الشرط الجزائي في قضاء التمييز الكويتي .

برئاسة السيد المستشار محمد يوسف الرفاعي رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين طلعت أمين صادق، محمد جمال الدين شلقاني، عبد الحميد إبراهيم الشافعي، السيد خلف محمد.

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.

وحيث أن الوقائع سبق سردها تفصيلا بالحكم الصادر من هذه المحكمة بتاريخ 1995/12/24 فإليها تحيل وتوجز في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1993/1842 تجاري كلي ضد الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 8196.767 دينار وذلك على سند من انه بموجب عقدي مقاولة مؤرخين 1987/11/7 و 1987/11/25 قام المطعون ضده بتنفيذ أعمال أصلية وإضافية بالفيلا المبينة بالأوراق والمملوكة للطاعن إلا انه امتنع عن الوفاء له بباقي مستحقاته بعد تسليمها له رغم أحقيته فيه اقتضاء هذا المبلغ وفق ما انتهى إليه تقرير الخبير المودع دعوى إثبات الحالة رقم 1992/1826 فأقام الدعوى وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وأودع تقريره حكمت بتاريخ 1994/11/20 بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ 6126.767 دينار.

استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1994/118 تجاري فحكمت بتاريخ 1995/2/1 بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الماثل فحكمت المحكمة بتاريخ 1995/12/24 بتمييز الحكم المطعون فيه وقبل الفصل في موضوع الاستئناف بإعادة المأمورية إلى الخبير السابق ندبه أو غيره عند الاقتضاء لبيان ما إذا كان المطعون ضده قد تأخر في إنجاز الأعمال المنوطة به بموجب عقدي المقاولة محل النزاع ومدة هذا التأخير وسببه ومدى مسئولية المطعون ضده عنه ومقدار ما أصابه من ضرر نتيجة لذلك مع مراعاة ذلك عند تصفية الحساب بينهما، وحيث أن الخبير المندوب باشر المأمورية المنوطة به وقدم عنها تقريراً خلص فيه إلى أن المستأنف ضده تأخر في تنفيذ أعمال المقاولة لمدة 347 يوماً وأن هذا التأخير يرجع إليه وان المستأنف قرر أن قيمة ما لحقه من ضرر من جراء هذا التأخير يبلغ مقداره 2400 دينار كما بلغت جملة غرامات التأخير الاتفاقية 5205 دينار وأسفر تصفية الحساب بينهما بعد اكتساب قيمتها عن انشغال ذمت المستأنف للمستأنف ضده بمبلغ 767.921 دينار.

وحيث أن المحكمة قامت بنظر الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة وفيها قدم الحاضر عن المستأنف مذكرة بدفاعه طلب فيها إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أحقيته في اقتضاء تعويض مقداره 2400 دينار مقابل استئجاره مسكن طوال مدة التأخير في تنفيذ أعمال المقاولة وبرفض الدعوى كما قدم الحاضر عن المستأنف ضده مذكرة انتهى فيها إلى طلب رفض الاستئناف وحيث أن المحكمة قررت حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم.

وحيث انه لما كان مؤدى النص في المادة 33 من القانون المدني على انه لا يكون التعويض المتفق عليه مستحقاً إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه ضرر ويجوز للمحكمة أن تنقص التعويض عما هو متفق عليه إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة أو أن الالتزام قد نفذ في جزء منه ويقع باطلاً كل اتفاق يخالف ذلك أن الشرط الجزائي بحسبانه اتفاق بين الطرفين على التعويض المستحق عند تحقيق المخالفة الأصل فيه الأخذ بحكمة باعتباره ارتباطا قانونيا له قوته الملزمة وهو يقوم قرينة قانونية غير قاطعة على وقوع الضرر فتحققه بجعل الضرر واقعا مناسبا مع التعويض المتفق عليه في تقدير الطرفين فلا يكلف الدائن بإثبات الضرر أو مداه ولا ينزع القاضي إلى التدخل في أعمال هذا الشرط إلا إذا أثبت المدين انتفاء الضرر أعمالا للشرط الجزائي فلا يكون التعويض الاتفاقي مستحقا أصلا أو إذا أثبت المدين أن الالتزام الأصلي قد نفذ في جزء منه أو أن مقدار الشرط جائر بأن كان المبلغ المحدد فيه مبالغا فيه إلى درجة كبيره على نحو يخرجه عن حقيقته بما يعدوا متناسبا مع الضرر الحاصل وفي هذه الحالة يجوز للقاضي أن يخفض التعويض المتفق عليه إلى الحد المناسب للضرر.

وحيث انه لما كان ذلك وكانت المحكمة تطمئن إلى ما خلص إليه الخبير في تقريره من أن المستأنف تأخر في تسليم الأعمال المنوطة به لمدة 347 يوماً وأن هذا التأخير كان بسبب يرجع إليه وأن جملة غرامات التأخير المستحقة عن هذه المدة يبلغ 5205 دينار كما بلغت قيمة ما أصاب المستأنف من أضرار من جراء ذلك وفق ما اقر به أمامه مبلغ 2400 دينار تتمثل في قيمة الأجرة المستحقة عن المسكن الذي استأجره طوال المدة المشار إليها وذلك لسلامة الأسس الذي بنى عليها تقريره فان المحكمة ترى هديا بما سلف أن قيمة التعويض الوارد بالشرط الجزائي مبالغ فيه بدرجة كبيرة ويتعين لذلك النزول به إلى مبلغ 2400 دينار بحسبانه الحد المناسب لجبر الضرر الواقع عليه أخذاً بما قرره أمام الخبير وما أقر به بمذكرته المقدمة لهذه المحكمة مع استنزال هذا المبلغ من المبلغ المحكوم به عند تصفية الحساب بينهما وذلك على النحو التالي 6126.767 دينار – 2400 دينار = 3726.767 دينار ومن ثم تقضي المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف بأن يؤدي إلى المستأنف ضده المبلغ المشار إليه.

وحيث انه عن المصروفات شاملة مقابل أتعاب المحاماة تلزم المحكمة المستأنف بها عملا بالمواد 119، 120، 143 من قانون المرافعات.

مجلة القضاء والقانون – الطعن رقم 74 لسنة 1995 تجاري – جلسة 23/6/1996 – السنة 24 – العدد 2 – صـ 92

حكم آخر لمحكمة التمييز

برئاسة السيد المستشار محمد يوسف الرفاعي رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين ، مغاوري شاهين د. سعيد عبد الماجد ، محمد فؤاد بدر ، د. عبد المنعم بركة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.

ومن حيث أن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1985/5733 تجارى كلى بطلب الحكم بندب لجنة من الخبراء للاطلاع على أوراق الدعوى ومعاينة عقاره المبين بالصحيفة وتحديد الأعمال التي تتم منه وتلك المعين فيما أنجز منه وما يلزم من النفقات لإتمامه ، والتعويض الذي يستحق نظير ما لحقه من خسارة وما خانه من كسب نتيجة عدم تنفيذ الشركة المطعون ضدها الأولى لالتزامها في المواعيد المتفق عليها بينهما على أساس ما تضمنه العقد من احتساب غرامة تأخير بواقع خمسين دينارا عن كل يوم ، وذلك تمهيداً للحكم له بالتعويضات التي قدرها اللجنة ، وقال بيانا لذلك ، أنه اتفق مع المطعون ضدها الأولى بعقد مؤرخ 1992/5/26 على تنفيذ أعمال البناء في عقاره المبين بالصحيفة في مدة لا تجاوز سنة وإلا استحق عليها غرامة عن كل يوم تأخير مبلغ خمسون دينارا ، وإذ وفى بالتزاماته قبل الشركة بينما تقاعست هي في التنفيذ وتكشفت عيوب فيما أقامه من بناء فقد لاحقها وكذا المطعون ضدها الثانية بتوجيه تنبيهات إليها لاستكمال البناء وإصلاح العيوب ، وإذ ناهز التأخير قرابة عام سعت المطعون ضدها الأولى لدى الطاعن ليتنازل عما استحق عليها من غرامة تهديدية على أن تقوم بعمل المطلوب منها في مدة وجيزة فحرر اتفاقا بتاريخ 1984/4/26 تعهدت فيه بإنجاز تلك الأعمال في مدة لا تجاوز خمسة وأربعون يوما من ذلك التاريخ وإلا كان له أن يتمسك بكافة حقوقه قبلها وأخصها مطالبتها بغرامة التأخير ولما لم تنفذ تعهداتها رغم ذلك فقد أقام عليها الدعوى رقم 1984/1561 مستعجل لإثبات حالة البناء وبيان الناقص منه وتحديد نفقات لإصلاحه واستكماله ، وفيها ندبت المحكمة خبيرا قام بهذه المهمة وقدم الطاعن اعتراضا على هذا التقرير تركت المحكمة المستعجلة الفصل فيها لمحكمة الموضوع وحكمت بانتهاء الدعوى. وإذ لحق الطاعن نتيجة عدم وفاء المطعون ضدها الأولى بالتزامها بتنفيذ الأعمال في المواعد المحدد الموافق 1983/5/26 أضرارا تمثلت في قيمة استكمال الأعمال الناقصة وإصلاح التالف فيما نفذته والتزام الطاعن بالوفاء بقيمة القرض الذي حصل عليه لإنجاز الأعمال وفوائده وتفويت فرصة الانتفاع بالعقار قرابة الثلاثة سنوات فقد أقام الدعوى بتاريخ 1986/1/21 حكمت المحكمة بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم ، وبعد أن قدم الخبير تقريره طلب الطاعن أصليا ندب لجنة من الخبراء لتنفيذ المهمة واحتياطيا بإلزام المطعون ضده الأولى بأن يدفع به غرامة تأخير مبلغ 26886.840 دينار بالإضافة إلى مبلغ 1206.340 دينارا عن الأعمال المعيبة في مواجهة المطعون ضدها الثانية ، فحكمت المحكمة بتاريخ 1987/5/12 بندب خبير لإدارة المأمورية لبحث اعتراضات الطرفين على تقرير الخبير السابق وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 1988/4/26 بإلزام المطعون ضده الأول في مواجهة المطعون ضدها الثانية بأن يؤدى للطاعن مبلغ 3557.892 دينارا قيمة الأعمال الناقصة والمعيبة ومبلغ 9600 دينارا كتعويض نهائي عما أصابه من الأضرار استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1988/723 تجارى كما استأنفه المطعون ضده الأول بالاستئناف رقم 1988/744 تجارى وقررت المحكمة ضم الاستئناف الأخير إلى الأول ليصدر فيها حكم واحد ، وبجلسة 1988/12/17 دفع النائب عن الطاعن باعتبار الاستئناف رقم 1988/744 كأن لم يكن لعدم تجديده من الشطب خلال تسعين يوما ورفعت المطعون ضدها الأولى استئنافا فرعيا في الحكم الصادر عليها بمذكرة قدمتها بجلسة 1989/1/29 فقضت المحكمة بتاريخ 1990/2/20 أولاً : باعتبار الاستئناف رقم 1988/744 تجارى كأن لم يكن. ثانياً : وفى موضوع الاستئناف رقم 1988/723 تجارى برفضه وفى موضوع الاستئناف الفرعي بإلغاء الحكم المستأنف فما قضى به من تعويض ، وبتعديله فيما قضى به من نفقات الأعمال الناقصة وإصلاح الأعمال المعيبة إلى إلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدى للطاعن مبلغ 2736.840 دينارا ، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز ، وقدمت النيابة العامة مذكرة أيدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون ضدها الثانية وبقبوله شكلاً ورفضه موضوعا بالنسبة للمطعون ضدها الثانية طلبات وإنما اختصمها ليصدر الحكم في مواجهتها وقد وقفت هي من الخصومة موقفا سلبيا ولم يحكم عليها بشيء ولتتعلق بها أسباب الطعن فإنه لا يقبل اختصامها فيه ، ويتعين عدم قبوله بالنسبة لها.

وحيث أن الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول قد استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث أن الطعن أقيم على سببين ، ينعى الطاعن بالوجه الثاني من الأول فيها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ، وفى بيان ذلك يقول أن المحكمة أجلت الدعوى لجلسة 1989/11/21 لإصدار الحكم ، ثم مدت ذلك الأجل لجلسة ، 1990/1/30 وبعدها لجلسة 1990/2/20 على خلاف ما نصت عليه المادة 114 من قانون المرافعات من عدم جواز التأجيل لإصدار الحكم أكثر من مرتين بعد الجلسة التي تحددها لذلك ، مما يعيب الحكم بما يستوجب تمييزه.

