بحث ودروس في القانون الجنائي

1. مدخل للقانون الجنائي
2. الجريـــمة
3. تصنيف الجرائم حسب التشاط المادي لها
4. الشروع أو المحاولة
5. المساهمة و الإشتراك
6. أسباب الإباحة
7. العقوبات و تدابير الأمن
8. المسؤولية الجنائية
9. موانع المسؤولية.
10. الظروف المخففة

1/مدخل للقانون الجنائي:

مقدمة:

نشأة قانون العقوبات وتطوره في المجتمع الإنساني:

قانون العقوبات ليس ظاهرة طبيعية، وجدت قبل الإنسان، بل هو كغيره من القضايا الإجتماعية الهامة التي تتطور بحسب إختلاف الأحوال الإجتماعية في دولة ما، و تعمل هذه الدولة على توسيع نطاقها لما فيها من نفع للناس، كذلك قانون العقوبات لم يصل إلى ما وصل إليه طفرة واحدة، بل مر بمراحل متعددة حتى قوي عضده، و إتسع سلطانه على سكان الأرض لحماية أرواحهم و ممتلكاتهم من خوف الضياع في دنيا الإجرام، التي نوجزها في التالي :
المجتمع البدائي : كان الإنسان في هذه الفترة لا يعرف إلى أنانيته قاعدة قانونية تحكمه إلا القوة، ثم تطور الحال إلى عشيرة فتجمعت هذه العشائر و كونت قبائل، و كان على رأس القبيلة شخصا يتصرف في أمور القبيلة و كانت العقوبات قاسية جدا، مما أدى إلى نشوب حروب كثيرة و قد ساد في هذه الفترة قانون الأعراف و العادات و التقاليد.

عصر الإنتقام للألهة : بدأت بذور الدولة في الظهور بإعتبار أن الإنسان هو خليفة الله في الأرض، فكل شخص يرتكب فعلا يخالف عقيدة جماعته تغضب الألهة عليه، فلا يهدأ لها بال حتى يثأر منه الله، وقد رسخ في أذهان الناس أنذاك أن الصواعق و الزلازل هي بمثابة غضب الله على كونه إن أحد المجرمين لم يعاقب.

عصر الإصلاح : أخذت الدولة مكانتها في الجماعة و عملت على إزالة حكم القوي على الضعيف، ونشر روح الإيخاء و الرحمة بين أفراد المجتمع، فأصبح على الدولة لزاما بفرض قوانين عقابية على الأفراد فيعاقب المجرم بقدر جريمته، وفي هذا الإطار ناد الفقهاء بتحديد الغاية من العقاب هل هي الإنتقام أم الإصلاح.

المذهب التقليدي : ينظر إلى العقاب لكل جريمة ، ومن هنا يجب أن يحقق هذا العقاب العدالة المطلقة التي هي الوحيدة لتجسيسدها بين الفرد و المجتمع.

المذهب الوضعي : يؤكد أصحاب هذا المذهب أن نقصان وسائل العيش هي الأسباب الرئيسية للإجرام. و من هنا يجب أن نأخذ في الحسبان هذه الوسائل بعين الإعتبار عند العقاب، لأنه لولاها لما حدثت الجريمة، ومن هنا يرى أنصار هذا المذهب بأنه يجب البحث عن أسباب الجريمة، فالبعض يسندها إلى العوامل الإقتصادية، و البعض إلى العوامل الوراثية، وإستقر بهم الأمر إلى تقسيم المجرمين إلى طوائف: مجرم بالميلاد، مجرم بالعاطفة، مجرم بالصدفة…إلخ. ومن هذه المنطلقات يتحدد العقاب.
فالمجرم بالولادة يعرف بتشوهات في خلقته، فيجب قتله منذ ظهوره، و أما الأخرين فيعالجون كل حسب جريمته، حسب تصنيفهم السابق، و نظرا لكون كل من المذهبين لم يقدم حلا مرضيا لمعضلة الإجرام بتصورهم فكرة دخول الشيطان في جسد المجرم مما يغضب الآلهة، فظهر المذهب الوسطي.

المذهب التوفيقي : أخذ أنصار هذا الإتجاه مزايا كل المذهبين، مع الأخذ بعين الإعتبار إنسانية الإنسان و كرامته مهما كانت جريمته فخرجوا بالمبادئ التالية :

1- المجرمون غير الخطيرين : وهم الذين يجرمون بدافع الفقر أو الإحساس بالمساس بكرامتهم.
2- المجرمون الخطيرين : وهم الذين اتخذوا الإجرام كمهنة لهم و موردا لثرائهم
3- المجرمون المرضى : وهم المصابون بإضطرابات عقلية أو نفسية، و المدمنون على المخذرات.

وقد وضع هذا المذهب إلى جانب العقوبة وسائل ضمان تحمي المجرم من العودة إلى جريمته، ويتجلى ذلك من إجباره على متابعة العلاج، أو تعليمه فن أو حرفة تقيه من الإنحراف فإذا ظهرت علامات الإجرام عليه تقيد حريته و تنقله مع المراقبة المستمرة حتى يتكيف و الواقع الإجتماعي و يتعامل مع العقلاء، و عليه نخلص إلى التعريف التالي لقانون العقوبات :
تعريف :
هو مجموعة من القواعد القانونية التي تحدد سياسة التجريم و الجزاء، و كذلك السياسة الإجرامية التي تبين بأن الدولة بمماستها حق التجريم و العقاب يمكنها أن تحقق حماية النظام الإجتماعي ذاته، وكذلك حماية الأفراد و حقوقهم.

التمييز بين القسم الخاص و القسم العم من قانون العقوبات :

1- القسم العام : هو مجموعة القواعد العامة التي تنطبق على كافة الجرائم بوجه عام مثل الأركان العامة للجريمة، و القواعد التي تحدد مجال تطبيق القانون الجنائي من حيث الزمان و المكان و الأشخاص و القواعد التي تحكم المساهمة الجنائية و الشروع و تعدد الجرائم…إلخ.

2- القسم الثاني : ويطلق عليه القسم الخاص، و يهتم بدراسة أحكام النصوص الخاصة بكل جريمة على حدى، فتبين عناصرها وتحدد وصفها والعقوبة المقررة لمن يرتكبها، أو يسهم فيها، و ظروف التشديد أو التخفيف لعقوبتها.

وخلاصة القول أن قانون العقوبات بقسميه العام و الخاص يعتبر فرعا من فروع القانون العام، عاى قدم المساواة على تلك الفروعالقانونية الأخرى، إلا أنه يعتبر متبوعا بالنسبة لقانون الإجراءات الجزائية، كما أنه يستند في بعض أحكامه إلى علم الإجرام و علم العقاب بإعتبارهما علمين مساعدين، و لا شك أن قانون العقوبات، و قانون الإجراءات الجزائية و علم الإجرام و العقاب تكون معا مجموعة العلوم الجنائية، التي ترسم خطوط السياسة الجنائية في كل مجتمع، على ضوء المبادئ العامة الأساسية التي ينص عليها الدستور في كل الدول الحديثة.

2/الجريـــمة:

تمهيد :

لتسهيل الحياة الإجتماعية وتنظيم العلاقات ما بين الأفراد تعرض الدولة بواسطة القانون بعض التصرفات الإجبارية مثل مساعدة شخص في حالة خطر، بينما يجرم بعضها مثل السرقة أو القتل فإذا قام شخص بفعل شئ ينهى عنه القانون أو امتنع عن تنفيذ فعل أمر به القانون يكون قد ارتكب جريمة.

تعريف الجريمة : الجريمة هي فعل غير مشروع صادر عن إرادة جنائية يقرر له القانون عقوبة أو تدابير أمن أي هي كل سلوك أيجابي أو سلبي يأمر القانون بمعاقبة مرتكبيه.

أركان الجريمة : نستخلص من التعريف ثلاثة أركان :
1- الركن الشرعي : هو كون الفعل المرتكب منصوص عليه في قانون العقوبات على أنه جريمة.
2- الركن المادي : هي مجموعة من الأنشطة يقدم عليها الجاني و يستعملها في التنفيذ الفعلي للجريمة كمد يده لملك الغير؟، و بلسانه كالسب أو بوسيلة أخرى لتحقيق عمله.
3- الركن المعنوي : هو القصد الجنائي أي نية الفاعل في إرتكاب الفعل رغم علمه بأنه غير مشروع و مع ذلك اتجهت إرادته الحرة إلى إرتكابه.

3/تصنيف الجرائم :

تصنف الجرائم حسب درجة جسامتها إلى :

1- الجنايات : و هي ذات الضرر الكبير و العقوبة الأشد و عقوبتها من 05 سنولت إلى 20 سنة سجنا أو المؤبد أو الإعدام.
2- الجنح : وهي المتوسطة الضرر عقوبتها من شهرين إلى 05 سنولت حبس أو عغرامة مالية أكثر من 2000 دينار جزائري.

3- المخالفات : وهي ذات الضرر الضعيف أو التافه و عقوبتها من يوم إلى شهريت حبس على الأكثر و غرامة مالية من 20 دج إلى 2000 دج.

تصنيف الجرائم حسب النشاط المادي لها

مقدمة

يمكن تقييم الجرائم من زاوية الركن المادي إلى جرائم ايجابية و جرائم سلبية، جرائم وقتية و جرائم مستمرة، جرائم بسيطة و جرائم إعتيادية.

1 – الجرائم الإيجابية و الجرائم السلبية :

أ‌- الجرائم الإيجابية : تتمثل في القيام بأفعال جرمية إيجابية (سرقة، تعدي،…إلخ).

ب‌- الجرائم السلبية : وهي نتيجة الإمتناع عن القيام بفعل أمر به القانون مثل إمتناع الأم عن إرضاع رضيعها، الإمتناع عن دفع النفقة…إلخ.

2 -الجرائم الوقتية :

وهي التي تلزم من الجاني فعلا ماديا يبدأ وينتهي في فترة زمنية محدودة مثال : السرقة و القتل.

3- الجرائم المستمرة :

هي التي تتطلب من الجاني نشاطا إيجابيا يستغرق فترة زمنية قد تطول أو تقصر حسب الظروف مثل جريمة إخفاء الأِياء المسروقة، وجريمة حبس الأشخاص بدون حق و جريمة حيازة السلاح بدون رخيص.

4- الجرائم البسيطة :

هي التي تتكون من نشاط إجرامي واحد و لا يلزم فبها عنصر الإعتياد و التكرار.

5- جرائم الإعتياد :

هي التي يتطلب فيها تكرار الفعل المادي المكون لها حتى تتم الجريمة، فلذا لا يكتفي فيها وقوع الفعل لأول مرة، لأن المشرع يعتبر تكرار الفعل هو الذي يشكل الخطورة مثل جريمة التسول.

تقسيم الجريمة بالمفهوم الجنائي :

• من حيث الإختصاص :
1. الجنايات : تختص بالنظر فيها المحاكم الجنائية على مستوى المجالس القضائية
2. الجنح و المخالفات : تختص بالنظر فيها المحاكم الإبتدائية.

• من حيث إعادة التحقيق:
3. التحقيق اجباري في الجنايات.
4. التحقيق في الجنح جوازي.
5. التحقيق في المخالفات إختياري.

• تقادم العقوبة :
1. تسقط العقوبة بالتقادم في الجنايات بمضي 20 سنة بعد النطق بالحكم إذا لم يتم القبض على المحكوم عليه.
2. تسقط العقوبة بالتقادم في الجنح بمضي 05 سنوات بعد صدور الحكم على الجاني.
3. تسقط العقوبة بالتقادم في المخالفات بمضي سنتين بعد صدور الحكم على المخالف.

4/الشروع أو المحاولة:

تعريف الشروع أو المحاولة :

هو البدأ في تنفيذ جزء أو أكثر من الركن المادي للجريمة و يدخل عامل خارجي لابد للفاعل في التدخل فيه يحول دون تحقيق النتيجة.

