المركزية الإدارية

*أولاً:تعريفها:

هى تجميع الوظائف الإدارية فى يد السلطة المركزية الموجودة فى العاصمة وممثليها الموجودين فى الأقاليم.

*ثانياً:أركان المركزية الإدارية:

الركن الأول:تركيز الوظيفة الإدارية فى يد الحكومة المركزية:فى هذا النظام تنفرد الحكومة المركزية بممارسة السلطة الإدارية بكافة جوانبها دون مشاركة من سلطة أخرى فهى التى تباشر الإختصاصات الفنية وتنفرد بسلطة إصدار القرارات الإدارية فى شئون الوظيفة الإدارية للدولة كلها وفى جميع أجزائها.

*وتتمثل مظاهر تركيز الوظيفة الإدارية للدولة فى الحكومة المركزية فى عدة صور أهمها:

1)إحتكار السلطة المركزية للتعيين فى الوظائف العامة:فالموظفين المنتشرين فى أرجاء الدولة هم ممثلين للسلطة الإدارية المركزية ويخضعون لهيمنتها .ولايكون لهم اى سلطة خاصة.
2)إنفراد الحكومة المركزية بسلطة البت والتقرير:فموظفى الحكومة المركزية التابعيين لها المنتشرين فى إنحاء الدولة المختلفة يتبعون السلطة المركزية ولايملكون سلطة التقرير أو البت
3)إنفراد الحكومة المركزية بممارسة الوظيفة الإدارية وحدها:
فالحكومة المركزية ويمثلها الوزراء هم الذين يمارسون الوظيفة الإدارية فى أرجاء إقليم الدولة دون مشاركة جهة أو سلطة اخرى فالسلطة الإدارية المركزية هى التى تنفرد بممارسة الوظيفة الإدارية فى الدولة كلها .فالإجهزة المحلية فى الإقليم المختلفة لايكون لها إستقلال تجاه الحكومة .فالمركزية الإدارية تعنى أن جميع المصالح والإدارات العامة فى جميع إقليم الدولة المختلفة تنتمى لجهاز إدارى واحد قابض على السلطة الإدارية وينتظم الموظفون فيه شكل هرم متدرج قاعدته صغار الموظفين وذروة سنامه إنما تتمثل فى الوزير فى النظام البرلمانى ورئيس الجمهورية فى النظام الرئاسى.

الركن الثانى:مبدأالتدرج والتبعية الإدارية:ومفاد هذا الركن ضرورة إلتزام جميع الموظفين العاملين فى الدولة بالخضوع للسلطة الرئاسية التى تمثلها الحكومة المركزية فجميع الهيئات الإدارية المركزية تكون تمثلها الحكومة المركزية فجميع الهيئات الإدارية تكون خاضعة وتابعة لهذه السلطة المركزية.

وعلى ذلك فإن السلطة الرئاسية هى المكون الرئاسى للنظام الإدارى المركزى .بل أنها هى التى تؤكد الركن الإول من أركان المركزية الإدارية وتعد تطبيقا له .إذ أن هذه السلطة الرئاسية تعنى أن الحكومة المركزية هى التى تنفرد بممارسة الوظيفة الإدارية .فالسلطة الرئاسية وماترتب عليها من أثار تجسد بلا شك فكرة وجوهر المركزية الإدارية.
ولبيان هذا الركن نتعرض بالشرح والإيضاح كالتالى…

(1)تعريف السلطة الرئاسية:

هى السلطة التى يمارسها الرئيس الإدارى على مرؤوسيه وفقاً للتدرج الهرمى لتنظيم السلطة الإدارية.

(2)مظاهر السلطة الرئاسية:

-إختصاصات الرئيس الإدارى تجاه مرؤوسيه:

*فمن ناحية أولى:
يكون للرئيس الإدارى فى إطار ماله من سلطة تتعلق بأشخاص مرؤوسيه تنظيم المرفق أو المصلحة أو الهيئة التى تتولى رئاستها ومايستتبع ذلك من دقة فى التعيين والترقية والنقل والتأديب فسلطة الرئيس فى التنظيم المركزى تحيط بالمرؤوس منذ لحظة إلتحاقه بالمرفق بقرار منه وطول مدة بقاؤه فيها وحتى انتهاء حياته الوظيفية.
ويشير دكتور المادة إلى أن هذه السلطة تمارس طبقا للقوانين واللوائح السارية فضلا عن خضوعها لصنوف شتى من الرقابة وفق الحدود التى ينظمها القانون والتى قد تكون رقابة سياسية أو إدارية أو قضائية حسب الأحوال.

*ومن ناحية ثانية:
فإن هذه السلطة تكون على أعمال المرؤوسين ولعل هذه الجانب هو الأكثر وضوحا من جوانب السلطة الرئاسية فالرئيس الإدارى فى إطار ماوكل له القانون من إختصاصات له حق الرقابة والإشراف والتوجيه لأعمال مرؤوسيه بشكل يكفل له الهيمنة الكاملة على هذه الإعمال .وهو أمر يتفق مع منطق السلطة الرئاسية وما تلقيه على عاتق الرئيس من مسئولية عن تصرفات مرؤوسيه وأعمالهم.

*وتشمل رقابة الرئيس على أعمال مرؤوسيه حقه فى إجازة وتصحيح ووقف وتعديل وإلغاء القرارات الصادرة منهم وهى تتضمن فضلا عن رقابة المشروعية رقابة الملائمة .على أنه إذا كانت للرئيس الإدارى هذه السلطة الواسعة على أعمال مرؤوسيه فإنه لايجوز له الحلول محل المرؤوس فى ممارسة اختصاصاته التى حددها القانون .فضلا عن أن حلول الرئيس محل مرؤوسيه سوف يترتب عليه بطبيعة الحال اضطراب دولاب العمل الإدارى فضلا عن حرمانه للأفراد من حق التظلم من أعمال المرؤوس الإدارى.

*ويمارس الرئيس سلطته الرئاسية على أعمال مرؤوسيه متقيدأ بالحدود التى رسمها القانون وأهمها عدم جواز المساس بالحقوق المكتسبة للأفراد التى تولدت عن أعمال المرؤوسين وقراراتهم.

(3)حدود طاعة المرؤوس لأوامر الرئيس:

*تقوم فكرة السلطة الرئاسية على أساس سيطرة الرئيس على شخص المرؤوس وأعماله ويقتضى منطقها أن على المرؤوس الطاعة التامة والخضوع الكامل لأوامر الرئيس بحسبان أن هذه الأوامر وفقأ لمنطق السلطة الرئاسية تتجسد فيها المصلحة العامة,وهنا ليس على المرؤوس إطاعة رئيسه فى كل الأحوال وذلك فى الحالات الإتية:

أ)إذا شكل الرئيس جريمة جنائية :وتوجد هنا حالتان هما:
الحالة الإولى :علم الموظف أن الأمر الصادر من رئيسه يشكل جريمة جنائية ففى هذه الحالة لايجوز للموظف أن يطيع رئيسه لأن فى هذه الطاعة إرتكاب جريمة جنائية.
الحالة الثانية:عدم علم الموظف بأن الأمر الصادر إليه من رئيسه يشكل جريمة جنائية وامتثل له ونفذه بحسن نية اعتقاداً منه بصحته ومشروعيته فإنه فى مثل هذه الحالة يعفى من العقاب وعليه إثبات حسن نيته وأنه لم يكن يعلم أن تنفيذ الأمر الصادر إليه من رئيسه يشكل جريمة جنائية وعليه أن يبرر أسباب إعتقاده بمشروعية هذا الأمر فضلا عن مشروعية هذه الأسباب.

ب)إذا شكل أمر الرئيس مخالفة تأديبية:

*حدد القانون شروط إعفاء المرؤوس من الجزاء فى شرطين هما:
الأول:تنبيه المرؤوس لرئيسه كتبة بمخالفة الأمر القانون.
الثانى:صدور الأمر من الرئيس مكتوبا بالرغم من تنبيهه إلى مخالفة أمره للقانون,فإذا تحقق ذلك فإن تنفيذ الامر الصادر من الرئيس يكون على مسئولية الرئيس مصدر الأمر.

*وعلى ذلك فإنه لكى ينجو الموظف المرؤوس بنفسه من تبعات المسئولية عن أمر الرئيس المخالف للقانون والذى يشكل مخالفة تأديبية يجب أن يصدر إليه أمرا مكتوبا من رئيسه ويكون هذا الأمر قاطع الدلالة على اتجاه إدارة الرئيس نحو إجبار المرؤوس على تنفيذ الأمر رغم التنبيه عليه بأن ذلك مخالف للقانون.

*على أن المحكمة الإدارية العليا قد أعلنت الموظف المرؤوس من المسئولية التأديبية إذا أثبت أن رئيسه قد مارس عليه إكراه معنوى أثر فى إرادته أو فقده حريته سواء فى طلب الأمر الكتابى أو تنبيه الرئيس كتابة.

ثانياً:أشكال المركزية الإدارية:

قد تأخذ المركزية الإدارية فى العمل إحدى صورتين هما..

الصورة الأولى:التركيز الإدارى أو المركزية فى صورتها المطلقة:

وفيها يتم تجميع السلطات وتركيزها فى يد السلطة المركزية,بحيث تختص هذه السلطة بالتقرير والبت فى كل الأمور عظم أمرها أو صغر,وفى هذه الحالة تكون الإدارات الموجودة والمنتشرة فى أرجاء الدولة ماهى إلا إدارات تنفيذية يقتصر عملها على التنفيذ فقط دون أن يكون لهم أمر فى إتخاذ القرار أو مراجعته.

*ويتضح من هذه الصورة مدى بروز الفكرة المركزية والتى لم تعد مناسبة على الإطلاق للأخذ بها فى وضع التنظيم الإدارى فى الدولة الحديثة يجعل من تطبيق هذا المفهوم المتطرف للمركزية الإدارية أمر بعيد المنال,فهذا المفهوم يلقى بأعباء جسام على السلطات المركزية بحيث تستغرقها تسيير الأمور الجزئية التفصيلية دون أن يكون لديها وقت للنظر فى السياسات الكلية,فضلا عن أن المركزية الشديدة تؤدى إلى إنغلاق الفرصة أمام ظهور قيادات جديدة,فضلا عن أن هذه المركزية المتطرفة تؤدى إلى شيوع النفاق بين الموظفيين وتفشى الفساد,ولذلك فإن تطبيق هذه المركزية الشديدة لم يعد مناسباً مع تطورات الدولة الحديثة,ولذلك تطرت المركزية الإدارية إلى صورة أخرى لايختفى فيها المبدأ الذى يعنى بتجميع وتركيز السلطة وإنما تخفف من حدته وتلطف من جموده وعرفت باسم عدم التركيز الإدارى.

الصورة الثانية:عدم التركيز الإدارى:

تقوم فكرة عدم التركيز الإدارى على أساس توزيع سلطة إتخاذ القرارات فى بعض الإختصاصات الإدارية التى تمنح لبعض الإدارات والهيئات الإقليمية والتى تعتبر فروعا للسلطة المركزية الموجودة بالعاصمة وذلك دون الرجوع إلى السلطة المركزية المختصة.

*ويتم تطبيق فكرة عدم التركيز الإدارى على أساس توزيع سلطة اتخاذ القرارات فى بعض الإختصاصات الإدارية التى تمنح لبعض الإدارات والهيئات الإقليمية التى تعتبر فروعا للسلطة المركزية الموجودة بالعاصمة,وذلك دون الرجوع إلى السلطة المركزية المختصة

*ويتم تطبيق فكرة عدم التركيز الإدارى عبر وسائل قانونية يجب أن ينص عليها القانون صراحة.وذلك لأن الأصل عند الأخذ بنظام المركزية الإدارية أن يمارس الشخص السلطات التى حددها له القانون ولايجوز له تركها إلى غيره إلا حيث ينص القانون على ذلك.

*ثالثاً:مجالات المركزية الإدارية:

*إذا كانت الإتجاهات الحديثة فى التنظيم الإدارى قد جعلت الإسراف فى تطبيق المركزية الإدارية عيبا يلحق بهذا التنظيم كثير من المخاطر إذ تؤدى إلى بطء العمل وتعقيد الإجراءات ذلك أن أعمال الإدارة وموظفيها مطلوب منهم دائماً الرجوع إلى سلطة المركز لاتخاذ القرار أو التماس سبيله وهو مايعرف اصطلاحا بالروتين,فضلا عما يسببه تركيز السلطة وتجميعا فى يد شخص واحد من تشخيص لهذه السلطة واعتبارها حقا شخصيا للرئيس أو من يمارس السلطة المركزية ومايترتب على هذا التشخيص من مساوئ وهو مايؤدى إلى تحول السلطة إلى ميزة شخصية.

*على أن تبقى كل الدول الحديثة بدرجات متفاوتة تستخدم الإسلوب المركزى فى بعض صور النشاط التى تمارسها الدولة وتحتاج إلى السيطرة والتحكم والتى توفرها المركزية الإدارية وذلك إما لطبيعته النشاط الذى يجب أن تتجمع وتتركز ممارسته فى يد سلطة واحدة مثل وزارتى الدفاع والداخلية فتركيز السلطة فى هذين المجالين فى الدولة الحديثة إنما هو مظهر اساسى من مظاره سيادتها.