وحيث أن هذا النعي مردود ، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 114 من قانون المرافعات على انه “متى تمت المرافعة في الدعوى ، قضت المحكمة فيها ، أو أجلت إصدار الحكم إلى جلسة أخرى قريبة تحددها ولا يجوز لها تأجيل إصدار الحكم بعدئذ أكثر من مرتين ، قد استهدف به المشروع على ما بينت المذكرة الإيضاحية للقانون تجنيب الخصوم مشقة التردد على إدارة الكتاب لمتابعة مال الدعوى ، خصوصا بعد أن أضحى بدء ميعاد الطعن في الحكم منوطاً كأصل عام ، بالنطق به ، ومن ثم فلا يعدو ما تقرر بالنعي أن يكون حكما تنظيميا للحث على سرعة الفصل في القضايا وليس من شأن الإخلال به التأثير في الحكم ولا يلحق البطلان الحكم الذي من أجل النطق به لأكثر مما ذكره في النص ، ويكون النعي من ثم على غير أساس.

وحيث أن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الأول والسبب الثاني للطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، وفى بيان ذلك يقول أنه قدر تعويضا نهائيا عن الضرر مبلغ 9600 دينارا على أساس أن غرامة التأخير تحتسب على أساس نسبة 10% من القيمة الإجمالية للعقد طبقاً للعرف السائد حال أن ثم اتفاق بين الطرفين على حسابها بواقع خمسين ديناراً على كل يوم كان يتعين تنفيذه لما توجبه المادة 197 من القانون المدني من تنفيذ العقد طبقاً لأحكامه وما يقتضيه حسن النية وشرف التعامل ، وفضلاً عن ذلك فقد بلغت القيمة الإجمالية للعقد 107700 ديناراً وليس 9600 دينارا، ثم قدر الحكم لإنجاز الأعمال الناقصة والمعيبة مبلغ 2736.840 ديناراً طبقا لما جاء بتقرير الخبير المؤرخ 1987/12/31 بمبلغ 3557.892 د.ك ولم يحص منازعة الطاعن في أساس حسابها ، وعدل على التقرير الأول في اعتبار ما تم إنجازه من عمال المتفق عليها حتى 1984/6/9 بلغت نسبة 99% وأن ما تبقى لا يمثل شيئاً بالنسبة لما تنفذ ولم يكن استكماله ليعطل الانتفاع بالبناء ورتبت على ذلك انتفاء الضرر والمستوجب للتعويض عن التأخير وذلك رغم ثبوته بدلالة ما بذل الطاعن من مساع لدى المطعون ضده الأول لاستكمال الأعمال قبل المهلة المتفق عليها بما يفيد تعذر الانتفاع بالبناء على تلك الحال وإذ كان ذلك وكان على المحكمة أن تضمن الحكم بياناً كافيا للوقائع وتحمل قضائها فيما خالفت فيه الخبير من أمور فنية على أسانيد من نوعها فإن الحكم يكون لذلك كله معيب بما يستوجب تمييزه.

وحيث أن هذا النعي مردود ، ذلك أن المقرر أن وجود الشرط الجزائي يفترض معه أن تقدير التعويض فيه يتناسب مع الضرر الذي لحق الدائن ، وعلى القاضي أن يعمل هذا الشرط إلا إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر فعندئذ لا يكون التعويض الاتفاقي مستحق أصلاً أو إذا أثبت المدين أن التعويض كان مبالغا فيه إلى درجة كبيرة وفى هذه الحالة يجوز للقاضي أن يخفض التعويض المتفق عليه إلى الحد الذي يتناسب مع مقدار الضرر الحقيقي الذي لحق الدائن مما يدخل تقديره في سلطة محكمة الموضوع ، ولما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحالة رقم 1984/1561 مستعجل قدر الأعمال الناقصة ومقابل إصلاح الأعمال المعيبة على أساس الأسعار السائدة وقت المعاينة وتلك المتفق عليها في العقد بمبلغ 2736.840 دينارا وأن المحكمة تأخذ بهاذ التقرير لأن لا محل للزيادة التي أضافها الخبير في تقريره المؤرخ 1987/11/31 تأسيسا على أن الأسعار وقت إبرام العقد 1982 كانت تزيد عنها وقت إنجاز تلك الأعمال كما أنه لا محل للنسبة التي أضافها الخبير الأخير لمواجهة ما قد ظهر من عيوب في المستقبل بما يفيد عدم توافر الدليل على أحقية الطاعن في التعويض عنها يضاف إلى ذلك أن الاتفاق المؤرخ 1984/4/26 تضمن أن يتولى الطاعن القيام بها على نفقة المطعون ضده الأول في المدة المحددة بما يوجب الاعتداد بتقدير مقابلها طبقاً للأسعار السائدة حين تنفيذها ، وأضاف الحكم أن الطاعن لا يستحق التعويض عن التأخير في التنفيذ لما ثبت من تقرير الخبير المؤرخ 1987/12/31 من أن المطعون ضده الأول أنجز حتى 1984/6/9 نسبة 99% من الأعمال طبقا للثابت من تقريري المهندس المشرف المؤرخين 1984/5/26 ، 1984/5/27 والمقايسة المرفقة بتقرير المهندس المنتدب بالدعوى المستعجلة وأن حجم الأعمال الناقصة والمعيبة ونوعها لا يمثل شيئاً بالنسبة للعمل الذي تم إنجازه ، وأن نوع هذه الأعمال وأماكن وجودها لم تكن لتمنع المدعى الطاعن من استعمال المبنى أثناء تنفيذها بمعنى أن المدعى كان يستطيع لو أراد أن يستعمل المبنى بعد انتهاء المدة المحددة في اتفاقية 1984/4/26 والتي انتهت في يوم 1984/6/9 مباشرة واستخلص الحكم من ذلك انتفاء الضرر الموجب للتعويض عن التأخير في تنفيذ الأعمال وكان مؤدى ذلك أن الحكم وازن بين الأدلة المقدمة في الدعوى وأخذ بما اطمأن إليه منها في نطاق السلطة التقديرية للمحكمة وأقام قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفى لحمل قضائه بما يتفق وحكم القانون الصحيح ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم لا يعدو جدلا موضوعيا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره ولا تجوز إثارته لدى محكمة التمييز ، ويكون النعي من ثم على غير أساس.

ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

مجلة القضاء والقانون – الطعن رقم 124 لسنة 1990 تجاري – جلسة 20/1/1992 – السنة 20 – العدد 1 – صـ 65

حكم ثالث لمحكمة التمييز

برئاسة السيد المستشار محمد يوسف الرفاعي رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين محمد يونس ثابت ، عبد المنصف هاشم ، د. عبد المنعم بركة ، محمد جمال الدين شلقاني

بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.

حيث أن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.

حيث أن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدها الدعوى رقم 320 لسنة 1985 تجاري كلي انتهت فيها إلى طلب الحكم بإلزامها أداء مبلغ 131315.458 دينارا وصحة تثبيت الحجز التحفظي رقم 1985/576 في 1985/4/10 وقالت بيانا للدعوى انه تم الاتفاق بينها والمطعون ضدها بموجب عقد مؤرخ 1979/5/10 وملحقة في 1980/3/6 على إنشاء مطعم يكون تمويله على عاتق المطعون ضدها وتقوم الطاعنة بتقديم خبرتها التجارية الفنية والإدارية بالإضافة إلى الشهرة التجارية والاسم التجاري مطعم … واتفق على انه في حالة فسخ العقد أو إلغائه أو انتهائه لسبب ما من أحد طرفيه فان الاسم التجاري المذكور يعود للطاعنة وتلتزم الطاعنة بعدم استعمال أو استخدام أو إطلاق هذا الاسم منفردا أو مقترنا بلفظ آخر أو مشتقاته في أي مشروع أو عنوان تجاري أو علامة تجارية وقامت الطاعنة بتسجيل العلامة التجارية والاسم التجاري في وزارة التجارة والصناعة وأصبحت العلامة ملكا له وانه بعد افتتاح المطعم الأول في مجمع الصالحية وتلاه بعد سنة ونصف افتتاح مطعم … في عمارة الحمراء بالسالمية في 1984/6/11 فسخت المطعون ضدها العقد وملحقه وإذ كان يترتب على الفسخ إعمالا لشروط العقد تغيير الإرمات (الشعارات) المعلقة على المطعم بالاسم التجاري وطمس ومحو العلامة التجارية على الأبواب والتوقف عن استخدام منتجات الطاعنة وعدم استعمال المفروشات والأدوات وغيرها وإتلاف المطبوعات وكل ما يحمل العلامة ، وإذ لم تقم المطعون ضدها بذلك فقد أنذرتها ووقعت عليها حجزا تحفظيا بتاريخ 195/4/10 قيد برقم 1985/756 وإذ لحقها أضرار نتيجة فسخ العقد واستعمال المطعون ضدها الاسم التجاري من تاريخ فسخ العقد فقد أقامت قبلها الدعوى بطلب تثبيت الحجز التحفظي وندب إدارة الخبراء لبيان التعويض المستحق لها.

قضت المحكمة في 1985/9/25 بدب خبير لأداء المأمورية المبينة بالمنطوق وبعد أن أعيدت الدعوى لإدارة الخبراء لفحص اعتراضات الطرفين قدم الخير تقريرا انتهي فيه إلى أن الطاعنة تسلمت كامل حقوقها من نسبة المبيعات المقررة بالعقد وحتى تاريخ فسخه من جانب المطعون ضدها وأنها تستحق مبلغ 131315.458 دينارا عن فترة استعمالها الاسم التجاري في الفترة من تاريخ فسخ العقد في 1984/6/11 حتى 1989/1/19 إعمالا لفقرة (أ) من البند الخامس عشر علي الاتفاق الحاصل في 1980/3/6 فعدلت الطاعنة طلباتها إلى الحكم بالمبلغ المذكور بالإضافة إلى طلب تثبيت الحجز التحفظي وبتاريخ 1993/1/13 حكمت المحكمة للطاعنة بطلباتها.

استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم أمام محكمة الاستئناف العليا بالاستئناف رقم 13093 تجاري وفيه قضت المحكمة بتاريخ 1993/5/10 في الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بجعل مبلغ التعويض المحكوم به 35 ألف دينار وتأييده فيما عدا ذلك ، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز طالبه تمييز الحكم المطعون فيه وبرفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف قدم المطعون ضدهم مذكرة بدفاعهم طلبين رفض الطعن وإذ نظر الطعن صمم الطرفان علي طالباتهما والتزمت النيابة العامة الرأي الذي أبدته في مذكرتها بتمييز الحكم المطعون فيه.

وحيث أن مما تنعاه الطاعنة علي الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وبيانا لذلك تقول أنها عقدت في 1979/5/10 مع المطعون ضدها عقد إدارة وتقديم خبرات مع حق استخدام الاسم التجاري والشهرة التجارية تضمن إدارة المطعم من جانب الطاعنة مع حق المطعون ضدها الانتفاع بالاسم التجاري والعلامة والشهرة التجارية مطعم … وتضمن البند الخامس عشر مستحقات الطاعنة لقاء تقديم الاسم الشهرة المذكورين بان تتقاضى نسبة مئوية من المدخول السنوي العام للمشروع بموجب الشرائح المنصوص عليها ، وكذلك نسبة مئوية من الأرباح الصافية بالشرائح المبينة بالبند المذكور لقاء إدارة المشروع ، ثم انه باتفاق لاحق في 1980/63/6 اتفق على حق الطاعنة عند فسخ العقد المؤرخ 1979/5/10 برفع وإزالة وسحب الشعارات (الإرمات) واللوحات والإعلانات وغير ذلك مما يجعل الاسم التجاري وسحب الأدوات والمعدات الخاصة بالمطعم السابق لها تقديمها وانه يحق لها التعويض من الأضرار المادية والمعنوية اللاحقة بها نتيجة لذلك وفقا للشريحة المنصوص عليها في البند الخامس من ذلك العقد.

وإذ قامت المطعون ضدها في 1984/6/11 بفسخ العقد فكان يتعين عليها الامتناع عن استعمال العلامة التجارية وان تردد إليها المفروشات والأدوات وغيرها مما سبق أن قدمتها إليها إلا أنها استمرت في استغلال تلك الأشياء حتى تاريخ توقيع حجز تحفظ عليها في 1989/1/19 فكان يتعين إلزامها بالشرط الجزائي المتفق عليها بالاتفاق اللاحق الحاصل في 1979/5/10 وحسبما انتهي إليه الخبير المندوب في تقريره وقدره بالمبلغ الذي قضت به محكمة الدرجة الأولى ، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعمل هذا الشرط قولا بأنه تابع للالتزام الأصلي بكونه إخلال بهذا الالتزام الأصلي بفسخ العقد ويسقط الشرط الجزائي ، واعمل سلطته التقديرية في التعويض المستحق لها دون اعتبار لما هو متفق عليه بين الطرفين بالشرط الجزائي ، في حين أن تحقق الشرط الجزائي يجعل الضرر واقعا فلا يكلف الدائن بإثباته وإنما يقع علي المدعيين عبء إثبات عدم وقوع الضرر أو أن التعويض الذي تضمنه الشرط الجزائي مبالغ فيه ، وإذ خالف الحكم هذا النظر فيكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب تمييزه.

وحيث أن النعي سديد في أساسه ذلك أن للدائن والمدين في التزام ما قد يريان إلا يتركا تقدير التعويض إلى القاضي كما هو الأصل بل يعمد إلي أن الاتفاق مقدما علي تقدير التعويض فيتفقان علي مقدار التعويض الذي يستحقه الدائن إذا لم يقم المدين بالتزامه فيكون تعويضا عن عدم التنفيذ أو على مقدار التعويض إذا ما تأخر المدين في تنفيذ التزامه فيكون التعويض عن التأخير ويسمي هذا الاتفاق بالشرط الجزائي ، ويوضع عادة كشرط ضمن شروط العقد الأصلي الذي يستحق التعويض علي أساسه ، وان كان لا يوجد ما يمنع من وضعه في اتفاق لاحق ما دام أن هذا الاتفاق قبل تحقق الإخلال بالالتزام بل لا يمنع أن يكون هذا الشرط اتفاقا علي تقدير التعويض عن مصدر غير العقد كالعمل غير المشروع ، وإذ حدد المتعاقد أن مبلغ التعويض في حالة فسخ العقد فالمسئولية التي تتخلف عن فسخ العقد إنما هي مسئولية تقصيرية حددها المتعاقدان بشرط جزائي مبلغ التعويض عنها ، فالشرط الجزائي ليس قاصرا علي المسئولية العقدية فقط بل يكون في المسئولية التقصيرية.

لما كان ذلك وكان واقع الدعوى كما سجله الحكم المطعون فيه والثابت من الأوراق أن الطاعنة تعاقدت بالعقد المؤرخ 1979/5/10 مع المطعون ضدها تضمن أن تلتزم بإدارة مطعم … بعلاقته وشهرته التجارية المملوكة لها بدولة لبنان وذلك باستغلال مطعمين أحدهما بمجمع الصالحية والآخر بعمارة الحمراء بالسالمية وانه يحق لها تقاض نسبة مئوية من المدخول السنوي العام للمشروع لقاء تقديم العلامة والشهرة المذكورة كما يحق لها تقاضي نسبة مئوية من الأرباح السنوية حسب ما بينه البند الخامس من العقد ثم انه في تاريخ 1980/3/6 عقدت اتفاقا لاحقا اشترطت فيه على المطعون ضدها عند فسخ أو إلغاء أو إنهاء العقد الحاصل في 1979/5/10 فأنها تلتزم برفع وإزالة وسحب الشعارات واللوحات والإعلانات وغير ذلك مما يحمل الاسم التجاري المذكور وان تمتنع عن استعمالها وان ترد إلى الطاعنة المعدات والأدوات والأوراق والبضائع وغيرها من التجهيزات التي سبق أن قدمتها إليها مع حقها في طلب التعويض عن الأضرار نتيجة لذلك وفقا للشريحة المنصوص عليها في البند الخامس عشر سالف البيان.

لما كان ذلك وكان مفاد المادتين 302 ، 303 من القانون المدني وعلى ما بينته المذكرة الإيضاحية جواز الاتفاق مقدما على تقدير التعويض وهو المعروف بالشرط الجزائي أو التعويض الاتفاقي يظهر أثره على تقدير التعويض فيما يتعلق بركن الضرر في مجال الإثبات إذ يترتب عليه افتراض حصول ضرر مساو لما قدره المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثبات وجود ضرر ، وان من يدعي من الطرفين أن الضرر الواقع فلا يقل أو يزيد عما هو متفق عليه فعليه إثبات ذلك فإذا اثبت المدين أو الدائن لم يحلقه أي ضرر فيكون أحد أركان المسئولية قد تخلق بالتالي لا تحكم المحكمة بأي تعويض ، أما إذا لم يثبت المدين ذلك ولكنه اثبت أن الضرر الحادث اقل من التعويض المتفق عليه فيجوز للمحكمة أن تخفض التعويض في حالتين الحالة الأولى إذا ما اثبت المدين أن التقدير الاتفاقي للتعويض كان مبالغا فيه إلى درجة كبيرة فلا يكفي أن يثبت أن الضرر الواقع فعلا اقل من المتفق عليه والحالة الثانية أن يثبت المدين أن الالتزام قد نفذ في جزء منه إذا المفروض أن القدير الاتفاقي كان لعدم التنفيذ الكلي ، وكلا الحكمين وهما عدم الحكم بأي تعويض إذا اثبت عدم حصول ضرر والحكم بتخفيض التعويض بتعلق بالنظام العام فكل اتفاق على خلافه باطل ، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر ولم يعمل الشرط الجزائي بشروطه سالفة البيان وإنما انتهى إلى إسقاطه لسقوط الالتزام بفسخ العقد مع انه قائم ويجب إعماله بالضوابط المشار إليها واستعمال الحكم سلطته في تقدير التعويض كأصل عام دون اعتبار للشرط فانه يكون فيها بمخالفة القانون مما يوجب تمييزه دون حاجة لبحث معيبا باقي اوجه الطعن.

حيث انه عن موضوع الاستئناف رقم 1993/130 تجاري فانه لما كانت المستأنف ضدها تتمسك بإعمال الشرط الجزائي وكانت المستأنفة تقيم دفاعها علي أن الضرر الحادث اقل من التعويض المتفق عليه في هذا الشرط إلا أنها قامت بتنفيذ الالتزام في جزء منه بان امتنعت عن استعمال كثير من المطبوعات والعلامة التجارية والأدوات والمواد المملوكة للطاعنة بعد فسخ المستأنفة العقد وذلك في 1984/6/11 بدلالة استلام المستأنف ضدها جزء من هذه المطبوعات والأدوات بتوقيعها الحجز التحفظي كما أن التقدير الاتفاقي للتعويض كان مبالغا فيه إلى درجة كبيرة من جانب الأخيرة التي أوقعتها في غش وتحايل بإيهامهما أن الاسم التجاري مطعم … وشركة … له الشهرة العالمية في حين أن نشاطها التجاري قاصر على دولة لبنان ، ولما كان يحق للمستأنفة إثبات ما تدعيه وذلك فيما جاوز مبلغ 25 ألف دينار إذ أن الحكم المطعون فيه نهائي في هذا الخصوص قبلها واصبح باتا بالنسبة إليها لعدم طعنها عليه بالتمييز ، ولان من القواعد الأصولية في المحاكمات ألا يضار الطاعن بطعنه فلا يصح الادعاء من جانب المستأنفة أن المستأنف ضدها الدائنة لم يحلقها أي ضرر حتى لا تضار الطاعنة بطعنها بالتمييز ومن ثم تقضي المحكمة بإعادة المأمورية لإدارة الخبراء لأدائها على الوجه المبين بالمنطوق مع إبقاء الفصل في المصروفات.

مجلة القضاء والقانون – الطعن رقم 119 لسنة 1993 تجاري – جلسة 14/12/1993 – السنة 21 – العدد 2 – صـ 217

تم بحمد الله تعالى

والله أعلى وأعلم،،،

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .