بحث عن القانون الواجب تطبيقه على المسائل الإجرائية في التحكيم التجاري الدولي

يكتسي التحكيم التجاري الدولي أهمية قصوى في حل النزاعات التي يمكن أن تنشأ بين التجار، خصوصا مع التوسع الذي تشهده العلاقات الاقتصادية، وفي ظل عدم وجود جهة قضائية دولية واحدة متخصصة وقواعد قانونية موحدة تتسم بالتخصص، يطرح لنا مشكل القانون الواجب التطبيق على التحكيم التجاري الدولي.

“ويقصد بالقانون الواجب التطبيق على التحكيم مجموعة من القواعد القانونية التي يرى المحكم أنها مناسبة للتطبيق على النزاع سواء أكان مصدرها قانونا وطنيا ما أو كانت مشتقة من مجموعة قوانين وطنية أم متعارف عليها في محيط التجارة الدولية…”[1].

ويجب تحديد القانون الواجب التطبيق في ثلاثة مراحل، مرحلة عقد التحكيم لمعرفة القانون الذي يطبق عليه لتحدي كيفية انعقاده وتفسيره وأهلية أطرافه، ومرحلة الإجراءات المتبعة في عملية التحكيم لكي نصل إلى الحكم التحكيمي، ثم مرحلة تحديد القانون واجب التطبيق على موضوع النزاع.

وما يهمنا في هذا الموضوع هو القانون المسطري الذي يحكم التحكيم التجاري الدولي الذي يقصد به تلك القواعد الإجرائية التي يتعين إتباعها بعد تشكيل هيئة التحكيم، وحتى صدور القرار الذي يفصل في المنازعة[2]. إذ أن هذه القواعد تعد من الأمور الجوهرية في التحكيم التجاري الدولي، فالأطراف حينما يلجئون إلى التحكيم، يكون هدفهم من ذلك هو تفادي الخضوع للإجراءات الداخلية نظرا لما تمتاز به من تعقيد، مما يمكن معه القول أن إرادة الأطراف هي التي يجب أن تحظى بمهمة تحديد هذه القواعد الإجرائية، غير أن غياب هذه الإرادة يخول للمحكم سلطة في اختيار القانون المسطري الواجب التطبيق.

وإذا كان المشرع المغربي لم ينظم التحكيم الدولي في ظل قانون المسطرة المدنية الصادر سنة 1913، وكذا الصادر سنة 1974، فإنه؛ وبعد انفتاحه على محيط التجارة الدولية قد تدارك هذا النقص، وأصدر قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة[3] سنة 2007، هذا الأخير الذي نظم التحكيم الدولي وإجراءاته في الفصول من 39-327 إلى 54-327، وقد حاول المشرع المغربي ملاءمة هذا القانون مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها في هذا المجال من ذلك، اتفاقية نيويورك لسنة 1958 بشأن الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها، التي صادق عليها سنة 1960[4]، وكذلك اتفاقية عمان العربية سنة 04/04/1987، كما وقع على القواعد النموذجية للتحكيم التجاري الدولي سنة 1958، بالإضافة إلى اتفاقيات أخرى في هذا المجال.

ومن هنا تظهر لنا الأهمية العلمية والعملية للموضوع، فالأولى تبرز في كون أن عدم تحديد الأطراف للقانون الإجرائي الواجب التطبيق سيطرح إشكال تنازع القوانين في الحالة التي يتعارض فيها الوطني مع الدولي، أما على المستوى الثاني، فتكمن الأهمية في كون أن وجود قواعد إجرائية موحدة ستسهل للتجار عملية الفصل في النزاعات بسرعة دون تعقيد مما سينعكس إيجابا على التجارة الدولية.

ومن هنا يمكن طرح الإشكالية التالية:

إلى أي حد يمكن لهيئة التحكيم التوفيق عند تطبيق القواعد الإجرائية بين مصالح الأطراف المتنازعة، وكذا النظام العام في بعده الوطني والدولي؟ وللإجابة عن هذه الإشكالية ارتئينا أن نقسم الموضوع على الشكل التالي:

المبحث الأول: اختيار القانون الإجرائي الواجب التطبيق على التحكيم التجاري الدولي
المبحث الثاني: القيود الواردة على اختيار القانون الإجرائي الواجب التطبيق في التحكيم التجاري الدولي

المبحث الأول

اختيار القانون الإجرائي الواجب التطبيق على التحكيم التجاري الدولي:

يملك الأطراف حرية في تحديد القانون الإجرائي الواجب التطبيق على التحكيم التجاري الدولي الحر، وإذا اختار الأطراف اللجوء إلى التحكيم المؤسساتي فإنهم يصبحون ملزمون بلوائح تلك الهيئات، مما يحد من إرادتهم في اختيار القواعد المسطرية (المطلب الأول)، وتملك هيئة التحكيم سلطة أيضا في اختيار هذه القواعد إذا تم تفويضها ذلك من قبل الأطراف، أو في حالة لم يحدد هؤلاء أي قواعد ، ويمكنها أيضا تكملة هذه الأخيرة في حالة ما إذا كانت ناقصة (المطلب الثاني).

المطلب الأول

دور الإرادة في تحديد القانون الإجرائي الواجب التطبيق على التحكيم التجاري الدولي:

يلعب مبدأ سلطان الإرادة دورا بالغ الأهمية في تحديد شروط التعاقد في عقود التجارة الدولية، وعلى اعتبار أن التحكيم يتميز بالطابع الاتفاقي؛ إذ بإرادة الأطراف يوجد التحكيم وينقضي[5]، وبالتالي فمن خلال هذا الطابع يتحدد القانون الإجرائي الواجب التطبيق على التحكيم التجاري الدولي، غير أنه يجب التمييز بخصوص إرادة الإطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق على سير إجراءات التحكيم بين التحكيم الخاص أو الحر(الفقرة الأولى)، والتحكيم المنظم أو المؤسساتي (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: دور الإرادة في التحكيم الحر:

يقصد بالتحكيم الحر أو الخاص ذلك الذي يتولى الخصوم إقامته بمناسبة نزاع معين، للفصل في هذا النزاع، فيختارون بأنفسهم المحكم أو المحكمين، كما يتولون في الوقت ذاته تحديد الإجراءات والقواعد التي تطبق بشأنه[6]، بحيث يتميز هذا التحكيم بالطابع الاتفاقي للمحتكمين في تحديد إجراءات التحكيم، من خلال تمكينهم بحق الاتفاق على تعيين قواعد إجرائية تحكم سير المنازعة أمام هيئة التحكيم، وبعبارة أخرى هو أنه يجوز للخصوم في التحكيم تنظيم سير المنازعة وفقا لقواعد إجرائية من صنعهم، وبمحض إرادتهم[7].

وقد اعترفت معظم الاتفاقيات الدولية بحرية الأطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم، ومن ذلك الاتفاقية الأوربية للتحكيم التجاري الدولي لسنة 1961، التي نصت في مادتها الرابعة على أنه في حالة النزاعات الخاضعة للتحكيم الخاص، يحدد الفرقاء – المحتكمين – القواعد الإجرائية التي يقتضي إتباعها من قبل الحكام، كما أن قانون الأونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي ذهب في نفس المنحى، حيث نص في مادته 19 على أنه “…يكون للطرفين حرية الاتفاق على الإجراءات التي يتعين على هيئة التحكيم إتباعها لدى السير في التحكيم…”[8]، وهو نفس الأمر الذي أكدت عليه قواعد التحكيم وقواعد الوساطة لغرفة التجارة الدولية[9].

وقد ساير المشرع المغربي هذه الاتفاقيات الدولية في الفصل 319 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة، بحيث خول هذا الأخير للأطراف الحرية في الاتفاق على المسطرة الواجب إتباعها، في حالة التحكيم الحر.

وما يعزز توجه المشرع المغربي في تمكين الأطراف من حرية اختيار القانون الإجرائي الواجب التطبيق في التحكيم التجاري الدولي، هو منطوق الفصل 42-327 نفس القانون أعلاه، بحيث خول هذا الفصل لاتفاق التحكيم الحق في تحديد المسطرة الواجب إتباعها في إجراءات التحكيم التجاري الدولي، وذلك إما مباشرة ، كما مكنهم من إخضاعه لقانون المسطرة المحدد فيه[10]، وبالتالي فهذه المادة تدل على دور الإرادة في تنظيم المسطرة الواجب إتباعها، ويظهر ذلك جليا انطلاقا من عبارة ” أن يحدد مباشرة”، هذا التحديد الذي يتجسد في وضع القواعد المسطرية المتفق بشأنها بكل حرية[11]، كأن ينظم الأطراف طريقة تبادل المذكرات وكيفية تبليغها، وكذا طرقة إجراء المرافعات ومكانها، وتبليغ الإجراءات، وطرق الاستماع إلى الشهود وإجراء التحقيقات وتعيين الخبراء، وتحديد اللغة الواجب استعمالها على امتداد المسطرة التحكيمية[12].

ويمكنهم أيضا اختيار القواعد القانونية الإجرائية لدولة معينة، وقد يتفق الأطراف أيضا على خضوع جزء معين من النزاع لقانون معين، أو على تطبيق بعض أحكام القانون المختار دون البعض الآخر، وفي مثل هذه الحالة نكون بصدد ما يسمى ” بالاختيار الإيجابي”، كما يمكن للمحتكمين الاتفاق على استبعاد تطبيق قانون معين، وهذا ما يعرف ” بالاختيار السلبي للقانون”[13].

وما يؤكد توجه المشرع المغربي إلى احترام إرادة الأطراف في اختيار القانون الإجرائي الواجب التطبيق على سير التحكيم التجاري الدولي، هو استبعاده المقتضيات المتعلقة بالتحكيم المنصوص عليها في قانون رقم 08.05 من التطبيق، وذلك إذا كان هناك اتفاق بين الأطراف على تطبيق قانون أخر[14].

ولكي تقوم إرادة أطراف التحكيم بوظيفتها في تحديد القواعد الإجرائية يجب أن تكون هذه الإرادة صريحة وواضحة، وإذا لم توجد إرادة صريحة لهم، فإنه في مجال التحكيم قد يتعذر القول بإمكانية اللجوء إلى الإرادة الضمنية لأطراف التحكيم[15]، وهو ما يلقي على المحكم عبئ التحقق من اتجاه إرادة الأطراف في اختيار نظام التحكيم، طالما أنه لا يكفي استخلاصه من أية إشارة ضمنية[16]، غير أن بعض الفقه[17] ذهب عكس هذا، بحيث اعتبر أنه يمكن تعيين القانون الواجب التطبيق بشكل غير مباشر، وذلك عندما يختار أطراف النزاع بلد ما، ففي هذه الحالة يفترض أن تلك الأطراف قد قبلت ضمنيا بالقواعد الخاصة، بتنازع القوانين لذلك البلد، وبالتالي يصار إلى معرفة القانون الواجب التطبيق طبقا لقواعد الإحالة أو الإسناد لقانون ذلك البلد.

وتبقى العبرة في تحديد القانون الواجب التطبيق بتاريخ إبرام العقد المضمن لشرط التحكيم، وليس بتاريخ وقوع النزاع وعرضه على المحكمين[18].

الفقرة الثانية: دور الإرادة في التحكيم المؤسساتي:

التحكيم المؤسسي هو الذي يتفق فيه الأطراف على إحالة المنازعات التي ستنشأ بينهم في المستقبل، أو التي نشأت بالفعل بينهما إلى التحكيم أمام هيئة تحكيمية أو منظمة أو مركز من هيئات أو منظمات أو مراكز التحكيم الدائمة وفق قواعد وإجراءات موضوع سلفا من قبل هذه الهيئات أو المنظمات[19]، وفي هذه الحالة تجري إجراءات التحكيم وفقا لما تقرره القواعد المتبعة في المؤسسة التحكيمية[20].

إذ يتم عرض النزاع باتفاق الأطراف على مؤسسة تحكيمية متخصصة ومقامة من أجل فض النزاعات عن طريق التحكيم، فهاته المؤسسات تضع ضوابط وإجراءات، وتتولى تنظيم التحكيم بشكل يكفل حقوق الأطراف[21].

وهكذا نصت المادة 4 من الاتفاقية الأوربية لسنة 1961، على أنه في حالة اختيار الأطراف إحدى مؤسسات التحكيم فإن إجراءات التحكيم تجري طبقا لقواعد تلك المؤسسة، كما نصت المادة 19 من قواعد غرفة التجارة الدولية على أنه ” تخضع الإجراءات أمام هيئة التحكيم لهذه القواعد، وإذا خلت القواعد من الحكم المطلوب تخضع للقواعد التي يتفق عليها الأطراف أو التي تقررها هيئة التحكيم في حالة غياب اتفاق الأطراف…”، ويلاحظ أن هذه المادة فرضت تطبيق قواعد غرفة التجارة الدولية هي الأولى، ولم تخول لإرادة الأطراف اختيار القانون الإجرائي الواجب التطبيق، إلا عند غياب الحكم الذي سيحكم إجراءات التحكيم في قواعد غرفة التجارة الدولية.

وقد تبنى المشرع المغربي بدوره هذا الأمر، بحيث نص الفصل 319 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة على أنه “…عندما يعرض التحكيم على مؤسسة تحكيمية، فإن هذه الأخيرة تتولى تنظيمه وضمان حسن سيره طبقا لنظامها…”، وما يؤكد خضوع إجراءات التحكيم المؤسسي التجاري الدولي لنظام المؤسسة، هو العبارة الواردة في الفصل 42-327 “…أو استنادا إلى نظام التحكيم، المسطرة الواجب إتباعها خلال سير التحكيم…”، بما يعني أنه في حالة اتفاق الأطراف على الخضوع إلى التحكيم المؤسساتي، فتطبق في هذه الحالة القواعد الإجرائية للمؤسسة التحكيمية.

هذا الأمر دفع بعض الفقه[22] إلى القول أن دور الإرادة يختفي في مثل هذا التحكيم، لما تتضمنه قواعد التحكيم في الهيئات من شروط إذعان تلزم الأطراف بتطبيق القواعد المقررة في لوائحها التحكيمية، ولا يبقى لإرادة الأطراف إلا اختيار مكان التحكيم ولغته، إذا سمحت بذلك قواعد التحكيم النظامية، غير أن بعض الباحثين[23] ذهب إلى القول أنه يمكن للأطراف الاتفاق على اختيار القانون الإجرائي الواجب التطبيق حتى ولو تعلق الأمر بتحكيم مؤسساتي.

ونحن نذهب إلى تأييد الرأي الثاني، حيث أنه يمكن للأطراف الاتفاق على تحديد قانون إجرائي مكمل يتم الرجوع إليه في حالة غياب النص من اللوائح التحكيمية، وما يعزز قولنا هذا هو مقتضيات المادة 19 من قواعد غرفة التجارة الدولية التي سبق أن أشرنا إليها أعلاه.

ويطرح التساؤل في هذا الصدد حول دور الإرادة في تحديد القانون الإجرائي الواجب التطبيق في التحكيم التجاري الإلكتروني، وقد ذهب البعض[24] في هذا الصدد على أن الأطراف يمكنهم الاتفاق على الخضوع لإجراءات مركز التحكيم الإلكتروني، أو المحكمة الافتراضية التي تطبق قواعد وإجراءات تلاءم وتناسب وضع العالم الافتراضي، غير أن الإشكال يثور في حالة اختيار الأطراف إخضاع إجراءات التحكيم الالكتروني، لقواعد التحكيم التقليدية، نظرا للطابع التقني الذي تتميز به الإجراءات الأولى عن الثانية، ولتفادي هذه المشكلة يجب على الأطراف إبرام اتفاق تكميلي للقواعد التقليدية لتتناسب مع المسائل الفنية الخاصة بالتحكيم الالكتروني، كأن يحرروا اتفاقا بشأن وسائل الإثبات لتجنب المنازعات اللاحقة[25].

المطلب الثاني

صلاحيات المحكم على القانون الإجرائي الواجب التطبيق في التحكيم التجاري الدولي:

إن سلطات المحكم الإجرائية تزداد اتساعا عندما يفوضه الأطراف مهمة تحديد إجراءات الخصومة، إما لنقص في الخبرة أو لما قد يتطلبه هذا التحديد من التخصص و التأهيل الذي قد لا يتوفر في الأطراف، فيتم الاتفاق بين هؤلاء على تفويض ذلك للمحكم الذي يكون ملزما بسد هذا الفراغ.

كما تتسع سلطات هذا المحكم في حالة وجود نزاع بين قانونين أو إجرائيين، كأن يتفق مثلا الأطراف على قواعد معينة تحكم الإجراءات المسطرية، وقواعد أخرى تحكم موضوع النزاع، فإن هذا التباين عادة ما يولد في بعض الحالات نزاع في الاختصاص حول أي القواعد واجبة التطبيق[26]، وهو ما يخول للمحكم سلطة في تحديد القانون الواجب التطبيق (الفقرة الأولى)، كما أنه في بعض الأحيان قد يحتاج المحكم إلى تكملة القواعد الإجرائية (الفقرة الثانية)، غير أن هذه السلطة تخضع للرقابة القضائية (الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى: سلطة المحكم في اختيار القانون الإجرائي الواجب التطبيق على التحكيم التجاري الدولي:

عند غياب اتفاق الأطراف في اختيار القانون الإجرائي الواجب التطبيق، تناط بالمحكم هذه المهمة، هذا الأمر الذي أكدت عليه المادة 19 من قانون الأونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي، حيث خولت هذه المادة لهيئة التحكيم السلطة في تسيير إجراءات التحكيم بما تراه مناسبا، وذلك في غياب اتفاق الأطراف، مع احترام القانون[27]، وكذا المادة 4 من الاتفاقية الأوروبية للتحكيم التجاري الدولي[28].

أما بخصوص المشرع المغربي، فهو بدوره قد خول لهيئة التحكيم إمكانية اختيار القانون الإجرائي الواجب التطبيق في حالة غياب اتفاق الأطراف، هذا ما يؤكده الفصل 42-327 الذي جاء فيه “…إذا لم يرد نص بشأن ذلك في اتفاق التحكيم، قامت الهيئة التحكيمية، عند الحاجة، بتحديد القاعدة المسطرية الواجب إتباعها إما مباشرة وإما بالرجوع إلى قانون أو نظام تحكيم معين”.

ويرى البعض[29] أن سلطة المحكم في اختيار القانون الإجرائي الواجب التطبيق على التحكيم التجاري الدولي، هي من قبيل استكمال العقد، في حين ذهب البعض الأخر إلى القول أن السلطة المخولة للمحكم في هذا المجال نابعة من الدور الإيجابي الذي يمارسه باعتباره قاضي النزاع، فيمارس دورا هاما في سد الفراغ الذي خلفه عدم تحديد القانون الإجرائي الواجب التطبيق تمهيدا لحسم النزاع، لتصبح مسألة أولية واجبة الحسم[30].

وعلى هذا الأساس فإن حرية المحكم في اختيار القانون الإجرائي الواجب التطبيق، يجب أن تكون حرية وظيفية تنحصر في الاختيار بناء على مؤشرات موضوعية ومعقولة للإرادة المفترضة أو الضمنية، التي أضمرها الخصوم لتطبيقهاعلى ما ينشأ عن عقدهم من نزاع[31]، وهناك اتجاه عام يرجح في هذه الحالة إما قانون مقر التحكيم(أولا)، وإما تطبيق القانون الإجرائي للدولة التي يطبق قانونها على جوهر النزاع، هذا فيما يخص التحكيم الحر(ثانيا)، أما التحكيم المؤسساتي فإنه غالبا ما يعمد المحكم إلى تطبيق نظام أو لوائح المؤسسة التحكيمية التي التجأ إليها الأطراف، وهو ما يظهر لنا من العبارة الواردة في الفصل 42-327 من قانون رقم 08.05 -أو نظام تحكيم معين-وقد سبق لنا التطرق إلى هذه الفكرة.

أولا: تطبيق القانون الإجرائي لدولة مقر التحكيم:

لما كان من حق المحتكمين الحق في اختيار مكان التحكيم سواء على المستوى الدولي[32]، أو الوطني[33]، فإن الاتجاه السائد يرجح خضوع المسائل الإجرائية للتحكيم التجاري الدولي للقانون المسطري لمكان التحكيم؛ أي إخضاع اتفاق التحكيم لقانون البلد الذي اتفق على اجراء التحكيم فيه، أخذا بمبدأ خضوع الإجراءات لقانون محل التقاضي[34].

وطالما أن جل الاتفاقيات الدولية[35] قد خولت لهيئة التحكيم الحق في اختيار القانون الإجرائي الواجب التطبيق عند غياب إرادة الأطراف في هذا الشأن، فإنه يمكن للهيئة أن تختار تطبيق القانون المسطري لدولة مقر التحكيم.

وفي هذا الصدد نجد أن اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية قد اتبعت هذا الاتجاه، حيث نصت في الفقرة 2 من المادة 5 على أحقية الدولة العضو في هذه الاتفاقية في رفض الاعتراف أو عدم تنفيذ الحكم التحكيمي إذا لم يكن اتفاق التحكيم صحيحا وفقا لقانون الدولة التي صدر فيها حكم التحكيم، وذلك إن لم يقع اختيار الأطراف على قانون معين[36].

وقد نصت أيضا المادة 22 من اتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري على أنه تجرى إجراءات التحكيم في مقر مركز التحكيم التجاري العربي، ويلاحظ أن هذه الاتفاقية قد حدت من حرية الأطراف في اختيار مكان أخر غير مركز التحكيم العربي، من خلال اشتراطها ضرورة موافقة هيئة التحكيم على ذلك بعد التشاور مع المكتب[37].

وبالرجوع إلى التشريع المغربي نجده قد خول للهيئة التحكيمية إمكانية تحديد القانون المسطري الواجب اتباعه في سير التحكيم مباشرة، عند غياب إرادة الأطراف كما ينص على ذلك الفصل 42-327 من قانون رقم 08.05، بحيث يمكن لهيئة التحكيم هنا تطبيق قانون مقر التحكيم، خصوصا وأن الأطراف يملكون الحرية في اختيار هذا المكان، سواء أكان داخل المغرب أو خارجه[38]، وعليه فإنه يمكن لهيئة التحكيم تطبيق قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة، إذا كان مقر التحكيم بالمغرب، أما إذا كان خارج المغرب فيمكنها تطبيق قانون ذلك البلد، وما يؤكد هذا القول، هو تنصيص التشريع المغربي في الفصل 46-327 بالاعتراف بالأحكام التحكيمية الدولية بالمملكة، شريطة أن يثبت من يتمسك بها وجودها، وألا تكون مخالفة للنظام العام الدولي أو الوطني.

وباستقراء التطور التاريخي للاتجاه المؤيد لقانون مقر التحكيم، يمكن استخلاص بعض الملاحظات الأساسية، المتمثلة في[39]:

الأولى أن التحكيم لا يكتمل فقط على أساس اتفاق الأطراف، بل لابد من الأخذ بعين الاعتبار خصوصية الإجراءات والقوانين التي تقررها الدولة التي تقع فوق ترابها العملية التحكيمية.

والثانية هي أن تطبيق قانون دولة محل إجراءات التحكيم ليس به أية مفاجأة لأطراف التحكيم، فهم اللذين يحددون محل أو مكان التحكيم فلا غرابة بذلك في تطبيق قانون ذلك المكان.

أما الملاحظة الثالثة فتتمثل في أنه لا يمكن إنكار الروابط العضوية بين دولة مقر التحكيم، وعملية التحكيم ذاتها، ففي بداية العملية تتدخل محاكم دولة مقر التحكيم في المساعدة في تشكيل هيئة التحكيم عند إخفاق الأطراف في اختيار المحكمين[40]، أو تتدخل باتخاذ تدابير وقتية أو تحفظية تقتضيها طبيعة النزاع[41]، كما أن تلك المحاكم هي المختصة في النظر ببطلان حكم التحكيم[42].

وعلى الرغم من إيجابيات هذا الاتجاه الذي يؤيد تطبيق قانون دولة مقر التحكيم، إلا أن الصعوبة تعترضه في حالة التحكيم الالكتروني، هذا الأخير الذي يصعب فيه تطبيق معيار قانون دولة مقر التحكيم، على اعتبار أنه يتم في عالم افتراضي غير مرتبط بمكان محدد، ومن ثم يتعين على الأطراف في هذه الحالة تعيين القانون الواجب التطبيق، وإلا أصبحا بصدد فراغ قانوني يتعذر مواجهته[43].

ثانيا: تطبيق القانون الإجرائي للدولة التي يطبق قانونها على جوهر النزاع:

كما سبق أن بينا، فإن جل الاتفاقيات الدولية قد خولت للمحكم صلاحية اختيار القانون الإجرائي الواجب التطبيق في التحكيم التجاري الدولي الحر، في حالة غياب إرادة الأطراف.

ويؤيد بعض الفقه[44] تطبيق القانون الإجرائي التي يتفق الأطراف على تطبيق قانونها على موضوع النزاع، وذلك لأن الأصل هو وحدة القانون الواجب التطبيق على الموضوع والإجراءات، وبالتالي فإن اختيار الأطراف لقانون موضوعي يعبر في نفس الوقت عن اختيارهم للقانون الإجرائي بشكل ضمني.

فطالما أن إرادة الأطراف قد اتجهت نحو اختيار قانون موضوعي معين، فإن على المحكم البحث عن هذه الإرادة الضمنية للأطراف، وتطبيق القانون الإجرائي المقابل للقانون الموضوعي الذي اختاره الأطراف، ليحكم اتفاق التحكيم ككل.

وبالرجوع إلى التشريع المغربي نجده قد خول لهيئة التحكيم الحق في الرجوع إلى قانون معين لتطبيقه على إجراءات التحكيم الدولي، وذلك إذا لم يقم الأطراف بتحديده، وهو ما يستفاد من العبارة الواردة في الفصل 42-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية “…وإما بالرجوع إلى قانون…معين”، ومن ثمة فإنه يمكن لهيئة التحكيم أن تختار القانون السابق ذكره أعلاه ليحكم إجراءات التحكيم التجاري الدولي، إذا كان القانون الموضوعي الذي يحكم النزاع مغربيا، كما يمكنها أن تختار قانون مسطري دولة أخرى إذا كان قانونها هو الذي يحكم موضوع النزاع.

الفقرة الثانية: سلطة المحكم في تكملة القانون الإجرائي الواجب التطبيق على التحكيم التجاري الدولي: في بعض الأحيان قد تكون القواعد والإجراءات التي اختارها الأطراف غير كاملة، وهنا يمكن للمحكم إعمال سلطته وتكملة الإجراءات الواجب اتباعها عند عدم وضوحها، أو عدم إحاطتها بكل الأمور المرتبطة بمسطرة التحكيم وجزئياتها[45].

وفي هذا الصدد نجد أن المادة 19 من قواعد التحكيم والوساطة لغرفة التجارة الدولية تقر الاختصاص لهيئة التحكيم بتكملة القواعد الإجرائية في حالة غياب النص المراد تطبيقه، وعدم وجود اتفاق ما بين الأطراف لتحديده[46].

كما أن الفصل 42-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة جاء عاما، بحيث خول لهيئة التحكيم الحق في تحديد القاعدة المسطرية الواجب إتباعها في غياب اتفاق التحكيم من هذه الإشارة، وهو ما يخوله الحق في تكملة هذه القواعد في حالة نقصانها أو غموضها، وما يؤكد هذا القول هو أن الفصل 10-327 من نفس القانون أعلاه، قد خول لهيئة التحكيم الحق في ضبط الإجراءات المسطرية للتحكيم التي تراها مناسبة[47].

ويلتزم المحكم في هذه الحالة بتنبيه الخصوم على أنه ينوي تطبيق قاعدة لم يتمسك بها أي منهم، أو مخالفة النص الذي تمسكوا بتطبيقه، وذلك احتراما لحق الدفاع، كما يلتزم بإثارة انتباه الأطراف بالنصوص الآمرة التي يلتزم بتطبيقها، وأيضا بأوجه الدفاع المتعلقة بالنظام العام، فالمحكم يمكنه على نحو صحيح تطبيق النصوص الآمرة من تلقاء نفسه ولو لم يتمسك بها المحتكمون[48].

كما تملك هيئة التحكيم الحق في تعيين المكان الملائم للقيام بإجراءات التحكيم، في حالة عدم تحديده من قبل الأطراف، وذلك مع مراعاة ظروف الدعوى ومحل إقامة الأطراف، غير أنه يمكن للهيئة أن تجتمع في أي مكان تراه مناسبا للقيام بإجراءات التحكيم، سواء تم تحديد هذا الأخير من قبل الأطراف أو من قبلها، وذلك من أجل السماع لأطراف النزاع أو الشهود أو الخبراء، أو الاطلاع على المستندات أو المعاينة…[49].

الفقرة الثالثة: الرقابة القضائية على إعمال القانون الإجرائي الواجب التطبيق في التحكيم التجاري الدولي :

تعتبر القواعد الإجرائية أحد اهم الضمانات التي تهدف إلى ضمان حقوق الدفاع، حيث اعتبرتها محكمة النقض بكونها القواعد التي لا يمكن عند غيابها الحكم بشكل عادل[50]، لذلك يختص قضاء الدولة التي سيذيل فيها الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية بمراقبة مدى احترام الهيئة التحكيمية للقانون المسطري الواجب التطبيق على التحكيم التجاري الدولي.

وفي هذا الصدد نجد أن المشرع المغربي قد خول لصاحب المصلحة الحق في الطعن بالبطلان لدى محكمة الاستئناف المختصة في الحكم التحكيمي الذي لم تتقيد فيه الهيئة التحكيمية بالإجراءات المسطرية التي اتفق عليها الأطراف، ما لم تكن مخالفة للنظام العام[51].

وقد ساير القضاء المغربي هذا التوجه، حيث أقر في العديد من القرارات على ضرورة احترام الهيئة التحكيمية للقانون المسطري الواجب التطبيق، ومن ذلك قرار محكمة النقض عدد 249/1 الصادر بتاريخ 16 يونيو 2016، الذي بث في النزاع القائم بين شركة البترول الإسبانية وشركة بما فاك، لما تمسكت الأولى بكون أن هيئة التحكيم طبقت القانون الفرنسي، وليس القانون المغربي المتفق عليه، فردت محكمة الاستئناف بكون الحكم التحكيمي قد طبق القانون المغربي، وكونه ذكر اجتهادات القضاء الفرنسي، فإن ذلك يعد مجرد استشهاد لما استقر عليه عمل القضاء الفرنسي في هذا البلد بخصوص التعويض عن الإخطار، الأمر الذي دفع محكمة النقض في قرارها أعلاه تؤيد الحكم[52].

وهناك أيضا قرار صادر عن نفس المحكمة عدد 133 الصادر بتاريخ 19 فبراير 2015[53]، وأيضا قرار عدد 287 بتاريخ 19 ماي 2014[54]، أكدا على ضرورة احترم الهيئة التحكيمية للقانون المسطري الواجب التطبيق، والمتفق عليه من قبل الأطراف، ويتضح ذلك من خلال تأكيدهما على ضرورة تطبيق قانون المسطرة المدنية القديم على العقود التي أبرمت قبل دخول قانون رقم 08.05 حيز التنفيذ عملا بمقتضيات المادة 2 من نفس القانون.

ويتضح من خلال هذا أن الأطراف يمكنهم اختيار القانون المسطري الذي سيحكم سير إجراءات التحكيم بكل حرية في التحكيم الخاص، وما علا الهيئة التحكيمية سوى تطبيق ذلك القانون، غير أن هذه الحرية ترد عليها عدة قيود.

المبحث الثاني

القيود الواردة على اختيار القانون الإجرائي الواجب التطبيق في التحكيم التجاري الدولي:

ترد على حرية الأطراف، وكذا سلطة المحكم في اختيار القانون الواجب التطبيق عدة قيود، تجد سندها في النظام العام ( المطلب الأول)، وكذا احترام الإجراءات المتعلقة بالمبادئ الأساسية لسير الدعوى (المطلب الثاني).

المطلب الأول

احترام قواعد النظام العام:

ترمي فكرة النظام العام إلى حماية المجتمع الوطني بصفة خاصة، والدولي بصفة عامة، وكذا وحماية الأسس الجوهرية التي يقوم عليها، ودعم استمرارية قوانين الدول الأساسية وثباتها باعتبارها انعكاسا راجعا لأوضاع اجتماعية واقتصادية وثقافية وتاريخية خاصة ومختلفة عن غيرها من النظم، وذلك عن طريق منع الأفراد من الاتفاق على ما يخالفها[55].

وبالنظر إلى خصوصية النظام العام، فقد دأبت جل الاتفاقيات الدولية الرائدة في مجال التحكيم إلى التنصيص على احترام هذا المبدأ[56]، وهو نفس المنحى الذي اتبعه المشرع المغربي، حيث يستنتج من خلال في الفصل 46-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية أن الأحكام التحكيمية المخالفة للنظام العام الوطني أو الدولي لا يعترف بها داخل المملكة[57]، وهو ما يفرز لنا نظام عام داخلي (الفقرة الأولى)، وأخر دولي (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: احترام النظام العام الداخلي:

كما هو معلوم فإن فكرة النظام العام تتسم بالتطور والتغير من زمان إلى أخر، وكذا من مكان إلى أخر، لدى يصعب وضع تعريف دقيق لها. وقد حاول البعض تعريفه بكونه مجموعة من القواعد الحتمية التي لا يمكن للأطراف مخالفتها إما في سلوكاتهم أو في اتفاقاتهم، وذلك من أجل الحفاظ على المصلحة العامة للدولة[58].

فعلى الرغم من وجود مبادئ دولية معترف بها، يطبقها المحكمون، إلا أنه في بعض الأحيان يجب على المحكم استبعاد القانون الإجرائي لمخالفته للنظام العام[59]، لذلك يلتزم المحكم بالتحقق في جميع مراحل النزاع من عدم تعارض أحكام القانون الإجرائي المطبق على مسطرة التحكيم مع قواعد النظام العام الداخلي، وذلك مهما كانت جنسيته أو مكان التحكيم، بحيث يقوم بتنبيه الخصوم إلى القواعد المخالفة، ثم يقوم باستبعادها، مع احترامه لحقوق الدفاع، ويشكل هذا الاستثناء السبب الوحيد الذي يسمح للمحكم بتجاوز أحكام القانون الإجرائي الواجب التطبيق الذي اختاره الأطراف[60].

وقد تدرجت سلطة المحكم في إعمال قواعد النظام العام من سلطة سلبية تتمثل في إعلان عدم الاختصاص، إلى سلطة إيجابية تتجسد في إمكانية المحكم القضاء بالبطلان [61]، غير أن البعض قد ذهب إلى القول أن هذه السلطة مقيدة، بحيث لا يمارسها المحكم من تلقاء نفسه، بل يجب أن يسمح له الأطراف بذلك[62].

وبالرجوع إلى التشريع المغربي نجده قد خول بمقتضى الفصل 9-327 لهيئة التحكيم صلاحية البت في صحة أو حدود اختصاصها، أو في صحة اتفاق التحكيم، قبل النظر في الموضوع، بمقتضى أمر غير قابل للطعن، سواء أكان ذلك بطلب من أحد الأطراف، أو تلقائيا، مما يخول للمحكم الحق في البت في احترام قواعد النظام الداخلي، دون الحاجة إلى موافقة الأطراف، فقط يكفي أن ينبه الأطراف بتلك القواعد التي يرمي استبعادها، وأن يحترم حقوق الدفاع، وهو ما يعرف بمبدأ الاختصاص بالاختصاص[63].

وإذا كان من اختصاص الهيئة التحكيمية استبعاد القواعد الإجرائية المخالفة للنظام العام، فإن الإشكال الذي يطرح هو هل هذا الاستبعاد يشمل القانون الأجنبي المختص بكامله حتى تلك القواعد غير المخالفة للنظام العام الداخلي، أم أن الاستبعاد يقتصر فقط على القواعد المخالفة؟

وقد ذهب جانب من الفقه[64] إلى القول في هذا الصدد إلى أنه يجب استبعاد القانون الأجنبي في جميع أحكامه طالما تعارضت هذه الأحكام مع النظام العام الوطني، مبررا ذلك بكون القانون الأجنبي وحدة لا يمكن تجزئتها، في حين ذهب اتجاه أخر[65]، وهو الاتجاه الغالب، إلى القول بالاستبعاد الجزئي للقانون المختص في الحدود التي تمكن من المحافظة على النظام العام، وهو نفس التوجه الذي ذهب إليه القضاء المصري[66].

وفي حالة ما إذا أغفلت الهيئة التحكيمية الالتزام باحترام قواعد النظام العام الداخلي، وبتت في الموضوع، فإن الاختصاص في هذه الحالة ينقل إلى رئيس المحكمة التجارية المختص بالاعتراف بالأحكام الأجنبية وتخويلها الصيغة التنفيذية[67]، حيث يلتزم بالتأكد من عدم مخالفتها للنظام لعام، قبل منحها الصيغة التنفيذية، وهو الأمر الذي أكد عليه الاجتهاد القضائي المغربي، من ذلك حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء بتاريخ 5/6/2006 حيث جاء فيه “… يجب على رئيس المحكمة التجارية عند تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية أن يتأكد من أن الحكم غير معيب ببطلان يتعلق بالنظام العام…”[68].

كما أكدت على ذلك محكمة النقض في قرار لها عدد 465/7، بتاريخ 25 أكتوبر 2016[69] الذي جاء فيه “…إن الفصل 320 من قانون المسطرة المدنية الذي نص على أنه يصير حكم المحكمين قابلا للتنفيذ بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية الذي صدر في دائرة نفوذها. وحدد الفصل 321 من نفس القانون اختصاصه في التأكد من كون المقرر التحكيمي غير مشوب بالبطلان وغير مخالف للنظام العام، وهي مسائل يمكن التأكد منها ومراقبتها من المقرر التحكيمي…”.

ووعيا من المشرع المغربي بأهمية الحفاظ على النظام العام الداخلي، أوجد ضمانة أخرى تمكن من مراقبة مدى احترام الحكم التحكيمي للنظام العام، وتتمثل في طرق الطعن[70]، حيث ميز المشرع المغربي بين طرق الطعن في الحكم التحكيمي الدولي الصادر في الخارج، وبين الصادر في المملكة المغربية، إذ يتم الطعن بالاستئناف في الأمر القاضي بتخويل الاعتراف أو الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي الدولي الصادر بالخارج إذا كان مخالفا للنظام العام الداخلي[71]، ويرفع هذا الطعن إلى محكمة الاستئناف المتواجد بدائرتها مقر المحكمة التابع لها رئيس المحكمة مصدر القرار، ويجب أن تبت محكمة الاستئناف في هذا الطعن طبقا لمسطرة الاستعجال[72].

أما إذا كان التحكيمي الدولي صادر بالمملكة المغربية فإنه يكون قابلا للطعن بالبطلان، إذا كان مخالفا للنظام الداخلي، ولا يقبل الأمر الصادر بتخويل الصيغة التنفيذية هذا الحكم أي طعن، غير أن الطعن بالبطلان يتضمن، بقوة القانون طعنا في هذا الأمر أو رفعا ليد الرئيس، وذلك في حدود النزاع المعروض على المحكمة[73]، ويرفع الطعن بالبطلان أمام نفس المحكمة المذكورة أعلاه، داخل أجل 15 يوما من تاريخ تبليغ الحكم القابل للتنفيذ[74]، بحيث حاول المشرع هنا تفادي ازدواجية الطعون ضد الحكم التحيمي الدولي الصادر بالمملكة، إذ يكفي الطعن فيه بالبطلان باعتباره طعنا غير مباشر في الأمر المانح له الصيغة التنفيذية، ذلك أن محكمة الاستئناف إذا أبطلت حكم التحكيم، فذلك يعني زوال مفعول الأمر القضائي، وإذا رفضت الطعن بالبطلان ضد الحكم التحكيمي، فذلك يعني حكما فعالية الأمر القضائي المانح وصيرورة الحكم التحكيمي بالتبعية فعالا يواصل طريقته إلى التنفيذ[75].

ويتضح من هذا أن المشرع المغربي خول لصاحب المصلحة الطعن بالبطلان في الحكم التحكيمي الصادر داخل المملكة المغربية، والطعن بالاستئناف في الأمر القاضي بتخويله الاعتراف أو الصيغة التنفيذية[76].

وقد انتقد البعض[77] تخويل المشرع المغربي لصاحب المصلحة الطعن بالبطلان في المحكم التحكيمي الصادر في المغرب، معتبرا أن البطلان هو جزاء يسلط على العقود، ولا يلحق المقررات ذات الطبيعة القضائية، حتى ولو صدرت عن هيئة تحكيمية، لأنها تكون بمثابة حكم قضائي، وليست بعقود، لذلك حبذا لو استبدل المشرع المغربي لفظ البطلان بالإلغاء طالما القرارات قابلة للإلغاء.

عموما فإن طرق الطعن السابقة الذكر توقف تنفيذ الحكم التحكيمي ما لم يكن مشمول بالنفاذ المعجل، ورغم ذلك فإنه يمكن للجهة التي تبت في الطعن أن تأمر بوقف التنفيذ إذا ظهر لها ما يبرر ذلك[78].

وحسب الفصل 54-327 من قانون رقم 08.05 فإنه لا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تبث في جوهر النزاع، وذلك إذا قضت بإبطال الحكم التحكيمي، حيث أن الحكم التحكيمي الدولي الذي قضي بإبطاله يستثنى من الخضوع إلى أحكام الفصل 37-327 من القانون أعلاه[79]، مما ينقل الاختصاص في ذلك لهيئة التحكيم.

وقد تبنت محكمة النقض هذا التوجه في قرار لها عدد 250/1 الصادر بتاريخ 16 يونيو 2016 الذي جاء فيه[80]“…لكن حيث إن محكمة الاستئناف المعروضة عليها دعوى الطعن بالبطلان تنحصر سلطتها في البحث في جدية أسباب البطلان دون أن تتعداها للنظر في موضوع النزاع أو مراقبة سلامة الحل الذي اتخذته الهيئة التحكيمية بشأنه. والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما تبث لها أن ما ارتكزت عليه الطالبة من قضاء الهيئة التحكيمية للمطلوبة بتعويضات مختلفة على ضرر واحد، يعد من قبيل الدفوع المتعلقة بموضوع النزاع التي تدخل ضمن صلاحية الهيئة التحكيمية التي بتت فيه (…)، جاء قرارها معللا بما فيه الكفاية…”.

وصلاحية المحكمة في القضاء ببطلان الحكم التحكيمي المخالف للقواعد الآمرة يعتبر من النظام العام، حيث يمكن للمحكمة التصريح بالبطلان حتى ولو لم يتمسك به الأطراف[81]، وقد أكد القضاء المغربي على هذا التوجه[82].

الفقرة الثانية: احترام النظام العام الدولي:

إن مفهوم النظام العام الدولي مفهوم متغير على الدوام، يثأر ويتفاعل سلبا وإيجابا بالأحداث الكبرى التي يعرفها المجتمع الدولي[83]، وقد عرف البعض بكونه مجموعة من المبادئ والمعايير المتميزة والأساسية لقانون التجارة الدولية والتي صممت لحماية بعض القيم الأساسية للمجتمع الدولي[84].

وقد أكد الفصل 46-327 من قانون رقم 08.05 على ضرورة احترام النظام العام الدولي، بالإضافة إلى النظام العام الداخلي، وهو ما يلزم هيئة التحكيم باستبعاد القواعد التي تتعارض مع النظام العام الدولي، غير أن الإشكال الذي يطرح في هذا الصدد يتمحور حول الحالة التي يتعارض فيها النظام العام الدولي مع النظام العام الداخلي، فأيهما أجدر بالتطبيق؟.

وقد ذهب البعض[85] إلى القول أن عبارة مخالفة النظام العام الوطني والدولي الواردة في الفصل 327-46 من القانون أعلاه لا تفيد التخيير بين النظامين العامين المذكورين، وإنما تفيد الجمع بينهما وجوبا.

في حين ذهب البعض الأخر[86] إلى القول أنه لا يجوز في مجال التحكيم الدولي إهدار القيم الدينية والاجتماعية والاقتصادية للشعوب التي تعد وفقا لها متعلقة بالنظام العام، أو القول بسمو النظام العام الدولي على النظام العام الداخلي لأن الأول يقتصر تطبيقه على حماية مصلحة فردية لطرف أجنبي، ولا يجوز أيضا في مجال التحكيم التجاري الدولي استبعاد القانون الداخلي المتعلق بالنظام العام للدولة بمقولة عدم احتوائه على حل للنزاع .

وبالرجوع إلى الاتفاقيات الدولية التي عالجت هذه المسألة، نجدها قد راعت خصوصية النظام العام الداخلي، ومن ذلك اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف بالأحكام الأجنبية وتنفيذها، التي أقرت في المادة 5 على أحقية الدولة في رفض الاعتراف بقرار التحكيم وعدم تنفيذه إذا كان يتعارض مع سياستها العامة[87]، وهو نفس الأمر الذي أكدت عليه المادة 34 من قانون الأونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي[88].

وعبارة السياسة العامة التي أشارت لها هذه الاتفاقيات، هي عبارة أشمل من مفهوم النظام العام لأنها تتسع لتوجهات الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية[89]. ويمكن تعريفها بكونها مجموعة من النظم والقواعد التي تنظم السلوك الاجتماعي والسياسي، وهي في نفس الوقت استراتيجية وهدف، وكذا خلاصة للتوجهات التي تتطور تحتها المجتمعات[90]

وبالتالي فإنه يمكن ترجيح النظام العام الداخلي على الدولي، وبالفعل فقد أخذ القضاء المغربي هذا المنحى، بحيث أقرت محكمة النقض في قرار لها عدد 353/3 بتاريخ 28 أكتوبر 2015 هذا التوجه بقولها[91]“…ومن جهة ثانية استبعد القرار ما أثارته من عدم احترام الهيئة التحكيمية للفقرة 2 (أ) من المادة 5 من اتفاقية نيويورك لسنة 1958 والفصل 1 من قانون المسطرة المدنية والفقرة 5 من الفصل 49-327، والقانون الأساسي للتحكيم لدى غرفة التجارة الدولية المصادق عليه بتاريخ 21/06/1985 إلا أن القرار المطعون فيه بإعادة النظر رد هذه الدفوع بكون النعي انصب على الحكم التحكيمي وهو تعليل غير سليم لأن الدفع المثار خاضع لرقابة القاضي المانح للصيغة التنفيذية طبقا لاتفاقية نيويورك ولأنه طبقا لقواعد غرفة التجارة الدولية خاضع للنظام العام الوطني طبقا للفصل 1 من قانون المسطرة المدنية…”.

المطلب الثاني

احترام الإجراءات الأساسية لسير التحكيم:

يخضع التحكيم لمجموعة من الإجراءات تهدف في مجملها إلى ضمان حقوق الدفاع (الفقرة الأولى)، وكذا تحقيق المساواة بين الأطراف (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: احترام حقوق الدفاع:

إن احترام وضمان حق الدفاع لكل طرفي النزاع يعد من أهم الأسس التي تقوم عليها إجراءات التحكيم[92]، وحق الدفاع يعني إعطاء الفرصة الكاملة لكل من الطرفين بأن يقدم ما لديه من أدلة وأقوال وشهود، وهذا يعني أيضا إعطاء وقت كاف لجلب الشهود أو تبادل اللوائح، أو لاستدعاء الخبراء، وإلى غير ذلك من الأمور التي يمكن أن يقدمها إلى هيئة قضائية، كذلك من الضروري أن تتم التبليغات بشكل أصولي، بحيث يتمكن كل طرف في النزاع من التعرف على ما لدى الخصم من ادعاءات وأدلة، وبيانات لكي يستطيع مناقشتها وتقديم ما لديه من أدلة ودفوع[93].

ونظرا لأهمية هذا المبدأ في سير التحكيم، فقد أقرته مجموعة من الاتفاقيات الدولية، بحيث يترتب على عدم الأخذ به إبطال الحكم التحكيمي، وحقوق الدفاع في التشريع المغربي يعتبرا مبدأ دستوريا، لذلك نص في الفصل 10-327 على ضرورة احترام المحكم لحقوق الدفاع وتمكين الأطراف من فرص متكافئة لعرض دعواه ودفوعاته وممارسة حقه في الدفاع، وقد رتب على عدم احترام هذا المبدأ البطلان[94].

وقد تبنى القضاء المغربي هذا التوجه، حيث نص في العديد من قراراته على ضرورة احترام حقوق الدفاع[95].

وعلى هذا الأساس حدد المشرع المغربي الإجراءات التي يمكن أن تكفل حقوق الدفاع في الفصول 13-327 و 14-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية.

وحسب الفصل 13-327 من القانون أعلاه، فإن الإجراءات الكتابية أو الشفوية يمكن أن تتم باللغة العربية إلا إذا اتفق الأطراف على تحديد لغة أخرى، ويتعين ترجمة الوثائق والمذكرات إلى اللغة المعتمدة.

وتنطلق الإجراءات بمقتضى مقال يرسله المدعي إلى المدعى عليه وإلى كل المحتكمين، يشتمل على اسمه وعنوانه واسم المدعى عليه وعنوانه، وشرح وقائع الدعوى، وتحديد المسائل موضوع النزاع والطلبات مرفوقا بالوثائق والأدلة داخل الأجل المحدد[96].

ويتعين بعد ذلك أن يرد المدعى عليه بواسطة مذكرة مكتوبة تتضمن أوجه دفاعه وكذا كافة دفوعاته وله الحق في أن يتقدم بطلب عارض أو طلبات، وبإمكانهم أيضا تقديم مرافعات شفوية لشرح موضوع الدعوى وعرض الحجج والأدلة[97].

ومن المبادئ المعززة أيضا لحقوق الدفاع نجد مبدأ المواجهة بين الأطراف، حيث لا يجوز الحكم على أي طرف دون سماع دفاعه أو على الأقل دعوته للدفاع عن نفسه فيما يوجه إليه من طلبات[98]، بحيث يجب على المحكم أن يقوم بمواجهة الأطراف حتى يستطيع كل طرف معرفة طلبات الآخر، وقد قضت محكمة الاستئناف بباريس بإلغاء القرار الذي لم يستمع فيه المحكم للأطراف ومحاميهم[99].

ونظرا لأهمية هذا المبدأ نص المشرع في الفصل 14-327 من قانون رقم 08.05 على ضرورة عقد هيئة التحكيم لجلسات المرافعة حتى يتمكن الأطراف من شرح موضوع الدعوى وعرض حججه وأدلته، ويجب على هيئة التحكيم إبلاغ طرفي التحكيم بمواعيد الجلسات قبل التاريخ الذي تعينه لذلك بوقت كاف لا يقل عن 5 أيام. ولا يجوز لأي طرف الادعاء بأن حقه هذا المستمد من مبدأ المواجهة قد انتقص منه بحجة أنه لم يحضر أو لم يقدم أوراقه، بحيث أن هيئة التحكيم في هذه الحالات تستمر في إجراءات التحكيم.

ويطرح التساؤل هنا حول كيفية ضمان حقوق الدفاع في التحكيم التجاري الالكتروني؟ وقد ذهب البعض[100] هنا إلى القول ان هذا النوع من التحكيم يتميز بخصوصية تتجلى في كون المحكم يستمع لطرفي النزاع الكترونيا، وحق الخصم في مناقشة خصمه فيما يقدمه من وسائل دفاع وأدلة أثناء سير الخصومة، يتم عبر وسائل الاتصال الحديثة خاصة الأنترنيت الذي ظهر من خلاله وسائل متطورة للاتصال تسمح بتبادل الأصوات والصور، هذا الأمر يفرض على المحكم ان يتلقى توضيحا كافيا لكل عناصر نقاط النزاع من جميع الخصوم، حتى يستطيع أن يستوعب موضوع الخصومة، وبعد ذلك يقوم بمقارنة الأدلة والحجج المقدمة من طرف الأطراف حتى يحترم حقوق الدفاع، كما يمكنه جعل الأشخاص يتقابلون وجها لوجه بواسطة الوسائل التقنية بالصوت والصورة حتى يتحقق مبدأ المواجهة.

الفقرة الثانية: احترام مبدأ المساواة:

يعتبر مبدأ المساواة في المعاملة بين الأطراف في خصومة التحكيم من الأسس المهمة لضمان العدالة، وترسيخ ثقة هؤلاء في قضاء التحكيم، حيث يجب على المحكم أن يضمن التوازن المرضي للأطراف في جميع الإجراءات[101].

إذ أن تحقيق المساواة هو التطبيق العملي لمبدأ أعم الذي هو مبدأ حياد المحكم أو هيئة التحكيم واستقلاليتها، فالمحكم المحايد والمستقل هو الذي لا يميل إلى طرف على حساب طرف أخر، فهو يسوي بينهما في المعاملة الإجرائية، ويكون المحكم قد أخل بهذا المبدأ إذا سمح لأحد الخصوم بالحضور أمامه في غيبة الخصم الأخر، وكذا إذا أجرى مع أحدهما اتصالات شخصية في ظروف يمكن أن يظن معها أنها تتم بشأن موضوع النزاع في غيبة الطرف الأخر[102].

ونظرا لأهمية هذا المبدأ أكد عليه المشرع المغربي في الفصل 10-327 من قانون رقم 08.05 حينما نص على أن أطراف التحكيم يجب أن يعاملوا على قد المساواة.

ويجب على المحكم أن يتحلى بالاستقلال والنزاهة حتى يستطيع تحقيق المساواة بين الأطراف، بحيث يجب ألا يكون في علاقة تبعية مع أحد الأطراف سواء أكانت مالية او غير مالية، وكذا أن يتمتع بالاستقلالية الوظيفية؛ أي ألا يمارس عليه أي ضغط من قبل أي جهة، وألا يتلقى أوامر أو تدخلات تمس بهاته الاستقلالية[103].

وإذا أخل المحكم بهاته المبادئ أمكن للطرف المتضرر طلب إلغاء الحكم التحكيمي، غير أن المتضرر لا يستفيد من حق الإلغاء إذا كان يعرف طبيعة العلاقة بين المحكم والطرف الآخر، واختار عدم ممارسة حق التجريح، كما يجب عليه من جهة ثانية أن يثبت واقعة التحيز[104]. وفي هذا الصدد ميز القضاء الأمريكي بين الانحياز المزعوم، والتحيز الفعلي؛ أي الحالة التي فيها المحكم بطريقة محايدة[105].

وقد حاول المشرع المغربي هو الأخر وضع ضمانات تفرض على المحكم الالتزام بمبدأ الحياد، ويتعلق الأمر بتجريح المحكمين، حيث خول الفصل 322 من قانون رقم 08.05 الحق للأطراف بتجريح المحكم بسبب طرأ أو اكتشف بعد تعيينه، وقد حدد الفصل 323 عدة أسباب للتجريح[106].

خاتمة:

بعد دراستنا لموضوع القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم نستنتج الأهمية التي يحضا بها نظام التحكيم، باعتباره نظاما حضاريا يرقى لعالم التجارة والاقتصاد على الصعيد الدولي، وذلك من خلال اعترافه للأطراف باختيار القواعد التي يريدونها أن تنظم إجراءات التحكيم، وبالتالي إمكانية تفادي الخضوع للقواعد الوطنية التي تكون في بعض الأحيان معقدة لا تتماشى مع عالم التجارة والاستثمار، ومن مميزات هذا النظام أيضا على المستوى العالمي ظهور ما يعرف مراكز أو هيئات دائمة التي سهلت الأمر على المحتكمين حيث باختيارهم الاحتكام إلى تلك الهيئات، يصبحون ملزمون بالإجراءات المقررة في لوائح هذه الهيئات، كما أنه تم تمكين هيئة التحكيم من اختيار القانون الإجرائي الواجب التطبيق في حالة تفويض الأطراف لهذه الهيئة ذلك، أو في حالة غياب إرادتهم، مما يخول للمحكم السلطة في اختيار قواعد مرنة وملائمة للاقتصاد نظرا للخبرة التي يمتاز بها في هذا المجال.

لكن هذه الإرادة وهذه السلطة لا يجب أن تخالف قواعد النظام العام سواء الداخلي أو الدولي، كما يجب عليها احترام حقوق الدفاع، وفي حالة تخطي الأطراف هذه القيود، تلزم هيئة التحكيم بالتدخل وتنظيم الإجراءات بالشكل المطلوب، وهو ما يعني أن هذه الهيئة أصبح لها دور فعال في مجال ضبط إجراءات التحكيم، بالإضافة إلى خضوع هاته الأخيرة إلى الرقابة القضائية، مما يمنح للأطراف ضمانات كافية للجوء إلى التحكيم التجاري الدولي دون تخوف.

لائحة المراجع:

المؤلفات:
المؤلفات باللغة العربية:

– أبو زيد رضوان، الأسس العامة في التحكيم التجاري الدولي، دار الفكر العربي، بيروت لبنان، سنة 1981.

– صادق محمد محمد الجبران، التحكيم التجاري الدولي وفقا للاتفاقية العربية للتحكيم التجاري لعام 1987، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت لبنان، الطبعة الأولى 2006.

– عبد الحق كوريتي، التحكيم الالكتروني كآلية لتسوية منازعات التجارة الالكترونية، دار السلام للطباعة والنشر، الرباط، الطبعة الأولى، سنة 2017.

– عبد الرحيم زضاكي، التحكيم الدولي على ضوء القانون المغربي والمقارن، الجزء الثاني، دار السلام للطباعة والنشر، الرباط، الطبعة الأولى نونبر 2010.

– عبد العزيز توفيق، موسوعة قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي، الجزء الثالث، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الثالثة، سنة 2011.

– فوزي محمد سامي، التحكيم التجاري الدولي، دراسة مقارنة لأحكام التحكيم التجاري الدولي، طبع دار الثقافة، عمان الأردن، الطبعة السابعة، 2015.

– مأمون الكزبري و إدريس العلوي العبدلاوي، شرح المسطرة المدنية في ضوء القانون المغربي، الجزء الأول، مطبعة دار القلم.

– محسن جميل جريح، التحكيم التجاري الدولي والتحكيم الداخلي، دراسة مقارنة، طبع ونشر مكتبة زين الحقوقية والأدبية، بيروت لبنان، الطبعة الأولى 2016.

– محمد الحبيب، القضاء والتحكيم، أية صيغة بديلة للنهوض بالوظيفة القضائية؟ دراسة مقارنة، طبع المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى، 2016.

– محمد نور شحاته، الأساس الاتفاقي للسلطة القضائية للمحكمين، (المطبعة لم تذكر) طبعة 1993.

– مصطفى بونجة و نهال اللواح، التحكيم في المواد التجارية والإدارية والمدنية، دراسة لأهم الإشكالات العملية والنظرية وفقا للقانون المغربي والقوانين المقارنة، مطبعة الأمنية، الرباط، الطبعة الأولى 2015.

– هدى محمد مجدي عبد الرحمان، دور المحكم في خصومة التحكيم وحدود سلطاته، دار النهضة العربية، سنة 2001.

المؤلفات باللغة الأجنبية:

– bruno oppetit, justice étatique et justice arbitrale, dans études effertes à pierre bellet, 1991.

– pierre lalive , ordre public transnationale ( ou réellement international) et orbritrage international, 1986.

– rosalie silberman abella, public Policy and the judicial role, 1989.

– Weiss, Traite Théorique De Droit international privé, Franciscains in encyclopédie, 1921

– YVOH loussourrane, droit commerce international, DALLOZ DROIT inter 1969.

-M. Fontmichel, la faible et l’arbitrage, éd. Economica.

المقالات:
– رفعت محمد عبد المجيد، مفهوم النظام العام وأثره في تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، منشور بدفاتر المجلس الأعلى، عدد 7 – 2005.

– عبد الإله برجاني، قانون التحكيم المغربي – دراسة استقرائية– مقال منشور بمجلة المحاكم التجارية، عدد 5- 6 ، فبراير 2010.

– مريم العباسي، ناصر بلعيد، كريم بن موسى، دور القضاء في مسطرة التحكيم، سلسلة رسائل نهاية تدريب الملحقين القضائيين، العدد 3، مارس 2011.

– نبيل زيد سليمان، التحكيم الالكتروني، منشور بمجلة الفقه والقانون، العدد 38 دجنبر 2015.

المجلات:
مجلة العلوم القانونية العدد 1- 2017.
دفاتر المجلس الأعلى، العدد 7 – 2005.

الرسائل والأطروحات:
الرسائل والأطروحات باللغة العربية:

أسماء عبيد، التحكيم في التشريع المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس الرباط، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سلا، سنة 2008-2009.
عبد الحكيم عودى، التحكيم التجاري الدولي وإشكالية القانون واجب التطبيق، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص – وحدة البحث والتكوين في قانون التجارة والأعمال – بجامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي – الرباط – سنة 2016 – 2017.
الرسائل والأطروحات باللغة الأجنبية:

– jacceus joseph, l’arbitrage commercial international et les garanties procédurales, mémoire présenté à la faculté des études supérieures en vue de l’obtention du grade de maitrise en droit, université de Montréal, faculté des études supérieures, juin 2009.

– vera arcangeli, les notions d’arbitrabilité d’ordre public et de public Policy comme moyens de contrôle de l’arbitrage commercial international au canada, thèse présentée a la faculté des étude supérieures en vue de l’obtention du grade de docteur en droit, université Montréal, 1999.

[1] – صادق محمد محمد الجبران، التحكيم التجاري الدولي وفقا للاتفاقية العربية للتحكيم التجاري لعام 1987، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت لبنان، الطبعة الأولى 2006، ص: 104 و 105

[2] – أبو زيد رضوان، الأسس العامة في التحكيم التجاري الدولي، دار الفكر العربي، بيروت لبنان، سنة 1981،ص: 87

[3] – قانون رقم 08.05 الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.07.169 بتاريخ 19 من ذي الحجة 1428 (30نوفمبر 2007)، ج.ر.ع 5584 بتاريخ 25 ذو القعدة 1428 (6 ديسمبر 2007)، ص: 3894

[4] – ظهير شريف رقم 1.59.266 بشأن المصادقة على اتفاقية بشأن الاعتراف بالمقررات التحكيمية الأجنبية وتنفيذها ( نيويورك سنة 1958)، بتاريخ 21 شعبان 1379 موافق 19 فبراير 1960، منشور بالجريدة الرسمية عدد 2473، بتاريخ 20 رمضان 1379 (18 مارس 1960)، ص: 956

[5]– محمد الحبيب، القضاء والتحكيم، أية صيغة بديلة للنهوض بالوظيفة القضائية؟ دراسة مقارنة، طبع المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى، 2016، 383

[6]– محسن جميل جريح، التحكيم التجاري الدولي والتحكيم الداخلي، دراسة مقارنة، طبع ونشر مكتبة زين الحقوقية والأدبية، بيروت لبنان، الطبعة الأولى 2016، ص: 43

[7]– عبد الحكيم عودى، التحكيم التجاري الدولي وإشكالية القانون واجب التطبيق، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص – وحدة البحث والتكوين في قانون التجارة والأعمال – بجامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي – الرباط – سنة 2016 – 2017، ص: 103

[8][8]- المادة 19 من قانون الأونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لسنة 1985 المعدل سنة 2006، معد من قبل لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي

[9]– المادة 19 من قواعد التحكيم وقواعد الوساطة لغرفة التجارة الدولية (ICC)، ” تخضع الإجراءات أمام هيئة التحكيم لهذه القواعد، وإذا خلت القواعد من الحكم المطلوب، تخضع للقواعد التي يتفق عليها الأطراف…”

[10]– المادة 42-327 من القانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية “يمكن لاتفاق التحكيم أن يحدد، مباشرة أو استنادا إلى نظام للتحكيم، المسطرة الواجب إتباعها خلال سير التحكيم.

كما يمكن لاتفاق التحكيم إخضاع التحكيم لقانون المسطرة المحدد فيه…”

[11]– عبد الرحيم زضاكي، التحكيم الدولي على ضوء القانون المغربي والمقارن، الجزء الثاني، دار السلام للطباعة والنشر، الرباط، الطبعة الأولى نونبر 2010، ص: 89

[12]– عبد الحكيم عودى، مرجع سابق، ص: 103

[13]– عبد الحق كوريتي، التحكيم الالكتروني كآلية لتسوية منازعات التجارة الالكترونية، دار السلام للطباعة والنشر، الرباط، الطبعة الأولى، سنة 2017، ص: 344

[14]– المادة 43-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالوساطة والتحكيم “إذا كان التحكيم خاضعا لقانون المسطرة المدنية المغربي، فإن مقتضيات الجزئين الفرعيين الثاني والثالث بالفرع الأول من هذا الباب لا تطبق إلا عند غياب أي اتفاق خاص…”

[15]– أسامة أحمد الحواري، القواعد القانونية التي يطبقها المحكم على موضوعات المنازعات الدولية الخاصة، دار الثقافة، عمان، الطبعة الأولى، 2008، ص: 88

[16]– محمد الحبيب، مرجع سابق، ص: 290

[17]– فوزي محمد سامي، التحكيم التجاري الدولي، دراسة مقارنة لأحكام التحكيم التجاري الدولي، طبع دار الثقافة، عمان الأردن، الطبعة السابعة، 2015، ص: 163

[18] – قرار صادر عن محكمة النقض عدد 133 بتاريخ 19 فبراير 2015، في الملف التجاري عدد 1349/3/2/2013، منشور بمجلة العلوم القانونية، عدد 1- 2017، ص: 237

[19]– محسن جميل جريح، مرجع سابق، ص: 42

[20]– فوزي محمد سامي، مرجع سابق، ص: 164

[21] – عبد العزيز توفيق، موسوعة قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي، الجزء الثالث، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الثالثة، سنة 2011، ص: 668 و 669

[22]– صادق محمد محمد الجبران، مرجع سابق، ص: 112-113

[23]– أسماء عبيد، التحكيم في التشريع المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس الرباط، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سلا، سنة 2008-2009، ص: 91

[24]– نبيل زيد سليمان، التحكيم الالكتروني، منشور بمجلة الفقه والقانون، العدد 38 دجنبر 2015، ص: 113

[25]– عبد الحق كوريتي، مرجع سابق، ص: 343

[26]– عبد الحكيم عودى، مرجع سابق، ص: 105

[27]– المادة 19 من قانون الأونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لسنة 1985، المعدل سنة 2006 “…فإذا لم يكن ثمة اتفاق، كان لهيئة التحكيم، مع مراعاة أحكام هذا القانون، أن تسير في التحكيم بالكيفية التي تراها مناسبة…”

[28]– المادة 4 من الاتفاقية الأوروبية للتحكيم التجاري الدولي المعقودة في جنيف بتاريخ 1961 “…إذا توافق الفرقاء على إخضاع حل نزاعاتهم إلى تحكيم خاص بواسطة حكم أو عدة حكام دون أن تتضمن اتفاقية التحكيم تحديدا للأصول التحكيمية اللازمة لتنظيم عملية التحكيم وفقا لما هو محدد في الفقرة 1 من هذه المادة، وإذا لم يعمد الفرقاء إلى الاتفاق فيما بينهم بهذا الصدد، ومع التحفظ لجهة الحالة المحددة في الفقرة 2 أعلاه، فإن هذه الأصول يحددها المحكمين الذين جرى تعيينهم…”

[29]– محمد نور شحاته، الأساس الاتفاقي للسلطة القضائية للمحكمين، (المطبعة لم تذكر) طبعة 1993، ص: 422

[30]– محمد الحبيب، مرجع سابق، ص: 279

[31]– صادق محمد محمد الجبران، مرجع سابق، ص: 120

[32]–

– المادة 18 من قواعد التحكيم وقواعد الوساطة لغرفة التجارة الدولية ” مكان التحكيم: 1- تحدد المحكمة مكان التحكيم ما لم يتفق الأطراف عليه…”

– المادة 4 من الاتفاقية الأوروبية للتحكيم التجاري الدولي ” إن لفرقاء الاتفاقية التحكيمية الحرية في تقرير: (..) –تحديد مكان التحكيم…”

– المادة 20 من قانون الأونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لسنة 1985،المعدل سنة 2006 ” للطرفين حرية الاتفاق على مكان التحكيم…”

[33]– الفصل 10-327 من قانون لرقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة “…ولطرفي التحكيم الاتفاق على مكان التحكيم في المملكة المغربية أو خارجها…”

[34]– عبد الحق كوريتي، مرجع سابق، ص: 345

[35]–

– المادة 4 من الاتفاقية الأوروبية للتحكيم التجاري الدولي المعقودة في جنيف بتاريخ 1961 ” إذا توافق الفرقاء على إخضاع حل نزاعاتهم إلى تحكيم خاص بواسطة حكم أو عدة حكام دون أن تتضمن اتفاقية التحكيم تحديدا للأصول التحكيمية اللازمة لتنظيم عملية التحكيم وفقا لما هو محدد في الفقرة (1) من هذه المادة وإذا لم يعمد الفرقاء إلى الاتفاق فيما بينهم بهذا الصدد، ومع التحفظ لجهة الحالة المحددة في الفقرة (2) أعلاه، فإن هذه الأصول يحددها المحكمين الذين جرى تعيينهم…”

– المادة 19 من قانون الأونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي “…فإذا لم يكن ثمة مثل هذا الاتفاق، كان لهيئة التحكيم، مع مراعاة أحكام هذا القانون، أن تسير في التحكيم بالكيفية التي تراها مناسبة…”

[36]– المادة 5 من اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها (نيويورك 1985) “لا يجوز رفض الاعتراف بالقرار وتنفيذه، بناء على طلب الطرف المحتج ضده بهذا القرار، إلا إذا قدم ذلك الطرف إلى السلطة المختصة التي يطلب إليها الاعتراف والتنفيذ ما يثبت: (…) أن الاتفاق المذكور كان غير صحيح بمقتضى القانون الذي أخضع له الطرفان الاتفاق أو إذا لم يكن هناك ما يشير إلى ذلك. بمقتضى قانون البلد الذي صدر فيه القرار…”

[37]– المادة 22 من اتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري لسنة 1987 ” تجرى إجراءات التحكيم في مقر المركز إلا إذا اتفق الطرفان على إجرائها في دولة أخرى توافق عليها الهيئة بعد التشاور مع المكتب”

[38]– الفصل 10-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة “…ولطرفي التحكيم الاتفاق على مكان التحكيم في المملكة المغربية أو خارجها…”

[39]– محمد الحبيب، مرجع سابق، ص: 389

[40]– في هذه الحالة تطبق في التشريع المغربي أحكام الفصول 4-327 و 5-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية

[41]– في هذه الحالة تطبق في التشريع المغربي أحكام الفصل 1-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية ” لا يمنع اتفاق التحكيم أي طرف من اللجوء إلى قاضي الأمور المستعجلة سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها لطلب اتخاذ أي إجراء وقتي أو تحفظي وفقا لأحكام المنصوص عليها في هذا القانون…”

[42]– تختص في التشريع المغربي حسب الفصل 52-327 من قانون رقم 08.05 للنظر في دعوى بطلان الحكم التحكيمي محكمة الاستئناف التي صدر الحكم التحكيمي في دائرتها.

[43]– عبد الحق كوريتي، مرجع سابق، ص: 345

[44]– هدى محمد مجدي عبد الرحمان، دور المحكم في خصومة التحكيم وحدود سلطاته، دار النهضة العربية، سنة 2001، ص: 279

[45]– عبد الحكيم عودى، مرجع سابق، ص: 107

[46]– المادة 19 من قواعد التحكيم وقواعد الوساطة لغرفة التجارة الدولية “…وإذا خلت القواعد من النص المطلوب ، تخضع الإجراءات لأية قواعد يتفق عليها الأطراف أو التي تقررها هيئة التحكيم في حالة عدم اتفاق الأطراف…”

[47]– الفصل 10-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية “تضبط الهيئة التحكيمية مسطرة التحكيم التي تراها مناسبة…”

[48]– محمد الحبيب، مرجع سابق، ص: 292

[49]– الفصل 10-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية

[50] Cass. 27 nov 1987

[51]– الفصل 36-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية

[52]– قرار صادر عن محكمة النقض عدد 249/1 بتاريخ 16 يونيو 2016، في الملف عدد 789/3/1/2015، منشور بمجلة العلوم القانونية، العدد 1- 2017، ص: 187 “…لكن حيث أن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه ثبت لها من الحكم التحكيمي أن الهيئة التحكيمية مصدرته طبقت على النزاع نصوص القانون المغربي سواء فيما يتعلق بجانبه المسطري، الذي التزمت فيه بكل القواعد الإجرائية التي تكفل حقوق دفاع الطرفين، أو بجانبه الموضوعي (…) فاعتبرت أن الهيئة التحكيمية أعملت أحكام القانون المتفق عليه من قبل الطرفين، وردت السبب الذي اعتمدته الطالبة للقول بعدم تطبيق الهيئة التحكيمية للقانون المغربي المتفق عليه، معتمدة في ذلك التعليل المنوه، عنه سلفا، ومن ثم لم يخرق القرار أي مقتضى، وجاء معللا بما يكفي، ومرتكزا على أساس قانوني سليم…”

[53]– قرار صادر عن محكمة النقض عدد 133 ، صادر بتاريخ 19 فبراير 2015، في الملف التجاري عدد 1349/3/2/2013 منشور بمجلة العلوم القانونية، العدد 1-2017، ص: 235

[54]– قرار صادر عن محكمة النقض عدد 287 ، صادر بتاريخ 19 ماي 2014، في الملف التجاري عدد 1219/3/1/2013، منشور بمجلة العلوم القانونية، العدد 1-2017، ص: 141

[55]– رفعت محمد عبد المجيد، مفهوم النظام العام وأثره في تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، منشور بدفاتر المجلس الأعلى، عدد 7 – 2005، ص: 11

[56]–

– المادة 5 من اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها، نيويورك 1958 “لا يجوز رفض الاعتراف بالقرار وتنفيذه، بناء على طلب الطراف المحتج ضده، بهذا القرار، إلا إذا قدم ذلك الطرف إلى السلطة المختصة التي يطلب إليها الاعتراف التنفيذ ما يثبت: (…) أن الاعتراف بالقرار وتنفيذه يتعارض مع السياسة العامة لذلك البلد”

– المادة 24 من قانون الأونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي “…لا يجوز للمحكمة المسماة في المادة 6 أن تلغي أي قرار تحكيم إلا إذا: (…) أن قرار التحكيم يتعارض مع السياسة العامة لهذه الدولة…”

[57]– الفصل 46-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية ” يعترف بالأحكام الدولية في المملكة إذا أثبت وجودها من يتمسك بها، ولم يكن هذا الاعتراف مخالفا للنظام العام الوطني أو الدولي…”

[58] – M. Fontmichel, la faible et l’arbitrage, éd. Economica, 2013, p. 29

[59] – vera arcangeli, les notions d’arbitrabilité d’ordre public et de public Policy comme moyens de contrôle de l’arbitrage commercial international au canada, thèse présentée a la faculté des étude supérieures en vue de l’obtention du grade de docteur en droit, université Montréal, 1999, p 123

[60]– محمد الحبيب، مرجع سابق، ص: 293 و 295

[61]– محمد الحبيب، مرجع سابق، ص: 317

[62]– رأي أورده محمد الحبيب، نفس المرجع، ص: 328

[63]– يقصد بمبدأ الاختصاص بالاختصاص سلطة المحكم في الفصل في المنازعات التي تثور بشأن اختصاصه، بما في ذلك المنازعات المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع.

– أنظر: مصطفى بونجة و نهال اللواح، التحكيم في المواد التجارية والإدارية والمدنية، دراسة لأهم الإشكالات العملية والنظرية وفقا للقانون المغربي والقوانين المقارنة، مطبعة الأمنية، الرباط، الطبعة الأولى 2015، ص: 18

[64]–YVOH loussourrane, droit commerce international, DALLOZ DROIT inter 1969

[65] – Weiss, Traite Théorique De Droit international privé, Franciscains in encyclopédie, 1921, p 90

[66] – نقض 1990/5/21 طعن رقم 810، أورده عبد العزيز توفيق، مرجع سابق، ص: 757 و 758 “…إلا أنه إذا كانت مخالفة النظام العام قاصرة على جزء فقط من الحكم امر القاضي بتنفيذ الشق الذي لا مخالفة فيه طالما امكن فصله عن الآخر…”

[67]– الفصل 46-327 من قانونرقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية “…يخول الاعتراف والصيغة التنفيذية لهذه الأحكام بالمغرب وفق نفس الشروط لرئيس المحكمة التجارية…”

[68]– أورده محمد الحبيب، مرجع سابق، ص: 295

[69]– قرار صادر عن محكمة النقض عدد 465/7 بتاريخ 25 أكتوبر 2016، في الملف عدد 2184/1/7/2014، منشور بمجلة العلوم القانونية العدد 1- 2017، ص: 202

[70]– يقصد بطرق الطعن الوسائل التي يضعها المشرع في متناول الأطراف في النزاع، أو في متناول الغير للتظلم من حكم أضر بحقوقهم، أو بمصالحهم وذلك ابتغاء إزالة أو تخفيف الضرر الذي ألحقه بهم الحكم.

– أنظر: مأمون الكزبري و إدريس العلوي العبدلاوي، شرح المسطرة المدنية في ضوء القانون المغربي، الجزء الأول، مطبعة دار القلم، ص: 268

[71]– الفصل 49-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية

[72]– الفصل 50-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية

[73]– الفصل 51-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية

[74]– الفصل 52-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية

[75] – عبد الحكيم عودى، مرجع سابق، ص: 186

[76]– يجب التمييز في هذا الصدد بين الطعن بالاستئناف والطعن بالبطلان، فالأول يقصد به الطعن الذي قدمه الخصم الذي خسر دعواه كلا أو جزءا إلى محكمة أعلى من المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ابتغاء تدقيق النزاع ثانية والحكم فيه من جديد على نحو يصحح معه الخطأ الذي تضرر منه الفريق الطاعن، في حين الطعن بالبطلان لا يرد على الأحكام، فمن المبادئ المسلم بها أن إبطال الأحكام أيا كانت علة البطلان التي تشوبها، لا يمكن تحقيقه لا عن طرق دعوى أصلية تقام لهذه الغاية، ولا عن طريق الدفع بالبطلان، وهو ما كان الشراح الفرنسيون يعبرون عنه بقولهم ” دعاوى البطلان لا ترد على الأحكام “، وإنما يجب على ذي المصلحة إتباع طريق من طرق الطعن التي رسمها المشرع على وجه الحصر، ولا يكون الطعن بالبطلان إلا في العقود القضائية؛ أي العقود التي يبرمها الخصوم أمام القاضي في معرض النزاع، شأنها شأن سائر العقود العادية، ومن العقود القضائية التي يمكن للأطراف إبرامها أمام القاضي، نجد عقد المصالحة التي يشهد على صحته القاضي.

– أنظر: مأمون الكزبري و إدريس العلوي العبدلاوي، شرح المسطرة المدنية في ضوء القانون المغربي، الجزء الأول، ص: 321 و 266 و 267

[77]– عبد الإله برجاني، قانون التحكيم المغربي – دراسة استقرائية– مقال منشور بمجلة المحاكم التجارية، عدد 5- 6 ، فبراير 2010، ص: 50

[78]– الفصل 53-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية

[79]– الفصل 54-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية

[80]– قرار صادر عن محكمة النقض عدد 250/1 صادر بتاريخ 16 يونيو 2016، في الملف التجاري عدد 795/3/1/2015، منشور بمجلة العلوم القانونية العدد 1 – 2017، ص: 160

– وهناك أيضا قرار لمحكمة النقض عدد 121 صادر بتاريخ 28 يناير 2010، في الملف التجاري عدد 896/3/3/2009، منشور بمجلة العلوم القانونية العدد 1 – 2017،ص:155 “…لكن، حيث إنه ولئن كان سلطة المحكمة فيما يتعلق بمنح الصيغة التنفيذية تتمحور حول التأكد من كون المقرر التحكيمي غير مشوب بالبطلان وغير مخالف للنظام العام دون أن تتجاوز ذلك إلى النظر في الموضوع الذي فصل فيه المحكمون…”

[81]– الفصل 36-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية

[82]– قرار صادر عن محكمة النقض عدد 249/1 بتاريخ 16 يونيو 2016، في الملف التجاري عدد 789/3/1/2015 ، منشور بمجلة العلوم القانونية، عدد 1 -2017، ص: 187 “…والحال أن الفصل 36-327 صريح في التنصيص على أن محكمة الاستئناف التي تنظر بالبطلان تحكم من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم، إذا تضمن ما يخلف النظام العام…”

[83]– عبد الإله برجاني، قانون التحكيم المغربي في محيطه المغاربي، مرجع سابق، ص: 53

[84] – pierre lalive , ordre public transnationale ( ou réellement international) et orbritrage international, 1986, p 331

[85] – مريم العباسي، ناصر بلعيد، كريم بن موسى، دور القضاء في مسطرة التحكيم، سلسلة رسائل نهاية تدريب الملحقين القضائيين، العدد 3، مارس 2011، ص: 83

[86]– رفعت محمد عبد المجيد، مفهوم النظام العام وأثره في تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، مرجع سابق، ص: 15

[87]– المادة 5 من اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها ( نيويورك 1958) ” لا يجوز رفض الاعتراف بالقرار وتنفيذه، بناء على طلب الطرف المحتج ضده بهذا القرار، إلا إذا قدم ذلك الطرف إلى السلطة المختصة التي يطلب إليها الاعتراف والتنفيذ ما يثبت: (…) أن الاعتراف بالقرار أو تنفيذه يتعارض مع السياسة العامة لذلك البلد”

[88]– المادة 34 من قانون الأونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي، لسنة 1985 المعدل سنة 2006 “…لا يجوز للمحكمة المسماة في المادة 6 أن تلغي أي قرار إلا إذا: (…) أن قرار التحكيم يتعارض مع السياسة العامة لهذه الدولة…”

[89]– رفعت محمد عبد المجيد، مفهوم النظام العام وأثره في تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، مرجع سابق، ص: 15

[90] – rosalie silberman abella, public Policy and the judicial role, 1989, p 34

[91]– قرار صادر عن محكمة النقض عدد 353/3، بتاريخ 28 أكتوبر 2015، في الملف التجاري عدد 361/3/1/2013، منشور بمجلة العلوم القانونية العدد 1- 2017، ص: 171

– وقبله أكد على ذلك المجلس الأعلى في قرار له عدد 60 بتاريخ 19/1/2000،في الملف التجاري رقم 709/98، منشور بدفاتر المجلس لأعلى، العدد 7 – 2005،ص: 116، ومما جاء فيه “…لكن حيث إن المقرر التحكيمي موضوع النازلة مستدل به في المغرب وأن الفصل 3 من اتفاقيات الاعتراف بالمقررات التحكيمية الأجنبية وتنفيذها الصادرة عن الأمم المتحدة بتاريخ 09/06/58 المصادق عليها من طرف المغرب بمقتضى ظهير 19/2/1960 يجعل تنفيذ المقرر التحكيمي الأجنبي عن طريق قواعد المسطرة المتبعة في التراب المستدل فيه بالمقرر دون أن تفرض شروطا مشددة غير المفروضة للإعتراف بالمقررات التحكيمية الوطنية أو بتنفيذها مما يدل على أن الاختصاص مسند بمقتضى الاتفاقية التي تحيل على مقتضيات مسطرة التنفيذ في باب التحكيم للقانون الوطني موضوع الفصل 320 من قانون المسطرة المدنية…”.

[92]– عبد الحق كوريتي، مرجع سابق، ص: 356

[93]– فوزي محمد سامي، مرجع سابق، ص: 171

[94]–

– المادة 18 من قانون الأونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي، لسنة 1985 المعدل سنة 2006 ” يجب أن يعامل الطرفان على قدم المساواة وأن تهيأ لكل منهما الفرصة كاملة لعرض قضيته”

[95]– قرار صادر عن محكمة النقض عدد 118/1 بتاريخ 24 مارس 2016، في الملف التجاري عدد 385/3/1/2013، منشور بمجلة العلوم القانونية، العدد 1 -2017، ص: 174 “…وبخصوص القرار الاستئنافي الصادر بتاريخ 25/05/2010 القاضي بتأييد الحكم الابتدائي الصادر بعدم قبول الطعن بإعادة النظر في الحكم التحكيمي، فهي ( المحكمة) صادفت الصواب كذلك لما لم تعتبره سندا داعما لاستمرار الحجز، اعتمادا لكون الطالبة لم تكن من بين أطرفه، وأن الذي طعن فيه بإعادة النظر هو فقط زوجها محمد…، وبذلك فهي باعتمادها محل ما ذكر لم يخرق قرارها أي مقتضى وجاء معللا تعليلا سليما…”.

– وهناك قرار أخر لمحكمة النقض عدد 465/7 صادر بتاريخ 25 أكتوبر 2016، في الملف التجاري عدد 2184/1/7/2014، منشور بنفس المجلة أعلاه، ص: 202، ومما جاء فيه “…فإن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي ردت ما تمسك به الطالب في هذا الشأن، بما عللت به قرارها من أنه إذا كان المشرع اشترط لإعطاء الصيغة التنفيذية لأحكام المحكمين أن تكون غير معيبة ببطلان يتعلق بالنظام العام، وان يتم احترام حقوق الدفاع وسلامة الإجراءات (..) وتسليمه رسالة مكتوبة مرفقة بوثائق يدخل ضمن الإجراءات الممهدة للتحكيم (…) كما ان المذكرة المؤرخة في 4/2/2013 المدلى بها من طرف المستأنف عليها والمرفقة بشهادة الملكية لا تمس بحقوق الدفاع، (…) = وان عدم إشعار الطاعن من طرف المحكم المرجح بمراسلته للحضور إلى جلسة 14/2/2013 ورفض هذا الأخير الحضور ليس فيه مس بحقوق الدفاع (…) تكون قد اعتبرت عن صواب أن ما تمسك به الطالب أمامها بشأن الإدلاء بالوثائق المومأ لها أعلاه بالوسيلة، وعدم حضور محكم الطلب الذي توصل، ووجه كتاب اللمحكم المرجح بعدم رغبته في الحضور ليس فيه أي مس بحقوق الدفاع والنظام العام، وبذلك جاء قرارها معللا تعليلا سليما…”

[96] – الفصل 14-327 من قانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية

[97] – عبد الإله برجاني، مرجع سابق، ص: 42 و 43

[98] – محمد الحبيب، مرجع سابق، ص: 308

[99] – cour d’appel de paris 1éré chambre 1990

[100] – عبد الحق كوريتي، مرجع سابق، ص: 357 إلى 361

[101] – bruno oppetit, justice étatique et justice arbitrale, dans études effertes à pierre bellet, 1991, p 18

[102] – عبد الحق كوريتي، نفس المرجع، ص: 361

[103] – jacceus joseph, l’arbitrage commercial international et les garanties procédurales, mémoire présenté à la faculté des études supérieures en vue de l’obtention du grade de maitrise en droit, université de Montréal, faculté des études supérieures, juin 2009, p 88 – 89

[104] – vera arcangeli, Référence, p 177- 178

[105] – vera arcangeli, Référence 178

[106] – الفصل 232 من قانون رقم 08.05 .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت