مطلّقات يشتكين تهرّب آباء من نفقة الأطفال

إعادة نشر بواسطة محاماة نت 

 

مطلقات يؤكدن أن مطلقيهم يسوقون حججاً واهية أمام المحكمة للتهرب من النفقة. تصوير: إريك أرازاس

شكت مطلّقات تهرّب آباء أولادهن من دفع النفقة المقررة شرعاً، متحججين بغلاء المعيشة ومحدودية الدخل وتراكم الديون، مشيرات إلى أن هذه الأسباب لم تمنعهم من الزواج الثاني وإنجاب أطفال آخرين، مطالِبات بتشديد العقوبة على المتهربين عمداً من دفع النفقة، ووضع آليات تضمن حصول المطلقة وأبنائها على النفقة المستحقة من خلال إجراءات ميسرة وسريعة بعد الطلاق، كأن تقتطع من راتب المطلق مباشرة، واحتسابها بصورة مرنة وفقاً للظروف المعيشية.

وأكد قانونيون أن زواج الرجل من امرأة ثانية بعد طلاقه من الأولى، أو تراكم الديون عليه، لا يُسقطان عنه حق مطلقته وأبنائها منه في النفقة، ويجوز حبس الممتنعين عن تنفيذ أحكام القضاء بشأن النفقة، فيما قالت المحكمة الاتحادية العليا في حيثيات أحكامها في قضايا النفقة إن أحكام الشريعة راعت حق المرأة متى أصبحت مطلقة وحبست نفسها لحضانة صغيرها، إذ جاءت الشريعة الغراء مقررة لها حقها في الحصول على أجر مقابل ما تقوم به من حضانة للصغير، وأنه يراعى في تقدير النفقة سعة المنفق وحال المنفق عليه، والوضع الاقتصادي زماناً ومكاناً، شريطة ألا تقل عن حدّ الكفاية لتأمين ما يلزم للمنفق عليه، مؤكدة أن تقدير النفقة وحال من تجب عليه يسراً وعسراً هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، لها أصلها الثابت بالأوراق.

سعة المنفق

أكدت المحكمة الاتحادية العليا في حيثيات أحكامها في قضايا الأحوال الشخصية بشأن النفقة أنه يراعى في تقدير النفقة سعة المنفق، وحال المنفق عليه، والوضع الاقتصادي زماناً ومكاناً، شريطة ألا تقلّ عن حدّ الكفاية لتأمين ما يلزم للمنفق عليه، مضيفة أن تقدير النفقة وحال من تجب عليه يسراً وعسراً هما مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، لها أصلها الثابت بالأوراق.

وبينت أيضاً أن قرارات وأحكام النفقة تكون دائماً وقتية تدور إيجاباً وسلباً حسب الأقوات والأعيان والسعر والزمان والمكان، وحسب حال المنفق سعة وعسراً، ودرجة كفاية المنفق عليه، وحاجة من يقوم على رعايته، والمحافظة عليه من حيث مأكله وملبسه ونظافته ومنامه ومسكنه وتطبيبه وتعليمه وتلبية حاجياته كافة، وهذا هو دور من يقوم عليه في فترة حضانته، وغالباً ما يكون والدته.

ولفتت إلى أن أحكام الشريعة راعت حفظ حق المرأة متى أصبحت مطلقة، وحبست نفسها لحضانة صغيرها، إذ جاءت الشريعة الغراء مقررة لها حقها في الحصول على أجر مقابل ما تقوم به من حضانة للصغير، وتركت تقدير تلك الأخيرة لسلطة محكمة الموضوع، على أن تراعي في ذلك التقدير الظروف التي يجب مراعاتها في تقدير نفقة الصغير، بما فيها السكن الذي يجب أن يكون مهيئاً للإقامة والمعيشة فيه، حتى تتمكن الحاضنة من القيام بحضانة الصغير فيه من دون شعور منها بالحاجة والعوز، ما قد يضطرها للبحث عن مصدر لسد حاجتها وعوزها، وهو ما يؤثر سلباً في دورها في تأدية خدمة المحضون، وفق ما يجب، فإن كانت المحكمة في حكمها لم تراعِ تلك الظروف والطبيعة الخاصة لإجراءات أحكام النفقة والحضانة، فإن قضاءها يكون قد جانبَ الصواب.

وتفصيلاً، قالت المطلّقة (أم حمد) إنها تزوجت منذ سبع سنوات، ورُزقت من زوجها طفلاً يبلغ حالياً خمس سنوات، ثم طلّقها، وأصبحت حاضنة له، وقد امتنع مطلقها عن أداء النفقة لها عن المحضون، وعن توفير مسكن شرعي لحضانته فيه، وسداد أجرة حضانة لها لقاء حضانتها للصغير.

وأضافت أنها اضطرت، في ضوء مماطلة مطلقها إلى إقامة دعوى ضده، وهي تعلم أن الدعوى ستستغرق شهوراً في أروقة المحاكم، مطالبة بإلزامه بأن يؤدي لابنه منها النفقة الشرعية، وأن يوفر مسكناً شرعياً لتقوم بحضانته فيه، وإلزامه بأن يؤدي لها أجرة حضانة.

وأضافت أن مطلقها ادعى كذباً أمام القاضي عدم قدرته المالية وتراكم الديون عليه، في حين أن الحقيقة غير ذلك، إذ يتقاضى راتباً كبيراً، وهو ميسور الحال، مطالبة بتطبيق عقوبة الحبس على المتهربين عمداً من سداد النفقة، في حال تم تحويل قضية النفقة إلى المحاكم.

وقالت المطلقة (أم سعيد) إنها رفعت دعوى أحوال شخصية تطالب فيها بإلزام مطلّقها بنفقة زوجية ونفقة لولده منها، وأجرة حضانة ومسكن، موضحة أنها تزوجته ولم يؤمّن لها السكن، وقصّر في الإنفاق عليها.

وأضافت أن مطلّقها ادعى أمام القاضي بضيق السعة، وتراكم الديون والأقساط عليه، للتهرب من النفقة أو تخفيضها، ولم يقدم الدليل على ذلك، مشيرة إلى أن كثيراً من الأزواج يسوقون حججاّ واهية للتهرب من النفقة.

وأكدت مطلّقة، رفضت ذكر اسمها، أن والد طفلها يتقاضى راتباً شهرياً من مكان عمله، يقارب 30 ألف درهم، وقد سارع بعد طلاقهما في الزواج من امرأة أخرى، وأنجب منها طفلاً، مضيفة أنه تهرّب من سداد النفقة ومصاريف المدارس، مدعياً ان عليه مديونية على خلاف الحقيقة.

وتابعت أن لديه من المال ما يكون معه ذا سعة، يستطيع معها أن يسد حاجة ابنه المحضون من النفقة التي تكفيه، لاسيما أن الصغير تجاوز سن الرضاعة، وأصبح بحاجة إلى المأكل والملبس والمشرب، لكن المحكمة احتسبت نفقة حضانة الصغير 2000 درهم، ما اضطرها إلى استئناف الحكم.

وطالبت (أم زهرة) بسنّ تشريعات تضمن حصول المرأة الحاضنة على نفقة أولادها بعيداً عن أروقة المحاكم، مقترحة استقطاعها بنسبة محددة من راتب المنفق مباشرة، بعد وقوع الطلاق، تيسيراً على المطلقات من اللجوء إلى القضاء في حال امتناع الأزواج.

أكد المستشار القانوني، عماد سعيد عثمان، أهمية إعطاء قضايا النفقة أولوية لما لها من أهمية قصوى، إذ إن تأخر الزوج في سداد دين النفقة، سواء لمصلحة مطلقته أو لأبنائه، تترتب عليه أضرار وتداعيات اجتماعية ونفسية سلبية، من شأنها أن تهدد حياة ومصير المتضررين، خصوصاً عندما تكون المطلّقة الحاضنة لا تعمل وليس لها مصدر رزق آخر، ما يجعلها وأبناءها عرضة لمخاطر عدة في سبيل تلبية احتياجاتهم المعيشية.

ولفت إلى أهمية تشديد العقوبة على المتهربين والممتنعين عن سداد النفقة، من خلال إقرار نصوص قانونية تردع كل شخص قد يمتنع عن الانفاق على مطلقته وأبنائه، مشيراً إلى أن قانون العقوبات جرّم الادعاء الكاذب والإدلاء بمعلومات غير صحيحة، ومن ثم فإنه في حال عدم ثبوت صحة إدعاء بعض الأزواج عدم قدرته المالية، أو تقديم أوراق ومستندات بديون وهمية، من شأنه أن يعرّضهم للعقوبة المقررة.

وأشار إلى أن بعض المطلقات قد لا يستطيعن إثبات يسر حال آباء أولادهن بعد الطلاق، أو نفي ما يدعيه الطرف الآخر من تراكم الديون، وما إلى ذلك، ومن ثم فإن هناك حاجة الى تشديد العقوبة على المدعين في حال تبين عكس ذلك.