توضيح قانوني حول تقسيمات القاعدة القانونية

مقال حول: توضيح قانوني حول تقسيمات القاعدة القانونية

تقسيمات القاعدة القانونية

للقاعدة القانونية عدة تقسيمات تختلف باختلاف الزوايا التني ينظر منها إليها، فمن حيث الشكل هناك القواعد المكتوبة والقواعد غير المكتوبة ( المبحث الأول ). ومن حيث المضمون نفرق بين القواعد الموضوعية والقواعد الشكلية ( المبحث الثاني )، ومن حيث الأولوية في التطبيق نميز بين قواعد الشريعة العامة والقواعد الخاصة ( المبحث الثالث )، ومن حيث العلاقة التي تتولى تنظيمها نميز بين القواعد المعتبرة من القانون العام وتلك المعتبرة من القانون الخاص ( المبحث الرابع).

المبحث الأول: القواعد المكتوبة والقواعد غير المكتوبة.

يقصد بالقواعد القانونية المكتوبة مجموع القواعد الصادرة عن المشرع في شكل المكتوب، حيث تكون أحكامها موضحة بموجب النص المكتوب مثل قانون الإلتزامات والعقود، والقانون التجاري.
ومن إيجابيات كون هذه القواعد مكتوبة، سهولة الرجوع إليها من طرف كل متهم، وتوحيد النظام القانوني المطبق على جميع المواطنين في البلد الواحد، ومعرفة تاريخ بداية تطبيق النص القانوني وتاريخ نهاية تطبيقه.
أما عيبوها فتتجلى في كون شكلها المكتوب يجعلها جامدة لا تتبدل بسهولة خاصة في الدول التي يطبع البطئ عملها التشريعي.
أما القواعد القانونية غير المكتوبة فهي مجموع القواعد التي يألف الناس احترامها مع معاملاتهم لشعورهم بضرورتها لحياتهم اليومية مثل الأعراف ومبادئ العدالة.
ومن مزايا هذا الشكل من القواعد أنها منبثقة من الواقع الإجتماعي وتساير تطوره، أما عيوبها فتكمن في غموضها، وصعوبة معرفتها من طرف جميع الناس، واختلافها من مكان لاخر.

المبحث الثاني: القواعد الموضوعية والقواعد الشكلية.

يقصد بالقواعد القانونية الموضوعية مجموع القواعد التي تحدد حقوق وواجبات الأفراد إزاء بعضهم البعض، واتجاه الدولة، وكذا القواعد المتعلقة بحفض الصالح العام مثل القانون المدني، والقانون التجاري.
أما القواعد القانونية الشكلية فيقصد بها مجموع القواعد التي يتعين على أي شخص أو هيئة إتباعها أمام الجهاز القضائي للمطالبة بالحقوقن وكذا القواعد المحددة لاختصاصات المحاكم، وطرق الطعن، وطرق التنفيذ، وهي مايطلق عليها قانون المسطرة المدنية.
كما تتمثل هذه القواعد في تلك المحددة للسلطات المكلفة بالبحث عن الجرائم، وإجراءات التحقيق، والإجراءات المتبعة أمام المحاكم الزجرية وهي مايطلق عليها قانون المسطرة الجنائية.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض القوانين تجمع بين القوانين تجمع بين الصنفين من القواعد يطلق عليها اسم القواعد المختلطة كالقانون التجاري الذي إلى جانب قواعده الموضوعية المتمثلة في تحديد حقوق والتزامات التجار، يتضمن قواعد شكلية تتمثل في مسطرة فتح التسوية أو التصفية القضائية عند تعرض المقاولة لصعوبات مالية.
غير أن جمع القوانين بين الصنفينمن القواعد لا يقلل من قيمة هذا التقسيم، بل يضل تقسيم القواعد القانونية إلى موضوعية وشكلية قائما، مع اعتبار تلك القوانين ذات القوانين ذات طبيعة موضوعية رغم تضمنها لقواعد شكلية.

المبحث الثالث: قواعد الشريعة العامة والقواعد الخاصة.

يقصد بقواعد الشريعة العامة مجموع القواعد التي يرجع إليها عند عدم وجود نص خاص يطبق على واقعة معينة مثل قانون الإلتزامات والعقود .
أما القواعد الخاصة فهي قواعد ترد ضمن قوانين خاصة تكون مقتضياتها واجبة التطبيق حتى ولو تضمنت قواعد الشريعة العامة مقتضيات مخالفة، ومن أمثلتها القواعد الواردة بمدونة التجارة، ومدونة الشغل.
ومن أمثلة ذلك نصت المادة 15 من مدونة التجارة، والفصل 3 من ق.ا.ع، فالمادة 15 تنص على أنه: *يعتبر الأجنبي كامل الأهلية لمزاولة التجارة في المغرب ببلوغه 20 سنة كاملة ولو كان قانون جنسيته يفرض سنا أعلى مما هو عليه في القانون المغربي*، أما الفصل 3 فينص على أن: *الأهلية المدنية للفرد تخضع لقانون أحواله الشخصية …*.
فأي النصين يجب أن نعتمد، هل النص الوارد في ق.ا.ع الذي يحيل على القانون الوطني للأجنبي في تحديد أهليته، أم النص الوارد في مدونة التجارة الذي لا يعتد بهذا القانون.
إن تطبيق التمييز أعلاه، يفرض اعتماد نص المادة15 من مدونة التجارة باعتبارها قانونا خاصا يقدم علـ النص العام الوارد في الفصل 3 من ق.ا.ع.

المبحث الرابع: قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص.

تنقسم القواعد القانونية من حيث العلاقة التي تتولى تنظيمها إلى قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص، فما هي معايير تقسيم القانون إلى قانون عام وقانون خاص ( المطلب الاول ) ، وماهي أهم فروع هذين القانونين ?( المطلب الثاني ).

المطلب الأول: معايير التقسيم.

للتمييز بين قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص معايير عدة مثل معيار الجبر والإختيار ( أولا )، ومعيار المصلحة العامة والمصلحة الخاصة ( ثانيا )، ومعيار التبعية والمساواة ( ثالثا )، ومعيار الإعتبار المالي ( رابعا )، ومعيار وجود الدولة كطرف ( خامسا )، ومعيار صفة الأشخاص أطراف العلاقة ( سادسا )، فأي هذه المعايير يمكن الإعتماد عليه?

أولا:معيار الجبر والإختيار.
بمقتضى هذا المعيار، فإن كل قاعدة قانونية تتسم بصبغة الجبر تعتبر من قواعد القانون العام، وكل قاعدة قانونية يبقى فيها لأطراف العلاقة الإختيار بين احترام مقتضياتها أو الإتفاق على ما يخالفها تعتبر من قواعد القانون الخاص.
ويُعاب على هذا المعيار بأن قواعد القانون العام ليست كلها إجبارية كما هو الشأن بالنسبة للقواعد الدستورية المتعلقة بالترشيح للإنتخابات، كما أن قواعد القانون الخاص ليست كلها اختيارية كما هو الشأن بالنسبة لقانون الشغل.

ثانيا:معيار المصلحة العامة والمصلحة الخاصة.
حسب هذا المعيار، فإن مايمز قواعد القانون العام عن قواعد القانون الخاص هو الغاية المتوخاة من وراء هذه القواعد.
فالقانون العام هو الذي يسعى إلى تحقيق المصلحة العامة، أما القانون الخاص فيروم حماية المصلحة الخاصة للأفراد.
لكن هذا المعيار لا يمكن الإعتماد عليه، لأنه من الصعب الفصل بين ما يعتبر من الصالح العام وما يعتبر من المصلحة الخاصة نتيجة التداخل الملاحظ بينهما.

ثالثا: معيار التبعية والمساواة.
يعتبر القانون العام حسب هذا المعيار قانون تبعية، أما القانون الخاص فيعتبر قانون مساواة، أي أنه كلما تعلق الأمر بعلاقة تتسم بالتبعية أو التسلسل الإداري كالعلاقة التي تربط الدولة بالمؤسسات والأفراد التابعين لها نكون أمام القانون العام، وإذا تعلق الأمر بعلاقة تحقق المساواة بين أفرادها مثل العلاقة بين الأفراد كنا أما القانون الخاص.
غير أن هذا المعيار يبقى عاجزا عن الوفاء بالمطلوب، حيث أن هناك علاقة تكون الدولة طرفا فيها وتخضع للقانون العام دون أن تكون هناك تبعية بل تتميز بالمساواة، وهي العلاقة القائمة بين الدول فيما بينها.

رابعا: معيار الإعتبار المالي.
بموجب هذا المعيار فكل ما يتعلق بالمال كالبيع والشراء يعتبر من القانون الخاص، أما عدا ذلك من العلاقات التي تبتعد عن المادة كالقواعد المنظمة لجهاز الدولة فهي من القانون العام.
لكن هذا المعيار يبقى كذلك غير صحيح، لأن القانون الخاص يشمل إلى جانب الأمور المالية، أمورا أخرى غير مالية مثل القواعد الواردة بمدونة الأسرة المتعلقة بتنظيم الزواج والطلاق.

خامسا: معيار وجود الدولة كطرف.
يقصد بهذا المعيار أن قواعد القانون العام هي القواعد التي تنضم العلاقات التي تكون فيها الدولة طرفا، أما قواعد القانون الخاص فلا تنضم العلاقات التي تتدخل فيها الدولة وإنما تنضم علاقات الأشخاص الخاصة، وهو معيار غير صحيح لأن الدولة قد تكون طرفا في علاقة تخضع للقانون الخاص إذا تعاملت كشخص عادي دون صفة السيادة التي تتمتع بها مثل العقود التي تبرمها الإدارات العمومية مع بائعي الأدوات المكتبية لتجهيز الإدارة.

سادسا: معيار صفة الأشخاص أطراف العلاقة.
هذا المعيار يعتبر تعديلا للمعيار السابق لأنه يأخذ في الإعتبار الوضع الجديد للدولة التي لم تعد تقتصر على الدخول في علاقات تظهر فيها بصفة السيادة والسلطان، بل تتدخل كذلك في علاقات تظهر فيها كشخص عادي لا غير.
فالدولة تعتمد سفراء لها لدى دول أخرى، وتدخل في علاقات مع أفراد كأن تفرض عليهم أداء الضريبة، فتتصرف في مثل هاتين الحالتين بصفتها صاحبة السيادة والسلطان تخضع في تصرفاتها لقواعد القانون العام.
إلى جانب ذلك قد تتصرف الدولة كشخص عادي فتدخل في علاقات على قدم المساواة مع الافراد دون ما تتمتع به من سيادة وسلطان كبيع منشاتها العامة للخواص أو ما يسمى بالخوصصة.
وعلى ذلك يمكن القول أن صفة السيادة والسلطان التي تتمتع بها الدولة هي أساس التفريق بين قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص، فإذا انعدمت هذه الصفة في أطراف العلاقة وحلت المساواة محلها كنا أمام قواعد القانون الخاص، أما إذا تم التعامل على أساس صفة السيادة والسلطان كنا أما قواعد القانون العام.

المطلب الثاني: فروع القانون العام والقانون الخاص.

تتوزع قواعد القانون العام وقواعد القانون الخاص إلى عدة فروع كل منها ينظم مجال معين، على أن هناك فروع أخرى للقانون اختلف في تحديد انتماءئها إلى أحد هذين القانونين.
ولتوضيح ذلك سنتعرض لنماذج من فروع القانون العام ( أولا )،ونماذج من فروع القانون الخاص ( ثانيا )، ثم للفروع المختلفة في تحديد انتمائها ( ثالثا ).

أولا: نماذج من فروع القانون العام.
يمكن التمييز في إطار القانون العام بين القواعد التي تنضم علاقة الدول مع دول أخرى وتسمى بالقانون العام الخارجي ( أ )، وبين القواعد التي تنضم علاقة الدولة بمواطنيها داخل حدودها الترابية وتسمى بالقانون العام الداخلي (ب).

أ ـ القانون العام الخارجي:
يتضمن هذا القانون مجموع القواعد القانونية التي تنظم علاقات الدولة المتعلقة بممارسة السيادة على المستوى الخارجي، وهو يتكون من القانون الدولي العام /1/، وقانون المنظمات الدولية /2/ .
1 ـ القانون الدولي العام:يتكون القانون الدولي العام من مجموعة منا لقواعد القانونية التي تهدف إلى تنظيم العلاقات بين الدول في حالة السلم، وحالة الحرب، وحالة الحياد.
2 ـ قانون المنظمات الدولية: يتكون هذا القانون من مجموع القواعد القانونية التي تتولى تحديد اختصاصات المنظمة الدولية والجهوية، وتنظيم علاقة الدول المنظوية تحتها.

ب ـ القانون العام الداخلي:
يتضمن هذا القانون مجموع القواعد القانونية التي تنضم العلاقات الدولية المرتبطة بممارسة السيادة داخل نطاق حدودها الترابية مثل القانون الدستور /1/ ، والقانون الإداري /2/ ، والقانون المالي/3/ .
1ـ القانون الدستور: هو مجموع القواعد القانونية التي تحدد نظام الحكم في الدولة، وتنظم السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتكوينها، واختصاصها، وعلاقتها ببعضها البعض، وتبين حقوق الأفراد وحرياتهم العامة تجاه الدولة.
2 ـ القانون الإداري: هو مجموع القواعد التي تحكم السلطات الإدارية في الدولة من حيث تكوينها ومن حيث علاقة كل سلطة من السلطات الإدارية وعلاقات هذه السلطات الإدارية بالأفراد والجماعات الخاصة.
3 ـ القانون المالي: هو مجموع القواعد القانونية التي تتولى تنظيم مالية الدولة، فتحدد مداخيلها، وتنضم مصروفاتها.

ثانيا: نماذج من فروع القانون الخاص.
يتكون القانون الخاص من مجموع القواعد التي تتولى تنظيم العلاقات بين الأفراد، أو بينهم وبين الدولة عندما تتدخل كطرف وهي مجردة من سيادتها.
وأهم فروع القانون الخاص وأقدمها هو القانون المدني /أ/ ، ثم تفرعت عنه فروع أخرى لتنظيم مجالات خاصة لم يشملها القانون المدني بالتنظيم، أو شملها ولكن تنظيمها كان عاما مثل القانون التجاري /ب/ ، والقانون الإجتماعي /ج/ .

أ ـ القانون المدني:
يتكون القانون المدني من مجموع القواعد القانونية التي تنظم العلاقات التي تربط بين الأفراد في المجتمع سواء كانت علاقات أسرية أو علاقات مالية تشمل الحقوق الشخصية والحقوق العينية.
ويلاحظ أن القانون المدني المغربي ليس موحدا، بل استقل كل موضوع من موضوعاته بتقنين خاص، فإلى جانب الأحوال الشخصية التي وردت مدونة مستقلة هي مدونة الأحوال الشخصية منذ سنة 1957 والتي أصبحت بعد تعديلها تدعى ابتداءا من فبراير 2004 مدونة الأسرة، فإن الحقوق الشخصية وردت في قانون الإلتزامات والعقود الصادر في 12 غشت 1913، أما الحقوق العينية فتخضع لضهير 12 غشت 1913 بشأن التحفيظ العقاري، وضهير 2 يونيو 1915 المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة.

ب ـ القانون التجاري:
وهو مجموع القواعد القانونية التي تحكم الأعمال التجارية والتجار مثل القواعد المنظمة لإكتساب صفة تاجر، وأهليته، والتزاماته.

ج ـ القانون الإجتماعي:
كان هذا القانون في بدايته يسمى قانون الشغل لإقتصاره علـ تنضيم علاقات العمل لا غير، لكن فيما بعد أصبح يهتم كذلك بالحماية الإجتماعية للأجراء من خلال بعض الأنظمة مثل نضام الضمان الإجتماعي، فأصبح بذلك القانون الإجتماعي يتكون من قانونيين هما قانون الشغل، وقانون الضمان الإجتماعي.

ثالثا: الفروع المختلف في تحديد انتماءها.
يتعلق الأمر في هذا الصدد بكل من القانون الجنائي/ أ/ ، وقانون المسطرة المدنية/ ب/ .

أ ـ القانون الجنائي:
يقصد به في الاصطلاح الفقهي مجموع القواعد والنصوص ـ العامة منها والخاصة ـ التي تحدد أفعال الإنسان، التي تعد جرائم في نضر القانون بسبب ماتحدثه من اضطراب اجتماعي، سواء تمت تلك الأفعال بصورة إيجابية أو سلبية، كما تنظم من جهة أخرى العقوبات المقررة لكل من يأتي بفعل من تلك الأفعال المجرمة.
أما قانون المسطرة الجنائية فيهتم بالجانب الغجرائي، حيث يتولى تنظيم القضاء الجنائي، وبيان الإجراءات المتبعة في تحريك الدعوى العمومية، والإجراءات المتبعة في البحث، والتحقيق في الجريمة، ومحاكمة المجرم، وطرق الطعن في الأحكام، وتنفيذ العقوبة.

ب ـ قانون المسطرة المدنية:
يتكون قانون المسطرة المدنية من نوعين من القواعد، تتعلق الأولى بتنضيم السلطة القضائية، وتحديد أنواع المحاكم واختصاصاتها، وشروط تعيين القضاة، وحقوقهم وواجباتهم، بينما تختص الثانية ببيان إجراءات رفع الدعوى والفصل فيها،وطرق الطعن، وكيفية عقد الجلسات وإجراء الخبرة وطرق الإثبات وتنفيذ الأحكام.

شارك المقالة

1 تعليق

  1. معلومات مفيده جدا …جزاكم الله خيرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.