الاستحواذ .. صفقة أم استراتيجية
ديمه بنت طلال الشريف
‏مستشارة قانونية، عضو الاتحاد الدولي للمحامين

تردد مصطلح (الاستحواذ) بشكل كبير في الفترة الأخيرة، وكان سبب هذا التداول هو خبر استحواذ شركة أوبر على شركة كريم في صفقة مليارية طال ترقبها. حيث يمكن تعريف الاستحواذ بشكل عام أنه أحد أشكال السيطرة المالية والإدارية لإحدى الشركات على شركة أخرى من خلال شراء جزء أو جميع أسهم الشركة المستحوذ عليها وبالتالي التدخل في قرارات مجلس إدارة الأخيرة.

فيما يخص أسباب الاستحواذ، فتختلف هذه الأسباب والدوافع بإختلاف حجم الشركة المستحوذة وأنشطتها وأهدافها، وكذلك نوعية الإضافة التي ستحققها لها عملية الاستحواذ هذه بكل توابعها ومتعلقاتها، فقد ترغب بعض الشركات في الاستحواذ على شركة أخرى قائمة لتوفر على إدارتها الوقت والجهد عند إنشاء شركة جديدة.

ومن الأسباب المتعارف عليها ايضاً زيادة نمو الأرباح وتطوير الكفاءات والخدمات، بالإضافة إلى أن الاستحواذ في حالات كثيرة يساعد الشركات المستحوذة على دخول أسواق جديدة وصناعات حديثة. وتستخدم صفقات الاستحواذ في حالات كثيرة ايضا في قتل المنافسة وتخفيف حدتها خاصة عند عدم وجود بدائل أخرى للأنشطة التي تجمع بين الشركتين، مما يؤدي في أحيان إلى احتكار القطاع وتردي جودة خدماته بالإضافة إلى سلسلة لاتنتهي من التلاعب بالأسعار.

وغالباً مانرى المباركات والتهنئات بمجرد إتمام الصفقة وكأنها المشهد الأخير، بينما يفرض الواقع على الشركتين المستحوذة والمستحوذ عليها التأكد من تطابق أهدافهما قصيرة وطويلة الأجل، وكذلك التأكد من أن جسور التواصل وآلياته بين الشركتين متينة وقوية، والأهم هو تركيز مدراء وأعضاء الشركتين على التنافس مع الكيانات الأخرى المنافسة عوضاً عن التنافس فيما بينهم لإرجاء رأي على آخر.

قانونياً، نظمت المملكة ممثلة في هيئة السوق المالية هذا النوع من العمليات من خلال لائحة الاستحواذ والاندماج المحدثة في عام 2017 والتي تضمنت تنظيم عمليات تقديم العروض وتوضيح دور مجالس إدارات الشركات والعديد من الأمثلة التي تسهل على القارئ عملية الربط مع الواقع. وكلنا أمل في رؤية نماذج استحواذ واندماج تساهم في تقديم الأفضل للعملاء والمساهمين عوضاً عن الاحتكار السلبي للقطاعات بمختلف أنواعها وأحجامها.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت