التقديرات التي تجريها السلطة المالية وتخصم فيها الخسائر الضريبية :

تنقسم التقديرات التي تلجأ إليها السلطة المالية والتي تتضمن خصم وتنـزيل خسائر المكلف إلى نوعين وهما: التقدير الاتفاقي، التقدير الإضافي، وسنحاول توضيح ذلك على النحو الآتي:

أولاً: التقدير الاتفاقي

إن إبراز أثر التقدير الاتفاقي في خصم الخسائر الضريبية يقتضي البحث في مفهوم التقدير الاتفاقي أولاً ثم بيان أثره في خصم الخسائر ثانياً وذلك على النحو التالي:-

1. مفهوم التقدير الاتفاقي

يقصد بالتقدير الاتفاقي إنه التقدير الذي يحدد من خلاله مقدار الضريبة التي تفرض على الدخل بناءً على اتفاق بين السلطة المالية والمكلف استناداً إلى ما قدمه المكلف من تقارير وبيانات ووثائق تؤيد مقدار ما حصل عليه من دخل وما أنفقه من تكاليف في سبيل الحصول على هذا الدخل وكذلك تؤيد وتؤكد ما تعرض له من خسارة مع قناعة السلطة المالية بصحة هذه الوثائق والبيانات والإقرارات. فهذا النوع من التقدير يكون أساسه اتفاق بين وجهات النظر لكل من السلطة المالية والمكلف والتنسيق بينهما على الدخل الخاضع للضريبة(1). وقد تبنى المشرع الضريبـي العراقي طريقة التقدير الاتفاقي في المادة (34) من قانون ضريبة الدخل النافذ، إلا إنه يلاحظ إن المشرع الضريبـي لم يشر صراحة في هذه المادة إلى أثر هذا التقدير في خصم خسائر المكلف طالما تم هذا التقدير باتفاق المكلف مع السلطة المالية على مقدار الدخل الذي تنصب عليه الضريبة(2).

2. أثر التقدير الاتفاقي في خصم الخسائر الضريبية

إن هذا النوع من التقدير يتضمن عادة خصم الخسائر الضريبية، أي أن التقدير الاتفاقي يحمل في طياته الأخذ بنظر الاعتبار ما تعرض له المكلف من خسائر، فطالما كان هذا التقدير ينطوي على الاتفاق بين الطرفين (المكلف – السلطة المالية) على مقدار الدخل الصافي الخاضع للضريبة وإن هذا الدخل يتضمن الأرباح التي حصل عليها المكلف ، فمن الطبيعي يكون قد تم الاتفاق أيضاً على مقدار التكاليف والمصاريف والخسائر التي تكبدها المكلف للحصول على هذا الدخل الصافي، وبعبارة ثانية إن الاتفاق الحاصل بين السلطة المالية والمكلف على مقدار الدخل الذي يخضع للضريبة لا يمكن أن يحصل إلا بعد الاتفاق على صحة ما أنفقه المكلف فعلاً من مصاريف وتكاليف وما قد يكون المكلف قد تعرض له من خسائر والتي تم الاتفاق على خصمها فعلاً من وعاء الضريبة وصولاً إلى تحديد الدخل الصافي والخاضع للضريبة(3).

ثانياً: التقدير الإضافي

نبحث أثر هذا النوع من التقدير في خصم خسائر المكلف في نقطتين متتاليتين ، تتضمن الأولى مفهوم التقدير الإضافي، أما الثانية فنتكلم فيها عن اثر هذا التقدير في خصم الخسائر الضريبية.

1. مفهوم التقدير الإضافي

يعرف التقدير الإضافي بأنه قيام السلطة المالية بإعادة تقدير دخل المكلف الذي تم تقديره سابقاً بأقل من مقداره الحقيقي استناداً لما توفر لدى السلطة المالية من معلومات حول وجود مصادر أو عناصر دخل أخرى عائدة للمكلف لم يتم أخذها بنظر الاعتبار عند إجراء التقدير الأصلي الأولي نتيجة لإخفاء المكلف وعدم إفصاحه عن هذه المصادر، أو إن هذا النوع من التقدير تلجأ إليه السلطة المالية لعدم تقدير دخل المكلف أصلاً لعدم تسجيل المكلف لدى السلطة المالية(4). ومن خلال تعريف التقدير الإضافي نلاحظ إن هذا التقدير يجري في حالتين هما(5):

الحالة الأولى: إذا ظهرت معلومات ومستجدات جديدة لدى السلطة المالية تبين إن المكلف لم يفصح عن حقيقة دخله أو قدم مستندات ووثائق ومعلومات لا تعبر عن حقيقة مقدار الدخل الذي حصل عليه المكلف فعلاً (مقدار الدخل أقل من حقيقته) .

– الحالة الثانية: إذا لم يتم تقدير دخل المكلف أساساً لعدم وجود اسمه ضمن جدول المكلفين لدى الهيئة العامة للضرائب.

إضافة إلى ذلك فقد حدد المشرع الضريبـي العراقي في حالة التقدير الإضافي مدة معينة لرجوع السلطة المالية على المكلف لإجراء التقدير الإضافي، ففي الحالة الأولى أعلاه نلاحظ إن السلطة المالية لها الحق بالرجوع وإعادة تقدير دخل المكلف لمدة خمس سنوات عدا السنة التقديرية التي تم فيها إجراء تقدير دخل المكلف وفرض الضريبة عليه، أما بالنسبة للحالة الثانية السالفة الذكر للتقدير الإضافي فنلاحظ إن المشرع الضريبـي العراقي سمح للسلطة المالية بالرجوع وإعادة تقدير دخل المكلف ابتداءً من تاريخ تحقق هذا الدخل(6). وقد تبنى المشرع الضريبـي العراقي معالجة طريقة التقدير الإضافي في المادة (32) من قانون ضريبة الدخل النافذ، إلا إنه في الوقت ذاته لا نجد إشارة إلى مصير الخسائر الضريبية التي يتعرض لها المكلف إذا ما قدم الأخير وثائق قانونية تثبت وتؤيد حصولها(7).

2. أثر التقدير الإضافي في خصم الخسائر الضريبية

في حالة التقدير الإضافي الذي تجريه السلطة المالية لدخل المكلف يؤخذ بنظر الاعتبار ما تعرض له المكلف من خسائر وتخصم عادة من وعاء الضريبة إضافة لخصم التكاليف الأخرى طالما ابرز المكلف وثائق رسمية تؤيد تحقق الخسارة فعلاً وتؤكد ما لحق المكلف من ضرر بسببها وقد اقتنعت السلطة المالية بهذه الوثائق وتأكدت من دقة وصحة المعلومات التي تضمنتها استناداً لنص المادة (11) من قانون ضريبة الدخل النافذ، وهذا في مقابل إجراء تقدير دخل المكلف وفرض الضريبة على الأرباح الحقيقية للمكلف أو الأرباح التي لم تفرض عليها الضريبة أصلاً(8). مما تقدم ذكره نلاحظ إنه في حالة رجوع السلطة المالية بتقدير دخل المكلف فيما يتعلق بالمصادر التي تعمد المكلف إخفائها على السلطة المالية، وقام المكلف بإبراز وثائق تؤكد تعرضه إلى خسارة في هذه المصادر فإن السلطة المالية لا تتوانى عن خصم الخسائر التي تعرض لها المكلف متى ما توافرت شروط تحققها وفقاً لأحكام القانون. بالرغم من إخفاء المكلف لهذه المصادر وعدم الإفصاح عنها وعن الأرباح المتحققة منها وتعمده في ذلك، وكذلك الحال بالنسبة للمكلف الذي لم يسجل اسمه أصلاً في جدول المكلفين، فإن السلطة المالية تقوم بخصم خسارته إذا ما ثبت لها تحققها وكأنها تكون أمام تقدير لدخل جديد وما يتطلبه ذلك من تقديم معلومات وإقرارات خاصة به من جانب المكلف، إضافة إلى قيامها بتسجيل اسم المكلف ضمن جدول المكلفين بدفع الضرائب، أي ظهور دخل لم يتسن للهيئة العامة للضرائب اكتشافه مسبقاً، فتقوم باتخاذ جميع الإجراءات المتبعة بالنسبة لتقدير بقية الدخول الأخرى وتطبقها على هذا الدخل الجديد (التحري عن أرباح وخسائر هذا المصدر).

___________________

1- أنظر د. طاهر الجنابي، مصدر سابق، ص230.

-علي هادي عطية الهلالي، تقدير الدخل وإخضاعه للضريبة في قانون ضريبة الدخل العراقي، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة بغداد، 2001، ص42.

– لمزيد من التفاصيل حول التقدير الاتفاقي أنظر ناهدة عبد الغني العزاوي ، الاتفاق على تقدير المادة الخاضعة للضريبة، رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة بغداد، 2001، ص33-34.

2- نصت المادة (34) من قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل على إنه : (إذا تم الاتفاق بين المعترض والسلطة المالية على تقدير الدخل وقدم الاعتراض بعد المدة القانونية ولم توافق السلطة المالية … ….. على تمديدها يصبح التقدير قطعياً ولا يقبل الاعتراض). أنظر كذلك حول التقدير الاتفاقي نص المادة (36) من قانون ضريبة الدخل رقم (52) لسنة 1927 الملغى . ونص المادة (38) من قانون ضريبة الدخل رقم (36) لسنة 1939 الملغي. راجع أيضاً نص المادة (33) من قانون ضريبة الدخل رقم (85) لسنة 1956 الملغى. وكذلك نص المادة (34) من قانون ضريبة الدخل رقم (95) لسنة 1959 الملغى.

3- وهذا أيضاً هو اتجاه الهيئة العامة للضرائب.

4-د. طاهر الجنابي، مصدر سابق، ص230.

-علي هادي عطية، مصدر سابق، ص53.

– ناهدة عبد الغني، مصدر سابق، ص22.

5-علي هادي عطية، نفس المصدر السابق .

– كذلك أنظر نص المادة (32) من قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل.

6- راجع نص المادة (32) من قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل.

وتجدر الملاحظة إلى أن نص المادة أعلاه من بين النصوص التي أخذ بها المشرع الضريبـي العراقي بالتقادم في قانون ضريبة الدخل.

7-نصت المادة (32) من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم (113) لسنة 1982 المعدل على : (على السلطة المالية أن تقدر الضريبة على أساس الدخل الحقيقي ولها الحق في الرجوع بالتقدير على من سبق تقدير دخله بأقل من حقيقته إذا ظهرت لديها وقائع مادية بضمنها الأخبار التحريري، ولمدة خمس سنوات ماضية باستثناء السنة التقديرية، أما من لم يتم تقدير دخله فيكون الرجوع عليه ابتداءً من تاريخ تحقق الدخل، ولا يؤثر في حق السلطة المالية في الرجوع بالتقدير عدم تبليغ الأشخاص به).

8- اتجاه الهيئة العامة للضرائب من الناحية العملية. تجدر الملاحظة إلى أن مطالعة نص المادة (32) من قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل تبين إن القاعدة العامة هي قيام السلطة المالية بتقدير دخل المكلف واستثناءً يمكن لها الرجوع بهذا التقدير وإعادته في حالات معينة سبق الإشارة إليها.

التقديرات التي تجريها السلطة المالية ولا تخصم فيها الخسائر الضريبية :

يمكن تقسيم التقديرات التي تلجأ إليها السلطة المالية لمعرفة مقدار الدخل والضريبة المفروضة عليه والتي لا يتم فيها خصم الخسائر الضريبية إلى نوعين هما:

أولاً: التقدير الاحتياطي

لبيان الأثر المترتب على التقدير الاحتياطي في خصم الخسائر الضريبية لا بد من توضيح مفهوم التقدير الاحتياطي ثم ننتقل إلى تحديد هذا التقدير في خصم الخسائر:

1. مفهوم التقدير الاحتياطي

يقصد بالتقدير الاحتياطي بأنه إجراء تلجأ إليه السلطة المالية بهدف ضمان تحصيل دين الضريبة من المكلف، ويعتبر هذا التقدير غير نهائي وإنما تقديراً مؤقتاً إلى حين إجراء التقدير النهائي لدخل المكلف، إذ يكون التقدير الاحتياطي تقديراً قابلاً للزيادة والنقصان في مقدار الدخل الخاضع للضريبة ومقدار الضريبة المفروضة عليه(1). إن اللجوء إلى إجراء التقدير الاحتياطي تحكمه العديد من الحالات أهمها حالة تعذر تحصيل دين الضريبة خاصة إذا كانت إجراءات تقدير دخل المكلف والضريبة المفروضة عليه تحتاج إلى فترة طويلة، أو بسبب تأخر هذه الإجراءات وكذلك حالة تمسك المكلف بنتائج الحسابات التي قام بتقديمها ، إضافة إلى ذلك فإن السلطة المالية تلجأ إلى تقدير دخل المكلف احتياطياً إلى حين قيامها بإجراء المسح الميداني على نشاط المكلف ومعرفة دخله الحقيقي الفعلي(2). وقد تبنى المشرع الضريبـي العراقي معالجة التقدير الاحتياطي كأسلوب من الأساليب المعتمدة في تقدير دخل المكلف من قبل السلطة المالية، ولكن يلاحظ إن المشرع الضريبـي لم يشر إلى حالة تعرض المكلف إلى خسارة ومصير هذه الخسارة عند إجراء التقدير الاحتياطي(3).

2. أثر التقدير الاحتياطي في خصم الخسائر الضريبية

من الناحية العملية لا يجري خصم الخسائر عند لجوء السلطة المالية إلى تقدير دخل المكلف تقديراً احتياطياً ، على أساس إن هذا النوع من التقدير مؤقت وغير نهائي قابل للزيادة والنقصان لحين إجراء التقدير النهائي، فعندئذٍ يقوم المكلف بتزويد السلطة المالية بالوثائق القانونية التي تؤيد تعرضه إلى خسارة عندها يجري خصم خسائره من مقدار ما تم جبايته من قبل الهيئة كمبلغ للضريبة. وبعبارة ثانية إنه في حالة التقدير الاحتياطي يتم تقدير أرباح المكلف فقط وتفرض الضريبة عليها ولا عبرة بالخسائر، ومقدار الضريبة هذا يكون قابلاً للزيادة أو النقصان عادة عند إجراء التقدير النهائي، عندها تؤخذ الخسائر بنظر الاعتبار إذا ما ثبت تحققها وتعرض المكلف لها. ونرى إن اتجاه السلطة المالية في عدم خصم الخسائر في حالة التقدير الاحتياطي وحتى إجراء التقدير النهائي للدخل ولظروف أو حالات معينة هو اتجاه محمود، ذلك لأن هذا النوع من التقدير وكما سبق الإشارة إلى ذلك هو تقدير مؤقت أي احتمالي، فقد تكون الضريبة التي تفرض على المكلف هي نفس النسبة والمقدار المطلوب منه عند إجراء التقدير النهائي أو قد تكون نسبتها أكثر من ذلك أو أقل ، وطالما كان هذا التقدير احتمالياً فالخسائر لا تكون معروفة ومحددة أصلاً لعدم تحققها وثبوتها، فقد توجد وقد لا توجد بالنسبة لنشاط المكلف في حين نجد الأرباح غالباً ما تكون متحققة وخاصة إذا ما كان المكلف متمسكاً بنتائج النشاط الذي يمارسه، إضافة إلى ذلك إن الخسائر الاحتمالية لا تؤخذ بنظر الاعتبار أو لا تؤخذ بالحسبان عند تقدير الدخل لعدم ثبوت تحققها فعلاً، فالقانون الضريبـي يشترط لخصم الخسائر أن تكون متحققة فعلاً وثابتة ثبوتاً قطعياً وهذا ما يتناقض مع الاهتمام بخصم الخسائر في التقدير الاحتياطي (تقدير مؤقت احتمالي) (4).

ثانياً: التقدير الإداري

نركز في هذه النقطة على بيان أثر هذا النوع من التقدير في خصم الخسائر التي يتعرض لها المكلف بعد توضيح مفهوم التقدير الإداري تباعاً وعلى النحو التالي:

1. مفهوم التقدير الإداري

يعتبر التقدير الإداري من الوسائل المهمة التي تعتمدها السلطة المالية في تقدير دخل المكلف، ولا تلجأ السلطة المالية إلى إجراء مثل هذا التقدير إلا في حالات محددة(5):

أ-قيام المكلف بتقديم الإقرارات والبيانات والوثائق الخاصة بنشاطه الاقتصادي والتي تعتمد عليها السلطة المالية في تقدير دخله وتحديد الضريبة الواجبة عليه(6). وفي حالة عدم اقتناع السلطة المالية بهذه الوثائق والإقرارات بما ورد فيها من معلومات وذلك لعدم صحتها أو عدم دقة هذه المعلومات فترفضها (وجود شك فيها) ، ونتيجة لذلك فإن السلطة المالية تقوم بتقدير دخل المكلف من جانبها فقط من خلال ما يتوفر لديها من معلومات خاصة بنشاط المكلف ومن دون الاعتماد على ما قدمه المكلف من تقارير أو بيانات أو وثائق .

ب-في حالة عدم تقديم المكلف للإقرارات والوثائق والمعلومات المطلوبة منه قانوناً والتي ثبت مقدار الدخل الذي حصل عليه إلى السلطة المالية خلال المدة المحددة قانوناً لتقديم الإقرارات(7). وفي حالة عدم حضور المكلف أصلاً أمام السلطة المالية بالرغم من تبلغه بالحضور للاستفسار عن بعض المعلومات الخاصة بحقيقة دخله، ففي هذه الحالات تلجأ السلطة المالية لإجراء التقدير الإداري.

ومن ذلك نلاحظ إن هذا النوع من التقدير لا يتم بناءً على اتفاق بين السلطة المالية والمكلف على تحديد مقدار الدخل والضريبة الواجبة على ذلك المكلف، وقد تبنى المشرع الضريبـي العراقي معالجة التقدير الإداري كطريقة من طرق تقدير الدخل وتحديد مقدار الضريبة في المادة (30) من القانون الضريبـي(8). إلا أن المشرع الضريبـي العراقي وكما هو الحال في طرق التقدير الأخرى للدخل لم يشر صراحة إلى مصير الخسائر التي تعرض لها المكلف عند إجراء مثل هذا التقدير.

2. أثر التقدير الإداري في خصم الخسائر الضريبية

هنا يطرح التساؤل التالي: ما الحكم في حالة لجوء السلطة المالية إلى تقدير دخل المكلف إدارياً ؟. فهل تأخذ السلطة المالية بالخسائر التي تعرض لها المكلف أم لا ؟.

الجواب على ذلك هو إن السلطة المالية في حالة التقدير الإداري لا تأخذ بنظر الاعتبار المعلومات التي قدمها المكلف إليها والتي تكشف عن حقيقة الدخل الذي حصل عليه سواء كانت هذه المعلومات تتضمن الأرباح التي حصل عليها المكلف أو تفصح عما تعرض إليه المكلف من خسارة، ونتيجة لذلك فإن السلطة المالية لا تفرض الضريبة وتخصم الخسائر استناداً للمعلومات المقدمة من المكلف وإنما تقوم بالرجوع إلى المعلومات المتوفرة لديها والخاصة بنشاط المكلف ويتم تقدير الدخل على أساسها ومن جانب السلطة المالية فقط، عندها إذا وجدت السلطة المالية ومن خلال المعلومات المتوفرة لديها إن المكلف قد تعرض إلى خسارة فعلاً ، يجري عادة خصم هذه الخسائر إضافة إلى فرض الضريبة على الأرباح التي تدل عليها ما هو متوافر لدى السلطة المالية من معلومات(9). وبعبارة ثانية إن فرض الضريبة على دخل المكلف وخصم خسائره يتم أساساً بموجب ما يتوافر لدى الهيئة العامة للضرائب من معلومات تكشف حقيقة دخل المكلف دون الرجوع إلى الإقرارات والبيانات والمعلومات المقدمة من قبل المكلف والتي تتعلق بمقدار الدخل الذي حصل عليه، فهذا النوع من التقدير لا تخصم فيه خسائر المكلف في الغالب واستثناءً يتم خصم خسائر المكلف إذا ما ثبت للسلطة المالية تحققها. والسبب في إهمال السلطة المالية للمعلومات المقدمة من قبل المكلف والمتعلقة بالدخل الذي حصل عليه هو عدم قناعة السلطة المالية بصحة ودقة هذه المعلومات ، وهذا في حالة حضور المكلف أمام السلطة المالية وتقديمه لهذه المعلومات. أما في حالة عدم حضوره أصلاً لتقديم هذه المعلومات فنلاحظ إن السلطة المالية لا يكون لديها علم أساساً بأرباح وخسائر المكلف فتجري التقدير من جانبها فقط. وتجدر الملاحظة إلى إنه في كل الأحوال لا يكون أمام المكلف في حالة عدم ملائمة التقدير الإداري لحقيقة دخله بما يتضمنه من تقدير للأرباح التي حصل عليها أو ما يكون المكلف قد تعرض إليه من خسائر إلا اتباع طرق الطعن وذلك بتقديم الوثائق والمستندات التي تؤيد ما حصل عليه من أرباح وما تعرض إليه من خسائر أمام السلطة المالية أولاً وفي حالة رفض اعتراضه فإنه يلجأ إلى الطعن أمام اللجان الاستئنافية أو هيئة التمييز وفقاً لأحكام القانون الضريبـي(10).
______________________

1- د. طاهر الجنابي، مصدر سابق، ص230.

2- علي هادي، مصدر سابق، ص66-67.

3- نصت الفقرة الرابعة من المادة الثالثة من قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل على ما يلي: (للسلطة المالية تقدير الدخل المشار إليه في الفقرة (1) من هذه المادة قبل بداية السنة التقديرية بصورة احتياطية واستيفاء مبلغ الضريبة بصورة أمانات لحساب سنتها التقديرية).

4-رأي الهيئة العامة للضرائب، قسم ضريبة أرباح الأعمال والمهن التجارية.

5- د. طاهر الجنابي، مصدر سابق، ص230.

– د. عوض فاضل إسماعيل، موقف المشرع العراقي من الخسارة الضريبية، مصدر سابق، ص89.

– ناهدة عبد الغني، مصدر سابق، ص24-25.

– علي هادي، مصدر سابق، ص61.

6- أنظر نص المادة (27) من قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل والتي تضمنت قيام السلطة المالية بمطالبة المكلف بتقديم التقارير الخاصة بدخله لتعتمدها في معرفة مقدار ونسبة الضريبة التي تفرض على هذا الدخل.

7- أنظر نص الفقرة الأولى والثانية من المادة (27) من قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل والتي أشارت إلى وجوب تقديم المكلف للتقارير الخاصة بدخله خلال (21) يوماً من تاريخ تبليغه بتقديم التقارير، وكذلك الحال بالنسبة للشخص المسجل أو غير المسجل اسمه والذي عليه تقديم التقارير قبل الأول من حزيران للسنة التقديرية في حالة عدم مطالبة السلطة المالية للمكلف بتقديم هذه التقارير.

8- أنظر نص المادة (30) من قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل. تجدر الملاحظة إلى إنه في حالة التقدير الإداري لا يجوز للسلطة المالية استخدام صلاحيتها في هذا التقدير بشكل يؤدي إلى التعسف والاعتداء على حقوق المكلف، لمزيد من التفاصيل في هذا المجال أنظر :

Gaudement، (P.)، precis de finances publiques ، T.2، montchrestien ، Paris ، 1970، p. 229.

9- د. عوض فاضل إسماعيل، موقف المشرع العراقي من الخسارة الضريبية، مصدر سابق، ص90. تجدر الملاحظة إنه في حالة التقدير الإداري تهدر السلطة المالية حتى المعلومات التي يقدمها المكلف بخصوص النفقات والتكاليف التي تكبدها للحصول على دخله وتعتمد في ذلك على خبرتها والمعلومات التي تتوافر لديها حيال ذلك، ولمزيد من التفاصيل راجع د. عوض فاضل إسماعيل، نفس المصدر السابق.

10- راجع نصوص المواد من (33) إلى (40) من قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل. ولمزيد من التفاصيل بخصوص الاعتراض راجع د. مدحت عباس أمين، ضريبة الدخل في التشريع الضريبـي العراقي، دراسة تحليلية لنصوص قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل النافذ ، القسم الأول، بغداد، 1997، من ص 192 إلى 206.

المؤلف : حيدر نجيب احمد فائق سعيد المفتي
الكتاب أو المصدر : الخسائر الضريبية في قانون ضريبة الدخل العراقي

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .