التحكيم المحلي ومستقبله
منصور الزغيبي 
هذا اليوم هو الأول من أيام تدشين ملتقى التحكيم الذي يعتبر الأول على مستوى العالم الإسلامي بمكة المكرمة، الذي تقيمه كلية الدراسات القضائية والأنظمة في جامعة أم القرى بالتعاون مع فريق التحكيم السعودي، بشعار: «نحو نظام تحكيم إسلامي موحد».

ويعتبر هذا الملتقى جاء في وقته الذي يركز فيه على إظهار أهمية التحكيم على المستويين المحلي والدولي، وأن التحكيم يحظى بمكانة رفيعة في الشريعة، ومصطلح التحكيم يحكم المنطقة التي بين القضاء والصلح، فالتحكيم أصبح هو القضاء البديل ومن طرق القضاء المنظمة الجديدة، وهو جائز بالكتاب والسنة والإجماع، وفقهاء المسلمين يجمعون على أن التحكيم قضاء كما ذكر ابن قدامة في مدونته الشهيرة «المغني».

ويعتبر التحكيم وسيلة مهمة وفعّالة وسريعة كذلك لحل النزاعات التي تحدث بين أطراف الخصوم، وتقترن أحكام المحكّمين وقراراتهم بالعدالة وحرية الرأي.

وفي هذا الملتقى سيتم تناول مواضيع جوهرية، واستضافة بعض الأسماء الشرعية والقانونية التي اشتهرت في هذا المجال من خلال مشاركتها في لجان التحكيم والتأليف وإقامة الدورات.

ويعتبر نظام التحكيم المحلي الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم م / 34 بتاريخ 24- 5- 1433 هـ من أكثر الأنظمة حداثة في الوطن العربي، ويمتاز عن النظام القديم وبقية أنظمة التحكيم العربية أنه تجاوز معظم الثغرات التي توجد في أنظمة التحكيم العربية. وأكثر مواكبة لظروف الواقع ومتغيراته.

ونظام التحكيم يحوي 58 مادة. والحقيقة أن قراءة ملامح نظام التحكيم تحتاج إلى مساحات مستقلة، وأرجو أن أتعرّض إلى ذلك بشكل يليق برشاقة النظام وجوهره.

وكما بلغني أن مشروع اللائحة في طورها النهائي بعد أن تم إعدادها من لجنة مكونة من وزارة العدل ووزارة التجارة لرفعها لمجلس القضاء الأعلى وفق خطاب التكليف من مجلس الوزراء لإعداد اللائحة.

ومن أبرز مزايا التحكيم سرعة الفصل في النزاعات، وكذلك تخفيف العبء على المحاكم بشكل كبير بحكم ازدحامها بكثرة القضايا المختلفة، وأقل كلفة وقتية وتبعات مالية، وأن التحكيم أكثر سرية كذلك وسهولة في إجراءاته، كذلك للخصمين حرية اختيار المحكمين في موضوعهما، وغيرها من المزايا التي ليس هنا مجال حصرها.

في الفترة الأخيرة نجد هناك اهتماماً كبيراً غير مسبوق بموضوع التحكيم، وتوسّعاً في عملية الاهتمام به، وذلك ليس مقصوراً على إصدار النظام الجديد الذي هدفه الأساس اجتناب الثغرات وأن يبدأ من حيث انتهى الآخرون، بل يشمل ذلك حتى مدارج التعليم من خلال الحرص على تأسيس دبلوم متخصص في التحكيم.

وخلاصة القول، تفعيل النظام وفق المأمول به يتم من خلال إنشاء مركز تحكيم يُعنى بتنفيذ أحكام النظام ومتابعته، والإشراف على صحة إجراءاته وتنفيذها، حتى يكون أكثر فعالية في إدارته برئاسة وزير العدل وعضوية الجهات ذات العلاقة.

وأرجو كذلك أن يسهم هذا الملتقى في معالجة واقع التحكيم وينهض به، ومما لا شك فيه أن ما قاموا به يعد جهداً رائداً لنشر ثقافة التحكيم.

* كاتب سعودي.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت