عندما يتاجر الموظف العام بأعمال وظيفته

تعتبر جريمة الرشوة من الجرائم المضرة بالمصلحة العامة لأي بلد، حيث تصيب مصالح المجتمع على نحو مباشر، وبضرر اجتماعي جسيم، فهي تهدد الثقة العامة في مؤسسات الدولة ونظمها الإدارية والاقتصادية.

وقد تناول قانون العقوبات البحريني هذا الموضوع في الفصل الأول منه في الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة العامة، وذكر ذلك في المواد من 186 حتى 193 (يعاقب بالسجن كل موظف أو مكلف بخدمة عامة طلب أو قبل لنفسه أو لغيره بشكل مباشر أو غير مباشر عطية أو مزية من أي نوع أو وعداً بشيء من ذلك لأداء العمل أو للامتناع عن عمل لدى قيامه بمهام وظيفته، ويسري حكم هذه المادة ولو كان الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة يقصد عدم أداء العمل أو عدم الامتناع عنه).

والرشوة التي يقصدها المشرع البحريني هي اتجار الموظف العام في أعمال وظيفته، وذلك بتقاضيه أو قبوله أو طلبه مقابلا نظير قيامه بعمل من أعمال وظيفته أو امتناعه عنه. ولتوضيح هذا التعريف نلاحظ أن القوانين واللوائح المنظمة لأعمال الوظيفة العامة تفرض على شاغلها أداء هذه الأعمال غير منتظر مكافأة سوى المرتب الحكومي الذي تقرره له جهة عمله، فإن تطلع إلى ما وراء ذلك وتلقى مقابلاً من صاحب المصلحة، يكون قد ارتكب جريمة الرشوة, بل إن قيام الجريمة يتم إذا اقتصر نشاط الموظف على مجرد قبول الوعد بهذا المقابل أو على مجرد طلبه ولو رفض صاحب الحاجة الاستجابة له.

فالحق المعتدى عليه بارتكاب الرشوة هو نزاهة الوظيفة العامة، وهو حق أساسي لكل مجتمع منظم، فالاتجار في أعمال الوظيفة العامة يهبط بها إلى مستوى السلع ويجردها من علوها باعتبارها خدمات تؤديها الحكومة لأفراد الشعب، بل إن تلك الجريمة الخطيرة تسلب موظفي الحكومة الذين يقومون بها الاحترام الذي يجب أن يحظوا به في نظر المواطنين، وتعني الرشوة الظلم بين المواطنين، فمن يدفع المقابل تؤدى لمصلحته الأعمال، ومن لم يستطع تهدر مصالحه.

وهذا السلوك من جانب الموظف المرتشي يضعف من ثقة الناس في مؤسسات الدولة وموضوعيتها، فضلاً عن أنها إهدار لأحكام القانون، إذ إن هذه الجريمة تلزم مقابلا لا يفرضه القانون، فلا يجوز إثراء الموظف على حساب أفراد يحتاجون إلى خدمات عامة عهد إليه بتقديمها إليهم من دون إلزام بأداء مقابل.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت