مدى وجوب تزويج الأب لأبنائه شرعاً، ووفقاً للقانون اليمني

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة مقتضبة بعنوان / مدى وجوب تزويج الأب لأبنائه شرعاً، وكذا وفقاً للقانون اليمني
جمع وإعداد الباحث/هاشم عبد الإله العزي.
إشراف المحامي أ/ أمين حفظ الله الربيعي.
الحمد لله رب العالمين، الرحمن بخلقه أجمعين الرحيم بعباده المؤمنين، ما شرع أمراً إلا لحكمة، فصار بعد شرعه رحمة ونعمة، والصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير الذي علم الأمة طرق البذل الأمثل والإحسان الدائم، ليبقى أثره، ويستمر خيره وبعد.
أما عن مدى وجوب تزويج الأب لأبنائه فسنبدأ من مدى وجوب الرجل أن ينفق على والديه وأولاده إذا احتاجوا وكانوا فقراء.
قال ابن قدامة – رحمه الله: الأصل في وجوب نفقة الوالدين والمولودين الكتاب والسنة والإجماع؛ أما الكتاب فقول الله تعالى ‏: (‏فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ)، ‏ أوجب أجر رضاع الولد على أبيه، وقال سبحانه ‏: ‏ (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، وقال سبحانه: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) ‏، ومن الإحسان الإنفاق عليهما عند حاجتهما ‏. ‏
ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم لهند ‏: ‏ (‏خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ‏) متفق عليه ‏. ‏
وروت عائشة رضي لله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏: ‏ ‏ (‏إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه‏) رواه أبو داود (3528) وصححه الألباني في إرواء الغليل. ‏
وأما الإجماع: فحكى ابن المنذر قال ‏: ‏ أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما، ولا مال، واجبة في مال الولد، وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، على أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم). المغني 8/169،170)
وهذه النفقة الواجبة على الأب لولده لها شروط، منها: أن يكون الابن محتاجاً إلى المال ولا يستطيع الاكتساب عاجزاً عن الكسب لصغره أو مرضه أو غير ذلك، وأن يكون الأب قادراً على الإنفاق.
قال ابن قدامة – رحمه الله: ويشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط ‏: ‏
أحدها: أن يكونوا فقراء ‏، ‏ لا مال لهم ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم، فإن كانوا موسرين بمال أو كسب يستغنون به‏: ‏ فلا نفقة لهم؛ لأنها تجب على سبيل المواساة، والموسر مستغن عن المواساة.
الثاني : أن يكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليهم ‏,‏ فاضلا عن نفقة نفسه ، إما من ماله وإما من كسبه ، فأما من لا يفضل عنه شيء‏ ,‏ فليس عليه شيء لما روى جابر أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال ‏:‏ ‏( ‏إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه ‏,‏ فإن فضل فعلى عياله فإن كان فضل‏ ,‏ فعلى قرابته )‏ وفي لفظ‏ :‏ ( ‏ابدأ بنفسك ثم بمن تعول‏ ) حديث صحيح ، وروى أبو هريرة ‏( ‏أن رجلا جاء إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال ‏:‏ يا رسول الله عندي دينار قال‏ :‏ تصدق به على نفسك ، قال ‏:‏ عندي آخر ، قال ‏:‏ تصدق به على ولدك ، قال ‏:‏ عندي آخر ، قال ‏:‏ تصدق به على زوجك ، قال‏:‏ عندي آخر ، قال‏:‏ تصدق به على خادمك ، قال‏ :‏ عندي آخر قال‏:‏ أنت أبصر‏ ) رواه أبو داود‏ (1691) قال الشيخ الألباني : حسن في سنن أبي داود .، ولأنها مواساة فلا تجب على المحتاج كالزكاة .
الثالث‏: ‏ أن يكون المنفِق وارثا لقول الله تعالى‏: ‏ (وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ)؛ ‏ ولأن بين المتوارثين قرابة تقتضي كون الوارث أحق بمال الموروث من سائر الناس فينبغي أن يختص بوجوب صلته بالنفقة دونهم. (المغني 8/168،169)
فالواجب على الأب أن ينفق على ابنه ما يحتاجه حتى يستغنى وقد نص العلماء رحمهم الله على أن من النفقة الواجبة للابن على أبيه أن يزوجه إذا احتاج إلى الزواج.
قال ابن قدامة – رحمه الله: قال أصحابنا ‏: ‏ وعلى الأب إعفاف ابنه إذا كانت عليه نفقته، وكان محتاجا إلى إعفافه، وهو قول بعض أصحاب الشافعي. (المغني 8/ 172)
وقال الشيخ صالح الفوزان: حق الابن على أبيه ينتهي بمجرد استغنائه عنه، إذا كبر واستطاع أن يكتسب لنفسه وأن يستغني بكسبه فإنه ينتهي حقه على والده في الإنفاق، أما مادام أنه صغير أو كبير ولكنه لم يستغنِ ولم يقدر على الاكتساب: فإنه يبقى على والده حق الإنفاق عليه حتى يستغني، وذلك بموجب القرابة‏. المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان.
وخلاصة رأي الشرع بذلك عموماً:
فالجمهور على أن الأب لا يجب عليه تزويج أبنائه، والحنابلة يرون وجوب تزويج الأبناء الفقراء المحتاجين للزواج.
موقف القانون اليمني من مدى وجوب تزويج الأب لأولاده
1- جاء في القرار الجمهوري بالقانون رقم (20) لسنة 1992م بشأن الأحوال الشخصيـــة في المادة (160) منه على :(على الأب الموسر أن يزوج ولده المعسر زوجة واحدة عند الحاجة).
2- جاء في قانون رقم (27) لسنة 1998م بتعديل بعض مواد القرار الجمهوري بالقانون رقم(20) لسنة 1992م بشأن الأحوال الشخصية في المادة (260): (تجب التسوية بين الأولاد في الزواج والتعليم فإذا كان قد صرف أموالاً في تزويج وتعليم البعض فعليه تسوية الآخرين بهم فإن لم يفعل حتى مات ولم يوص بها سوَّى القاضي بينهم بإخراج القدر المساوي لهم مع وجوب التسوية أيضاً بين الأولاد وبقية الورثة إن كانوا طبق طريقة المواريث).
والله تعالى أعلى وأجل وأعلم،،،

إعادة نشر بواسطة محاماة نت