أثر قوانين الطوارئ على حريات و حقوق المواطنين

يستخدم عدد من البلدان قوانين الطوارئ لتقييد الحقوق المدنية للمواطنين، وهذا العمل يشكل تآكلا خطيرا لسيادة القانون. في حين أن القانون الدولي يعترف بأن إعلان حالة الطوارئ قد يكون مبررا وقانوني في ظروف محددة – على وجه التحديد على الأزمة التي تبرر اعلان الطوارئ أن تكون ذات طابع إستثنائي وأن يكون تدبيرا مؤقتا – حكومات بلدان مثل مصر وسوريا حافظتا على حكم الطوارئ منذ عقود على أساس تعريف مبهم للتهديدات الارهابية كوسيلة لإبقاء انفسهم في السلطة. ان حالات الطوارئ تسمح للحكومة بفرض الرقابة ومنع التجول، وتعليق حرية التجمع، وإحتجاز الأشخاص بشكل تعسفي ولفترات غير محددة من الزمن، التعذيب وسوء معاملة السجناء، ومحاكمة المدنيين أمام محاكم إستثنائية أو عسكرية، ووقف الإجراءات القانونية عموما، وكل ما ذكر يمثل إنتهاكات خطيرة لسيادة القانون. كمقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بمسألة حقوق الإنسان وحالات الطوارئ، لياندرو ديسبوي، ذكر”في حالات كثيرة، أصبحت حالات الطوارئ مجرد وسيلة قانونية لـ”تقنين” أسوأ أشكال الانتهكات ومعظم أشكال التعسف الخبيث”.[1] حالات الطوارئ والقانون الدولي

يعترف القانون الدولي بمبدأ إعلان حالة الطوارئ وتعليق بعض الحقوق من قبل حكومة ما باعتباره عملا قانونيا، ولكن القانون الدولي يتطلب أن تخضع حالة الطوارئ لقيود معينة. أدرجت نيكول كيستيو، المقررة الخاصة المعنية بآثار التطورات الأخيرة المتعلقة بحالات الحصار أو الطوارئ على حقوق الإنسان، ثلاثة شروط في دراستها عام 1982 وهي: أن القانون الذي ينص على قانون الطوارئ يجب أن يكون قد تم سنّه قبل تاريخ الأزمة، وأن تكون هناك آليات رقابة سابقة ولاحقة، وأن تكون حالة الطوارئ مصممة لتكون مؤقتة. اشترطت كذلك أن تعلن حالة الطوارئ على الملأ، وأنه يجب أن تكون ردا على التهديد الاستثنائي الذي يهدد وجود الأمة، وأن التدابير الطارئة يجب أن يكون متناسبا مع مقتضيات الحالة، ويجب على هذه التدابير ألا تميّز ضد مجموعة معينة، وأن هناك بعض الحقوق التي لا يمكن أن يعلّق تنفيذها حتى في ظل حالة الطوارئ.[2]

وقد قامت العديد من الدول بتطبيق هذه المعايير عند تأسيس قانون الطوارئ، رغم أن معظم هذه الدول تقوم بتجاوز هذه القيود بطريقة أو بأخرى. على سبيل المثال، في ديسمبر 1950، أعلن رئيس الولايات المتحدة هاري ترومان حالة طوارئ وطنية خلال الحرب الكورية والتي لم ترفع رسميا حتى عام 1976 – ويرجع ذلك جزئيا إلى الحرب الباردة التي كانت جارية – وكانت ما تزال حالة الطوارئ سارية المفعول عندما أصدر الكونغرس قانون الطوارئ الوطنية. كان لمشروع القانون هذا قدر لا بأس به لجعل قانون الولايات المتحدة أقرب إلى المعايير الدولية: وضع حدا لمدة عامين لحالات الطوارئ وأعطى للسلطة التشريعية صلاحيات مراقبة وضبط السلطة التنفيذية خلال حالة طوارئ الوطنية[3]. ولكن حتى خلال فترة الـ26 عاما من الطوارئ، كانت السلطة التنفيذية لا تزال تخضع لرقابة السلطتين القضائية والتشريعية، وقضت المحكمة العليا في 1952 في حالة يوونغستوون شييت اند تيوب ضد شركة سوير (343 U.S. 579)، ضد ادارة ترومان التي جادلت أن لها الحق في السيطرة على مرافق تصنيع الصلب، وقضت المحكمة بأنه لا يحق للرئيس بالعمل من دون تفويض من الكونجرس حتى أثناء حالة الطوارئ. بعد صدور الحكم تخلى الرئيس ترومان عن سيطرته على مصانع الصلب الذي كان قد استولى عليها.

عقب الهجمات على 11 سبتمبر 2001، أعلن الرئيس جورج بوش الابن حالة الطوارئ مرة أخرى، وقام الرئيس باراك أوباما خلف الرئيس بوش بتجديدها بعد توليه منصبه. ان القوى التي تسلح بها الرئيس بوش والتي احتفظ بها الرئيس أوباما تربتط أساسا بادارة القوات المسلحة، وذلك على الرغم من أن بعض القوانين الأخرى مثل قانون باتريوت 2001 يعطي صلاحيات إضافية للحكومة لمراقبة واحتجاز إرهابيين مشتبه بأمرهم.[4] يمكن إعلان حالة الطوارئ في فرنسا بموجب قانونين: المادة 16 من دستور عام 1958، الذي يعطي صلاحيات واسعة للرئيس، وأيضا قانون 1955، الذي يتطلب أن يكون هناك تصويت في البرلمان بعد 12 يوما ولتمديد أو إنهاء حالة الطوارئ.

وقد استندت فرنسا لهذه القوانين خمس مرات: مرة واحدة بين عامي 2005 و 2006 ردا على أعمال الشغب، ومرة ​​في عام 1984 في إقليم جزر المحيط الهادئ لكاليدونيا الجديدة، وثلاث مرات خلال فترة الحرب الجزائرية في 1955 و1958 وفي 1961. وأعلنت الدولة عام 1955 حالة الطوارئ فور اصدار مرسوم يسمح بها، منتهكة بذلك شرط كيستيو بأن على القانون ان يسبق الأزمة، وفي عام 1961 مدد الجنرال شارل ديغول حالة الطوارئ إلى أجل غير مسمى دون الحصول على موافقة الجمعية الوطنية، كما يقتضي القانون. انتهت حالة طوارئ الـ1961 في سنة 1963 بعد سنة من انتهاء الحرب مع الجزائر. خلال أعمال شغب في نوفمبر 2005، ووفقا لقانون عام 1955، طلب الرئيس الفرنسي جاك شيراك تمديد حالة الطوارئ بعد فترة 12 يوما التي يسمح بها القانون، وصوّت البرلمان لتمديدها لثلاثة أشهر أخرى. رفع شيراك في حالة الطوارئ نهاية المطاف قبل ستة أسابيع من الموعد المقرر، في أوائل يناير 2006، بعد أن هدأت أعمال العنف.

هناك أمثلة عديدة على حالات طوارئ سمحت للحكومة بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. في الهند أعلنت حالة الطوارئ عدة مرات استجابة للحروب، وفي عام 1975 أنشأ الرئيس إنديرا غاندي قانون الطوارئ على أساس “حالة الطوارئ الداخلية” لأن حكومتها كانت تواجه اتهامات بتزوير الانتخابات واحتجاجات واسعة النطاق. خلال هذه الفترة التي إمتدت 18 شهرا، وعادة ما تسمى ببساطة “الطوارئ”، حكمت غاندي بمرسوم وبدأت حملة جادة ضد الحقوق المدنية، بالاضافة الى سجن المعارضين السياسيين لها، وفرض الرقابة بالاضافة الى الاعتقال السري واساءة معاملة المنشقين، وتعديل الدستور، والتعقيم القسري للفقراء وتعليق المثول أمام القضاء.

بعد رفع غاندي حالة الطوارئ في عام 1977، خسرت منصبها عبر أصوات الانتخابات. أيضا في الجزائر تم الإعلان عن حالة الطوارئ واستخدامها لمكافحة الاضطرابات السياسية الداخلية والإبقاء على الوضع الراهن. أعلن الجيش الجزائري حالة الطوارئ في عام 1992، بعد أن بدا أنّ الجبهة الإسلامية للإنفاذ على وشك الفوز فوزا كاسحا في الانتخابات. تم إلغاء الانتخابات، والاطاحة بالرئيس الشاذلي بن جديد وسجن قادة المعارضة. في عام 1993، مددت الحكومة لحالة الطوارئ إلى أجل غير مسمى. وضع قانون الطوارئ قيودا على حقوق التعبير والتجمّع وتكوين الجمعيات، وسمح بالاعتقالات التعسفية، وفرض حظر التجول، وأعطى الجيش وقوات الأمن الصلاحيات لحظر المظاهرات واقفال أمكنة الاجتماع. ظل قانون الطوارئ ساري المفعول حتى تم رفعه استجابة لاحتجاجات في شباط 2011، على الرغم من أنه لا يزال غير واضح ما إذا كانت القوانين الأخرى سارية المفعول وإذا كانت سوف تستمر في تقييد حقوق الجزائريين المدنية والسياسية.

وقد استخدمت حالات الطوارئ للتعامل مع الكوارث الطبيعية والأوبئة والعنف الانتخابي والاضطرابات الأهلية والحروب والانقلابات السياسية وهكذا دواليك، بعضها استمر لفترات قصيرة قدر بضعة أيام وبعضها استمر لعقود طويلة. في بعض الحالات تخدم حالة الطوارئ الغرض المقصود من حماية حقوق المواطنين الأساسية – حتى في الوقت الذي تعلّق حقوق أخر – في حين أنها يمكن أن تخدم أيضا كأداة للقمع وتمثل في حد ذاتها تهديدا لسيادة القانون. تعتبر قوانين الطوارئ عرضة لسوء الاستعمال، وخاصة في حال غياب القيود اللازمة على السلطة التنفيذية خلال حالة الطوارئ وذلك لضمان أن حالة الطوارئ لا تدوم لفترة أطول من اللازم أو أن لا يتم تطبيق القوانين بشكل تعسفي. تمثل سوريا ومصر مثلان على أنظمة استخدمت حكم الطوارئ لإضفاء الشرعية على القيود المفروضة على الحقوق المدنية والسياسية، وهي حالات لا تستند فيها حالة الطوارئ الى أزمة غير عادية، وحيث تم تصميمها فقط لغاية الاستمرار بالحكم إلى ما لا نهاية. مصر

أعلنت السلطات الاستعمارية البريطانية في 1914 أول حالة طوارئ في مصر، وخلال 96 سنة منذ ذلك الحين لم يكن لمصر سوى 19 عاما حيث علقت فيه حالة الطوارئ. وقد تم تبرير حالات الطوارئ هذه على أساس الحرب وخطر الإرهاب – كان حكم الطوارئ في الفترة ما بين 1936 و1945 أثناء الحرب العالمية الثانية، بين عامي 1948 و1950 خلال حرب فلسطين، بين عامي 1956 و1964 استجابة لأزمة السويس، 1967 و1980 بسبب الحرب مع اسرائيل، وبعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981.[5] ظلت حالة الطوارئ في عهد الرئيس حسني مبارك في حيز التطبيق، وكانت تجدد كل عدة سنوات. وإن واحدا من المطالب الرئيسية للمتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير كان نهاية لحكم الطوارئ، ولكن أبقى النظام العسكري الذي خلف مبارك حالة الطوارئ. أعلن المجلس الاعلى للقوات المسلحة انهاء حالة الطوارئ جزئيا 24 يناير 2012 “الا في مواجهة جرائم البلطجة.”

شكلت حالة الطوارئ التي طال أمدها خطرا شديدا على سيادة القانون في مصر. فقد سمحت بعقود من الحكم التعسفي. واستخدم قادة مصر ذريعة الطوارئ بتعليق الحقوق التي يكفلها الدستور وإزالة جميع القيود الضابطة لسلطتهم. ينص الدستور المصري على الحق في الخصوصية وحرية التعبير واستقلال القضاء، فضلا عن مطالبة الشرطة الحصول على إذن للقيام بعمليات تفتيش وتحظر التعذيب والاعتقال التعسفي والاحتجاز – قام قانون الطوارئ بتعليق جميع هذه الحقوق. أعطى قانون الطوارئ السلطة التنفيذية، وتحديدا وزارة الداخلية، سلطات واسعة، وقلل من قدرة السلطتين التشريعية والقضائية على التحقق من الانتهاكات. تأثرت المحاكم بصفة خاصة، حيث أن حالة الطوارئ سمحت بتجاوز السلطة القضائية المدنية تجاوزا تاما. ونقلت الحالات التي عتبرت متعلقة بالقضايا الأمنية – والتي غالبا ما رتبطت فقط بالمعارضة السياسية أو النشاط السياسي- إلى محاكم استثنائية، حيث حرم المتهمون من الاتصال بمحامين بانتظام، وحيث الاحكام كان غير قابلة للاستئناف، وكان هناك عدد قليل من الضمانات لمحاكمة عادلة. محاكم أمن الدولة هذه ما كانت مستقلة، وتم تعيين القضاة مباشرة من قبل رئيس الجمهورية، في حين أن جميع الأحكام خضعت للمراجعة والتعديل الرئاسيين.

كما سمحت حالة الطوارئ بالحكم التعسفي، وأعطت الدولة صلاحية احتجاز المواطنين إلى أجل غير مسمى من دون تهمة أو محاكمة، وغالبا لأسباب سياسية وليس بتهمة الإرهاب أو المخدرات، ومنح المعتقلون فرصة ضئيلة باللجوء الى القضاء للحماية من سوء المعاملة. وذكرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في تقاريرها أنه تم وضع أكثر من 16000 شخص رهن الاعتقال في عام 2010 دون توجيه اتهام لهم وذلك بموجب قانون الطوارئ، وبعضهم مكث في السجن لسنوات. علاوة على ذلك علق قانون الطوارئ عددا من حقوق المصريين وحريات أخرى – فهو سمح لقوات الامن والشرطة بتنفيذ عمليات تنصت وتفتيش، ووضع المدنيين تحت المراقبة دون أوامر رسمية، وسمح لقوات الامن بقمع أو حظر المظاهرات، وذلك انتهاكا لحرية التجمع، بالاضافة الى فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام الأخرى في انتهاك واضح لحرية التعبير. ساهمت حالة الطوارئ بخلق شعور بالخوف والريبة بشأن القانون والجهاز القانوني، حيث لم يثق المصريون بأن أجهزة الشرطة والمحاكم ستقوم باحترام حقوقهم أو اتباع القانون كما هو مكتوب. قامت قوانين أخرى مثل قانون الصحافة وقانون العقوبات بتقييد الحريات المدنية ولكن حالة الطوارئ سببت الضرر الأبلغ لسيادة القانون في مصر. سوريا

قام النظام البعثي في سوريا بفرض حالة طوارئ مماثلة للحفاظ على سلطته في البلاد، وبذلك تسبب في انهيار حكم القانون. وكان أول إعلان حالة طوارئ قد حصل في 8 مارس 1963 وظلت حالة الطوارئ سارية لمدة 50 عام تقريبا، حتى 21 أبريل 2011، عندما أعلن الرئيس بشار الأسد موافقته على إنهاء حالة الطوارئ في مواجهة الاحتجاجات الشعبية. برّرت الحكومة حالة الطوارئ على أساس الحرب الجارية مع إسرائيل وتهديد الإرهاب، وذلك على الرغم من أن حالة الطوارئ تّوفر نطاقا أوسع من الصلاحيات يسمح لقوى الأمن بملاحقة أي شخص “معارض لأهداف الثورة”، أو يقوم بخلق “الفتنة الطائفية”، وقام النظام باستخدام هذه الصلاحيات بانتظام لملاحقة المعارضين السياسيين. كما هو الحال في مصر، يسمح قانون الطوارئ للنظام بتجاوز الحماية القانونية للإجراءات القانونية الأصولية وحقوق الإنسان، كما نص عليه كل من القانون السوري والدولي، مما يعني أن حالة الطوارئ أعطت فعليا القوة الجامحة لحكم تعسفي. يضمن الدستور السوري حرية التعبير وتكوين الجمعيات، ويمنع عمليات التفتيش دون إذن قضائي والاعتقال التعسفي والاحتجاز، ولكن قانون الطوارئ يعفي قوات الأمن من إتباع هذه القوانين في قضايا تتعلق بأمن الدولة. في ظل حالة الطوارئ، يحق لقوات الأمن مراقبة المواطنين والزوار الأجانب، كما تستطيع قوى الأمن فرض الرقابة على وسائل الإعلام وشبكة الإنترنت، وتحاكم الناس الذين يقفون ضد النظام بتهمة معارضتهم أهداف الثورة أو نشر معلومات كاذبة أو التحريض على الطائفية – للحكومة سلطة تقديرية واسعة لتحديد ما يشكل تعبيرا غير مشروع.

وكان الاعتقال التعسفي مشكلة مستمرة في سورية، وكثيرا ما لا يتم اعلام هؤلاء الذين تعتقلهم الأجهزة الأمنية بموجب قانون الطوارئ بالتهم الموجهة إليهم، ويمنعون من التماس المشورة القانونية، ويمكن أن يقضوا شهورا أو سنوات رهن الاعتقال في انتظار موعد المحاكمة. وعقدت العديد من المحاكمات سرا وبمعزل عن العالم الخارجي، وقد تقضي عائلات المختفين سنوات من دون معرفة المكان الذي تم نقل أبنائهم اليه و ما إذا كانوا على قيد الحياة. كما تمنح الأجهزة الأمنية حصانة واسعة – وفقا للمرسوم التشريعي رقم 14 لعام 1969، لا يجوز اتخاذ الإجراءات القانونية ضد أي موظف من جهاز المخابرات العامة عن الجرائم التي ارتكبت أثناء تأدية واجباتهم المحددة دون أوامر من المدير، وكذلك في 2008 مدّد الرئيس الأسد هذه الحماية لقوات الأمن الأخرى. قوات الأمن هي فوق القانون، وليس لدى المواطنين السوريين وسيلة لمساءلتهم حول ممارسات التعذيب أو الانتهاكات المختلفة، وهي مشاكل واسعة النطاق. الدستور السوري يوّفر الحماية القانونية لحقوق الإنسان والمحاكمة العادلة، ولكن قانون الطوارئ يسمح للحكومة أن تتجاهل هذه الأحكام متى تريد. ولعل أفضل مثال لشرح كيف عطّلت حالة الطوارئ سيادة القانون في سورية هو حالة محكمة أمن الدولة العليا، وهي هيئة قوية وغير خاضعة للمساءلة إلى حد كبير وهي معفاة من قواعد الإجراءات الجنائية. تم تشكيلها في عام 1968 على أساس كونها المحكمة التي تعالج التهديدات على أمن الدولة والنظام العام، وهي مختصة بقضايا المدنيين والعسكريين.

جميع أحكامها تخضع للموافقة من قبل السلطة التنفيذية، والتي هي جزء منه، والرئيس يملك سلطة تغيير هذه الاحكام. نظرا لحرية التصرف الواسعة الممنوحة لقوات الأمن والمحاكم لتحديد ما هي الجرائم التي تمثل تهديدات لأمن الدولة والنظام العام، فغالبا ما يحال المعارضون السياسيون والناشطون إلى محكمة عسكرية بدلا من المحاكم المدنية. المحكمة العسكرية لا تخضع لقاعدة للإجراءات القانونية الواجبة وفقا للمرسوم القانوني رقم 47 لسنة 1968. وبالتالي ان الأشخاص الذين يحاكمون أمام محكمة عسكرية يمتلكون فرصة محدودة للدفاع عن أنفسهم أمام القضاة، ولا يجوز لهم الطعن في الأحكام التي يتلقونها. تم استخدام المحاكم العسكرية كأداة سياسية من قبل النظام لإسكات المعارضة السياسية بسرعة وبكفاءة، وهي ممارسة واضحة للسلطة التعسفية. على الرغم من أن حالة الطوارئ قد انتهت في سوريا، فإن قلة من الناس على ثقة ان هناك فرق جوهري بالنسبة لسيادة القانون في سورية. فالدستور ما زال يعطي حزب البعث والرئيس الحق بالسيطرة على الحكومة والمجتمع، وغيرها من القوانين المعمول بها التي تمنح العديد من الصلاحيات للسلطة التنفيذية وقوات الأمن مثلها مثل قانون الطوارئ. نظرا للعدد الكبير من الفروع الأمنية في الدولة واختصاصاتهم المتداخلة – الذين لا يزالون، علاوة على ذلك ، بمنأى عن الملاحقة القضائية – فليس لدى النظام صعوبة في العثور على وسيلة أخرى لإسكات المعارضين. وكان قانون الطوارئ أداة مفيدة للنظام لوضع نفسه فوق نطاق القانون، ولكنها ليست الأداة الوحيدة المتاحة.