أو قيام الوزير بممارسة تصرفات من شأنها التأثير بالزيادة أو النقص في أثمان البضائع والعقارات أو العملة أو الأوراق المالية للحصول على فائدة شخصية له أو لغيرة أو تعمده لمخالفة النظم واللوائح والأوامر التي يترتب عليها ضياع حقوق الدولة المالية أو حقوق الأفراد الثابتة شرعا أو نظاما يعتبر ذلك سلوكا مجرما يوقع الوزير بمسؤولية جنائية حالة ارتكب هذا التصرف أثناء تأديته لمهامه الوزارية وثبت عمديته باقتراف ذلك فإنه يعاقب بعقوبة تقدرها الهيئة القضائية وفق ما نصت عليه المادة الـ (5) من نظام محاكمة الوزراء، ومع ذلك فقد حرص المنظم السعودي على تطبيق ضمانات المتهم بكافة صورها، فللوزير المتهم أن يوكل محاميا أو مستشارا قانونيا للدفاع عنه ورد التهمة بالطرق النظامية والشرعية وله الطعن بقرارات الهيئة القضائية أمام الملك، وله التماس عفو ولي الأمر في تخفيف العقوبة أو العفو.

لقد حرصت حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – أيده الله بنصره – على أن تصون المجتمع مما يؤثر بأخلاقياته ووضعت القوانين التي تعالج جميع الإشكالات الأخلاقية من موظفي الدولة سواء كانوا في المراتب الوزارية أو ما دونها بقصد النهوض بالتنمية الوطنية، وتقديم الخدمة للمواطن على أكمل وجه ممكن.