دراسة قانونية تفسر مفهوم الشرعية و سيادة القانون

تمهيد :

لا يمكن فصل مفهوم الشرعية والسيادة للقانون عن مفهوم الدولة ونموها عبر التاريخ , لان الفهم الجلي لتلك المفاهيم يتولد من خلال الربط العميق بين مفهوم الدولة من جهة , والشرعية وسيادة القانون من جهة أخرى .

وعلية فان هذا الكيان الذي اتفق علماء التاريخ والسياسة على تعريفه ” بمجموعة الأفراد المقيمون بصفة دائمة في إقليم معين وتسيطر عليهم هيئة منظمة استقر الناس على تسميتها بالحكومة ” يجب التفرقة بينه وبين ذلك الكيان القانوني الذي يسمى بالقانون أو اتفق علماء القانون على تسميته “بالدولة التي تتوفر فيها أركان وعناصر مؤسســـة القانــون ” , أي أنها الدولة التي توفر مصطلحات الحرية والحق والعدل والمساواة بين الناس , والتي رافقت الإنسان في نضاله الطويل، وعليه فإن هذه المصطلحات لم تكن وليدة الدساتير , وإنما تم وضع الدساتير لتسجل الاعتراف بها.

ونتيجة لهذا النضال , عرف عالمنا المعاصر دولة القانون , وسميت الدولة بهذا الاسم تمييزا لها عن الدولة الاستبدادية .

بيد أن ليس كل هذا هو التفريق أو الأهمية من ربط مفهوم الدولة بالسيادة وبالشرعية لتصب في مصلحة الشعوب أولا واخيرا , وانما هناك معايير ومفاهيم أخرى سيتم التعرف عليها من خلال ثنايا البحث .

وعلية , تظهر إشكالية الدراسة في النقاط التالية :

– ما هو مفهوم الشرعية مصطلحا وقانونا ً ؟

– وما هو مفهوم السيادة مصطلحا وقانوناً ؟

– وكيف يمكن ربط الشرعية بسيادة القانون لتحقيق مفهوم دولة القانون الحقه ؟

– وما هي التفاصيل التي تدخل في إطار هذه العلاقة التوأمية ؟

هذه الإشكاليات والأسئلة سيحاول الباحث الإجابة عليها من خلال المباحث الاتيه :

– المبحث الأول : ويتناول مفهوم الشرعية نظريا وتطبيقيا .

– المبحث الثاني : ويتناول مفهوم السيادة بين النظرية والقانون .

– المبحث الثالث : ويتناول الشرعية وسيادة القانون في إطار المفهوم المعار للشرعية والسيادة القانونية للدولة .

المبحث الأول: مفهوم الشرعية بين القانون والتطبيق

تبدو فكرة الشرعية من أهم الأفكار والمفاهيم داخل المنظومة الفكرية ذات التأثير في الحياة الثقافية والفكرية وكذلك السياسية، خاصة أن مفهوم الشرعية برز كترجمة لكلمة Legitimacy، وبرز في الاستخدام العربي كصفة للأفعال والأمور مثل السياسة الشرعية، والمقاصد الشرعية وغيرهما(1).

وتُعرِّف الموسوعة الدولية الاجتماعية مفهوم الشرعية بأنه “الأسس التي تعتمد عليها الهيئة الحاكمة في ممارستها للسلطة. وتقوم على حق الحكومة في ممارسة السلطة وتقبُّل المحكومين لهذا الحق”.

ويجب التفرقة بين مفهوم الشرعية “Legitimacy” الذي يدور حول فكرة الطاعة السياسية، أي حول الأسس التي على أساسها يتقبل أفراد المجتمع النظام السياسي ويخضعون له طواعية، ومفهوم المشروعية ” legality ” بمعنى خضوع نشاط السلطات الإدارية ونشاط المواطنين للقانون الوضعي. أي أن الشرعية مفهوم سياسي بينما المشروعية مفهوم قانوني.

الأصل اللاتيني لكلمة ” Legitimacy ” هو “Legitimus” واستخدمه الرومان بمعنى التطابق مع القانون، ولقد أصبح خلال عصر النهضة يعبر عن العقل الخلاق والوعي الجماعي، ويعتبر ” جون لوك” أول من استخدم مفهوم الشرعية كأساس لتحليل ظاهرة السلطة. وتطور المفهوم في العصور الحديثة بحيث أصبح يُعبّر عن اختيار وتقبل المحكومين للحكام والنظام السياسي، وهكذا برز عنصرا الاختيار والرضا كعناصر أساسية لمفهوم الشرعية، ولقد طرحت العديد من التعريفات لمفهوم الشرعية، ويمكن رصد ثلاثة

اتجاهات للتعريف(2) :

Ø اتجاه قانوني: يُعرِّف الشرعية بأنها “سيادة القانون”، أي خضوع السلطات العامة للقانون والالتزام بحدوده، ويمتد القانون ليشمل القواعد القانونية المدونة (الدستور) وغير المدونة (العُرف)- ويقصد بالعُرف: مجموعة القواعد التي درجت عليها الجماعة فترة طويلة بلغت حد التواتر مع شعورهم بإلزام هذه القواعد.

Ø اتجاه ديني (القانون الإلهي): ويُعرِّف الشرعية بأنها “تنفيذ أحكام الدين (القانون الإلهي). وجوهره أن النظام الشرعي هو ذلك النظام الذي يعمل على تطبيق ويلتزم بقواعد الدين (القانون الإلهي)، ويجب فهم الدين بمعنى الحقيقة المُنزلة. ويضم هذا الاتجاه معظم علماء الدين في العصور القديمة والحديثة.

Ø اتجاه اجتماعي – سياسي: حيث تُعرَّف الشرعية بأنها “تقبُّل غالبية أفراد المجتمع للنظام السياسي وخضوعهم له طواعية؛ لاعتقادهم بأنه يسعى لتحقيق أهداف الجماعة، ويعبر عن قيمها وتوقعاتها، ويتفق مع تصورها عن السلطة وممارساتها”.

مفهوم الشرعية في الفكر الإسلامي (3)

وعلى صعيد آخر، فإن مفهوم الشرعية في اللغة العربية يختلف – إلى حد ما – عن المفهوم في الفكر الغربي كنتاج لاختلاف البيئتين. في اللغة العربية: الشرع والشرعية والشريعة والتشريع والمشروع والشرعة كلها من جذر لغوي واحد “شرع”، والشرع لغة: البيان والإظهار، ويقال شرع الله كذا أي: جعله طريقًا ومذهبًا، والشرع مرادف للشريعة، وهي ما شرع الله لعبادة من الأحكام، والشرعي هو المنسوب إلى الشرع. وفي هذا السياق فلقد استخدمت الشرعية كصفة للأفعال المطابقة للقانون أو المقيدة به، ويقصد بالقانون الأحكام المستندة للشريعة الإسلامية.

ويلاحظ أن مفهوم الشرعية قد حُرِّف عن أصله اللغوي وسياقه الفكري في اللغة العربية بدعوى تطور المفهوم، وتحولت معاني المفهوم مع تزايد معدلات العلمنة؛ بحيث أصبح يعني القانون الوضعي والشرعية الوضعية. ولقد تحدثت بعض الموسوعات الحديثة، مثل موسوعة معن زيادة ، عن تعدد التعريفات لمفهوم الشرعية – طبقًا للرؤى الغربية- وكذلك عن أشكال النظام “الشرعي”، مما يضفي على مفهوم الشرعية عدم الثبات(4) .

وفي الواقع، فإن مفهوم الشرعية يشكل مركزًا لرؤية متكاملة في الفكر الإسلامي، وترتكز هذه الرؤية على المحاور التالية(5) :

Ø مفهوم الشرعية مفهوم متكامل الجوانب: باعتبار أن الدين الإسلامي هو دين له بُعد سياسي،والسياسية الإسلامية هي سياسية دينية، والشرعية لا بد أن تكون دينية، وهي بهذا المعنى واحدة ومطلقة – كلية وشاملة، تمتلك العديد من العناصر والتطبيقات؛ أخلاقية واجتماعية وأيضًا قانونية وسياسية. –

Ø السياسة الشرعية سياسة عادلة: ترتبط الشرعية الدينية في الإسلام بالجوانب السياسية، وذلك يعتبر ربطًا بين الفكر والتنظير في قواعد التأسيس في الشريعة الإسلامية، فالشريعة لها جوانب حركية متمثلة في السياسة أي القيام بالأمر وتدبيره بما يصلحه وفق النسق القيمي الإسلامي. ويلاحظ أن السياسة الإسلامية متصفة بالعدل باعتباره فريضة تتواءم مع روح الشريعة.

Ø الشرعية بين الحاكمية والعلمانية: يعتبر الحديث عن سياسة الدنيا في الإسلام جزءًا لا يتجزأ من الدين، طالما كان قانون الدولة الذي يحكمها “الشريعة”، وبهذا يعد الدين مفهومًا توحيديًا بين ما هو ديني وبين وما هو سياسي. ولا تنطبق هذه المقولة على الخبرة الغربية، التي يُستبعد فيها أي تأثير أو توجيه ديني على تنظيم المجتمع والعلاقات الإنسانية داخل المجتمع والقيم التي تحتويها هذه العلاقات فيما يعرف بـ “العلمانية”. –

Ø الشرعية: الطاعة والرضا والولاء والتغلب والخروج: ترتبط الشرعية بشبكة من المفاهيم المتعلقة بممارسة المحكومين لعلاقتهم بالسلطة السياسية. وترتكز الشرعية على أساس من الطاعة لأولي الأمر الذين يتحقق تجاههم الرضا الشعبي، والذين يتعلقون بأداء الأمانات إلى أهلها، والحكم بين الناس بالشريعة العادلة. وقياسًا على ذلك فإن “إمامة التغلب” – أي الاستيلاء على الحكم قهرًا- تفتقد أهم عناصر الرضا والاختيار في عقد الإمامة- أي افتقاد الشرعية ذاتها، وكذلك لا يمنع الخروج على السلطة غير المؤدية لمهامها. –

وترتكز الدولة الشرعية في الرؤية الإسلامية على العقيدة باعتبارها مؤسسة لقيم الممارسة السياسية الشرعية، وتجمع بين الحق – أي ما يحدده الشرع – والقوة – في حدود الحق المنزل. والأمة هي قاعدة الدولة الشرعية باعتبارها الجماعة السياسية المنوط بها: حاكمية الشرع والعقيدة، وإنجاز الأمانة ، وتحقيق الخلافة. وتستند شرعية الحاكم في الدولة الإسلامية إلى عقد البيعة – أي مبايعة الرعية للحاكم بحيث تصير شرعية القيادة بالموافقة والرضا.

وفي الواقع، فإنه يجدر بنا التمييز في قضية الشرعية وفقًا لمجموعة من المعايير تتسم بالتشابك والتداخل(6) :

التمييز بين مستويات الشرعية.

1- شرعية الابتداء والتأسيس من حيث الالتزام بالإطار الفكري والعقدي.

2- شرعية إسناد السلطة والولاية من خلال حقائق البيعة والعقد.

3- شرعية ممارسات السلطة من خلال مدى رجوعها للشريعة.

4- شرعية الخروج على السلطة السياسية.

التمييز بين عناصر الشرعية وفقًا لتقسيم عناصر الرابطة السياسية: على سبيل المثال شرعية السلطة والنظام السياسي، وشرعية العلماء وشرعية الرعية سواء من حيث حركة أفرادها أو من حيث حركة الجماعة في الأمة.

التمييز بين عوارض تؤدي إلى نقصان الشرعية، وبين أخرى ناقصة ومفتقدة للشرعية.

وجود دور هام للأمة (كمجمل أفراد المجتمع الإسلامي) في تشكيل وإضفاء الشرعية على النظام السياسي وعلى السلطة السياسية.

في سياق عملية إضفاء الشرعية فإن الرجوع إلى الشريعة يجب أن يرتبط بالاحتكام إليها والتصديق فيها ، وليس لمجرد التظاهر بالاحتكام إلى الشرع (رجوع افتقار لا رجوع استظهار).

وفي واقعنا نلحظ تبني نظم العالم الثالث لمفهوم الشرعية طبقًا للرؤية الغربية – حيث تسند الشرعية للقانون الوضعي- و هذا قد خلق ما يطلق عليها “أزمة الشرعية”. فسيادة القانون صورية، والسلطة السياسية مفروضة على المجتمع، والطاعة تحدث قهرًا. ولا شك أن أزمة الشرعية في دول العالم النامي تعد تهديدًا لاستقرار هذه الدول ككيانات سياسية و يستلزم إصلاحات سياسية عاجلة تستعيد سلطة الشرع كمرجعية و تؤسس الشورى ومـشـاركــة الأمـة .

المبحث الثاني: مفهوم السيادة بين النظرية والتطبيق (7)

يرتبط مفهوم السيادة بالدولة ارتباطا قويا ولصيقاً و حيث لا يمكن فهم وجود دوله بدون أن يكون السيادة مرتبط بها بكل المجالات , كون السيادة تمثل رمز وجود الدولة وهيبتها . كما أنها المسبار الذي يعطي لها – اي الدولة – حق الشرعية في الحكم وفرض السيطرة أو السلطة الشرعية على السكان أو الشعب .

و منها فالسيادة لها معنيان الأول: الحق في امتلاك والتحكم في قطعة ارض أو بحر والأجواء المحيطة بها وأعماق البحر وباطن الأرض. المعنى الثاني هو حق الحكم لفئة ما أو لفرد ما على المجموعة المستوطنة لتلك البقعة الجغرافية. والسيادة تستمد من ثلاثة مصادر أساسية (8).

一- حق الفتح ويعتمد على التغلب بالقوة والسيف والقهر. ب- الحق الديني النابع من نهج الرسالة الدينية أو من فهم طبيعة الحكم المقبول دينيا. ج- الحق الشعبي: “حق تقرير المصير”. بيد أن كل ذلك لم يكن ليدون في تاريخ فهم السيادة الوطنية للدوله إلا من خل التطور التاريخي لمفهوم السيادة .

تطور مفهوم السيادة (9) :

اختلفت آراء رجال القانون والحقوق في تحديد مفهوم السيادة فذهب بعضهم إلى أنها الملك، وقال آخر الشعب، وآخر البرلمان..

فارسطو يرى أنها (السلطة العليا) في الدولة، والمفكر الفرنسي جان بودان يفسرها بأنها السلطة العليا المعترف بها والمسيطرة على المواطنين والرعايا دون تقييد قانوني، ما عدا القيود التي تفرضها القوانين الطبيعية والشرائع السماوية.

أما المفكر الإنكليزي هوبز فيقول: بأن الإنسان مصلحي وذاتي التفكير ولا يحافظ على عهوده وعقوده ولا يطيع قوانين المجتمع إذا لم ينسجم ذلك مع مصالحه، ومن هنا فالصدام بين الفئات الاجتماعية ليس صدفة بل هو تهديد قائم الاحتمال باستمرار، وبالتالي فقد نشأت الحاجة إلى سلطة عليا تستطيع أن تفرض النظام والسلم الاجتماعي على مجموعات قد لا تتجه نحو العيش بسلام وانسجام مع بعضها البعض، وبالتالي فان سلطة الدولة وسيادتها ضرورية للبقاء، ولا يمكن نقض العقد الاجتماعي الأصيل الذي تضمن التنازل عن الحقوق الطبيعيـــــة لصالح الدولة، ولان الحاجة لمثل هذا التنازل ضرورة مستمرة لضمان السلم الاجتماعي والحياة الجيدة.

أما جون أوستن فقد انطلق من ضرورة وجود السيادة، وبالتالي وجود جهه معينة تمتلكها غير مجزأة وغير مقيدة قانونيا لأنها مخولة بتشريع القوانين.

وخلاصة هذا الرأي أن السلطة المطلقة قدمت للحاكم على طبق من ذهب ليكون محور السيادة والكيان العام، وكل تعدي على هذه السيادة تعدي على هيبة الحاكم وقدسيته، أما الشعب فلا يعدو كونه خادما ومطيعا للحاكم ولجميع قراراته وان خالفت المجموع العام.

ولا يستبعد أن يكون هذا الرأي، الأساس الذي ابتنيت عليه مواثيق منظمة الأمم المتحدة حيث نصت الفقرة السابعة من المادة الثانية على ما يلي (ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرفوا مثل هذه المسائل لان تحل بحكم هذا الميثاق).

أما الرأي الآخر الذي يدعو إلى سيادة (الشعب) ويحّمل الحكام مسؤولية أي انتهاك للحقوق، ويسمح للشعب بمقاومة حكامه عند ظهور بوادر انحراف واضطهاد، فقام على أكتاف جان جاك روسو واضع اصطلاح (السيادة الشعبية) الذي يدعو إلى توزيع السيادة بين جميع أفراد الشعب، على أساس المساواة بدون تفريق أو استثناء، إلا ما يكون ناجما عن صغر السن أو فقدان الأهلية أو من جراء الأمراض العقلية أو الأحكام القضائية، بحيث تصبح السيادة في هذه الحالة، سيادة مجزأة بين العدد الأكبر، وبعبارة أخرى فان السيادة برأي روسو واتباعه، جمع أصوات المواطنين كافة، لاستخراج الأكثرية منها، وإعطاء الأرجحية، ويقدم روسو مثالا عن هذا النوع من السيادة فيقول: إننا إذا افترضنا أن شعب الدولة مؤلف من عشرة آلاف مواطن، فلا يكون في هذه الحالة لكل مواطن، سوى جزء واحد من عشرة آلاف جزء، التي تتألف منها السلطة السيدة، وهذا الاعتبار لا يعني بنظر روسو، أن السيادة مجزأة، إذ يقول: (بأنه لا يمكن النظر إلى السيد إلا بشكله الجماعي الجسمي، والسيد هنا هو الشعب). بل يرى أن الذين يتولون ممارسة سيادة هذا السيد ـ أي الشعب ـ إنما يتجزأون، في حق كل منهم بممارسة هذه السيادة. وعن هذا الرأي انبثقت نظرية سيادة العمال والفلاحين (البروليتارية).

السيادة في الواقع ومصادرها ونظرياتها :

إن تمتع الدولة بالسيادة يعني أن تكون لها الكلمة العليا التي لا يعلوها سلطة أو هيئة أخرى . وهذا يجعلها تسمو على الجميع وتفرض نفسها عليهم باعتبارها سلطة آمرة عليا . لذلك فسيادة الدولة تعني وببساطة أنها منبع السلطات الأخرى . فالسيادة أصلية ولصيقة بالدولة وتميز الدولة عن غيرها من الجماعات السياسية الأخرى .

والسيادة وحدة واحدة لا تتجزأ مهما تعددت السلطات العامة لان هذه السلطات لا تتقاسم السيادة وانما تتقاسم الاختصاص .

مظاهر السيادة (10) :

1- المظهر الداخلي : وهو ان تبسط السلطة السياسية سلطاتها على إقليم الدولة . بحيث تكون هي السلطة الآمرة التي تتمتع بالقرار النهائي .

2- المظهر الخارجي : يعني استقلالية الدولة وعدم خضوعها لدولة أخرى

3- (السيادة بالمظهر الخارجي مرتبطة بالاستقلال)

مصدر السيادة وصاحبها

أهم النظريات التي قيلت في بيان صاحب السيادة :-

أولا : النظرية الثيوقراطية :-

ترجع هذه النظرية إلى ان السيادة لله وحده ، أي ان الحكم والقرار الأول والأخير لله وحده .

اختلفت التفاسير للنظرية الثيوقراطية فقسمت إلى ثلاث صور :-

  • 1- نظرية الطبيعة الإلهية للحاكم .
  • 2- نظرية الحق الإلهي المباشر .
  • 3- نظرية الحق الإلهي غير المباشر .

نظرية الطبيعة الإلهية للحاكم :- هذه النظرية تقول أن الله موجود على الأرض يعيش وسط البشر ويحكمهم ، ويجب على الأفراد تقديس الحاكم وعدم أبدا أي اعتراض . (هذه النظرية كانت سائدة غي المماليك الفرعونية والإمبراطوريات القديمة) .

نظرية الحق الإلهي المباشر :- هذه النظرية تقول أن الحاكم يختار وبشكل مباشر من الله (أي ان الاختيار بعيدا عن إرادة الأفراد وانه أمر إلهي خارج عن إرادتهم) .

تمتاز بـ :-

  • 1- لا تجعل الحاكم غلها يعبد .
  • 2- الحكام يستمدون سلطانهم من الله مباشرة .
  • 3- لا يجوز للأفراد مسألة الحاكم عن أي شيء .

(تبنت الكنيسة هذه النظرية فترة صراعها مع السلطة الزمنية كما استخدمها بعض ملوك أوروبا لتدعيم سلطانهم على الشعب) .

نظرية الحق الإلهي غير المباشر :- الحاكم من البشر لكن في هذه النظرية يقوم الله باختيار الحاكم بطريقة غير مباشرة

حيث يقوم مجموعة من الأفراد باختيار الحاكم وتكون هذه المجموعة مسيرة لا مخيرة في اختيار الحاكم أي مسيرة من الله .

الانتقادات التي وجهت للنظرية الثيوقراطية :-

  • 1- نظرية مصطنعة فقط لخدمة مصالح معينة .
  • 2- نظرية لتبرير استبداد السلطة .
  • 3- بعض الفقه نادى بعدم تسميتها بالنظرية الدينية على أساس أنها لا تستند في جوهرها إلى الدين .

الخلافة بالإسلام (11) :-

لم يفصل الإسلام بين الدين والدولة كما فعلت المسيحية (دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله) وانما جعل الإسلام الخلافة رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا

مميزات الخلافة الإسلامية :-

  • 1- الخليفة لا يستمد سلطاته من الله .
  • 2- لا تقوم على أساس النظرية الثيوقراطية وانما على أساس رئاسة عامة في أمور الدين .
  • 3- يستمد الخليفة سلطاته من الأمة .
  • 4- تختار الأمة الخليفة بوساطة أهل الحل والعقد .

ثانيا : نظرية سيادة الأمة (12) :-

بعض العلماء اخذ يقرب مفهوم سيادة الأمة إلى مفهوم الديمقراطية واعتبرهما تعبيران عن فكرة واحدة ولكن من ناحيتين .

حيث أن الديمقراطية هي تعبير عن الشكل السياسي أما مبدأ سيادة الأمة ، فهو عبارة عن التعبير القانوني .

أول ما ظهرت فكرة السيادة ظهرت على لسان القانونيين الذين كانوا يدافعون عن سلطات الملك في فرنسا ضد البابا والإمبراطور ، مؤكدين ان الملك يتمتع بالسيادة الكاملة في ممتلكاته ، وان هذه السلطة العليا لا ينافسه عليها أحد في الدولة .

ومع قيام الثورة الفرنسية بقيت فكرة سيادة الأمة قائمة بما لها من صفة الإطلاق والسمو والأصالة ولكنها انتقلت من الملك إلى الأمة ، لتصبح بذلك إرادة الأمة هي السلطة العليا أن لا تنافس .

أن مبدأ سيادة الآمة يعني أن الصفة الآمرة العليا الدولة لا ترجع إلى فرد أو أفراد معينين بل إلى وحدة مجردة ترمز إلى جميع الأفراد أي الوحدة التي تمثل المجموع بأفراده وهيئاته وأنها بالإضافة إلى ذلك مستقلة تماما عن الأفراد الذين تمثلهم وترمز إليهم.

النتائج المترتبة على مبدأ سيادة الأمة :

  • 1- النظام النيابي التقليدي .
  • 2- الانتخاب وظيفة وليس حقا .
  • 3- الأخذ بالاقتراع المقيد .
  • 4- النائب ممثل للامة .
  • 5- التنكر لمفهوم الوكالة الإلزامية .
  • 6- الأخذ بنظام المجلسين .
  • 7- القانون تعبير عن إرادة الأمة .

نقد مبدأ سيادة الأمة (13) :

  • 1- مبدأ سيادة الأمة يؤدي الاعتراف للامة بالشخصية المعنوية ، وبالتالي إلى قيام شخصين معنويين يتشاركان على إقليم واحد وهما الدولة والامة .
  • 2- قيل انه لا توجد حاجة في الوقت الحاضر للأخذ بنظرية سيادة الأمة .
  • 3- تؤدي مبدأ سيادة الأمة إلى السيادة المطلقة وهذا يؤدي إلى الاستبداد ..
  • 4- قيل أن مبدأ سيادة الأمة لا يمثل نظاما معينا .

ثالثا : نظرية سيادة الشعب :-

التطور الذي لحق بالمذهب الفردي ، والانتقادات التي وجهت إلى مبدأ سيادة الامة هي الأسباب الكافية لظهور أصوات تنادي في التمثيل النسبي الحقيقي للشعب منظورا إليه في حقيقته وتكوينه ، لا بوصفة المجرد كوحدة متجانسة مستقلة عن الأفراد المكونين له .

تقوم نظرية سيادة الشعب على أن السيادة للجماعة بوصفها مكونه من عدد من الأفراد ، لا على أساس أنها وحدة مستقلة عن الأفراد المكونين لها .

وطبقا لنظرية سيادة الشعب تكون السيادة لكل فرد في الجماعة ، حيث إنها تنظر إلى الأفراد ذاتهم وتجعل السيادة شركة بينهم ومن ثم تنقسم وتتجزأ .

الاختلاف بين مبدأ سيادة الأمة وسيادة الشعب

للشعب مدلولان :-

1- المدلول الاجتماعي :-

ويشير هذا المدلول إلى كافة الأفراد الذين يقيمون على الإقليم ، والذين يتنسبون إليه عن طريق تمتعهم بجنسيتها .

2- المدلول السياسي :-

يحمل معنى أضيق من سابقة . يشمل الذين يتمتعون بالحقوق السياسية ، وهم(جمهور الناخبين) (أي الذين تدرج أسمائهم في جداول الانتخابات) .

النتائج المترتبة على مبدأ سيادة الشعب :

  • 1- تجزئه السيادة بين الأفراد .
  • 2- الانتخاب حق لا وظيفة .
  • 3- الأخذ بالاقتراع العام .
  • 4- العودة لمفهوم الوكالة الإلزامية ونشأة الأحزاب السياسية .
  • 5- الأخذ بنظام التمثيل النسبي .
  • 6- القانون تعبير عن إرادة الأغلبية .

نقد سيادة الشعب :

1- تجسيد علاقة التبعية بين النائب والناخب .
—————————————————-
تمت اعادة النشر بواسطة محاماة نت.