النظام القانوني لشركة الشخص الواحد

لتحديد النظام القانوني لشركة الشخص الواحد لا بد من تعريف هذه الشركة، إذ تعد هذه الشركة استثناءً على الأصل وهو تعدد الشركاء، كما لا بد من بيان طرق تأسيس هذا النوع من الشركات فقد تؤسس بطريقة مباشرة منذ تسجيلها وقد تؤسس بطريقة غير مباشرة بعد انشاء شركة مكونة من شريكين او اكثر وبقاء شريك واحد بسبب وفاة احد الشركاء او اكثر او انسحابهم من الشركة، كما لا بد من الحديث عن مبررات تأسيس هذه الشركة ندرس كل ذلك في ثلاثة مطالب على التوالي.
المطلب الأول: تعريف شركة الشخص الواحد
إن شركة الشخص الوحد هي الشركة المؤلفة من شريك واحد طبيعياً كان أو معنوياً ويكون لهذه الشركة ذمة مالية مستقلة عن الذمة المالية للشريك، وقد تؤسس هذه الشركة ابتداء من شريك واحد وقد تؤول الى شركة من شريك واحد جراء بقاء شريك واحد فيها.
ولذلك فإن شركة الشخص الواحد تعد استثناءً على الأصل الذي يقضي بوجود شريكين على الأقل لقيام أي شركة، ولايضاح تعريف شركة الشخص الواحد لا بد أن ندرس أولاً الأصل وهو تعدد الشركاء فيما ندرس ثانيا الاستثناء على هذا الأصل وهو شركة الشخص الواحد وذلك في فرعين متتاليين.
الفرع الأول: الأصل تعدد الشركاء
إن فكرة الشركة تفترض وجود أكثر من شريك فيها يجمع بينهم هدف مشترك وهو تحقيق الأرباح، فمصالح الشركاء في أي شركة يفترض أن تكون متجانسة وليست متعارضة. والحد الأدنى لعدد الشركاء لأي شركة شريكين اثنين(15)، وهذا مستفاد من نص المادة (582) من القانون المدني الأردني التي تعّرف الشركة على أنها: “عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصة من مال أو من عمل لاستثمار ذلك المشروع واقتسام ما قد ينشأ عنه من ربح أو خسارة”.
كما أن هذا الأصل (تعدد الشركاء ) تدعمه النصوص القانونية الخاصة بكل شكل من أشكال الشركات التجارية، (16) إذ تنص المادة التاسعة من قانون الشركات الأردني على أن:- “تتألف شركة التضامن من عدد من الأشخاص الطبيعيين لا يقل عن اثنين…”، كما تنص المادة (53/ب) من ذات القانون على أن:- “تتألف الشركة ذات المسئولية المحدودة من شخصين أو أكثر…”. وبخصوص الشركة المساهمة العامة المحدودة تنص المادة (90/أ) من ذات القانون بأن :- “تتألف الشركة المساهمة العامة من عدد من المؤسسين لا يقل عن اثنين…”، كما أن المادة (65/أ مكرر) من القانون المعدل لقانون الشركات تنص على أن “تتألف الشركة المساهمة الخاصة من شخصين أو أكثر..”.
من خلال هذه النصوص القانونية نلاحظ أن قانون الشركات الأردني يضع حداً أدنى لعدد الشركاء في أي شركة وهو الحد الذي يمكن أن نؤسس به شركة تجارية وهو شريكين اثنين، إلا أن قانون الشركات الأردني استثنى شركة التوصية بالأسهم فجعل الحد الأدنى لعدد الشركاء فيها خمسة، إذ تنص المادة (77) من قانون الشركات على أن “تتألف شركة التوصية بالأسهم من فئتين من الشركاء هما:
شركاء متضامنون:- لا يقل عددهم عن اثنين يسألون في أموالهم الخاصة عن ديون الشركة والالتزامات المترتبة عليها.
شركاء مساهمون: لا يقل عددهم عن ثلاثة، ويسأل كل شريك منهم بمقدار مساهمته عن ديون الشركة والتزاماتها”.
الفرع الثاني: الاستثناء: شركة الشخص الواحد
ومع أن الأصل هو وجود شريكين اثنين على الأقل في أي شركة، إلا أن قانون الشركات الأردني لسنة 1997 والقوانين المعدلة له لسنة 2002 قد استحدثت شركة الشخص الواحد في إطار الشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركة المساهمة الخاصة والشركة المساهمة العامة، إذ تنص المادة (53/ب) من هذا القانون على أنه: “يجوز للمراقب الموافقة على تسجيل شركة ذات مسؤولية محدودة تتألف من شخص واحد أو أن تصبح مملوكة لشخص واحد”. كما تنص المادة (65/أ) مكرر على أن “تتألف الشركة المساهمة الخاصة بين شخصين أو أكثر ويجوز للوزير بناء على تنسيب مبرر من المراقب الموافقة على تسجيل شركة مساهمة خاصة مؤلفة من شخص واحد أو أن يصبح عدد مساهميها شخصا واحدا”. كذلك تنص الماده ( 90/ب ) على أنه : ” مع مراعاة أحكام الفقرة ( ب ) من الماده (99) من هذا القانون يجوز للوزير بناءً على تنسيب مبرر من المراقب الموافقه على أن يكون مؤسس الشركة المساهمة العامة المحدودة شخصاً واحداً أو أن تؤول ملكية الشركة إلى مساهم واحد في حال شرائه كامل أسهمها “.
وما زال قانون الشركات الأردني يستلزم بموجب المادتين ( 65/أ مكرر و90/ب) تنسيب مبرر من قبل مراقب الشركات وموافقة وزير الصناعة والتجارة لإنشاء شركة مساهمة خاصة مؤلفة من شخص واحد أو في حالة أن يكون مؤسس الشركة المساهمة العامة شخصاً واحداً أو في حالة أن قام مساهم واحد بشراء كامل أسهم الشركة المساهمة العامة. إلا أن هذا القيد الذي اشترطه قانون الشركات الأردني لا يقوم على أسس وضوابط محددة، فما هي الأسس أو المعايير التي سيستند إليها مراقب الشركات للتنسيب لوزير الصناعة والتجارة للموافقة على تسجيل هذه الشركة؟ لذلك اقترح البعض(17) إيجاد أسس وضوابط واضحة وصريحة يستعين بها مراقب الشركات بهدف ايجاد تنسيب مبرر لموافقة وزير الصناعة والتجارة على تسجيل هذه الشركة. وهذه الاسس -كما أرى- قد تتعلق بالمؤسس ومدى ملائته المالية ومدى الحاجة له لتشجيع الاستثمار أو غرض الشركة بأنه يتناول موضوعاً جديدا مبتكراً نسعى لتشجيعه أو إيجاد بعض القيود على تأسيس هذه الشركة حماية للاقتصاد الوطني والمتعاملين معها كدفع رأس مال الشركة بالكامل ووجود ضمانات كافية عند التعامل معها.
ولم تحدد المـواد (53/ب و65/أ مكرر و90/ب) صفة الشخص الواحد في هذه الشركة مما يعني شمول هذه المادة للشخص الطبيعي والشخص الاعتباري معاً. وبناءً عليه يمكن لشخص واحد طبيعياً كان أو معنوياً أن يؤسس شركة ذات مسؤولية محدودة في الأردن، برأسمال حده الأدنى ثلاثين ألف دينار أردني(18)، او ان يؤسس شركة مساهمة خاصة برأسمال حده الأدنى خمسين الف دينار (19)، أو أن يتملك مساهم واحد كامل أسهم شركة مساهمة عامة.
وبإستعراض أحكام كل من الشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركة المساهمة العامة و الشركة المساهمة الخاصة نجد أن مسؤولية الشريك او المساهم فيها عن ديونها والالتزامات المترتبة عليها وخسائرها تكون بمقدار حصته في رأسمالها(20)، مما يعني أن الشريك او المساهم غير مسؤول إلا بالقدر الذي يشارك فيه في هذه الشركة، وأن الحد الأقصى للخسارة التي يمكن أن تلحق به هو ذلك الجزء الذي خصصه للتجارة في هذه الشركة، وبالتالي فإن الذمة المالية للشريك تكون غير مسؤولة عن ديون الشركة. وهذا الأمر يؤدي إلى الاعتراف بمبدأ جواز تعدد الذمم المالية للشخص، فتكون له ذمة مالية مخصصة للتجارة وهي الذمة المالية للشركة وذمة مالية أخرى مدنية، وهذا ما يطلق عليه بنظرية التخصيص لتفسير الذمة المالية والتي ترى أن الذمة المالية هي عبارة عن مجموعة اموال مخصصة لعمل ما دون ربطها بالشخص القانوني، اذ تقوم نظرية التخصيص للذمة المالية على عدم ارتباط الذمة المالية بشخص معين فهي توجد حتى ولو لم تستند الى شخص ما ما دامت تستند الى غرض تخصص له(21). ويترتب على هذه النظرية جواز تجزئة أو تعدد الذمة المالية للشخص بحيث يخصص جانياً من أمواله لغرض معين وجانياً آخر لغرض ثان، اذ تتعدد الذمم للشخص بتعدد تلك الأغراض. وتضمن كل ذمة مالية ديونها فقط دون الديون الأخرى للذمم المالية الأخرى، فلا يستطيع دائن لذمة مالية ما التنفيذ على الأموال الداخلة في ذمه مالية أخرى وانما يقتصر تنفيذه على الأموال الداخلة في الذمة المالية المدنية (22). وتعتبر هذه النظرية الأساس القانوني الذي تقوم عليه شركة الشخص الواحد إذ انها تتيح للشخص أن تكون له ذمة مالية تجارية تخصص لغرض معين هو شركة الشخص الواحد على أن تظل حقوق والتزامات الشركة محدودة بقيمة المبلغ المخصص لها كذمة مالية تجارية مستقلة عن الذمة المالية لصاحبها(23).
ومثل هذا التفسير للذمة المالية يوفر المناخ لتعدد الذمم المالية للشخص الواحد، وهذا على خلاف النظرية الشخصية التي تربط بين الذمة المالية والشخصية القانونية بحيث توجد وتنتهي معه(24). اذ تتكون الذمة المالية بموجب النظرية التقليدية من مجموع ما للشخص من حقوق وما عليه من التزامات مالية، بمعنى انها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالشخصية تدور وجوداً وعدماً معها، ويترتب على هذه النظرية عدم قابلية الذمة المالية الانفصال عن صاحبها واندماجها في شخصه كما أن لكل شخص ذمة مالية واحدة لا تتجزأ ولا تتعدد(25). وهذه النتيجة لدمج الذمة المالية بالشخصية تقف عائقاً أمام الاعتراف بشركة الشخص الواحد ذات المسؤولية المحدودة ، فلا يتصور أن يكون للشخص ذمتان ماليتان في نفس الوقت، فلا تكون له ذمة مالية تجارية يمارس من خلالها شركة الشخص الواحد ذات المسؤولية المحدودة منفصلة عند ذمته المالية المدنية العامة بكافة حقوقها وديونها(26)
إلا أن نظرية التخصيص لتفسير الذمة المالية تتعارض مع مبدأ وحدة الذمة المالية الذي يقضي بأن جميع أموال المدين ضامنة للوفاء بديونه والذي أكدته المادة (365) من القانون المدني الأردني بقولها: “مع مراعاة أحكام القانون، أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه وجميع الدائنين متساوون في هذا الضمان”. ورغم هذا التعارض ما بين شركة الشخص الواحد ومبدأ وحدة الذمة المالية ، الا اننا لا نرى ما يحول دون تبني شركة الشخص الواحد بسبب تعارضها فقط مع هذا المبدأ اذ ان الحياة التجارية لها طبيعتها الخاصة والتي ادت الى استقلال قواعدها عن احكام القانون المدني .
كما أن شركة الشخص الواحد لا تتفق مع مبررات تأسيس الشركات، إذ يقدم الأفراد على تأسيس شركات لمباشرة أعمالهم التجارية بدلاً من مباشرتها في إطار مشروع تجاري فردي إلى عدة أسباب من أهمها: أسباب مالية، أسباب تتعلق بالخبرة، إستمرارية العمل التجاري والمسؤولية المحدودة للشريك خاصة في شركات الأموال (27).
ففيما يتعلق بالسبب المالي قد لا يتوافر لدى الفرد رأس المال الكافي لمباشرة أعماله التجارية فيحتاج إلى ممولين آخرين يساهموا معه في تقديم رأس المال اللازم لذلك العمل التجاري مما يدفعه إلى تأسيس شركة تجارية وخاصة في الشركات المساهمة العامة التي تتكون من رأس مال ضخم يعجز عن توفيره الفرد بمفرده(28). إلا أن رأس المال اللازم لمباشرة عمل تجاري معين قد يتوافر لدى ممول واحد ومع ذلك فإنه يفضل أن يكون شركة تجارية على أن يباشر العمل التجاري منفرداً، ويعود ذلك أحياناً إلى الحاجة إلى تجميع خبرات عدد من الأفراد مع بعضهم البعض وذلك في المشاريع التجارية والصناعية المعقدة التي تحتاج إلى تكاتف مجموعة من الخبرات لإنجازها. هذا بالإضافة إلى أن القيام بتأسيس شركة تجارية يضمن إستمرارية
العمل التجاري الذي أنشأت الشركة من أجله حتى مع وفاة أو إنسحاب أحد أو مجموعة من الشركاء من الشركة ما دام الحد الأدنى لعدد الشركاء في تلك الشركة متوافراً(29). كما أن تأسيس شركة تجارية يوفر للشريك فيها إمكانية المشاركة مع تحديد مسؤوليته عن ديونها وإلتزاماتها بمقدار مساهمته في رأسمال هذه الشركة مهما بلغت خسائرها(30) ما لم تظهر مسؤوليته بسبب إهماله أو تقصيره أو قصده الإضرار بهذه الشركة.
وبخصوص مبرر الحاجة إلى تجميع خبرات متعددة وخاصة تلك الشركات المعقدة والمتعددة الأعمال، فقد يقال بأن الشريك أو المساهم الوحيد في الشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركة المساهمة العامة والشركة المساهمة الخاصة قادر على الاستفادة من خبرات أفراد من خارج الشركة من خلال تعيين مدراء مختصين يساعدوه على إدارة شؤون الشركة، ولكن مثل هذا الاجراء سوف يؤدي الى انفصال بين ملكية الشركة وادارتها، فيكون مدير الشركة شخصاً لا يملك أي شيء في رأسمال الشركة وهذا مما قد يساعد على سوء ادارة الشركة وتحملها للخسائر والديون. (31)
المطلب الثاني : طرق تأسيس شركة الشخص الواحد
لقد كانت فكرة شركة الشخص الواحد مرفوضة حيث كان قانون التجارة الفرنسي لسنة 1807 ينص على حل الشركة اذا اجتمعت كافة حصص أو اسهم الشركة في يد شريك واحد، وذلك لتعارض هذه الشركة مع مبدأ وحدة الذمة المالية(32)، وقد تبنى القضاء الفرنسي هذا الاتجاه في العديد من أحكامه(33)، الا أن قانون الشركات الفرنسي لسنة 1966 الغى الحل التلقائي للشركة التي تقتصر على شريك واحد وأوجد محله الحل المؤجل والقضائي خلال سنة من تاريخ اقتصار الشركة على شريك واحد (م 9)، وقد دعى الفقه الفرنسي (34) الى تحديد مسؤولية المستثمر الفردي على أساس ذمة التخصيص من خلال شركة الشخص الواحد.
كما كان لمطالبة أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة في فرنسا بايجاد تنظيم قانوني يوفر لهم الحماية القانونية ضد المسؤولية الشخصية وقصر هذه المسؤولية بمقدار رأسمال مشروعهم التجاري الأثر الأكبر في ايجاد المشروع الفردي ذو المسؤولية المحدودة، هذا بالاضافة الى مطالبة كل من الفقه والقضاء الفرنسيين، فعلى المستوى الفقهىطالب واقترح كل من الاستاذ (Paul Durand) من جامعة (Nancy) سنة 1947 والاستاذ (Sola Canizares) سنة 1948 تنظيماً قانونياً للمشروع الفردي ذي المسؤولية المحدودة(35).
ونظراً لكون ألمانيا دولة صناعية فقد احتاجت الى ايجاد نوع من الشركات يناسب المشروعات المتوسطة والصغيرة من حيث البساطة في التكوين والادارة مع تحديد مسؤولية الشركاء عن ديون الشركة بمقدار مساهمتهم في رأسمالها، وتم ذلك من خلال ايجاد الشركة ذات المسؤولية المحدودة بموجب القانون لسنة 1892.
إن تأسيس شركة من شخص واحد قد يتم بطريق مباشر كما قد يتم بطريق غير مباشر، ندرس هاتين الطريقتين ثم نستعرض موقف قانون الشركات الأردني وذلك في ثلاثة فروع متتالية.
الفرع الأول:- الطريق المباشر لتأسيس شركة الشخص الواحد
ان الطريق المباشر لتأسيس شركة الشخص الواحد هو ذلك العمل الإرادي الذي ينشئ الشركة لأول مرة من شخص واحد، أي أن الشركة تنشأ ابتداءً من شخص واحد، وقد أخذ بهذه الطريقة كل من قانون الشركات الألماني لعام 1980وقانون الشركات الفرنسي لعام 1985 وقانون الشركات الإنجليزي لعام 1992. إذ نصت المادة الأولى من القانون الألماني على أن ” الشركة ذات المسؤولية المحدودة يمكن أن تؤسس من شخص واحد أو عدة أشخاص لتحقيق أي غرض مشروع طبقا لنصوص هذا القانون”، كما نصت المادة (2/1) من القانون الفرنسي على أن: “الشركة ذات المسؤولية المحدودة تنشأ من شخص واحد أو عدة أشخاص لا يتحملون من خسائر الشركة إلا بنسبة حصصهم في رأس المال”، كما تبنى القانون الإنجليزي هذه الحالة كذلك بالنص في المادة (2/1) على أنه: “بالرغم من أي تشريع أو قاعدة قانونية تنص على المخالفة، فإن الشركة المساهمة الخصوصية يمكن أن تؤسس من شخص واحد كما يمكن أن تصبح فردية لا تتضمن سوى عضو واحد”.
ان الطريق غير المباشر لتأسيس شركة الشخص الواحد قد يحدث نتيجة اجتماع حصص الشركة ذات المسؤولية المحدودة في يد شريك واحد، وقد أخذ بهذا كل من المشرع الفرنسي والألماني والانجليزي، إذ تنص المادة (36/1) من قانون الشركات الفرنسي على أنه: “في حالة اجتماع كل حصص الشركة ذات المسؤولية المحدودة في يد شريك واحد لا تطبق نصوص المادة (1844/5) (من القانون المدني والخاصة بالحل القضائي)”، وهذا يعني استمرار الشركة ذات المسؤولية المحدودة رغم اقتصارها على شريك واحد.
كما تبنى القانون الألماني هذه الحالة اعتمادا على نص المادة (19/4) من قانون الشركات والتي تنص على أنه: “… في خلال ثلاث سنوات من تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة إذا تجمعت كل الحصص في يد شريك واحد يشترط على الشريك الوحيد تقديم كل رأسمال الشركة”، وبالتالي لم تنقض الشركة لبقاء شريك واحد قادر على تقديم كل رأسمال الشركة وفي هذا اعتراف من المشرع الالماني بالتكوين غير المباشر لشركة الشخص الواحد .
كما نصت المادة (2/3/أ) من القانون الإنجليزي على انطباق القواعد المنظمة للشركة المساهمة المحدودة على الشركة التي تؤسس بشريك واحد أو تلك التي تصبح فردية نتيجة انخفاض عدد الشركاء فيها إلى واحد بحيث تصبح مكونة من شريك واحد، وفي هذا اعتراف ايضا من قبل القانون الانجليزي بالتكوين غير المباشر لشركة الشخص الواحد. (36)
كما يمكن لشركة الشخص الواحد أن تؤسس بطريق غير مباشر عن طريق اجتماع أسهم الشركة المساهمة العامـة بيد شريك واحد كمـا فعل القانون الفرنسي ( المادة 9 من قانون 24 تموز لسنة 1966 ) الذي أجاز استمرار الشركة المساهمة العامة رغم اجتماع كامل أسهمها بيد شريك واحد . فهذه المادة لم تقض بحل الشركة قانونا باجتماع كل حصص الشركة في يد شريك واحد بل أنها منحت الشركة مدة عام لتصويب أوضاعها وحتى بعد فوات المهلة دون تصويب الأوضاع فلا تنقضي الشركة حكما بل لا بد من تقديم طلب من صاحب المصلحة مطالباً بفسخ الشركة، وصاحب المصلحة في طلب حل الشركة هم الدائنون الذين يسعون لتصفية الشركة والشريك الوحيد الذي لا يرغب في استمرار الشركة، (37) ويجوز منح مهلة إضافية مدتها ستة أشهر للشريك المنفرد لتصويب أوضاع الشركة ( م 1844 /5 من القانون المدني الفرنسي ) .
الفرع الثالث : موقف قانون الشركات الاردني
بالرجـوع لقـانون الشـركات الأردني نجد أنه قد تبنى كل من الطـريق المـباشـر والطريق غير المباشـر لتـأسيس شركة الشـخص الواحد وذلك في إطار الشركة ذات المسؤولية المحدودة في المادة (53/ب) التي أجازت تسجيل شركة ذات مسـؤولية محدودة ابتداءً من شخص واحد أو أن تصبح مملوكة لشخص واحد وذلك وفقـاً للقانون المعدل لقانون الشـركات رقم (40) لسنة 2002 . كمـا تبنـى قـانون الشركات الأردني كل من الطريق المباشر و الطريق غير المباشر لتأسيس شركة الشـخص الواحد في اطـار الشركة المساهمة الخاصة وذلك بموجب المادة (65/أ مكرر) من القانون المعدل لقـانون الشركات رقم (4) لسنة 2002 التي اجـازت تسجيل شركة مساهمة خاصة ابتداء من شخص واحد او ان يصبح عدد مساهميها شخصاً واحداً بعد ان تكون قد سـجلت من شخص واحد او اكثر. إلا أنـه تبنـى الطريق غير المباشر لتأسيس شـركة الشـخص الواحد في إطار الشركة المسـاهمة العامة وذلك بوجب المادة (36) من القـانون المعدل لقانون الشـركات رقـم (40) لسنة 2002 والتي أدخـلت تعديلاً على نص المـادة (90/ب) بأن جعلت بالإمكان أن يتملك مساهم واحد عن طريق الشراء كامل أسـهم الشركة المساهمة العامة وبالتالي تستمر الشركة بمساهم واحد.
وقد يُعتقد بجواز إنشاء شركة مساهمة عامة إبتداء من مساهم واحد إذا أن المادة (90/أ) من قانون الشركات قد إشترطت أن لا يقل عدد المؤسسين في الشركة المساهمة العامة عن اثنين يكتتبون بأسهم الشركة، إلا أن الفقرة (ب) من ذات المادة أجازت لوزير الصناعة والتجارة بتنسيب مبرر من مراقب الشركات الموافقة على أن يكون مؤسس الشركة المساهمة المحدودة شخصاً واحداً أو أن تؤول ملكية الشركة إلى مساهم واحد في حال شرائه كامل أسهمها. إلا أن الموافقة على أن يكون مؤسس الشركة المساهمة العامة شخصاً واحداً لا يعني أنه يمكن تأسيس شركة مساهمة عامة من شخص واحد، إذ أن هذه الشركة تمر في ثلاث مراحل لأجل استكمال إجراءات تأسيسها وهي: مرحلة التسجيل في وزارة الصناعة والتجارة (م 92و93)، مرحلة الاكتتاب العام (م 99 وما بعدها)، ومرحلة اجتماع الهيئة العامة الأول (م106)، فأجاز المشرع أن يقوم مؤسس واحد بإجراءات التسجيل بمبررات يقتنع بها مراقب الشركات، إلا أن مرحلتي الاكتتاب العام واجتماع الهيئة العامة الأول تفترضان وتتطلبان وجود مساهمين يكتتبون بأسهم هذه الشركة ويختارون مجلس إدارة الشركة الأول في اجتماع الهيئة العامة الأول. هذا بالاضافة الى ادارة الشركة المساهمة العامة يتولاها مجلس ادارة لا يقل عدد اعضائه عن ثلاثة اشخاص ولا يزيد على ثلاثة عشر شخص (م132/جـ)، كما يشترط ان يكون عضو مجلس الادارة مساهماً في الشركة (م133/أ)، وهذا مما يؤكد انه لا يمكن بأي حال ان يقل عدد المساهمين إبتداءً في الشركة المساهمة العامة عن ثلاثة شركاء.
ويرى بعض الفقه(38) أن تحديد شركة الشخص الواحد في شركات محددة كالشركة ذات المسؤولية المحددة والشركة المساهمة الخاصة دون الأشكال الأخرى من الشركات يعكس رغبة المشرع في قصر الإستفادة من تحديد المسؤولية على صغار المستثمرين دون كبار المستثمرين الذين يمكن أن يتخذوا أشكالاً أخرى وخاصة الشركة المساهمة العامة. الا أن هذا الرأي لا ينسجم مع موقف المشرع الأردني الذي أجاز إستمرار الشركة المساهمة العامة بمساهم واحد يتملك جميع أسهم هذه الشركة عن طريق الشراء. ومن ناحيه أخرى نجد أن هذا التوجه من قبل المشرع الأردني يتناقض مع مضمون قانون المنافسة رقم (49) لسنة 2002 والذي يمنع فيه المشرع التركيز الإقتصادي محاربةً منه للإحتكار. فكيف يمكن التوفيق ما بين محاربة الإحتكار والسماح بتملك شركة مساهمة عامة من قبل مساهم واحد علماً بأن الشركات المساهمة العامة هي الشركات التي يناط بها المشاريع الإقتصادية الكبيرة والتي تمس إقتصاديات الدول. لذلك فإننا لا نرى مبرراً مقنعاً لموقف المشرع الأردني بالسماح بتملك شركة مساهمة عامة من مساهم واحد.
وفي هذا السياق يجدر التنويه الى أن المادة (8/أ) من قانون الشركات الأردني قد أجازت تحويل أي مؤسسة أو سلطة أو هيئة رسمية عامة أو مرفق عام أو أي جزء منه إلى شركة مساهمة عامة أو خاصة أو شركة ذات مسؤولية محددة مملوكة بالكامل للحكومة وتعمل وفقا للأسس التجارية وذلك بقرار من مجلس الوزراء بعد تنسيب وزير الصناعة والتجارة ووزير المالية والوزير المتخص. وفي هذا اعتراف من المشرع الاردني بالتأسيس المباشر لشركة الشخص الواحد في اطار الشركة المساهمة العامة ولكن ضمن اطار المؤسسات والسلطات والهيئات الرسمية العامة القائمة اصلا، ومثل هذه الاجراءات تدخل ضمن سياسة ما تسمى بالخصخصة او التخاصية (39).
