النتائج التي تترتب على الحجز والبيع:

تترتب على الإجراءات التي تتخذ في حجز المنقول نتائج أو آثار قانونية معينة. منها ما يترتب على إجراءات الحجز ومنها ما يترتب على إجراءات البيع. ونعالج ذلك فيما يلى:

النتائج التي تترتب على الحجز:

ذكرنا فيما تقدم أن حجز المنقول يتم بمجرد إدراج المنقولات المحجوز عليها في محضر الحجز دون حاجة إلى أي إجراء آخر بمعنى أنه حتى لو لم يعين حارس على المنقولات فإنها تعتبر محجوزة متى ذكرت في محضر الحجز.
إلا أن حجز المنقول لا يخرج المنقول من ملك صاحبه كما أنه لا يؤدى إلى تخصيص الدائن الحاجز بالمنقول الذى حجز عليه. ويترتب على المبدأ الأول وهو عدم خروج المنقول من ملك صاحبه كنتيجة للحجز أن المدين يبقى مالكاً للمنقول الحجوز عليه ويكون له حق التصرف فيه وحق الانتفاع به واستعماله واستغلاله.
إلا أن حق الدائن الحاجز يقتضى بالنسبة لحق التصرف منع المدين منه في الحدود التي تمس حق الحاجز بمعنى أن التصرف يكون صحيحاً فيما بين عاقديه ولكنه لا ينفذ في حق الدائن: فإذا قام المدين ببيع المنقول المحجوز عليه فإن البيع يقع صحيحاً فيما بين البائع (المدين) والمشترى. ولكنه لا ينفذ في حق الدائن الحاجز الذى يكون له الحق في تجاهل هذا البيع والمضي في إجراءاته على تقدير أن هذا البيع غير قائم أو غير موجود. أما إذا تنازل الحاجز عن حجزه أو سقط الحجز لأى سبب فإن التصرف يضحى صحيحاً نافذا ويحق للمشترى أن يطلب من المدين تسليمه المنقول المباع إليه وأن يتمسك عليه بأن ذلك المنقول مملوك له لأن المشترى بمجرد إبرام عقد البيع دون ما حاجة إلى أي إجراء آخر أي أن التسليم وانتقال الحيازة إلى المشترى ليس شرطاً لنقل الملكية بل يصبح المشترى مالكاً للمنقول بمجرد التعاقد وبموجب العقد ذاته.
على أنه يلاحظ أن تصرفات المدين في المنقول قبل الحجز عليه تنفذ في حق الدائن الحاجز إذا كانت ثابتة التاريخ قبل الحجز ويترتب على ذلك أن الحجز يعتبر باطلاً – إذا وقع على منقول تصرف فيه المدين قبل الحجز بموجب ورقة ثابتة التاريخ لأن الملكية تكون في هذه الحالة قد انتقلت إلى المشترى فيخرج المنقول من ذمة المدين ويقع الحجز على غير مملوك للمدين فيبطل لبطلان محله.
كما أن حق المدين في استعمال المنقول المحجوز عليه واستغلاله يتقيد: فلا يجوز له أن يستعمله بطريقة تؤدى إلى هبوط قيمته أي إلى هلاكه بما يشئ إلى حق الدائن. وهو ما نصت عليه المادة (368) مرافعات في قولها أنه يجوز للحارس إذا كان مالكاً للمنقولات المحجوز عليها أو صاحب حق في الانتفاع بها أن يستعملها (فيما خصصت له). ونرى أنه إذا أساء الانتفاع فإنه يجوز عزله من الحراسة وتولية غيره.
أما ثمار المنقول فقد سبق أن ذكرنا أنها من حق المدين ولا تعتبر محجوزاً عليها فيكون للمدين أن يحصل على ثمرة المال (المنقول) المحجوز عليها بالذات أو بالواسطة بمعنى أنه يستطيع أن يقطف الثمرة لنفسه وان يؤكد المنقول إلى الغير لاستعماله فيما خصص له وان يقبض أجرته عن المدة اللاحقة للحجز (أو السابقة عليه أن كان مؤجراً من قبل).
إلا أنه إذا وقع الحجز على آلات وأدوات لازمة لتشغيل مصنع أو على بضائع (عروض) لازمة لتشغيل محل تجارى أو على ماشية لازمة لاستغلال أرض فإنه يجوز لقاضى التنفيذ أن يكلف الحارس (سواء كان هو المدين أو غيره) بإدارة المنقولات المحجوز عليها واستغلالها أو أن يستبدل به حارساً آخر يقوم بالإدارة.
وإذا كانت المنقولات المحجوزة عبارة عن محاصيل زراعة فإن المدين أو الحارس يقوم بجنيها أو حصادها ويحتفظ بها لتقديمها إلى المحضر يوم البيع أو تباع بإذن القاضي إذا كانت مما يتلف بسرعة ويحفظ ثمنها ويحل محل المنقولات بمعنى أن الثمن يعتبر محجوزاً عليه في يد المدين أو الحارس الأجنبي فلا يجوز له أن يتصرف فيه. وإنما يجوز للدائن أن يتقدم إلى القاضي بطلب ضم المحصول حتى يقوم هو بجنى المحصول أو حصاده (مادة 370 مرافعات). ويودعه في مخزن لحين ميعاد البيع. فإذا تبين أن الحجز باطل ا تنازل عنه الدائن الحاجز فإن المحصولات التي تم جنيها أو حصادها ولو بمعرفة الدائن ترد إلى المدين لأنه هو مالكها. وكذلك لو تم بيع المنقولات المحجوزة وأسفر البيع عن تحصيل مبلغ أكبر من قيمة الدين أو الديون المحجوز بمقتضاها فإن الزيادة تكون من حق المدين وترد إليه.
وكل ذلك راجع إلى أن المنقول يظل رغم الحجز باقياً على ذمة صاحبه. ولذلك أيضاً يجوز للدائنين الآخرين الذين يداينون نفس الشخص أن يحجزوا على ذات المنقول ولو كان قد سبق الحجز عليه.
ويسوقنا هذا إلى الكلام عن المبدأ الثاني وهو عدم تخصيص الدائن بالمنقول المحجوز عليه: فغن هذا المبدأ ليس إلا نتيجة للمبدأ السابق وهو عدم خروج المال المحجوز من ذمة المدين. ولذلك يجوز للدائنين الآخرين أن يحجزوا عليه باعتباره عنصراً من عناصر الذمة المالية لمدينهم والتي يتكون منها الضمان العام للدائنين.
ويستوى في ذلك الدائن السابق الذى نشأ دينه قبل الحجز والدائن اللاحق الذى نشؤ دينه بعد الحجز.
ويتم الحجز على المنقول ولو كان قد سبق حجزه. أما بتحرير محضر حجز جديد على اعتبار أن الحاجز الثاني لا يعلم بالحجز الأول أو لم يصل إليه بعد نبأ ذلك الحجز الأول.
وأما بتحرير محضر جرد: إذا علم الحاجز الثاني بالحجز السابق – ولو ساعة قيامه بتوقيع حجزه: كأن قدم إليه الحارس على المنقولات محضر الحجز السابق – وفى هذه الحالة يعتبر الحاجز الثاني متدخلا في الحجز (الأول) ويتم تدخله فيه عن طريق الجرد أي عن طريق تحرير محضر جديد لا يسمى (محضر حجز) وانما يسمى (محضر جرد) ويقوم فيه الحضر بمطابقة الأموال الموجودة أمامه على محضر الحجز السابق – فإن وجدها كما هى – اعتبر الجرد بمثابة حجز ثان – وان وجدها ناقصة اثبت النواقص في محضر الجرد – أما إذا وجد منقولات أخرى لم يسبق الحجز عليها فأنه يوقع عليها حجزاً جديداً ومبتدأ وذلك بذكرها في محضر جرده على اعتبار أنه قد حجز عليها.
ويترتب على تدخل الدائن الثاني في الحجز الأول (عن طريق الجرد) أن يدخله المحضر في حسابه عند البيع بمعنى أنه لا يكتفى بالوصول إلى مبلغ يعادل قيمة دين الحاجز الأول بل يمضى في البيع حتى يصل إلى مبلغ يكفى الحاجز الأول والحاجز الثاني معاً. كما أنه عند الإعلان عن البيع لا يكتفى بالإشارة إلى حق الحاجز الأزل بل يجب أن يذكر دين الحاجز الثاني أيضاً – وذلك عند النشر عن البيع في الصحف وكذا في الاعلانات التي يتم لصقها في الأماكن التي حددها القانون.

النتائج التي تترتب على البيع:

يترتب على البيع فيما يتعلق بحقوق المدين خروج المنقولات المبيعة من ملك المدين، وحلول ثمنها في ذمته محلها، بمعنى أنه لا يجوز لدائنيه الآخرين أن يحجزوا على هذه المنقولات وإنما يجوز لهم أن يحجزوا على الثمن المتحصل من بيعها، وهم يحجزون على هذا الثمن باعتباره مال مدينهم تحت يد المحضر أو تحت يد قلم الكتاب (كاتب الودائع والأمانات) إذا كان الثمن قد أودع في خزينة المحكمة. وهذه صورة من صور حجز ما للمدين لدى الغير. ولكن لها أحكامها الخاصة.
وإذا لم يحصل حجز على هذا الثمن من جانب دائنين آخرين، كان للمدين أن يحصل على الباقي منه بعد سداد حقوق الدائنين الحاجزين باعتبار أن هذا الباقي هو حقه، بل أنه إذا أوفى للدائنين الحاجزين بطريق آخر أو حصل على تنازل منهم كان من حقه الحصول على المبالغ المتحصلة من بيع منقولاته، الموجودة تحت يد المحضر أو في خزينة المحكمة، باعتباره أصيلاً لا باعتباره حالا محل الدائنين في استحقاق هذه المبالغ أو باعتبار هذه المبالغ آيلة إليه منهم بطريق الحوالة أو التنازل.
ومن ناحية أخرى، يترتب على البيع انتهاء الحجز، وانتهاء آثاره، وبذلك يزول قيد الحجز عن المنقولات الباقية (التي كانت محجوزة ولم يتناولها البيع). فيجوز للمدين أن يسلمها لمن سبق له التصرف إليهم فيها، ويجوز لهؤلاء أن يطلبوا تسليمها إليهم. كما يجوز للمدين أن يتصرف فيها بعد البيع بتصرفات مبتدأه، ويقوم بتنفيذ هذه التصرفات، ويسلم هذه المنقولات إلى من تصرف لهم فيها، كما يجوز له أن يتصرف فيها تصرفاً مادياً بالتغيير أو الاتلاف وأن يستعملها وينتفع بها ولو على غير الوجه الذى كانت مخصصة له ولا يحول دون ذلك سبق الحجز عليها، لأن البيع يطهر المنقولات الباقية من آثار الحجز وتصبح طليقة من قيده.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .