المفهوم القانوني لمصطلح إيقاف التنفيذ – القانون العراقي

يعرف ايقاف التنفيذ على انه : (نظام يخول القاضي سلطة الحكم بأدانة المتهم وتحديد العقوبة المناسبة له مع الامر بوقف تنفيذها لمدة معينة يحددها القانون تكون بمثابة مدة للتجربة يطالب المحكوم عليه بان لايعود الى ارتكاب جريمة جديدة فأن مرت هذه المدة دون ان يرتكب فيها جريمة عدّ الحكم كأنه لم يكن وتزول كل اثاره الجنائية اما اذا ارتكب جريمة جديدة في المدة الممنوحة فيجوز تنفيذ العقوبة الموقوفة فضلا على ما حكم عليه بالنسبة للجريمة الجديدة ) .

وبما ان العقوبات تنقسم على عقوبات أصلية وتبعية وتكميلية وتدابير احترازية فأن للمحكمة الحق في ان تقصر ايقاف التنفيذ على العقوبات الاصلية فقط او ان تجعله شاملاً لباقي العقوبات الاخرى على ان توضح المحكمة في قرارها الاسباب التي أستندت اليها في ايقاف التنفيذ .

ومن الاسباب التي يستند اليها في ايقاف تنفيذ العقوبة هي الابتعاد عن العقوبات السالبة للحرية قصيرة الامد ، اذ يرى علماء القانون الجنائي بان العقوبة قصيرة الامد قاصرة عن تحقيق الاصلاح لان مدتها لاتكفي للتعرف بشكل تام على شخصية المجرم السجين وبالتالي سوف لا يمكن اقتراح افضل الوسائل المناسبة لمعاملته فضلا على ان المحكوم عليه يتعرض الى ضرر معنوي يطول سمعته و يفقد احترامه لنفسه واحترام الآخرين له وكذلك يفقد عمله في الغالب وقد يتعذر عليه الحصول على عمل اخر اذا خرج من السجن.

فضلا على ان الغاية منه اي ايقاف التنفيذ هو اصلاح المحكوم عليه بعيدا عن السجن حيث ان نظام وقف التنفيذ يحقق معاملة عقابية وان كان لا يفرض سلب الحرية فالمحكوم عليه يقاسي من الحكم بالعقوبة برغم عدم تنفيذها عليه اذ انه يزيد من شعوره بالذنب فضلا على تهديده بتنفيذ العقوبة عليه اذا بدر منه ما يجعله غير مؤهل بأيقافها فيعد بحد ذاته نظاماً عقابيا ، فضلا عن انه يساهم في ابعاد الجانحيين الجدد المجرميين المبتدئين من الاختلاط بالمجرميين المتمرسين فيساعدهم هذا النظام على عدم اختلاطهم في السجون بالمجرميين الخطريين الذين تمرسوا على الاجرام وبالتالي يكون سبباً في عدم افسادهم.

واخيرا فان تطبيق نظام ايقاف التنفيذ يؤدي الى توفير نفقات لا مسوغ لها على ميزانية الدولة اي ان تقليل عدد السجناء على وفق النظام المذكور يساعد على توفير النفقات وبالتالي تقليل العبء على ميزانية الدولة .

ويشترط لايقاف تنفيذ العقوبه عدة شروط منها ما يتعلق بالمحكوم عليه ومنها ما يتعلق بالجريمة ومنها ما هو مرتبط بالعقوبة ذاتها فالشرط المتعلق بالمحكوم : هو ان لايكون قد سبق الحكم عليه بجريمة عمدية وان تكون اخلاقه وماضيه وظروف جريمته تبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود لارتكاب جريمة جديدة و كل ذلك يعد من الامور الدالة على انتفاء الخطورة الاجرامية للمحكوم عليه وانه لن يعود لارتكاب جريمة مرة ثانية .

اما فيما يتعلق بالجريمة فان القانون حدد حالات ايقاف تنفيذها في الاحكام الصادرة في جرائم الجنح والجنايات فقط ولم يشمل المخالفات بهذا النظام ، اما الشرط المتعلق بالعقوبة فهي ان تكون العقوبة المحكوم بها المدان لاتزيد على سنة ولافرق في ذلك سواء كانت الجريمة المرتكبة جنحة ام جناية ولا يجوز ايقاف تنفيذ العقوبة في الاحكام التي تزيد عن سنة .

وتكون مدة ايقاف تنفيذ العقوبة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور الحكم ولايجوز للمحكمة ان تغير مدة ايقاف التنفيذ بالزيادة او النقصان فهذه المدة تعد كافية من وجهة نظر المشرع لمعرفة ما اذا كان المحكوم عليه جديرا بايقاف تنفيذ العقوبة من عدمه . يتم الاخذ بهذا النظام في جرائم الخطأ من دون الجرائم العمدية لان في الغالب هذه الجرائم تدل على ان مرتكبها ليست لديه نزعة اجرامية .

وقد حددت المادة 147 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 الحالات التي يجوز الحكم فيها بالغاء ايقاف تنفيذ العقوبة وهي اذا ارتكب المحكوم عليه في مدة التجربة جناية او جنحة عمدية حكم عليه من اجلها بعقوبة سالبة للحرية لاكثر من ثلاثة اشهر او اذا تبين عن طريق مدة التجربة ان المحكوم عليه قد صدر عليه حكم نهائي مما نص في الفقرة السابقة لجناية او جنحة عمدية ولم تكن المحكمة قد علمت به حين امرت بإيقاف التنفيذ.

والحقيقة أن إلغاء إيقاف العقوبة من الامور التي قلما تحدث في الواقع العملي لمحكمة الجنايات وعليها ان تتاكد وقبل ان تصدر قراراها بايقاف التنفيذ ان المدان لم يسبق الحكم عليه وذلك بوساطة ربط صحيفة سوابقه كما ان المحكوم عليه يلتزم بعدم ارتكاب جريمة جديدة في الغالب وبالتالي فلا يتم الغاء وقف تنفيذ العقوبة بحقه وتنتهي العقوبة بأنتهاء مدة الثلاث سنوات وتصبح كأن لم تكن وبالتالي تثبت فاعلية هذا النظام اذا أستخدم في موضعه الصحيح.

المحامية: ورود فخري