«جريمة التشهير الإلكتروني»
منصور الزغيبي
في عصر ثورة التقنية والمعلومات، أصبحت الأجهزة الذكية سهله الاستخدام والانتشار، وسرعة الوصول لمواقع التواصل الاجتماعي، وبحكم ذلك ظهرت جرائم تقنية جديدة ومنها التشهير عبر الإنترنت، وهي من أخطر أنواع الاعتداء الإلكتروني، وذلك من خلال نشر مقاطع تحوي مشاهد مخلة وغير ذلك من البيانات، لقصد إلحاق الضرر بالمشهر بهم والتعدي على حياتهم الخاصة والنيل من سمعتهم وإبقاء ذلك في أرشيف الإنترنت. والكثير من المشهرين لا يدركون عمق خطورة ما قاموا به، غير مكترثين بالآثار التي تنعكس على المشهر بهم، التي تنعكس كذلك على المجتمع وتعكر صفو مزاجه، وأن الخطأ لا يعالج بخطأ مثله؛ لأن ذلك يعتبر انتقاماً وإضراراً وتجاوزاً للقانون الذي يحمي حقوق الآخرين.

إن جريمة التشهير عبر الإنترنت لها أثارها السلبية؛ لما تحدثه من تصدعات داخل العلاقات الاجتماعية وتزيد من حدة التوترات بين أفراد المجتمع، وتهدد أمن واستقرار المجتمعات بالجانب النفسي والاجتماعي.

نجد أن التقنية المعلوماتية الحديثة الممتثلة باستخدام الحاسب الآلي وغيرها من أجهزة الهواتف النقالة المزودة بالكاميرا وما في حكمها من أخطر سلبياتها أنها هدمت مبدءاً شرعياً أساسياً، كان النبي صلى الله عليه سلم يربي أصحابه عليه، وهو من ستر مسلماً ستر الله عليه. لذلك الشريعة منعت جريمة التشهير بالآخرين، وكذلك جرمتها القوانين في كافة الدول.

من المعلوم أن جريمة التشهير من الجرائم الخطرة التي تمس أعراض الآخرين وسمعتهم والنيل من كرامتهم وتضعف الثقة بين الناس في التعاملات فيما بينهم، وتعمق الجروح الاجتماعية وتغذي الأحقاد والكراهية بين أفراد المجتمع. والتصوير ليس دليلاً قاطعاً على ثبوت الاتهام؛ لأنه يدخله الفبركة والتعديل، ومن ثم لو كان بالفعل صحيحاً ولم تدخله الفبركة، فيجب أن يعالج أي انحراف سلوكي أو خطأ عبر القنوات القانونية، ومن يخالف ذلك يعرض نفسه للمساءلة القانونية والجزاء. والذي ينظم أحكام مثل هذا التشهير الذي يقع عبر وسائل التقنية وعقوباته قانون «مكافحة الجرائم المعلوماتية» الصادر بمرسوم ملكي رقم م/17 وتاريخ 8-3-1428.

ونجد أن النظام عالج جريمة التشهير في الفقرتين «الرابعة» و«الخامسة» من «المادة الثالثة» بقوله: أن «المساس بالحياة الخاصة من طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بكاميرا، أو ما في حكمها». والتشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة». يعاقب عليها النظام بالسجن مدة تصل إلى سنة وبغرامة تصل إلى 500 ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين على كل شخص يرتكب ذلك.

وأن الجهة القضائية التي تنظر مثل هذه القضايا هي المحاكم الجزائية بحسب عموم نصوص النظام. والجهة المعنية في التحقيق بالجرائم الواردة في «نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية» هي هيئة التحقيق والادعاء العام بحسب ما نصت عليه المادة الـ15 من النظام ، مع عدم إغفال حق المتضرر الخاص، إذ يجوز له المطالبة بحقه الخاص أثناء النظر بالدعوى وفقا للمادة 147 من نظام الإجراءات الجزائية.

وخلاصة القول، من الطرق القانونية التي يجب امتثالها، أن من يقتني مقاطعاً أو صوراً تحوي مشاهد مخلة يقدمها للجهة المعنية بالتحقيق من أجل فحصها، وهي بدورها تقوم بإحالتها إلى الجهة القضائية للنظر في مدى حجيتها، ومن الضروري نشر الوعي بمخاطر الجرائم المعلوماتية، ومحاربة هذه الجرائم التي منها جريمة التشهير وتعتبر من أخطرها. والتركيز على الجانب التربوي والتعليمي والإعلامي

إعادة نشر بواسطة محاماة نت