وكان يجدر بالمشرع الأردني تبني الطريق غير المباشر لتأسيس شركة الشخص الواحد في إطار شركة التضامن، إذ أن انسحاب أحد الشركاء في شركة التضامن المكونة من شريكين يرتب على الشريك الباقي إدخال شريك جديد أو أكثر إلى الشركة بدلا من الشريك المنسحب وذلك في مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ الانسحاب، أما أن لم يقم الشريك المتبقي بذلك خلال المدة المقررة انحل عقد الشركة حكما(40)، وهذا يفيد عدم تبني المشرع الأردني للطريق غير المباشر لهذا النوع من الشركات. ولا نرى أن هناك ما يحول دون إجازة المشرع الأردني لتأسيس شركة الشخص الواحد بطريقٍ غير مباشر في إطار شركة التضامن وذلك إذا ما اجتمعت حصص هذه الشركة في يد شريك واحد وذلك على غرار ما أخذ به كل من القانون الفرنسي (م 36/1) والقانون الألماني (م19/4) خاصة بعد صدور القانون المعدل لقانون الشركات الأردني رقم (4) لعام 2002 والذي اجاز استمرار الشركة المساهمة الخاصة في اعمالها على الرغم من انخفاض عدد مساهميها الى مساهم واحد ( م65/أ مكرر ) و صدور القانون المعدل لقانون الشركات رقم (40) لعام 2002 والذي أجاز استمرار الشركة ذات المسؤولية المحدودة رغم إقتصارها على شريك واحد.
المطلب الثالث:- مبررات تأسيس شركة الشخص الواحد
لقد برر الفقه القانوني(41) تأسيس شركة الشخص الواحد من خلال المزايا التي تحققها هذه الشركة، وهذه المبررات منها ما يعود لمسؤولية الشريك المحدودة، ومنها ما يعود إلى الحد من تأسيس شركات وهمية، ومنها ما يتعلق بتفعيل إدارة الشركة ومنها ما يخص إستمرار العمل التجاري وسهولة نقله، ندرس هذه المبررات في فروع أربعة لنرى مدى فاعلية هذه المبررات لتبني شركة الشخص الواحد.
الفرع الأول: المسؤولية المحدودة للشريك أو المساهم
إن مسؤولية الشريك أو المساهم في شركة الشخص الواحد عن ديون وإلتزامات وخسائر الشركة تكون محددة بمقدار رأس مالها المقدم منه شخصياً، ولا تجاوز ذلك إلى أمواله الخاصة ( المواد 53/أ و 65/ب مكرر و90/ب). وهي بهذه الصفة تتشابة مع شركات الأموال كالشركة المساهمة العامة التي يكون فيها المساهم مسؤولاً عن ديون الشركة وإلتزاماتها بمقدار مساهمته فيها(المادة 91).
والمسؤولية المحدودة للشريك أو المساهم في شركة الشخص الواحد هي من أهم أسباب تأسيس هذه النوع من الشركات، فالشركة ذات المسؤولية المحدودة المؤلفة من شريك واحد أو أكثر والشركة المساهمة العامة المؤلفة من مساهم واحد أو أكثر والشركة المساهمة الخاصة المؤلفة من شخص واحد أو أكثر تعطي الفرصة للشركاء أو للشريك الوحيد بأن يقصر مسؤوليته عن خسائر وديون هذه الشركة في حدود مساهمته في رأسمال هذه الشركة دون أن تتعدى ذلك إلى أمواله الخاصة، وهذه الخاصية هي من أهم أسباب الإقدام على إنتشار الشركات التجارية وخاصة شركات الأموال.
فشركة الشخص الواحد تمكن الشريك الوحيد أن يخصص جزءً من ذمته المالية لمباشرة التجارة، وهذه الذمة المخصصة للتجارة هي المسؤولة فقط عن ديون وإلتزامات الشريك الوحيد مما يعني تعدد الذمم المالية للشخص. وتحديد مسؤولية الشريك في شركة الشخص الواحد تشجع المستثمر على إستثمار جزء من أمواله في إطار هذه الشركة وتجنبه مخاطر تعرض كامل ذمته المالية للمسؤولية في تعامله مع دائني الشركة. ومما يزيد من تشجيع الإستثمار في هذا النوع من الشركات تدني رأس المال المطلوب لتأسيس شركة الشخص الواحد إبتداء وهو ثلاثون ألف دينار على الأقل في حالة الشركة ذات المسؤولية المحدودة وخمسون ألف دينار في حالة الشركة المساهمة الخاصة.
ولكن هذا المبرر(المسؤولية المحدودة للشريك أو المساهم) موجود أيضاً في حالة الشركة ذات المسؤولية المحدودة المكونة من شريكين على الأقل والشركة المساهمة الخاصة المؤلفة من شخصين أو أكثر والشركة المساهمة العامة المملوكة من أكثر من مساهم، وبالتالي لا نستطيع إعتبار هذا المبرر لوحده ميزة لشركة الشخص الواحد، كما يعزز من المسؤولية المحدودة للشريك أو المساهم في شركة الشخص الواحد أن أسم الشركة يستمد في كل من الشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركة المساهمة العامة والشركة المساهمة الخاصة من الغرض من إنشائها على إن تضاف لها عبارة (ذات مسؤولية محدودة أو شركة مساهمة عامة أو شركة مساهمة خاصة)،(42) ويتطلب المشرع مثل هذه التفاصيل حماية للغير الذي يتعامل مع الشركة من خلال إطلاعه على طبيعة الشركة ومدى ملاءتها ومسؤولية الشريك فيها(43)، ولا مانع من أن يضاف إلى أسم لشركة ما يدل على أنها شركة من شخص واحد.
كما أن الواقع العملي يظهر قصور مثل هذا المبرر (المسؤولية المحدودة)، إذ أن الغير عندما يتعامل مع شركة الشخص الواحد كدائن لها يتطلب ضماناً على أموال الشريك الشخصية بالإضافة لأموال الشركة مما ينفي فكرة تجزئة الذمة المالية للشريك الوحيد وتصبح جميع أمواله عملياً ضامنة للوفاء بديونه.
هذا بالإضافة إلى أن مبدأ وحدة الذمة المالية ( المسؤولية الشخصية) ترد عليه أصلاً مجموعة من الإستثناءات أضعفت هذا المبدأ، ويمكن التدليل على ذلك بإستعراض قانون الشركات الأردني إذ نجد أن الشريك الموصي في شركة التوصية البسيطة لا يسأل إلا في حدود مساهمته في رأسمال الشركة(44)، كما أن الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة لا يسأل إلا في حدود مساهمته في رأسمال الشركة(45) ، كذلك الحال بالنسبة للمساهم في الشركة المساهمة العامة،(46) وكذلك الوضع بالنسبة للمساهم في شركة التوصية بالأسهم(47) والمساهم في الشركة المساهمة الخاصة(48) مما يعني الإعتراف بتعدد الذمم المالية للشخص ووجود ذمة مالية تجارية مخصصة للشركة لا تكون مسؤولة إلا في حدود مساهمتها في هذه الشركة، ولا تضمن الذمة المالية العامة ديون الذمة المالية المخصصة للشركة. ونفس الحكم بخصوص الصغير المأذون له بالإتجار إذ لا يسأل إلا في حدود الجزء المقتطع من أمواله لمباشرة التجارة فتقتصر حقوق الدائنين التجاريين في الحجز على أموال القاصر المخصصة للتجارة دون غيرها(49) . ومثل هذه الإستثناءات على مبدأ وحدة الذمة المالية تضعف من مبدأ المسؤولية المحدودة كمبرر لإنشاء شركة الشخص الواحد اذ أنه يمكن إضافة شركة الشخص الواحد كأستثناء آخر على هذا المبدأ ليلبي إحتياجات البيئة التجارية(50) .
الفرع الثاني: الحد من تأسيس شركات وهمية
إن الواقع العملي لتأسيس شركات تجارية يثبت بأن هناك شركات تؤسس بين شريكين أو أكثر في حين أن الشركة مؤلفة فعلياً من شخص واحد وذلك إنسجاماً مع متطلبات قانون الشركات الذي يستلزم توافر شريكين على الأقل لتأسيس شركات تجارية، لذلك فإن تأسيس شركة من شخص واحد سوف يضع حداً لمثل هذه الشركات الوهمية(51) . ويمكن لنا أن نعتبر مثل هذا المبرر وهو الحد من تكون شركات وهمية يمكن التوصل إليه حتى في ظل المبادئ التقليدية للشركات دون اللجوء إلى تأسيس شركة من شخص واحد وذلك من خلال فرض الجزاءات التي يمكن تطبيقها وذلك بتحويل مسؤولية الشريك المحدودة إلى مسؤولية شخصية، كما يمكن إثبات صورية الشركة بكافة طرق لإثبات حتى بين الشركاء.
الفرع الثالث: تفعيل إدارة الشركة
إن وجود شريك وحيد في شركة الشخص الواحد يعطيه الفرصة لإدارة الشركة بشكل مرن ودون التقيد بإجراءات دعوة باقي الشركاء للإجتماع والحاجة للحصول على الأغلبية لإتخاذ القرارات، وتؤثر بالنتيجة على نشاط الشركة مما يؤثر سلبياً على إقتصاد الدولة إذا ما تم تصفية الشركة. كما أن الإنفراد بالإدارة يحول دون وجود إشكالات بين الأعضاء تحد من عملية إتخاذ القرارات.
ومثل هذا المبرر يعتبر أيضاً، وبحق، من مزايا تأسيس مثل هذا النوع من الشركات، إلا أن هذا المبرر قد يصلح في ظل وجود شركة شخص واحد بسيطة ولكنه قد لا يصلح في حالة وجود شركات كبرى تقوم بأعمال معقدة وتحتاج إلى إدارات متخصصة مما سيضطر الشريك الوحيد إلى تعيين مدير أو أكثر لإدارة أمور الشركة، وقد يؤدي ذلك إلى إلحاق الضرر بالشريك الوحيد إذا ما ألحق مدير الشركة ضرراً بها جراء تصرفاته، كما أن تصرفات المدير ستكون ملزمة للشركة في مواجهة الغير حسن النية. وإذا ما قام الشريك الوحيد بإدارة الشركة فإن تصرفاته قد تلحق ضرراً بدائنيه وتعطيه مجالاً واسعاً للتحايل وإبرام عقود صورية.
الفرع الرابع: إستمرار العمل التجاري وسهولة نقله
بما أن شركة الشخص الواحد تعطي الفرصة للفرد لأن يخصص جزءً من ذمته المالية لأغراض مباشرة عمل تجاري في إطار الشركة، فإن وفاة الشريك لا تعني إنتهاء أعمال الشركة إذ تنتقل الشركة إلى الورثة وهذا يتطلب تغيير نظام الشركة والعقد التأسيسي لها دون حاجة لتغيير شكل الشركة وتحويلها ودون حاجة لإتباع الإجراءات القانونية التي نصت عليها المواد(215-221) من قانون الشركات الأردني، إذ يتم بسهولة الإنتقال من شركة الشخص الواحد ذو المسؤولية المحدودة إلى نفس الشركة متعددة الشركاء وقد يتم تحول شركة الشخص الواحد محدودة المسؤولية إلى شكل آخر من أشكال الشركات كالشركة المساهمة العامة أو التضامن أو التوصية(52). كما لا توجد هناك قيود لتنازل الشريك عن الشركة ذات المسؤولية المحدودة المؤلفة منه شخصياً لصالح الغير على خلاف الشركة ذات المسؤولية المحدودة المكونة من شريكين(53) .
وبعد إستعراض مبررات تأسيس شركة الشخص الواحد نجد أن تشجيع الإستثمار وتفعيل إدارة الشركة قد يصلحان كسببين لتبني هذا النوع من الشركات. إلا إننا نرى أنه لا بد من رفع الحد الأدنى لرأسمال هذه الشركة سواء أكانت في إطار شركة ذات مسؤولية محدودة أو شركة مساهمة خاصة لكي تنعكس ثمار الإستثمار على الإقتصاد الوطني. إلا أنه ورغم هذه المبررات لإنشاء شركة الشخص الواحد إلا أن هذه الشركة تواجه صعوبات قانونية مما يقتضي بيانها ومناقشتها في المبحث الثاني من هذا البحث.
المبحث الثاني
الصعوبات القانونية التي تواجه شركة الشخص الواحد
إن تبني شركة الشخص الواحد يصطدم بمجموعة من العقبات من أهمها ان الشركة عقد، والعقد يفترض وجود طرفين على الاقل بينما تؤسس شركة الشخص الواحد بشريك وحيد، وهذا يتنافى مع تعريف كل من القانون المدني الاردني وقانون الشركات للشركة.
كما ان الأركان الموضوعية والشكلية الواجب توافرها لتأسيس شركة الشخص الواحد تختلف لكي تتلائم مع وجود شريك واحد في هذه الشركة، هذا بالإضافة الى ان هناك خصوصية في إدارة هذه الشركة وتقديم راسمالها وذمتها المالية. وبالنتيجة هناك صعوبة تتمثل في عدم وجود تنظيم قانوني يعالج كافة المسائل المتعلقة بهذه الشركة، إذ ان الأحكام القانونية التي تنظم الشركة ذات المسؤولية المحدودة المؤلفة من شريكين او اكثر كما ان الاحكام القانونية التي تنظم الشركة المساهمة الخاصة لا تستطيع ان تعالج كافة المسائل الخاصة بالشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركة المساهمة الخاصة المؤلفة من شريك او مساهم وحيد، وسوف نعالج هذه الصعوبات في مطالب مستقلة.
المطلب الأول: تعريف الشركة
تَعّرف المادة (582) من القانون المدني الأردني الشركة على أنها: “عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصته من مال أو من عمل لاستثمار ذلك المشروع واقتسام ما قد ينشأ عنه من ربح أو خسارة(54 ). وبموجب هذا التعريف فإن الشركة عقد(55) يستلزم وجود شريكين على الأقل في حين أن شركة الشخص الواحد تنشأ بإرادة منفردة هي إرادة الشريك الوحيد في الشركة وتعد إستثناء على الفكرة العقديه للشركة وتطبيقا للفكرة التنظيمية لها. ولهذا ينبغي تعديل هذا النص بحيث لا تَُعّرف الشركة على أنها عقد بل يشار إلى أن الشركة قد تنشأ بموجب عقد أو إرادة منفردة لا أن الشركة عقد وذلك على غرار ما نصت عليه المادة (1832) من القانون المدني الفرنسي الجديد الصادر عام 1985 عندما عرفت الشركة على انها:
1- “تنشأ الشركة من شخصين أو أكثر يتفقون بعقد فيما بينهم بتخصص لمشروع مشترك أموال أو عمل بغرض تقسيم الأرباح أو تحقيق وفر اقتصادي ينتج عنه.
2- يجوز إنشاؤها في الحالات الواردة في القانون بعمل إرادي من شخص واحد يتعهد الشركاء بالمساهمة في الخسارة”.
وفي حال تعديل تعريف الشركة الوارد في المادة (582) من القانون المدني الأردني فإننا نحتاج إلى تعديل تعريف الشركة ذات المسؤولية المحدودة بما يتفق مع تعديل تعريف الشركة بشكل عام. وفي هذا السياق يمكن الاسترشاد بتعريف الشركة ذات المسؤولية المحدودة الوارد في المادة الثانية من قانون الشركات الفرنسي الصادر عام 1985 إذ تعرفها كما يلي: “تنشأ الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص واحد أو عدة أشخاص يتحملون الخسائر بنسبة حصصهم في رأس المال”. كما اننا نحتاج الى تعديل تعريف الشركة المساهمة الخاصة الوارد في المادة (65 مكرر) من قانون الشركات بحيث تصبح على النحو التالي :- تنشأ الشركة المساهمة الخاصة من شخص واحد او عدة اشخاص …” .
المطلب الثاني: تأسيس شركة الشخص الواحد
إن شركة الشخص الواحد تصرف قانوني من جانب واحد أي جانب الشريك الوحيد في هذه الشركة، وبما أن هذه الشركة تنشأ بموجب هذا التصرف فإنها (أي الشركة) تستلزم توافر الأركان الموضوعية العامة والخاصة بالإضافة إلى الأركان الشكلية التي يجب توافرها لتكوين اي شركة أخرى مع مراعاة الطبيعة الخاصة لشركة الشخص الواحد. ولذلك يجب توافر الأهلية التجارية(56) لدى الشريك الوحيد وان يكون محل الشركة مشروعاً غير مخالف للنظام العام والآداب العامة(57)، كما لابد ان يكون للشركة سبب مشروع وهو الغرض والهدف الذي قصد الشريك الوحيد تحقيقه .
وفيما يتعلق بركن تعدد الشركاء فإن هذا الركن مفتقد في شركة الشخص الواحد لأنها قائمة اساساً على وجود شريك واحد، ويمكن لهذا الشريك الوحيد ان يكون شخصاً طبيعياً او معنوياً ما دام لم يورد المشرع أي قيد بهذا الخصوص(58) .
ورغم ان القانون الألماني ( المادة 4) والقانون الفرنسي ( المادة 5) قد خليا من اشتراط ان يكون الشريك الوحيد شخصاً طبيعياً او معنوياً مما يفيد انطباق نصوصهما على كافة الأشخاص الطبيعيين والمعنويين على حد سواء، الا ان القانون الفرنسي لا يجيز للشخص الطبيعي تأسيس اكثر من شخص واحد كما لا يجيز لشركة الشخص الواحد تأسيس شركة اخرى ذات مسؤولية محدودة بشخص واحد (59). فيما منع القانون البلجيكي (المادة 7/2) ان يكون مؤسس شركة الشخص الواحد شخصاً معنوياً اذ يجب ان يكون شخصاً طبيعياً .
وحسب المادتين ( 53/ب و 65 /أ مكرر ) من قانون الشركات الأردني فإنه لا يوجد ما يمنع قيام شخص واحد طبيعياً كان او معنوياً بتأسيس اكثر من شركة شخص واحد ما دام لم يورد المشرع أي قيد يتعلق بتعدد الشركات التي يستطيع الشريك الوحيد تأسيسها، وكذلك الحال بالنسبة للمساهم الوحيد الذي يتملك كامل أسهم الشركة المساهمة العامة وبشرط ضمان عدم الخلط بين الذمم المالية لهذه الشركات . وكذلك فعل القانون الألماني ، الا ان القانون الفرنسي حضر على الشخص الطبيعي تأسيس اكثر من شركة فردية ذات مسؤولية محدودة(60).
وبخصوص تقديم الحصص، فالأصل ان يقدم الشركاء عند تأسيس الشركة حصص سواء أكانت حصص نقدية او عينية منقولة او غير منقولة من اجل المساهمة في رأس مال الشركة لأغراض اقتسام الأرباح والخسائر. وفي شركة الشخص الواحد حيث لا يوجد الا شريك واحد فإن بامكانه تقديم حصص نقدية وحصص عينية لتأسيس الشركة ويتم تقدير الحصص العينية لاحتسابها في رأس مال الشركة، على ان يعتبر الشريك مسؤولاً عن أية مبالغة في تقدير الحصص العينية في شركة الشخص الواحد اذا زادت قيمة الحصة العينية في أمواله الخاصة حماية للغير الذين يتعاملون معه(61). وقد ألزمت المادة (4/3) من قانون الشركات الفرنسي الشريك الوحيد تعيين خبير مختص لأغراض تقييم الحصص العينية شركة الشخص الواحد إذا زادت قيمة الحصة العينية عن (50) ألف فرنك أو اذا زادت قيمتها عن نصف رأس مال الشركة، ولكن لا يجوز له تقديم حصة عمل كجزء من رأسمال الشركة ( م38/2 ) من القانون الفرنسي .
ولا يتصور وجود ركن نية المشاركة في شركة الشخص الواحد اذ ان الركن يفترض وجود اكثر من شريك في الشركة وهذا غير متوافر في هذا النوع من الشركات. الا ان المقصود بهذا الركن – كما يرى البعض(62)– هنا هي المصلحة العامة التي تعود على الشركة كشخص اعتباري، ولكن مثل هذا التفسير لركن نية المشاركة غير واضح وغير محدد اذ ان المنفعة التي تعود على الشركة في حالة شركة الشخص الواحد هي ذاتها مصلحة الشريك الوحيد .
وبخلاف الصعوبات المتعلقة بالاركان الموضوعية لشركة الشخص الواحد السبق ذكرها, فانه لا توجد صعوبات فيما يخص الأركان الشكلية وهي الاجراءات التي يجب اتباعها لتأسيس هذه الشركة.(63) وتخضع اجراءات تأسيس شركة الشخص الواحد للأحكام التي تطبق على الشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركة المساهمة الخاصة نفسها مع مراعاة طبيعة هذه الشركة.
أما بخصوص انقضاء شركة الشخص الواحد, فتنقضي بالاسباب العامة التي تخضع لها الشركات عادة وهي: انتهاء مدة الشركة اذا كانت الشركة محدودة المدة (64) ، تحقيق الغاية التي اسست الشركة من أجلها(65) أو استحالتها(66)، افلاس الشركة (67)، هلاك رأسمال الشركة وقيام الشريك الوحيد بحل الشركة بارادته المنفردة(68).
إلا أن هناك اسباباً خاصة تبرر انقضاء شركة الشخص الواحد كوفاة الشريك الوحيدة (69) تعطل سير العمل في الشركة كاختفاء الشريك وبقاء الشركة بدون شريك(70)، وهناك حالتان لانقضاء شركة الشخص الواحد في القانون الفرنسي لسنة 1985 وهما: لا يجوز للشخص الطبيعي انشاء أكثر من شركة شخص واحد كما لا يجوز لشركة الشخص الواحد انشاء شركة أخرى بشخص واحد(71).
المطلب الثالث : ادارة الشركة
يتولى ادارة شركة الشخص الواحد مدير قد يكون هو الشريك الوحيد وقد يكون المدير من خارج الشركة مع مراعاة أن إدارة الشركة المساهمة العامة مناطه بأكثر من جهة، إذ يتولاها مجلس الإدارة والمدير العام، ومن شروط عضوية مجلس الإدارة أن يكون العضو مساهماً في الشركة (م133)، أما المديرالعام فيعينه مجلس الإدارة من ذوي الكفاءة وتحدد صـلاحياته من قبـل مجـلس الإدارة (م 153/أ). ولا بد من ان يكون المدير شخصاً طبيعياً على الرغم من عدم ذكر ذلك صراحةً بموجب المادتين (60/أ و 72/ب مكرر) من قانون الشركات الأردني وذلك على خلاف المادة السادسة من القانون الألماني التي نصت صراحة على ان يتولى ادارة الشركة ذات المسؤولية المحدودة سواء أكانت فردية ام متعددة الشركاء مديراً واحداً او عدة مديرين من الأشخاص الطبيعيين، وكذلك المادة (49) من قانون 1966 الفرنسي التي اشترطت في مدير شركة الشخص الواحد ان يكون شخصاً او عدة أشخاص طبيعيين وكذلك المادة (282) من قانون الشركات الإنجليزي عام 1985 التي تشـترط في مدير الشـركة المسـاهمة الخصوصية ( شركة ذات مسؤولية محدودة ) ان يكون شخصاً طبيعياً .
ويعين مدير الشركة لمدة اربع سنوات (م 60/أ و 72/أ مكرر ) سواء أكان المدير هو الشريك الوحيد للشركة ام غير ذلك، ويمكن للشريك الوحيد تحديد مدة المدير لانه يمثل الهيئة العامة للشركة ويمكن له ان يقيله كذلك مع ملاحظة انه يمكن للمدير المقال من عمله من قبل الشريك الوحيد ان يطالب بالتعويض عن الضرر الذي لحق به جراء عزله في وقت غير مناسب او دون مبرر مقبول (م864 مدني اردني ). كما يمكن لمدير الشركة ايضاً ان يستقيل من موقعه على ان تكون استقالته مبررة وفي وقت مناسب والا اعتبر متعسفاً لحقه ويلزم بتعويض الشركة عما لحقها من عطل وضرر (م866/1 مدني اردني ).
ويكون لمدير الشركة الصلاحيات الكاملة في ادارة الشركة في الحدود التي يبين نظامها الأساسي(72)، وتُلزم الشركة بأعمال وتصرفات المدير في مواجهة الغير حسن النية على الرغم من أي قيد يرد في نظام الشركة اوعقد تأسيسها(م60/ب).
وقد اكدت المادة (37) من القانون لألماني والمادة (49/6) من قانون 1966 الفرنسي والمادة (35/أ/1) من قانون الشركات الانجليزي على حماية الغير حسن النية بحيث لا يجوز التمسك في مواجهة الغير حسن النية بأية قيود ترد على سلطات المدير. وقد افترض المشرع الأردني حسن النية فيمن يتعامل مع الشركة من الغير ما لم يثبت عكس ذلك مع التأكيد على ان الغير غير ملزم بالتحقق من وجود أي قيد على صلاحيات المدير (م 60/ج) . لذلك يقع لزاماً على عاتق مدير الشركة ان يعد الموازنة السنوية للشركة وحساباتها الختامية بما في ذلك حساب الأرباح والخسائر والايضاحات المرفقة، مدققة جميعها من مدققي حسابات قانونيين. كما يجب عليه اعداد التقرير السنوي عن اعمال الشركة وانجازاتها ومشاريعها وتقديمها لمراقب الشركات مرفقة بالتوصيات المناسبة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة المالية الجديدة للشركة ( م62و75 مكرر).
ولا مجال لتطبيق الحظر الوارد في المادتين (63/أ و 74/ب مكرر ) على مدير الشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركة المساهمة الخاصة اذا كان المدير هو الشريك الوحيد والخاص بتولي وظيفة في شركة اخرى ذات غايات مماثلة او منافسة لأعمال الشركة او ممارسة عمل مماثل لأعمال الشركة سواء لحسابه او لحساب الغير بأجر او بدونه او الاشتراك في ادارة شركة اخرى ذات غايات مماثلة او منافسة لأعمال الشركة وذلك لأن هذا الحظر يمكن تجنبه بموافقة الهيئة العامة بأغلبية 75% من الحصص المكونة لرأسمال الشركة ذات المسؤولية المحدودة وبموافقة مجلس الادارة في الشركة المساهمة الخاصة، وبما ان مدير الشركة في هذا الحالة يملك 100% من رأسمال الشركة فالأغلبية متوافرة وبما ان مجلس الادارة في الشركة المساهمة الخاصة يتمثل في شخص المساهم الوحيد في الشركة فالموافقة حاصلة، كما ان العلة من الحظر وهي منع منافسة الشركة لا وجود لها مع شركة الشخص الواحد. اما اذا كان مدير الشركة الشخص الواحد غير الشريك الوحيد فإنه يمنع عليه مباشرة الأعمال السابقة الا اذا حصل على موافقة الشريك الوحيد .
واذا ما قام مدير الشركة (على فرض بأنه غير الشريك) بالأعمال السابقة دون الحصول على موافقة الشريك الوحيد يمهله مراقب الشركات مدة ثلاثين يوماً من تاريخ عمله بذلك لتوفيق اعماله، فإن لم يصوب اوضاعه يعاقب بغرامة لا تقل عن الف دينار ولا تزيد عن عشرة آلاف دينار مع الزامه بالضرر الذي لحق بالشركة ، ويعتبر المدير فاقداً لوظيفته اذا ما استمرت المخالفة في حالة الشركة ذات المسؤولية المحدودة وبغرامة لا تزيد على الف دينار في حالة الشركة المساهمة الخاصة (م63/ب و74/ج مكرر). وتقوم مسؤولية مدير الشركة تجاه الغير اذا كان الشريك الوحيد هو مدير الشركة وتجاه الشريك والغير اذا كان المدير هو غير الشريك لارتكابه أي مخالفة لأحكام قانون الشركات والأنظمة الصادرة بموجبه ولعقد تأسيس الشركة ونظامها (م61 و 73 مكرر) .
المطلب الرابع : رأس مال شركة الشخص الواحد
إن الحد الأدنى لرأسمال شركة الشخص الواحد في إطار الشركة ذات المسؤولية المحدودة هو ثلاثون الف دينار اردني (م54/أ ). ويمكن للشريك الوحيد ان يقدم جزءً من رأسمال الشركة على شكل حصة عينية ولكن لا يجوز له ان يقدم كل رأس مال الشركة على شكل حصة عينية لأنه يحتاج الى سيولة لمباشرة اعمال الشركة. الا ان المادة (58) تلزم الشريك الوحيد اذا ما اراد ان يقدم جزءً من رأسمال الشركة حصة عينية
ان يحافظ عليها الى حين تسجيلها بإسم الشركة ونقل ملكيتها اليها، واذا لم يقم بهذا الالتزام يبقى مديناً بدفع قيمتها نقداً وفق السعر المعتمد عند تحرير نظام الشركة. ولمراقب الشركات ان يطلب ما يثبت صحة تقدير قيمة الحصص العينية، وتعتبر حقوق الاختراع والمعرفة الفنية وغيرها من الحقوق المعنوية من المقدمات العينية .
ويجب على الشريك الوحيد في الشركة ذات المسؤولية المحدودة ان يقدم ما يثبت انه قد دفع ما لا يقل عن 50% من راسمال الشركة خلال السنتين التاليتين لتسجيلها (م59/ب). وهذا المبلغ هو الضمان لمجموع الدائنين نظراً لمسؤولية الشريك المحدودة عن ديونها والتزاماتها .
وقد استلزم القانون الألماني حداً ادنى لرأسمال شركة الشخص الواحد قيمته (50.000) مارك الماني يكتتب فيها الشريك الوحيد بكاملها وقت التأسيس (م5)، كما اشترط القانون الفرنسي ان لا يقل رأسمال هذه الشركة عن (50.000) فرنك فرنسي الا انه لم يشترط الاكتتاب بكامل الحصة مباشرة وقت التأسيس(م35)، في حين لم يشترط القانون الانجليزي حداً ادنى لرأسمال هذه الشركة. ونرى انه من الضروري وضع حد ادنى لرأسمال هذه الشركة على اعتبار انه الضمان الوحيد للدائنين وفي ظل المسؤولية المحدودة للشريك عن ديون هذه الشركة والتزاماتها وزيادة رأسمالها الى خمسين الف دينار اردني، كما انه من الأفضل دفع هذا المبلغ الكامل عند تأسيس هذه الشركة وذلك لضمان جدية هذه الشركة. اما الحد الأدنى لرأسمال الشركة المساهمة الخاصة فهو مجموع القيم الاسمية لأسهم الشركة والذي يجب ان لا يقل عن خمسين الف دينار اردني (م 69 مكرر) ولا يمكن تسجيل هذه الشركة ما لم يقدم المساهم الوحيد ما يثبت انه قد دفع بالفعل ما لا يقل عن خمسين الف دينار (م 69/ب مكرر).
ولذلك يقترح البعض(73) – وبحق – من انصار شركة الشخص الواحد وضع حد ادنى لرأسمال هذه الشركة يفوق الحد الأدنى لرأسمال الشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركة المساهمة الخاصة المكونة من اكثر من شريك وذلك لأن رأسمال شركة الشخص الواحد هو الضمان الوحيد لهذه الشركة في ظل غياب رقابة باقي الشركاء على بعضهم البعض كونها مكونة من شريك وحيد. كما لا بد من ضمان الوجود الفعلي لرأسمال هذه الشركة من خلال اشتراط دفع كامل رأسمال هذه الشركة المسجل فوراً عند تسجيلها، وهذا ما فعله المشرع الأردني بخصوص الشركة المساهمة الخاصة ( م 69/ب). ولا بد من مراقبة تقييم الحصص العينية التي قد يقدمها الشريك الوحيد بهدف حماية دائني الشركة، هذا الى جانب تقدير مسؤولية الشريك الوحيد عن الفرق بين التقدير الحقيقي والتقدير المبالغ فيه للحصة العينية. كما لابد من تقديم كفالة مصرفية بقيمة الحصة العينية وهذا من شأنه أن يؤدي إلى إطمئنان الغير عند الوجود الحقيقي لرأسمالي الشركة(74)
ويجب ان تخضع شركة الشخص الواحد الى رقابة مالية يتولاها مراقب حسابات يعين من خلال مراقب الشركات وذلك لضمان عدم الخلط بين اموال الشريك الشخصية واموال الشركة وذلك من خلال تدقيق حسابات الشركة. ولا بد من الافصاح عن الصفة الفردية والمحدودة للشركة سواء من خلال عقد التأسيس او من خلال العقود والمستندات والفواتير والاعلانات الصادرة عنها. وتتحول مسؤولية الشريك المنفرد من مسؤولية محدودة الى مسؤولية شخصية في كل أمواله وذمته المالية اذا ما ثبت غشه وتحايله ومحاولته الخلط بين الذمة المالية للشركة وذمته المالية الخاصة.
المطلب الخامس : الذمة المالية للشركة
تتمتع شركة الشخص الواحد بشخصية معنوية مستقلة عن شخصية الشركاء ، ويعود الاعتراف بالشخصية المعنوية المستقلة للشركة بشكل عام الى القرون الوسطى مع ظهور شركات التوصية البسيطة وشيوعها في التجارة البرية، كما تعمقت هذه الفكرة بانشاء شركات الاسهم في بداية العصر الحديث مع وجود حركات الاستكشاف البحري ورحلات التجار التي قادتها الدول البحرية(75).
وتعتبر الشخصية المعنوية الأساس القانوني لشركة الشخص الواحد، إذ بعد أن كان ينظر للشخصية المعنوية للشركة على أنها مرتبطة بتعدد الشركاء لقيامها أصبح ينظر لها على عدم ارتباطها بفكرة تعدد الشركاء واصبح بإمكان شخص واحد أن ينشيء شركة بمفرده دون حاجة الى شركاء آخرين بسبب الضرورات العملية، وذلك بعد تعديل المفاهيم التقليدية في كل من قانون الشركات والقانون المدني وضمان حماية الغير(76) .
ان تبني نظام تجزئة الذمة المالية للمستثمر من خلال مباشرة شركة من شخص واحد يخالف مبدأ وحدة الذمة المالية الذي يقوم اساساً على ان جميع اموال المدين ضامنة للوفاء بديونه (م 365 من القانون المدني الأردني). إذ بموجب شركة الشخص الواحد يمكن لتاجر أن يخصص جزءً من أمواله لأغراض التجارة في إطار شركته وتكون هذه الأموال هي فقط الضامنة لديون هذه الشركة ولن تكون أمواله الأخرى ضامنة لديونه الخاصة بالشركة.
إن هناك خطر الإختلاط بين الذمة المالية لشركة الشخص الواحد والذمة المالية للشريك الوحيد من حيث الأموال أو الإلتزامات، ويزداد هذا الخطر في حالة وجود أكثر من ذمة مالية للشريك الوحيد. ويعود هذا الخطر إلى صعوبة وضع حدود فاصلة بين أموال الشريك الوحيد الخاصة وأمواله التي خصصها للإستثمار في شركة الشخص الواحد، لذلك يجب وضع نصوص قانونية تمنع مثل هذا الإختلاط. كما يمكن أن يحدث الإختلاط في الإلتزامات الخاصة بالشريك الوحيد وإلتزامات شركة الشخص الواحد(77). ومثل هذه المخاطر تدفع البنوك إلى طلب كفالات شخصية من قبل الشريك الوحيد إذا ما اراد الحصول على قرض لمصلحة الشركة وهذا مما يؤدي إلى إهدار الفائدة المرجوة من تحديد مسؤولية الشريك الوحيد (78). ولذلك إقترح البعض(79) تعطيل مبدأ تحديد المسؤولية إذا ثبت أن هناك خلطاً بين الذمة المالية الشخصية للشريك الوحيد وذمة الشركة وقصر أنشاء شركة الشخص الواحد على المشروعات الصغيرة وتحديد حد أدنى لرأسمال هذه المشروعات.
لكل ما سبق، فإننا نرى أنه يجب تحديد مكونات وقيمة الأموال التي تدخل في ذمة التخصيص ( الذمة المالية لشركة الشخص الواحد)، ووضع حد أدنى لرأسمال هذه الذمة المالية، وفرض رقابة على حقيقة هذه الأموال وقيمتها، ويمكن لصاحب الشركة إدارة هذه الذمة المالية كما قد يسمح للغير بإدارتها شريطة تحديد سلطات وحقوق هذا الغير، على أن يراعى في هذا الشأن إجراءات النشر والشهر لدى السجل التجاري بهدف حماية دائني الشركة بخصوص مشروعه التجاري.
المطلب السادس:- عدم وجود تنظيم قانوني مستقل للشركة
أشارت المادتان (53/ب و 65 /أ مكرر) من قانون الشركات الأردني إلى إمكانية تسجيل شركة ذات مسؤولية محدودة مؤلفة من شريك واحد وشركة مساهمة خاصة مؤلفة من شخص واحد، كما أشارت المادة (90/ب) من ذات القانون بعد التعديل إلى إمكانية أن تؤول ملكية شركة مساهمة عامه إلى مساهم واحد دون إيجاد أحكام قانونية خاصة بتنظيم هذه الأنواع من الشركات. ويستفاد من ذلك إتجاه نية المشرع نحو تطبيق الأحكام القانونية المتعلقة بالشركة ذات المسؤولية المحدودة المؤلفة من شركيين أو أكثر على الشركة ذات المسؤولية المحدودة المؤلفة من شريك واحد وتطبيق أحكام الشركة المساهمة الخاصة المؤلفة من شريكين على الشركة المساهمة الخاصة المؤلفة من شخص واحد وبتطبيق أحكام الشركة المساهمة العامة المملوكه من أكثر من مساهم على الشركة المملوكه من مساهم واحد ما عدا تلك الأحكام التي تتنافى مع فكرة وجود شريك وحيد في الشركة.
إلا أن الأحكام القانونية التي تنظم كل من الشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركة المساهمة الخاصة والشركة المساهمة العامه لا تسعفنا في الإجابة على كثير من التساؤلات المتعلقة بشركة الشخص الواحد ومنها: مدى قدرة الشخص الواحد على إنشاء شركات شخص واحد أخرى بشكل واضح؟ وهل يفهم من عدم وجود نص خاص يعالج هذه المسألة أن الأصل في الأمور الإباحة، وبالتالي يجوز للشريك الوحيد إنشاء شركات شخص واحد أخرى أم يمنع عليه ذلك؟ وإذا منعنا الشريك الوحيد من إنشاء شركات شخص واحد أخرى فإن هذا قد يدفعه إلى إنشاء شركات وهمية يكون هو المالك الفعلي لها وهي من المبررات الهامة لإنشاء شركة الشخص الواحد كما أشرنا سابقاً. وإذا ما سمحنا للشريك الوحيد إنشاء شركات شخص واحد أخرى أدى ذلك إلى تقسيم ذمته المالية إلى ذمم مالية صغيرة مما يلحق ضرر بالدائنيين الذين تشكل الذمة المالية للشركة ضمانهم الوحيد.
كما لم ينظم المشرع الأردني مدى مسؤولية الشريك الوحيد عن الخلط بين ذمته المالية الخاصة والذمة المالية للشركة فكل من الذمتين مستقلتين ولا يجوز الخلط بينهما، كأن يظهر الشريك الوحيد للغير بأنه يتعامل لحساب الشركة في حين أنه يتعامل لحسابه الخاص، ولذلك فإن إخفائه لإيراد أعماله في الشركة في ذمته المالية العامة سوف يضر بدائني الشركة حتى لا يكون بمقدورهم الحجز عليها لأن مسؤولية الشريك الوحيد محدودة في نطاق الأموال التي خصصها لمباشرة أعمال الشركة. ولم يوفر القانون حماية للغير إذ لم يفرض التدخل الإجباري لمراقب الحسابات، ولم يعالج الإتفاقات التي تتم بين الشريك الوحيد والشركة خاصة إذا لم يحافظ الشريك الوحيد على الفصل الواجب بين ذمته الشخصية وذمة الشركة(80).
وإذا كان المشرع الأردني قد نظم بقاء الشركة ذات المسؤولية المحدودة المؤلفة من أكثر من شريك وإقتصارها على شخص واحد، وهي الطريقة غير المباشرة لتأسيس شركة الشخص الواحد نتيجة إجتماع حصص الشركة في يد شريك واحد، كما اٍعترف بالطريقة غير المباشرة لتكوين الشركة المساهمة الخاصة وذلك عندما أجاز أن يصبح عدد مساهمي هذه الشركة شخصاً واحداً بعد أن تكون قد سجلت من شريكين أو أكثر (65/أ مكرر). فقد كان الأجدر به أن يجيز إستمرار شركة التضامن رغم إقتصارها على شريك واحد نتيجة وفاة أو إنسحاب باقي الشركاء لا أن يجعلها محلولة حكما بعد إعطاء الشريك الوحيد مهلة ثلاثة أشهر لتصويب أوضاع الشركة (م 28/د)، خاصة إذا ما علمنا أن مسؤولية الشريك الوحيد مسؤولية شخصية غير محدودة في شركة التضامن وهذا من شانه أن يزيد من ضمانات الدائنيين في الحصول على ديونهم أكثر من الشركة ذات المسؤولية المحدودة.
الخــاتمة
مما سبق يمكن القول بأن هناك ضرورة لتبني شركة الشخص الواحد كفكرة تبناها المشرع الأردني في إطار الشركة ذات المسؤولية المحدودة والشركة المساهمة الخاصة وذلك لأغراض الإنفراد في الإدارة وتشجيع الإستثمار، الا أن هذه المبررات لا تجد لها مكاناً بخصوص الشركة المساهمة العامة التي يجب أن تبقى بعيده عن إمكانية أن يتملكها مساهم واحد. وفي كل الأحوال لا بد من إيجاد نصوص قانونية تعالج كافة المسائل المتعلقة بشركة الشخص الواحد ، وفي هذا السياق فإننا نقترح ما يلي:-

لا بد من إيجاد أسس وضوابط واضحة وصريحة تساعد مراقب الشركات في تنسيبه لوزير الصناعة والتجارة بالموافقة على تسجيل شركة شخص واحد في إطارالشركة المساهمة الخاصة وكذلك في حالة الشركة المساهمه العامه التي تؤول ملكيتها لمساهم واحد، مع التأكيد على تحفظنا السابق بخصوص عدم جواز إنشاء شركة شخص واحد في إطار الشركة المساهمة العامة. إذا اقتصرت المادتان (65/أ مكرر و90/ب) من قانون الشركات الأردني على ذكر “تنسب مبررً دون توضيح معيار وضابط هذا التنسب. وهذا التعديل سوف يساعد على التقليل من تحكم جهة الإدارة في الموافقة على تسجيل هذا النوع من الشركات، وهذا ما فعله قانون الشركات الأردني بخصوص الشركة ذات المسؤولية المحدودة (م53/ب).

تعديل نص المادة (28/د) بحيث تسمح بإستمرار شركة التضامن بشريك واحد إذا ما آلت إليه جميع حصص الشركاء الأخرين نتيجة الوفاة آو الانسحاب وعدم اعتبار الشركة منحلة حكماً إذا لم يتمكن الشريك الوحيد من إيجاد شريك أو شركاء آخرين خلال ثلاثة اشهر ، خاصة مع وجود المسؤولية الشخصية للشريك المتبقي عن خسائر وديون الشركة.

تعديل نص المادة ( 582) من القانون المدني الأردني والتي تعرف الشركة بأنها عقد وذلك بإضافة أن الشركة قد تنشأ بعقد او إرادة منفردة لكي يستوعب النص الجديد تأسيس شركة من شخص واحد، وفي حال تعديل المادة (582) من القانون المدني الأردني لا بد من تعديل المواد (53/ب، 65/مكرر و90/ب) من قانون الشركات.

لا بد من إضافة نصوص قانونية جديدة تعالج النقاط التي تخص شركة الشخص الواحد منها:-
الإشارة صراحة إلى إمكان الشخص الاعتباري تكوين شركة شخص واحد.
بيان مدى إمكانية الشخص الواحد تكوين اكثر من شركة شخص واحد.
وضع ضمانات إضافية لشركة الشخص الواحد كرفع الحد الأدنى لرأسمال هذه الشركة والتأكد من دفع رأس المال بالكامل عند تأسيس الشركة وعدم السماح بتقسيطه .
وضع جزاءات في حالة الخلط بين الذمة المالية الخاصة للشريك والذمة المالية لشركة الشخص الواحد.
هـ- وضع نصوص قانونية خاصة بتنظيم الرقابة المالية على أعمال شركة الشخص الواحد من خلال تعيين مدقق حسابات من قبل مراقب الشركات.
إلغاء المادة (36) من القانون المعدل لقانون الشركات رقم (40) لسنة 2002 والتي سمحت بموجبها تملك مساهم واحد لشركة مساهمة عامة وإبقاء الوضع على ما كان عليه قبل التعديل

اعادة نشر بواسطة محاماة نت