بحث ودراسة عن الإجراءات الشكلية لرفع الدعوى المدنية في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجزائري

مقدمــــــة

لقــد دعت الضرورة الملحــة لإيجاد قانون لإجراءات مدنية و إدارية نظرا لنمو فكرة القضاء للإنتقال إلى القضاء العام و ذلك أنه كـــان في الجماعات المدنية الأولى يتولى فكرة القضاء الأفراد أنفسهم أي أن صاحب الحق كان يتولى بنفسه الدفاع عن حقه و استخلاصه من الغير بالقوة ، إلا أنه في المجتمعات الحديثة أصبحت الحاجة ماسة لوجود هيئة عامة تتولى فض النـزاع بين الأفراد و الحصول على حقوقهم بمقتضى القانون. تسمى هذه الهيئة بالهيئة القضائية و الفانون الذي يعني بتنظيم السلطة التي تقوم بالفصل في المنازعات هو قانون الإجراءات المدنية و الإدارية و قواعده و المنظمة لهذه السلطة تسمى بقواعد النظام القضائي و تعتبر الدعوى هي الوسيلة التي يلجأ بها المواطن إلى السلطة القضائية للحصول على حقوقه ، و لا يكتمل تنظيمها إلا بتنظيم وسائل حمايتها ، فما هي الشروط أو الإجراءات الشكلية لصحة رفع هذه الدعوى ؟.

المطلــب الأول -:صحيفة(عريضة) الدعــوى

و يطلق عليها عريضة الدعوى ، و هي ورقة يدعو بها الخصم خصمه للحضور أمام المحكمة و يقصد به الطلب المكتوب الموجه للقاضي و الذي يعرض من خلاله الخصم (المدعى) إدعاءاته و طلباته و دفوعه من أجل طلب الحصول على حكم في الدعوى سواء بتقــــرير حق أو حماية مركز قانوني أو جبر ضررا ما عن طريق التعويض بغض النظــــر عن مدى مصداقية إدعاءاته(1)، و يترتب على إعلانها أن تعتبر الدعوى قائمة و الخصومة أيضا ، و اســتخلاصا مما سبق فالدعوى تعلن بغير علم القاضي أو تدخله ، و يترتب عن ذلك سريان كافة الآثار التي تـترتب عن ذلك.

الفرع الأول -:البيانات الأساسية التي تشملها عريضة الدعوى

قبل تعداد البيانات الأساسية أو ما أصطلح عليه المشرع بالبيانات العادية أو المعتادة ، تجدر الإشارة أولا: إلى أن هذه البيانات ذو طبيعة إجبارية ، بمعنى أن إغفالها يؤدي إلى عدم قبول العريضة شكلا، فبالإضافة إلى البيانات المذكورة في المادة 15 ق.إ.م.إ فقد ينص القانون صراحة إلى وجوب ذكر بيانات أخرى ، و

عدم ذكر هذه البيانات قد تسقط العريضة تحت طائلة البطلان . و ثانيا: نشير إلى أن قواعد تحرير العرائض المدنية لا تختلف عن تلك التي تحكم العرائض الإدارية المادة 816 ق.إ.م.إ، و هذه البيانات التي يجب إتباعها هي:-

1- الجهة القضائية التي ترفع أمامها الدعوى (بيان الدعوى):-

و يقصد بذلك تبيان المحكمة المقامة أمامها الدعوى ، و المطلوب حضور الخصوم أمامها على وجه التحديد، و هذا الأمر هو أمر ضروري لأنه يتعلق بقواعد الإختصاص النوعي أو المحلي للمحكمة ، و ما قد يثار بعد ذلك من مشاكل بسببه(2).

2- إسم و لقب المدعى و موطنه و إسم و لقب المدعى عليه و موطنه:-

و هو أمر بديهي حتى يتم توجيه الدعوى من الشخص الصحيح إلى الشخص الصحيح ، فالدعوى إجراء قانوني شخصي أي أن المدعى صاحب المصلحة و المتمتع بالأهلية يجب أن يرفع الدعوى باسمه ، و إن كان أوكل تمثيله لغيره ، و الغاية من ذكر الموطن فهو أن تكون التبليغات صحيحة(1)، و كذلك نفس الشيء بالنسبة للمدعى عليه ، فإن لم يكن للمدعى عليه موطن معلوم فلآخر موطن له .

3- الإشارة إلى تسمية و طبيعة الشخص المعنوي و مقره الإجتماعي و صفة ممثله القانوني أو الإتفاقي

إن تسمية الشخص المعنوي تقابل إسم و لقب الأشخاص الطبيعيين و بالتالي أهمية الإشارة إليه حتى توجه الدعوى التوجيه الصحيح ، و يقصد بطبيعة الشخص المعنوي تحديد مركزه القانوني إن كان شخص معنوي عام (الدولة ، الولاية ، البلدية، المؤسسات العمومية)، أوشخص معنوي خاص كالشركات و الجمعيات ، أما عن المقر الإجتماعي فهو يقابل موطن الأشخاص الطبيعية و معرفة الموطن تساعد على تحديد الإختصاص المحلى للجهة القضائية ، اما عن صفة ممثله القانوني أو الإتفاقي فهي من تحدد أهلية نائبه القانوني في تمثيل الشخص المعنوي فالوزير هو الممثل القانوني للدولة حسب وزارته.

4- موضوع الدعوى :- و هي العناصر المكونة للعريضة و التي تشمل وقائع الدعوى و طلبات المدعى و أسانيده القانونية و الغرض من هذا الإيضاح هو أنه يتيح للمدعى عليه أن يكون فكرة وافية عن المطلوب منه لكي يستعد لإعداد دفاعه

قبل الجلسة ، و حتى يتسنى للقاضي الإلمام بوقائع القضية(2)، و بعد عرض الوقائع لا بد من تحديد الطلبات بكل دقة و هو أمر في غاية الأهمية لأنه ليس للقاضي المدني أن يحكم بأكثر مما يطلبه منه الخصوم، فلطلبات الخصوم إذا أهمية قصوى في تحديد مصير النزاع، و لا بد من إيداع كل وثيقة مرفقة مع الدعوى أمام أمين الضبط ، حيث يقوم هذا الأخير بجردها و التأشير عليها قبل ايداعها بملف القضية ، و ذلك مقابل وصل إستلام.

و بعد إعداد العريضة يتم توقيعها و تأريخها لتودع بأمانة الضبط من قبل المدعى أو وكيله أو محاميه بعدد من النسخ يساوى عدد الأطراف المادة 14 ق.إ.م.إ.

الفرع الثاني -: إجراءات النقص أو الخطأ في بيانات الصحيفة

يترتب على نقص أو خطأ في بيانات الدعوى بطلان وجوبي أو بطلان جوازي ، فيكون الأول إذا شاب عريضة الدعوى نقصا أو خطأ يترتب عليه الجهل بالمحكمة أو بالمدعى أو المدعى عليه أو المدعى به أو التاريخ ، و تحكم به المحكمة إذا تمسك به في الوقت المناسب، و يكون الثاني إذا كان النقص في ما عدا البيانات المذكورة آنفا ، فالبطلان جوازي و للمحكمة أن تقضي به أو لا تقضي به و لو تحقق سببه ، و الأصل في البطلان سواء وجوبيا أو جوازيا أن لا تحكم به المحكمة إلا إذا تمسك به الخصم في الوقت المناسب و بالطريقة التي رسمها القانون(1).

· ميعاد الحضور :- و هو النهاية الصغرى للمدة التي يجب أن تمضي من يوم إعلان المدعى عليه بصحيفة الدعوى و اليوم المحدد للجلسة ، فهو ميعاد كامل يجب أن يقتصر قبل اليوم المحدد لنظر الدعوى و هو يعطي للمدعى عليه لتمكينه من الحضور و من إعداد دفاعه في الدعوى و يحدد المشرع الإجراءات تحديدا قطعيا وفقا لما يراه بيد أن القانون يمدد الميعاد مراعاة لظروف معينة و هو ما أورده المشرع الجزائري في المادة 16 ق.إ.م.إ و التي نصت على أن : ” تقيد العريضة حالا في سجل خاص تبعا لترتيب ورودها مع بيان أسماء و ألقاب الخصوم و رقم القضية و تاريخ أول جلسة.

يسجل أمين الضبط رقم القضية و تاريخ أول جلسة على نسخ العريضة الإفتتاحية ، يسلمها للمدعى بغرض تبليغها رسميا للخصوم .

يجب إحترام أجل عشرون 20 يوما على الأقل بين تاريخ تسليم التكليف بالحضور و التاريخ المحدد لأول جلسة ، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك .

يمدد هذا الأجل أمام جميع الجهات القضائية إلى 3 ثلاثة أشهر إذا كان الشخص المكلف بالحضور مقيما في الخارج”.

و هذه المادة جاءت معدلة للمادة 26 ق.إ.م القديم الذي حدد المدة الأولى بـ10 أيام ، و الثانية بشهر واحد.

المطلب الثاني -:التكليف بالحضور و قيد الدعوى

و يقصد بقيد الدعوى تقديم أصل الصحيفة إلى كتابة الضبط بعدد النسخ يساوى عدد الأطراف و هذا ما نصت عليه المادة 16 ق.إ.م.إ ، كما أن العريضة لا تقيد إلا بعد دفع الرسوم المحددة قانونا كما نصت عليه المادة 17 ق.إ.م.إ ، أما التكليف بالحضور فهو يتضمن بعض البيانات حسب المادة 18ق.إ.م.إ و يبلغ إلى المدعى عليه ، و سنتطرق إلى ذلك بالتفصيل.

الفرع الأول -:التكليف بالحضور

ويقصد بالتكليف بالحضور تلك الوثيقة التي تبلغ إلى المدعى عليه للحضور للجلسة و يجب أن يتضمن هذا التكليف البيانات الآتية حسب نص المادة 18 ق.إ.م.إ :-

1- إسم و لقب المحضر القضائي و عنوانه المهني و ختمه و توقيعه و تاريخ التبليغ الرسمي و ساعته.

2- إسم و لقب المدعى و عنوانه و موطنه.

3- إسم و لقب الشخص المكلف بالحضور و موطنه.

4- تسمية و طبيعة الشخص المعنوي و مقره الاجتماعي ، و صفة ممثله القانوني و الاتفاقي.

5- تاريخ أول جلسة و ساعة إنعقادها.

و يسلم التكليف بالحضور للخصوم بواسطة المحضر القضائي الذي يحرر محضرا يتضمن البيانات السابقة الذكر إضافة إلى بيانات أخرى نصت عليها المادة 19 ق.إم.إ و هي كما يلي:-

– يوقع المبلغ له على المحضر و يشار إلى طبيعة الوثيقة المثبتة لهويته مع بيان رقمها و تاريخ صدورها .

– تسليم التكليف بالحضور إلى المبلغ له مرفقا بنسخة من العريضة الافتتاحية مؤشر عليها من أمين الضبط.

-الإشارة في المحضر إلى رفض إستلام التكليف بالحضور أو استحالة تسليمه أو رفض التوقيع عليه.

– وضع بصمة المبلغ له في حالة استحالة التوقيع على المحضر.

– تنبيه المدعى عليه بأنه في حالة عدم امتثاله للتكليف بالحضور سيصدر حكم ضده ن بناء على ما قدمه المدعى من عناصر (1).

و يحضر الخصوم في التاريخ المحدد في التكليف بالحضور شخصيا بواسطة محاميهم أو وكلائهم المادة 20ق.إ.م.إ.

الفرع الثاني -:الأطراف التي تقوم بقيد الدعوى

1- المدعى:- إن الأصل هو أن المدعى هو الذي يقوم بقيد الدعوى لأنه صاحب المصلحة في التعجيل بالفصل في الخصومة للحصول على حكم سواء بتقرير حقه أو حماية مركزه القانوني أو جبر ضرر ما عن طريق التعويض.

2- المدعى عليه:- يجوز أن يقوم المدعى عليه بالقيد في الدعوى إذا لم يقم يذلك المدعى ، و كان للمدعى عليه مصلحة في التعجيل بالنظر في الدعوى و يتم ذلك بتقديم صورة من الصحيفة المعلنة له ، إلا أن هذه الحالة نادرا ما توجد ، فالأصل العام أن المدعى هو الذي يقوم بقيد الدعوى.

3- ميعاد القيد:- يوجب القانون قيد الدعوى أيا كان نوعها ، و أيا كانت المحكمة المرفوعة إليها في اليوم السابق لتاريخ الجلسة المحددة للنظر فيها على الأكثر.

الفرع الثالث -:أثر عدم إجراء القيد في الميعاد

يترتب على عدم القيد في الميعاد صورتان:-

1- الصورة الأولى:- إذا حلت الجلسة المحددة لنظر الدعوى و لم يحصل قيدها إطلاقا فإن الدعوى لا تعرض على المحكمة و لا تنظر فيها لأنها لم تتصل بعلم القاضي ، و لكن تبقى هذه الدعوى قائمة منتجة لأثرها بعدم القيد ، لذلك يجوز لكل من المدعى و المدعى عليه أن يحددا لها جلسة أخرى و أن يعلم خصمه بها، فإن قيدت الدعوى قبل الجلسة الجديدة عرضت على المحكمة و نظرت فيها ، و إلا فإنها لا تعرض على المحكمة، و لا تنظر فيها.

2- الصورة الثانية:- إذا قيدت الدعوى في يوم الجلسة في غير الحالات التي تنص عليها القانون فإنها تعرض على المحكمة ، فإذا حضر المدعى عليه نظرت الدعوى ، و إذا لم يحضر كان على المحكمة أن تؤجل النظر فيها إلى جلسة أخرى / يعلن بها المدعى ، فإذا لم تؤجل الدعوى و فصلت فيها المحكمة و قضت على المدعى عليه و هو غائب كان حكمها باطلا (1).

المطلب الثالث -:في الحضــــــور و الغيـــاب

الفرع الأول -:في الحضـــور

ففي الحضور يقصد به حضور الخصوم أمام القضاء بأنفسهم أو من يوكلونهم من الوكلاء ، فالوكالة في الخصومة جائزة قانونا ، و يقابل هذا الحق ، حق المحكمة في أن تأمر بحضور الخصوم لإستجوابهم سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب من خصمه ، و في هذه الحالة يتعين على من تقرر المحكمة استجوابه بأن يحضر بنفسه أمام المحكمة في الجلسة لتقوم باستجوابه.

1- الوكالة بالخصومة:- الأصل فيه انه حق للمحامين ، و مع ذلك يجوز إنابة غير المحامين من الأقارب و الأصهار للقيام بها إلى غاية الدرجة الثالثة بشرط قبول المحكمة بذلك ، في حين لا يجوز للقضاة و النائب العام و نوابه و الموظفين بالمحاكم النيابة عن الخصوم أمام القضاء و المرافعة سواء شفهيا أو كتابيا ، و سواء كان ذلك أمام المحاكم التابعين لها أم كان ذلك أمام المحاكم الأخرى.

و العلة في ذلك الحظر واضحة، حيث تتفادى الجمع بين الوظيفة القضائية و هي تقضي الحيدة بين الخصوم و بين ممارسة المحاماة و هي تقضي رعاية مصلحة الخصم الذي ينوب عنه الوكيل بالخصومة.

