الاختبار القضائي بصفة عامة هو خضوع مرتكب الجريمة لمجومعة من الالتزامات في مدة زمنية محددة يتقيد بها تحت اشراف شخص أو جهة ما بهدف تأهيله من التعايش مع المجتمع دون الخضوع الى العقوبات التقليدية قد تؤدي الى سلب حريته . وقد تطور نظام الاختبار القضائي وتعددت صوره وهو ما نبينه كما يلي .

_ أولاً : صور الاختبار القضائي : 

1- الاختبار القضائي أثناء التحقيق وقبل الادانة : 

وتستند هذه الصورة علي التجربة البلجيكية والتي قامت على ما تتمتع به النيابة العامة من سلطة تقديرية ازاء الدعوى الجنائية اذا ما قدرت النيابة العامة جدارة المتهم للاختبار القضائي تقوم بحفظ التحقيق وتخضعه للاختبار وذلك من خلال قبوله التقيد بمجموعة من الالتزامات خلال فترة زمنية معينة ، واذا نجح المتهم في تنفيذ الالتزامات يكون للنيابة ترك الدعوى تسقط بالتقادم . وتتميز هذه الصورة أنها تجنب المتهم بعد ثبوت التهمة عليه الحضور أمام المحكمة وسماع الحكم عليه بادانته بما في ذلك من مساس لسمعته وهذا يمثل فائدة للمتهم .

أما عيوب هذه الصورة هى :

1- أن النيابة العامة تتجاوز حدود دورها لأنها تأمر بتدبير احترازي ” الاختبار القضائي ” بعد تحققها من ثبوت ادانة المتهم وهو أمر من اختصاص القضاء أصلاً .

2- تخالف مبدأ الشرعية لعدم وجود سند قانوني لها وانما استندت على ما تتمتع به النيابة العامة من سلطة تقديرية بشأن احالة الدعوى الجنائية .

2- الاختبار القضائي بعد الادانة وقبل النطق بالعقاب : 

للمحكمة بعد احالة الدعوى الجنائية أن تقرر ادانة المتهم ولكنها ترجئ النطق بالعقاب فترة محدودة ، ويخضع المتهم في تلك الفترة لعدة التزامات اذا نجح في مراعاتها فلا مجال للاستمرار في الدعوى الجنائية ضده ومن ثم لا مجال لاصدار أي حكم بالعقوبة . أما اذا أخل المتهم بالتزاماته للمحكمة نظر الدعوى وتنطق بالعقوبة التي أجلتها . وتتميز هذه الصورة بما يلي :

1- تجنب المتهم الحكم بالادانة اذا نجح في الاختبار وأيضاً خلق ارادة التأهيل والاصلاح لديه .

2- تمكن القاضي من الوقوف على معرفة شخصية المتهم خلال الاختبار مما يجعله أقدر على تحقيق العقوبة التي يستحقها اذا أخل بالتزاماته .

3- هذه الصورة متفردة لا تختلط وأي نظام آخر وقد تأثر بهذه الصورة كلاً من المشرع الكويتي والمصري .

أما عن عيوب هذه الصورة فتتمثل في تعارضها مع مبدأ وحدة الخصومة الجنائية المعمول به في النظام اللاتيني وهو عدم الفصل بين مرحلة الادانة والنطق بالحكم .

3- الاختبار القضائي بعد النطق بالعقاب وقبل تنفيذ العقوبة : 

وتتمثل هذه الصورة في السير الطبيعي لاجراءات محاكمة المتهم وصولاً الى ادانته والحكم عليه بعقوبة ما وتعليق تنفيذ هذه العقوبة مدة زمنية معينة يخضع فيها المتهم لعدة التزامات يتقيد بتنفيذها . فاذا نجح في مراعاتها ولم يخالف ما تم تكليفه خلال تلك الفترة تعد اجراءات المحاكمة كأن لم تكن ، واذا فشل في ذلك فانه يخضع لتنفيذ العقوبة الصادرة ضده دون اعادة المحاكمة .

ويعتبر البعض أن هذه أفضل صورة في السياسة الجنائية وذلك لما يأتي :

1- يتم حسم اجراءات المحاكمة في الوقت الطبيعي الملائم فلا يتم الفصل بين الادانة والنطق بالعقاب وفي الوقت التي لاتزال فيه أدلة الجريمة واضحة .

2- النطق بالعقوبة وتعليق تنفيذها على اخضاع المحكوم عليه للاختبار القضائي يساعد على ارادة التأهيل لديه ويزيل ما يعلق بذهن الرأي العام من خلط بين الاختبار القضائي والبراءة .

_ ثانياً : الصورة التي تأثر بها المشرع الكويتي : 

تجيز المادة 81 من الجزاء الكويتي ” للمحكمة أن تمتنع عن النطق بالعقاب ازاء المتهم بأي جريمة تستوجب الحبس وذلك اذا رأت من أخلاقه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التي ارتكب فيها جريمته أو تفاهة هذه الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود الى الاجرام ، وتكلفه بتقديم تعهد بكفالة شخصية أو عينية أو حتى بغير كفالة ، يلتزم المتهم في هذا التعهد بمراعاة شروط معينة تحددها المحكمة وكذلك المحافظة على حسن السلوك المدة التي تحددها على ألا تجاوز السنتين وللمحكمة أن تقرر وضعه خلال هذه المدة تحت رقابة شخص تعينه ويجوز لها أن تغير هذا الشخص بناء على طلبه وبعد اخطار المتهم به . وبحيث انقضت المدة التي حددتها المحكمة دون أن يخل المتهم بشروط التعهد اعتبرت اجراءات المحاكمة السابقة كأن لم تكن . أما اذا فشل المتهم في ذلك وأخل بشروط التعهد فان للمحكمة أن تأمر بناء على طلب سلطة الاتهام أو الشخص المتولي رقابته أو المجني عليه بالمضي في محاكمته وتقضي عليه بعقوبة الجريمة التي ارتكبها ومصادرة الكفالة العينية ان وجدت ” . وتلك الصورة من الاختبار القضائي تتطابق مع الصورة الثانية من صور الاختبار القضائي المتعلقة بتقرير الاختبار القضائي بعد ثبوت الادانة وقبل النطق بالعقاب .