الآثار المترتبة على تسجيل العلامة التجارية في القانون الجزائري

الفصل الأول: تحديد الحقوق و الالتزامات المترتبة على التسجيل.

تحديد الحقوق و الالتزامات تختلف باختلاف النظامين الفردي و الاشتراكي فحق صاحب العلامة المسجلة في النظام الفردي هو احتكار استغلال ابتكاره،أما حقه في النظام الاشتراكي فينحصر في الإفادة ماليا من اختراعه في صورة مكافأة و يكون احتكار الاستغلال للجماعة ممثلة في الدولة و المنشئات العامة.

فتنشئ العلامات المسجلة في النظم الفردية حق احتكار قانوني مؤقت في إقليم الدولة، فصاحب العلامة المسجلة يترتب له حق ملكيتها و بالتالي له أن يستغل حقه بجميع الطرق.

بنقلها للغير عن طريق التنازل، و يمكن له رهنها رهنا حيا زيا أو الترخيص باستغلاله وفقا لما ينص عليه القانون، و من جهة أخرى يقع على عاتقه الالتزام باستغلالها في أجل معين تحت طائلة الجزاءات القانونية.

و من هدا المنطلق سنتطرق في هدا الفصل إلى الحقوق التي يستأثر بها صاحب العلامة المسجلة كعنصر أول والى تحديد نطاق هذه الحقوق في العنصر الثاني ثم إلى الالتزام باستعمال العلامة كعنصر ثالث.

المبحث الأول:الحقوق المخولة عن تسجيل العلامة.

العلامة في جانبها المالي من حقوق الذمة المالية و تدخل في الضمان العام للدائنين، و يترتب على تسجيلها حق ملكيتها حسب طبيعتها القانونية والقيام بمختلف العمليات القانونية عليها، كنقلها للغير عن طريق التنازل، أو التحويل الكلي أو الجزئي بعوض أو بدون عوض. أو منح ترخيص باستغلالها و الإفادة منها في إطار ما يشترطه القانون المنظم لها، أو رهنها تسييرا للائتمان و النشاط التجاري.

المطلب الأول:حق ملكية العلامة.

تكتسب ملكية العلامة التجارية نتيجة إتمام إجراءات إدارية خاصة بالإيداع والتسجيل و لهذا لا يمكن لأي شخص التمسك بحقوق على علامة ما اذا استعملها دون إيداعها للتسجيل كما هو مشترط قانونا ، لهذا تؤدي عملية الإيداع و التسجيل إلى منح المودع حقوقا شرعية من الناحية القانونية( 1) و هذا ما تؤكده المادة 9 من الأمر 03/09 بقولها على أنه” يخول تسجيل العلامة لصاحبها حق ملكيتها على السلع والخدمات التي يعينها لها “.

و يختص بملكية العلامة في التشريع الجزائري من كانت له الأسبقية في إيداعها و هذا ما تؤكده المادة 6 من الامر03/06 بقولها على أنه ما عادا في حلة انتهاك الحق فان العلامة ملك للشخص الأول الذي استوفى الشروط المحددة لصحة الإيداع أو الشخص الذي أثبت أقدم أولوية لإيداعه في مفهوم اتفاقية باريس….

و تأسيسا على ذلك صدر قرار مجلس قضاء الجزائر بتاريخ 17/03/1997 في القضية رقم 4083/96 بتأكيد الحكم المستأنف القاضي بتحميل الخطأ للمودع الثاني للعلامة و عليه بإبطال العلامة التجارية” تر يزور” و الحكم عليه بالدفع للمستعمل أو المودع الأول مبلغ 200.000 دج تعويضا عن الضرر في قضية ح ، عطأ الله شركة لنكو فان ويوتي .

ـــــــــــــــــ
2 فرحة زراوي صالح .الكامل في القانون التجاري.نشر وتوزيع ابن خلدون. الجزائر .2001،ص241.
و مثاله أيضا جاء قرار مجلس قضاء الجزائر الغرفة التجارية بتاريخ 24/11/1997 في القضية رقم 2856/97 بتأييد الحكم المستأنف القاضي بأمر المركز الوطني للسجل التجاري بشطب إيداع العلامتين “الصفحات الصفراء” و” الدليل الأصفر” المودعتين لديه باسم شركة “أرما كوم” و الحكم بحفظ الحق المدني للمدعي.

و نصت المادة 5من الأمر 03/06 على أنه يكتسب الحق في العلامة بتسجيلها لدى المصلحة المختصة، و مقتضى هذا النص أن التسجيل منشئ لملكية العلامة التجارية. بينما المبدأ المعمول به في التشريع الفرنسي هو أن سبق استعمال العلامة التجارية هو الواقعة المنشئة لحق ملكية العلامة، و يقتصر أثر التسجيل على أنه مقرر للملكية، و يعتبر تسجيل العلامة قرينة على ملكيتها لمن سجلت باسمه، إلا أنها تقبل إثبات العكس(1).

و قد تكتسب ملكية العلامة التجارية عن طريق البيع والهبة أو الميراث أو الوصية، لكن هل يمكن أن تكتسب ملكية العلامة التجارية بالحيازة ؟

لما كانت الحيازة لا ترد إلا على شيء مادي، و لما كانت العلامة التجارية ترد على شيء غير مادي فإنها لا تقبل الحيازة، و هدا رأيينا قياسا على حيازة المحل التجاري باعتباره منقول معنوي، فقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأن المحل التجاري لا يخضع لقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية، لأن هذه القاعدة خاصة بالمنقولات المادية دون المنقولات المعنوية، و تأسيسا على دلك فلا تكتسب العلامة التجارية و المحل التجاري بالتقادم على أساس أن للحيازة ركنين أحدهما مادي و هو وضع اليد، و الآخر معنوي و هو نية التملك و لا ريب أن الأشياء المعنوية لا تقبل الحيازة المادية(2).

المطلب الثاني: حق التصرف في العلامة
إن حق التصرف في العلامة يترتب على الاعتراف للمودع أو مسجل العلامة بحق ملكيته للعلامة التجارية،

ــــــــــــــــــ
1 محمد حسنين .الوجيز في الملكية الفكرية ،المؤسسة الوطنية للكتاب.دون طبعة.الجزائر.1985 ،ص204.
3 محمد حسنين .الوجيز في الملكية الفكرية ،المرجع نفسه ،ص246.
و حق التصرف يؤخذ بمفهومه الواسع المتعارف عليه في كونه يمنح لصاحبه التصرف في العلامة بكافة الأوجه سواء بالتنازل أو البيع أو الرهن أو الهبة أو الوصية…. مع مراعاة القيود الواردة على حق الملكية. ومن التصرفات التي نظمها الأمر 03/06 نجد ما يلي:

الفرع الاول:عقد الترخيص.
تنص المادة 16 من الأمر 03/06 على أنه يمكن أن تكون الحقوق المرتبطة بالعلامة موضوع رخصة استغلال واحدة أو استئثارية أو غير استئثارية لكل أو لجزء من السلع أو الخدمات التي تم إيداع و تسجيل العلامة بشأنها.

و لا يعتبر تصرفا ناقلا للملكية، إنما هو ترخيص للغير باستغلال العلامة. و عقد الترخيص هو عقد يلتزم بمقتضاه صاحب البراءة بإعطاء المرخص له حق استعمال العلامة مقابل مبلغ من النقود، و أن هذا العقد يجب ألا يكون الغرض منه تضليل الجمهور أو الأوساط التجارية فيما يتعلق على وجه الخصوص بطبيعة أو بمصدر أو طريقة صنع أو خصائص أو قابلية استخدام السلع أو الخدمات التي تشملها العلامة، و هذا ما تقضي به المادة 14 من الأمر 03/06.

و عقد الترخيص قد يكون استئثاري أي يمتنع صاحب العلامة أن يمنح ترخيصا آخر لغير المرخص له. وقد يكون واحدا فيمتنع بموجبه على صاحب العلامة أن يمنح ترخيصا آخر لغير المرخص له لكنه يحتفظ لنفسه بحق استغلال العلامة(1).

و الترخيص هو عقد يجب أن تتوفر فيه أركان العقد العامة، المتعارف عليها في القانون المدني، و أما الأمر 03/06 فيشترط تحت طائلة البطلان الكتابة و إمضاء الأطراف في العقود المتعلقة بالعلامات، إضافة إلى ذلك يجب تحت طائلة البطلان أن يتضمن عقد الترخيص، العلامة و فترة الرخصة و السلع و الخدمات التي منحت من أجلها الرخصة و الإقليم الذي يمكن استعمالها فيه و مجال أو نوعية السلع المصنعة أو الخدمات المقدمة من قبل حامل الرخصة، و يجب قيد الرخصة في سجل العلامات الذي تمسكه المصلحة المختصة و هذا ما تقضي به المادة 17 من الأمر 03/06 . و ترتيب البطلان على تخلف الكتابة أو القيد لدى المصلحة المختصة يجعل من التصرف عقدا شكليا و هذا بخلاف التشريع المصري أين يعتبر التصرف في العلامة من العقود الرضائية (2).
ـــــــــــــــــــــــ
1 محمد حسنين المرجع نفسه ،ص272.
2 محمد إبراهيم الوالي ،حقوق الملكية الفكرية في التشريع الجزائري ،د م ج ، الجزائر 1983.ص114.

الفرع الثاني:التنازل عن العلامة أو التخلي عنها و تركها.
فالتنازل عن العلامة هو حق يترتب على حق الاعتراف بحق الملكية على العلامة المسجلة.فعملية التنازل هي نقل ملكية العلامة التجارية دون سائر العناصر(1) بما لها وعليها من حقوق والتزامات من مالكها إلى شخص آخر،وطبقا لأحكام المادة117من القانون التجاري والمادة14من الأمر03/06 يمكن التنازل عن العلامة التجارية كعنصر معنوي من عناصر المحل التجاري أو المؤسسة التجارية،وهدا التنازل إما أن يكون على سبيل الملكية أو على سبيل الانتفاع(2).

تنص المادة 5/2 من الأمر 03/06 بأن” مدة تسجيل العلامة هي عشرة سنوات تسري بأثر رجعي ابتداء من تاريخ إيداع الطلب.

فان أراد صاحب العلامة أن تستمر حماية علامته فيمكنه تجديد تسجيلها لفترات متتالية تقدر بعشر سنوات، فصاحب العلامة حتى و لولم يجددها، فهو لا يفقد حقوقه نهائيا إلا إذا لم يقم بتجديدها في ميعادها و بعد هذه المدة يحق لأي شخص أن يمتلكها بالتسجيل.

و يجوز لصاحب العلامة العدول عن تسجيلها لكل أو جزء من السلع و الخدمات التي سجلت من أجلها و هذا ما تقضي به المادة 19 من الأمر 03/06 و كانت المادة 21 من الأمر 66/57 تجير لصاحب العلامة أن يتخلى عنها كليا أو جزئيا بإعلان المصلحة المختصة و يقيد هذا التخلي في سجل العلامات.

و قد تنقضي ملكية العلامة بتركها، و هذا الترك قد يكون صريحا كأن يتنازل مالك العلامة عن التمسك بها بمقتضى إقرار أو اتفاق، بيد أن الغالب أن يكون الترك ضمنيا يستفاد من وقائع لا تدع مجالا للشك في تنازل صاحب العلامة عنها، كأن يقوم منافس باستعمال العلامة مدة معقولة دون اعتراض من جانب المالك، أو أن يقوم الغير بتقليد العلامة دون أن ينهض المالك للدفاع عن حقه فترة طويلة من الزمن، أو أن يعتزل مالك العلامة التجارة أو الصناعة التي يستخدم العلامة لتمييز منتجاتها. و يترتب على الترك صريحا كان أو ضمنيا أن تؤول العلامة إلى الملك العام فيجوز لكل ذي مصلحة استعمالها(3).
ــــــــــــ
1 تقضي المادة 21 من اتفاقية تربس بأنه يحق لصاحب العلامة التجارية التنازل عنها للغير مع أو دون نقل المنشأة.الطيب زروتي القانون الدولي للملكية الفكرية.تحاليل ووثائق ط1.مطبعة الكاهنة.الجزائر2004.
2 نعيم مغبغب.الماركات التجارية.دراسة في القانون المقارن.ط1لبنان2005ص140الى143.
3 قد يحصل التنازل عن العلامة بصورة إلزامية كما هو الحال في حالة الحجز التنفيذي أو كما في حالة المصادرة محليا أو على الموانئ.نعيم مغبغب .المرجع نفسه ص148.
الفرع الثالث:عقد رهن العلامة.

يجيز الأمر 03/06 أن تكون العلامة التجارية محل رهن كلي أو جزئي لدين عليه أو على غيره، و العلامة التجارية قد يتم رهنها أثناء رهن المحل التجاري لكن يشرط النص على ذلك في العقد، و هذا ما تقضي به نصوص القانون التجاري في المادة 119 من الأمر 75/59 المتضمن القانون التجاري و في هذه الحالة لا يتخلى التاجر الراهن عن حيازته لمتجره مع عناصره المعنوية المرهونة.

و يشترط تحت طائلة البطلان، الكتابة و إمضاء الأطراف فيما يتعلق برهن العلامة، و هذا ما تقضي به المادة 15 من الأمر 03/06. و يجب قيد الرهن لدى المصلحة المختصة.

و تقضي المادة 99 من الأمر 75/ 59 المتضمن القانون التجاري أنه” إذا اشتمل بيع المحل التجاري أو التنازل عنه على علامات تجارية… أو رهون حيازة متعلقة بالمحل التجاري، فيجب إجراء القيد بالمعهد الوطني للملكية الصناعية لكي يسري التصرف اتجاه الغير” أي أن عقد الرهن من العقود التي تستلزم الكتابة و القيد(1).

المبحث الثاني:نطاق الحقوق المخولة عن تتسجيل العلامة.
إن الحقوق المخولة لصاحب العلامة بمجرد الإيداع أو التسجيل ليست واردة على إطلاقها، و إنما تضل آثارها نسبية، سواء من حيث الزمان أو من حيث المكان من جهة. و مقتضيات حسن النية في المعاملات التجارية من جهة أخرى.

المطلب الأول: نسبية آثار تسجيل العلامة من حيث المكان .

فالحماية التي تكفلها عملية التسجيل أو الإيداع مقصورة على حدود إقليم الدولة المسجل أمامها أو المودع لديها، بحيث يتعين على صاحب العلامة أن يسجل علامته في كل دولة يريد حماية علامته لديها . لأن تسجيل العلامة في دولة معينة لا يؤدي بالنتيجة إلى حمايتها خارج نطاق إقليم تلك الدولة، مما يطرح العديد من المشاكل بالنسبة للمنتجين المالكين للعلامات الحقيقية و يفتح المجال واسعا

ـــــــــــــــــ
1 محمد حسنين ،الوجيز في الملكية الفكرية،المرجع السابق ،ص169.
لعمليات التقليد بما يسمح بتضليل المستهلك و أمثلتها شركة paco rabanne parfumes limitada au brésil التي أودعت علامات في هذا الميدان أو المجال حالت دون إمكانية تسجيل علامات أصلية للشركة الفرنسية الأخرى paco rabanne parfums. فمبدأ نسبة تسجيل العلامات من حيث المكان يحد من الحماية الكاملة للعلامة المسجلة(1).

إلا أنه توجد حالات تسمح بامتداد الحماية إلى خارج إقليم الدولة المسجل أمامها، و هي حالة مبدأ الأسبقية. أي أن من أودع طلب التسجيل في أية دولة من دول اتحاد باريس يحتفظ بحقه في أسبقية الإيداع في سائر دول الاتحاد، بيد أن هذا لا يتغير من قاعدة الإقليمية.

و الحالة الثانية التي تقلص من نطاق إقليمية حماية العلامة و تجعله يمتد إلى خارجه هو ما يتعلق بالعلامات المشهورة و العلامات الواسعة الصيت في أواسط المستهلكين، بحيث يستطيع هذا الأخير شبه آليا إذا ما رأى السلعة أو الخدمة أن ينسبها إلى طرف معين صاحب العلامة المعينة.و محكمة الاستئناف الفرنسية في قرارها الصادر في 29 أكتوبر 1987 أكد أن العلامة المشهورة يجب أن تعرف و تحدد من خلال الزبائن و المستهلكين المقبلين عليها و الذين يعرضون المنتجات التي توضع عليها تلك العلامة ….
و محكمة استئناف باريس في قرارها الصادر في 08/10/1979 أعتبر أن العلامة”femme” بالنسبة لمنتجات العطور هي علامة مشهورة و هذا استنادا إلى أن شركة العطور” rechas” استعملت هذه العلامة بشكل واسع و مستمر و قامت بحملة اشهارية لها طابعها الخاص و المهم، و الاجتهاد القضائي في فرنسا يتوسع في مسألة حماية العلامات التجارية المشهورة خاصة المماثلة و المشابهة للأخرى(2).

ـــــــــــــ
1 Christophe Roquilly .Op cit .P71. 2 .77 Christophe Roquilly.Op cit .P73
و المشروع الجزائري ذهب أيضا من خلال المادة 9 من الفقرة 4 إلى حماية العلامات المشهورة في بحيث خول لصاحبها حق منع الغير من استغلالها دون رضاه لكن وفقا للمادة 7 في فقرتها 8 و هي حالة استخدام علامة مماثلة أو مشابهة لعلامة تتميز بالشهرة في الجزائر لسلع مماثلة أو مشابهة أو حتى الرموز التي بمثابة ترجمة للعلامة…(1).

المطلب الثاني:نسبية آثار التسجيل من حيث الزمان.

تقضي المادة 5 / 2 بأنه” تحدد مدة تسجيل العلامة بعشرة سنوات تسري بأثر رجعي ابتدأ من تاريخ إيداع الطلب.

فهذا الحق في الاحتكار مؤقت بالنسبة لصاحبه،إلا أن هذا لا يمنعه من جعله مستمرا و متمتعا بالحماية اللازمة، لأن المشروع أعطى لمالك العلامة المسجلة الحق في طلب تجديدها لفترات متتالية أي غير محددة قدرها 10 سنوات في كل عملية تجديد.

و هي نفس المدة التي أشارت إليها المادة 20 من الأمر 66/57 و هي أن” إيداع العلامة ينتج آثاره لمدة 10 سنوات…”، إلا أن الفرق بينهما هو أن هذه المادة أشارت إلى فترة 6 أشهر محفوظة لصاحب العلامة…لتجديد العلامة تحت طائلة البطلان في حالة تسجيلها أو إيداعها من قبل الغير في هذه الفترة و هو ما لم تحدده المادة 5 من الأمر 03/06.

و تجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد تحديد أو قيد على مرات تجديد العلامة، ذلك أن العلامة تكتسب شهرة و تزداد قيمتها بمرور الزمن مما يبرر الاحتفاظ بها لمنتجات المشروع (2).

ـــــــــــــ
1 أنظر المواد7و8 من الأمر 03/06 المتعلق بالعلامات السابق الذكر.
2 عباس محمد حسني .الملكية الصناعية والمحل التجاري.دار النهضة العربية.القاهرة .دون سنة ،ص316.

المطلب الثالث:الاستخدام التجاري للعلامة عن حسن النية.

نصت على هذه الحالة المادة 10 من الأمر 03/06. فإذا كانت القاعدة أن تسجيل العلامة من قبل صاحبها يرتب له حق ملكيتها و التصرف فيها بجميع أوجه التصرف و منع الغير من استخدامها دون رضاه، فان هذه الحالة ورد عليها استثناء في المادة 10 المشار إليها أعلاه لا تمنع الغير من استخدام العلامة التجارية رغم تسجيلها لكن بشروط هي:
– أن يستخدم الغير العلامة و هو حسن النية، لأن سوء النية يرقي إلى درجة الغش و الغش يفسد كل شيء.
– أن تستخدم وفقا للممارسات النزيهة في المجال الصناعي أو التجاري و في حدود التعريف و الإعلام فقط.

هذا ولقد حددت المادة 10/2 نطاق هذا الاستخدام الذي يمكن أن يشمل:
– الاسم و العنوان و الاسم المستعار.

– البيانات الحقيقية المتصلة بالصنف أو الجودة و الكمية أو الوجه أو القيمة أو المكان المنشأ أو فترة إنتاج هذه السلعة أو أداء هذه الخدمات.

ادا تم استعمال وتسجيل علامة بغية الغش فانه عمالا بنظرية الغش التي تفسد أية نتائج قانونية تترتب عليها فان تسجيل هده الماركة يكون باطلا.
أعتبر سوء النية شرط أساسي لتوفر جرم التقليد،وعندما قامت الشركة صاحبة الماركةMATCH على تقليد علامةMARS للشوكولا بشكل يصعب تمييزها عن العلامة الأصلية السابقة فلا تستطيع التذرع بعدم معرفتها أو بعدم علمها بالماركة القديمة،كون الأخيرة ذات شهرة عالمية وتوزع في الأسواق مند أكثر من عشرين سنة، فلا يمكن بالتالي للتاجر الجديد تجاهل هدا الأمر اد كان عليه درس السوق المحلي واحتياجاته الرئيسية (1).

ــــــــــــــــــــ
1-نعيم مغبغب، الماركات التجارية.المرجع السابق ،ص134.ص219.

المطلب الرابع:مبدأ نسبية الماركة.
توضع العلامة على السلع المعروضة أو المباعة أو المتداول بها لأجل تمييزها عن غيرها بصورة محددة ومشتقات تلك السلع.وهي لا تطال سلعا أخرى غير متداول بها أصلا بموجب الماركة الأصلية.

فادا تم تقليد العلامة الأصلية وأضيف أليها سلعا أخرى فبمكن للمحاكم أن تبطل وتلغي الماركة فيما خص السلع المشابهة بين الاثنين درءا لوقوع أي التباس،ففي قضية علامة MISS CLAIRE الخاصة بالعطور وتوابعها العلامة التي قلدتها MISS CLAIROL الخاصة بسلع الكوزماتيك واللبسةو الجلديات فان المحكمة أبطلت العلامة الثانية فيما خص العطور المشابهة الكوزماتيك فقط عملا بمبدأ نسبية العلامة 2.

المبحث الثالث: الالتزام باستعمال العلامة.

عرفنا فيما سبق أن تسجيل العلامة يرتب لمالكها حقا استئثار يا في استغلالها، و أن مقتضى هذا الحق هو منع الغير من مباشرة هذا الاستغلال دون رضاه، و من هنا يثور التساؤل عن حكم عدم مباشرة استغلال العلامة بعد تسجيلها في المدة المحددة. و هذا ما سنتناوله في المطلب الثالث بتحديد المقصود بالالتزام باستعمال العلامة، و ما هي شروط استعمالها، و ما هو الجزاء المترتب على عدم استعمالها.
المطلب الأول :المقصود بالالتزام باستعمال العلامة.

لو تتبعنا النصوص التشريعية السابقة لوجدنا أنه في ظل الأمر 66/57 الملغى كان نص المادة 5/2 منه تنص على انقضاء آثار العلامة إذا لم تستعمل خلال سنة من إيداعها بدون مبرر. و جاءت المادة11 من الأمر 03/06 تقضي بأنه يترتب على عدم استعمال العلامة إبطالها أو طلب إلغائها من الغير. إذا لم يستغرق عدم الاستعمال أكثر من ثلاث سنوات دون انقطاع.

و إذا كان يترتب على عدم الاستعمال بطلان أو إلغاء العلامة. فإن استعمالها يقصد به تجسيدها في الواقع على السلع أو خدمات عرضت أو بيعت عبر أنحاء التراب الوطني.
ـــــــــــــــــ
1 نعيم مغبغب ، المرجع نفسه .ص235.

لكن يثور التساؤل عن حكم رهن العلامة و الترخيص باستعمالها فيما إذا كان يعتبر ذلك استعمالا
أم لا؟(1)
إن المادة 12 من الأمر 03/06 قد حسمت الموقف بنصها على ما يلي:”يعتبر استعمال العلامة من قبل حامل الرخصة بمثابة استعمال من قبل المودع أو مالك العلامة نفسه “.

و في تقديرنا فإن المشروع الجزائري لم يوفق في استعماله مصطلح الالتزام باستعمال العلامة، فكان عليه أن يعنون القسم الخامس من الأمر 03/06 المتعلق بالعلامة بجملة الالتزام باستغلال العلامة و يغنيه ذلك من إيراد المادة 12 منه.

و حجتنا في ذلك بسيطة و هو أن حق الاستعمال يعني الإفادة من الشيء مباشرة دون وساطة أحد بما يتفق مع طبيعة الشيء. أما حق الاستغلال فمؤداه هو الإفادة من الشيء بالحصول على أجرته من المستأجر(2).

فالقول بالاستعمال لا يتضمن حالة الترخيص باستعمال العلامة مما يوجب الإشارة إليها منفردة و هو ما فعله المشروع الجزائري في المادة 12 من الأمر 03/06. أما القول بالاستغلال فهو يتضمن بطريقة غير مباشرة حالة الترخيص باستعمال العلامة باعتباره إفادة غير مباشرة من الشيء بالحصول على مقابل للترخيص باستعمالها.و يعفى المشرع من الإشارة إليها صراحة في مضمن الأمر 03/06.

المطلب الثاني:الشروط الواجب توافرها في الاستعمال.

يمكن استخلاص هذه الشروط من نص المادة 11 من الأمر 03/06 و التي ترتب البطلان على عدم الاستعمال. فقد نصت هذه المادة على ما يأتي:” ممارسة الحق المخول عن تسجيل العلامة مرتبط بالاستعمال الجدي للعلامة على السلع أو توضيبها أو على صلة مع الخدمات المعرفة بالعلامة.

يترتب على عدم استعمال العلامة إبطالها ما عدا في الحالات الآتية:
-إذا لم يستغرق عدم الاستعمال أكثر من ثلاث سنوات دون انقطاع.
-إذا لم يقم مالك العلامة قبل انتهاء هذا الأجل بتقديم الحجة بأن ظروف عسيرة حالت دون استعمالها، ففي هذه الحالة يسمح تمديد الأجل إلى سنتين على الأكثر”.

ــــــــــــــ
1 تنص المادة 19 من اتفاقية تربس أنه حين تكون العلامة خاضعة لسيطرة صاحبها يعتبر استخدامها من قبل أي شخص أخر استخداما لها لأغراض استمرار تسجيلها.الطيب زروتي المرجع السابق الذكر.
2 محمد حسنين ،الوجيز في نظرية الحق بوجه عام،المؤسسة الوطنية للكتاب،الجزائر 1985.،ص25.
يتضح من هذا النص، أنه يلزم توافر الشروط الآتية في الاستعمال:
-أن يكون الاستعمال جديا.
-أن يرد الاستعمال على العلامة المسجلة.
-أن يتوافر الاستعمال خلال المدة المحدودة في النص.
في ضوء ذلك تتناول هذه الشروط كما يلي:
الفرع ألاول:أن يكون الاستعمال جديا.

أشارت المادة 12 من الأمر 03/06 إلى أن” ممارسة الحق في العلامة المسجلة مرتبط بالاستعمال الجدي لها”.

ومن بين أوجه الاستعمال هو ما أشارت إليه هذه المادة بأنه” يعتبر استعمال العلامة من قبل حامل الرخصة بمثابة استعمال من قبل المودع أو مالك العلامة نفسه” هذا من جهة و من جهة أخرى ذهب الأستاذ “ساين” في تعرضه لعنصر استغلال البراءة. إن الاستغلال الذي يتطلبه القانون هو الاستغلال الكافي لإشباع حاجات السوق الوطنية و أن ” جدية” و “فعالية” هذا الاستغلال يجب تقديريهما في ضوء حاجات الجماعة وعدم الإضرار بالاقتصاد الوطني و قد جاء في حكم محكمة “رين” ما يؤيد تفسيره، فقد ذهب قضاة هذه المحكمة إلى أن الاستغلال الذي يتطلبه المشرع هو الاستغلال الكافي لإشباع حاجات السوق الوطني.

و نخلص مما سبق أن الاستغلال هو الذي تنتقي معه مظنة الصورية و الشبهة و التحايل على القانون (1)، و هو الذي نؤيده.

الفرع الثاني: أن ينصب الاستعمال على موضوع العلامة المسجلة.
فالاستعمال الجدي و الفعال يجب أن ينص على العلامة المسجلة لأنه لن يتسنى لغير صاحب العلامة استعمالها طول مدة الحماية بمقتضى ماله من حق استئثاري عليها.

في فرنسا بشأن مشكلة الاستغلال الجزئي لبراءة الاختراع نجده قد تصدى لها و أنتهي إلى أنه لا يلزم قانونا أن يطبق صاحب البراءة اختراعه في كل المجالات التي ذكرها (2).

و عليه فإذا أودع صاحب علامة طلب تسجيل علامة على مجموعة من المنتجات و الخدمات، لكن اقتصر استعماله لها على جزء من المنتجات أو الخدمات فإن هذا في تقديرنا كاف لتوافر شرط استعمال
ـــــــــــــــــــ
1 محمود مختار أحمد بر يرى ، الالتزام باستغلال المبتكرات الجديدة.دار الفكر العربي.القاهرة ،ص292. 293.
2 محمود مختار أحمد بر يرى ،المرجع نفسه،ص295.
العلامة لأن القول بخلاف ذلك يشدد على المبتكرين.و بالتالي يكون لصاحب العلامة المستعملة جزئيا دفع طلب إلغاء علامته المسجلة استنادا إلى الاستعمال الجزئي ، و نفس القول يصدق على طريقة توضيب السلع و الخدمات إذا كانت متعددة في أثناء إيداع طلب التسجيل.

الفرع الثالث:أن يتوافر الاستعمال خلال المهلة المحددة.

لا يتصور أن يقوم صاحب العلامة باستعمالها بمجرد تسجيلها و هذا نظرا لما يتطلبه الاستعمال من إمكانيات مادية و مالية ، هذا من ناحية و من ناحية أخرى فإنه من غير المنطقي أن يترك لصاحب العلامة المسجلة تقدير مدة الحماية المترتبة عن التسجيل .

لذلك نجد أن المشرع الجزائري في الأمر 66/57 الملغى أو الأمر03/06 الذي حل محله قد درج على تحديد مدة لا يمكن خلالها طلب إلغاء العلامة أمام القضاء لعدم استعمالها.

فالمادة 5/2 من الأمر 66/57 كانت تنص على أنه تنقضي آثار العلامة المسجلة إذا لم تستعمل خلال سنة من الإيداع بدون مبرر.

أما المادة 11 من الأمر 03/06 ذهب إلى أبعد من ذلك إذا نصت على أنه يترتب على عدم استعمال العلامة إبطالها ما عدا في الحالات الآتية:
– إذا لم يستغرق عدم الاستعمال ل أكثر من ثلاث سنوات دون انقطاع.
– أما في حالة الظروف العسيرة فيسمح القانون بتمديد الأجل إلى سنتين على الأكثر.

والمشرع هنا يستلزم عدم انقطاع الاستعمال مدة ثلاث سنوات. فالتوقف على فترات و إن كان تجميعها يصل إلى ثلاث سنوات فهو لا يعتبر مدة متصلة. و المشرع هنا أيضا يأخذ في الحسبان بالضر وف العسيرة التي يرجع تقديرها إلى قاضي الموضوع في تقديرنا ليمنح على أساسها تمديد الأجل إلى سنتين (1).

ـــــــــــــــ
1 انظر في ذلك المادة 19 من اتفاقية تربس ،الطيب زروتي ،المرجع السابق.
هذا و تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري لم يحدد مكان الاستعمال الذي يتم خارج الإقليم الوطني.ففي فرنسا لكن في شأن استغلال براءات الاختراع رفض قضاؤها دفع مالك البراءة بأنه يباشر التصنيع في ألمانيا مكتفيا بالتصدير إلى فرنسا، بل يجب أن يتم الاستغلال في فرنسا فهدف المشرع من الاستغلال هو إشباع السوق و تدريب اليد العاملة و هوما لا يتحقق إلا بالاستعمال الذي يتم في فرنسا(1).

المطلب الثالث:.جزاء عدم الالتزام الاستعمال.

من خلال نص المادة 11من الأمر 03/06 نجد أن المشرع الجزائري رتب البطلان على عدم استعمال العلامة وفق الشروط السابق الإشارة لها خاصة فيما تعلق منها بشرط عدم احترام المدة المنصوص عليها .

وتأتي المادة 21 من الأمر نفسه لترتب أثرا آخر على عدم استعمال العلامة المسجلة بنصها على ما انه”تلغي الجهة القضائية المختصة تسجيل العلامة بناء على مايلي:
– طلب من الغير الذي يعنيه الأمر إذا لم تستعمل العلامة وفقا للمادة 11 من نفس الأمر(2).

و عليه يكون جزاء عدم استعمال العلامة هو إما البطلان أو الإلغاء. و هذا الجزاء مخالف للجزاء المقرر لعدم استعمال براءة الاختراع وفق الشروط التي يتطلبها القانون و هو الترخيص الجبري( 3).

ـــــــــــــــــــ
1 محمود مختار أحمد بر يرى ، الالتزام باستغلال براءات الاختراع.المرجع السابق، ص309. 310.
2 انظر المادة 38 وما يليها من ألأمر03/07 المتعلق ببراءات الاختراع،السالف الذكر
3 انظر في ذلك المادة 19 من اتفاقية تربس الطيب زروتي، المرجع السالف الذكر

الفصل لثاني: الحق في الحماية القانونية.

يترتب علي تسجيل العلامة التجارية أثار مهمة.حيث يتحصل صاحبها على ورقة رسمية وسند قانوني بأنه صاحب العلامة المسجلة ولا ينازعه فيها أحد.ويتمتع حيال ذلك بأحقيته في منع الغير من استغلال علامته التجارية إلا بإذنه.وبذلك يستطيع أن يقوم بمختلف العمليات القانونية التي يسمح بها القانون وتحقق جميع أثارها. والأهم من هذا وذاك هو حصوله على الحماية القانونية بكل أشكالها خاصة الجزائية والمدنية منها.

حماية العلامة التجارية هي من الضرورات التي تبني عليها عملية المنافسة وجلب المشاريع الاستثمارية الأجنبية، وإذا كان يعاب على التشريع الذي كان يعمل به في الجزائر بضعف الحماية القانونية فإن الأمر 03/06 المتعلق بالعلامات والصادر في 19 يوليو 2003 قد زود مالك العلامة التجارية بحماية متعددة ،جنائية ومدنية وإجراءات تحفظية مع الإحالة إلى القواعد العامة في القانون العقوبات من جهة، وإلى حماية جمركية تصب في نفس الغاية والهدف هو محاربة التقليد بكل أشكاله بأجهزة متعددة ومتخصصة في إطار قانوني متطور من حيث تحديد الحقوق والالتزامات والجزاءات المترتبة على الإخلال بها من جهة أخرى.

وعليه سوف نتعرض في صلب هذا البحث إلى أشكال الحماية القانونية للعلامات التجارية على الترتيب التالي:
– الحماية الجزائية.
– الحماية المدنية والإجراءات التحفظية.

المبحث الأول: الحماية الجزائية.

تنص المادة 21 من اتفاقية تربس في القسم المتعلق بالإجراءات الجنائية أنه :”تلتزم البلدان الأعضاء بفرض تطبيق الإجراءات والعقوبات الجنائية على الأقل في حالات التقليد المتعمد للعلامات التجارية المستعجلة أو انتحال حقوق المؤلف على نطاق تجاري…”
وتنص المادة 26 من الأمر 03/06 المتعلق بالعلامات على أنه:”مع مراعاة أحكام المادة 10 أعلاه، يعد جنحة تقليد لعلامة مسجلة كل عمل يمس بالحقوق الاستشارية للعلامة ،قام به الغير خرقا لحقوق صاحب العلامة…”

وتنص المادة 429 قانون العقوبات على ما يلي :”يعاقب بالحبس … كل من يخدع أو يحاول (الشروع) أن يخدع المتعاقد:
– سواء في نوع السلعة أو في مصدرها.
– سواء في كمية الأشياء المستعملة أو في هويتها...”

من خلال استقراء أحكام المواد السابقة، نستنتج أن صور المساس بالعلامات متعددة، فالمشرع الجزائري تعرض لموضوع الحماية القانونية للعلامة التجارية من التقليد بصفة غير مباشرة كما هو الحال في قانون العقوبات وبصفة مباشرة كما هو الحال في الأمر المنظم للعلامات التجارية.

ومن جهة ثانية فالحماية الجنائية تقتصر على العلامات المسجلة في الجزائر والتي وقع تقليدها في الجزائر.

وفي هذا الإطار سنحاول أن نتعرض في صلب هذا المطلب إلى ما يلي:
– الأشكال المختلفة للمساس بالعلامة.
– الجزاءات القانونية المختلفة.
وهذا على ضوء ما جاء به الأمر 03/06 المتعلق بالعلامات التجارية والذي يحيلنا أيضا إلى الأمر 66/156 المتضمن قانون العقوبات في كثير من مواده القانونية.

المطلب الأول :الأشكال المختلفة للمساس بالعلامة.

إنه من الملائم أولا حصر مختلف الأشكال التي تشكل مساسا بالحق في العلامة ويعتبرها القانون جريمة قائمة بأركانها ويمكن أن تكون محل للمسألة الجنائية وإيقاع العقوبة الملائمة ومن هذه الأشكال ما يلي:
أولا: جنحة تقليد العلامة contrefaçon stricto sensu
ثانيا: جنحة التقليد التدليس للعلامة l’imitation frauduleuse
ثالثا: وهناك جرائم تضمن الأمر 03/06 تتعلق بمخالفة الأحكام الإلزامية لهذا الأمر، وأخرى تضمن قانون العقوبات.
الفرع ألاول:جنحة تقليد العلامة contrefaçon stricto sensu.

جنحة تقليد العلامة هو اصطناع العلامة المقلدة، أي التنفيذ المادي بغض النظر عن كل استعمال لها، ويعرف الأستاذ Roubier التقليد بكونه: “إعادة اصطناع العلامة في جانبها الأساسي والمميز” أنه الاصطناع (الشرس) والكامل والحرفي للعلامة وتكون الجريمة مرتكبة من خلال التصنيع المادي للعلامة(1) .

استعمل المشرع الجزائري في المادة 26 من الأمر 03/06 مصطلح التقليد Contrefaçon فقط، أما في قانون العلامات القديم 66/57 الملغى فاستعمل مصطلح التقليد Contrefaçon والمحاكاة L’imitation
والاختلاف قائم بين المصطلحين ” Contrefaçon ” التقليد بالتزوير والمحاكاة ” L’imitation ” التقليد التدليس ويشتد الخلاف بالخصوص في عنصر حسن النية الذي لا أهمية له في جريمة التقليد بالتزوير، أما إذا تعلق الأمر بجريمة التقليد ألتدليسي للعلامات فعلى القاضي التثبيت من وجوده(2).
ــــــــــــــــــ
1 بيوت نذير، مساهمة القضاء في حماية العلامة التجارية،مقال منشور في المجلة القضائية الصادرة عن المحكمة العليا .العدد الثاني ،سنة 2002 ،ص55الى93.
2 حديدان سفيان،جريمة التقليد ألتدليسي للعلامات الصناعية والتجارية وعلامة الخدمة.مذكرة ماجستير،كلية الحقوق،جامعة الجزائر.2002.ص38.36.
3 حديدان سفيان المرجع نفسه،ص36.
والمقصود بالتزوير في العلامة أيضا هو إعادة وضع عناصر العلامة المودعة بصفة كلية أو جزئية على سلعة من طرف شخص طبيعي أو معنوي.وهو اصطناع علامة تطابق مطابقة تامة العلامة الأصلية(1).