* إذا تعدد الوكلاء جاز لأحدهم الإنفراد بالعمل في القضية ما لم يكن ممنوعا بنص في التوكيل ، و هذا الحكم خارج عن القواعد العامة في الوكالة التي تقضي بأنه إذا تعدد الوكلاء و كانوا معينين في عقد الوكالة كان عليهم أن يعملوا مجتمعين ما لم يكن مرخصا لأحدهم بالإنفراد بعقد الوكالة و معنى هذا الاستثناء هو الرغبة في عدم تعطيل الدعوى بسبب عدم حضور الوكلاء أو عدم الإذن لمن يحضر منهم بالإنفراد.

* يجوز للوكيل أن ينيب غيره من المحامين و لو لم يكن مأذونا له في الإنابة صراحة في سند التوكيل ما لم يكن ممنوعا من الإنابة بنص صريح و هذا أيضا استثناء من القواعد العامة في الوكالة .

* إذا أعتزل الوكيل بالخصومة أو عزله موكله فلا يمنع ذلك من سير الإجراءات في مواجهته إلا إذا أعلن الخصم تعيين بدله أو عزم الموكل على مباشرة الدعوى بنفسه(1).

2- واجب الحضور:- ينبغي على الخصوم الحضور بأنفسهم أو أن يحضر عنهم من يوكلونه في اليوم المعين للنظر في الدعوى و لكن هذا لا يعني أن الخصم إذا لم يحضر أكره على الحضور جبرا عنه ، و لكن الحضور هو وسيلة لإبداء أقوال الخصم و طلباته أمام المحكمة ، و إن غيابه لا يمنع المحكمة من النظر في الدعوى و الحكم فيها و لو أدى غياب الخصم إلى حرمانه من إبداء دفاعه في الدعوى.

الفرع الثاني: في الغيــــــــــــاب

* غياب المدعى و المدعى عليه: إذا لم يحضر المدعى و المدعى عليه أو حضر المدعى عليه وحده و لم يبدى طلباته فأوجب على المحكمة أن تقرر شطب الدعوى من تلقاء نفسها و أن تلزم المدعى بالمصاريف ، و يقصد بشطب الدعوى إستبعادها من جدول القضايا ، فلا تعود للنظر فيها إلا بإعلان من أحد الخصوم إلى الآخر بالحضور إلى الجلسة التي تحدد لنظرها ، و تبقى الدعوى المشطوبة قائمة و تشبه من هذه الناحية الدعوى الموقوفة .

– إن الآثار التي تترتب على رفع الدعوى كقطع التقادم و سريان الفوائد و غيرها تبقى قائمة بالرغم من الحكم بشطبها.

-إن الدعوى المشطوبة إذا عادت إلى المحكمة بإعلان من أحد الخصوم للآخر تعود من النقطة التي توقفت فيها بحكم الشطب ، فما تم من إجراء المرافعة قبل الشطب يبقى قائما و لا يلغى.

-و شطب الدعوى إذا تغيب المدعى و المدعى عليه تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها لعدم وجود أي من الخصوم و هو واجب عن المحكمة ، فإذا حكمت في موضوعها أو في أي فرع من فروعها كان حكمها باطلا ، إلا أن عمليا فإن شطب الدعوى يؤدي إلى انقضائها بمعنى أن حكم المحكمة بشطب الدعوى حكم منتهى لها دون أن يؤثر ذلك في الحق المطالب به.

* إعتبار الدعوى كأن لم تكن:- إذا استمرت الدعوى مشطوبة 06 أشهر و لم يعجلها أي من الخصوم أعتبرت كأن لم تكن ، فتزول جميع الإجراءات فيها / و الآثار التي تترتب على رفعها و اعتبار الدعوى كأن لم تكن ، في هذه الحالة يحصل بقوة القانون ، بغير حكم من المحكمة لأن الغرض أن الدعوى مستبعدة من الجدول و عن لم تعد للمحكمة ، و لكن هذا الجزاء مقرر لمصلحة المدعى عليه ، فلا تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها و لا يجوز للمدعى عليه أن يتمسك به إذا ما عجلت الدعوى بعد مضي 06 أشهر من شطبها.(1)

إن أساس القواعد السابقة إفتراض المشرع أن الخصوم إذا لم يحضروا فهم بسبيل الصلح في الدعوى و لذلك أوجب على المحكمة أن لا تحكم تمكينا لهم من إتمام الصلح .

و تثور الصعوبة في حالة تعدد المدعين، إذا حضر بعضهم و تغيب البعض الآخر، و كان المدعى عليه غائبا، هل تكمل المحكمة بشطب الدعوى بالنسبة لمن تغيب من الخصوم و تسير في نظرها لمن حضر؟.

الرأي الراجح أنه لا يجوز الحكم بشطب الخصومة لمن تغيب مع استمرارها بالنسبة لمن حضر و لو كان موضوع الدعوى يقبل التجزئة لأن الحكم بالشطب إذا مضى عليه 06 أشهر ترتب عليه إعتبار الدعوى كأن لم تكن ، و لذلك يكون أمام المحكمة في هذه الحالة أن تؤجل الدعوى إلى جلسة أخرى يعلن بها المتخلفون ، و في الجلسة الجديدة إذا تغيب المدعوون حكمت بشطب الدعوى بالنسبة لهم جميعا ،

و إذا حضر البعض و تغيب البعض حكمت في موضوع الدعوى بحكم حضوري في حق جميع المدعين من حضر منهم و من لم يحضر .

3- غياب المدعى عليه:- إذا تغيب المدعى عليه في الجلسة الأولى جاز للمدعى أن يطلب الحكم عليه في غيبته و يعتبر ذلك الحكم في حالة الغياب هو حكم جاز الطعن فيه بالمعارضة.

كذلك للمدعى الحق في طلب تأجيل الدعوى لجلسة أخرى مع إعلان خصمه بإعذاره بأن الحكم الذي سيصدر يعتبر حضوريا و في هذه الحالة يكون للخصم عدم الحق في الطعن في الحكم الصادر سواء حضر المدعى أو لم يحضر,

و أوجب القانون في حالة غياب المدعى عليه أن تحقق في بيانات لصحيفة عن مدى صحتها ، فإذا تبين بطلانها حكمت ببطلان صحيفة الدعوى من تلقاء نفيها ، و على المدعى أن يقوم بإثبات ما يدعيه فإن عجز عن إثباته حكمت برفض دعواه على الرغم من غياب خصمه ، لأن غياب المدعى عليه لا يعتبر تسليما منه بطلبات المدعى يعفيه من عبء الإثبات(1(.

الخاتمــــــــــــــة

من خلال ما تطرقنا إليه فإن الدعوى سلطة مخولة للفرد ، له الحق في طلب حماية القضاء أو رد الإعتداء أو استرداد حقه ، و هذه الدعوى هي طريق لمباشرة حق فقد تكون مستندة إلى حق مشروع و قد تكون غير ذلك ، لأن مرفق القضاء أبوابه مفتوحة لكل الناس ، لذلك اوجب المشرع وجود هذه الدعوى في شروط شكلية معينة ، و هي عريضة الدعوى ، و قيدها ، و حضور أو غياب الخصوم فإذا شاب هذه الشروط عيبا من العيوب أصبحت تحت طائلة البطلان

قائمـــــــــة المراجـــــع

1- فضيــل العيــش ، شرح قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد ، منشورات أمين ، د.ط، 2009.

2- عمارة بلغيث ، الوجيز في الإجراءات المدنية ، دار العلوم ، د.ط، 2002 .