الجوانب المالية للتكافل الاجتماع والتطبيق الإسلامى

إعــــداد
دكتور / أشرف أبو العزم العماوى
مدرس المحاسبة
كلية التجارة ـ جامعة الأزهـــر

فى الفترة من 13-15 أكتوبر 2002م

 طبيعة البحث
خلق الله الإنسان وأمره بعبادته وعمارة الأرض وحتى يتسنى للإنسان القيام بالمهام التى خلق من أجلها فإن له حاجات مادية ومعنوية يحتاج لإشباعها ولذلك فقد أوجد الله  للإنسان فى الأرض الموارد اللازمة لمعيشته وسخرها له كما أعطاه القدرات والمهارات التى تمكنه من توفير حاجاته ، ونظراً لتفاوت قدرات الأفراد مما أدى لأختلافهم فى أنصبتهم من مقومات الحياة ، فمنهم من يملك ما يكفيه وزيادة ومنهم من لا يملك ما يكفيه لذلك فقد حثت الشريعة الإسلامية بالترغيب تارة وبالترهيب أخرى من يملك فضلاً بتوجيهه للمحتاج إليه وذلك حتى يتحقق الترابط والتماسك بين أفراد المجتمع وهذا ما يطلق عليه التكافل الاجتماعى فى الإسلامى .

وتزداد أهمية التكافل الاجتماعى فى المجتمعات الإسلامية فى الوقت الحالى وذلك نظراً لتوجه معظم الدول الإسلامية للخصخصة مما يترتب على ذلك تقلص الأنشطة التكافلية فى المجتمعات الإسلامية ، ويحتاج القائمون على أمر تطبيق نظم التكافل الاجتماعى فى المجتمعات الإسلامية لتحديد بعض المفاهيم المرتبطة بالتكافل الاجتماعى مثل مفهومة ونطاقه وصيغة وبيان الموارد المالية لتحقيقه وتحديد الوسائل المناسبة لتحقيق هذا التكافل فى المجتمعات الإسلامية .

وتتعلق هذه الدراسة بوضع نظام وإطار للتكافل الاجتماعى وكيفية تطبيقه فى المجتمعات الإسلامية .

تتمثل المقاصد الأساسية للبحث فى الآتى :
(1) ـ وضع مفهوم محدد للتكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى يوضح نطاقه من حيث الحاجات والأفراد وصيغة .
(2) ـ بيان الموارد المالية للتكافل الاجتماعى فى ضوء الفكر والتطبيق الإسلامى .
(3) ـ تحديد وسائل تحقيق التكافل الاجتماعى لغير القادرين ف المجتمعات الإسلامية .

يعتمد البحث على منهجين هما :
المنهج الاستنباطى : ويتمثل فى دراسة الإطار الفكرى للتكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى وذلك فى ضوء ما ورد فى مصادر الشريعة الإسلامية وفى ضوء الدراسات والبحوث التى تمت فى هذا المجال وذلك للتوصل لتحديد المفاهيم المتعلقة بالتكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى .

المنهج الاستقرائى : ويتمثل فى استقراء التطبيقات المختلفة لنظم التكافل الاجتماعى سواء كانت فى صدر الإسلام أو من التطبيقات المعاصرة بهدف وضع إطار عام ونظام متكامل لتحقيق التكافل الاجتماعى للأفراد فى المجتمعات الإسلامية.

تم تخطيط هذا البحث على النحو الآتى :
 المبحث الأول : مفهوم وصيغ التكافل الاجتماعى فى ضوء الفكر الإسلامى .

 المبحث الثانى: الموارد المالية للتكافل الاجتماعى فى ضوء الفكر والتطبيق الإسلامى .

 المبحث الثالث: وسائل تحقيق التكافل الاجتماعى فى ضوء الفكر والتطبيق الإسلامى .

 النتائج العامة للدراسة .
 قائمة المراجع .
والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات

المبحث الأول
مفهوم وصيغ التكافل الاجتماعى فى ضوء الفكر الإسلامى

مفهوم التكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى حديث فى
لفظة قديم فى مضمونة ولتحديد ماهية هذا المفهوم يلزم معرفة المعنى اللغوى للتكافل الاجتماعى وكذلك معناه عند العلماء والباحثين فى الفكر الإسلامى حتى يمكن من خلال ذلك استنباط السمات الأساسية والتى يلزم توافرها فى مفهوم التكافل الاجتماعى .

أولاً : المعنى اللغوى للتكافل .
وردت مشتقات لفظ التكافل فى اللغة والقرآن الكريم والسنة النبوية بالعديد من المعانى ولكن الباحث سوف يركز على أهم هذه المعانى والتى تتوافق مع مضمون التكافل الاجتماعى فى الإسلام .

لفظ التكافل مشتق من مادة كفل وهى بمعنى الإعالة والنصيب والضمان ( ) كما وردت مشتقات هذا اللفظ فى العديد من آيات القرآن الكريم ومن أشهر معانيه التى وردت فى القرآن الكريم الالتزام بالإعالة والحضانة والتربية( ) ، قال تعالى : ﴿ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ ﴾ ( ) ، أى يلتزم بإعالتها وحضانتها وتربيتها كما وردت مشتقات هذا اللفظ فى العديد من الأحاديث ومن أهم معانيه فى الحديث هو تأكيد لمعنى الالتزام بالإعالة والحضانة والتربية ، ومن قوله ( ) ” أنا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنة وله ولغيره ” ( ) وضم الرسول ( ) إصبعيه السبابة والإبهام .
يخلص الباحث مما سبق أن سمات لفظ التكافل فى اللغة والقرآن والسنة تتمثل فى كافل ومكفول وحاجات الكافل للمكفول ، وتحقيق هذه الحاجات هو التزام على الكافل تجاه المكفول.

ثانياً : مفهوم التكافل الاجتماعى عند العلماء والباحثين فى الفكر الإسلامى .
اختلفت وجهات نظر العلماء والباحثين للتكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى بين مضيق يقصره على تلبيه الجانب المادى فقط وموسع بحيث يشمل الجانب المادى والمعنوى وهذه النظرة هى التى تتوافق مع المعنى اللغوى للتكافل الاجتماعى ، وسوف يناقش الباحث بعض التعريفات للتكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى من حيث تحديدها للكافل والمكفول والحاجات التى يلبيها الكافل للمكفول ومسئولية المكفول عن تلبيه هذه الحاجات هل هى على سبيل الإلزام أو التطوع … ومن هذه التعريفات .

عرفه الشيح محمد أبو زهرة بأنه ( ) ” أن يكون أحاد الشعب فى كفالة جماعتهم وأن يكون كل قادر أو ذو سلطة كفيلاً فى مجتمعه يمده بالخير وأن تكون كل القوى الإنسانية فى المجتمع متلاقية فى المحافظة على مصالح الآحاد ودفع الأضرار ثم فى المحافظة على دفع الإضرار عن البناء الاجتماعى وإقامته على أسس سليمة “، يتمثل الكافل فى هذا التعريف فى الجماعة والقادر وذو السلطان والقوى الإنسانية ، والمكفول هو آحاد الشعب ، والحاجات المكفولة هى المحافظة على مصالح الآحاد ودفع الأضرار عنها وكذلك دفع الأضرار عن البناء الاجتماعى ، ولم يحدد التعريف طبيعته مسئولية الكافل عن إشباع حاجات المكفول .

وعرفه الشيخ شلتوت بأنه ( ) ” لازم من لوازم الأخوة ، بل هى أبرز لوازمها وهو شعور الجميع بمسئوليه بعضهم عن بعض وأن كل واحد منهم حامل لتبعات أخيه ومحمول على أخيه يسأل عن نفسه ، ويسأل عن غيره ” يحدد هذا التعريف أن الكافل والمكفول هو كل أفراد المجتمع وطبيعة المسئولية تقوم على الالتزام ولم يحدد التعريف طبيعة الحاجات التى يحققها الكافل للمكفول .

وعرفه أحد العلماء بأنه ” تضامن أبناء المجتمع وتساندهم فيما بينهم سواء أكانوا أفراد أو جماعات حكاماً أو محكومين على اتخاذ مواقف إيجابية كرعاية اليتيم أو سلبية كتحريم الاحتكار بدافع من شعور وجدانى عميق ينبع من أصل العقيدة الإسلامية ليعيش الفرد فى كفالة الجماعة وتعيش الجماعة بمؤازرة الفرد حيث يتعاون الجميع ويتضامنون لإيجاد المجتمع الأفضل ودفع الضرر عن أفراده ( ) يتضح من هذا التعريف أن الكافل والمكفول هو الجماعة والفرد والحاجات المكفولة تتمثل فى إيجاد المجتمع الأفضل ودفع الضرر عن أفراده وهناك تعريفات أخرى كثيرة لا تختلف فى مضمونها عن التعريفات السابقة ( ) .

ثالثاً : مفهوم التكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى .
يخلص الباحث مما سبق أن مفهوم التكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى يعنى التزام الأفراد والدولة والمجتمع عن إشباع الحاجات المادية والمعنوية لكافة أفراد المجتمع .

ويتضح من التعريف السابق أن السمات الأساسية للتكافل الاجتماعى فى الإسلام تتمثل فى الآتى :

(1) ـ يتمثل الكافل فى الفرد والدولة والمجتمع وذلك كما يأتى :
ـ الفرد مسئول عن إشباع الحاجات المادية له ولمن يعول ، كما أنه مسئول عن إشباع الحاجات المعنوية له ولغيره .

ـ الدولة مسئولة عن إشباع الحاجات المادية لغير القادرين بالموارد المخصصة لذلك حيث أن دورها فى ذلك يبدأ بعد عجز قدرة الفرد ، ومسئولة عن تنظيم إشباع الحاجات المعنوية لكافة أفراد المجتمع .

ـ المجتمع مسئول عن إشباع الحاجات المادية لغير القادرين فى حالة عدم قيام الدولة بدورها أو فى حالة عدم كفاية الموارد المخصصة لذلك ، كما انه مسئول عن إشباع الحاجات المعنوية لكافة أفراد المجتمع .

(2) ـ يتمثل المكفول فى كافة أفراد المجتمع وذلك لأن كافة أفراد المجتمع ( الغنى والفقير ) فى حاجة إلى إشباع حاجاتهم المعنوية بواسطة الآخرين ، كما أن أفراد المجتمع الفقراء يحتاجون لإشباع حاجاتهم المادية .

(3) ـ تتمثل الحاجات التى يكفلها الكافل للمكفول فى إشباع الحاجات المادية والمعنوية للمكفول وهناك ارتباط بين إشباع الحاجات المادية والمعنوية ولذلك يشير أحد العلماء أنه كثيراً ما يرتبط نشاط تكافلى إجراء تكافلى مادى بآخر معنوى أو يتكامل إجراء تكافلى كبير بآخر صغير حتى يبدو الكبير فى غياب الصغير وكأنه لا قيمة له فالتكافل فى دفن ميت قد يفقده مغزاه إذا لم يقترن بمشاعر المواساة ، وإنقاذ حياة مريض أو مصاب قد يفقد الكثير من أثره إذا افتقد إلى الابتسامة ورفع الروح المعنوية وعدم تخليص الصدقة من الأذى يفقدها قيمتها وثوابها  .

(4) ـ مسئولية الكافل عن إشباع حاجات المكفول مسئولية إلزامية وليست تطوعية ويؤيد ذلك الكثير من الآيات والأحاديث فى هذا الشأن منها قوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾( ) فالأمر الوارد يدل على الوجوب والبر يشمل كافة وجوه الخير ، ومن السنة قوله ( ) : ” أيما أهل عرصه أصبح فيهم أمرؤ جائع فقد برئت منهم ذمه الله تبارك وتعالى ”  ، وما يؤيد ذلك أيضاً إجماع الصحابة رضوان الله عليهم على الإجراءات التى اتخذها سيدنا عمر فى عام الرمادة عندما أخذ فضول الأغنياء والأقاليم ووزعها على ذوى الحاجات وقال : ” إنى حريص على ألاّ أدع حاجة إلاّ سددتها ما اتسع بعضنا لبعض فإذا عجزنا تأسينا فى عيشنا حتى نستوى فى الكفاف”.

(1/2) ـ نطاق التكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى .
أولاً : نطاق التكافل الاجتماعى من حيث الحاجات .
تتمثل الحاجات التى يحققها نظام التكافل الاجتماعى للأفراد فى المجتمع فى الآتى :

(أ) ـ الحاجات المادية .
ويتولى القادر مسئولية توفير هذه الحاجات له ولمن يعول ، ولكن الفرد غير القادر فيقع على الدولة أو المجتمع عبء توفير هذه الحاجات ، وتتمثل هذه الحاجات فى الآتى :

1 ـ الغذاء الملائم : ويجب أن يكون طيباً ويتجنب منه الإسراف والتبذير .
2 ـ الملبس : ويتوفر للفرد كسوتان فى العام أحدها للصيف والأخرى للشتاء .
3 ـ المسكن : ويكون مشتملاً على ما تحتاج الأسرة إليه من أثاث ومتاع .

4 ـ التعليم : ومما يدل على أهميته أن رسول الله ( ) جعل من تعليم الأسير لعدد من المسلمين القراءة والكتابة سبباً من أسباب العفو عنه ، ولقد كان الأسير يفتدى بأربعة آلاف درهم ( ) .

5 ـ الرعاية الصحية : حيث يتوفر للفرد داخل المجتمع سبيل للعلاج إذا مرض هو وأحد أفرد أسرته ولا يترك فريسة للمرض ، توفر الدولة للأفراد الرعاية التى تؤدى إلى حمايتهم من الأمراض .

6 ـ وسيلة انتقال : ويؤيد ذلك ما روى عن رسول الله ( ) أنه قال ” من ولى للناس عملاً وليس له منزلاً فليتخذ منزلاً ، أو ليست له زوجة فليتزوج ، أو ليس له خادم فليتخذ له خادم ، أو ليس له دابة فليتخذ دابة ، ومن أصاب شىء غير ذلك فهو غال ” (.

7 ـ الزواج : ولذلك قرر الفقهاء أن من تمام الكفاية ما يأخذه الفقير ليتزوج به إذا لم تكن له زوجة واحتاج إلى النكاح، وقال بعض الفقهاء أنه إذا لم تكفه زوجة واحدة زوج اثنين لأنه من تمام الكفاية  .

8 ـ قضاء الديون : لقوله ( ) : ” أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن توفى وعليه دين فعلى قضاءه ومن ترك مالاً فلورثته ” .

9 ـ أدوات الحرفة : حيث أشار الفقهاء إلى حق الفرد المحتاج الذى يتقن حرفة أو مهنة فى توفير أدوات الحرفة قلت قيمة ذلك أو كثرت .

10 ـ مؤنه الخادم لمن يحتاج إليه : نظراً لأن بعض الأفراد يعجزون عن خدمة أنفسهم وهؤلاء إذا تركوا بدون توفير خادم لهم فإنهم يتعرضون للمشقة الشديدة المرفوعة بنص الشارع وقد يتعرض المرضى للهلاك لذلك فإن توفير الخادم لهم يعتبر حقاً من حقوقهم .

(ب) ـ الحاجات المعنوية .
لا يقتصر التكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلام على الحاجلات المادية فقط وإنما يمتد إطاره ليشمل الحاجات المعنوية وتتعدد وتتنوع الحاجات المعنوية ويصعب حصرها ، ومن هذه الحاجات المعنوية ما يلى  :

سيادة الود والرحمة والألفة والإخلاص والنصحية والتواصى بالصبر ة والرحمة وإجابة الداعى وعيادة المريض السماحة فى المعاملات والقضاء ، كظم الغيظ وحسن الخلق وطلاقه الوجه ، إفشاء السلام ، التواضع والمروءة ، عفة اللسان ، كف الجوارح عن الأذى ستر العيب والعورة ، إصلاح ذات البين ، الصدق فى القول ، الوفاء بالوعود والعهود أداء الأمانة، صيانة الحقوق .

ثانياً : نطاق التكافل الاجتماعى من حيث الأفراد المكفولين .
يشمل التكافل الاجتماعى كافة أفراد المجتمع ويتم تقسيمهم إلى :
(أ) ـ أفراد قادرين على إشباع حاجاتهم المادية وبالتالى فإن هؤلاء الأفراد يتم إشباع حاجاتهم المعنوية من خلال نظام التكافل الاجتماعى .

(ب) ـ أفراد غير قادرين على إشباع حاجاتهم المادية وهؤلاء الأفراد يتم إشباع حاجاتهم المادية والمعنوية من خلال نظام التكافل الاجتماعى .
(1/3) ـ صيغ التكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى .

تتمثل صيغ التكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى فى الآتى :

أولاً : التكافل الاجتماعى المعاشى .
(أ) ـ مفهومة .
التزم الدولة والمجتمع عن إشباع الحاجات المادية للأفراد غير القادرين ويساعد هذا النوع من التكافل الاجتماعى فى زيادة الإشباع الكلى من ذات الدخل وذلك عن طريق تحويل دخول ذات منفعة حدية منخفضة إلى دخول ذات منفعة حدية أعلى مما يضاعف من الإشباع لهذا الإنفاق التحويلى .

(ب) ـ مقومات تحقيق التكافل الاجتماعى المعاشى .

تتمثل مقومات تحقيق هذا النوع من التكافل الاجتماعى فى الآتى :
1 ـ الموارد المالية المخصصة لإشباع الحاجات المادية لغير القادرين وسوف تناقش بالتفصيل فى المبحث الثانى من هذا البحث .

2 ـ الوسائل المختلفة المستخدمة لإشباع حاجات غير القادرين وسوف تناقش بالتفصيل فى المبحث الثالث من هذا البحث .

والشكل التالى يوضح نظام التكافل الاجتماعى المعاشى من حيث الكافل والمكفول والحاجات .

التكافل الا¬¬جتماعى المعاشى

ثانياً : التكافل الاجتماعى المعنوى .

(أ) ـ مفهومة .
التزم الأفراد الدولة والمجتمع بإشباع الحاجات المعنوية لكافة أفراد المجتمع وهذا النوع من التكافل الاجتماعى يجعل كل فرد فى المجتمع كافل ومكفول فى نفس الوقت لآن التكافل فى هذه الحالة من التفاعل وهو المشاركة من الجانبين المتكافلين ، ويكون طرفاً التكافل هما كل فرد على حده مقابل الفرد الآخر وكل فرد تجاه مجتمعه ، وكل مجتمع تجاه أفراده متفردين ومجتمعين .

(ب) ـ مقومات تحقيق التكافل الاجتماعى المعنوى .
1 ـ مصادره ( موارده ) ويتمثل أهمها فى :
ـ الأوامر والنواهى الواردة فى الكتاب والسنة والتى تأمر المسلم بحسن معاملة الآخرين وتنهاه عن سوء التعامل معهم

ـ الحدود والعقوبات التى وضعتها الشريعة الإسلامية للمسىء للآخرين .
ـ القوانين والنظم التى تضعها الدولة ولا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ونظم علاقات الأفراد بعضهم البعض .

ـ القواعد الفقهية التى استنبطها الفقهاء والتى تنظم علاقات الأفراد .
2 ـ وسائله : وتتمثل أهم وسائل تحقيق التكافل المعنوى فى الآتى :
ـ الآيات والأحاديث الواردة والتى توضح طريقة تعامل الأفراد مع بعضهم البعض .

ـ القوانين والنظم التى تضعها الدولة ولا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وتوضح طريقة التعامل بين أفراد المجتمع وتوضح طريقة إشباع الحاجات المعنوية .

ـ الضوابط الفقهية التى استنبطها العلماء وتوضح طريقة إشباع الحاجات المعنوية بين الأفراد .

والشكل التالى يوضح نظام التكافل المعنوى من حيث الكافل والمكفول والحاجات .

التكافل الاجتماعى المعنوى

ثالثاً : التكافل الاجتماعى للقادرين .
ويتمثل فى مسئولية هؤلاء عن إشباع حاجاتهم المادية بما لديهم من ثروة ـو دخل ، وكذلك مشاركتهم مع الآخرين فى إشباع الحاجات المعنوية لكل منهم .

ويعتبر كفالة هؤلاء الأفراد لحاجاتهم المادية هى الأساس فى هذا النوع من التكافل الاجتماعى لأنه لا يتصور تكافلاً يكون فيه كل الناس مكفولين لحاجاتهم المادية ، وهذا النوع من التكافل يشكل خط الدفاع الأول فى مرحلة التكافل الاجتماعى وكلما كان هذا الخط حصيناً ندرت الحالات القادرة على تخطيه وسهلت بذلك مهمة الخط الثانى فى التصدى لها ( ) .

رابعاً : التكافل الاجتماعى لغير القادرين .
ويتمثل فى مسئولية الدولة والمجتمع عن إشباع الحاجات المادية لهؤلاء الأفراد وكذلك مسئوليتهم مع غيرهم من أفراد المجتمع فى إشباع الحاجات المعنوية لكل منهم فلا يوجد فقير أو محتاج لا يملك التبسم فى وجه إخوانه ، ولذلك فإن الجميع من أفراد المجتمع (قادر أو غير قادر) قادر على العطاء كل بحسبه ، وبالتالى فلا يوجد أحد كافل صرف ، ولا أحد مكفول محض وإنما الجميع يعطى ويأخذ ( ) .

المبحث الثانى
الموارد المالية للتكافل الاجتماعى فى ضوء الفكر والتطبيق الإسلامى

تتعدد وتتنوع الموارد المالية للتكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى وسوف يركز الباحث على الموارد المالية للتكافل الاجتماعى لغير القادرين ، وتتمثل هذه الموارد المالية فى الآتى :

(2/1) ـ نفقات الأقارب .
أولاً : طبيعة نفقات الأقارب .
(أ) ـ مفهوم نفقات الأقارب .
النفقة لغة : اسم لعين المال الذى ينفقه الإنسان على عياله  .
وإصطلاحاً : عرفها صاحب سبل السلام بأنها هى الشىء الذى يبذله الإنسان فيما يحتاجه هو أو غيره من الطعام والشراب وغيرها .
(ب) ـ شروط وجوب نفقات الأقارب .
وضع الفقهاء عدة شروط يجب توافرها لوجوب نفقة القريب على قريبة وتتمثل هذه الشروط فى الآتى :

1 ـ أن يكون القريب الذى يطالب بالنفقة محتاجاً إليها .

2 ـ عجز من يطالب النفقة ( ما عدا نفقة الأب على إبنه ) ويتمثل العجز فى الحالة التى يكون فيها الفرد غير مستطيع للعمل ويلحق بالعجز الصغير ، والمرض المقعد عن الكسب، والأنوثة ( ولا تجبر على العمل ) ( ) ، وطالب العلم إذا كان من ذوى الأخلاق الحميدة وناجحاً فى مسيرته لطلب العلم ( ) .
3 ـ أن يكون القريب الذى يطلب منه النفقة على قريبة موسراً باستثناء الأبوين على ولدهما ونفقه الولد على أبوية ” وأختلف الفقهاء فى تقدير حد اليسار ” وتؤثر هذه الاختلا

فات على العبء الواجب فى الموارد الأخرى وكانت اختلافاتهم كالآتى :
ـ ذهب أبو يوسف إلى أن اليسار يقدر بملك النصاب فى الزكاة ( ) ، ويؤدى ذلك إلى أن من لديه ما يفضل عن قوته ولا يبلغ النصاب لا تجب عليه النفقة لقريبة ، ويؤدى ذلك لزيادة العبء فى الموارد المالية الأخرى .

ـ وذهب الشافعية والحنابلة ومحمد (صاحب أبى حنيفة) أن يكون لديه مال أو يكتسب ما يفضل عن حاجته ( ) ويؤدى ذلك لقلة العبء الواجب فى الموارد الأخرى حيث يؤدى هذا الرأى للتوسع فى نفقات الأقارب ويميل الباحث لهذا الرأى .

(جـ) ـ تحديد درجة القرابة الموجبة للنفقة .
اختلف الفقهاء فى تحديد درجة القرابة الموجبة للنفقة ، ويؤثر ذلك على العبء على الموارد المالية الأخرى للتكافل الاجتماعى ، وكانت اختلافاتهم على النحو التالى :

1 ـ يرى المالكية أن النفقة الواجبة عندهم هى للأبوين والأبناء فقط حيث أن نفقة الآباء واجبة على أبنائهم ونفقة الأبناء واجبة على أبويهم ولا نفقة عندهم للأجداد والجدات ولا لأبناء الأبناء ( ) ، ويؤدى ذلك إلى زيادة العبء على الموارد المالية الأخرى ، حيث أن المحتاجين إذا لم يكن لديهم أباء أو أبناء موسرين فإنه يجب إشباع حاجاتهم من خلال الموارد المالية الأخرى ولو كان لديهم أقارب كالأجداد أو أبناء الأبناء موسرين .

2 ـ يرى الشافعية أنه تجب النفقة للأصول وإن علو فتكون واجبة على فروعهم الموسرين كما إنها واجبة للفروع وإن سفلوا فتكون واجبة على أصولهم الموسرين ( ) .. ويؤدى تطبيق هذا الرأى لتخفيف العبء على الموارد المالية الأخرى بالمقارنة بالرأى السابق حيث أن المحتاج إذا كان له جد موسر أو ابن ابن موسر فتجب نفقته عليهما فى حين وفقاً للرأى السابق تجب نفقته من الموارد الأخرى للتكافل الاجتماعى .

3 ـ يرى الحنفية أن القرابة الموجبة للنفقة هى القرابة المحرمية ولذلك فهم يوجبون النفقة للأصول على فروعهم والفروع على أصولهم ، كما يوجبون نفقة باقى المحارم كالأخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات أما غير المحارم كأبناء وبنات العم والخال فلا تجب نفقتهم ( ) ، ويؤدى هذا لتخفيف العبء على الموارد الملية الأخرى بالمقارنة بالرأى السابق حيث أن المحتاج إذا كان له أخ أو عم أو خال موسر وجبت نفقته عليهم ولا تجب من الموارد المالية الأخرى وذلك خلافاً للآراء السابقة ، ويلاحظ أن أكثر قوانين الأحوال الشخصية فى البلاد العربية ومنها مصر تأخذ بهذا الرأى ( ) .

4 ـ ويرى الحنابلة أن النفقة عندهم تشمل جميع القربات حتى غير المحرمية بشرط أن يكون المنفق وارثاً للمنفق عليه ( ) ، ولذلك فهى تجب لأبناء العم فى حين أن الرأى السابق لا يوجبها مما يؤدى لتخفيف العبء على الموارد الأخرى وفقاً لهذا الرأى ، ويأخذ قانون الأحوال الشخصية فى المملكة العربية السعودية بهذا الرأى ( ) .

(د) ـ تقدير نفقات الأقارب .
يرى جمهور الفقهاء أن نفقة القريب تتمثل فى إشباع الحاجات الآتية عند مستوى الكفاية ( ) وهذه الحاجات هى:
1 ـ الغذاء والماء .
2 ـ الكسوة للشتاء والصيف .
3 ـ الخادم لمن يعجز عن خدمة نفسه .
4 ـ المسكن وما يتبعه من أثاث وفرش .
5 ـ تزويج من يحتاج للزواج .
6 ـ نفقه زوجته وعياله .

ثانياً : دور نفقات الأقارب فى تحقيق التكافل الاجتماعى .
يسهم نظام نفقات الأقارب فى تحقيق التكافل الاجتماعى وإشباع الحاجات الأساسية للأفراد المحتاجين داخل الأسرة الواحدة ، إذ أنه يعطى صورة صادقة لتألف الأسرة وتعاونها ومدى كفالة أفرادها لبعضهم البعض ، ويسهم هذا النظام فى تخفيف العبء على الموارد المالية الأخرى للتكافل الاجتماعى حيث أن مسئولية الدولة عن إشباع الحاجات الأساسية للأفراد المحتاجين لا يتم إلاّ بعد التأكد من عدم وجود أقارب موسرين لهذا المحتاج ، ولذلك فإنه بمقدار تنفيذ كل فرد لما يجب عليه من نفقه على أقاربه بمقدار ما يتحقق مثله من التضامن والشعور بالأخوة والإحسان والكرامة وهذه أهداف يعمل على تحقيقها نظام التكافل الاجتماعى .

ويحق للقريب فى حالة عدم قيام أقاربه الموسرين بالإنفاق عليه برفع الأمر للقاضى ليحكم له بها ثم يلزمه القاضى بدفعها ، لذلك يمكن لإدارة التكافل الاجتماعى المعاشى مقاضاة هؤلاء الأقارب نيابة عن المحتاجين وأن تسترد ما أنفقته عليهم من هؤلاء الأقارب كما أن تقصير هؤلاء الأقارب دون مبرر يعتبر ظلم يحاسب عليه فى الدنيا والآخرة لقوله (  ) : “كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته ” ( )، ويقول أحد العلماء : ” إضاعة النفقة ومنعها من الزوجة أو غيرها من المستحقين من أكبر الكبائر وأقبح الظلم وأفحشه ” ( ) يتضح من هذا مدى مسئولية الأقارب الموسرين عن تحقيق التكافل الاجتماعى للأقارب المحتاجين .

(2/2) ـ زكاة المال .
أولاً : مفهوم زكاة المال .
(أ) ـ معنى زكاة المال .
لكلمة الزكاة عدة معان منها : الطهارة ، والنماء ، والبركة ، والمدح واستعمل هذا كله فى القرآن الكريم ( ) .

وفى الشرع تعددت تعاريفها عند الفقهاء وعلماء المسلمين بحسب تعدد وجهات النظر إليها من حيث المكلفين بها ، والمال الخاضع لها ، وسلطة فرضها ومن التعاريف الجامعة لها، ما ذكره الماوردى بأنها : ” اسم لأخذ شىء مخصوص من مال مخصوص على أوصاف مخصوصة لطائفة مخصوصة ( ) ” ولقد تضافرت الأدلة الشرعية على فرضيتها من القرآن الكريم والسنة والإجماع وهى نوع من الصدقات ، وسميت زكاة لأنه تزكوا بها نفس المعطى ونفس الأخذ وتزكوا بها الأموال كما تزكوا بها العلاقات بين الناس وبينهم وبين خالقهم ، وهناك شروط يجب توافرها فى الفرد الخاضع للزكاة ، وشروط أخرى يجب توافرها فى المال حتى يخضع للزكاة ( ) .

(ب) ـ الأموال الخاضعة للزكاة .
ترتبط حصيلة الزكاة بنوعيه الأموال التى تخضع للزكاة واختلف الفقهاء والعلماء حول تفصيل الأموال الخاضعة للزكاة بين مضيق وموسع ووفقاً لأحد الآراء فإنه حصيلة الزكاة يمكن أن تصل إلى أكثر من 8 % من الناتج المحلى ( ) .

ومن الفقهاء من يرى أن الزكاة لا تجب إلاّ فى الأموال التى كانت مفروضة فى عهد الرسول ( ) وهى النقود السوائم ، الزروع والثمار ( ) ، وكثير من الفقهاء والعلماء مثل أبو حنيفة ، والشيخ أبو زهرة ، والشيخ الغزالى والدكتور يوسف القرضاوى ، يرون أن الزكاة لا تجب فى هذه الأموال فقط بل تجب فى غيرها من الأموال للأسباب الآتية ( ) :

1 ـ إن علة فرض الزكاة فى الأموال السابقة النماء ( حقيقة أو تقديراً ) ولذلك تجب الزكاة فى أى مال أخر تتحقق فيه علة النماء .
2 ـ نصوص القرآن الكريم لم تحدد مال دون آخر .

3 ـ تحقيق للغاية من تشريع الزكاة فى محاربة الفقر .

ويترتب على ذلك أن الأموال التى تخضع للزكاة تتمثل فى الآتى :

1 ـ الزروع والثمار وتفرض على كل ما تنتجه الأرض .

2 ـ الثروة النقدية وما يلحق بها من النقود مثل الأسهم والسندات والصكوك وشهادات الاستثمار .

3 ـ عروض التجارة والصناعة .

4 ـ الأنعام والثروة الحيوانية 

5 ـ الثروة المعدنية والبحرية .

6 ـ كسب العمل بنوعية .

7 ـ المستغلات ( إيرادات الموجودات الثابتة مثل العمارات ، المصانع .. ألخ ) .
8 ـ كل ما يستحدث من أموال وتتحقق فيه عله الخضوع للزكاة وهى النماء .

ويلاحظ أن قوانين الزكاة المطبقة فى بعض الدول وكذلك أحكام الزكاة التى تأخذ بها المؤسسات التطوعية تذهب إلى التوسع فى تفسير الأموال الخاضعة للزكاة ( ) .

ولكل نوع من أموال الزكاة نصابها وأسس وقواعد لحسابها ، واختلف العلماء المعاصرون فى كيفية حساب الزكاة على الأموال المستحدثة وترتب على ذلك اختلاف التطبيق فى بعض الدول الإسلامية وقد كان لجهود الهيئة الشرعية العالمية للزكاة والمعهد الإسلامى للبحوث والتدريب التابع للبنك الإسلامى للتنمية دور كبير فى عقد الكثير من المؤتمرات والندوات التى دعى إليها علماء الشريعة وأساتذة المحاسبة والاقتصاد المهتمين بالفكر الإسلامى وكان لذلك أثره الكبير فى تقليل هذه الاختلافات ووضع إطار لمحاسبة زكاة هذه الأموال .

ثانياً : دور الزكاة فى تحقيق التكافل الاجتماعى .
تعتبر الزكاة أحد الموارد الأساسية لتمويل التكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى كما أن الهدف الرئيسى للزكاة يتمثل فى إغناء الفقراء ، وهناك خلاف بين العلماء والباحثين فى تحديد مستحقى التكافل الاجتماعى من مصارف الزكاة الثمانية ،

فمنهم من يرى أن مستحقى التكافل الاجتماعى الذين يدخلون ضمن مصارف الزكاة هم ( الفقراء ، المساكين ، الغارمون ، ابن السبيل ) ( ) وذلك بالإضافة لسهم العاملين عليها باعتباره الجهاز المسئول عن إدارة التكافل الاجتماعى ووفقاً لهذا الرأى يمثل مستحقى التكافل الاجتماعى 62.5% من مصارف الزكاة .

فى حين يضيف آخرون سهم فى الرقاب ضمن مستحقى التكافل الاجتماعى لأنه \من الفقراء المحتاجين عند توزيع الزكاة ( ) ، ويميل الباحث لهذا الرأى ويمثلهم فى الوقت الحالى الأسرى والمعتقلين فى سبيل الله ، ووفقاً لهذا الرأى يمثل مستحقى التكافل الاجتماعى 75% من مصارف الزكاة .

وهناك خلاف بين الفقهاء والعلماء فى نسبة حصيلة الزكاة التى توجه لتمويل التكافل الاجتماعى فهناك من يرى بأن يتم توزيع الزكاة على جميع الأصناف الثمانية وأن تتم التسوية بينهم فى قدر المصروف ( ) ، وبالتالى يكون نصيب التكافل الاجتماعى وفقاً لهذا الرأى 75% من حصيلة الزكاة .

وهناك من يرى أنه يجوز توزيع حصيلة الزكاة كلها لبعض الأصناف إذا كانت هناك حاجة تقضى ذلك ، كما يرى أصحاب هذا الرأى أنه فى حالة توزيعها على كافة الأصناف فلا يلزمه التسوية بينهم ( ) ويقول أبو عبيد ( ) : ” أن الإمام مخير فى الصدقة فى التفريق فيهم جميعاً وفى أن يخص بها بعضهم دون بعض إذا كان على وجه الاجتهاد ومجانية الهوى والميل عن الحق ” ويقول الشيخ رشيد رضا ( ) : ” ينبغى لجماعة الشورى من أهل الحل والعقد أن يضعوا فى كل عصر وقطر نظاماً لتقديم الأهم فالمهم إذا لم تكف الصدقات الجميع ليمنعوا السلاطين والأفراد من التصرف فيها بأهوائهم وذلك أن بعض الأصناف يوجد فى بعض الأزمنة والأمكنة دون بعض كما أن درجات الحاجة تختلف “ .

ويرى الباحث إنه يمكن تخصيص كافة حصيلة الزكاة لتمويل التكافل الاجتماعى إذا لم يكن هناك فائض فى موارده ، وإذا كان هناك فائض يتم توجيه نسبة من حصيلة الزكاة للمصارف الأخرى .

ويرجع اختيار الباحث لهذا الراى للأسباب الآتية :
1 ـ عناية الإسلام واهتمامه بالقضاء على أسباب الحاجة والعوز لأن الرسول ( ) لم يذكر فى بعض الأحاديث من أصناف المستحقين إلاّ الفقراء والمساكين .

2 ـ يلزم تمويل عجز موارد التكافل الاجتماعى من الموازنة الأساسية للدولة ولا يكون ذلك ديناً على موارد التكافل الاجتماعى ولذلك يقول الإمام محمد بن الحسن الشيبانى أنه يجب على الإمام أن يتقى الله فى صرف الأموال إلى المصارف فلا يدع فقيراً إلاّ أعطاه حقه من الصدقات حتى يغنيه وإن احتاج بعض المسلمين وليس فى بيت مال الصدقات شىء أعطى الإمام ما يحتاجون إليه من بيت مال الخراج ولا يكون ذلك ديناً فى بيت مال الصدقة ( ) .
3 ـ توجيه حصيلة الزكاة للتكافل الاجتماعى من شأنه القضاء على الفقر تدريجياً خلال فترة بسيطة حيث أن حصيلة الزكاة تعمل على إغناء المحتاجين بحيث لا يحتاجون للزكاة مرة أخرى عن طريق إمدادهم بوسائل الإنتاج وتدريبهم على الحرف ، ومما يؤيد هذا ما حدث فى عهد عمر بن عبد العزيز أنه لم يوجد فقير يأخذ الزكاة .

4 ـ حجم الفقر وانتشاره فى الدول الإسلامية يوجب على أولى الأمر ترجيح سهم الفقراء والمساكين حيث يعيش ما يقرب من 25% من سكان منظمة العالم الإسلامى تحت خط الفقر .

5 ـ تأخذ معظم إدارات الزكاة الإلزامية والتطوعية بهذا الرأى حيث توجه كل حصيلة الزكاة فى السعودية للتكافل الاجتماعى ( ) ، كما أن قانون الزكاة فى باكستان يقرر توزيع 90% من حصيلة الزكاة على الفقراء والمحتاجين ، 10 % للمصروفات الإدارية كما أن بيت الزكاة فى الكويت يخصص كل حصيلة الزكاة لتمويل احتياجات الفئات الفقيرة ( ) .

(2/3) ـ زكاة الفطر .
هى الزكاة التى سببها الفطر بعد رمضان ويطلق عليها الفقهاء زكاة الرؤوس أو الرقاب أو الأبدان ( ) ، وتعتبر بمثابة ضريبة على الأشخاص والواقعة المنشئة لها حلول عيد الفطر ، وهى فريضة عند جمهور الفقهاء .

قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن صدقة الفطر فرض ( ) ويدل على ذلك ما رواه ابن عمر  قال فرض رسول الله (  ) زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين ( ) وهى تجب على كل من يملك قوت يومه وليلته وقدرها صاع من طعام عن كل شخص من المسلمين كبيراً أو صغيراً ، ذكراً أو أنثى غنياً أو فقيراً ( ) ، ويجوز إخراج القيمة ويتوقف ذلك على مدى انتفاع الفقير بما يدفع إليه ( ) .

ثانياً : دور زكاة الفطر فى تحقيق التكافل الاجتماعى .
تخصص حصيلة زكاة الفطر لتمويل التكافل الاجتماعى لذلك روى عن ابن عباس قال قال رسول الله (  ): ” زكاة الفطر طهره للصائم من اللغو والرفث وطعمه للمساكين فمن أداها قبل صلاة العيد فهى زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات”( ) .

ويلاحظ أنها تجب فى وقت تزداد فيه نفقات الأسر المسلمة وذلك لقدوم العيد فاقتضت حكمة الله بفرضها فى هذا الوقت لإغناء الفقراء والمحتاجين فى هذا اليوم حتى يشعروا بأن المجتمع لم يهمل أمرهم ولم ينسهم فى أيام سرورهم وبهجتهم .

(2/4) ـ الفرائض المالية على غير المسلمين فى بلاد الإسلام .
تعتبر الدولة مسئولة عن تحقيق التكافل الاجتماعى لكل فرد يعيش فى المجتمع المسلم سواء كان مسلماً أو ذمياً ونظراً لأن الزكاة تعتبر من أهم موارد التكافل الاجتماعى وهى فرض على المسلمين وغير المسلمين مكلفين بدفع الجزية وفى حالة قيامهم بدفع الجزية فإن جزء من حصيلتها كان سيوجه لتمويل التكافل الاجتماعى ونظراً لعدم قيامهم بدفع الجزية فى الوقت الحالى والتزام المسلمين بدفع الزكاة فإن ذلك يعنى زيادة العبء على المسلمين ،

لذلك يرى الكثير من العلماء والباحثين بفرض ضريبة تكافل إجتماعى على أهل الذمة تعادل مزايا التكافل الاجتماعى التى تمنح لهم فى حالة تطبيق نظام التكافل الاجتماعى الإسلامى تتعادل فى قيمتها وأسس حسابها مع الزكاة ، ويمكن فرض ضريبة تأمين اجتماعى على كل فرد منهم مقيم فى المجتمع صغيراً أو كبيراً عاقلاً أو غير عاقل تكون قيمتها مساوية لزكاة الفطر المفروضة على المسلمين ( )

ويلاحظ أن المشروع المصرى فى عام 83/1984م بشأن الزكاة أعد مشروع قانون للتضامن الاجتماعى بفرض ضريبة على المواطنين غير المسلمين بذات أحكام الزكاة ( ) ويؤيد ذلك أن سيدنا عمر بن الخطاب صالح بنى تغلب على أن يأخذ منهم الزكاة مضاعفة وترك الجزية لما رأى من نفورهم وأنفهم منها فلم يأمن شقاقهم ولحاقهم بالروم فيكونوا عوناً لأعداء المسلمين ، ويلاحظ أن أهل الذمة يأنفوا من الخضوع للجزية بحجة أنهم متساوون مع المسلمين فى المواطنة فلا يخضعون لما لا يخضع له المسلمون كما أن الخوف منهم على المسلمين لا يقل عن تخوف عمر من بنى تغلب ( ) .

كما يلاحظ أن الجزية تدفع مقابل أمرين ( ) :
ـ عدم تكليف أهل الذمة المقيمين فى دار السلام بالجهاد .
ـ مقابل الزكاة التى يدفعها المسلمون .

وحيث أن المواطنين يشتركون جميعاً فى الدفاع عن الوطن لا فرق بين مسلم وغير مسلم لذلك يمكن تطبيق نظام موحد للزكاة يخضع له المسلم وغير المسلم تخصص موارده لتحقيق التكافل الاجتماعى لجميع المواطنين مع ملاحظة أن المسلم مكلف بدفع الزكاة عبادة لله  ولكن غير المسلم مكلف بدفعها على أنها ضريبة تقتضيها ظروف المجتمع .

(2/5) ـ الوقف الخيرى .
أولاً : طبيعة الوقف الخيرى .
(أ) ـ معنى الوقف .
الوقف فى اللغة بمعنى الحبس ( ) .
وفى الإصطلاح : ” حبس العين وتسبيل ثمرتها أو حبس عين للتصدق بمنفعتها ( ) “

(ب) ـ الأموال الموقوفة .
يجب أن يكون المال الموقوف متقوماً ومعلوماً وقت الوقف علماً تاماً بحيث لا تشوبه شائبة ، كما يجب أن يكون مملوكاً للواقف ملكاً ينفى الجهالة والنزاع وأن يكون مفرزاً غير شائع فى غيره ( ) ، ويميل العلماء فى الوقت الحالى للتوسع فى الأموال الموقوفة لذلك يشير أحد العلماء بقوله أصبح من الجائز ،

وقف كل شىء يمكن الانتفاع به مع بقاء أصله وكذلك وقف كل شىء تعارف أهل البلد على وقفه وزاد العلماء فى التوسع على الناس وفى اتساع نطاق الوقف فأفتوا بأن ما يتعارف على وقفه فى أى مكان بالدولة الإسلامية يجوز وقفه فى أى مكان آخر على أساس أن الدولة الإسلامية وحدة واحدة ( ) ، لذلك لا تخلوا توصيات الندوات المتعلقة بالوقف إلى الإشارة إلى ضرورة التوسع فى طبيعة الأموال الموقوفة ( ) ويؤدى ذلك لزيادة الموارد الوقفية وزيادة أثرها فى التكافل الاجتماعى وتنمية المجتمع .

ثانياً : دور الوقف فى تحقيق التكافل الاجتماعى .
تأتى إيرادات الوقف بعد الزكاة فى تمويل التكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى حيث دعا رسول الله ( ) إليه براً بالفقراء وعطفاً على المحتاجين ( ) ، ويعتبر الوقف الخيرى وسيلة فعالة لعلاج مشكلة الفقر لأن المسلمين كانوا يتتبعون مواطن الحاجان مهما دقت وخفيت ويقفون لها الأموال حتى انهم خصصوا أوقافاً لعلاج الحيوانات المريضة ( ) وما يدل على الدور الهام للوقف فى التكافل الاجتماعى وما يحفظه التاريخ الإسلامى من أموال التى كانت توقف لرعاية الأيتام ، والفقراء ، وابن السبيل ، وإطعام الجائع ، وعلاج المرضى والإنفاق على اللقطاء والمقعدين والعميان والعجزة ، والقرض الحسن للتجار ، وأوقاف تزويج الشباب ،

ورعاية الأرامل ، والمعسرين ، والأوقاف المخصصة للرعاية الطبية للمرضى وإنشاء المستشفيات ، والأوقاف المخصصة لإنشاء المدارس وتغطية نفقات معيشة الطلاب والمعلمين بالإضافة لوقف أدوات الزراعة ودواب الزراعة ( ) ، ونظراً لما تعرضت له الأموال الوقفية من تجاوزات وأخطاء أدت لاستيلاء الحكام على الأموال الموقوفة ، كما أن خضوع الأموال الموقوفة لسيطرة الإدارة الحكومية أدى إلى إحجام الكثير من الأفراد عن وقف أموالهم مما أدى لتقليل دور الوقف فى التكافل الاجتماعى لذلك كانت أهم التوصيات لندوات الوقف مايلى:

ـ ضرورة الاهتمام بدراسة العوامل السلبية التى طرأت على الوقف ومؤسساته فى العهود الأخيرة من تاريخ أمتنا( ) ومن التوصيات أيضاً وضع القوانين والنظم واللوائح التى تمكن الأوقاف من أداء وظيفتها فى تمويل أنشطة الدعوة الإسلامية وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية ( )ومن التوصيات أيضاً : ” التأكيد على خصوصية أموال الأوقاف وعدم صرفها إلاّ على الوجه الذى خصصت له وأن لا تتعدى عليها أى سلطة وأن يرد ما تم التصرف فيه من قبل بعض الدول ( ) .

ـ ويرى الباحث أن هناك علاقة مباشرة بين كفاءة استثمار الأموال الموقوفة وزيادة دور الوقف فى التكافل الاجتماعى حيث أن الكفاءة فى استثمار الأموال الموقوفة يؤدى لزيادة إيرادتها التى تمول التكافل الاجتماعى ومن ناحية يؤدى أيضاً لزيادة إقبال الأفراد على وقف أموالهم ويؤيد هذا زيادة الأموال التى تتدفق على الجهات التى تقدم خدمات اجتماعية للأفراد غير القادرين مثل جمعية مسجد محمود ( مركز الخدمات الاجتماعية حيث زادت موارد الجمعية من 1.611.000 جنيه عام 1990 إلى 4.427.000 جنيه عام 1993م ( ) .

(2/6) ـ الكفـــــارات .
أولاً : مفهوم الكفارات ( ) .
هى العقوبات التى قدرها الشرع على كل مسلم يرتكب ذنباً أو مخالفة شرعية عقوبة له وزجراً لغيره .

وتتنوع العقوبات حسب الفعل المخالف لشرع الله على النحو التالى :
1 ـ كفارة اليمين : وهى فى اليمين التى يحلفها الإنسان على أمر يفعله فى المستقبل فلاً يفعله أو أمر لا يفعله ففعله والعقوبات المفروضة ذكرها الله  بقوله : ﴿لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ﴾( ) ، يتضح من هذه الآية الكريمة أن كفارة اليمين تتمثل فى إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة والفرد مخير فى هذه الثلاثة وعند العجز عنها يلزمه صيام ثلاثة أيام .

2 ـ كفارة الإفطار عمداً فى رمضان : وتتمثل العقوبة فيما روى عن رسول الله ( ) ” أنه جاءه رجل فقال هلكت قال رسول الله (  ) : وما أهلكك ؟ ، قال وقعت إمرتى فى رمضان ، قال ( ) تجد رقبة ؟ ، فقال : لا قال (  ) : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ ، قال : لا ، قال ( ) : فهل تجد ما تطعم ستين مسكيناً؟ ، قال : لا ، ثم جلس السائل وأتى النبى ( ) بعرق تمر فقال تصدق بهذا فقال على أفقر منا يا رسول الله ؟ فو الله ما بين لابتيها أهل أحوج إليه منا فضحك ( ) حتى بدت أنيابه ثم قال أذهب فأطعمه أهلك( ) ” ، وهذه الكفارة واجبة عند جمهور الفقهاء ويرى الإمام مالك أنها تجب على التخيير وأفضلها الإطعام( ) .

3 ـ كفارة الإفطار بعذر فى رمضان : وغير قادر على الوفاء لمرض أو شيخوخة ، وتتمثل الكفارة فى إطعام محتاج عن كل يوم ( ) .

4 ـ كفارة الظهار : وهى الكفارة التى تجب على من يظاهر امرأته بأن يقول لها أنت على كظهر أمى فتحرم عليه حتى يكفر ظهاره وتتحدد الكفارة فى قول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾( ) .

يتضح من الآية الكريمة أن كفارة الظهار تكون على الترتيب الآتى تحرير رقبة ، فصيام شهرين متتابعين فى فإطعام ستين مسكيناً ، ويرى الإمام أبو حنيفة أن المظاهر إذا أطعم مسكيناً واحد ستين يوماً أجزأه وإن أعطاه فى يوم واحد لم يجزأه إلاّ عن يومه أو يطعم ستين مسكيناً مرة واحدة ( ) .

ثانياً : دور الكفارات فى تحقيق التكافل الاجتماعى .
تعتبر الكفارات أحد الموارد الهامة لتمويل التكافل الاجتماعى حيث يلاحظ من العرض السابق أن تكفير المخالفات الشرعية يتمثل بصفة أساسية فى إشباع حاجات الطعام والكساء للمحتاجين لذلك يشير أحد الباحثين إلى أن الإسلام جعل كفارة كثير من الذنوب إطعام الفقراء وكسوتهم وهذا مورد لتمويل مشاريع التكافل الاجتماعى ( ) .

ولذلك فإن للكفارات دوراً هاماً فى التكافل الاجتماعى حيث قد لا تكفى الموارد الأخرى لتأمين حاجات المحتاجين فى جميع الأوقات .

(2/7) ـ الصدقات التطوعية .

أولاً : مفهوم الصدقات التطوعية .
تمثل كل إنفاق غير مفروض ينفقه المسلم تقرباً لله وابتغاء مرضاته وهى عمل تطوعى يقوم به المسلم بدافع من حبه للخير ، وقد حث القرآن الكريم فى كثير من الآيات على هذا الإنفاق التطوعى منها قوله الله تعالى المسلمين للإنفاق التطوعى منها قوله تعالى : مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً  ( ) ، فمع أن المالك الحقيقى للمال هو الله ومع ذلك يدعو سبحانه وتعالى المسلمين للإنفاق فى سبيله ويكون ذلك من باب القرض يرده الله لـهـم أضعافاً كثيرة كما دعت السنة فى كثير من الأحاديث للتصدق قال رسول الله (): ” اتقوا النار ولو بشق تمرة ” ( ) .

ثانياً : دور الصدقات التطوعية فى التكافل الاجتماعى .

تسهم الصدقات التطوعية فى تحقيق التكافل الاجتماعى لأنها غالباً ما توجه لإشباع حاجات الفقراء والمحتاجين ، ويلاحظ أنه قد تتم فى صورة نقدية أو عينية أو فى صورة تقديم منافع مثل قيام الأطباء بالكشف على بعض المرضى بدون مقابل ، ويرى الباحث أنه إذا وجدت هيئة جادة تعمل على تحقيق التكافل الاجتماعى وتقوم بتنظيم الصدقات التطوعية فإن هذا المورد قد يحقق أموالاً طائلة لتمويل التكافل الاجتماعى والدليل على ذلك المساهمات الكثيرة التى تتدفق على بعض الجهات التى تعمل فى مجال الرعاية الاجتماعية مثل جمعية مسجد محمود للخدمات الاجتماعية فقد زادت مواردها من 3 آلاف عام 1979م إلى ما يقرب من 4.5 مليون فى عام 1993م( ) .

(2/8) ـ موارد أخرى .
لا يقتصر تمويل التكافل الاجتماعى على الموارد السابقة بل هناك موارد أخرى تتسم بأنها غير دورية ، وتتسم بقلة حصيلتها ومع ذلك تسهم مساهمة فعالة فى تمويل التكافل الاجتماعى لأن بعضها موارد موسمية من هذه الموارد .

( أ ) ـ الأضاحى .
وتكون أيام عيد الأضحى حيث يجب على الأغنياء فى هذه اليوم ذبح شاه ونحوها والدليل على ذلك قول الله تعالى : فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ  ( ) ، وقول الرسول (  ) : ” يأيها الناس على أهل كل بيت فى كل عام أضحية “( ) ، وقال (  ): ” من كان له سعه ولم يضح فلا يقرب مصرنا”( ) ، وتسهم الأضاحى مساهمة فعالة فى تحقيق التكافل الاجتماعى للفقراء والمحتاجين فى أيام عيد الأضحى حيث إنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام قسم للفقراء والمساكين (التكافل الاجتماعى) وقسم للأقارب وقد يكون منهم الفقراء والمساكين أيضاً والقسم الثالث يذهب إلى من قام بالأضحية.

ب ـ النذور .
وتمثل كل يلتزمه شخص على نفسه من التزامات مالية دينية فى المستقبل وتسهم النذور مساهمة فعالة فى تحقيق التكافل الاجتماعى لأن الالتزامات المالية غالباً ما توجه لإشباع حاجات الفقراء لذلك يشير أحد الباحثين أن النذور ما زالت تفتح باباً للإنفاق على الفقراء والمساكين وقل أن تجد مسلماً يمرض أو يكون له حاجة إلاّ وينذر لله إن شفاه من مرضه أو قضى له حاجته ليتصدقن بكذا وكذا ( ) .

جـ ـ تركه من لا وارث له .
وهى من موارد التكافل الاجتماعى حيث أشار الفقهاء إلى إنها كلها للفقراء فيعطى منه الفقراء العاجزون نفقتهم وعلاجهم ويكفن موتاهم ( ) ، ويلحق بهذه الموارد تركة الميت الذى ترك وارثا ًولكنه لا يرثه بسبب الكفر أو القتل ، والميت الذى ترك زوجة أو أزواجاً فقط حيث يتبقى جزء من التركة ، كما يلحق به الضوائع التى لا يعرف لها صاحب وتتسم هذه الموارد بعدم دوريتها وقلة حصيلتها .

د ـ الفىء .
وهو ما يحصل عليه المسلمون من أموال الكفار بغير حرب أو ما يتخلف من أموا الكفار المستعمرين لأرض الإسلام بعد إجلائهم بصلح ( ) ، ويخصص 60% من حصيلة الفىء للتكافل الاجتماعى ( ) ، ويرى الباحث أن الإعانات التى يتم الحصول عليها من البلاد غير الإسلامية يمكن تخصيص نسبة منها للتكافل الاجتماعى .

هـ ـ خمس الغنيمة .
ويمثل ما يحصل عليه المسلمون من أموال الكفار بطريق القهر والغلبة ويخصص 60% من حصيلة خمس الغنيمة للتكافل الاجتماعى ( ) .
ويرى الباحث أن موارد الفىء وخمس الغنيمة لا يمكن الاعتماد عليها فى الوقت الحالى لتمويل التكافل الاجتماعى نظراً لعدم وجودهما .

و ـ موارد تمويل العجز .
عندما يحدث عجز فى موازنة التكافل الاجتماعى ( على مستوى الدولة ) يتم تمويله كالآتى :

1 ـ التمويل من الموازنة العامة للدولة لذلك يقول أحد العلماء إذا لم تكف الزكاة جميع الفقراء ففى جميع موارد الدولة متسع لكفايتهم وتأمين حاجاتهم ، وكذلك ما تملكه الدولة من النفط والمعادن والأراضى الزراعية والعقارات ونحوها فالدولة فى الإسلام مسئولة عن رعاية العاجزين والمحتاجين وضمان العيش الكريم لهم ( ) .

2 ـ التمويل من الأموال الخاصة بالأغنياء إذا عجزت الموازنة العامة للدولة عن تمويل عجز موارد التكافل الاجتماعى يتم تمويله من خلال الأموال الخاصة بالأغنياء على النحو التالى:
ـ دعوة الأغنياء للإنفاق باختيارهم بدافع الإيمان والتقوى .

ـ إذا لم يقوموا بذلك مختارين فلولى الأمر أن يفرض عليهم ما يقوم بكفاية الفقراء والمحتاجين وأشار لذلك أحد العلماء بقوله : ” واتفق العلماء على أنه إذا نزلت بالمسلمين حاجة بعد أداء الزكاة يجب صرف المال إليها ( ) ، ونقل عن الإمام مالك قوله : ” يجب على كافة المسلمين فداء آسراهم وإن استغرق ذلك أموالهم ” ( ) .

يخلص الباحث إلى أن موارد التكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى كثيرة ومتنوعة وأنه عند تطبيقها سوف يعم الخير الكثير على المجتمع حيث يتحقق التكافل الاجتماعى المعاشى للأفراد غير القادرين فى المجتمع .

المبحث الثالث
وسائل تحقيق التكافل الاجتماعى لغير القادرين
فى الفكر والتطبيق الإسلامى

تتعدد وتتنوع الوسائل التى تتبعها الدولة الإسلامية لكفالة غير القادرين ، ويرجع ذلك لتفاوت احتياجات غير القادرين

(3/1) ـ وسائل تحقيق التكافل الاجتماعى فى بعض الدول الإسلامية .
أولاً : وسائل تحقيق التكافل الاجتماعى لغير القادرين فى إيران .
يتم توزيع الزكاة والصدقات فى إيران من خلال ما يلى ( ) :
أ ـ مؤسسة المستضعفين ، وتقوم ببناء مساكن للفقراء وتأهيلهم بالمهارات المختلفة .

ب ـ لجنة الإمداد ، وتقدم المساعدات المباشرة للفقراء وتقوم بتوفير التسهيلات للراغبين فى الزواج وغيرها من الخدمات الاجتماعية .
يتضح مما سبق أن وسائل تحقيق التكافل الاجتماعى فى إيران تتمثل فى المساعدات المباشرة غير الدورية وتدريب وتأهيل الفقراء القادرين على العمل .

ثانياً : وسائل تحقيق التكافل الاجتماعى لغير القادرين فى باكستان .
يتم توزيع الزكاة فى باكستان من خلال ما يلى ( ) :
أ ـ المؤسسات العامة ذات الاتصالات المباشر بالفقراء وتقوم بتوزيع 50% من حصيلة الزكاة على :

1 ـ مؤسسات التعليم العام حيث تعطى الزكاة للطلبة الفقراء فى شكل معونات نقدية شهرية أو فصلية كما تعطى لهم فى شكل طعام وملابس وكتب وأدوات مدرسية .

2 ـ مؤسسات التدريب والتأهيل وتعطى الزكاة للمتدربين فى شكل مرتبات شهرية وآلات وأدوات عند نهاية التدريب .
3 ـ المؤسسات الصحية وتعطى الزكاة للمرضى الفقراء فى شكل أدوية ومواد غذائية وملابس .
4 ـ الصندوق القومى للزكاة ويقدم الطعام والملابس والأدوية للعجزة والمعوقين والأيتام وغيرهم .

ب ـ اللجان المحلية وتقوم بتوزيع 50 % من حصيلة الزكاة على :
1 ـ المعونات الدورية للأفراد والأسر الفقيرة غير المأمول إخراجهم من حيز الفقر .

2 ـ المعونات المقطوعة وتعطى فى حالات الكوارث كالحريق والوفاة والمساعدة فى الأعباء المالية للزواج .

3 ـ معونات تأهيلية وتعطى للقادرين على العمل فى شكل أدوات الكسب ورأس مال صغير للعمل .

4 ـ النفقات الإدارية للجان ويشترط إلاّ تزيد على 10% من مجموع ما يوزع عليها من زكاة ويشير الواقع العملى إن ما تصرفه معظم اللجان المحلية يقل عن 5 % مما يرد إليها .

ثالثاً : وسائل تحقيق التكافل الاجتماعى لغير القادرين فى السعودية .

تتمثل وسائل تحقيق التكافل الاجتماعى فى السعودية فى الآتى ( ) :
أ ـ إعانات شهرية نقدية للأفراد والعائلات المحتاجة .
ب ـ إعانات مقطوعة للأفراد والعائلات المحتاجة .
يتضح مما سبق أن هذه المصارف لا تشمل تأهيل القادرين على العمل .

رابعاً : وسائل تحقيق التكافل الاجتماعى لغير القادرين فى بيت الزكاة بالكويت .
تتمثل وسائل تحقيق التكافل الاجتماعى فى بيت الزكاة بالكويت فى الآتى ( ) :
أ ـ المساعدات الشهرية وتقدم للحالات التى تكون حاجاتها دائمة للمساعدة مثل : ( الأيتام ـ الأرامل ـ الشيوخ ـ العجزة ـ أسر السجناء ـ ضعاف الدخل الدائم ـ الطلبة ) .

ب ـ المساعدات المقطوعة وتقدم للأسر التى تكون حاجاتها للمساعدة مؤقتة ومحددة مثل : (الغارمون ـ ابن السبيل ـ وعند تأثيث منزل الفقير ـ العلاج ـ الحريق ) .

جـ ـ القرض الحسن ويقدم للحالات التى تكون حاجاتها ضرورية للمال ولديها القدرة على السداد .

يتضح مما سبق أن هذه الوسائل لا تشمل تأهيل القادرين على العمل ، ويلاحظ أنها أوضحت المستحقين للمساعدات الشهرية وهذا يمكن الاستفادة منها عند التطبيق العملى .

(3/2) ـ تصنيف غير القادرين المستحقين للتكافل الاجتماعى .
يغطى نظام التكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى جميع المخاطر التى تؤدى لنقصان دخل الفرد عن حد الكفاية وبشرط أن لا يكون ذلك لعدم رغبته فى العمل مع توافره وقدرته عليه ، ولذلك عرف فقهاء الشافعية الفقير : ” بأنه الذى لا يجد ما يقع موقعاً من كفايته ( ) ويرى الباحث أنه من الصعب حصر حالات نقصان الدخل عن حد الكفاية ولكن يمكن حصر الأسباب التى تؤدى لنقصان الدخل عند حد الكفاية فى :

أ ـ عدم القدرة على العمل … لشيخوخة أو عجز أو مرض أو لصغر أو لأسباب أخرى ومن أسباب عدم القدرة على العمل أيضاً ما ذكره فقهاء الأحناف طالب العلم إذا كان من ذوى الأخلاق الحميدة وناجحاً فى مسيرته لطلب العلم ( ) ، ومن أسبابه أيضاً أن يكون الشخص من أبناء الأشراف الذين لا يستخدمهم الناس عادة ، والأنوثة( ) .

ب ـ عدم توافر العمل ( البطالة الجبرية ) ويرجع ذلك إلى :
ـ عدم إتقانه لمهنة معينة .
ـ تعلمه مهنة ثم كسد سوقها لتغير أو لتطور الزمن .
ـ انتشار استخدام الآلات .

ـ إتقانه لمهنة أو حرفه ولكنه يفتقر للمال اللازم لممارسة مهنته وتدبير أدوات حرفته .

ـ عدم ملاءمة العمل للفرد ، حيث وضع العلماء عدة شروط للعمل الذى لا يجعل الفرد مستحقاُ للتكافل الاجتماعى وهى ( ) :
ـ أن يكون العمل حلال شرعاً .

ـ أن يقدر عليه من غير مشقة فوق المحتمل عادة .
ـ أن يكون ملائماً لمثله بحالة ومركزة ومروءته ومنزلته الاجتماعية .

ـ أن يكتسب منه قدر ما تتم به كفايته وكفاية من يعولهم .
جـ ـ عدم كفاية الدخل الناتج من العمل : حيث أن المستحق للتكافل الاجتماعى ليس المعدم فحسب بل كل من يقل دخله عن حد الكفاية ، كما أن هناك بعض من الأعمال لا تحقق لمن يعملون بها حد الكفاية .
د ـ الظروف الطارئة ويمكن تقسمها إلى :
ـ ظروف طارئة خاصة مثل الحريق، المرض، السرقة ، فقدان المال فى السفر … ألخ.
ـ ظروف طارئة عامة مثل الزلازل ، البراكين ، الفيضانات .
وتؤدى مثل هذه الظروف عادة إلى تحويل الأفراد إلى مستحقين للتكافل الاجتماعى .

وبالتالى يمكن تصنيف مستحقى التكافل الاجتماعى إلى ثلاث فئات وهى :
1 ـ غير قادرين على العمل لعجز أو شيخوخة أو مرض .

2 ـ قادرون على العمل سواء كان يتقن حرفة معينة أو لا .
3 ـ محتاجين لحاجات غير دورية مثل الحاجة للزواج ، والحاجة لقضاء الديون ، أصحاب الكوارث ، العلاج .

(3/3) ـ وسائل تحقيق التكافل الاجتماعى لغير القادرين فى الفكر الإسلامى .
يمكن تصنيف وسائل تحقيق التكافل الاجتماعى وفقاً لكيفية إشباع حاجات هؤلاء المستحقين إلى :

أولاً : المعاشات الدورية .
أ ـ مفهومها .
هى المبالغ النقدية التى تعطى بصورة دورية كل شهر للأفراد غير القادرين على العمل .

ويمكن استخدام جزء من قيمة هذه المعاشات الدورية وتنشىء به دور لرعاية العجزة وكبار السن والأيتام تقوم بتوفير الرعاية لهم من المعاشات المخصصة لهم .

ب ـ مستحقى المعاشات الدورية .
يتمثل مستحقى المعاشات الدورية فى الأيتام ، الأرامل ، المطلقات ، الشيوخ ، العجزة ، المرضى ، عديمى الدخل ، أسر السجناء ، الطلبة ، ذوى الدخل المحدود ، ويجب توافر عدة شروط فى هذه الأصناف حتى يحصلوا على هذه المعاشات ، وهذه الشروط هى ( ) :

1 ـ أن لا يكون لهم دخل يكفيهم .
2 ـ أن لا يكون لهم عائل ملوم شرعاً بالإنفاق عليهم .

3 ـ أن لا يكون لديهم ما يفضل عن حاجتهم الأصلية ويجب أن يحتاط فى فهم هذه الحاجات وإلى هذا يشير الإمام الغزالى : ” أنه يجب أن يحتاط فى فهم الحاجة للكتاب إذ أن الكتاب يحتاج إليه لثلاث أغراض هما : ( التفرج بالمطالعة ـ والتعليم ـ والاستفادة ) فالتفرج لا يعد حاجة كاقتناء كتب الشعر والتاريخ ونحوهما مما لا ينفع فى الآخرة ولا فى الدنيا ،

فهذا يباع فى الكفارة وزكاة الفطر ويمنع اسم المسكنة وأما حاجة التعليم فإن كان للتكسب كالمؤدب والمدرس بأجرة فهذه آلته فلا تباع فى الفطرة وإن كان لقيام فرض كفاية لم تبع ولم تسلبه اسم المسكنة لأنها حاجة ، أما الاستفادة والتعلم من الكتاب كادخار كتاب ليعالج نفسه به أو كتاب وعظ ليطالعه ويتعظ به فإن كان فى البلد طبيب أو واعظ فهو مستغن عن الكتاب وإن لم يكن فهو محتاج ” ( ) ،

وكذلك يجب الاحتياط فى فهم باقى الحاجات الأصلية ولذلك يجب على القائمين على صرف هذه المعاشات دراسة حالة المستحق دراسة وافية للتأكد من عدم ملكيته ما يفضل عن حاجته ومما ييسر ذلك أن موازنة التكافل الاجتماعى محلية ، لذلك فإن القائمين على الصرف يكونون على بيئة بحالة المستحقين ، ويلاحظ أنه فى السعودية يتم حصر المستحقين وتقدير حاجتهم من خلال باحثين اجتماعيين يقومون بدراسة أحوال المتقدمين بطلبات المعونة( )، وتقوم لجان الزكاة فى باكستان بإحصاء المستحقين من الفقراء والمساكين ( ) .

4 ـ ضرورة قيام الشخص المستحق بتقديم المستندات الدالة على استحقاقه للمعاش .
جـ ـ تقدير قيمة المعاشى الشهرى .
1 ـ ترتبط قيمة المعاشات الدورية بتحقيق الكفاية للأسرة .

2 ـ يجب أن يكفى المعاش الدورى حاجة الأسرة للغذاء ، والملبس ، والمسكن ، والعلاج ، والتعليم ، والانتقال .

3 ـ يتم تقدير قيمة المعاش الدورى فى ضوء احتياجات الأسرة من هذه الحاجات وذلك فى ضوء مستويات الأسعار السائدة .

ثانياً : المساعدات المقطوعة .
أ ـ مفهومها .
هى المبالغ التى تعطى لبعض المحتاجين لإشباع بعض الحاجات غير الدورية أو فى الظروف الطارئة وتعطى هذه المساعدة للفرد مرة واحدة .

ب ـ مستحقى المساعدات المقطوعة .

يتمثل مستحقى المساعدة المقطوعة فى المقبلين على الزواج والمدينين والمسافرين والظروف الطارئة والعلاج الطارىء.

جـ ـ تقدير قيمة المساعدات المقطوعة .
1 ـ تقدير قيمة المساعدة فى حالة الزواج .

شرع الإسلام معونة للراغبين فى الزواج لمن عجزوا عن تكاليفه المادية من الصداق ، والتأثيث ونحوه ( ) ، فقد أشار العلماء إلى أن من تمام الكفاية ما يأخذه الفقير ليتزوج إذا لم تكن له زوجه واحتاج للنكاح ( ) ، وقال بعضهم بأنه إذا لم تكفه زوجة واحدة زوج اثنتين لأنه من تمام كفايته ( ) .

وتقدر قيمة المساعدة بالقدر الذى يحقق تكاليف الزواج المادية من الصداق والتأثيث وتكاليف إشهار العقد .

2 ـ تقدير المساعدة فى حالة قضاء الديون :
ـ يتمثل مستحقى هذه المساعدات فى الأفراد الذين عليهم ديون للغير سواء كانت بسبب إصلاح ذات البين وهذه تقضى من الزكاة مع الغنى والفقر ، أو بسبب إشباع الحاجات الأصلية وبشرط أن يكون محتاجاً وليس لديه ما يقضى به دينه .

ـ يشترط أن تكون هذه الديون حالة أو فى أمر مباح .
ـ تقدر قيمة المساعدة على أساس قيمة الدين المستحق على الشخص .
ـ ضرورة تقديم الدليل على أنه غارم ومستحق عليه الدين .
3 ـ تقدير المساعدة المقطوعة للمسافر .

ويشترط فى مستحقى هذه المساعدة :
ـ أن يكون محتاجاً .
ـ أن لا يجد من يقرضه فى ذلك الموضع بشرط أن يكون غنياً فى بلده .
ـ أن يكون السفر فى طاعة أو أمر مباح .
تتمثل قيمة المساعدة فى إشباع الحاجات التى يحتاجها مثل المأكل والمشرب والملبس وأجرة الانتقال فى الذهاب والإياب إذا كان يريد الرجوع وأجرة نقل أمتعته ونفقة الإقامة .

ويسترد الفاضل مع المسافر عند عودته إذا بقى معه شىء مما أعطى له .
5 ـ تقدير المساعدة المقطوعة فى الظروف الطارئة .

يرى العلماء أنه يجوز إعطاء الأفراد فى الظروف الطارئة التى تجتاح أموالهم مثل (الحريق ، والسيول ، والفيضان ، والمرض ) مساعدة مقطوعة من أموال الزكاة ( ) ، وهذا ما يطبق فى بعض الدول الإسلامية ( ) ، وذلك لأن النبى (  ) أباح لمن أصابته جائجة اجتاحت ماله أن يسأل ولى الأمر حقه من الزكاة حتى يصيب قواماً من عيش( ).

وأشار العلماء أن قيمة المساعدة يجب أن تكون كافية لتحقيق قوام العيش فقوام العيش لمن احترق بيته أن يبنى بيت ملائم يسعه ويؤثث بما يليق بحالة ، وقوام عيش التاجر الذى أصيب فى تجارته وثروته أن يدور دولاب تجارته وإن لم يعد كما كان وهكذا كل إنسان بحسبه ( ) .

ويرى أحد الفقهاء أن يعطى ما يعود به إلى حالته الأولى( )، ويرى د . القرضاوى أن الأخذ بهذا الرأى أو ذلك يتوقف على قدر مال الزكاة كثرة وقلة وحاجة المصارف الأخرى( ).

ويميل الباحث للرأى الذى يشير إلى أن قيمة المساعدة تكون كافية لتحقيق قوام العيش .
ويخلص الباحث مما سبق أن أسس تقدير قيمة المساعدة المقطوعة فى الظروف الطارئة تتمثل فى الآتى :

ـ يتمثل مستحقى هذه المساعدة فى الأفراد الذين أصابتهم ظروفاً طارئة مثل : ” الحريق ـ السيول ـ الفصيان ) بشرط أن لا يكون لديهم ما يمكنهم من إشباع حاجاتهم .
ـ تتمثل قيمة المساعدة فى إشباع الحاجات التى فقدها الفرد بسبب هذه الظروف ويترتب على ذلك أن تختلف قيمة المساعدة من فرد لآخر .

ثالثاً : دعم القادرين على الكسب .
أشار أحد الفقهاء أن الفقير والمسكين الذى يتقن حرفه أو مهنة معينة يعطى من الزكاة ما يشترى به أدوات حرفته أو آلات حرفته قلت قيمة ذلك أو كثرت ويكون قدره بحيث يحصل له من ربحه ما يفى بكفايته غالباً ، ومن يحسن تجارة يعطى مال يكفيه ربحه منه غالباً ولو أحسن والكل يكفيه أعطى ثمن رأسمال الأدنى وإن لم تكفيه واحدة منها أعطى لواحده وزيد له شراء عقار يتم دخله بقية كفايته ( ) .

وأشار العلماء إلى أنه من الصور المستحدثة فى إشباع حاجة المحتاجين تدريب الفقراء على مهارات وخبرات تفسح أمامهم فرص العمل الذى يستفيدون منه ( ) .

يخلص الباحث مما سبق إلى :
أ ـ يتمثل مستحقى هذه المساعدة فى الأفراد المحتاجين القادرين على الكسب وهؤلاء يتم تقسيمهم إلى فئتين :

1 ـ فئة تتقن حرفة أو مهنة معينة أو تحسن التجارة .
2 ـ فئة أخرى لا تتقن حرفة أو مهنة معينة .
ب ـ تقدر قيمة الدعم للأفراد الذين يتقنون حرفة معينة على أساس تكلفة شراء آلات أو أدوات الحرفة اللازمة والتى يكفى دخلها تحقيق الكفاية ، أما إذا كان الدخل من الحرفة أقل من تحقيق الكفاية يتم تمويل الفرق عن طريق المعاشات الدورية ، ويمكن أن تقوم إدارة برامج التكافل إقامة مشاريع جماعية وتمليكها لعدد من الفقراء .

جـ ـ تقدر قيمة الدعم للأفراد الذين لا يتقنون حرفة أو مهنة معينة على أساس نفقات تدريبهم على مهنة أو حرفة ما وتكلفة شراء آلات أو أدوات هذه الحرفة ، وقد تقوم إدارة برامج التكافل الاجتماعى بإنشاء مراكز لتدريب القادرين على الكسب .

د ـ تقدر قيمة الدعم للفرد الذين يتقن أكثر من حرفة فى تمويل آلات الحرفة ذات القيمة الأقل.

النتائج العامة للبحث

يخلص الباحث من هذه الدراسة إلى النتائج الآتية :
(1) ـ يعنى التكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى التزام الأفراد والدولة والمجتمع عن إشباع الحاجات المادية والمعنوية لكافة أفراد المجتمع .
(2) ـ تتمثل العناصر الأساسية للتكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى فى كافل ـ مكفول ـ حاجات يحققها الكافل للمكفول ، مسئولية الكافل عن تحقيق حاجات المكفول إلزامية .

(3) ـ يتمثل نطاق التكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى فى إشباع الحاجات المادية والمعنوية لكافة أفراد المجتمع.

(4) ـ تتمثل صيغ التكافل الاجتماعى فى الفكر الإسلامى فى :
ـ التكافل الاجتماعى المعاشى .
ـ التكافل الاجتماعى المعنوى .
ـ التكافل الاجتماعى للقادرين .
ـ التكافل الاجتماعى لغير القادرين .
(5) ـ تتعدد وتتنوع الموارد المالية للتكافل الاجتماعى فى الفكر والتطبيق الإسلامى ومن أهمها ما يلى :

ـ نفقات الأقارب .
ـ زكاة المال .
ـ زكاة الفطر .
ـ الفرائض المالية على غير المسلمين فى بلاد الإسلام .
ـ الكفارات .
ـ الصدقات التطوعية .
ـ الوقف الخيرى .
ـ موارد أخرى .

(6) ـ تتعدد وتتنوع وسائل تحقيق التكافل الاجتماعى لغير القادرين فى المجتمع الإسلامى ومن أهم هذه الوسائل ما يلى:
ـ المعاشات الدورية .
ـ المساعدات المقطوعة .
ـ دعم القادرين على الكسب .
قائمة المراجع

أولاً : معاجم اللغة .
( ) ـ مجمع اللغة العربية : ” المعجم الوجيز ” ، القاهرة ، 1993م .
( 2 ) ـ ابن منظور : ” لسان العرب ” ، القاهرة ، دار المعارف ، بدون تاريخ .
( 3 ) ـ محمد بن أبى بكر الرازى: ” مختار الصحاح “، مكتبة لبنان ـ بيروت ، 1986م .
ثانياً : التفسير .
( 4 ) ـ القرطبى : ” الجامع لأحكام القرآن ” ، دار الكتب ، بدون تاريخ .
( 5 ) ـ الشيخ رشيد رضا : ” تفسير المنار ” ، مطبعة الكليات الأزهرية ـ بدون تاريخ .
ثالثاً : الحديث .
( 6 ) ـ ابن زكريا النووى : ” صحيح مسلم بشرح النووى ” ، (القاهرة ـ المطبعة المصرية ) .
( 7 ) ـ ابن ماجه : ” سنن ابن ماجه ” ، مطبعة عيسى الحلبى .
( 8 ) ـ الإمام أحمد بن حنبل الشيبانى : ” المسند ” ، دار المعارف ، بدون تاريخ .
( 9 ) ـ الحافظ بن حجر العسقلانى : ” ” فتح البارى شرح صحيح البخارى ” ، مطبعة مصطفى الحلبى .
رابعاً : الفقه .
( 10 ) ـ أبو حامد الغزالى : ” إحياء علوم الدين ” ، دار المنار ، بدون تاريخ .
( 11 ) ـ ابن حزم : ” المحلى ” ، دار الفكر ، بدون تاريخ .
( 12 ) ـ ابن رشد : ” بداية المجتهد ونهاية المقتصد ” ، مطبعة الاستقامة ، بدون تاريخ .
( 13 ) ـ ابن قدامه : ” المغنى ” ،دار التراث العربى .
( 14 ) ـ الكاسانى: ” بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع “، دار الكتب العلمية ، 1406هـ .
( 15 ) ـ النووى : ” المجموع ” ، مطبعة المنيرية ـ بدون تاريخ .
( 16 ) ـ برهان الدين على المرغينانى : ” الهداية ” ، جامعة الأزهر ، مكتبة كلية الشريعة والقانون .
( 17 ) ـ شمس الدين السرخى: ” المبسوط “، بيروت دار المعرفة للطباعة والنشر 1987م.
( 18 ) ـ محمد ابن عرفة الدسوقى حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ، دار إحياء الكتب العربية .
( 19 ) ـ محمد بن سليمان السمرقندى : ” تحفة الفقهاء ” ، جامعة الأزهر ـ كلية الشريعة والقانون .
( 20 ) ـ محمد بن سليمان السمرقندى : ” مجمع الأنهر فى شرح ملتقى الأبحر ” ، جامعة الأزهر ـ مكتبة كلية الشرعية والقانون .
خامساً : الكتب .
( 21 ) ـ أبو عبيد القاسم بن سلام: ” الأموال ” ، مطبعة الكليات الأزهرية ـ بدون تاريخ .
( 22 ) ـ ابن الجوزية : ” سيرة عمر بن الخطاب ” ، القاهرة ـ المطبعة التجارية الكبرى .
( 23 ) ـ د . حسين شحاتة : ” محاسبة الزكاة : مفهوماً ونظاماً وتطبيقاً ” ، دار الوفاء المنصورة ، بدون تاريخ .
( 24 ) ـ د . حسين حسين شحاتة ، د . محمد جادوا : ” فقه ومحاسبة الوقف ” ،بدون مصدر ، بدون تاريخ .
( 25 ) ـ د . ربيع الروبى : ” التكافل الاجتماعى فى القرآن الكريم تحليل اقتصادى فقهى “، مطبوعات مركز صالح كامل ، جامعة الأزهر ـ القاهرة ، 1419هـ .
( 26 ) ـ الشيخ سعيد حوى : ” الإسلام ” ، مطبعة دار البشير .
( 27 ) ـ الأستاذ/ سيد قطب : ” العدالة الاجتماعية فى الإسلام ” ، دار الشروق بدون تاريخ.
( 28 ) ـ عبد الله ناصح علوان : ” التكافل الاجتماعى فى الإسلام ” ، ط 5 ، طبعة دار السلام / 1409هـ .
( 29 ) ـ عثمان حسين عبد الله : ” الزكاة الضمان الاجتماعى الإسلامى ” ، المنصورة ، دار الوفاء للطباعة ، 1409هـ .
( 30 ) ـ الشيخ محمد أبو زهرة: ” التكافل الاجتماعى فى الإسلام ” ، وزارة التربية والتعليم، 1405هـ.
( 31 ) ـ الشيخ محمد أبو زهرة : ” تنظيم الإسلام للمجتمع ” ، مطبعة الكليات الأزهرية ، بدون تاريخ .
( 32 ) ـ محمد أمين : ” الأوقاف والحياة الاجتماعية فى مصر 648 ـ 923 هـ ” ، جامعة طنطا ـ مكتبة كلية الحقوق .
( 33 ) ـ د . محمد فرج سليم : ” التكافل الاجتماعى فى الإسلام ” ، دار العلم .
( 34 ) ـ الشيح محمود شلتوت : ” الإسلام عقيدة وشريعة ” ، دار القلم ، بدون تاريخ .
( 35 ) ـ د . محمود لاشين : ” التنظيم المحاسبى للأموال العامة فى الدول الإسلامية ” ، دار الكتاب المصرى ، 1977م .
( 36 ) ـ د . مصطفى السباعى : ” اشتراكية الإسلام ” ، دار مطابع الشعب ، 1962م ، 331 .
( 37 ) ـ د . مصطفى عبد الواحد : ” المجتمع الإسلامى ” ، جامعة الأزهر ـ مكتبة مركز صالح كامل .
( 38 ) ـ دكتور يوسف إبراهيم : ” النفقات العامة فى الإسلام : دراسة مقارنة ” مطبوعات الاتحاد الدولى للبنوك الإسلامية .
( 39 ) ـ د . يوسف القرضاوى : ” فقه الزكاة ” ، مكتبة وهبة ، 1986م .
( 40 ) ـ د. يوسف القرضاوى : ” دور القيم والأخلاق فى الاقتصاد الإسلامى ” ، مكتبة وهبة ، 1995م .
( 41 ) ـ د . يوسف القرضاوى : ” الإيمان والحياة ” ، مكتبة وهبة .
سادساً : بحوث .
( 42 ) ـ أحمد حسان : ” دور الزكاة فى علاج المشكلات الأسرية فى جمهورية مصر العربية ” ، السنغال ـ داكار المؤتمر الرابع للزكاة ، 1995م .
( 43 ) ـ السيد أحمد المخزنخى : ” مقومات المجتمع الإسلامى فى عهد الرسول ( ) ” ، مجلة الوعى الإسلامى ، العدد 207 ، صـ 47 .
(44) ـ د . الطيب زين العابدين : ” معالجة الزكاة لمشكلة الفقر ” ، السنغال داكار ، المؤتمر الرابع للزكاة ، 1995م .
( 45 ) ـ د . العياشى الصادق فداد محمود أحمد مهدى : ” الاتجاهات المعاصرة فى تطوير الاستثمار الوقفى”، جدة ـ البنك الإسلامى للتنمية ـ المعهد الإسلامى للبحوث والتدريب.
(46) ـ د . سامى رمضان سليمان : ” الآثار الاجتماعية والاقتصادية لفريضة الزكاة ” ، مجلة الدراسات التجارية الإسلامية ، العدد الثالث ، 1984م .
( 47 ) ـ عبد القادر ضاحى : ” دراسة لأنشطة الهيئات الحكومية الى لا تقوم على الإلزام القانونى للزكاة “، السنغال ـ داكار ، المؤتمر الرابع للزكاة ، 1995م .
( 48 ) ـ عبد اللطيف الشكيرى : ” الضمان الاجتماعى فى الإسلام ” ، مجلة الوعى الإسلامى ، العدد 276 .
( 49 ) ـ د . فؤاد عبد الله العمر : “دراسة مقارنة لنظم الزكاة الجوانب بالعامة والإدارية والتنظيمية” ، جده المعهد الإسلامى للبحوث والتدريب ، البنك الإسلامى للتنمية: “الإطار المؤسسى للزكاة أبعاده ومضامينه”.
( 50 ) ـ د . منذر قحف : ” النماذج المؤسسية لتحصيل الزكاة وتوزيعها فى البلدان والمجتمعات الإسلامية ” ، جده المعهد الإسلامى للبحوث والتدريب ، البنك الإسلامى للتنمية : ” الإطار المؤسسى للزكاة أبعاده ومضامينه “.
سابعاً : رسائل .
( 51 ) ـ أحمد إسماعيل برج ، ” الضمان الاجتماعى فى الفقه الإسلامى ” ، رسالة ماجستير ـ جامعة الأزهر ـ كلية الشريعة والقانون ، 1993م .
( 52 ) ـ جمال شعبان حسين : ” معاملة المجرمين وأساليب رعايتهم فى ضوء التكافل الاجتماعى فى الفقه الإسلامى والقانون الوضعى “دراسة مقارنة” ، رسالة ماجستير ، جامعة الأزهر ـ كلية الشريعة والقانون 1418هـ .
( 53 ) ـ حسن محمد منطاوى : ” الإطار العام للموازنة العامة فى الدولة الإسلامية : دراسة تحليلية مقارنة “، رسالة ماجستير معهد الدراسات الإسلامية القاهرة ، 1991م .
( 54 ) ـ عبد الحميد حسن واكد: ” إنفاق الصدقات فى الدولة الإسلامية وآثارها الاجتماعية”، رسالة ماجستير جامعة الأزهر ـ كلية الشريعة والقانون .
( 55 ) ـ عدنان هاشم صلاح : ” التكافل الاجتماعى فى الإسلام ” ، رسالة دكتوراه ، جامعة الأزهر ـ كلية الشريعة والقانون ، 1400 هـ .
( 56 ) ـ عز العرب فؤاد حافظ : ” تمايز الاقتصاد الإسلامى عن الفكر المعاصر فى توزيع الثروة ” ، رسالة ماجستير كلية الشريعة والقانون .
( 57 ) ـ رجب سيد صميده : ” اتجاهات الضمان الاجتماعى فى القانون المصرى ” ، رسالة دكتوراه ـ جامعة القاهرة ـ كلية الحقوق ، 1992
ثامناً : ندوات .
( 58 ) ـ الهيئة السعودية للمحاسبين والقانونين : ” الإطار الفكرى للزكاة والضريبة ” ، (السعودية 1415هـ / 1995 ) .
( 59 ) ـ ندوة الأوقاف الثالثة : ” نحو دور تنموى للوقف ” ، الكويت ، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية مركز أبحاث الوقف والدراسات الاقتصادية / 10 ـ 12 ذى القعدة 1413هـ .