وإذا كان المشرع الجزائري أورد مصطلح التقليد للعلامة بوجه عام فإن المشرع الفرنسي يفرق بين التقليد الكلي للعلامة والتقليد الجزئي لها وهو ما يعرف عنده بمصطلح contrefaçon stricto sensu (2) ، وهذا لا يعني بالذات أن المشرع الجزائري لا يأخذ بالتقليد الجزئي للعلامة وهو ما سنشير إليه من خلال بعض القرارات القضائية في هذا العنصر من البحث.

وعلى عكس قواعد قانون العقوبات التي تشترط توفر ركنين لقيام الجريمة، الركن المادي والركن المعنوي، فإن جريمة التقليد لا تتطلب – في الغالب- إلا ركنا واحدا وهو استنساخ العلامة، ولا أهمية لحسن النية، أو لانعدام القصد لدى المصطنع فالركن المعنوي غير ضروري في قيام الجريمة واصطناع العلامة يكفي لتجسيد الركن المادي في جريمة التقليد(3)

إن التقليد بالمعنى الاصطلاحي وعلى عكس جريمة المحاكاة التدليسية التي يتثبت فيها القاضي من إمكانية الخلط، لا يتطلب تقديرا قضائيا فإذا كانت العناصر الأساسية المميزة للعلامة مصطنعة فإنه لا يطلب أكثر من ذلك ولاتهم المجهودات التي يقوم المقلد بها لتمييز علامته من خلال نقاط أخرى، عن تلك التي تم تقليدها في جانبها الأساسي.

وهو ما ذهب إليه قرار صادر في 17 مارس 1999 عن مجلس قضاء الجزائر في قضية قائمة بين شركة عطور lancom وبين جديدي وحكم المجلس بأن المتهم الذي سمى عطره بـ”Trésor” قد ارتكب جنحة التقليد عندما اصطنع علامة Trésor de l’ancom وحكم عليه بتعويض وبإلغاء علامة “Trésor” المقلدة(4) .

ـــــــــــــــــــ
1عبد الرزاق أحمد السنهوري.الوسيط في شرح القانون المدني.ج8.حق الملكية.دار النهضة العربية.القاهرةص576.في الهامش
2 Christophe Roquilly.le droit de produit cosmetique1991paris.P84. 3 بيوت نذير، المقال السابق، ص61.
4 بيوت نذير ،المرجع نفسه، ص62.
وهو أيضا ما ذهب إليه قرار صادر في 5 أكتوبر 1981 عن الغرفة التجارية لمحكمة النقض الفرنسية في قضية قائمة بين شركة Cuerlain للعطور والصابون ومواد التخصيب والتجميل صاحبة العلامة “Jicky” المودعة سنة 1889 والمجددة بانتظام، والسيدة Verfaillie صاحبة العلامة “Nicky difusion” تميز بها عطورها وصابونها في الأسواق، مودعة سنة 1975، فشركة Cuerlain ادعت أن علامتها تعرضت لاعتداء سبب لها ضررا نتيجة التقليد، فأوضحت الغرفة أن التسمية Nicky تشكل تقليد شبه مطابق للعلامة Jicky وإضافة الكلمة difusion إلى التسمية ” Nicky” لا تخفي هذا التقليد.ومن هذا المنطلق فالتقليد يجب أن ننظر إليه بنظرة مجملة “Tous Indivisible” فحسب هذه النظرية التي أتى بها الاجتهاد الفرنسي فإن التقليد لا يوجد إلا في العلامة المركبة المعقدة، والعنصر المقلد من العلامة يفقد وحدته وقدرته على التمييز بين المنتجات أو الخدمات إذا امتزج مع العلامة في نظرتها الكلية(1)

كما أن مجلس قضاء الجزائر قد اعتمد في قرار 30/01/1989 بأن تسمية BANITA تشكل تقليدا لعطر HABANITA ، حيث جاء في حيثيات قرار المجلس أنه يستخلص من مجرد مقارنة بين بطاقات المتهم وبطاقات الطرف المدني وجود تشابه صارخ بينها من حيث الرسوم والألوان ومن حيث السمع وأن الاجتهاد القضائي يعتبر جنحة التقليد قائمة عندما يتم تقديم منتوج في تغليف يحمل أوجه تشابه وتطابق كبيرة ولكنه يوحي باسم العلامة التي تمت محاكمتها (2) وتكون إذن بصدد جريمة التقليد كلما كنا أمام علامتين ليست لنفس المالك يتماثلان أو يتشابهان أو يتطابقان تطابقا كاملا وتاما أو تطابقا جزئيا في عنصر من عناصرها الأساسية المميزة لها (3)

فتكون متطابقة تماما عندما يكون التقليد متطابقا مع العلامة الأخرى المسجلة في عناصرها الأساسية التي تميزها عن غيرها تطابقا كليا.وسواء كان التقليد في العناصر الأساسية أو الخصائص الأساسية للعلامة سواء في (الاسم العائلي، أو التسميات المبتكرة، أو الإشارة أو الألوان أو الرسوم…الخ).

ــــــــــــــــــ
1 Christophe Roquilly.Op cit .P85.86. 2 بيوت نذير، المقال السابق، ص62
3 جبارة شوقي، المعالجة الجمركية والقضائية لتقليد العلامة، مقال منشور في المجلة القضائية الصادرة عن المحكمة العليا، سنة2002، ص15. 16.
وتكون شبه متطابقة إذا كان التقليد في شكل إضافة أو حذف أحد الحروف أو أحد الأرقام أو الرموز والإشارات المكونة للعلامة مثل EXGITTELLE عوضا عن GILLETTE أو PHILIBS عوضا عن PHILIPS …الخ (1).

والمهم في هذا كله أن المقلد لا يستطيع أن يحتج بحسن نيته إلا إذا تعلق الأمر بحسن النية الذي أشار إليه المشرع الجزائري في الأمر 03/06(2).

وبهدف تحديد وتقدير وجود جريمة التقليد، فالقضاة عليهم أن يتساءلوا حول العناصر الأساسية المكونة للعلامة في حالة التقليد الكلي أو الجزئي، فمحكمة الاستئناف الفرنسية قدرت أنه في العلامة التجارية ض de lancome ، المميزة للعطور ومياه التنظيف المعطرة أن حرف هكذا ” ض” هو العنصر الأساسي الذي يعرف العلامة الموقعة على المنتجات، والعلامات ض de crivas و ض de Paris المودعتان والمسجلتان مؤخرا عن نفس المنتجات والسلع تشكل تقليدا للعلامة ” ض de lancome” (3)
فتركيز القضاة على العنصر الأساسي في العلامة هو الذي يكشف عن وجود حالة التقليد . (4)

الفرع الثاني: جنحة التقليد التدليسي لعلامة l’imitation frauduleuse:
يقصد بالتقليد ألتدليسي هو المحاكاة التي تدعو إلى تضليل الجمهور ويتم ذلك عن طريق اتخاذ الصانع أو التاجر علامة مشابهة للعلامة الأصلية لوضعها على منتوجه دون أن يستعير جزء من العناصر التي تتكون منها العلامة الأصلية، حيث أن هنا العمل من شأنه أن يحدث خلطا في ذهن المستهلك يدفعه إلى شراء منتوج أو سلعة تتمتع بنفس مواصفات السلعة المراد تناولها وهو يضن أنته اشترى السلعة الأصلية، وهذا العمل الذي يقوم به المنتج من شأنه… أن يمس بالمبادئ التي تقوم عليها المنافسة الحرة، خاصة فيما يتعلق بمبدأ الشفافية، كما يمس في نفس الوقت إرادة المستهلك فيقع هذا الأخير ضحية التلاعب(5).
ـــــــــــــــــــ
1 جبارة شوقي ،المقال نفسه ،ص16.
2 انظر في ذلك المادة 10 من الامر03/06 المتعلق بالعلامات السالف الدكر.
3 Christophe Roquilly.Op cit .P87. 4 صالح زراوي فرحة،المرجع السابق ،ص948.
Haroun M Ali : La protection de la Marque au Maghrib. O.P.U 5 P78 Alr 1979 . alger

وتعد جريمة التقليد ألتدليسي الأكثر حضورا إن لم نقل الجريمة الوحيدة المتداولة في الاجتهاد القضائي الجزائري وتخضع هذه الجريمة على خلاف جريمة التقليد التي تتطلب الركن المادي فقط إلى القواعد العامة في قانون العقوبات وتقوم بتوفر ركنين.الركن المادي يتمثل في محاكاة تنصب على التأثير في الطابع الأساسي للعلامة الكفيل بخلق اللبس في ذهن المشتري.أما الركن الثاني فيتمثل في القصد الجنائي أي قصد الغش لدى المحاكي وعلى خلال ما هو عليه الحال في الاصطناع الحرفي أو التقليد فإنه يتم ترتيب المحاكاة بطريقة تحدث لبسا في ذهن المستهلك غير النبة في التمييز بين المنتجات المشهورة بعلامتين(1).

ينطلق القضاء لتحديد الخلط الذي يقع فيه المستهلك من مجموعة من المعايير وهذا على عكس تزوير العلامة، إذ يسهل العمل أكثر على القاضي، ومن هذه لمعايير نذكر ما يلي:

أولا-المعيار المتعلق بالعلامة:
ينطلق القضاء في العديد من أحكامه لتقدير وقوع خلط في ذهن المستهلك بالمقارنة بين العلامة الحقيقية والعلامة المقلدة بين أوجه التشابه والتطابق بينهما، وتقليد العلامة يتم بالنظر إلى جميع عناصر العلامة دون تحليل كل عنصر ومقارنته مع العنصر الذي يقابله للعلامة المقلدة، هذا التقدير يتم على أساس التشابه الكلي وليس على أساس الاختلاف، وفي حكم صاد عن محكمة النقض المصرية “أن العبرة في التقليد بأوجه الشبه لا بأوجه الخلاف(2) ومن أوجه الشبه التي من خلالها تعتبر المحاكم التقليد قائما هي(3).

1- أوجه التشابه القائمة على أساس النطق Similitude Verbale..
يقصد بأوجه الشبه القائمة على أساس النطق مجموعة العناصر المتشابهة في العلامة والتي يتم الكشف عليها من خلال التسمية المقدمة للعلامة المقلدة.
ـــــــــــــــــ
1 بيوت نذير.المقال السابق ص،ً63. 64.
2 جاء في حكم صادر عن محكمة النقض المصرية ما يلي:يقوم تقليد العلامة التجارية على محاكاة تتم بها المشابهة بين أصل والتقليد ومن ثم فان خلو الحكم من وصف العلامة الصحيحة والعلامة المقلدة و الاستناد في ثبوت توافر التقليد على كتاب إدارة العلامات التجارية أو رأييها من وجود تشابه بين العلامتين يجعله مشوبا بالقصور لأن القاضي في المواد الجنائية إنما يستند في ثبوت الحقائق القانونية إلى الدليل الذي يقتنع به وحده ولا يجوز له أن يؤسس حكمه على رأي غيره…وجاء في حكم أخر إن العبرة في التقليد بأوجه الشبه لا بأوجه الاختلاف…أنظر حديدان سفيان، المرجع السابق، ص42.

3 بيوت نذير،المقال السابق ، ،ص64.
والمبدأ المسطر هنا هو أن يكون اللبس الحاصل بين العلامتين ممكنا في ذهن المشتري أو الزبون أو المستهلك أو المستعمل… وإذا كان التقدير يتم بما لقاضي الموضوع من سيادة فإنه مطالب بضرورة التصريح به.وبناء على ذلك فإن الاجتهاد القضائي الجزائري أقر بوجود تشابه بين علامتي ” Selectra” و”Selecto “.

ففي هذه القضية رفعت الشركة ذات المسؤولية المحدودة حمود بوعلام مالكة علامة “Selecto ” دعوى قضائية من أجل المحاكاة التدليسية أو غير الشرعية لعلامة “Selecto ” على السيد زروقي مالك مصنع مشروبات Zerca الذي أودع لاحقا علامة ” Selectra”، وحكمت المحكمة بأن علامة “Selecto “كانت سابقة على علامة ” Selectra” التي يطالب المدعى عليهم بملكيتها.

وأن علامة “Selecto ” معروفة ولها صيت ذائع ومستعملة منذ مدة طويلة وأن للطريقة وللتسميتين اللتين يقدم المنتجان بهما أوجه تشابه بخصوص الطبيعة والاستعمال وأن تواجد العلامتين معا، الثابت تشابههما كفيل بإحداث اللبس في ذهن المستهلك… ومن ثم احتمال وقوع اللبس بين العلامتين. وهناك قضايا أخرى لم يتم الحكم فيها بوجود أوجه التشابه ومن ذلك أن تسمية Rêve dsire ليست محاكاة تدليسية أو غير شرعية لتسمية rêve d’or(1)

وفي فرنسا شركة GALLIA مالكة للعلامة “Kerzo ” أودعت سنة 1960 ومجددة سنة 1975 لتمييز على الخصوص منتجات العطور والتجميل ادعوا أن شركة العطور ” Kenzo ” تبيع سلع ومنتجات تحت علامة ” Kenzo ” بما يشكل تقليد تدليسي غير مشروع وهذا أمام محكمة de grand instance لباريس.

القضاة اعتبروا أن العلامة “Kerzo ” مقلدة تدليسا بالعلامة ” Kenzo ” في نفس المنتجين وبدا لهم أن جنحة التقليد ثابتة بأنواعها، التشابه الصوتي واللفظي والبصري بين التسميتين يعكس لنا الشعور والإحساس بوجود تقليد شبه كلي لعلامة”Kerzo “(2)

ـــــــــــــــ
1 بيوت نذير،المقال السابق ، ،ص64. 65.
2 Christophe Roquilly.Op cit .P89..
2- أوجه الشبه القائمة على أساس الشكل الخارجي للعلامة.
قد يعتمد القضاء في تقديره لتوافر جريمة التقليد ألتدليسي للعلامة على أوجه الشبه بين العلامة الأصلية والمقلدة على أساس الشكل الخارجي لها، ويقصد بالشكل الخارجي الملصقات و الألوان وشكل العلبة أو الزجاجة وكل شكل آخر يمكن أن يوقع المستهلك في خلط عند عدم تواجد كل من السلعة الأصلية والسلعة المقلدة أمام المستهلك عند قيام عملية البيع ومن أمثلتها علامة تأخذ شكل مثلث ملون بالأحمر والأزرق مودعة من طرف شركة CINANO وهذا المثلث معروف لدى الغير بأنه رمز يميز بين منتجات هذه الشركة فقامت شركة أخرى بإنتاج نفس المثلث مكتوب عليه باللون الأبيض الاسم التجاري لهذه الشركة “PERREND ET CIE” يكون ذلك العمل تقليد تدليسي(1).

3- أوجه الشبه القائمة على أساس التقارب الفكري Similitude par association d’idées :
في هذه الحالة التقارب له طابع فكري(2) وهنا التشابه يكون من حيث المقصود الذي تؤديه كل من العلامة الأصلية والعلامة المقلدة(3).ومن أمثلة ذلك “la vache joyeuse” و”la vache qui rit ” وأيضا SALUT LES COUPAINS وBONJOUR LES COUPAINSوأيضا la vache qui rit و la vache gracieuse (4).

ثانيا-المعيار المتعلق بالمستهلك.

ويتعين التساؤل هنا عن أي مشتر يتعين على الاجتهاد القضائي أخذه بعين الاعتبار وما هي العناية الواجب بذلها ؟ هل هي عناية الرجل المستهلك العادي أم عناية المستهلك الحريص ؟
الاجتهاد القضائي في فرنسا بخصوص جريمة التقليد ألتدليسي للعلامات في قطاع منتجات التجميل أعطى ملاحظات مهمة قابلة للتطبيق من قبل القضاة تتمحور في قاعدتين:

ـــــــــــــــــــ
1 Ali M. Haroun .OP .cit. P47. وانظر أيضا حديدان سفيان ،المرجع السابق ،ص49.
2 جبارة شوقي ،المقال السابق ،ص16.
3 Ali M. Haroun .OP .cit. P197. 4 حديدان سفيان ،المرجع السابق ،ص49
1- التقليد ألتدليسي يقوم على أساس التشابه الكلي وليس على الاختلاف.
L’imitation se fait par rapport aux ressemblances et non par rapport aux différences.
2- البحث عن الغموض يكون بالأخذ في الحسبان المشتري المتوسط الانتباه.
La possibilité de confusion doit être recherchée en se mettant a la place de l’acheteur d’intention moyenne…
فمحكمة grand instance لباريس اعتبرت أن العلامة المركبة “jean Pacome” لمنتجات التزيين والعطور تشكل تقليد تدليسي للعلامة “lan come” المخصصة لتمييز منتجات العطور، هي مرتبطة عن طريق التشابه الصوتي بينهما يعني الصوت النهائي “come” وليس في الاختلافات التي بإمكانها أن تؤثر في إحساس المستهلك وتوحي له بعض الغموض(1).

وهو المعيار الذي تبناه المشرع الجزائري بضرورة أخذ موقف المشتري ذي الانتباه المتوسط بعين الاعتبار، فالتقدير يجب أن يتم على ضوء اللبس أو الخلط أو الانخداع الذي قد يقع ضحيته المستهلك أو المشتري(2).

هذا وإن الركن المعنوي ضروري لقيام جريمة المحاكاة التدليسية ومع ذلك ولو أثبت المحاكي حسن نيته فإنه يبقى مسؤولا على الصعيد المدني، ويمكن استخلاص قصد الغش الخاضع للتقدير السيد لقضاة الموضوع من جميع العناصر التي يجب على المحكمة الرجوع إليها، ويمكن استخلاص قصد الغش مما مؤداه: ” أنه يستخلص من جميع عناصر القضية أن المتهم وباختياره تسمية “simciere ” في الوقت الذي كان يستطيع تسمية علامته في النطاق الوطني بتسمية جزائرية محضة قد اختار عن دراية وعن علم تسمية أوروبية وأن تشابه المقطع الأول في التسميتين يشكل نقطة مشتركة بين العلامتين، وأخيرا فإن اختيار المتهم عند إيداع علامته مشابهة لعلامة شائعة يعني حتما رغبته الحصول على فائدة من شهرة العلامة المذكورة. هذا وقد يكون التقليد ألتدليسي بزيادة عنصر في العلامة مثل ” NET” و “O’NET ” أو “MARINI ” و”MARTINI ” أو بإنقاص عنصر منها مثل ” EUPOSTART ” و “EUORSTAR ” أو “ALPI ” و “ALPO ” (3)
ـــــــــــــ
1 Christophe Roquilly.Op cit .P89.90. 2 بيوت نذير،المقال السابق ص66. 67.
3 المرجع نفسه ص67. محكمة الجزائر في حكم ب28/10/1970في قضية شركة ًSingerً ًضدًSinciere ً …/…
الفرع الثالث: جرائم أخرى.

هي ما أشار إليها الأمر 03/06 وما أشار إليها قانون العقوبات في المادة 129 منه فتنص المادة 33 من الأمر المتعلق بالعلامات على أنه ” يعاقب بالحبس” الذين خالفوا أحكام المادة 3 من هذا الأمر بعدم وضع علامة على سلعهم أو خدماتهم أو الذين تعمدوا بيع أو عرضوا للبيع سلع أو أكثر أو قدموا خدمات لا تحمل علامة…

فعدم وضع العلامة على السلع أو الخدمات المقدمة للبيع أو المعروضة عبر أنحاء التراب الوطني يشكل جريمة في نظر المشرع الجزائري، وهذا ما لم يكن موجودا في الأمر 66/57 الملغى، وهذا راجع إلى الصرامة التي أراد أن يفرضها المشرع الجزائري على طرق عرض و تقديم السلع والخدمات، فهو بتقريره قاعدة الإلزامية حقق البعد الحمائي أولا للمستهلك وثانية للمستثمر وثالثا لصاحب العلامة.

وعدم وضع العلامة هي جريمة يشترط فيها أيضا بالنسبة للركن المادي مخالفة أحكام المادة 3 من هذا الأمر، ويشترط فيها أيضا الركن المعنوي متضمنا القصد الجنائي وهو تعمد الجريمة .

وتنص الفقرة الثالثة من المادة 33 : “يعاقب بالحبس… الذين وضعوا على سلعهم أو خدماتهم علامة لم تسجل أو لم يطلب تسجيلها وفق المادة 4 من هذا الأمر وذلك مع مراعاة الأحكام الانتقالية المنصوص عليها في هذا الأمر. فالمشرع الجزائري ألزام كل من يريد استعمال علامة لسلع أو خدمات عبر الإقليم الوطني أن يسجلها أو يودع طلب بتسجيلها أمام المصلحة المختصة وهذا تحت طائلة جريمة عرض أو بيع سلع أو خدمات تحت علامة غير مسجلة ، وهو ما يشكل الركن المادي.
ـــــــــــــــ
../..
هذا ولقد تبنى القضاء أيضا معيار اللغة في القدرة على التميز بين العلامات والمنتجات فقد صدر ن القسم المدني لمحكمة الجزائر في21/03/1949 في قضيةPARFUMERIE PIEVRE أن المنتج الموجه لسكان الجنوب الجزائري الذي يتكون من عدد هائل من الأميين يعتمد في ترويجه للسلع والمنتجات على الشكل والنموذج العام للمنتوج وليس على التسمية وعلى هذا الأساس فان القضاء لايمكن أن يؤسس وقوع جريمة التقليد على أوجه الشبه القائمة على أساس التسمية بل عليه أن يقتصر فقط على الشكل الخارجي له فقط،لأن المستهلك العادي عند شرائه للمنتوج لا يولي أدنى اهتمام للتسمية…أنظر أكثر هارون علي محمد المرجع السابق ص204.

أما بخصوص الركن المعنوي فلم يشر المشرع الجزائري في فحوى الفقرة 3 من المادة 33 إلى جنحة القصد الجنائي على غرار ما فعل في الفقرة الثانية منها مما يجعلنا لا نتوسع في النص القانوني ونقر بكفاية القصد العام.

وعليه فكلا الجريمتين منصوص عليهما في الأمر 03/06 وفق قواعد آمرة لم نعهدها على المشرع الجزائري بهذه الصرامة والشدة في العقوبة، والمشرع يكون بهذا قد أتم مسعاه في تنظيم تشريعاته الداخلية المتعلقة بالملكية الصناعية على ضوء ما وصلت إليه الاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية تربس وتسوية وضعيته التشريعية لتتوافق واستحقاقات الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة.

أما في قانون العقوبات فنصت المادة 429 في الباب الرابع ” الغش في بيع السلع والتدليس في المواد الغذائية، فتنص على أنه: “يعاقب بالحبس من شهرين إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 2000 إلى 20000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من يخدع أو يحاول أن يخدع المتعاقد:

– سواء في الطبيعة أو في الصفات الجوهرية، أو في التركيب أو في نسبة المقومات اللازمة لكل هذه السلع و سواء في نوعها أو مصدرها أو في كمية الأشياء المسلمة أو في هويتها.وفي جميع الحالات فإن على مرتكب المخالفة إعادة الأرباح التي حصل عليها بدون حق”.

فهذه المادة جاءت بألفاظ عامة مثلا :” يخدع المتعاقد… في الصفات الجوهرية” فخداع المتعاقد بواسطة تغيير قد يلحق السلعة في مواصفاتها الجوهرية قد يكون جريمة تقليد أو تقليد تدليسي أو جريمة عدم مطابقة للمواصفات المقررة أو تزييف البضاعة أو غشها لهذه الأخيرة صور مختلفة منها إخفاء البضاعة تحت مظهر خادع من شأنه غش المشتري(1).

وبهذا يكون المشرع الجزائري قد تعرض بطريقة غير مباشرة فحماية العلامة وفقا لأحكام قانون العقوبات وبطريقة مباشرة وفقا لقانون العلامات وفي كل الأحوال الخاص يقيد العام ولا يمكن المرور إلى أحكام القانون العام إلا إذا لم يوجد ما يعالج الجريمة في أحكام القانون الخاص في إطار المبادئ العامة والأساسية التي ينبني عليها القسم العام في قانون العقوبات(2).
ـــــــــــــــ
1 حديدان سفيان، المرجع السابق، ص20. 21.
2 أحسن بوسقيعة، الوجيز في القانون الجزائي العام، الديوان الوطني للأشغال التربوية، الجزائر 2002ص195.
المطلب الثاني: عقوبات المساس بالحق في العلامة

يأخذ الجزاء الجنائي صورتين: العقوبة وتدبير الأمن وسنتناول مدى انطباق هاتين الصورتين من الجزاء على الجرائم التي تمس بالحق في العلامة.

الفرع الاول: العقوبات الأصلية:

وتتمثل العقوبة في إيلام المعتدي على العلامة بالانتقاص من بعض حقوقه الشخصية وأهمها الحق في الحياة والحق في الحرية(1) وتتمثل هذه العقوبات فيما يلي:

أولا. الحبس. لقد نصت المادة 32 من الأمر 03/06 على ما يلي:”…كل شخص ارتكب جنحة تقليد يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين.

ثانيا. الغرامة. ونصت أيضا المادة 32 من الأمر 03/06 على مايلي:”… كل شخص ارتكب جنحة تقليد يعاقب بالحبس… وبغرامة من مليونين وخمسمائة ألف دينار (2.5000 دج) إلى عشرة ملايين دينار (10.000.000دج).

والمشرع الجزائري في كل ما يتعلق بالجريمة من حيث أحكام المساهمة الجنائية في مجال العلامات لم ينص عليها صراحة وإنما ألح على ضرورة مراعاة أحكام الأمر 66/156 المؤرخ في 8 يونيو 1966 والمتضمن قانون العقوبات طبقا للمادة 32 من الأمر 03/06.

وبخصوص العقوبتين المنصوص عليهما في المادة 32 من الأمر 03/06 تنص صراحة بأنه يمكن للقاضي أن يطبق عقوبة الحبس وحدها وعقوبة الغرامة لوحدها أو يطبقهما معا حسب ظروف الجريمة وهذا ما تشير إليه صراحة بقولها:”…أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط…”

ــــــــــــــــ
1 أحسن بوسقيعة المرجع نفسه ،ص190.
وإذا ما ذهبنا إلى أحكام الأمر 66/156 المتضمن قانون العقوبات وبالضبط إلى المادة 429 نجدها جاءت بإحكام عامة تخص الغش في البيع والتدليس في المواد الغذائية والطبية والذي تعاقب عليه بالحبس من شهرين إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 2000 إلى 20000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين والتي يمكن أن تصل إلى 5 سنوات حبسا طبقا لنص المادة 430 وإن كانت مقبولة بخصوص عقوبة الحبس فهي بالنسبة للغرامة قليلة جدا إذا ما قارناها مع الضرر الذي يصيب المنتج والمستهلك ولا تشجع على جلب وتشجيع المستثمر الأجنبي(1) وعليه وفي ظل وجود النص الخاص الذي يقيد النص العام فانه يتعين على القاضي أن يطبق أحكام المادة 32 من ألمر03/06 التي تتناسب في عقوبتها التي تتضمنها مع ما يقع من اعتداء على العلامات التجارية وخاصة بعقوبة الغرامة التي يصل حدها الأقصى إلى عشرة ملايين دينار.

هذه الأخير التي تعكس نية المشرع الجزائري في حماية الحق في العلامة من التقليد ألتدليسي بدليل أن عقوبة الغرامة تشكل أضعافا مضاعفة لتلك التي كان ينص عليها الأمر 66/57 الملغى ، حيث كانت المادة 29 منه تقضي بأن يعاقب كل من ارتكب جريمة التقليدي ألتدليسي بغرامة من 1000 إلى 15000 دج أما بخصوص عقوبة الحبس فهي أيضا شدد فيها العقوبة بحيث زاد من حدها الأدنى والأقصى الذي كان في الأمر 66/57 الملغى من شهر إلى سنة فأصبح من 6 أشهر إلى سنتين.

والمشرع الجزائري في تقديرنا وهو ينحو هذا المنحى يهدف من جهة إلى تعزيز حماية حق العلامة بصفة خاصة وحقوق الملكية الفكرية بصفة عامة ومن جهة أخرى سعيا منه إلى مسايرة ما تنص به الاتفاقيات الدولية في هذا المجال وخاصة منها اتفاقيتي باريس1883 (2)واتفاقية تربس 1994(3) .

ـــــــــــ
1 حديدان سفيان ،المرجع السابق ،ص110،111.
2 انظر في ذلك المادة 6 من اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية ،الطيب زروتي، المرجع السابق.
3 أنظر في ذلك المواد 15. 61 من اتفاقية تربس ،الطيب زروتي ،المرجع نفسه.

أما بخصوص الجرائم التي لا تشكل جنحة تقليد فقد نصت المادة 33 من الأمر 03/06 على عقوبتي الحبس والغرامة بقولها:”يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبغرامة من 50.000 دج إلى 2000.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين الأشخاص:

– الذين خالفوا أحكام المادة 03 من هذا الأمر لعدم وضع علامة على سلعهم أو خدماتهم أو الذين تعمدوا بيع أو عرضوا للبيع سلعة أو أكثر أو قدموا خدمات لا تحمل علامة.

– الذين وضعوا على سلعهم أو خدماتهم علامة لم تسجل أو لم يطلب تسجيلها وفقا للمادة 4 من هذا الأمر.

والمشرع الجزائري بمعاقبته على كل مخالفة لأحكام الأمر 03/06 يسهم في إنقاذ حقوق الملكية الفكرية وتشجيعها بقواعد آمرة بما يحقق المنفعة المشتركة لكل من المستهلك والمنتجين وتحقيق التجارة غير المشروعة(1).

ولا يمكن النطق في كل الأحوال بعقوبتي الحبس والغرامة إلا من طرف محكمة الجنح إذا ما ثبت قيام الجنح المقررة في التشريع المتعلق بالعلامات وإلا فإن التعويض المدني هو وحده الذي يطبق(2) .

ــــــــــــــــ
1 انظر المواد 7و41 من اتفاقية تربس الطيب زروتي ،المرجع نفسه.
2 بيوت نذير، المقال السابق ص70.

الفرع الثاني: العقوبات التكميلية:

وتنحصر فيما يلي:

أولا:المصادرة. يقصد بالمصادرة نقل ملكية المال المصادر قهرا وبدون مقابل من ملكية صاحبه إلى ملكية الدولة(1) وعرفت المادة 15 من قانون العقوبات المصادرة، وهي الأيلولة النهائية إلى الدولة لمال معين أو أكثر.
وتنصب المصادرة على الأشياء والوسائل والأدوات التي استعملت في المخالفة وهذا ما أشارت إليه المادة 32 فقرة 3 من الأمر 03/06.

والمصادرة مقيدة بثلاث شروط بحيث لا تشمل ما أشارت إليه الفقرة 1-2-3 من المادة 15 من قانون العقوبات ولا تشمل الأشياء المملوكة للغير ما لم ينص القانون صراحة على خلاف ذلك وأن تأمر بها المحكمة باستثناء حاله الجنايات فيجوز الأمر بالمصادرة في كل الحالات والأصل أن تكون المصادرة مسبوقة بالحجز فتاتي المصادرة لتثبيته. (2)

وتعد المصادرة في نفس الوقت عقوبة و تعويضا مدنيا وحتى يتم النطق بها لا بد من معاينته مادية للجرائم المقررة في ذات الصلة بالعلامات (التقليد المحاكاة، الاستعمال أو الوضع ألتدليسي) غير أنها لا تحتاج إلى سبق النطق بعقوبة جزائية فهي تحكم بها حتى في حالة البراءة، الأمر الذي يعني حسن نية المتهم.

فطبقا لحكام المادة 35 من الأمر 66/57 الملغى أمرت محكمة الجزائر القسم الجزائي بتاريخ 17/07/1967 بمصادرة منتجات BANITA وبإتلاف رو اسم ونماذج هذه العلامة(3).

ــــــــــــــــ
1 عبد الله سليمان ،شرح قانون العقوبات الجزائري ،القسم العام .ج2 ديوان المطبوعات الجامعية .الجزائر 1998.ص580.
2 أحسن بوسقيعة ،المرجع السابق ،ص226.
3 أحسن بوسقيعة ،المرجع نفسه ،ص227.
4 بيوت نذير،المقال السابق ،ص66.

ثانيا.الإتلاف. تنص المادة 33 / 3 من الأمر 03/06 على إمكانية إتلاف الأشياء محل المخالفة.
وكثيرا ما يتم النطق بالمصادرة بحيث يبدو في نظر المحاكم تكملة ضرورية له ويلاحظ أن الحكم بإتلاف تلك الأشياء كلها أو بعضها، أمر متروك لسلطة المحكمة التقديرية، إذ أن أمر الإتلاف جوازي وليس إلزامي(1).

ثالثا:النشر. إن الأحكام القضائية الصادرة في مجال العلامات، كثيرا ما تنص على نوع من الإشهار الذي يمكن أن يتم إما بواسطة الإلصاق وإما بالنشر في الجرائد، وهذا التدبير مناسب تماما وملائم، ما دام المقصود هو إعلام الزبائن أو المستهلك بصورة عامة بخصوص حالة العلامة.

فالمادة 34 /2 من الأمر 66/57 الملغى كانت تنص على جواز الحكم بإلصاق نص الحكم في الأماكن التي تحددها وبنشره بتمامه أو بتلخيص في الجرائد التي تعينها وذلك على نفقة المحكوم عليه.

ففي قرار صادر عن مجلس قضاء الجزائر تم الترخيص للمستأنف عليه إضافة إلى فحوى الحكم المستأنف بإلصاق القرار في خمس نسخ ونشره في يوميات المجاهد والجمهورية والنصر” على نفقة المستأنفين (محكمة الجزائر- القسم المدني بتاريخ 23/04/1971) (2).

وإن كان المشرع الجزائري لم ينص في الأمر 03/06 على عقوبة النشر كما أشار إليه صراحة في المادة 34/2 من الأمر 66/57 الملغى فإنه يتم في هذه الحالة الرجوع إلى القواعد العامة في قانون العقوبات بخصوص العقوبات التكميلية وضوابطه القانونية بصفة عامة(3).

ــــــــــــــــــ
1 حديدان سفيان المرجع السابق ،ص116.
2 بيوت نذير،المقال السابق ،ص74.
3 انظر المواد9الى18 من قانون العقوبات الجزائري.
الفرع الثالث: تدابير الأمن:

يعتبر تدبير الأمن الصورة الثانية للجزاء الجنائي، وهو جزاء حديث مقارنة بالعقوبة.ولم يعرف المشرع الجزائري تدابير الأمن كنظام عقابي، غير أن غالبية علماء العقاب يتفقون على أنها مجموعة الإجراءات التي يصدرها القاضي لمواجهة الخطورة الإجرامية الكامنة في شخص مرتكب الجريمة بغرض تخليصه منها.

وإذا كان قانون العقوبات الجزائري لم يعرف تدابير الأمن فقد نص عليها في المادة الأولى وسوى بينها وبين العقوبة من حيث خضوعها لمبدأ الشرعية بنصه:”…لا عقوبة ولا تدابير أمن بغير قانون” ولما كان تدبير الأمن يخضع للركن الشرعي فقد نص المشرع الجزائري في المادة 32/1 من الأمر 03/06 على عقوبة الغلق المؤقت أو النهائي للمؤسسة.

واعتبار الغلق المؤقت والنهائي للمؤسسة تدبير أمن في تقديرنا وليس عقوبة تكميلية راجع إلى اعتماده على الركن الشرعي من جهة وورود الغلق المؤقت أو النهائي في قانون العقوبات في الأحكام العامة ضمن التدابير العينية(1).

أما بخصوص المصادر المشار إليها في أحكام المادة 32/2 من الأمر 03/06 فأدخلناها ضمن العقوبات التكميلية ولم ندخلها ضمن تدابير الأمن لأن نص المادة 32/2 يشير إلى مصادرة الأشياء والوسائل والأدوات التي استعملت في المخالفة .في حين أن المصادرة تحمل معنى تدبير الأمن إذا كانت صناعتها أو استعمالها أو حملها أو حيازتها أو بيعها يعتبر في حد ذاته جريمة(2). (قرار الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا قرار 23/2/1993، ملف رقم 94230 .

وأشارت المادة 32/2 إلى الغلق المؤقت أو النهائي للمؤسسة، وهي تدابير أمن عينية قد تلحقه الشخص المعنوي، وتمنعه من الاستمرار في ممارسة نشاطه، والمشرع الجزائري وإن اعترف أخيرا وصراحة بمسؤولية الشخص المعنوي فإنه وطبقا لمبدأ الشرعية فقد حصرها في نطاق محدد(3)،

ـــــــــــــــ
1 انظر في ذلك المادة ،14 وما بعدها من قانون العقوبات السالف الذكر.
2 انظر في ذلك المجلة القضائية العدد الرابع 1993 ،ص284.
3 انظر في ذلك المواد389مكرر7 وم394مكرر4 وم177مكرر1 من الأمر 04/15 المعدل والمتمم لقانون العقوبات حيث أقر هذا التعديل مسؤولية الشخص المعنوي واستثنى منه الدولة والولاية والبلدية وأشخاص القانون العام.

وحكم المادة 32/2 من الأمر 03/06 أشار إلى أن هذه العقوبة تطبق على كل شخص ارتكب جنحة تقليد، وإن كان من المتعارف عليه أن الشخص يشمل الشخص الطبيعي والمعنوي إلا أن ذلك وإن كان معمول به في قواعد المسؤولية المدنية فإن ذلك يصطدم بمبدأ الشرعية في قانون العقوبات والقوانين المكملة له مما يجعل تطبيق هذه العقوبة على الشخص المعنوي افتراضا(1).

و المشرع الجزائري يعترف صراحة بمسؤولية الشخص المعنوي حاليا، وهذا حتى تنسجم القوانين مع مضمونها ويزول اللبس أثناء تطبيقها، ومن جهة ثانية يتسنى له مسايرة التشريعات والقوانين الدولية التي اتجهت إلى الاعتراف بمسؤولية الشخص المعنوي صراحة ومنه المشرع الفرنسي في المادة 121 من قانون العقوبات سنة 1994(2) .

ـــــــــــــــــــ
1 أحسن بوسقيعة ،المرجع السابق ،ص187. و227.
2 عمر سالم، المسؤولية الجنائية للأشخاص المعنوية وفقا لقانون العقوبات الفرنسي الجديد.ط1. دار النهضة العربية 1995.ص50. فإلى جانب عقوبة الحبس والغرامة او غلق المؤسسة ونشر الحكم الت أقرها المشرع الفرنسي ضد الشخص المعنوي نجد عقوبات أخرى منها:
-المنع من ممارسة النشاط المهني.
-حل أو إعدام الشخص المعنوي.
-الإشراف القضائي.
-الإبعاد من السوق العام أي عدم إمكانية التعامل مع أشخاص القانون العام.
-المنع من الدعوة العامة للادخار ويقصد بها منعه من استثمار أو توظيف السندات أو اللجوء إلى مؤسسات الائتمان أو المالية منها أو إجراء الإعلانات..
-المنع من إصدار شيكات أو بطاقات الائتمان.

المبحث الثاني: الحق في الحماية المدنية.

إن الأساس القانوني لحقوق الملكية الصناعية هو بوجه عام تنظيم المنافسة المشروعة(1) والحق في العلامة التجارية كفل له المشرع حماية مدنية إلى جانب الحماية الجزائية، إذ يحق لمن وقع تعد على حقه في العلامة التجارية أن يرفع دعوى تعويض تأسيسا على المنافسة غير المشروعة(2) .

ولا يشترط التسجيل لقيام هذا النوع من الحماية، بل أن الحماية المدنية تعتبر الوسيلة الوحيدة لحماية ملكية العلامة التجارية متى كانت هذه الأخيرة غير مسجلة .

فإذا وقع اعتداء على علامة تجارية غير مسجلة، فلا يكون أمام المالك سوى الحماية المدنية بينما إذا وقع ذلك التعدي على علامة تجارية مسجل فإنه يشكل جرما يعاقب عليه القانون إضافة إلى الحق في التعويض، ما لم يستحيل إثبات غش المقلد(3).

المطلب الأول:عن طريق دعوى المنافسة غير المشروعة(4).

نصت المادة 28 من الأمر 03/06 على ما يلي:” لصاحب تسجيل العلامة الحق في رفع دعوى قضائية ضد كل شخص ارتكب أو يرتكب تقليدا للعلامة المسجلة، ويستعمل نفس الحق تجاه كل شخص ارتكب أو يرتكب أعمالا توحي بأن تقليدا سيرتكب”.

وقد نصت اتفاقية باريس على قمع المنافسة غير المشروعة في المادة الأولى/2 فدعوى المنافسة غير المشروعة تشكل لصاحب العلامة التجارية لحماية علامته من كل أشكال التعدي.

ـــــــــــــــ
1 محمد حسني عباس ،المرج السابق ،ص6.
2 صالح زراوي فرحة ،المرجع السابق ،ص935.
3 حديدان سفيان ،المرجع السابق ،ص90
4 هناك فرق بين المنافسة غير المشروعة والمنافسة الممنوعة ،فهذه الأخيرة تعني منع القيام بنشاط معين وهذا المنع إما أن يكون بموجب نص تشريعي في قانون أو لائحة كحظر ممارسة التجارة على الموظفين العموميين وحظر ممارسة الصيدلة على غير الحائزين على هادة الصيدلة وإما أن يكون ناشئا عن التزام تعاقدي ،وإذا كان المنع بموجب الالتزام التعاقدي فانه يترتب على الإخلال به إقامة دعوى الضمان أو دعوى المنافسة غير المروعة …أنظر في ذلك محمد حسنين ،الوجيز في الملكية الفكرية ،المرجع السابق ً527.

الفرع ألاول: شروط دعوى المنافسة غير المشروعة.

يشترط لقبولها ثلاث أركان متعارف عليها في دعوى المنافسة غير المشروعة وهي كما يلي:

أولا:ركن الخطأ:
يشترط لتوفير ركن الخطأ أن تكون ثمة منافسة حقيقية أو أن يرتكب المنافس خطأ في سياق هذه المنافسة، ويشترط في المنافسة الحقيقية أن تقوم منافسة فعلا بين شخصين يزاولان تجارة وصناعة أو خدمات من نوع واحد أو مماثلة، ولكن لا يشترط أن يكون التماثل كاملا بين النشاطين بل يكفي أن يكون متقاربين بحيث يكون لحدهما تأثيرا على عملاء الآخر كما إذا كان أحد المحلين مصنعا لإنتاج وبيع سلعة معينة وكان الآخر محلا للاتجار فيها(1).

ونصت اتفاقية باريس في مادتها العاشرة فقرة /2 على أنه: ً تعتبر من أعمال المنافسة غير المشروعة كل منافسة تتعارض مع العادات الشريعة في الشؤون الصناعية أو التجارية ً، وأضافت المادة العاشرة في فقرتها /3 إلى بعض الأعمال التي تشكل المنافسة غير المشروعة وهي استعمال البيانات والادعاءات في التجارة التي من شأنها تضليل الجمهور بالنسبة لطبيعة السلع أو طريقة تصنيعها أو خصائصها…

هذا ويتطلب ركن الخطأ أن يكون العمل الضار متصلا بممارسة التجارة، وأن يرتكب المنافس خطأ في سياق هذه المنافسة، ويستوي في ذلك أن يكون الخطأ عمدي أو غير عمدي(2).

فمن الصعب إعطاء صور جميع المنافسة غير المشروعة لكنها على العموم هي أقوال وأعمال تهدف الى بث الاضطراب في الأسواق أو في مشروع المنافس أو تشويه سمعته وإحداث اللبس في أدهان الزبائن أو استعمال المعلومات السرية العائدة للمنافس.فعل المزاحمة غير المشروعة يتضمن عنصرا ماديا وهو الوسيلة غير المشروعة وعنصرا معنويا يستند إلى السيطرة على السوق التجارية.
ـــــــــــــــــــ
1 أحمد محرز، القانون التجاري الجزائري.ديوان المطبوعات الجامعية.ط2 الجزائر 1981، ص199.

2 فلا محل للمنافسة غير المشروعة في المهن الحرة لأنها تقتصر على مجالات التجارة والصناعة، فإذا نشاء عن الإخلال بواجبات المهنة الحرة ضرر للغير حكم على المخالف بالتعويض طبقا للقواد العامة في باب المسؤولية المدنية، أما دعوى المنافسة غير المروعة فقاصرة على مجال التجارة…أنظر في ذلك محمد حسني عباس، المرجع السابق نص134.،
3 نعيم مغبغب المرجع السابق ص199.

ثانيا:ركن الضرر.
يشترط في دعوى المنافسة غير المشروعة أن يثبت المدعي الضرر الذي لحقة، والرأي المستقر عليه أن شرط الضرر أمر لازم لأن أساس الدعوى هو قواعد المسؤولية التقصيرية، وقواعد المسؤولية تقضي بتعويض الضرر المادي أو الأدبي(1).

فالمحكمة لا تحكم بالتعويض في دعوى المنافسة الغير مشروعة إلا إذا كان الضرر محققا، أما إذا كان الضرر محتملا، فإن المحكمة لا تحكم بالتعويض، وإنما تحكم باتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع وقوع الضرر، ويقع عبئ إثبات الضرر على عاتق طالب التعويض وفقا للقواعد العامة ،والضرر المراد إثباته في دعوى المنافسة غير المشروعة هو تحول الزبائن عن منتجات أو بضائع أو خدمات المدعي وانصرافهم عنها نتيجة للتعدي وللوسائل غير المشروعة التي قام بها المدعي عليه، لذا فإن أحكام القضاء لا تتطلب إثبات الضرر الفعلي، بل تستخلص وقوعه من وقائع يكون من شأنها إلحاق الضرر بالمدعي(2) يتم إثباتها بكافة طرق الإثبات مادامت واقعة مادية(3).

وأخيرا يجب أن يكون الضرر مباشرا ويمثل الخسارة التي ألحقت بالمضرور والكسب الذي فاته طبقا للمادة 182/1 من القانون المدني (4).

ثالثا:ركن السببية:
طالما أن دعوى المنافسة غير المشروعة تستند إلى نفس الأساس الذي تقوم عليه دعوى المسؤولية المدنية فإنه يجب أن تتوفر علاقة السببية بين فعل المنافسة غير المشروعة والضرر الذي أصاب المدعي.

ـــــــــــــــ
1 محمد حسنين ،الوجيز في الملكية الفكرية ،المرجع السابق ً268.
2 حديدان سفيان ،المرجع السابق ،ص92.
3 أنظر في ذلك المادة 30 من الأمر 75/59 المؤرخ في 26/9/1975 المتضمن القانون التجاري.
4 محمد حسنين ،الوجيز في الملكية الفكرية ،المرجع السابق ً269.
فإذا انتفت علاقة السببية بين الخطأ والضرر فلا محل لمسؤولية المدين. لأن السببية تعني وجوب وجود علاقة مباشرة بين الخطأ الذي ارتكبه المسؤول وبين الضرر الذي وقع بالشخص ومن ثم لا يكون الشخص مسؤولا عن أعمال إذ أثبت أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه، وذلك لاختفاء علاقة السببية بين الخطأ الذي وقع منه وبين الضرر الذي وقع بالطرف المضرور(1).

وإذا تعدد المتضررون كما في حالة إثارة الاضطراب في سوق السلعة التي يمارسونها جاز لكل منهم أن يرفع الدعوى منفردا، ولكن لا يحكم للمدعي بالتعويض إلا إذا كان قد لحقه ضرر شخصي، وتقام الدعوى على من ارتكب الخطأ وكل من اشترك فيه وتكون مسئوليتهم عن التعويض بالتضامن إذا وجد بينهم ارتباط في العمل.(2)

الفرع الثاني: الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة.

أسسها فريق من الشراح من بينهم جوسران على نظرية التعسف في استعمال الحق باعتبار أن المنافسة غير المشروعة هي بمثابة إساءة استعمال الحق في ممارسة النشاط الذي كونت القيام به مروعا إذا اتبعت في ذلك الأساليب السليمة التي استقر عليها العرف أو العمل في التجارة(3).

ويرى فريق آخر من الشرح من بينهم ريبير أن دعوى المنافسة غير المشروعة لا تقتصر على أن تكون وسيلة لإصلاح الضرر كما في دعوى المسؤولية التقصيرية بل إن لها وظيفة وقائية بالنسبة للمستقبل… فتقضي المحكمة بالتعويض وبغرامة تهديديه عن كل يوم يستمر فيه الاعتداء. فهي أقرب إلى دعوى الملكية منها إلى دعوى المسؤولية المدنية ،ولعل الأساس القانوني السديد لدعوى المنافسة غير المشروعة هو نظرية التعسف في استعمال الحق كما صاغها المشرعان المصري والجزائري (المادة 5 مدني مصري و المادة 41 مدني جزائري) (4).

ــــــــــــــــ
1 خليل أحمد حسن قدادة ،المرجع السابق ً251.
2 أحمد محرز ،المرجع السابق ،ص202.
3 محمد حسني عباس ،المرجع السابق ،ص131.
4 محمد حسنين ،الوجيز في الملكية الفكرية ،المرجع السابق ً264.
لأنها شاملة لجميع صور التعسف إذا وقع بقصد الإضرار بالغير أو إذا كان يرمي إلى الحصول على فائدة قليلة بالنسبة إلى الضرر الناشئ للغير أو إذا كان الغرض منه الحصول على فائدة غير مشروعة(1).

إضافة إلى هذا فإن ثمة التزام تفرضه القواعد العامة على الكافة، وهو الالتزام بعدم الأضرار بالغير، تحت طائلة المقاضاة بجبر الضرر من قبل كل من شارك فيه والمنع من الاستمرار في التعدي على الحق في ملكية العلامة(2).

الفرع الثالث:آثار دعوى المنافسة غير المشروعة.

تنص المادة 29 من الأمر 03/06 ” إذا أثبت صاحب العلامة أن تقليدا قد ارتكب أو يرتكب، فإن الجهة القضائية المختصة تقضي بالتعويضات المدنية وتأمر بوقف أعمال التقليد وتربط إجراء المتابعة بوضع كفالة لضمان تعويض مالك العلامة أو صاحب حق الاستئثار بالاستغلال….

إذن فعلى المدعي إثبات دعواه بكافة طرق الإثبات بما في ذلك البينة والقرائن لأن أركان هذه الدعوى كلها وقائع مادية(3).

ويجوز رفع الدعوى المدنية من مالك العلامة التجارية قبل وقوع أي ضرر مادي بأن يرفع الدعوى لمنع وقوع هذا الضرر بإزالة التشابه، فهذا التشابه أو الخلط أو اللبس بين علامته وغيرها من العلامات المشابهة في ذاته ضرر أدبي، وهذه الحماية يتمتع بها صاحب العلامة عند الاعتداء على حقه سواء كانت مسجلة أو غير مسجلة على أساس المادة 124 مدني جزائري أو على أساس دعوى المنافسة غير المشروعة(4).

ــــــــــ
1 محمد حسنين ،المرجع نفسه ،ص265.
2 حديدان مصطفى المرجع السابق ،ص94.
3 محمد حسنين ، الوجيز في نظرية الحق بوجه عام.المرجع السابق ،ص383.
4 سميحة القليوبي،الملكية الصناعية .دار النهضة العربية.القاهرة ،ص272.
كما يجوز رفع الدعوى المدنية من الغير فتقضي المادة 31 من الأمر 03/06 عدا في حالة النص بالعكس في عقد الترخيص يمكن المستفيد من حق استئثار في استغلال علامة أن يرفع بعد الاعذار دعوى التقليد إذا لم يمارس المالك هذا الحق بنفسه.

تقام دعوى المنافسة غير الملائمة من قبل كل شخص متضرر، وإذا تعددوا حق لكل واحد منهم أن يقيم الدعوى منفردا، لكنه لا يحصل على تعويض إلا إذا لحق به ضرر شخصي، كما أنها تقام على من صدر منه الخطأ. كما يمكن إقامتها على كل من اشترك معه شرط أن يكون عالما بعدم شرعية العمل أو كان بإمكان أن يعلم ذلك كصاحب الطبعة الذي يقوم بطبع البطاقات التي تحمل علامة تجارية مقلدة(1).

هذا وتربط الجهة القضائية المختصة المتابعة المدنية بوضع كفالة لضمان تعويض مالك العلامة أو صاحب حق الاستئثار بالاستغلال(2).

وتقضي المحكمة متى اقتنعت بأدلة الإثبات بإصلاح الضرر المادي الذي أصاب المضرور عن طريق التعويض النقدي ويقدر التعويض وفقا للقواعد العامة في القانون المدني، ولا تقضي المحكمة بالتعويض إلا عن الضرر الذي وقع بالفعل وحتى صدور الحكم في الدعوى ، وغني عن البيان أن استمرار المحكوم عليه في القيام بأعمال المنافسة غير المشروعة يعد خطأ جديدا ويجوز رفع دعوى جديدة بناء على ذلك.

وقد تقضي المحكمة بإزالة الوضع غير المشروع وإعادة الشيء إلى أصله وما دام الأمر يتعلق بعلامة تجارية مقلدة فتآمر المحكمة المدعي عليه بالامتناع عن استعمالها، وتحكم عادة بغرامة تهديديه عن كل يوم يتأخر فيه تنفيذه(3).

ــــــــــــــــ
1 حديدان مصطفى المرجع السابق ،ص93.
2 أنظر المادة 29/2 من الأمر 03/06 المتعلق بالعلامات السالف الذكر
3 محمد حسنين ،الوجيز في الملكية الفكرية ،المرجع السابق ً272. 273.
هذا وتقضي المادة 30 من الأمر 03/06:” يمكن المدعي عليه في كل دعوى من الدعاوى المنصوص عليها في هذا الباب، أن يطلب ضمن نفس الإجراء إبطال أو إلغاء تسجيل العلامة وتطبق في هذه الحالة أحكام المادتين 20، 21 من هذا الأمر، السابق الإشارة إليهما.

وكانت تقضي المادة 37 من الأمر 66/57 الملغى على أن الدعاوى المدنية المتعلقة بالعلامات ترفع أمام المحاكم، وتختص أيضا فيما يتعلق بالدفع بعدم ملكية العلامة،ذلك أنه إذا كانت الدعوى المدنية مرفوعة بطريق التبعية للدعوى الجنائية أمام المحكمة الجنائية ودفع المتهم بعدم ملكية المدعي المدني للعلامة، ففي هذه الحالة تفصل المحكمة الجنائية أيضا في هذا الدفع، وهذا تطبيق لأصل من أصول الإجراءات وهو أن قاضي الدعوى قاضي الدفع(1).

وكخلاصة عامة لهذا المطلب أنه إذا رفعت دعوى التقليد الجنائية ثم تبين أن الأفعال موضوع الدعوى لا تكون جريمة جنائية ولا تدخل تحت معنى التقليد الجنائي وأنها مجرد منافسة غير مشروعة أي خطأ مدني فلا يجوز للمحكمة الجنائية أن تقضي في موضوع الدعوى لتبعية الدعوى المدنية للدعوى الجنائية أمام القضاء الجنائي وأنما تقضي بعدم قبولها.

والحكم الصادر بعدم توفر أركان جريمة التقليد من المحكمة الجنائية وعدم قبول الدعوى المدنية لا يمنع من رفع دعوى أخرى مدنية على أساس المنافسة غير المشروعة ولا محل هنا للاحتجاج بحجية الأمر المقضي لأن الدعويين وإن اتحدتا في الموضوع فقد اختلفتا في السبب(2).

ــــــــــــــــ
1 محمد حسنين، المرجع نفسه، ص209.
2 محمد حسنين، المرجع نفسه، ص279.
المطلب الثاني: الإجراءات التحفظية.

نصت المادة 34 من الأمر 03/06 على أنه بموجب أمر من رئيس المحكمة يجوز لمالك العلامة مستعينا عند الاقتضاء بخير أن يطلب منه إجراء وصف دقيق للسلع التي يزعم وضع العلامة قد ألحق به ضررا وذلك بالحجز أو بدونه، ويتم إصدار الأمر عن ذلك بحجز أو بدونه، ويتم إصدار الأمر على ذلك عريضة بناء على إثبات تسجيل العلامة.

الفرع ألاول: إجراءات الحجز.

وعليه فإن مالك العلامة عليه أن يودع العريضة لدى كتابة ضبط رئيس المحكمة مرفقة بما يثبت تسجيل العلامة.

ويجب على العارض أن يتبين في عريضته نوع الحجز الذي يجب القيام به، حجزا وصفيا أي وصفا مدققا لجميع عناصر العلامة ضمن المحضر المخصص لهذا الغرض أو حجزا حقيقيا يتعلق بحجز البضائع التي عليها علامة مقلدة.

وفي حالة أن المنتج المقلد يوجد في مناطق مختلفة من البلاد فإن على المالك أن يقدم عريضة لدى كل رئيس محكمة يطلب فيه الحجز على البضاعة المقلدة تدليسا(1).

عند إصدار أمر الحجز يمكن لرئيس المحكمة أن يقيد من طلبات المالك المتعلقة بالحجز الحقيقي، ويقبل بالحجز الوصفي، أو حجز كمية قليلة من البضاعة تساعده على إثبات الجريمة ويمكن أن يشمل الحجز على جميع الوسائل التي استعملت من أجل تسهيل عملية التقليد ألتدليسي للعلامة.

ــــــــــــــــ
1 حديدان سفيان ،المرجع السابق ص81. 82.
2 M Ali Haroun .op cit. p251.

وتقضي المادة 34/3 من الأمر 03/06 على أنه عندما يتأكد الحجز، يمكن أن يأمر القاضي المدني بدفع كفالة.

كما أن للعارض الحق في استئناف الأمر الذي يقضي برفض إجراء الحجز أمام رئيس المحكمة(1)

الفرع الثاني: نتائج الحجز.

مما يترتب على محضر الحجز بعد عملية الحجز التي يقوم بها المحضر القضائي ما يلي:

ما نصت عليه المادة 35 من الأمر 03/06 على أنه:” يعد الوصف أو الحجز باطلا بقوة القانون ادا لم يلتمس المدعي الطريق المدني أو الجزائي خلال أجل شهر وذلك بصرف النظر عن تعويضات الأضرار التي يمكن طلبها”.

وهذا البطلان ليس من النظام العام إذ يستطيع المتضرر أن يطلب من رئيس المحكمة بعد أن تفوت المدة القانونية وهي شهر استصدار أمر جديد بالحجز، وبما أن هذا البطلان ليس من النظام العام فإن المدعي عليه يستطيع أن يقدمه فقط كدفع من حيث الشكل.هذا وإن بطلان الحجز لا يوقف إجراءات المتابعة كون الحجز يدخل فقط كوسيلة إثبات وأما المدعي فيمكنه أن يثبت ذلك بواسطة وسائل مختلفة(2).

ـــــــــــــــــ
1 M Ali Haroun .op cit. p251.
2 حديدان سفيان ،المرجع السابق .ص83.

الخاتمة:

إن التحولات العميقة التي فرضتها مرحلة الدخول إلى اقتصاد السوق بوتيرة متسرعة وما صاحبها من عقد اتفاقيات دولية متعددة تمس على الخصوص بمختلف جوانب حركة ورؤوس الأموال وتداول السلع والخدمات، أدت إلى بروز العدد من الثغرات القانونية في العديد من التشريعات المتعلقة بالملكية الصناعية ومنها على الخصوص تلك المتعلقة بموضوع النظام القانوني للعلامات التجارية. مما جعلها غير قادرة على مواكبة المستجدات على الساحة الاقتصادية والمالية.

فالدول المتقدمة صناعيا تنبهت منذ ما يربو عن قرنين لأهمية الحماية القانونية للعلامة بمختلف أنواعها وأشكالها وأثرها في تنشيط القدرات الابتكارية لدى أبنائها، ثم ضمان تطبيق ما يتم ابتكاره في جال الصناعة، والأكثر من ذلك أنهم وسعوا من نطاق استعمال العلامة التجارية من خلال إعطاء أهمية للعمليات القانونية الواردة عليها إذ تلعب العلامة دورا بالغا في ترويج السلع الملصقة عليها .

فالزبائن يهتمون بماركة السلعة أكثر من المؤسسة التي تصنعها أو توزعها.أد أصبحت تشكل عنصرا أساسيا في المؤسسة التجارية ،فهي تفتح المجال للمؤسسة للاستثمار مما يجعلها منطلقا للمنافسة لوحدها وتصبح موضوعا يمكن الاتجار بها ضمن المؤسسة أو بالاستقلال عنها فيجوز بدلك نقل ملكية العلامة بمختلف الطرق كبيعها أو التنازل عنها في راس مال الشركات كما يمكن نقلها بطريق الإرث أو الوصية أو الهبة…ولكن ربط المشرع الجزائري كل دلك بشرط الإيداع و التسجيل للعلامة التجارية بالمركز الوطني للملكية الصناعية حتى يتسنى له مراقبة مدى احترام الجوانب الشكلية والموضوعية لعملية الإيداع والتسجيل ويترتب على دلك أن تصبح العلامة تتمتع بكل أشكال العلامة مند دلك التاريخ.

وقد شهدت القرون الماضية سابقا بين هذه الدول وولاة أمورها من أجل تشجيع المبتكرين في كل ميدان واجتذاب الأجانب منهم.

فلا سبيل أمام الدول النامية من وسيلة المسايرة التطور المستمر غي كل مجالات الحياة سوى الاستفادة من المبادئ والأسس التي يقوم عليها الاقتصاد الحر وفق المنهج الذي اتبعته الدول المتقدمة من خلال تشجيع وتنمية القدرات الفكرية والإبداعية في ميدان التسويق والإنتاج.

وكل دولة تسعى إلى تحقق تقدمها الاقتصادي، وأكبر ركيزة يبني عليها الاقتصاد وخاصة في ظل العولمة هو تجديد وتطوير وسائل الإنتاج وآليات التسويق لإنعاش السوق الوطنية والتقليل من طغيان الأسواق الأجنبية أو غزوها إن أمكن، ونعتقد أن الاهتمام بالعلامات كآلية لتسهيل وتسريع وتيرة تداول السلع والخدمات يعطي حركية في ميدان الإنتاج والتوزيع الواسع النطاق.

فبالنسبة للمشرع الجزائري فقد عيب عليه التأخر في هذا المجال فالدراسة في ميدان العلامة التجارية دلت أنه منذ الاستقلال كان الأمر 66/57 .1966 إلى غاية 19 يوليو 2003 هو الذي ينظمها.

وكان الاعتماد على قواعده القانونية التي وضعت في عصر قلت فيه التقنيات غير كاف ليجعله صالحا للتطبيق في عصر العولمة لهذا منذ بداية التسعينات إلى غاية اليوم شهدت الجزائر موجة تشريعية في ميدان الملكية الفكرية عامة والعلامة التجارية على الخصوص، ومرد ذلك هو تلبية متطلبات العضوية في المنظمة العالمية للتجارة OMC وما يوجبه ذلك بالضرورة من تلبية متطلبات اتفاقية تربس فيما جاءت به من جديد وما أحالت إليه من الموجود.

والأمر 03/06 المتعلق بالعلامات الصادر في 19 يوليو 2003 هو تتويج وانعكاس للجهود التشريعية ورغبة في مسايرة الاتفاقية الدولية.

وكان مما جاء به المشرع الجزائري في هذا الأمر عدة نقاط تعلقت إحداها بالمبادئ العامة والأخرى بآليات وشروط ضمان الحقوق والثالثة بأساليب وطرق الحماية.

فبالنسبة للمبادئ العامة:
– أصبحت العلامة مهما كان نوعها شيء إلزامي يجب أن يوضع على السلع أو الخدمات.
-لا تكون طبعة السلعة أو الخدمة التي تشملها العلامة بأي حال من الأحوال عائقا أمام تسجيلها.
– نطاق حماية العلامة المسجلة هو الإقليم الوطني وفق ما عرفه القانون.

– العلامة ملك للشخص الأول الذي سجلها.
– التأكيد على حق الأسبقية والأولوية وفق أحكام الاتفاقيات الدولية.
– مسايرة الاتفاقيات الدولية في هذا الميدان وخاصة أحكام اتفاقية تربس .
– حماية العلامات المشهورة والمؤشرات الجغرافية.
وبالنسبة لآليات وشروط ضمان الحقوق:
– اعتبار المركز الوطني للملكية الصناعية الآلية المشرفة على الملكية الصناعية ومنها العلامات التجارية.
– لا يمكن استعمال أي علامة لسلع أو خدمات إلا بعد تسجيلها أمام المصلحة المختصة.
– الالتزام باستعمال العلامة تحت طائلة البطلان.
– إعطاء المصلحة المختصة الصفة في رفع دعاوى البطلان أو الإلغاء القبلي أو البعدي.
– مدة الحماية عن كل تسجيل وتجديد هي 10 سنوات.
– تعدد أساليب الحماية من مدنية وجزائية.
– تشديد العقوبات الجزائية بما يضمن تحقيق الردع المناسب في حالة الاعتداء والمساس بالعلامة التجارية.
– المعاقبة على عدم وضع العلامة على السلع أو الخدمات.
– تفعيل الإجراءات التحفظية.

فالمشرع الجزائري بإصداره الأمر 03/06 المتعلق بالعلامات يهدف إلى تكييف منظومته التشريعية لتغطية مختلف موضوعات الملكية الفكرية بالتركيز على مضمون الاتفاقيات الدولية.

فغالبية الدول العربية هي أعضاء في ثلاث اتفاقيات هامة وهي اتفاقية إنشاء المنظمة العالمية للملكية الفكرية واتفاقية برن للملكية الأدبية واتفاقية باريس لملكية الصناعية .

أما بالنسبة لاتفاقية تربس فإن عضوية أي من الدول العربية في المنظمة العالمية للتجارة OMC يجعلها عضوا ملتزما بدون تحفظ بأحكام هذه الاتفاقية.