بحث ودراسة قانونية حول انعدام الاحكام في التشريع العراقي

جمهــورية العــــراق
مجلــس القضـاء الأعلـى

انـعــــــدام الأحــكــــــــام
دراســــــــة فــــي القــــــــانــــون العــــــــراقـــي

أعــــــــــداد
شهـــــــــــاب احمـــــــــــــد يـــاسيـــــــــــن
قــــاضي بـــــــداءة الـــرصافـــــــــة

بحــــــث مقـــــدم إلــــى
مجلــــــــس القضــــــــاء الأعــــــــلى
وهـــــــــــو جـــــــــــزء مـــــن متطلبـــــــــات التــرقيــــــــــة إلـــــى الصنـــــــــف الثـــــــاني مــــــن أصنــــــــاف القضــــــــاة
بإشـــــراف القــــــاضي
لقمـــــــان ثــــابــــــت عبـــــد الــــــــرزاق
نائب رئيس محكمة استئناف بغداد / الرصافة الاتحادية
بغــــــــــــــــــــداد
1430 هـ 2009م
بســـــــــم الله الــــــرحمــمـــن الـــــــرحيــــــــــم

شكـــــر وتقـــديـــــر

لايسعني وأنا انهي إعداد بحثي هذا إن أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان لعناية الأستاذ الفاضل جعفر محسن علي رئيس محكمة استئناف بغداد الرصافة الاتحادية لموافقته الجليلة لي على الكتابة في موضوع انعدام الأحكام وكونه من المواضيع الجيدة والجديدة في ذات الوقت كما أتقدم بشكري العظيم إلى أستاذي نائب الرئيس الفاضل موفق العبدلي رئيس اللجنة العلمية في هذه الرئاسة الموقرة لما أحاطني به من رعاية سواء ماتعلق منها باختيار البحث وتزويدي بمصادره المختلفة والموافقة الجليلة على الكتابة فيه كونه من البحوث الجديرة بالاعتبار كما أتقدم بعظيم شكري كذلك إلى أستاذي المشرف على هذا البحث الفاضل نائب رئيس الاستئناف الأستاذ لقمان ثابت عبد الرزاق لتوجيهاته السديدة لي أثناء الكتابة إضافة لما زودني به من مصادر مختلفة استلت من قبله من شبكة الانترنيت كما أتقدم بشكري الكبير إلى أخي الكبير وأستاذي الفاضل زهير عبد الصاحب حسين العلي نائب رئيس هيئة الإشراف القضائي لما قام به من جهد في تزويدي ببعض مصادر هذا البحث كما أقدم شكري وتقديري إلى الأستاذ الفاضل عز الدين حموش المدعي العام أمام محكمة جنايات الرصافة عضو اللجنة العلمية في هذه الرئاسة لما تفضل به من تزويدنا ببعض مصادر هذا البحث كما أقدم شكري وتقديري إلى صديقي القاضي حسن فؤاد منعم لما قدمه لي من كتب ومصادر أعانتني في كتابة هذا البحث وانجازه كما لا يفوتني إن أقدم شكري وتقديري لكل من قدم يد العون والمساعدة لي في كل ما يتعلق بإعداد هذا البحث ومصادره وطباعته وإعداده بشكله النهائي .
فحق علي إن أسجل لهم جميعاً شكري وتقديري وعظيم احترامي وامتناني .
مع التقدير والاحترام …..

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمه .

تعرف الأحكام على إنها القرارات التي تصدرها المحاكم في منازعات رفعت إليها وفقاً لقواعد المرافعات 1) وهذه الأحكام تقسم من حيث موضوعها الى قرارات قطعية وهي الحكم الحاسم الذي تنتهي به الدعوى وهو الحكم الصادر في الموضوع بالفصل فيها ويؤدي إلى رفع يد المحكمة عن الدعوى . وهو الذي يقبل الطعن فيه بالاستئناف أو التمييز أو الاعتراض أن كان قد صدر بغياب احد الطرفين .
ولايجوز للمحكمة بعد أن تصدر حكمها الحاسم أن تنظر في الدعوى مجدداً مالم يفسخ من قبل محكمة الاستئناف أو ينقض من قبل محكمة التمييز الاتحادية , أو يعترض عليه أن كان قد صدر غياباً بحق احد الخصوم . ومثلها الحكم الصادر برد دعوى المدعي لعدم تمكنه من إثبات دعواه ولحلف خصمه اليمين والحكم الصادر عن المحكمة بالحكم على المدعى عليه بالمبلغ المدعى به والحكم الصادر برد الدعوى لعدم اختصاص المحكمة الوظيفي والحكم الصادر برد الدعوى لوجود التقادم المسقط .
أما القرارات غير القطعية فهي تلك التي نصت عليها المادة (155) من قانون المرافعات المدنية (2)
وهي تصدر قبل صدور الحكم الحاسم للدعوى وهي القرارات المؤقته والاعداديه وقرارات القرينة . والقرار المؤقت هو الذي يتضمن الأمر باتخاذ التدبير اللازم اتخاذه مؤقتاً وتتخذ المحكمة هذا القرار قبل الفصل في الدعوى . ومثاله القرار الصادر عن المحكمة ببيع المواد القابلة للهلاك أو التلف وحفظ ثمنها أمانة في المحكمة إلى نتيجة الدعوى .
أما القرار الإعدادي فهو الذي يتضمن الأمر باتخاذ تدبير يسهل الفصل في الدعوى ويهيئؤها لإصدار الحكم فيها وذلك دون أن يشعر بما سيكون عليه حكم المحكمة في أساس الدعوى . ومثاله القرار الصادر عن المحكمة بتكليف المدعي بإثبات دعواه أو تكليف المدعى عليه بإثبات دفعه .
أما قرار القرينة فهو الذي يتضمن الأمر باتخاذ تدبير يسهل الفصل في الدعوى ويهيؤها لإصدار الحكم فيها , ومنه يستفاد ماسيكون عليه ذلك الحكم , ومثاله سؤال المحكمة للمدعي العاجز عن إثبات دعواه عما إذا كان يريد تحليف خصمه اليمين الحاسمة من عدمه .
وان هذه القرارات التي تصدر أثناء سير المرافعة ولاتنتهي بها الدعوى لايجوز الطعن فيها إلا بعد صدور الحكم الحاسم للدعوى كلها عدا القرارات التي أباح القانون تمييزها مستقلاً بموجب أحكام المادة (216) من قانون المرافعات المدنية .
ويجوز للمحكمة أن ترجع عن القرارات المؤقته والاعداديه والقرينة شريطة أن تدون أسباب ذلك في محضر المرافعة . وذلك أذا تبين لها عدم صحة تلك القرارات وذلك حتى تطلع محكمة الاستئناف عند استئناف الحكم أو محكمة التمييز عند تمييزه على الأسباب التي حدت بالمحكمة إلى الرجوع عنها . لتبيان مدى مطابقة الرجوع للقانون من عدمه .

كما تنقسم الأحكام من حيث قابليتها للطعن فيها بمختلف طرق الطعن إلى أحكام صادرة بدرجة أولى وأحكام صدارة بدرجة أخيرة والى أحكام حازت درجة البتات . والأحكام الصادرة بدرجة أولى , هي القرارات القطعية الصادرة من محاكم للبداءة في الدعاوى المدنية والتجارية التي تزيد قيمتها على ألف دينار .وهي تقبل الطعن بطريق الاستئناف أو الطعن بطريق التمييز وكذلك الأحكام المتعلقة بإشهار الإفلاس وتصفية الشركات فإنها تقبل الطعن بطريق الاستئناف مهما كانت قيمة الدعوى .(3) أما الأحكام الصادرة بدرجة أخيره , فهي تلك القرارات القطعية الصادرة من محاكم البداءة بمبلغ ألف دينار أو اقل في الدعاوي المدنية أو التجارية وهي تقبل الطعن بالتمييز فقط وكذلك الأحكام الصادرة من محاكم الأحوال الشخصية ومحاكم المواد الشخصية للطوائف غير الإسلامية . فإنها تعتبر بدرجة أخيرة تقبل الطعن بالتمييز. (4) أما الأحكام التي حازت درجة البتات (5) فهي الأحكام النهائية التي تضع حداً للنزاع المرفوع أمام القضاء ويكتسب الحكم درجة البتات أما بتأييده استئنافاً وتصديقه تمييزاً أو إذا بلغ الخصوم بالحكم ولم يطعنوا فيه بطرق الطعن المقررة قانوناً (6) أو إذا اتفق الخصوم واسقطوا حقهم بالطعن بالحكم (7)
فيصبح الحكم استناداً لذلك مكتسباً لدرجة البتات . ويترتب على ذلك انه لايجوز رؤية الدعوى مجدداً أو عرض النزاع مرة ثانية أمام القضاء .

ولكن يجوز الطعن بالأحكام المكتسبة درجة البتات عن طريق إعادة المحكمة وكذلك بطريق اعتراض الغير الخارج عن لدعوى (8)وتعتبر الأحكام التي حازت درجة البتات من القرائن القانونية وتكون حجة بما فصلت فيه من الحقوق , ولايجوز قبول دليل ينقض هذه القرينة (9)
كما تنقسم الأحكام من حيث صدورها في حضور الخصوم او في غياب احدهم إلى أحكام حضورية وأحكام غيابية (10)
وخلاصة ماتقدم فان للأحكام القضائية ثلاثة أركان وهي : ـ
1. صدورها من محكمة مختصة تابعة للسلطة القضائية (11)
2. صدورها في خصومه ومنازعة بين الخصوم رفعت إلى المحكمة وفق قانون المرافعات المدنية .
3. صدورها مكتوبة وليس بصورة شفوية (12)
وإذا فقد الحكم احد هذه الأركان فانه يفقد صفته كحكم وبالتالي ينعدم وجوده من الناحية القانونية كحكم قضائي ومن هنا كانت فكرة الحكم القضائي المعدوم , فكرة أخذت مجالها الواسع في تطبيقات القضاء ومناقشات الفقه وتنظيره لقواعدها وآثارها .إذ إن الحكم المعدوم هو الحكم الذي يكون فاقد عنصراً هاماً من عناصر تكوينه , فاعتبر القضاء أن الفعل لم يوجد ولم يتكون ولايفلح أي اثر قانوني , وقد شبه بعضهم العمل القانوني بالمخلوق الذي إذا نقصه بعض الأعضاء الجوهرية اللازمة لتكوينه بحيث تستحيل حيا فانه يعتبر حينئذ ولد ميتاً أي انه يتكون ولم يخلق لعالم الوجود فهو معدوم حتماً . أما إذا كان مزوداً بكافة الأعضاء اللازمة للحياة لكن بعضها جاء مشوها ً أو مريضاً فان ذلك المخلوق ليس فقط بالمريض أو المختل الذي تشفيه الإجازة فهو موجود ولكنه قابل للإبطال (13) .
ولأهمية هذه الفكرة , إضافة لخلو التشريع العراقي من نص صريح الفحوى يعالج أحكام هذه الفكرة وأثارها . فقد دفعني ذلك إلى تأصيل هذه الفكرة واثارها بوصفها فكرة عامة تشمل أي حكم سواء أكان مدنياً أو تجارياً أو جزائياً أو إدارياً أو شرعياً (14) إذ إننا أنما عنينا بالحكم القضائي بصوره العامة المختلفة دون الحصر في موضوع دون آخر لان فكرة الحكم هي فكرة واحدة وقواعده عامة واحدة (15) , مهما تنوعت القضايا والدعاوى المنظورة من قبل القضاء .
وبعد هذا وذاك , فإننا ألينا أن نقسم هذا البحث البسيط إلى مباحث ثلاث تناولنا في الأول منها أساس فكرة الحكم المعدوم وبحثنا في ثانيها عن الآثار القانونية لانعدام الحكم وتطرقنا في المبحث الثالث عن المحكمة المختصة في نظر انعدام الحكم

سائلين العلي القدير أن يكون قد وفقنا في هذا , وهو من وراء القصد وهو ولي التوفيق .

المبحـــث الأول أســـاس فكـــرة الحكــــم المـــعــــدوم

وفي هذا المبحث حاولنا الوقوف على هذا الأساس في مفهوم الفقه القانوني , ومن ثم في التشريع العراقي . وبالتالي أساس الفكرة في أحكام القضاء . وفي مطالب ثلاثة وعلى النحو الآتي .

المطلب الأول / أساس الفكرة في مفهوم الفقه .
المطلب الثاني / أساس الفكرة في التشريع العراقي .
المطلب الثالث / أساس الفكرة في أحكام القضاء العراقي والمقارن كلما أمكن ذلك .

المطلــــب الأول أســاس الفكـــرة فــي مفهـــوم الفقـــه القــانــونــي

أطلق الفقهاء الألمان على الحكم المعدوم مصطلح اللاحكم , ومعنى الانعدام إن الحكم غير موجود إذا فقد ركن من أركانه الأساسية أو إصابة عيب جوهري أصاب كيانه (16) , ومظهر الانعدام عدم الوجود ومظهر أو جزاء عدم الصحة هو البطلان .
حيث يختلف الانعدام عن البطلان لان مصدرهما التباين بين عدم الوجود وعدم الصحة . هذا وان الحكم المعدوم لايرتب أي اثر قانوني . كما إن الانعدام يترتب بقوة القانون . وهو لايقبل التصحيح لأنه شيء غير موجود ولايقبل الافتراض . بخلاف البطلان فانه يفترض بادي ذي بدء الصحة في الحكم والحكم المعدوم لاتلحقه حصانة ولايحوز حجية الأحكام الباتة ويمكن الطعن فيه في أي وقت , ولكن من الناحية المنطقية لايحتاج الحكم المعدوم الى الطعن به لأنه لاحاجة لإعدام المعدوم ولكن لما كان الحكم يحمل مظهر الوجود الواقع فمن المصلحة تقرير انعدام الحكم .
فهو لايزول عيبه بفوات مدة الطعن فيه ولايغلق بصدده أي سبيل للتمسك بانعدامه فمن الجائز الطعن فيه ولو بعد فوات الميعاد القانوني للطعون القانونية وهو لايكسب من صدر لمصلحته أي حق يستحق حمايته ويمكن الطعن بالحكم المعدوم مهما امتد به الزمان . ومن كل ماتقدم نجد بان العيب الذي اعترى الحكم قد أصاب ركناً من أركانه الأساسية أو كان العيب جوهرياً أصاب كيانه فانه يفقد الحكم صفته وطبيعته كحكم , أما إذا كان هذا العيب لايعدو أن يكون شائبة تصيب صحته دون أن تمتد إلى انعقاده وكيانه فانه يكون باطلاً وليس معدوماً (17)
فحالات الانعدام هي اعنف من حالات البطلان , وأمعن في الخروج على القانون . وضرب الفقه لها صوراً منها , صدور الحكم من شخص لايعتبر قاضياً أو من قاض لم يحلف اليمين القانونية , أو من قاض زالت عنه ولاية القضاء بسبب العزل أو الإحالة على التقاعد أو الاستقالة (18)
والحكم الصادر من قاض جاء تعينه باطلاً ومخالفاً للقانون بصورة صريحة أو فاضحة . ومع ذلك فقد حكم في فرنسا بعدم جواز تمسك الخصوم ببطلان تعيين القاضي ليصلوا من وراء ذلك إلى التمسك بانعدام الأحكام التي أصدرها فمتى تم تعيين القاضي وتم حلفه اليمين القانونية كانت له في نظر خصوم الدعوى الصفة الكاملة لنظرها .
وإذا توفي القاضي بعد المداولة وقبل النطق بالحكم وجب فتح باب المرافعة بالدعوى من جديد وإعادة تشكيل الهيئة بإدخال عضو يحل محل العضو المتوفي . وإلا اعتبرت الهيئة التي أصدرت الحكم غير التي سمعت المرافعة . أما إذا توفي القاضي بعد جلسة النطق بالحكم التي حضرها وقبل التوقيع على مسودته فان الحكم يكون باطلاً ولايكون معدوماً إذ يعد قائماً , ونرى بان الحكم في هذه الحالة معدوماً وليس باطلاً لان تحرير الحكم وكتابته هي احد أركان الحكم والتحرير يقضي التوقيع وهو من مستلزمات تمام التحرير عملاً بأحكام القانون وعلى النحو الذي تقدم ذكره .
وسواء كانت المحكمة مما تتشكل من قاض واحد أو هيئة (19) كما يعتبر معدوماً الحكم الصادر من قاض موقوف بصفة مؤقتة عن عمله . وإذا حجر على القاضي فان جميع ما أصدره من أحكام يعد معدوماً من وقت توقيع الحجر عليه . والطلب بتوقيع الحجر عليه أمام المحكمة المختصة لايوقف في ذاته القاضي عن عمله .
ولا يعتبر الفقه معدوماً الحكم الذي يصدر من قاض ندب إلى المحكمة التي اصدر الحكم فيها بطريقة غير صحيحة (20) كما ويعتبر معدوماً الحكم الصادر من قاضيين بدلاً من ثلاثة بشرط ان يكون الحكم قد صدر بالفعل منهما دون الثلاثة أما صدور الحكم من أربعة قضاة بدلاً من ثلاثة فهو يبطله ولايعدمه .
ويذهب بعضاً من الفقه إلى بطلان الحكم الصادر من قاض يجوز رده , بافتراض إن طالب الرد لم يعلم بأسبابه إلا بعد صدور الحكم ولايعتبر معدوماً . ونرى بان حالات الرد سواء كانت وجوبيه أو جوازيه وفقاً لأحكام المواد (91 و 93) من قانون المرافعات المدنية متى ماتوافرت احد صورها في شخص القاضي فإنها تجعل من حكمه معدوماً لان المحكمة بشخص قاضيها لم تتشكل التشكيل القانوني السليم والصحيح (21)
واعتبر بعضاً من الفقه كذلك باطلاً وليس معدوماً , الحكم الصادر في قضية لم تمثل فيها النيابة العامة على الرغم من ان القانون يوجب تمثيلها (22). أما بشان الحكم الصادر عن جهة قضائية غير مختصة سواء وظيفياً أو نوعياً . فان رأي الفقه بشأنه قد ترد بين الانعدام على رأي وبين البطلان على رأي أخر (23) , ونرى بان الحكم في هذه الحالات يكون معدوماً لصدوره عن محكمة غير مختصة في إصداره أما وظيفياً أو نوعياً .
كما يعتبر معدوماً الحكم الصادر على من لم يبلغ اطلاقاً بعريضة الدعوى وكذلك الحال بالنسبة لحالة ما إذا أثبت الحكم قضائي تزوير ورقة التبليغ . كما يعتبر معدوماً الحكم الصادر على من أخرجته المحكمة من الخصومة والدعوى قبل صدور الحكم فيها , لأنه لم يكن طرفاً في الخصومة (24)التي انتهت بصدور الحكم لابشخصه ولابمن يمثله . كما يعتبر معدوماً الحكم الصادر على من قد توفى أو فقد أهلية التقاضي قبل رفع الدعوى عليه او على من لم يكن ممثلاً فيها على وجه الإطلاق . وذلك لان الخصومة هنا تكون غير منعقدة ومتحققة قانوناً (25) لأنها تنعقد بين أطراف أحياء .
كما ذهب جانب من الفقه (26) إلى القول بان الحكم في غير ماطلبه الخصم أو بأكثر مما طلبه يعتبر في واقع الأمر صادراً في غير خصومه ويعد

معدوماً . ونرى إن هذه الوقائع لاتشكل صورة من صور انعدام الأحكام كما إن هذه الوقائع تعتبر وبموجب أحكام المادة (203 /5) من قانون المرافعات المدنية من الأخطاء الجوهرية التي توجب نقض الحكم الذي يعتريه هكذا أخطاء . كما لايعتبر معدوماً الحكم الصادر في الدعوى ألمقامه على غير ذي صفة . لان الحكم هنا ليس فيه مايفقده أركانه الأساسية . في حين يعتبر معدوماً الحكم غير المكتوب أو الذي لم يوقع عليه القاضي أو رئيس الهيئة التي أصدرته أو الذي لم يذكر فيه اطلاقاً اسم المدعي والمدعى عليه .في حين لايعتبر معدوماً الحكم غير المسبب(27) لأنه لم يفقد احد أركانه الأساسية .
ومن كل ماتقدم نجد بان الضابط والمعيار في معرفة كون الحكم معدوماً من عدمه , هو كون العيب الذي اعترى الحكم قد أصاب ركناً من أركانه الأساسية أو كان العيب جوهرياً أصاب كيانه من عدمه .
كما ان فكرة الانعدام هذه قد لاقت قبولاً وصدى ومناقشة ليس في فقه قانون المرافعات فحسب بل امتد الأمر بشأنها إلى فقه القانون الإداري حيث تولى هذا الفقه مناقشة فكرة القرار الإداري المعدوم الذي ينعدم فيه احد أركانه الثلاثة وهي صدوره من سلطة عامة مختصة وكونه بقصد إحداث اثر قانوني لا مادي , أي إنشاء مركز قانوني أو تغيره أو زواله أو إلغائه وصدوره في المجال الإداري لذلك فان فكرة الانعدام لم تنحسر في مجال القرار القضائي فحسب بل امتدت فكرتها إلى مجال القرار الإداري (28).

المطلـــب الثــانـــي  أســاس فكــرة الانعــدام فـي التشـريــع العــراقــي

لاقت فكرة الانعدام هذه نقداً في الفقه الإجرائي (29) . حيث عارضها البعض , مقرراً إنها خالية من أي سند تشريعي وغير منطقية وخاطئة وغير دقيقة أو مفيدة .
ويذهب البعض الآخر إلى إن الرأي المتقدم محل نظر , إذ انه لايهدم فكرة الانعدام إنها بلا سند تشريعي , فالانعدام حالة بديهية تفرضها طبيعية الأشياء دون حاجة لنصوص تشريعية تقررها , بل إنها وجدت من اجل حل التناقض الظاهري بين القيود التشريعية على البطلان وما تقتضيه البداهة وطبيعة الأشياء . فهي فكرة مفيدة وتحول دون حجية الأمر المقضي به وتحرر الأحكام من قاعدة عدم جواز المساس بها في حالة فقدانها احد أركان وجودها .(30)
وهي كذلك فكرة منطقية ويذهب هذا الرأي إلى القول (( إذ طالما سلمنا باختلاف نظام العيوب المختلفة في العمل القضائي تصبح المشكلة اصطلاحية . والمنطق القانوني يقتضي تنويع الاصطلاح مع اختلاف النظم )) .
لذلك فالانعدام لايحتاج إلى تنظيم المشرع له لأنه تقرير للواقع , حيث لايعيب نظرية الحكم المعدوم إن ليس لها سند تشريعي صريح في قوانين العراق ومصر وفرنسا وغيرها لتنظيم الانعدام للحكم القضائي لان الانعدام(31) . لايحتاج إلى نص في القانون لان الانعدام حالة بديهة تفرضها طبيعية الأشياء دون حاجة إلى نصوص قانونية كما إنها منطقية ومفيدة لأنها تتماشى مع ضرورات الحياة العملية . وهذا بخلاف البطلان الذي يحتاج لتنظيم المشرع له أي إلى قانون ينظم ذلك .
كما يلاحظ بان هناك تشريعات وان لم تتضمن اصطلاح الانعدام في ثنايا قوانينها الإجرائية بصراحة إلا إنها ثبتت فكرته .ومنها قانون المرافعات الايطالي في المادة (161 / ف2) منه التي قضت على أن الحكم غير الموقع عليه من القاضي لايخضع للقيود المقررة للأحكام (32) .ونرى إن منها ايضاً القانون العراقي حيث نصت المادة (160/1) من قانون المرافعات المدنية المعدل النافذ حيث قضت بان يوقع على الحكم من قبل القاضي أو من رئيس الهيئة وأعضائها قبل النطق به . كما نصت المادة (161) من ذات القانون على ان يتلى منطوق الحكم علناً بعد تحرير مسودته وكتابة أسبابه الموجبة في الجلسة المحددة لذلك . كما قضت المادة (3) من ذات القانون ايضاً حيث نصت هذه المادة من انه يشترط ان يكون كل من طرفي الدعوى متمتعاً بالأهلية اللازمة لاستعمال الحقوق التي تتعلق بها الدعوى ولأوجب أن ينوب عنه من يقوم مقامه قانوناً في استعمال هذه الحقوق .
كما قضت المادة (91) من قانون المرافعات المدنية على انه لايجوز للقاضي ينظر الدعوى في الأحوال الآتية وهي : ـ
1. إذا كان زوجاً أو صهراً أو قريباً لأحد الخصوم إلى الدرجة الرابعة.
2. إذا كان له أو لزوجه أو لأحد أولاده أو احد أبويه خصومة قائمة مع احد الطرفين أو مع زوجه أو احد أولاده أو احد أبويه .
3. إذا كان وكيلا لأحد الخصوم أو وصياً عليه أو قيماً أو وارثاً ظاهراً له أو كانت له صلة قرابة أو مصاهرة للدرجة الرابعة بوكيل احد الخصوم أو الوصي أو القيم عليه أو بأحد أعضاء مجلس إدارة الشركة التي هي طرف في الدعوى أو احد مديريها
4. إذا كان له أو لزوجه أو لأصوله أو لأزواجهم أو لفروعه أو أزواجهم أو لمن يكون هو وكيلاً عنه أو وصياً أو قيماً عليه مصلحة في الدعوى القائمة .
5. إذا كان قد أفتى أو ترافع عن احد الطرفين في الدعوى أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً أو كان قد أدى شهادة فيها .
كما رتبت المادة (92) من القانون أعلاه , حكمها بشان مخالفة المادة (91) أعلاه حيث قضت بأنه إذا نظر القاضي الدعوى في الأحوال المذكورة في المادة السابقة واتخذ آية إجراءات فيها أو اصدر حكمه بها يفسخ ذلك الحكم أو ينقض وتبطل الإجراءات المتخذة فيها .
كما قضت المادة (93) من ذات القانون على انه يجوز رد القاضي لأحد الأسباب الآتية : ـ
1. إذا كان احد الطرفين مستخدماً عنده أو كان هو قد اعتاد مواكلة احد الطرفين أو مساكنته أو كان قد تلقى منه هدية قبيل إقامة الدعوى أو بعدها .
2. إذا كان بينه وبين احد الطرفين عداوة أو صداقة يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل .
3. إذا كان قد أبدى راياً فيها قبل الأوان .
كما نصت المادة (44) من القانون المذكور في الفقرة (1) منها على أن كل دعوى يجب أن تقام بعريضة بما يفيد كون الادعاء أو الدعوى أمام القضاء يجب أن يكون مكتوباً بعريضة . كما نصت المادة (46/7) من ذات القانون على وجوب توقيع هذه العريضة من قبل المدعي أو وكيله إذا كان الوكيل مفوضاً بسند مصدق عليه من جهة مختصة . والوكالة بالخصومة تخول الوكيل ممارسة الأعمال والإجراءات التي تحفظ حق موكله ورفع الدعاوى والمرافعة فيها حتى ختامها ومراجعة طرف الطعن القانونية مالم ينص سند الوكالة على خلاف ذلك او لم يوجب القانون فيه تفويضاً خاصاً (33) .والوكالة العامة المطلقة لاتخول الوكيل العام بغير تفويض خاص الإقرار بحق ولا التنازل عنه والصلح ولا التحكيم ولا البيع أو الرهن أو الإجارة أو غير ذلك من عقود المعارضة ولا القبض ولا التبرع ولا توجيه اليمين أو ردها أو قبولها ولا رد القضاة أو التشكي منهم ولا ممارسة الحقوق الشخصية البحتة ولا أي تصرف أخر يوجب القانون فيه تفويضاً خاصاً .
كما نصت المادة (45) كذلك من قانون المرافعات المدنية على انه تقام الدعوى باعتبار قيمة الطلب الأصلي يوم رفعها بصرف النظر عما يكون مستحقاً قبل ذلك أو بعده من الفوائد والمصاريف والملحقات الأخرى .
كما قضت المادة (9) من قانون الرسوم العدلية رقم 144 لسنة 1981 المعدل النافذ . حيث قضت بما يلي : ـ
اولاً : ـ تعتبر الدعوى أو المعاملة قائمة من تاريخ دفع الرسوم عنها , مالم ينص القانون على خلاف ذلك .
ثانياً إذا كانت الدعوى أو المعاملة معفاة من الرسم أو غير خاضعة له , أو صدر قرار بتأجيل استيفاء الرسم عنها , فتعتبر قائمة من تاريخ تسجيلها في السجل المختص وختمها بختم المحكمة أو الدائرة .
كما نصت المادة (8) من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 المعدل النافذ , على انه لايجوز أن يشترك في هيئة قضائية واحدة قضاة بينهم مصاهرة أو قرابة لغاية الدرجة الرابعة ولايجوز أن ينظر القاضي طعناً في حكم أصدره قاض أخر تربطه به العلاقة المذكورة . كما نصت المادة (6 / اولاً) من قانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 1979 المعدل النافذ . من انه يجب على عضو الادعاء العام الحضور عند إجراء التحقيق في جناية أو جنحة وإبداء ملاحظاته وطلباته القانونية .
كما نصت المادة (9/ اولاً) من ذات القانون من انه ( على الادعاء العام الحضور في جلسات المحاكم الجزائية عدا محكمة التمييز ….) . كما نصت الفقرة (ثانياً / أ) من ذات المادة أعلاه . على انه لاتنعقد جلسات محاكم الجنايات إلا بحضور عضو الادعاء العام المعين أو المنسب للترافع أمامها كما قضت (الفقرة ثانياً / ب ) بأنه على عضو الادعاء العام المعين أو المنسب تقديم مطالعته إلى محكمة الجنايات عند انعقادها بصفة تمييزية يبين فيها الري في الطعن المقدم إليها بالقرارات والأحكام والتدابير .
كما نصت المادة (12) من ذات القانون أعلاه على مايلي : ـ
اولاً :ـ على الادعاء العام الحضور أمام محاكم العمل ولجنة شؤون القضاة ولجنة شؤون الادعاء العام ومجلس الانضباط العام ولجان الانضباط والكمارك ولجان التدقيق في ضريبة الدخل أو أية هيئة أو لجنة أو مجلس ذات طابع قضائي جزائي .
ثانياً : ـ تفقد جلسات الجهات المشار إليها في الفقرة (اولاً) صحة انعقادها بغياب عضو الادعاء العام المعين أو المنسب أمامها بسبب عدم دعوته للحضور .
كما قضت المادة (40) من قانون الادعاء العام على انه لايجوز لعضو الادعاء العام ممارسة اختصاصه أمام قاض تربطه به مصاهرة او قرابة لغاية الدرجة الرابعة .
كما قضت المادة (44) من قانون المحاماة رقم 173 لسنة 1965 المعدل النافذ . على انه يحظر على المحامي أن يقبل الوكالة عن خصم موكله أثناء قيام الدعوى التي وكله فيها كما لايجوز له أن يبدي لخصم موكله أي مشورة في الدعوى نفسها أو في دعوى أخرى ذات علاقة بها ولو بعد انتهاء وكالته . ولايجوز له بصفة عامة أن يمثل مصالح متعارضة ويسري هذا الحظر على المحامي وعلى كل من في مكتبه من المحامين بأية صفة كانت (34) .
كما قضت المادة (45) من ذات القانون على انه لايجوز للمحامي الذي يتقاضى أتعاب محاماة سنوية أو شهرية عن الدعاوى أو الاستشارات أن يقبل أية دعوى أو يعطي مشورة لخصم موكله خلال مدة وكالته .
كما قضت المادة (47) من القانون المذكور على مايلي : ـ
1. يمتنع على المحامي الذي تولى الوزارة او عضوية المجالس العامة قبول الوكالة بنفسه أو بواسطة محام يعمل لحسابه في دعوى ضد الوزارة التي كان يتولاها أو المجلس الذي كان عضواً فيه وذلك خلال السنتين التاليتين لتركه الوزارة أو إنهاء العضوية فيها .
2. كما لايجوز لمن عرضت عليه دعوى أو أبدى فيها راياً بصفته قاضياً أو موظفاً أو حكماً أو خبيراً أن يقبل الوكالة في الدعوى نفسها سواء بنفسه أو بواسطة محام يعمل لحسابه .
كما قضت المادة (48) من قانون المحاماة المذكور على انه لايجوز للمحامي أن يقبل الوكالة في دعوى أو عمل أمام قاض أو موظف تربطه به قرابة أو مصاهرة حتى الدرجة الرابعة ولو وافق خصم موكله على ذلك .
كما قضت المادة (49) من القانون المذكور على انه لايجوز للمحامي أن يتعاون في عمل من أعمال المحاماة مع شخص منع من ممارستها وفق أحكام قانون المحاماة أعلاه .
يتضح من صراحة النصوص المشار إليها فيما تقدم , بان مخالفتها تهدم وتعدم احد أركان الحكم القضائي , وهي صحة انعقاد وتشكيل المحكمة , أو صحة انعقاد الخصومة في الدعوى . والركن الثالث للحكم القضائي , هو كتابة الحكم وتوقيعه من المحكمة بشخص قاضيها أو رئيسها أو أعضائها .
ورغم صراحة هذه النصوص فقد يذهب البعض إلى القول بان نظرية الحكم المعدوم وتطبيقاتها القضائية تجد أساسها في فكرة مبادئ العدالة وقواعد العدالة . ويمكن الرد على ذلك بالقول بان قواعد العدالة هي احد مصادر القانون وبالتالي فهي حكم من أحكام القانون ولذلك فقد نصت المادة (1/2) من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 المعدل النافذ على انه (( فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه حكمت المحكمة بمقتضى العرف فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملائمة لنصوص هذا القانون دون التقييد بمذهب معين فإذا لم يوجد فبمقتضى قواعد العدالة .
ومن كل ماتقدم نلخص إلى حقيقة واقعة ثابتة هي , كون أن المشرع العراقي وفي النصوص أعلاه جميعها قد اخذ صراحة بفكرة انعدام الحكم في الحالات والوقائع والأسباب المشار أليها فيما تقدم . رغم كون الانعدام لايحتاج إلى تنظيم المشرع له لأنه تقرير للواقع على النحو المتقدم ذكره .

المطلــــب الثــالـــث  أســــاس الفكـــرة فــي أحكــــام القضــــاء

رسخ قضاء محكمة التمييز الاتحادية ماذهب أليه فقه المرافعات المدنية . وما نصت عليه أحكام القوانين فيما اشرنا أليه سابقاً بشان فكرة انعدام الأحكام .
ولم يقتصر هذا القضاء الثر عند حد الأحكام القضائية لا بل امتد إلى القضاء المستعجل والقضاء ألولائي المرسوم بأحكام المواد (141 ـ 153) من قانون المرافعات المدنية المعدل النافذ (35) .وذلك لوحدة العلة مع أحكام القضاء العادي . لا بل امتد هذا القضاء ليتطرق إلى قرارات المحكمين وتطبيق فكرة الانعدام المذكورة بشأنها .
أما القرارات الإعدادية والمؤقتة والقرينة فهي تندمج بأصل الحكم وتأخذ نتائجه وما ينتهي إليه من أثار قانونية وهي تابعة له والتابع تابع وهو لاينفرد في الحكم عن الأصل . ومن أمثلة الحكم المعدوم كما بينا سابقاً صدور الحكم من شخص ليس قاضي أو قاضي إلا انه محال على التقاعد أو الاستقالة أو غيرها مما تنقطع به ولاية القضاء أو حجره . أو تشكيل محكمة الجنايات أو الاستئناف من قاضيين (36) . أو فصل الهيئة الجزائية في محكمة التمييز في طلب التصحيح بموجب المادة (214) مرافعات مدنية . فهو من اختصاص الهيئة الموسعة في محكمة التمييز . أو فصل محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية في طعن ليس في اختصاصها بل هو من اختصاص محكمة التمييز أو فصلت في طعن استئنافي خلافاً لقواعد الاختصاص واصل الطعن . أو الحكم الصادر عن شخص لم يبلغ بالدعوى اطلاقاً . أو صدور الحكم على شخص متوفي أو فاقد أهلية التقاضي قبل رفع الدعوى . أو كون القرار لم يوقع من قاضيه الذي أصدره أو لم يكن القرار مكتوباً . أو صدور الحكم على شخص لم يمثل في الدعوى لا بشخصه ولا بوكيل عنه .كما قضت الهيئة العامة لمحكمة التمييز الفرنسية بتاريخ 19/11/1951 من إن عدم احترام القاعدة الإجرائية يمكن أن يؤدي ليس فقط إلى البطلان وإنما ايضاً إلى الانعدام كما قررت محكمة التمييز الايطالية من إن عدم وجود وكالة لدى وكيل الدعوى الذي وقع عريضة الدعوى يؤدي إلى انعدام عريضة الدعوى . ومعنى ذلك إن الدعوى أقيمت من شخص فضولي ليس وكيلاً عن المدعي (37)
كما إن عدم دفع الرسوم القضائية يؤدي إلى عدم اعتبار الدعوى قائمة قانوناً لذلك فان الحكم الذي يصدر في مثل هذه الدعوى يعتبر حكماً معدوماً لان الدعوى تعتبر معدومة وغير قائمة قانوناً .
كما إن عدم توقيع قرار ترك الدعوى للمراجعة وتوقيع قرار إبطالها عملاً بأحكام المواد (54 و 56) مرافعات مدنية , حيث يعتبر قرار الإبطال معدوماً وذلك لانعدام وجود قرار ترك الدعوى للمراجعة .
كما قضت خصومة المتوفي تكون غير متحققه ومنعدمة لانتهاء شخصيته القانونية عند إقامة الدعوى عليه (38) .والمتوفي لايكون طرفاً في الدعوى لعدم وجود أهليته القانونية ذلك إن الخصومة لاتنعقد إلا بين الأحياء .
ومن أمثلة الحكم المعدوم , صدور حكم بالاستملاك وصدور الحكم بتمليك شريك في العقار المستملك لجزء من سهام العقار المذكور تعود لشريكه وصدور حكم ثالث بإزالة شيوع العقار المذكور حيث يعتبر الحكمين الثاني والثالث معدومة لورودها على ملك الغير .
كما قضت محكمة النقض السورية ان إحالة صدور الحكم دون خصومه أي انعدام احد أركانه الأساسية تجعله والعدم سواء . كما قضت ذات المحكمة من انه إذا أقيمت الدعوى على ميت فان المطالبة بهذه الصورة تكون مطالبة معدومة باعتبار إن انقطاع الخصومة يشترط أن يتحقق سببه بعد بدء الخصومة أي بعد المطالبة القضائية وان حدوث السبب قبل ذلك أي قبل إيداع الصحيفة قلم الكتاب يؤدي إلى اعتبار المطالبة القضائية معدومة ولاينطبق عليها أحكام سير الدعوى وان الأحكام التي تصدر تكون معدومة ولايلحقها التصحيح باعتبار أن المعدوم هو العدم سواء ولايترتب عليه أية اثر قانوني ولايلزم الطعن به للتمسك بانعدامه بحسبان أن الرد على حالة الانعدام لاتجعله صحيحاً ولايجدي النزول عن التمسك بالانعدام لان هذا النزول لايمنح الحكم الركن الأساسي الذي فقده (39). كما قضت بان الحكم الصادر على شخص متوفي قبل رفع الدعوى عليه . فان القرار يكون قد صدر بدون خصومة وبالتالي فان الحكم يعتبر معدوماً . وان هذا الانعدام لاتلحقه الإجازة ولايسقط بالتقادم فالحكم المعدوم غير موجود وهو والعدم سواء . كما قضت من انه إذا كان عيب الخصومة قائماً قبل رفع الدعوى كالوفاة أو فقدان الأهلية أو نقصها فالحكم الصادر تبعاً لذلك يكون معدوماً أما إذا كان هذا العيب قد حصل خلال سير الدعوى وسكت عنه الأطراف ولم يظهر للمحكمة كان الحكم باطلاً . كما قضت بأنه يعتبر معدوماً الحكم الصادر على من فقد أهليته قبل رفع الدعوى أو على من لم يكن ممثلاً فيها على وجه الإطلاق . أو إذا كان صادراً على من لم يعلن اطلاقاً بصحيفة الدعوى أو على من تم إعلانه بإجراء معدوم كما إذا ثبت بحكم من القضاء تزوير محضر الإعلان ففقد الإعلان كيانه ووجوده وان مسالة الانعدام من النظام العام تثار في أي مرحلة وعلى محكمة النقض أن تأخذ بها من تلقاء نفسها . كما قضت بان قيام محكمة الموضوع بإخراج شخص من الدعوى ثم صدر الحكم ضده فيكون الحكم صادراً دون خصومة مما يجعله معدوماً .
كما إن لقضاء محكمة التمييز الاتحادية العراقية الجليلة الدور الكبير في إرساء فكرة الحكم المعدوم بقضائه الجليل في هذا الشأن ومن ذلك قضاءها فيما يلي :
حيث قضت بأنه وبعد التدقيق والمداولة من الهيئة الموسعة وجد إن محكمة الاستئناف أقامت قضاءها على إن الحكم الصادر بتصديق قرار التحكيم لايقبل الطعن بطريق الاعتراض كما تنص المادة (275) من قانون المرافعات فيكون اعتراض المستأنف عليه المميز على الحكم الغيابي الصادر بتصديق الاعتراض قد حصل بعد فوات المدة القانونية دون أن تلاحظ محكمة الاستئناف إن الثابت في الاضبارة البدائية المرقمة (8/1977) (محكمة بداءة جلولاء) والتي فيها تم طلب تعين المحكمين (40) وإجراء التحكيم وان العقيد الحقوقي (ع . س . ع) حضر وكيلاً عن المطلوب التحكيم ضده وزير الدفاع وحيث أن الفقرة ثالثاً من المادة الثانية والعشرين من قانون المحاماة أجازت للدوائر الرسمية وشبه الرسمية ان تنيب عنها في الحضور والمرافعة أمام المحاكم احد موظفيها الحاصلين على شهادة الحقوق أذا كانت قيمة الدعوى لاتزيد على ألف دينار . أما الدعاوى التي تزيد قيمتها على ألف دينار فلا يجوز لغير المحامين الحضور والمرافعة فيها بحكم الفقرة (1) من المادة نفسها . ولما كان هذا النص من النظام العام لأنه نص أمر لذا يكون حضور العقيد الحقوقي أعلاه في دعوى التحكيم مخالفاً للقانون وحيث إن محكمة بداءة جلولاء قبلت حضور الوكيل المذكور ثم سارت في دعوى التحكيم حضورياً بعد تخلف الوكيل عن الحضور لذا تكون إجراءات محكمة بداءة جلولاء باطلة لاترتب عليها اثر قانوني ويكون قرار المحكمين الصادر في الدعوى معدوماً لاتلحقه حصانة ولايزول عيبه بفوات ميعاد الطعن فيه ولايغلق بصدده أي سبيل للتمسك بانعدامه فيجوز الطعن فيه ولو بعد فوات مدة الطعن المقررة قانوناً . ولما كان ذلك وكان الحكم الصادر من محكمة بداءة جلولاء في الاضبارة المرقمة (144 / ب / 1980) والقاضي بتصديق قرار المحكمين قد صدر بتصديق قرار محكمين معدوم قانوناً لذا يكون هو الأخر معدوماً لايترتب عليه اثر فلا يكتسب المطلوب ضده حقاً يستحق حماية فكان على محكمة الاستئناف وقد طعن بالحكم البدائي القاضي برد الاعتراض إن تقرر إبطال قرار المحكمين استناداً لحكم المادة (273/2) من قانون المرافعات المدنية وتجنح لتطبيق حكم المادة (274) من ذات القانون وتفصل في النزاع بنفسها لان قرار المحكمين قرار معدوم لا مجال لإصلاحه بإعادة الاضبارة أليهم وحيث إن محكمة الاستئناف أصدرت الحكم المميز دون الالتفات إلى ماتقدم لذا يكون حكمها مخالفاً للقانون فقرر نقض الحكم المميز وإعادة الأوراق إلى محكمتها للسير في الدعوى وفق المنهج الموسوم على ان يبقى رسم التمييز تابعاً للنتيجة وصدر القرار بالأكثرية ففي 28/11/1981 كما قضت بأنه وبعد التدقيق والمداولة من الهيئة الموسعة وجد ان محكمة بداءة كركوك أصدرت بتاريخ 11/5/1982 حكماً يقضي برد دعوى المميز فطعن بالحكم البدائي لدى محكمة استئناف التأميم بتاريخ 30/6/1982 وبتاريخ 24/5/1982 أصدرت محكمة استئناف التأميم بصفتها التمييزية قراراً يقضي بتصديق الحكم البدائي المميز من حيث النتيجة دون ان تلاحظ محكمة استئناف التأميم إن النظر في الطعن التمييزي خارج عن اختصاصها لان الدعوى الصادر فيها الحكم المميز هي دعوى منع معارضة يطعن بالحكم الصادر فيها لدى محكمة التمييز ذلك لان اختصاص محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية قد حددته المادة (203) المعدلة من قانون المرافعات المدنية بالنظر في الطعون التمييزية في الأحكام الصادرة من محاكم الصلح الملغاة . وحيث ان اختصاص محاكم الصلح كان قد حدد بالمادة (31) من قانون المرافعات المدنية بالنظر في دعوى الدين والمنقول التي لاتزيد قيمتها على خمسمائة دينار ودعوى إزالة الشيوع وتخلية المأجور ودعوى الحيازة وطلب التعويض عنها ولم تتجاوز قيمة التعويض خمسمائة دينار ودعوى الأقساط المستحقة في الديون المقسطة على أن لايزيد مقدارها على خمسمائة دينار والدعاوى الأخرى التي تنص القوانين على اختصاص محكمة الصلح بها وحيث إن الفقرة (2) من المادة (65) من قانون التنظيم القضائي نصت على أن تبقى الأحكام والقرارات الصادرة من محاكم الصلح قبل نفاذ هذا القانون أو التي تصدر من محاكم البداءة بعد نفاذه في الدعاوى المشمولة بحكم المادة (31) المعدلة من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 خاضعة لنفس طرق الطعن المقررة لها قانوناً . لذا فالأحكام الصادرة في دعاوى منع المعارضة بالعقار يطعن بها لدى محكمة التمييز وليس لدى محكمة الاستئناف فما كان لمحكمة الاستئناف أن تتصدى في الطعن المقدم إليها وحيث إنها أصدرت قرارها المرقم (160 / حقوقية / 1982) في 24/5/1982 دون الالتفاف إلى ماتقدم لذا يكون قرارها معدوماً لصدوره من محكمة لاتختص بإصداره والقرار المعدوم لاتلحقه حصانة ولايترتب عليه مايترتب على الحكم الصحيح من أثار فلا يحوز حجية الأمر المقضي وعليه فلا اثر للقرار التمييزي الصادر من محكمة استئناف التأميم على الطعن المقدم إلى محكمة التمييز فلدى عطف الهيئة الموسعة النظر على الحكم البدائي المميز وجد إن محكمة البداءة أقامت قضائها على إن قطعة الأرض المخصصة للمدعي والمنشأ عليها الدار موضوع الدعوى والنزاع لازالت باسم البلدية وان المنشات المقامة عليها تعتبر بحكم المنقول فيمكن التصرف بها باتفاق المتعاقدين ولما كان وكيل المدعي قد اقر بان موكله باع الدار للمدعى عليه لذا يعتبر المدعى عليه مالكاً الأبنية دون أن تلاحظ محكمة البداءة إن المميز أصبح مالكاً قطعة الأرض المشيد عليها الدار موضوع النزاع بمجرد صدور قرار بتخصيصها أليه استناداً لأحكام قانون تامين السكن للمواطنين رقم 125 لسنة 1963 والفقرة (3) من المادة (71) من قانون التسجيل العقاري رقم 43 لسنة 1972 . وحيث أن البيع الذي تم بين المتداعيين بيع باطل بمقتضى حكم البند ثالثاً من قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (120) الصادر في 20/1/1981 ولما كان العقد باطل لايترتب عليه اثر لذا تكون دعوى المميز بطلب منع معارضة المميز عليه له بالتصرف بالعقار للملوك له لها سند من القانون فكان على محكمة البداءة أن تصدر حكمها بمنع المعارضة وحيث إنها أصدرت الحكم المميز خلاف ذلك ملتفتة عن كل ماتقدم لذا يكون حكمها مخالفاً للقانون . فقرر نقض الحكم البدائي المميز وحيث ان الموضوع صالح للفصل فيه واستناداً لحكم المادة (214) مرافعات قرر الحكم بمنع معارضة المميز عليه في التصرف في القطعة المرقمة (59) مقاطعة (53) تيماري وتحميل المميز عليه المصاريف وأربعين ديناراً أتعاب محاماة وكيل المميز ورسم التمييز وصدر القرار بالاتفاق في 30/7/1984 .
كما قضت بأنه لدى التدقيق والمداولة من قبل الهيئة الموسعة الأولى لمحكمة التمييز وجد إن طلب التصحيح واقع ضمن المدة القانونية فقرر قبوله شكلاً وحيث إن القرار التمييزي المطلوب تصحيحه قد ذهب إلى اعتبار الطعن التمييزي واقعاً خارج المدة القانونية المقررة في المادة (216) من قانون المرافعات وأمدها سبعة أيام وهذا غير صحيح قانوناً بالنظر لوقائع الدعوى والأخطاء القانونية التي وقعت فيها محكمة الموضوع ذلك إن المرافعة في هذه الدعوى كانت تجري حضورياً بحق المدعى عليه لحضور وكيله بعض جلسات المرافعة ثم تغيبه بعد ذلك وان محكمة الموضوع قررت في جلسة يوم 21/12/1982 إفهام ختام المرافعة وعينت يوم 3/1/1983 موعداً للنطق بالحكم غير إن المحكمة لم تنطق بالحكم في الموعد المذكور وإنما اتخذت القرار التالي (حيث لم يتسنى لهذه المحكمة تفهيم القرار في موعده بالنظر لكثرة الدعاوى قرر فتح باب المرافعة مجدداً استناداً للمادة (157/2) مرافعات وتعيين يوم 9/3/1983 موعداً للمرافعة ) ولم تقم محكمة الموضوع بتبليغ وكيل المدعي أو الطرفين بالحضور في الموعد الجديد ولوحظ إن وكيل المدعى عليه قد حضر جلسة المرافعة المؤرخة في 9/3/1983 واستمرت الدعوى بتاجل لغرض تبليغ المدعي باللائحة التي قدمها وكيل المدعى عليه إلى الجلسة المؤرخة 25/6/1983 ولوحظ ان محكمة الموضوع قد أشارت في محضر الجلسة حضور وكيل المدعى عليه وعدم حضور وكيل المدعي وانه قد (بوشر بالمرافعة كالسابق ) وان وكيل المدعى عليه قد طلب إبطال عريضة الدعوى وقررت المحكمة إفهام ختام المرافعة وعينت يوم 27/6/1983 موعداً لتفهيم القرار وفي جلسة 27/6/1983 اتخذت محكمة الموضوع قراراً يقضي بإبطال عريضة الدعوى . وحيث إن الهيئة الموسعة لمحكمة التمييز ترى بأنه كان على محكمة الموضوع وقد قررت فتح باب المرافعة مجدداً رغم عدم وجود المبرر القانوني لذلك أن تقوم بتبليغ الطرفين بالموعد الجديد ليتسنى لهما العلم بقرار المحكمة والمضي في المرافعة فيها . وحيث إن محكمة الموضوع لم تقم بهذا الإجراء القانوني فان جميع القرارات التالية لقرارها بفتح باب المرافعة تكون معدومة قانوناً ولايترتب عليها أي اثر قانوني . هذا فضلاً عن إن جلسة يوم 25/6/1983 وجدتها الهيئة الموسعة لمحكمة التمييز خالية من توقيع وكيل المدعى عليه الأمر الذي لايمكن اعتباره حاضراً قانوناً ولاعبرة بالطلب المشار أليه في المحضر المذكور وحيث إن قرار الإبطال المميز الذي اتخذته المحكمة يعتبر معدوماً للأسباب المتقدمة وحيث إن القرار المعدوم لاتلحقه حصانة ولايزول عيبه بفوات ميعاد الطعن فيه ولايغلق بصدده أي سبيل للتمسك بانعدامه فيجوز الطعن فيه ولو بعد فوات مدة الطعن في القانون لذلك قرر قبول طلب التصحيح وتصحيح القرار التمييزي الصادر عن هذه المحكمة بالعدد (3916 / إدارية / 83 : 1984) في 3/6/1984 ونقض قرار الإبطال المميز المؤرخ في 27/6/1983 الصادر عن محكمة الإدارية في بغداد / الكرخ في الدعوى المرقمة (317/1981) وإعادة التأمينات المدفوعة إلى طالب التصحيح وفقاً للمادة (223/1) من قانون المرافعات وإعادة اضبارة الدعوى لمحكمتها للسير والفصل في الدعوى بعد تبليغ الطرفين بموعد المرافعة على أن يبقى رسم التمييز تابعاً للنتيجة وصدر القرار بالاتفاق في 29/12/1984 .
كما قضت بأنه لدى التدقيق والمداولة من قبل الهيئة الموسعة الأولى لمحكمة التمييز وجد إن الهيئة المدنية الأولى في هذه المحكمة كانت قد قضت بموجب قرارها المرقم (74 / م1 / 1982) والمؤرخ في 13/11/1982 بنقض الحكم الصادر من محكمة استئناف منطقة ذي قار المؤرخ في 1/3/1982 والمرقم (1 / س / 1982) والفصل فيه بإلزام المدعى عليه المميز عليه بتأديته للمدعي المميز المبلغ المطالب به وقدره (2200) دينار وتحميله الرسوم وأتعاب المحاماة . فطعن وكيل المميز عليه المدعى عليه بالقرار المذكور تصحيحاً طالباً نقضه فنظرت الهيئة الخاصة المشار إليها طلب التصحيح المذكور وقررت بتاريخ 2/2/1983 وبعدد (274 / م1 / 1983) وبالاتفاق رد الطلب وقيد التأمينات القانونية ايرداً للخزينة . فطلب وكيل طالب التصحيح النظر في الطلب من قبل الهيئة الموسعة لان الهيئة الخاصة غير مختصة بالنظر فيه. وحيث ان الهيئة الموسعة قد وجدت بان الهيئة المدنية الأولى قررت نقض الحكم المميز ثم استعملت السلطة المقررة بموجب المادة (214) من قانون المرافعات ففصلت في أصل النزاع دون أن تلاحظ أن طلب التصحيح قد وقع على قرارها المذكور الذي صدر استناداً لحكم المادة (214) مرافعات فهي لاتختص بنظره بل الهيئة الموسعة للنظر فيه حسب الاختصاص طبقاً للشق الأخير من المادة (214) الأنفة الذكر وعلى ذلك يكون قرارها المرقم (274 / م1 / 1982) في 2/2/1983 معدوماً لايترتب أي اثر قانوني لأنه صادر من هيئة غير مختصة بإصداره وحيث إن القرار المعدوم لاتلحقه حصانة ولايزول عيبه بفوات مدة الطعن ولايغلق بصدده أي سبيل للتمسك بانعدامه وعلى ذلك يكون طلب التصحيح لايزال قائماً ولابد من البت فيه من الهيئة المختصة قانوناً بذلك وهي الهيئة الموسعة لمحكمة التمييز هذا من حيث الشكل أما من حيث الموضوع فقد وجدت الهيئة الموسعة إن طلب التصحيح لايستند إلى أي سبب من الأسباب المبينة في المادة (219) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل لذا قررت رد طلب التصحيح وقيد التأمينات ايراداً للخزينة استناداً لأحكام المادة (223/2) من القانون المذكور وصدر القرار بالاتفاق في 3/4/1985 .
كما قضت بأنه لدى التدقيق والمداولة من قبل الهيئة الموسعة الأولى لمحكمة التمييز وجد إن محكمة بداءة الموصل كانت قد أصدرت بتاريخ 3/9/1983 حكماً في الدعوى المرقمة (2532 / ب / 1982) يقضي بإلزام المدعى عليه بمنع معارضته للمدعي في منفعة الشقة المرقمة (27/36) وتسليمها للمدعي خالية من الشواغل وتحميله المصاريف وأتعاب المحاماة . ولعدم قناعة المدعى عليه بالحكم المذكور فقد طعن فيه تمييزاً بعريضته التمييزية المؤرخة في 10/9/1983 والمعنونة إلى محكمة تمييز لعراق والمقدمة بواسطة قاضي محكمة بداءة الموصل غير إن القاضي المذكور بدلاً من ان يرسل الدعوى وعريضة الطعن إلى محكمة التمييز شرح على عريضة الطعن بإرسالها إلى محكمة استئناف منطقة نينوى قررت محكمة الاستئناف المذكورة بصفتها التمييزية النظر في الطعن التمييزي بحجة انه يدخل في اختصاصها وقضت بتصديق الحكم المميز ورد الاعتراضات التمييزية بموجب قرارها المرقم(163 / ت . ب / 1983) والمؤرخ في 25/9/1983 . ثم قدم وكيل المدعى عليه المميز عريضة تمييزية إلى هذه المحكمة (محكمة التمييز) مؤرخة في 28/9/1983 يطلب فيها النظر في الحكم الصادر من محكمة بداءة الموصل المشار أليه ونقضه مشيراً إلى إن محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية قد نظرت في الطعن رغم عدم توجيه العريضة التمييزية إليها . وحيث إن الهيئة الموسعة ترى إن الحكم المميز الصادر في الدعوى قضى بمنع المعارضة فتكون محكمة التمييز هي المحكمة المختصة بنظر الطعن . وان المميز قد وجه عريضته التمييزية إلى هذه المحكمة وان قاضي محكمة البداءة الذي قدم الطعن التمييزي بواسطته لايملك قانوناً حق إرسال الطعن إلى غير الجهة المقدم إليها كما ترى الهيئة الموسعة إن القرار الصادر من محكمة استئناف نينوى بصفتها التمييزية المذكور أعلاه يعتبر قراراً معدوماً لايترتب أي اثر قانوني لأنه صادر من هيئة غير مختصة بإصداره وحيث إن القرار المعدوم لاتلحقه حصانة ولايزول عيبه بفوات مدة الطعن ولايغلق بصدده أي سبيل للتمسك بانعدامه . وعلى ذلك نظرت الهيئة الموسعة في الطعن التمييزي المتقدم الذكر . ووجدت من حيث الموضوع أن الحكم البدائي الصادر بتاريخ 3/9/1983 قد جاء صحيحاً وموافقاً للقانون ذلك إن عقد الإيجار مبرم بين المستأجر مدير عام المنشاة العامة للتجهيزات الزراعية إضافة لوظيفته وبين المؤجر (ع . م . م . ح ) وحيث إن الدائرة المستأجرة قد أخلت البناء ـ المأجور ـ وان المدعى عليه لم يكن طرفاً في العقد وإنما هو احد منتسبي الدائرة المستأجرة لذلك فلم يبق له أية صفة في إشغال المأجور فقرر تصديق الحكم المميز ورد الاعتراضات التمييزية وتحميل المميز رسم التمييز وصدر القرار بالاتفاق في 29/5/1985 .
كما قضت بأنه ولدى التدقيق والمداولة من قبل الهيئة الموسعة الأولى لمحكمة التمييز وجد إن طلب التصحيح واقع ضمن المدة القانونية المقررة في المادة (221) من قانون المرافعات المدنية المعدل لذا قرر قبوله شكلاً كما وجد ان الهيئة الخاصة كانت قد أصدرت قرارها المرقم (1077 / م2 / 1991 ) في 2/9/1991 بخصوصه إلا إنها وقبل أعادة الدعوى لمحكمتها لاحظت إن قرارها المطلوب تصحيحه المرقم (511 / م2 / 1991 ) والمؤرخ في 29/7/1991 كان قد صدر في الدعوى استناداً لأحكام المادة (214) من قانون المرافعات المدنية . وان قرارها برد طلب تصحيحه كان خارجاً عن اختصاصها وطلبت عرض الموضوع على الهيئة الموسعة وحيث إن قرار الهيئة الخاصة برد طلب التصحيح يعتبر معدوماً ولدى النظر في طلب التصحيح من قبل هذه الهيئة وجد انه لايستند إلى احد الأسباب المنصوص عليها في الفقرة (أ) من المادة (219) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل وان كافة الأسباب الواردة في العريضة التصحيحية كانت قد دققت ونوقشت أثناء التدقيقات التمييزية لذا قرر رد الطلب وقيد التأمينات المستوفاة ايراداً للخزينة عملاً بأحكام الفقرة (2) من المادة (223) من القانون المذكور وصدر القرار بالاتفاق في 18/12/1991 .
كما قضت بأنه لدى التدقيق والمداولة من قبل الهيئة الموسعة الأولى لمحكمة التمييز وجد ان المدعى عليها في الدعوى البدائية (1012 / ب / 1991) قد طعنت في الحكم البدائي الصادر بتاريخ 19/11/1991 عن طريق الاستئناف بعريضتها الاستئنافية المؤرخة في 23/11/1991 إلا إن محكمة استئناف بغداد نظرت في الطعن ألاستئنافي تمييزاً بصفتها التمييزية بعدد (1708 / حقوقية / 1991) في 27/12/1991 خلافاً لأصل الطلب فعليه يكون قرار محكمة استئناف بغداد المذكور بحكم المعدوم وإعادة الطعن ألاستئنافي واضبارة الدعوى إلى محكمة استئناف بغداد للنظر في الطعن المقدم استئنافاً وربط الدعوى بحكم وفقاً للقانون وصدر القرار بالاتفاق في 15/4/1992 .
ومن كل ماتقدم نجد بان القضاء العراقي وكذلك القضاء المقارن فيما سقناه من أمثلة وأحكام قضائية قد دعم وساند إلى حد كبير لموقف الفقه ودوره وأحكام التشريع ونصوصه في إرساء فكرة ونظرية الحكم المعدوم وتكاملها في حماية النظام القضائي وإصلاح مايقع في أحكام وقرارات رجالاته من الأخطاء والعيوب الهادمة لأركان هذه الأحكام والقرارات القضائية .

المبحــــث الثـــانــــــي الآثــــار القـــانـــونيـــة لانــعـــدام الحــكـــــم

لما كان الحكم القضائي المعدوم يحمل في طياته مظاهر الوجود الواقع كحكم قضائي , لذلك فان حالة انعدام الحكم تتطلب بيان مدى قابلية هذا الحكم للتنفيذ , وهل تلحقه حصانة بفوات المدة القانونية أو بغيرها وبالتالي يصبح عنواناً للحقيقة القضائية كما يقولون ويكتسب قوة الأمر المقضي به .
ثم لابد من مناقشة فكرة مدى اثر الانعدام على أدلة الدعوى والبيانات القانونية المقدمة فيها وهذه النقاط أعلاه سوف نناقشها في هذا المبحث من خلال مطالب ثلاث وهي
المطلب الأول : ـ اثر الانعدام من حيث إمكانية تنفيذ الحكم المعدوم .
المطلب الثاني : ـ اثر الحكم المعدوم من حيث حجية الأحكام .
المطلب الثالث : ـ أثره من حيث بيانات الدعوى والأدلة ألمقدمه فيها .

المطــلـــب الأول إمكــانيـــة تنفيـــذ الحكـــم القضـــائـــي المعــــدوم

قضت المادة (9) من قانون التنفيذ رقم 40 لسنة 1980 المعدل النافذ بان تنفذ الأحكام الصادرة من محاكم القطر وفق أحكام هذا القانون كما نصت المادة (12) من ذات القانون على انه لاتكون الأحكام الصادرة من محاكم أجنبية قابلة للتنفيذ في العراق إلا إذا اعتبرت كذلك وفقاً للأحكام التي قررها قانون تنفيذ الأحكام الأجنبية رقم 30 لسنة 1928 أو الاتفاقات الدولية المعمول بها في العراق .
والحكم القضائي الذي تخص مديرية التنفيذ بإنفاذه هو القرار الصادر من محكمة مشكلة تشكيلاً صحيحاً من خصومة رفعت إليها وفق قواعد المرافعات أو هو القرار القطعي الذي به تحسم المحكمة منازعة الطرفين وتنتهي به الدعوى (41) .وهذا هو الأصل في الأحكام القضائية التي تختص مديريات التنفيذ بتنفيذها . ولكن هناك قرارات وأوامر تصدر عن القضاء نص القانون على تنفيذها رغم إنها ليست من القرارات الحاسمة للدعوى أو للنزاع وان الهدف منها هو الحفاظ على الحقوق التي يخشى عليها من فوات الوقت .
هذا ومن المعلوم إن قانون التنظيم القضائي قد بين أنواع المحاكم في العراق وحدد اختصاص كل منها وظيفياً كذلك فصل قانون المرافعات المدنية ذلك . هذا ويعتبر الاختصاص الوظيفي من النظام العام ولاتجوز مخالفته وتقضي المحكمة بعدم اختصاصها وظيفياً بنظر الدعوى إذا أخرجت عن اختصاصها المرسوم في القانون وذلك من تلقاء نفسها , فإذا ماخالفت ذلك وأصدرت حكماً في دعوى تخرج عن اختصاصها فان هذا الحكم لايجوز تنفيذه كما لو أصدرت محكمة الجنح سهواً حكماً بفرض نفقة زوجية , فان مديرية التنفيذ ترفض تنفيذه لصدوره من محكمة غير مختصة وظيفياً بإصداره وإذا ما فات على مديرية التنفيذ ذلك فان بإمكان الهيئة التمييزية في رئاسة استئناف المنطقة ملاحظة ذلك فيما يعرض عليها من طعون المعاملات التنفيذية وتأشير كون الحكم المنفذ هو حكماً معدوماً لايجوز تنفيذه وبالتالي ضرورة رفض التنفيذ في الاضبارة محل الطعن . وهذا التأشير هو كشف لواقعة الانعدام القانوني للحكم المنفذ .
كما فصل قانون المرافعات المدنية وقانون أصول المحاكمات الجزائية كيفية إصدار الأحكام وكتابتها والنطق بها . لذلك فإذا كان الحكم قد صدر خلافاً للإجراءات المرسومة بقوانين المرافعات أو تخلف فيه احد هذه الإجراءات فانه يكون غير قابل للتنفيذ ويستطيع المنفذ العدل أن يتخذ القرار بعدم تنفيذه . كما لو كان قد صدر خلافاً لما ترسمه المادة (162) من قانون المرافعات المدنية . بحيث خلا من توقيع القاضي الذي أصدره باعتبار إن الإجراءات المرسومة في قوانين المرافعات من النظام العام ومخالفتها تفقد الحكم المطلوب تنفيذه حجية الأحكام .وماعدا الأمور الشكلية المتقدمة , فان مديرية التنفيذ لاتستطيع مناقشة الحكم من الناحية الموضوعية ولاتستطيع أن تمتنع عن تنفيذه بحجة مخالفته للقانون (42) . ذلك أن الحكم القضائي يبقى مرعياً ومعتبراً مالم يبطل أو يعدل من قبل المحكمة التي أصدرته أو ينقض من محكمة أعلى منها وفق الطرق التي رسمها القانون (43) .
فقد قضت محكمة التمييز الاتحادية من انه ليس لرئيس التنفيذ أن يناقش الأدلة التي استندت إليها لجنة إعفاء خدمة العمال والمستخدمين الابتدائية عند إصدارها القرار موضوع التنفيذ وذلك لان مهمة تدقيق الأحكام هي من وظائف المحاكم المختصة وليس لمديريات التنفيذ حق الرقابة على هذه الأحكام وعلى القرارات التي تصدرها المحاكم فيتضح من كل ماتقدم بان الحكم الذي تصدره المحكمة خلافاً لاختصاصها الوظيفي أو النوعي أو من محكمة لم تتشكل التشكيل القانوني السليم والصحيح أو في خصومة منعدمة لا يجوز تنفيذه في دوائر التنفيذ (44) كما في الحكم الذي تصدره المحكمة الشرعية بتصفية شركة مثلاً أو ملكية عقار , والحكم الذي تصدره محكمة البداءة في دعوى طلاق بين مسلميين إذ أن مثل هذه الأحكام لايجوز تنفيذها من دائرة التنفيذ لأنها خارجة عن اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم .
ومن أمثلة ذلك ايضاً نظر المحكمة الشرعية في دعوى جزائية وإصدارها فيها حكماً بحبس المتهم أو أن تحكم محكمة البداءة في دعوى طلاق أو نكاح عائدين لمسلمين وغير ذلك من الأحكام التي قد تصدر خلافاً لوظيفة المحكمة. فان أعلام هذه الأحكام لاتقبل التنفيذ في مديريات التنفيذ المختصة . وقد قضت محكمة التمييز في قرارها التمييزي المؤرخ في 21/8/1927 . ما نصه : ـ (( لدى التدقيق ظهر إن الإعلام المودع للتنفيذ صادر من المحكمة الشرعية الجعفرية في الناصرية وهو يقضي باسترداد أموال مغصوبة وحيث ان هذه الدعوى هي من جملة الدعاوى التي منع حكام الشرع من استماعها والبت فيها حسب صراحة المادة الثامنة من أصول المرافعات الشرعية فالحاكم الذي اصدر هذا القرار ـ رغم الممنوعية ـ لايعتبر حكمه حكماً فيحق والحالة هذه لرئيس الإجراء الامتناع عن تنفيذه . لذا كان القرار الصادر بعدم تنفيذه في محله …. الخ )) (45).
يتضح فيما تقدم عرضه مدى تأثير فكرة الانعدام على الحكم المودع للتنفيذ في مديريات التنفيذ المختصة .

المطلـــب الثــانـــي اثــــر الانعـــدام مــــن حيـــث حجيــــة الأحكــــام البــاتـــه

قلنا فيما تقدم ذكره , بان القاعدة هي إن الحكم القضائي متى صدر يظل قائماً ومرتباً لأثاره القانونية وأهمها حجية الأمر المقضي به مالم يتم إلغاءه (46) بإحدى طرق الطعن المقررة قانوناً . فإذا كان الحكم قد فاتت عليه مدة الطعن المقررة قانوناً . أو استنفذت طرق الطعن فيه صار صحيحاً بصورة نهائية وفقاً لقاعدة عدم جواز المساس بالحكم ولايمكن التمسك ببطلانه عن طريق الدعوى أو الدفع أو المنازعة في تنفيذه . ولكن إذا فقد الحكم ركناً من أركانه الأساسية فانه يفقد صفة الحكم . وقد قضت محكمة النقض السورية بشأنه بأنه يجوز التمسك بانعدام هذا الحكم بدعوى مبتدأة ذلك إن الانعدام لا يصحح بالحضور أو بالتكلم في الموضوع أو بحجية الشيء المحكوم به ولايصحح مهما طال عليه الأجل ويثبت انعدامه متى فقد الإجراء ركناً أساسياً من أركان (47) انعقاده وبغير حاجة إلى نص يقرره وبغير حاجة إلى إثبات ضرر أصاب المتمسك به .
هذا ويمكن في الحكم المعدوم رفع دعوى جديدة بنفس الموضوع لنفس السبب بين الخصوم أمام نفس المحكمة أو أمام محكمة أخرى .(48) كما إن الانعدام يمكن لكل ذي مصلحة أن يتمسك به .
ومن كل ماتقدم نجد بان الحكم المعدوم لاتلحقه حصانة تجعله عنواناً للحقيقة القضائية تحوز حجية الأحكام الباتة بحيث لايجوز المساس به بل هو والعدم سواء وبالتالي يجوز الطعن بانعدامه وفقاً لما رسمه القانون من إجراءات وأحكام بشأنه وبأي وقت ودون تحديد مدة لذلك في هذا الشأن .

لذلك فالحكم المعدوم لايدخل في مفهوم نص المادة (105) من قانون الإثبات التي قضت بان الأحكام الصادرة من المحاكم العراقية التي حازت درجة البتات تكون حجة بما فصلت فيه من الحقوق إذا اتحدت إطراف الدعوى ولم تتغير صفاتهم وتعلق النزاع بذات الحق محلاً وسبباً . وكذلك كما قضت به المادة (106) من ذات القانون التي قضت بأنه لايجوز قبول دليل ينقض حجية الأحكام الباته . وكذلك نص المادة (107) من القانون المذكور التي قضت بأنه لايرتبط القاضي المدني بالحكم الجزائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً .
كما لايتقيد بشأنه بما ورد في المادة (209/3) من قانون المرافعات المدنية التي قضت بأنه لايجوز إحداث دفع جديد ولا إيراد أدلة جديدة أمام المحكمة المختصة بالنظر في الطعن تمييزاً باستثناء الدفع بالخصومة والاختصاص وسبق الحكم في الدعوى .
كما لايدخل الحكم المعدوم في مفهوم نص المادة (227) من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي قضت على انه : ـ
أ ـ يكون الحكم الجزائي البات بالادانه أو بالبراءة حجة فيما يتعلق بتعين الواقعة المكونة للجريمة ونسبتها لفاعلها ووصفها القانوني .
ب ـ يكون لقرار الإفراج الصادر من المحكمة الجزائية او قاضي التحقيق قوة الحكم بالبراءة عند اكتسابه الدرجة النهائية .
ج ـ لاترتبط المحكمة المدنية بالحكم أو القرار الجزائي البات أو النهائي في المسائل والوقائع التي لم يفصل فيها أو التي فصل فيها دون ضرورة .
كما قضت المادة (228) من القانون المذكور على انه يسري حكم المادة (227) على الأمر الجزائي المنصوص عليه في هذا القانون . كما قضت المادة (229) من ذات القانون وكانت صريحة في نصها حيث بينت بأنه لايكون الحكم الصادر من غير المحكمة الجزائية حجة أمام المحكمة الجزائية فيما يتعلق بصحة الواقعة المكونة للجريمة أو وصفها أو ثبوت ارتكاب المتهم إياها .
لذلك يتضح من كل ماتقدم بان الحكم المعدوم والذي هو والعدم سواء , لايكتسب حجية الأحكام الباته التي تحصنه من أمكانية الطعن به وفقاً لما قرره القانون من أحكام وإجراءات قانونية في هذا الشأن .

المطلــب الثـــالــــث  اثــر الانعــدام مـن حيــث بينـات الــدعـوى والأدلـــة المقـدمة فيها

عنى قانون المرافعات المدنية بالنص على انه يترتب على إبطال عريضة الدعوى (49) واعتبار هذه العريضة كان لم تكن بموجب أحكام المادة (88/4) من القانون أعلاه . اعتباراً بان إلغاء الإجراءات إنما يتناول العريضة وأثارها القانونية فحسب سواء كانت عريضة استدعاء الدعوى أو عريضة الدعوى الاعتراضية أو الاستئنافية أو التمييزية ولايتناول البيانات والإقرارات التي اشتملت عليها الدعوى التي أبطلت عريضتها .
وهذا الحكم هو فيما يتعلق بإبطال عريضة الدعوى أما الحكم بشان بينات الدعوة وأدلة الإثبات المقدمة فيها في حالة الدعوى المعدومة أو الحكم المعدوم كان تكون المحكمة قد استمعت شهوداً كانت لشهادتهم دور كبير ومقنع بدعوى المدعي التي حكمت المحكمة بردها لانعدام العريضة بسبب عدم توقيعها من قبل المدعي عند إقامتها أو عدم استيفاءها للرسم القانوني . أو كانت المحكمة قد أجرت معاينة العقار موضوع النزاع في إحدى هذه الدعاوى أعلاه . أو قدم في الدعوى تقرير خبير بين الرأي الفني بشان موضوع هذه الدعوى وغير ذلك من صور الانعدام القريبة والمماثلة لهذه الصور .
ففي هذه الحالات أعلاه . وعند إقامة الدعوى مجدداً بنفس موضوع الدعوى . فان أدلة الإثبات أعلاه لاتكون منعدمة لانعدام الدعوى أو الحكم فهي تكون قائمة قانوناً ويمكن الاستناد إليها في الحكم الصحيح في الدعوى المقامة مجدداً بذات الحق . ففي قضية أصدرت محكمة عمل بغداد حكمها برد دعوى المدعي كون عريضة الدعوى لم يستوفى عنها الرسم القانوني فاعتبرتها المحكمة منعدمة الوجود القانوني . فأقام المدعي الدعوى مجدداً بذات الموضوع واستند في أدلة إثباته إلى الدعوى السابقة المحكومة بالرد وما احتوته من أدلة إثبات فاستندت أليها محكمة العمل بالإثبات وصدق قرار حكمها بقرار رئاسة محكمة التمييز الاتحادية بالعدد (57 / مدنية منقول / 2007) في 21/8/2007 . (50)وهناك حالة تدق بشان أدلة الإثبات وبينات الدعوى على النحو المشار أليه في أعلاه . وذلك في الأحوال التي أشارت أليها المواد (91 و 93) من قانون المرافعات المدنية . حيث رتبت المادة (92) من ذات القانون في حالة نظر القاضي الدعوى في الأحوال المذكورة في المادة (91) أعلاه واتخاذه فيها أية إجراءات فيها أو إصدار حكمه بها فان الحكم يفسخ أو ينقض وتبطل الإجراءات المتخذة فيها .
إذ يمكن القول ابتداءً بان المشرع لم يرتب أي اثر بالنسبة لأحوال المادة (93) مرافعات مدنية في حين انه رتب على المادة (91) الآثار التي أشارت أليها المادة (92) من قانون المرافعات المدنية . ونجد بان المشرع رغم انه رتب بطلان الإجراءات بالنسبة للمادة (91) أعلاه , فانه يمكن القول بأنه إذا كانت هذه الإجراءات متكاملة من الناحية القانونية وان أدلة الإثبات المقدمة في الدعوى قد روعي فيها أحكام قانون الإثبات والقواعد العامة الإثبات ووزنتها محكمة الموضوع من الناحية القانونية . فهنا لايمكن القول ببطلان إجراءات الإثبات هذه رغم صراحة نص المادة (92) أعلاه . وحيث لابطلان في الإجراءات من دون ضرر كما هو حكم القواعد العامة في المرافعات والإثبات .أما أذا كان هناك قصور قانوني أو إهمال أو خطأ قانوني في إجراءات الإثبات المذكورة مع توافر إحدى صور المادة (91) أعلاه . فان الإجراءات المذكورة تبطل عملاً بنص المادة المذكورة . ولايمكن الاستدلال
أو الاستناد إليها في الحكم كأجراء ودليل من أدلة الإثبات وفقاً لأحكام القانون.
والمسالة في نهاية الأمر تقع في التقدير الموضوعي القانوني لمحكمة الموضوع لكي تقول كلمتها في صحة هذا الإثبات من عدمه وفقاً لأحكام القانون وقواعده العامة .

المبحــث الثــالـــث المحكمـــة المختصــــة بـالنـظــر فــي انعـــدام الحكـــم

يعتبر الحكم المنعدم مجرد واقعة حيث ينهدم بناء العمل القضائي كقرار قضائي بتخلف احد أركانه . وإذ كان لا يرتب أثره كعمل قضائي . لذلك فان القانون يجعله محلاً لمعاملة معينة حيث يمكن الطعن فيه والمطالبة بتقرير انعدامه ومن هذه الناحية يعد واقعة قانونية بحته .51 ويرى بعض الشراح انه إذا شاب الحكم عيب لا يبطله فحسب وإنما يجعله معدوم الوجود فلا يلزم الطعن فيه بطرق الطعن 52 .وإنما يمكن إقامة الدعوى بطلب تقرير انعدامه . ولكن هذا الرأي يعتبر غير صحيح بالنسبة للقانون العراقي 53 لان الحكم يبقى مرعياً ومعتبراً مالم يبطل أو يعدل من قبل المحكمة نفسها أو يفسخ أو ينقض من محكمة أعلى منها وفق الطرق القانونية 54 . لذلك فيجب إيراد واقعة الانعدام ضمن إحدى طرق الطعن المقررة في قانون المرافعات المدنيـة .
وقد يثار الحديث بشان مدى كفاية طريق الطعن تصحيحاً لمعالجة حالة الانعدام في الحكم . ونجد إن هذا الطريق لايكفي لوحده للتصدي لحالات الانعدام المذكورة وعلى النحو الذي سنبينه في ثنايا مطالب هذا البحث 55 كما إن طلب إعدام القرار التمييزي ليس من طرق الطعن القانونيــة في

الأحكام الواردة في الباب الثاني من الكتاب الثاني من قانون المرافعات المدنية المعدل النافذ 56 وبعد هذا فان الدفع بواقعة انعدام الحكم قد ترد أمام محكمة الموضوع التي نظرت أو تنظر في أصل القضية وآياً كانت هذه القضية وأياً كان نوع هذه المحكمة سواء مدنية أو شرعية أو عمالية أو إدارية أو جزائية اوغيرها وأياً كانت الصورة التي تنظر فيها هذه المحكمة هذه القضية فان هناك حالات تنظر من خلالها محكمة الموضوع في وقائع الانعدام والفصل فيها .
كما إن هذه الحالات قد ترد أمام محكمة الاستئناف بصفتها الأصلية عند الطعن استئنافاً بالحكم المعدوم . فان لهذه المحكمة صلاحية البت في حالة الانعدام المذكور . كما إن للهيئات التمييزية في رئاسة محاكم الاستئناف الاتحادية ولمحكمة التمييز الاتحادية دور كبير في الفصل في حالات الانعدام المشار إليها أعلاه .
لذلك فان معالجة هذا المبحث تكون في إطار المطالب التالية : ـ
المطلب الأول : محكمة الموضوع .
المطلب الثاني : محكمة الاستئناف بصفتها الأستئنافية .
المبحث الثالث : المحكمة المختصة بنظر الطعن التمييزي

المطلــب الأول صــلاحيــة محكمـــة المــوضـــوع للفصــل فـي انعـــدام الأحكـــام

إن فكرة الانعدام لاتعتبر من طرق الطعن في الأحكام , وإنما تفيد إن الحكم لا وجود له 57 . وهذه الفكرة يمكن الدفع بها وإيرادها سواء عند النظر في دعوى الموضوع أو أثناء النظر في الطعون التي تقدم على الأحكام التي تصدرها محكمة الموضوع والتي تختص محكمة الموضوع قانوناً بالفصل فيها , وفي احوالاً أخرى كما في حالة ما لو أصدرت محكمة الأحوال الشخصية امراً ولائياً بشان إيقاف الإجراءات القانونية التنفيذية التي تقوم بها مديرية التنفيذ بناء على حكم غيابي بتخلية دار سكنية صادر عن محكمة بداءة في حالة ما لو قدم الاعتراض على الحكم الغيابي المذكور أمام محكمة الأحوال الشخصية المذكورة . فان أصدرت هذه المحكمة هكذا امراً فيمكن لها في حالة التظلم أمامها من هذا الأمر إن تقرر إلغاء هذا الأمر لأنها وجدت بأنها غير مختصة وظيفياً في نظر الاعتراض وإصدار هذا الأمر عملاً بنص المادة (153/3) من قانون المرافعات المدنية المعدل النافذ . وكذلك الحال فيما لو وجدت محكمة البداءة عند نظرها في طلب الكشف المستعجل إن المطلوب الكشف ضده متوفي قبل إقامة الطلب أمام القضاء . فان محكمة الموضوع ترد الطلب المستعجل لان خصومة المطلوب الكشف ضده منعدمة لوفاته عملاً بأحكام المادة (150) من ذات القانون التي نصت في عجزها الأخير من انه تسري في شان الطلب المستعجل إجراءات التقاضي المقررة في هذا القانون مع مراعاة الأحكام الخاصة بالمواد المستعجلة . وعلى النحو الذي اشرنا إليه فيما تقدم .
وكذلك الحال لمحكمة البداءة عند نظرها دعوى الدين ووجدت بان المدعى عليه المدين متوفي قبل إقامتها أو وجدت بان المدعي لم يوقع عريضة الدعوى أو لم يسدد رسمها . فان حكم المحكمة هنا يكون بردها شكلاًُ لانعدام الوجود القانوني لقيام الدعوى في الحالات المذكورة عملاً بأحكام قانون المرافعات المدنية المشار إليها سابقاً 58 .
والحال المذكور هو حكم عام سواء كانت محكمة الموضوع هي محكمة بداءة أو شرعية أو إدارية أو محكمة عمل وهي تتلمس وقائع الانعدام من خلال تكيف وقائع الدعوى بطريقة عملية قانونية يقوم بها قاضي الموضوع دون إن يكون مقيداً بتكيف المدعي للدعوى أو تكيف المدعى عليه لها , بل يصل القاضي لحقيقة النزاع ثم يكيفه التكيف القانوني السليم 59.
وما تقدم ذكره هو ماتفصل به محكمة الموضوع عند نظرها لأصل الدعوى المنظورة أمامها . ولكن يمكن لمحكمة الموضوع عند نظرها في الطعون على الأحكام التي تصدرها كما في حالة الاعتراض على الحكم الغيابي أو اعتراض الغير الخارج عن الدعوى . إن تتصدى لما قد يثار من ادعاءات أو دفوع بشان وقائع الانعدام للحكم المطعون فيه . كما لو فصلت محكمة البداءة في طلاق مسلمين بغياب احد الخصمين أو فصلت المحكمة الشرعية بدعوى دين بغياب احد الخصمين وحصل الاعتراض على آياً منهما . فهنا يمكن لمحكمة البداءة وكذلك للمحكمة الشرعية إن تبطل الحكم المعترض عليه لصدوره من محكمة غير مختصة وظيفياً بإصداره وتحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة وظيفياً . وكذلك الحال بالنسبة لمحكمة العمل في دعاوي حقوق العمل والحقوق التقاعدية . وكذلك الحال بالنسبة لمحكمة القضاء الإداري . ونجد بان صلاحية محكمة الموضوع للفصل بوقائع الانعدام تنحصر في الطعن بطريق الاعتراض على الحكم الغيابي واعتراض الغير الخارج عن الدعوى . عملاً بأحكام المواد (177 و 224) من قانون المرافعات المدنية . ولايمكن أعمال هذه الصلاحية في حالة الطعن بطلب إعادة المحاكمة إذا خلى الطلب في احد الأسباب المبينة في المادة (196) من ذات القانون لان الحكم المعدوم في هذه الحالة يطعن فيه أمام محكمة الاستئناف بصفتها الأصلية أو التمييزية أو محكمة التمييز الاتحادية على حسب الأحوال ووفقاًَ لأحكام القانون . ذلك لان طلب إعادة المحاكمة إذا خلى من احد الأسباب المذكورة فانه يسد الباب أمام محكمة الموضوع لإصلاح ماقد صدر في الدعوى من حكم يعتبر منعدم الوجود القانوني 60 . بخلاف الطعون بطريق الاعتراض على الحكم أو اعتراض الغير حيث إن صلاحية المحكمة فيها تكون كبيرة وفقاً لنصوص هذه الطرق في هذا الشأن . بخلاف طلب إعادة المحاكمة .
اما بالنسبة لمحاكم الجزاء . فان فصلَت محكمة العمل بصفتها الجزائية وعملاً بأحكام المواد (139 و 146) من قانون العمل بجريمة ضريبية وفقاً لأحكام المادة (56) من قانون ضريبة الدخل رقم 113 لسنة 1982 المعدل النافذ وخلافاً لاختصاصها على رب عمل غيابياً يجعل من حكمها معدوم يمكن لها في مرحلة الاعتراض معالجة ذلك . وكذلك الحال بالنسبة لمحاكم الجزاء (الجنايات والجنح) المشكلة بموجب أحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل النافذ إذا نظرت في قضايا الجرائم العسكرية بموجب أحكام قانون العقوبات العسكري رقم 19 لسنة 2007 61 .
حيث يمكن لهذه المحاكم إن تبطل الحكم الذي صدر عنها خلافاًُ لقواعد الاختصاص الوظيفي وإحالتها لمحكمة الموضوع المختصة وظيفياً في نظرها.
كما يمكن لمحكمة الجنح بموجب المادة (139) من قانون الأصول الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل النافذ . إذ تراءى لها بعد إجراءها التحقيق القضائي أو المحاكمة في الدعوى المحالة بصورة غير موجزة أو قبل ذلك بناء على تدقيقها الأوراق إن الفصل في الدعوى الجزائية يخرج اختصاصها ويدخل في اختصاص محكمة الجنايات فتقرر إحالة المتهم عليها وإذا وجدت محكمة الجنايات إن الفصل في الدعوى داخل في اختصاص محكمة الجنح فلها إن تفصل فيها أو تعيدها إلى محكمة الجنح . وإذا وجدت محكمة الجنايات إن الفصل في الدعوى المحالة عليها من قاضي التحقيق داخل في اختصاص محكمة الجنح فلها إن تفصل فيها أو إن تحيل المتهم على محكمة الجنح . ويكون قرار محكمة الجنايات بالإحالة أو الإعادة واجب الإتباع .
والنص واضح في حكمه والاستنتاج القانوني بشأنه واضح المآل . وطرق الطعن في الأحكام الجزائية هي الاعتراض على الحكم الغيابي بموجب المادة (243) الأصولية والتمييز بموجب المادة (249) وتصحيح القرار التمييزي بموجب المادة (266) من ذات القانون . وإعادة المحاكمة بموجب أحكام المادة (270) من القانون المذكور . وما قيل بشان إعادة المحاكمة في الدعاوى المدنية وغيرها يصدق ذاته بشان طلب إعادة المحاكمة في المجال الجزائي على النحو الواضح والصريح من نص المادة (270) الأصولية أعلاه .
هذا وقد تنظر المحكمة أو القاضي في دعوى ويصدر حكمه الغيابي فيها رغم توافر احد الأسباب المبينة في المادة (91) و (93) من قانون المرافعات المدنية 62 . ويتم الاعتراض على الحكم فانه يتوجب على هذه المحكمة أو هذا القاضي إن يستشعر ويطلب التنحي عنها صيانة للقضاء عن الشبهة ولكي يترك لغيره من القضاة الفصل في هذا الاعتراض وفقاً لأحكام القانون .
ومن الجدير بالذكر إلى إن فصل محكمة الموضوع في وقائع الانعدام هو فصل مؤقت وليس نهائي ويتوقف على مدى تصديق أو نقض أو فسخ المحاكم العليا عند نظرها في هذا الفصل بناءاً على الطعون التي تقدم وفقاً لأحكام القانون .
هذا مع العرض إن تقرير انعدام الحكم هي مسالة قانون تباشرها المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يطلبها الخصوم في الدعوى كما يجدر بالذكر إلى إن محكمة الموضوع ابتداءاً تملك صلاحية فحص آية واقعة تعرض عليها لبيان مدى اختصاصها بنظرها من عدمه . وهذا كله يدخل ضمن فكرة الانعدام المشار إليها في أعلاه .
كما إن فكرة الحكم المعدوم لاتمنع من إقامة الدعوى مجدداً بالموضوع الذي تناوله الحكم المعدوم 63 .كما انه يجب ملاحظة بان فكرة الانعدام متى ماتوافرت في الطعن بالاعتراض على الحكم الغيابي أو في الطعن باعتراض الغير وفقاً لأحكام المادة (230 / ف2 و ف3) من قانون المرافعات المدنية . فأننا هنا لاننظر إلى فوات ميعاد الطعن من عدمه لان الحكم المعدوم وكما سبق الإشارة إليه لاتلحقه حصانة ولايسد في وجهه باب الطعن قانوناً بفوات مواعيد الطعون وغيرها .

المطــلــب الثـــانــــي  صلاحيــة محكمـــة الاستئنـــاف بصفتهـــا الأستئنـافيــة للبــت فــي مـــوضـــوع انعــــدام الأحكــــام

يجوز للخصم الطعن بطريق الاستئناف في أحكام محاكم البداءة الصادرة بدرجة أولى في الدعاوى التي تزيد قيمتها على إلف دينار عراقي والأحكام الصادرة منها في قضايا الإفلاس وتصفية الشركات 64 .
ولايجوز تدخل الشخص الثالث في الاستئناف إلا إذا طلب الانضمام لأحد الخصوم أو كان يحق له الطعن في الحكم بطريق اعتراض الغير , ويجوز لمحكمة الاستئناف إلى ماقبل إفهام ختام المرافعة في الدعوى الاستئنافية إدخال شخص ثالث لم يكن خصماً في الحكم المستأنف 65 .
ويكون الاستئناف بعريضة تقدم لمحكمة الاستئناف مباشرة وتسجل ويستوفى عنها الرسم القانوني وتحدد للنظر فيها جلسة يبلغ المستأنف بتاريخها على العريضة ذاتها ويبلغ المستأنف عليه بموعد الجلسة وتبلغ المحكمة التي أصدرت الحكم بوقوع الاستئناف ويطلب منها إرسال أضبارة الدعوى إلى محكمة الاستئناف أما أذا أقدمت عريضة الاستئناف إلى المحكمة التي أصدرت الحكم فعليها استيفاء الرسم القانوني وتسجل العريضة وترسلها مع أضبارة الدعوى إلى محكمة الاستئناف مباشرة 66 .
والاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور حكم البداءة بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط . ولايجوز إحداث دعوى في الاستئناف لم يسبق إيرادها بداءة ومع ذلك يجوز إن يضاف إلى الطلبات الأصلية ما يتحقق بعد حكم البداءة من الأجور والفوائد والمصاريف القانونية وما يجد بعد ذلك من التعويضات ويجوز تقديم أدلة جديدة في الاستئناف لتأييد الادعاء والدفع الواردين بداءة 67 .
وإذا استوفي الاستئناف شروطه القانونية تقرر المحكمة قبوله شكلاً ثم تمضي بنظر الموضوع فإذا كان حكم البداءة موافقاً للأصول والقانون تقضي بتأييده ورد الاعتراضات والأسباب الاستئنافية مع بيان أوجه ردها تفصيلاً 68 .
وإذا وجدت بالحكم المستأنف نواقص وأخطاء في الشكل أو الموضوع تقوم بإصلاحها وإكمالها على الوجه المقتضي .
وإذا رأت بعد إصلاحها الخطأ أو إكمالها النواقص إن لاتاثير في نتيجة الحكم البدائي وان الحكم المذكور موافق للقانون قضت بتأييده . وإذا كانت النواقص والأخطاء التي تلافتها بالإصلاح والإكمال ذات تأثير في نتيجة الحكم أو كان الحكم في ذاته مخالفاً للقانون قضت بفسخه كله أو بعضه وأصدرت حكماً جديداً دون إن تعاد الدعوى لمحكمة البداءة .
وأحكام قانون المرافعات المدنية المتعلقة بالدعوى والمحاكمة والحكم وغيرها التي تجري العمل بها في محاكم البداءة تكون مرعية في محاكم الاستئناف ايضاً 69 . وهذه أهم الأحكام التي يقوم عليها عمل محاكم الاستئناف إضافة لأحكام أخرى أوردها قانون المرافعات المدنية بشان الدعوى الاستئنافية المنظورة أمامها .

وتتم تسمية رئيس وأعضاء الهيئة الاستئنافية بموجب بيان يصدره معالي رئيس مجلس القضاء الأعلى بناء على اقتراح من رئيس محكمة الاستئناف ولايجوز تبديل الرئيس أو العضو إلا إذا وجدت ضرورة ماسة تقضي بذلك70 .
وجدير بالذكر إن هذه الهيئة أو آية محكمة أو هيئة قضائية يقتضي لمباشرتها مهام أعمالها القضائية صدور بيان قضائي أو أمر قضائي من المجلس الأعلى للقضاء , فانه لايجوز لها مباشرة هذه الأعمال قبل صدور هذا البيان وهذه التسمية . وبخلافه فان هذه المحكمة أو الهيئة تكون غير متشكلة قانوناً وبالتالي فان ماتقوم به من أعمال قضائية تكون منعدمة الأثر القانوني والوجود القانوني .هذا وان الهيئة الاستئنافية إذا ماوجدت بأنه الحكم المطعون به هو حكم معدوم لا أساس له من القانون فان عليها اعتباره معدوماً ورد الاستئناف الواقع شكلاً . وفي ذلك قضت محكمة التمييز الاتحادية بأنه ولدى التدقيق والمداولة وجد بان الطعن التمييزي مقدم ضمن المدة القانونية فقرر قبوله شكلاً ولدى عطف النظر في الحكم المميز وجد إن المميز عليه السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي / هيئة التعليم التقني قد أقام الدعوى البدائية المرقمة (307 / ب / 204) لدى محكمة بداءة البياع طالباً تخلية الدار المرقمة (40) العائدة للمجمع السكني المخصص للأساتذة والتي ابرز سند ملكيتها لاحقاً من شاغلها المتجاوز المميز (ع . ح . ح ) وقد نظرت الدعوى بحضور المميز شخصاً ووكيله المميز عليه ثم تركت للمراجعة في 17/4/2004 واستأنف السير فيها بعد مراجعة وكيله المميز عليه في 25/4/2004 وبعد تبليغ المميز بموعد المرافعة في 16/5/2004 فان محكمة البداءة اعتبرت المرافعة غيابية بحقه وأصدرت حكماً غيابياً في الدعوى بتاريخ (13/5/2004خلافاً لأحكام المواد (55/1) و (54/2) مرافعات مدنية اذ إن المرافعة كانت قبل ترك الدعوى للمراجعة حضورية فينبغي إجراء المرافعة حضورياً بعد تبليغ المدعى عليه المميز وإذ إن محكمة البداءة قبلت الاعتراض المقدم من قبل المدعى عليه المميز وأصدرت حكماً برد الاعتراض وتأييد الحكم الغيابي وبذلك فإنها أوجدت للمميز طريق طعن لم ينص عليه القانون حيث إن الحكم الصادر عن محكمة البداءة المؤرخ في 13/5/2004 هو حكم حضوري لايقبل الطعن بطريق الاعتراض على الحكم الغيابي وان محكمة الاستئناف قد قبلت الاستئناف المقدم من قبل المعترض المدعى عليه المذكور وخاضت في موضوع الدعوى خلافاً لأحكام القانون ذلك إن الحكم المستأنف والمتضمن رد الاعتراض وتأييد الحكم الغيابي هو حكم معدوم لا أساس له من القانون مما كان يتعين عليها اعتباره معدوماً ورد الاستئناف الواقع شكلاً للأسباب أعلاه . وحيث إنها لم تلتفت إلى ماتقدم فيكون حكمها المميز معيباً من هذه الجهة لذا قرر نقضه وإعادة أضبارة الدعوى لمحكمتها للسير فيها وفق النهج أعلاه وصدر القرار بالاتفاق 71 .

أما إذا وجدت محكمة الاستئناف بان الاستئناف على الحكم المعدوم قد قدم ضمن مدته القانونية . فأنها هنا يجب عليها إن تنطلق من فكرة إن الحكم المعدوم المطعون به استئنافاً من الصحيح انه منعدم الوجود القانوني إلا انه يحمل مظاهر الوجود والواقع . إذ عليها في هذه الحالة أعمال الشطر الأخير من المادة (193/4) من قانون المرافعات المدنية التي قضت بأنه إذا كان الحكم المطعون به في ذاته مخالفاً للقانون حيث إنها في هذه الحالة تقضي بفسخه وتصدر في القضية وعلى حسب الأحوال حكماً جديداً ووفقاً لأحكام القانون .
كما إن من الثابت إن توقيع عريضة الاستئناف من غير شخص المستأنف يجعل الاستئناف غير واقع والوكالة اللاحقة لاتسبغ الصفة القانونية على الاستئناف .

كما قضت محكمة النقض المصرية بان الخصومة بين الأطراف الواجب اختصاصهم قانوناً لايسقط بعدم أبدائه في صحيفة الاستئناف . وانه إذا علم الخصم إثناء نظر الاستئناف بوفاة المدعى عليه قبل رفع الدعوى جاز لكل ذي مصلحة منهم الدفع بانعدام الحكم الابتدائي) 72. وكما قضت محكمة التمييز الاتحادية في العراق بأنه ولدى التدقيق والمداولة من قبل الهيئة الموسعة الأولى في محكمة التمييز بأنه وجد بان المدعى عليها وفي الدعوى البدائية المرقمة (1012 / ب / 1991) قد طعنت في الحكم البدائي الصادر بتاريخ 19/11/1991 عن طريق الاستئناف بعريضتها الاستئنافية المؤرخة في 23/11/1991 إلا إن محكمة استئناف بغداد قد نظرت في الطعن ألاستئنافي تمييزاً بصفتها التمييزية بعدد (1708 / حقوقية / 1991) في 7/12/1991 خلافاً لأصل الطلب فعليه يكون قرار محكمة استئناف بغداد المذكور بحكم المعدوم وإعادة الطعن ألاستئنافي في أضبارة الدعوى لمحكمة استئناف بغداد للنظر في الطعن المقدم استئنافاً وربط الدعوى بحكم وفقاً لأحكام القانون وصدر القرار بالاتفاق 73 . كما قضت ذات المحكمة بأنه ولدى التدقيق والمداولة وجد إن الحكم المميز غير صحيح قانوناً ذلك إن المدعى عليه إضافة لوظيفته كان قد طعن في الحكم البدائي الصادر ضده بعريضة الطعن المؤرخة في (30/8/1989) ولوحظ إن عريضة الطعن المذكور معنونة لرئيس محكمة استئناف منطقة الحكم الذاتي بصفتها التمييزية بواسطة قاضي محكمة بداءة دهوك ولوحظ إن قاضي البداءة قد دون هامشاً على عريضة الطعن المذكورة مؤرخاً في (30/8/1989) يتضمن مايلي ((للرسم والتسجيل وإرسال الاضبارة لرئاسة استئناف الحكم الذاتي بصفتها التمييزية وعلى ذلك يكون المدعى عليه إضافة لوظيفته قد طعن في الحكم الصادر ضده تمييزاً لدى محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية ويكون الحكم المميز الصادر من محكمة الاستئناف بصفتها الأصلية صادراً من محكمة لم يرفع إليها الطعن ولايرتب أثراً قانونياً لأنه يعتبر حكماً معدوماً لذلك قرر نقضه وإرسال أضبارة الدعوى بكافة تفرعاتها إلى محكمة استئناف الحكم الذاتي بصفتها التمييزية للنظر في الطعن التمييزي المقدم من قبل المميز بشان حكم محكمة بداءة دهوك واتخاذ القرار الذي تراه موافقاً للقانون بخصوص الطعن المذكور والأشعار بذلك إلى محكمة استئناف الحكم الذاتي بصفتها الأصلية وصدر القرار بالاتفاق.
وأخيراً يجب ملاحظة بأنه لايجوز لأعضاء الهيئة الاستئنافية النظر في أحكام وقرارات كانوا قد أصدروها أو اشتركوا في إصدارها أو قدموا فيها رأياً او خبرة بوصفهم خبراء أو محكمين أو محامين أو غير ذلك.
ويتضح من كل ماتقدم صلاحية الهيئة الاستئنافية في رئاسة محكمة الاستئناف للنظر والبت في حالات انعدام الأحكام .

المطــلـــب الثـــالــــث سلطــــة المحكمــــة المختصــــة بنظــــر الطعــــن التمييـــزي فـــي تقــريــــر انــعــــدام الأحكـــــام

للخصوم في الدعوى إن يطعنوا تمييزاً لدى محكمة التمييز في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف أو محاكم البداءة أو من محاكم الأحوال الشخصية 74 .ولدى محكمة استئناف المنطقة في الأحكام الصادرة من محاكم البداءة كافة 75 .
وذلك في الأحوال الآتية :
1. إذا كان الحكم قد بني على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو عيب في تأويله .
2. أذا كان الحكم قد صدر على خلاف قواعد الاختصاص .
3. أذا وقع في الإجراءات الأصولية التي اتبعت عند رؤية الدعوى خطأ مؤثر في صحة الحكم .
4. أذا صدر حكم يناقض حكماً سابقاً صدر في الدعوى ذاتها بين ذات الخصوم أو من مقام مقامهم وحاز درجة الثبات .
5. أذا وقع في الحكم خطأ جوهري ويعتبر الخطأ جوهرياً إذا اخطأ الحكم في فهم الوقائع أو اغفل الفصل في جهة من جهات الدعوى أو فصل في شي لم يدع به الخصوم أو قضى بأكثر مما طلبوه أو قضى على خلاف ماهو ثابت في محضر الدعوى أو على خلاف دلالة الأوراق والمستندات المقدمة من الخصوم أو كان منطوق الحكم مناقضاً بعضه لبعض أو كان الحكم غير جامع لشروطه القانونية التي اشرنا إليها سابقاً .
ويكون الطعن في الحكم بطريق التمييز بعريضة تقدم إلى المحكمة المختصة بنظر الطعن أو إلى المحكمة التي أصدرت الحكم أو إلى محكمة محل إقامة طالب التمييز76 .وتنظر المحكمة المختصة بنظر الطعن في إجراء التدقيق على أوراق الدعوى دون إن تجمع الطرفين ولها إن تتخذ أي إجراء يعينها على البت في القضية ولها عند الاقتضاء إن تدعوا الخصوم للاستيضاح منهم عن بعض النقاط التي ترى لزوم الاستيضاح عنها ولها إن تأذن بتقديم بيانات أو لوائح جديدة . هذا ولايجوز إحداث دفع جديد ولا إيراد أدلة جديدة أمام المحكمة المذكورة باستثناء الدفع بالخصومة وعدم الاختصاص وسبق الحكم في الدعوى 77 .
وبعد إكمال التدقيقات التمييزية تصدر المحكمة المختصة بنظر الطعن تمييزاً قرارها . أما برد العريضة التمييزية إن كانت مقدمة بعد مضي المدة القانونية أو كانت خالية من الأسباب التي بني عليها الطعن تمييزاً أو تصديق الحكم المميز إذا كان موافقاً للقانون وان شابه خطأ في الإجراءات غير مؤثرة في صحة الحكم . أو أن تنقض الحكم المميز إذا توافر سبب من الأسباب المبينة في المادة (203) من قانون المرافعات المدنية 78 .
كما إن لهذه المحكمة نقض الحكم المميز من تلقاء نفسها إذا وجدت فيه مخالفة صريحة للقانون ذات اثر بين على صحته وان كانت البيانات والأسباب التي قدمها المميز غير كافية لذلك 79.
كما إن الحكم إذا نقض بسبب عدم اختصاص المحكمة الذي أصدرته بنظر الدعوى سواء وظيفياً أم نوعياً .فان المحكمة المختصة بنظر الطعن تمييزاً في هذه الحالة ترسل أوراق الدعوى إلى المحكمة المختصة التي تحددها بقرارها التمييزي وتشعر المحكمة التي أصدرت الحكم المذكور بذلك 80.
وإذا وقع خطأ في تطبيق القانون أو عيب في تأويله وكان الحكم من حيث الأساس صحيحاً وموافقاً للقانون تصدقه المحكمة من حيث النتيجة 81 .كما إن محكمة التمييز الاتحادية حصراً أذا رأت نقض الحكم المميز لمخالفته القانون أو الخطأ في تطبيقه وكان الموضوع صالحاً للفصل فيه وجب عليها إن تفصل فيه ولها في هذه الحالة دعوة الطرفين وسماع أقوالهما إن وجدت ضرورة لذلك . ويكون قرارها قابلاً للطعن فيه بطريق تصحيح القرار التمييزي ضمن مدته القانونية لدى الهيئة العامة في هذه المحكمة 82 .
هذا ويكون قرار المحكمة المختصة بنظر الطعن واجب الإتباع مطلقاً إذا كان الحكم المميز صادراً من محكمة أحوال شخصية أو مواد شخصية أو محكمة بداءة (محكمة الصلح سابقاً) .
أما إذا كان الحكم المميز صادراً من محكمة استئناف أو محكمة بداءة فيقتصر في إتباع قرار النقض على ماتضمنه من إجراءات أصولية فقط إلا أذا كان قرار النقض صادراً من الهيئة العامة أو الموسعة فانه يكون واجب الإتباع في جميع الأحوال . أما أذا أصرت محكمة الاستئناف أو محكمة البداءة على حكمها بعد إعادة الدعوى إليها وخالفت في ذلك قرار الهيئة الخاصة في محكمة التمييز وجب نظر الطعن الثاني أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز الاتحادية 83 .
كما أجازت المادة (216) من قانون المرافعات المدنية الطعن تمييزاً في القرارات الصادرة من القضاء المستعجل وفي الحجر الاحتياطي والقرارات الصادرة في التظلم من الأوامر على العرائض والقرارات الصادرة بإبطال عريضة الدعوى أو بوقف السير في الدعوى واعتبارها مستأجرة حتى يفصل في موضوع أخر والقرارات الصادرة برفض توحيد دعويين مرتبطين أو برفض الإحالة لعدم الاختصاص القيمي أو المكاني أو قرار رد طلب تصحيح الخطأ المادي في الحكم أو قبوله وقرار رفض طلب تعيين المحكين وردهم وقرار تحديد أجور المحكمين وتكون مدة الطعن في هذه القرارات سبعة أيام من اليوم التالي لتبليغ القرار أو اعتباره مبلغاً . ويكون الطعن تمييزاً في هذه القرارات لدى محكمة استئناف المنطقة ان كانت تلك القرارات صادرة من محكمة البداءة ويكون الطعن لدى محكمة التمييز إن كانت صادرة من محاكم الأحوال الشخصية أو المواد الشخصية أو محاكم الاستئناف بصفتها الاستئنافية ويكون القرار الصادر بنتيجة الطعن واجب الإتباع ولايقبل تمييز الأوامر على العرائض إلا بعد التظلم فيها أمام من أصدرها طبقاً لما هو مبين في المادة (153) من هذا القانون .
هذا وان ماتقدم ذكره من أحكام أنما يخص المحكمة المختصة بنظر الطعن تمييزاً من النواحي المدنية والشرعية والقضاء الإداري أما فيما يتعلق بالجانب الجزائي في هذا الشأن . فقد نصت المادة (249) من قانون أصول المحاكمات الجزائية المعدل النافذ على انه لكل من الادعاء العام والمتهم والمشتكي والمدعي المدني والمسؤول مدنياً إن يطعن لدى محكمة التمييز في الأحكام والقرارات والتدابير الصادرة من محكمة الجنح أو محكمة الجنايات في جنحة أو جناية أذا كانت قد بنيت على مخالفة للقانون أو خطا في تطبيقه أو تأويله أو أذا أوقع خطأ جوهري في الإجراءات الأصولية أو في تقدير الأدلة أو تقدير العقوبة وكان الخطأ مؤثراً في الحكم ولايقبل الطعن تمييزاً على انفراد في القرارات الصادرة في مسائل الاختصاص والقرارات الإعدادية والإدارية وأي قرار أخر غير فاصل في الدعوى إلا أذا ترتبت عليها منع السير في الدعوى . ويستثنى من ذلك قرارات القبض والتوقيف وإطلاق السراح بكفالة أو بدونها .
ويترتب على الطعن في الحكم أو القرار الفاصل في الدعوى شموله جميع الأحكام والقرارات التي سبقت صدوره أذا كانت ذات علاقة به 84. ويقتصر طعن الادعاء العام على الدعوى الجزائية ويقتصر طعن المدعي المدني والمسؤول مدنياً على الدعوى المدنية ويقتصر طعن المشتكي على الحق الذي طلبه أما طعن المتهم فيشمل الدعويين الجزائية والمدنية إلا أذا قصره على احدهما . 85
وإذا كان مقدماً من الادعاء العام جاز نقض الحكم بالنسبة لجميع المحكوم عليهم أما إذا أقدمه احد المحكوم عليهم فلا ينقض الحكم إلا بالنسبة لمن قدمه مالم تكن الأسباب التي بنى عليها الطعن تتصل بغيره من المحكوم عليهم فينقض الحكم عندئذ بالنسبة لهم جميعاً .
ويحصل الطعن بعريضة تقدم من المميز أو من ينوب عنه قانوناً إلى المحكمة الجزائية التي أصدرت الحكم أولى أي محكمة جزائية أخرى أو إلى محكمة التمييز لاساً خلال ثلاثين يوماً تبدأ من اليوم الثاني لتاريخ النطق بالحكم أذا كان وجاهياً أو من تاريخ اعتباره بمنزلة الحكم الوجاهي أن كان غيابياً . ويجوز للمميز أن يبدي أسباب الطعن في عريضة مستقلة أو يقدم اسباباً جديدة إلى ماقبل الفصل فيه ولجميع الخصوم إن يقدموا لوائح بأقوالهم وطلباتهم (86) . وتقبل محكمة التمييز اللوائح المقدمة من المتهم وذوي العلاقة إلى ماقبل إصدار قرارها بالدعوى (87) .
كما تقدم رئاسة الادعاء العام مطالعتها وطلباتها حول الحكم أو القرار المطعون فيه (88) . وتصدر محكمة التمييز قرارها في القضية أما برد الطعن إن كان مقدماً بعد انتهاء مدته (89) .كما قد فصلت المواد من (259 ـ 263) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأحكام والقرارات التي تصدرها المحكمة المختصة بنظر الطعن تمييزاً والإجراءات التي تترتب على الحكم بعد النقض أو التصديق . ومن الجدير بالذكر إن المادة (261) الأصولية قد قضت بأنه إذا نقضت محكمة التمييز الحكم لصدوره من محكمة غير مختصة فتحيل الدعوى إلى المحكمة المختصة وتخبر بذلك المحكمة التي أصدرت الحكم .
كما قضت المادة (264) الأصولية بأنه لمحكمة التمييز أن تطلب أية دعوى جزائية لتدقيق ماصدر فيها من أحكام وقرارات وتدابير وأوامر من تلقاء نفسها او بناء على طلب الادعاء العام أو أي ذي علاقة ويكون لها في هذه الحالة السلطات التمييزية المنصوص عليها في هذا الفصل غير انه ليس لها أن تقرر إعادة أوراق الدعوى لإدانة المتهم أو تشديد عقوبته إلا أذا طلبتها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدور القرار أو الحكم ولها هذه السلطة ايضاً إذا قررت رد الطعن شكلاً وليس لها ذلك أن سبق لها نظر القضية تمييزاً .
كما قضت المادة (265) الأصولية بأنه يجوز الطعن تمييزاً أمام محكمة الجنايات من ذوي العلاقة المنصوص عليهم في المادة (249) الأصولية في الأحكام والقرارات والتدابير الصادرة من محكمة الجنح في دعاوى المخالفات وفي القرارات الصادرة من قاضي التحقيق خلال ثلاثين يوماً تبدأ من اليوم التالي لتاريخ صدورها كما يجوز لهذه المحكمة أن تجلب أية دعوى مما ذكر أعلاه أو أي محضر تحقيق في جريمة وفق الأحكام المنصوص عليها في المادة (264) الأصولية . ويكون لها صلاحية محكمة التمييز وفق المادة المذكورة وبما يتلاءم مع هذه الأحكام والقرارات وتكون قراراتها في ذلك باتة(90) .
كما قضت المادة (30) من قانون الادعاء العام المعدل النافذ على انه يقوم رئيس الادعاء العام وفي حدود ما تسمح به القوانين والأنظمة والتعليمات باتخاذ أو طلب اتخاذ الإجراءات التي تكفل تلافي خرق القانون أو انتهاكه . وإذا تبين لرئيس الادعاء العام حصول خرق للقانون في أي حكم أو قرار صادر عن أية محكمة عدا المحاكم الجزائية أو في قرار صادر عن مدير عام رعاية القاصرين أو مدير رعاية القاصرين المختص أو المنفذ العدل من شانه الأضرار بمصلحة الدولة أو القاصر أو أموال أي منهما أو مخالفة النظام العام . يتولى عندها الطعن في الحكم أو القرار لمصلحة القانون رغم فوات المدة القانونية إذا لم يكن احد من ذوي العلاقة قد طعن فيه . ولايجوز الطعن في هذه الحالة إذا كانت قد قضت مدة ثلاثة سنوات على اكتساب الحكم أو القرار درجة البتات . ويكون الطعن لمصلحة القانون أمام محكمة التمييز الاتحادية وينظر من هيئة خماسية برئاسة رئيس المحكمة أو احد نوابه . وإذا تأييد لهذه الهيئة أن في الحكم أو القرار المطعون فيه خرقاً للقانون تقرر نقضه وإعادة الدعوى لمحكمتها لإصدار حكم أو قرار جديد ترسله تلقائياً لمحكمة التمييز وإذا وجدت أن في قرار مدير عام دائرة رعاية القاصرين أو مدير رعاية القاصرين المختص أو المنفذ العدل المطعون فيه خرقاً للقانون فتقرر نقضه وإعادة المعاملة للدائرة المذكورة لإصدار قرار جديد ترسله تلقائياً لمحكمة التمييز . وتنظر الهيئة في الحكم او القرار الجديد ويكون قرارها واجب الإتباع ولايقبل الطعن بطريق تصحيح القرار التمييزي .
وبعد هذه المقدمة عن المحكمة المختصة بالطعن تمييزاً وأصحاب الحق في الطعن واياً كان نوع الحكم وهو امراً نجده مفيداً للولوج إلى فصل هذه المحكمة في مسالة انعدام الأحكام وعلى غرار البحث الذي أجريناه في المطلب الأول والثاني من هذا المبحث . حيث نقول أن صلاحية هذه المحكمة للفصل في انعدام الأحكام أنما تجد أساسها في الأحكام القانونية أعلاه ولاسيما صراحة نص الفقرة (2) من المادة (203) من قانون المرافعات المدنية بشان مخالفة الحكم لقواعد الاختصاص ومن صراحة العجز الأخير في الفقرة (5) من ذات المادة بشان كون الحكم المميز غير جامع لشرطه القانونية . إذ أن المحكمة المختصة بالنظر في الطعن تمييزاً في هذه الحالة إذا وجدت أن الحكم المميز منعدم الوجود القانوني لأحد أسباب الانعدام التي مر ذكرها فأنها ومن باب تقرير الواقع تقرر نقضه وإعادته لمحكمته لملاحظة ذلك . حيث قضت محكمة التمييز الاتحادية في قرارها التمييزي المرقم (1989 / جزاء متفرقة / 86 ـ 1987 ) في 10/10/1988 بأنه لايجوز للمحكمة أن تجري محاكمة المتهم دون وجود قرار قاضي التحقيق بإحالته إلى المحاكمة عملاً بأحكام المادة (130/ب) الأصولية (91) .
ونرى بان عدم وجود قرار الإحالة في هذه الحالة يجعل من محكمة الموضوع المميز حكمها غير مختصة وظيفياً او نوعياً في الدعوى محل بحث الحكم المذكور في هذه الحالة لان في الإحالة توصيف لفعل المتهم وفق مادة قانونية معينة وتحديد للمحكمة المختصة وظيفياً ونوعياً في نظر هذه القضية الأمر الذي يجعل من الحكم المميز منعدم الوجود القانوني للأسباب أعلاه .
كما ان قرار الحكم قد ينقض لانعدامه بسبب تلاوة المحكمة له عملاً بأحكام المادة (161) مرافعات مدنية بعد تحرير وتوقيع مسودته إلا انه يفوت على المحكمة المذكورة تنظيم محضر التلاوة وتوقيعه من قاضي المحكمة أو هيئة المحكمة . إذ إن انعدام المحضر المذكور يترتب عليه انعدام الحكم لان ذلك يفيد بانعدام تشكيل المحكمة التشكيل القانوني السليم والصحيح في الجلسة المحددة للنطق به . فإذا كان من الصحيح أن الحكم اسبق في التوقيع من محضر التلاوة ألا انه من الصحيح ايضاً وجوب توقيع هذا المحضر بعد تلاوة الحكم المذكور عملاً بأحكام قانون المرافعات المدنية ونصوصه المشار أليها فيما تقدم .
ومما تجدر الإشارة أليه هنا بان الحكم المعدوم قد يكون صادراً عن محكمة التمييز أو المحكمة المختصة بنظر الطعن تمييزاً وقد تضمن هذا الحكم وقائع اوجب على محكمة الموضوع أن تجريها وعلى سبيل المثال انه أشار على محكمة الموضوع وجوب استئخار الدعوى لنتيجة دعوى أخرى أو غير ذلك . فهنا نتساءل عن مدى إلزامية هكذا حكم على محكمة الموضوع أو أن المحكمة المختصة بنظر الطعن تمييزاً . نقضت حكم محكمة الموضوع وبنت في حكمها المعدوم أن علاقة العمل بين العامل والمؤسسة الحكومية تخضع لقانون العمل خلافاً لصريح نص المادة (8) من قانون العمل المعدل النافذ . وبالتالي طلبت من محكمة الموضوع وهي محكمة البداءة إحالتها لمحكمة العمل للفصل فيها . وهنا نكرر فنتساءل هل يمكن لمحكمة الموضوع ان ترفض هذا الاستئخار ولاتتبع مندرجات القرار التمييزي المعدوم كان يكون معدوماً لصدوره من هيئة لم يكتمل عدد أعضاءها أو أن الفصل في الموضوع من صلاحية الهيئة التمييزية في رئاسة استئناف المنطقة وفصلت فيه محكمة التمييز أو بالعكس وهل يمكن لمحكمة العمل أن ترفض إحالة محكمة البداءة لها الدعوى المشار إليها في أعلاه بداعي عدم سريان قانون العمل على العامل الذي يعمل في المؤسسات الحكومية وفقاً لأحكام المادة (8) من قانون العمل .
ونرى بأنه من الجائز قانوناً للمحاكم أعلاه عدم إتباع القرار التمييزي المعدوم في الحالات المتقدمة لانعدام وجوده القانوني كعمل قضائي صحيح وسليم وقائم من الناحية القانونية . إذ أننا في هذه الحالات ليس أمام حكم أو قرار تمييزي بالمعنى القانوني المرسوم والمنصوص عليه في القانون .
كما نرى بان المحكمة المختصة بالطعن تمييزاً إذا قدم لها طلب تصحيح قرارها التمييزي المعدوم أن تقرر وتصدر قرارها بتقرير انعدام القرار التمييزي المعدوم الصادر عنها ثم تفصل في القضية الذي فصل فيها القرار التمييزي المعدوم وفقاً لمواد الطعن تمييزاً المرسوم بالقانون لأنها هنا إنما تكشف عن حالة واقعة وهو انعدام القرار التمييزي المذكور وان القضية في هذه الحالة لم يفصل فيها تمييزاً ثم أن الطعن تصحيحاً بالقرار التمييزي أنما يرد على القرارات التمييزية السليمة من الناحية القانونية لا المعدومة من الناحية القانونية كذلك فلا يجوز لها أن تقرر تصحيحه ومن ثم تطبق أحكام ومواد طلب التصحيح الواردة بالقانون لأنه منعدم ولايلحقه تصحيح أو أجازة وفقاً لأحكام القانون .
كما تجدر الإشارة بان طلب تصحيح القرار التمييزي لايكفي لتحصن الخصوم أو حقوقهم أو دعواهم أو دفوعهم اتجاه القرار التمييزي المعدوم ذلك أن بعض أحكام القوانين لاتجوز الطعن بطريق تصحيح القرار التمييزي في الأحكام الصادرة وفق تلك القوانين . ومنها قانون إيجار العقار في المادة (22) منه وقانون العمل المعدل النافذ في المادة (141) منه والتي قضت بأنه فيما لم يرد به نص خاص في هذا القانون تكون أحكام محكمة العمل قابلة للطعن بطريق الاعتراض على الحكم الغيابي والتمييز وإعادة المحاكمة بعد ان قررت المادة (140) من ذات القانون اعتبار دعاوى العمل من الدعاوى المستعملة . كما أن دعاوى تمليك العقار وفقا لأحكام قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (1198) لسنة 1977 المعدل النافذ هي الأخرى لاتقبل الطعن بطريق تصحيح القرار التمييزي . لذلك نرى بان الطعن بانعدامها أمام المحكمة المختصة بالطعن تمييزاً والتي أصدرتها بعريضة تقدم إليها في هذا الشأن له سنده من حكم القانون إذ طالما كان القرار التمييزي معدوماً . فان أية حصانة لاتلحقه ولايسد في وجه الطعن به الباب ولاتحميه مدة التقادم وان طالت ولاينقلب صحيحاً بأية إجازة مهما كانت وفقاً لأحكام القانون من اجل أن تقرر هذه المحكمة وتكشف عن انعدام حكمها المطعون به بالانعدام وتصدر قراراً ثانياً محله يكون له وجوده القانوني وصحته وسلامته وفقاً لأحكام القانون .

الخاتمة :

من خلال التعمق والولوج في فكرة انعدام الأحكام في القانون العراقي , فإننا ومن خلال كل ذلك فقد توصلنا إلى النتائج التالية , وهي :
1. إن الأحكام القضائية هي القرارات التي تصدرها المحاكم في منازعات رفعت أليها وفقاً لقواعد المرافعات . وهذه القرارات تقسم من حيث موضوعها إلى قرارات قطعية وهي الأحكام الحاسمة للمنازعة والدعوى وقرارات غير قطعية وهي أما مؤقتة أو إعدادية وأما قرارات قرينة وهي تصدر أثناء سير الدعوى وقبل الفصل فيها . كما تنقسم الأحكام من حيث قابليتها للطعن إلى أحكام صادرة بدرجة أولى وأحكام صادرة بدرجة أخيرة وأحكام حازت درجة البتات . كما تنقسم الأحكام من حيث حضور الخصوم وغيابهم إلى أحكام حضورية وأحكام غيابية وقد فصلنا في ثنايا البحث كلاً منها .
2. وان للحكم القضائي ثلاثة أركان هي صدوره من محكمة مختصة تابعة للسلطة القضائية وفي خصومه ومنازعة بين الخصوم رفعت للمحكمة وفق قانون المرافعات المدنية وكونها مكتوبة محررة غير شفوية .
3. كما وجدنا بان لفكرة الانعدام أسس وقواعد رددها فقه قانون المرافعات المدنية وأيد فكرة الأخذ بها وتطبيقها في سوح القضاء والميدان العملي للمحاكم . كما وجدنا بان فقه القانون الإداري هو الأخر لم يترد بالأخذ بفكرة القرار الإداري المعدوم وفقاً للشروط واتجاهات القضاء الإداري التي اشرنا أليها في ثنايا البحث .
4. كما وجدنا بان الانعدام حالة بديهية تفرضها طبيعة الأشياء دون الحاجة لنصوص تشريعية تقررها وهو امراً لايعيب ولايهدم نظرية انعدام الأحكام . كما وجدنا رغم ذلك هناك نصوص صريحة في التشريع العراقي أشارت إلى هذه الفكرة بكل صراحة ودونما تردد وقد فصلناها في ثنايا البحث تأييداً وتوثيقاً لوجود هذه الفكرة كحكم قانوني أورده المشرع العراقي في تشريعاته المختلفة التي اشرنا إليها فيما تقدم من بحث.
5. كما وجدنا بان القضاء العراقي المقدام كان قضاءً ثراً في إبراز قواعد وأحكام فكرة انعدام الأحكام في قديم أقضيته وجديدها فكان بحق قضاءً يفلسف التشريع ويفقهُ ويطبقه التطبيق القانوني السليم والصحيح وبذلك فقد كان أساساً بارزاً كبيراً لهذه الفكرة في الميدان القانوني لفقه المرافعات المدنية .
6. كما وجدنا بان الحكم القضائي المعدوم لا اثر قانوني له من حيث إمكانية تنفيذه في مديريات أو جهات التنفيذ المختلفة .لانعدام وجوده القانوني كحكم قضائي .
7. كما انه لايحوز أو يكتسب حجية الأمر المقضي به أو درجة البتات حيث لاتلحقه حصانة ولايسد بشأنه باب الطعن به ولاتفوت معه مدة قانونية للطعن فيه كما انه لاينقلب صحيحاً بالإجازة أو بمرور الوقت مهما طال عليه الزمن . فهو عدم والعدم لاوجود له من ارض الواقع .
8. أما اثر الانعدام من حيث بينات الدعوى والأدلة المقدمة فيها فان هذه المسالة وفي نهاية أمرها كما نجد تقع في التقدير الموضوعي القانوني لمحكمة الموضوع ولكل حالة حكمها وعلى حسب الأحوال لكي تقول كلمتها في صحة هذا الإثبات من عدمه ووفقاً لأحكام القانون وقواعده العامة .
9. كما وجدنا بان فكرة انعدام الأحكام فكرة عامة تطبق بشان كل حكم يصدر عن القضاء ولايمكن تخصيص هذه الفكرة لتقتصر على محكمة بعينها أو دعوى بذاتها وإنما يشكل حكمها كافة محاكم السلطة القضائية فهي فكرة عامة شاملة توجد في ميدان أي عمل قضائي اياً كان نوعه أو جهة إصداره .
10. كما وجدنا بان هناك صلاحية معينة لمحاكم الموضوع في التصدي لحالات انعدام الأحكام والفصل فيها . وعلى اختلاف أنواع هذه المحاكم وعلى النحو الموضح في ثنايا البحث المتقدمة .كما أن هذه الصلاحية ثبتت لمحاكم الاستئناف بصفتها الاستئنافية وعلى النحو المفصل فيما تقدم . إلا أن فصل هذه المحاكم في هذه الحالات هو فصل مؤقت يتوقف على اكتساب أحكامها لدرجة البتات أما بمضي المدة عليها دون الطعن بها أو بمصادقتها من المحاكم المختصة بالنظر في الطعن بتلك الأحكام تمييزاً .
11. كما وقفنا على الصلاحية الكبيرة للمحاكم المختصة بنظر الطعون في الأحكام تمييزاً ومنها محكمة التمييز الاتحادية والدور الكبير الذي مارسته هذه المحاكم الجليلة في تطبيق فكرة انعدام الأحكام واستجلاء قواعدها وأحكامها فيما صدر عنها من قضاء ثر في هذا المجال القانوني المهم في العمل القضائي .
12. كما وجدنا بان طلب تصحيح القرار التمييزي لايكفي لتحصين الخصوم أو حقوقهم أو دعواهم أو دفوعهم اتجاه القرار التمييزي المعدوم ذلك أن بعض أحكام القوانين لاتجوز الطعن بطريق تصحيح القرار التمييزي في الأحكام الصادرة وفق تلك القوانين وعلى النحو الذي أشار إليه في المطلب الثالث من المبحث الثالث . لذلك نرى بان الطعن بانعدامها أمام المحكمة المختصة بالطعن تمييزاً والتي أصدرتها بعريضة تقدم إليها في هذا الشأن له سنده من حكم القانون إذ طالما كان القرار التمييزي معدوماً فان آية حصانة لاتلحقه ولايسد في وجه الطعن به الباب ولاتحميه مدة التقادم وان طالت ولاينقلب صحيحاً بأية إجازة مهما كانت وفقاً لأحكام القانون . من اجل أن تقرر هذه المحكمة وتكشف عن انعدام حكمها المطعون به بالانعدام وتصدر قراراً ثانياً محله يكون له وجوده القانوني وصحته وسلامته وفقاً لأحكام القانون .
13. كما وجدنا بان المحكمة المختصة بالطعن التمييزي في حالة الطعن أمامها بطريق تصحيح القرار التمييزي . أن تصدر قرارها بتقرير انعدام القرار التمييزي المعدوم الصادر عنها ثم تفصل في القضية الذي فصل فيها ذلك القرار وفقاً لمواد الطعن تمييزاً المرسومة بالقانون لأنها هنا أنما تكشف عن حالة واقعة وهي انعدام القرار التمييزي المذكور وان القضية في هذه الحالة لم يفصل فيها تمييزاً . ثم إن الطعن تصحيحاً بالقرار التمييزي أنما يرد على القرارات التمييزية السليمة من الناحية القانونية لا المعدومة من الناحية القانونية . لذلك فلا يجوز لها أن تقرر تصحيحه ومن ثم تطبق أحكام ومواد طلب التصحيح الواردة بالقانون لأنه معدوم ولايلحقه تصحيح أو أجازة وفقاً لأحكام القانون .
14. ونرى بأنه من الجائز قانوناً لمحاكم الموضوع عدم إتباع القرار التمييزي المعدوم في الحالات التي اشرنا أليها في ثنايا البحث لانعدام وجوده القانوني كعمل قضائي صحيح وسليم وقائم من الناحية القانونية إذ أننا في هذه الحالات ليس أمام حكم أو قرار تمييزي بالمعنى القانوني المرسوم والمنصوص عليه في القانون .
15. كما بينا كلاً في موضعه الأشخاص الذين يحق لهم الطعن والادعاء او الدفع بانعدام الأحكام ونرى في ذلك فائدة عند معالجة وبحث كل موضع من المواضيع التي تقدم ذكرها في ثنايا هذا البحث .
16. كما حاولنا مستفيدين الإشارة إلى أحكام القانون المقارن والقضاء المقارن كلما كان ذلك متوافراً أعماماً للفائدة .

وأخيراً وخدمة للفكر والنماء القانوني فقد بات من الضروري أن يتولى المشرع وضع نصوص أكثر صراحة وأكثر جلاءً في استظهار حالات الانعدام للأحكام القضائية
وأخراً نعتذر للقارئ الكريم عن كل قصور قد يظهر في ثنايا هذا البحث لأنه من إعداد البشر ولان القصور والخطأ خلة بشرية لم ينج منها حتى الأنبياء كما أسلفنا لذلك في ثنايا البحث . وان هذا البحث لايعدو أن يكون بسطة صغيرة في مفاصل نظرية انعدام الأحكام في قانون المرافعات المدنية .
كما نعتذر عن حالات عدم التوازن في صفحات مطالب ومباحث هذا البحث لان ذلك كان امراً اضطررنا أليه ودفعنا أليه طبيعة المعالجة لكل موضوع من مواضيع هذا البحث . وعليه فإننا نسجل جزيل الاعتذار عن ذلك آملين من العلي القدير أن يكون قد وفقنا لذلك وهو ولي التوفيق وهو من وراء القصد .

قائمة المصادر والمراجع :

اولاً : الكتب

1. إبراهيم المشاهدي : ـ المختار من قضاء محكمة التمييز الاتحادية / القسم المدني والقوانين الخاصة / ج10 / بغداد .
2. إبراهيم المشاهدي : ـ الوجيز في السلطات القضائية المخولة للإداريين / بغداد / مطبعة الزمان / 2002 .
3. إبراهيم المشاهدي : ـ معين المحامين / ج1 / بغداد .
4. احمد أبو الوفا : ـ أصول المرافعات المدنية .
5. احمد أبو الوفا : ـ نظرية الأحكام في قانون المرافعات .
6. شهاب احمد ياسين وخليل المشاهدي : ـ قضاء العمل في ضوء المبادئ القضائية المقررة من محكمة التمييز الاتحادية / بغداد / 2009 .
7. صباح الانباري : ـ منشورات مجلس شورى الدولة / 2006 .
8. ضياء شيت خطاب : ـ الوجيز في شرح قانون المرافعات المدنية / بغداد / 1973 .
9. ضياء شيت خطاب : ـ فن القضاء , المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم / معهد البحوث والدراسات العربية / قسم البحوث والدراسات القانونية / بغداد / 1984 .
10. ضياء شيت خطاب : ـ محاضرات في قانون المرافعات المدنية ألقيت على طلبة المعهد القضائي / الدورة 24 / بغداد / 1999 .
11. عبد الرحمن العلام : ـ شرح المرافعات المدنية /ج4/ منشورات وزارة العدل العراقية .
12. فتحي والي : ـ الوسيط في قانون القضاء المدني / دار النهضة العربية / القاهرة / 2008 .
13. محمد صادق بحر العلوم : ـ دليل القضاء الشرعي / ج1 / مطبعة النجف الاشرف / 1956 .
14. محمد علي راتب وآخرون : ـ القضاء المستعجل / القاهرة / 1976 .
15. مدحت المحمود : ـ شرح قانون التنفيذ / بغداد / 1992 .
16. مدحت المحمود : ـ شرح قانون المرافعات المدنية / ج2/ بغداد / 2000 .
17. منير القاضي : ـ شرح المجلة / كتاب القضاء / ج4 / ط1 / مطبعة العاني / 1949 .
18. المحامي نجيب بك هواديني : ـ تنسيق مجلة الأحكام العدلية / الطبعة الثانية / دمشق / 1923 .
19. وجدي راغب : ـ النظرية العامة للعمل القضائي في قانون المرافعات المدنية / منشاة المعارف بالإسكندرية / 1974 .

ثانياً : المقالات والدوريات

1. المحامي نصر السماني : ـ مقال في الحكم المعدوم والحكم الباطل / منشورات شبكة الانترنيت العنكبوتية .
2. المحامية وجدان السايغ : ـ مقال انعدام الأحكام لاعتدال الخصومة / منشورات شبكة الانترنيت العنكبوتية .
3. مبادئ السلوك القضائي : ـ إصدارات مجلس القضاء الأعلى / ط2 / 2007 .
ثالثاً : القوانين
1. قانون الإثبات رقم (106) لسنة 1979 المعدل النافذ .
2. قانون الأحوال الشخصية رقم (88) لسنة 1959 المعدل النافذ .
3. قانون الادعاء العام رقم (159) لسنة 1979 المعدل النافذ.
4. قانون التنظيم القضائي رقم (160) لسنة 1979 المعدل النافذ .
5. قانون التنفيذ رقم (45) لسنة 1980 المعدل النافذ .
6. قانون الرسوم العدلية رقم (114) لسنة 1981 المعدل النافذ .
7. قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل النافذ .
8. قانون العقوبات العسكري رقم (19) لسنة 2007 .
9. قانون العمل رقم (71) لسنة 1987 المعدل النافذ .
10. القانون المدني رقم (40) لسنة 1951) المعدل النافذ .
11. قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل النافذ .
12. قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 المعدل النافذ .
13. قانون أصول المحاكمات الجزائية العسكري رقم (30) لسنة 2007 .
14. قانون إيجار العقار رقم (87) لسنة 1979 المعدل النافذ.
15. قانون رعاية الأحداث رقم (76) لسنة 1983 المعدل النافذ .
16. قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل النافذ .

فهـــرس محتــــويـــــات البحــــــث

المـــــــــــادة الصفحــــــــة
1ـ المقـدمــــة. 1 ـ 5
2ـ المبــحث الأول : أسـاس فكـرة الحكـم المعـدوم . 6
3ـ المطلب الأول : أساس الفكرة في مفهوم الفقه القانوني .
7 ـ 12
4ـ المطلب الثاني : أساس فكرة الانعدام في التشريع العراقي 13 ـ 20
5 ـ المطلب الثالث : أساس الفكرة في أحكام القضاء 21 ـ 33
6ـ المبحث الثاني : الآثار القانونية لانعدام الحكم . 34
7ـ المطلب الأول : أمكانية تنفيذ الحكم القضائي المعدوم . 35 ـ 37
8 ـ المطلب الثاني : اثر الانعدام من حيث حجية الأحكام الباته . 38 ـ 43
9 ـ المطلب الثالث : اثر الانعدام من حيث بينات الدعوى والأدلة المقدمة فيها . 41 ـ 41
10 ـ المبحث الثالث : المحكمة المختصة بالنظر في انعدام الحكم
44 ـ 45
11 ـ المطلب الأول : صلاحية محكمة الموضوع للفصل في انعدام الأحكام .
46 ـ 50
12 ـ المطلب الثاني : صلاحية محكمة الاستئناف بصفتها الأستئنافية للبت في موضوع انعدام الأحكام .
51 ـ 56
13 ـ المطلب الثالث : سلطة المحكمة المختصة بنظر الطعن التمييزي في تقرير انعدام الأحكام
57 ـ 67
14 ـ الخاتمة . 68ـ 72

15 ـ قائمة المصادر والمراجع . 73 ـ 75