إرادة الشروع :
أ‌- الركن الشرعي : وجود نص المادة 30 من قانون العقوبات تعاقب الأشخاص الذين يحاولون القيام بجريمة.
ب‌- الركن المادي : وهو النشاط أو السلوك الإجرامي الذي يختلف من جريمة إلى أخرى، و الذي يكشف فيه إرادة الجاني في تنفيذ الجريمة، ويقوم الركن على عنصرين :
1- البدأ في تنفيذ جزء أو أكثر من الفعل المكون للركن المادي
2- وقف التنفيذ أو خيبة أثره لأسباب أو عوامل لا تدخل للفاعل في تدخله.
ت‌- الركن المعنوي : وهو اتجاه إرادة الفاعل إلى ارتكاب الجريمة أي القصد الجنائي.
عقاب الشروع : يعاقب القانون على الشروع في الجنايات كالجنايات نفسها أما الجنح فلا يعاقب على الشروع فيها إلا بنص خاص وأما المخالفة فلا يغاقب على الشروع فيها مطلقا.

صور الشروع :

1- الجريمة الموقوفة :هي الجريمة التي يبدأفيها لتنفيذ الفعل الإجرامي و يتوقف لسبب خارج عن إرادة الجاني ولا يكون الجاني قد استنفذ كل نشاطه الإجرامي كالسرقة الذي يلقي عليه القبض متسلقا في طريقه إلى المنزل قصد السرقة أو كالذي يشرع في القتل يسلاح ثم يتمكن المجني عليهمن انتزاعه منه.

2- الجريمة الخائبة : هي الجريمة التي يستنفذ فيها الجاني كل نشاطه الإجرامي و لكن لا تتحقق النتيجة لأسباب لا تدخل لإرادته فيها كالسارق الذي يدخل إلى مكان السرقة و يجمع المسروقات ييهم بالفرار ولكنه يضبط في اللحظة الأخيرة، و كمن يطلق النار على المجني عليه لكن لا يصيبه.
3- الجريمة المستحيلة : هي الجريمة التي لم يكن في وسع الجاني أن يحقق النتيجة فيها على الرغم من قيامه بكل الأفعال التي من شأنها تحقيق هذه النتيجة كمن أطلق النار على المحجني عليه لإزهاق روحه وإذا بالمجني عليه كان قد مات قبل ذلك أو استعمل في ذلك مادة لا يعتقد أنها سامة و هي في الحقيقة غير ذلك أو بكمية لا تؤدي إلى الوفاة.
4- العدول الإختياري : أن يبدأ الجاني في تنفيذ الجريمة ثم يتراجع عن تنفيذها دون أن يتدخل أحد مثال : تربص زيد لقتل عمر و عندما اقترب منه أعد البندوقية لإطلاق النار و في هذه اللحظة يعدل عن القتل و يتراجع.
5- العدول الإضطراري : هو أن يتراجع الجاني عن تنفيذ الجريمة مضطرا لسبب تدخل طرف خارجي عن إرادته مثل ضبط الشرطة السارق أثناء السرقة.

5/المساهمة و الإشتراك:

تعريف الفعل الإصلي : يعتبر فاعلا أصليا كل من قام مباشرة بتنفيذ الفعل الإجرامي كالقاتل في جريمة القتل أو من حرض على ذلك كما هو وارد في المادة 41 من قانون العقوبات التي تنص (يعتبر فاعلا كل من ساهم مساهمة مباشرة في إرتكاب الجريمة أو حرض على إرتكاب الفعل بالهبة أو الوعد أو التهديد أو إسائة إستعمال السلطة والولاية أو التدليس و التحايل الإجرامي) مثل أب يحرض إبنه على السرقة وإعطائه مبلغ من المال من أجل ارتكاب الجريمة، تهديد امرأة من طرف صاحب عملها.

تعريف الشريك : الشريك هو الذي لم ينقد الفعل الإجرامي ولكنه ساهم في الجريمة بالرسائل المنصوص عليها في المواد 42-43 من قانون العقوبات.

المادة 42 : تنص عل أنه يعتبر شريك في الجريمة من لم يشترك إشتراكا مباشرا، و لكنه ساعد بكل الطرق أو عاون الفاعل أو الفاعلين على إرتكاب الأفعال التحضيرية و المسهلة أو المنفذة مع علمه بذلك.
المادة 43: تنص على أنه يأخذ حكم الشريك من إعتاد أن يقدم مسكنا لمجئ للإجتماع لواحد أو أكثر من الأشرار الذين يمارسون اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو الأشخاص أو الأموال مع علمهم بسلوكهم الإجرامي مثل شخص يقدم مسدسه لشخص آخر من أجل ارتكاب جريمته القتل ، هنا اعادة المسدس لا تعني المساهمة المباشرة في الجريمة وإنما المشاركة.

أركان الإشتراك :

1- الركن الشرعي : فعل رئيس معاقب عليه بجناية أو جنحة، يجب أن تكون المشاركة منصبة حول فعل رئيسي يعاقب عليه بجناية أو جنحة و ذلك لأن الإشتراك ممعاقب عليه في المخالفات إلا ما نص عليه القانون.

2- الركن المادي : حدد القانون في المادتين 42 – 43 من قانون العقوبات الأفعال التي إذا قام بها الشخص يعتبر شريك و هي :
أ – المساعدة : ويقصد بذلك تقديم العون و المساعدة لمرتكبي الجريمة على شرط أن تبقى في حدود الأعمال التحضيرية أوالمسهلة للتنفيذ.
ب – الأعمال التحضيرية :وتتمثل في كل الأعمال التي تسبق مرحلة التنفيذ، وهي تختلف من جريمة إلى أخرى مثال : يقوم الشريك بتقديم السلاح أو بعض الآلات أو المعلومات التي تستعمل في الجريمة.
ج – الأعمال المسهلة في الجريمة : وتكمن في تقديم المساعدة وبالتالي يعد شريك كل من قام بفعل أو أكثر من الأفعال التحضيرية أو المساهمة أو المنفذة للجريمة مع علمه بذلك.

3- الركن المعنوي : جريمة المشاركة هي جريمة عمدية تتم عن علم و دراية يوحى من وراءها تحقيق الواقعة الإجرامية، فإجراء الشريك هو اجرام عمدي ولا يتصور قيام المشاركة بإعمال غير عمدية كالخطأ و الإهمال.

6/أسباب الإباحة:

تعريف : أسباب الأباحة هي أسباب موضوعية تزيل صفة التجريم للفعل فينهدم الركن الشرعي للجريمة و يصبح الفعل غير معاقب عليه.

أسباب الإباحة : تنص المادة 39 من ق. ع على أنه لا جريمة :
– إذا كان الفعل قد أمر أو دبر به القانون.
– إذا كان الفعل قد دفعت إليه الضرورة الحالة للدفاع المشروع عن النفس أو عن الغير أو عن مال مملوك للشخص أو للغير بشرط أن يكون الدفاع متناسبا مع جسامة الإعتداء.

أولا – أمر القانون : كما في حالة قيام شخص بالقبض على الجاني في حالة تلبس بجناية أو جنحة.

ثانيا-إذن القانون : كتأديب الأطفال بالضرب الخفيف عند اللزوم، و الطبيب الذي يحدث جروحا بجسم المريض قصد علاجه.

ثالثا-الدفاع المشروع : هو إستعمال القوة اللازمة لصد خطر إعتداء حال غير مشروع.
شروط الدفاع الشرعي :
1- أن يكون هناك إعتداء.
2- أن يمثل الإعتداء خطرا حالا و قائما.
3- أن يكون الإعتداء غير مشروع.
4- يجب أن تتناسب قوة الدفاع مع شدة الإعتداء.

7/العقوبات و تدابير الأمن:

التعريف بالعقوبة : هو القصاص أو الألم الذي يفرضه المجتمع على مرتكبي الجريمة، تنفيذا للحكم القضائي.

خصائص العقوبة :
1- أن تتقرر العقوبة بنص قانوني.
2- تساوي المتهمين أمام العقوبة.
3- شخصية العقوبة أي لا تتعدى العقوبة الى أقارب الجاني.
4- تحقيق العدل في العقوبة، يجب أن تتناسب مع جسامة الجريمة.

و العقوبات كجزاء للجرائم أي كان نوعها أي سواء كانت جنايات أم جنح أم مخالفات، يمكن تقسيمها إلى عقوبات أصلية، تبعية وتكميلية. حيث أن العقوبة الأصلية هي الجزاء الجنائي الرئيسي لإرتكاب الجريمة فهي تصلح بذاتها منفردة لتحقيق العقاب، ولهذا يجب أن ينص الحكم الجزائي على تلك العقوبة الأصلية صراحة في كافة الجرائم الجنائية.
أما العقوبة التبعية فهي تقع على المحكوم عليه في الجنايات فقط و تلحق بالعقوبة الأصلية بحكم القانون، حتى ولم ينص الحكم عليها.
أما العقوبة التكميلية فيجوز الحكم بها كجزاء تكميلي للعقوبة الأصلية لكن يشترط لنطبيقها أن ينص الحكم عليها صراحة في أي جريمة أي كان نوعها.

العقوبات الأصلية :
أ‌- الجنايات : الإعدام، السجن المؤبد، السجن المؤقت (الحد الإدنى 05 سنوات، الحد الأقصى 20 سنة).
ب‌- الجنح : الحبس من شهرين إلى 05 سنوات، الغرامة أكثر من 2000 دج.
ت‌- المخالفات : الحبس من يوم واحد إلى شهرين، الغرامة من 20 دج إلى 2000دج.

العقوبات التبعية : العقوبات التبعية هي الحجز القانوني و الحرمان من الحقوق الوطنية و هي لا تتعلق إلا بعقوبة الجناية.
الحجز القانوني هو حرمان المحكوم عليه أثناء تنفيذ العقوبة الأصلية عليه، من مباشرة حقوقه المالية، وتكون إدارة أمواله طبقا للأوضاع المقررة في حالة الحجز القضائي.
1- عزل المحكوم عليه و طرده من جميع الوظائف و المناصب السامية من الحزب و الدولة، وكذا جميع الخدمات لها صلة بالجريمة.
2- الحرمان من حق الإنتخاب و الترشيح وعلى العموم كل الحقوق الوطنية والسياسية ومن حمل أي وسام.
3- عدم الأهلية لأن يكون مساعدا محلفا أو خبير أو شاهد على أي عقد أو أمام القضاء إلا على سبيل الإستدلال.
4- عدم الأهلية لأن يكون وصيا أو ناظرا مالم تكن الوصايا على أولاده.
5- الحمان من الحق في حمل السلاح وفي التدريس و في إدارة مدرسة أو الإستخدام في مؤسسة للتعليم بصفة أستاذ أو مراقبا.

العقوبات التكميلية :
1- الإعتقال.
2- تحديد الإقامة.
3- المنع من الإقامة.
4- الحرمان من مباشروة بعض الحقوق.
5- المصادرة الجزئية للأموال.
6- حل الشخص الإعتباري.
7- نشر الحكم.

8/المسؤولية الجنائية:

تعريف : وهي قابلية شخص على تحمل نتائج الجريمة التي إرتكبتها أي العقاب المقرر لهذه الجريمة،تقوم المسؤولية الجنائية ‘لى أساس ركنين هما :

• الخطأ : وهو إتيان فعل ممنوع قانونا ويعاقب عليه سواءا عن قصد أو غير قصد وعلاوة على ذلك يجب أن يكون الفاعل قد أقدم على فعله وهو واعي بما يفعله قادرا على إتخاذ القرار أي حر الإرادة ومعنى ذلك أن تتوفر لديه الأهلية الإرادية الجنائية.

• الأهلية الجنائية : وهو مجموعة من الصفات الشخصية اللازمة توفرها في الشخص حتى يمكننا أن ننسب إليه الواقعة اإجرامية التي إقترفها عن وعي وإدراك وبالتالي فإن القانون لا يحمل شخص عن تصرفاته إلا إذا كان قادرا على الإدراك والفهم وهي تتطلب شرطين أساسيين هما :

1- النضج العقلي الكافي : كما أنه من المعروف أن الملكات النفسية و الذهنية للفرد تبدأ بالتكوين منذ ولادته ولا يعتبر أهلا للمسؤولية إلا بعد أن تنضج هذه الملكات ويصبح قادرا على الإدراك و التمييز.

2- الصفة العقلية : و المقصود بها التمتع بكامل قواه العقلية وغير مصاب بأي مرض مزمن أو عقلي أو نفسي يفقده التمييز و الإدراك.

موانع المسؤولية :

وهي عبارة عن حالات و أسباب ذاتية تتعلق بالشخص تمكنه عندما تتحقق أن تمنع مسؤولية الفاعل العقابية ولكنها لا تنفي عنه صفة الإجرامية مما يسمح بتطبيق التدابير عن الفاعل، وهي تتمثل أساسا في :

1- الجنون : وهو عبارة عن إضطرابات عقلية تفقد الشخص القدرة على الإدراك و التمييز و السيطرة على أعماله وقد نصت المادة 47 من قانون العقوبات على أنه لا عقوبة على من كان في حالة جنون وقت إرتكابه الجريمة وذلك دون الإخلال بأحكام الفقرة 02 من المادة 21 من ق.ج ويتعلق الأمر في هذه الحالة بالحجز القضائي في مؤسسة نفسية أو صحية قصد العلاج، و يتمثل جنون في مفهومه العام كل نفس في الملكات العقلية من صوره العته و من أعراضه عدم الفهم.

2- الصرع : عبارة عن نوبات يفقد فيها المريض رشده.

3- اليقضة النومية : النهوض أثناء النوم و القيام بأفعال لاشعورية و أمراض أخرى مثل إزدواج الشخصية …إلخ.
لا يدخل في هذا المفهوم التنويم المغناطيسي و السكر وتناول المخذرات ضمن موانع المسؤولية الجنائية لسبب فقدان الوعي ومن تم يعاقب بالعقوبات المقررة قانونا كل من ارتكب جريمة و هو في حالة سكر أو تحت تأثير مخدرات تناولها عن علم و إرادة بصرف النظر عن طبيعة الجريمة بل يعود ظرف تشديد كما هو الحال في جرائم القتل أو الضرب و القيادة في حالة سكر ولقيام عنصر الإعفاء التام من العقوبة لابد من توفر عنصرين و هي :
أ‌- يجب أن يكون الجنون معاصرا للإرتكاب الجريمة.
ب‌- يجب أن يكون الجنون تاما أي أن يكون الإضطراب العقلي من الجسامة بحيث ينعدم الشعور و الإختيار كلية وهذه المسألة موضوعية يرجع تقديرها لقضاة الحكم إثر خبرة طبية.

9/موانع المسؤولية:

1- الجنون و الأفات العقلية و النفسية : من أهم الحالات التي تدرج تحت لفظ الجنون مايلي :
أ‌- العته : من أمراضه العجز عن فهم القيم الأخلقية.
ب‌- الأمراض العقلية (إصابة المخ) : فقدان حرية الإختيار من أمراضه جنون السرقة أو جنون الحريق.
ت‌- الأمراض العصبية : تأثر في حرية الإختيار و التمييز كإزدواج الشخصية، العجز في التحكم في الغرائز.
ث‌- السكر : رغم غياب الحكم في اسباب امتناع المسؤولية نلاحظ أن المشرع الجزائري قد تحدث في المادة 22 من ق ع عن حالات الإدمان بالمواد المخدرة و الكحولية وضع لها تدابير أمن لوقاوية المجتمع.

2- الإكراه : وهو سبب مانع من المسؤولية وذلك لإلغائه شرطا من شروط الإرادة الجنائية و المتمثل في حرية الإختيار و من ثم نفي المسؤولية الجنائية و الإكراه نوعان :
– الإكراه المادي : وهو قوة لا سيطرة للمتهم عليها تفقده إرادته و السيطرة على أفعاله.
مثال : الذي يمسك بيده مسدس لكي يطلق عيار نار فيصيب شخص آخر فحركة هذا المكره هي حركة غير إرادية
– الإكراه المعنوي : هو التوجيه الإرادي إلى ارتكاب الجريمة عن طريق الإكراه بإستعمال العنف مثل حبس شخص أو ضربه حتى يقبل القيام بالجريمة.

3- صغر السن : تبعا للنصوص المواد 49 و 50 من ق ع فقد جاءت الأحكام منظمة لقواعد المسؤولية الجنائية ضمن مجموعتين :

1- الأحكام الخاصة بأقل من 13 سنة : إنتقاء للمسؤولية الجنائية لعدم توافر الذهنية لإدراك ماهية الأفعال و نتائجها، فلا عقوبة له سواء تدابير للحملية أو التربية تفاديا للخطر للمجتمع.
2- الإحكام الخاصة بالقصر من 13 إلى 18 سنة : حيث نصت المادة 50 من ذات القانون يقضي بعقوبات خفيفة أو بتدابير الحماية أو التربية وذلك لكونه قد بلغ قدرا من التمييز يؤهله لتحمل قدرة المسؤولية الجنائية عن أفعاله الضارة.

10/الظروف المخففة:

تعريف : تنص القوانين عادة على تحديد للعقوبة لمواجهة الجريمة بحيث يستطيع القاضي أن يحكم في حدود السلطة التقديرية بالجزاء المناسب ، ضمن حدود هذه الجريمة، فلا يجوز للقاضي أن يتجاوز الحد الأقصى أو ينزل إلى الحد الأدنى و نظرا إلى أن المشرع لا يستطيع أن يحصر كل أسباب التخفيف فقد نص على بعضها فيما يسمى بالأعذار القانونية :

1- الإعذار القانونية : هي أسباب تخفيف وجوبي حصرها المشرع في المادة 52 من ق ع وهي :

أ‌- الأعذار المعفية : وهي تلك الأعذار التي تؤدي إلى عدم عقاب المتهم و لذا تسمى موانع العقاب مثل ما نصت عليه المادة 92 ق ع التي تقضي الإعفاء من العقوبة لمن يبلغ السلطات الجناية أو الجنحة ضد أمن الدولة قبل البدأ في تنفيذها م199 من ق ع .
ب‌- الأعذار المخففة : ويقصد بها التي تقتصر على تخفيف العقاب حسب ما نصت المادة 277 من ق ع ، المادة 283 ق ع بخصوص جرائم العنف العمدي.

أثارها : رغم أن قانون العقوبات لم يحدد طبيعة هذه الظروف فقد يجوز للقاضي إعتماد الظروف المخففة للعقوبات طبقا لنص المادة 53 من ق ع التي تنص بأنه يجوز للقاضي تخفيف العقوبة إلى :

– 10 سنوات إذا كانت العقوبة المقررة للجناية الإعدام، أو السجن لمدة 05 سنوات إذا كانت الجناية يعاقب عليها بالسجن المؤبد، وثلاثة سنوات إذا كانت الجناية يعاقب عليها بالسجن المؤقت ومدة سنة واحدة في الحالت المنصوص عليها في المادة 119.
ونشير أن صغر السن يعد عنصر هاما مخففا طبقا لنص المادة 49 ، 50 من ق ع لا توقع على القاصر الذي لم يكمل الثلاثة عشرة إلا تدلبير الحماية و التربية.

الركن المادي للجريمة :
توفر الركن المادي وحده (السلوك و النتيجة و علاقة السببية بينهما) لا يكفي لقيام الجريمة، بل يلزم لقيامها توافر الركن المعنوي أيضا، و الركن المعنوي هو توافر الخطأ أو الإثم لدى الجاني، و الخطأ نوعان ، خظأ عمدي وخطأ غير عمدي ، أي أن الجريمة تقوم إذا تحقق الإعتداء على الحق الذي يحميه القانون كنتيجة لسلوك مجرم يأتيه الجاني بإرادته الآثمة، و الإرادة الآثمة هي التي تشكل الركن المعنوي في الجريمة و لا يعتد بها القانون إلا إذا كانت صادرة من شخص يكون أهلا للمساءلة الجنائية، و لهذا نقول أن المسؤولية الجنائية تقوم على محورين، أو عنصرين هما : الخطأ و الإهلية الجنائية.

ونستنتج من ذلك أن الخطأ بنوعيه قد يصدر من عدم الأهلية كالجنون و الطفل غير المميز فكلاهما قد يتعمد الخطأ عن سلوكه المجرم وقد تأتي سلوك المجرم كنتيجة لإهماله أي خطأه الغير عمدي، ولكنهما لا يسألان جنائيا لعدم توفر العنصر الثاني من المسؤولية ألا و هو الأهلية الجنائية.