قواعد الألزام بالمصاريف في الدعاوى فى التشريع المصري

مقدمة

نظم المشرع القواعد التى تـفصل بها المحكمة فى مصاريف الدعاوى فى ثلاث
قواعد لكل منها خصوصيتها و موضوعها دون تعارض ولا تداخل ـ أذ من غير
الســا ئغ أن يورد قاعدتين يحكما حالة واحدة ، و هذه القواعد الثلاث تحكم
جميع حالات الدعاوى .

واضعا القاعدة الأولى التي تحكم الحالات الأغلب والأعم في صدر الفصل الذى
خصصه للمصاريف (الفصل الثانى من الباب التاسع بقانون المرافعات ) وهي
قاعـدة الزام خــا سـر الدعوى ثم أعقبها بالقاعدة الثانية التي تحكم حالات
معينة بذاتها وهى قاعدة الزام كا سـب الدعوى، منتهيا بالقاعدة
الثالثـــــــــة والأخيرة التي تحكم حالات خاصه لم تـتـنا ولها أى من
القاعدتيـن السـابقـتين وهـى قاعدة ألزام الخصمين أو احدهما في الطلبات
المتـقابله و يتعين على المحكمة أن تلتزم بكل قاعدة من هذه القواعد في
موضعها فلا تستـند الي غير هذه القواعد في تحديد الملتزم بالمصروفات فلا
تـنظر ألي طلبــــــــــات الخصوم مثلا أو تضا من بينهم أو أستقلا لهم عن
بعضهم وفي ذلك تقول محكمتنا العليا ( الحكــــــــم بالمصاريف لا يستند
الى طلبات الخصوم أو قيام تضامن بينهم أو أستقلال كل منهم عن الأخر ـ
وأنما تقضى المحكمة في شأنه طبقا للقواعد القانونيه التى نصت عليها المواد
184 مرافعات و ما بعدها فاذا كان الحكم قد أ لزم بمصاريف الأستئناف من خسر
الأستئناف فحسبه هذا دون أن يكون ملزما بأن يحدد نصيب كل محكوم عليه….
(الطعن رقم 822 لسنة 56 ق ـجلسة 23/1/1991 ) ـ
وهذه القواعد الثلاثة هى أيضا قاعدة الزام الخصم المحكوم علية 0و قاعدة
الزام كاسب الدعوى0واخيرا قاعدة ألزام الخصمين أوأحدهما لآخفاق كليهما في
بعض طلباتة تفصيل ذلك على النحو الأتى ـ

القاعدة الاولى : الزام خاسر الدعوى

هى القاعده العامه في المصاريف والتي تحكم حالات رفع الدعاوى بطلبات من
المدعى مع وقوف المدعى عليه عند حد دفع الدعوى فقط دون رفعه لأى طلبات من
جانبه وهى الحالات الأغلب فى الدعاوى لذلك وضعها المشرع فى صدر مواد الفصل
الخاص بالمصاريف ـ كما سبق الاشاره ـ با لمادة 184 التى تضمنت انه ( يحكم
بمصاريف ا لدعوى على ا لخصم المحكوم عليه فيها.. واذا تعدد وا تقسم بينهم
) والخصم هنا هو الطرف فى الطلب بالدعوى ويشترط ان يكون خصما ذا مصلحة
شخصية ” الطعن رقم 412 لسنة 54 ق ـ جلسة 10/2/1988 “فلا يكون خصما في هذا
المقام من لم يكن طرفا في الطلب كمن يختصم لصدور الحكم في مواجهته و من لم
يكن له مصلحة شخصية يـبتغيها كالقاضى في دعوى الرد( راجع في ذالك تقنين
المرافعات لمحمد كمال عبد العزيز صـ 442، 1159 )أما المحكوم عليه فهو خاسر
الدعوى سواء كان مدعيا رفعها بغير حق أو مدعى عليه دفعها بغير حق فيلتزم
بالمصاريف كأثرمن أثار الحكم ضده .وفى ذلك تقول محكمتنا العليا
(ان خاسرالدعوى هو من رفعها بغير حق أو من دفعها بغير حق فيكون ا لـزامـه
بالمصاريف من أثـارالحكم ضده “الطعون رقم 1747 ،1748 ،1758 لسنة 51 ق ـ
جلسة30 /12/1978 ،الطعن رقم 209 لسنة 43 ق ـ م نقض م ـ29ـ 2082 “وبديهي أن
الخصم كما يخسر الدعوى كليا فيلتزم بمصاريفها كليا وفقا للفقرة الأولى من
المادة السابقة ، قد يخسرها جزئيا فيلتزم بالمصاريف جزئيا طبقا للفقرة
الثانية من المادة ذاتها وهذه أحدى حالات تعدد خاسري الدعوى؛أذ يكون
المدعى خاسرا لجزء من طلباته في الدعوى رفعه بغير حق فيلتزم بمصاريف هذا
الجزء ويكون المدعى عليه خاسرا لجزء من الدعوى دفعه بغير حق فـيلتزم
بمصاريفه ،ففى الحاله الاخيره يكون للمحكمه ـ اما أن تـلزم الطرفيين كلا
بجزء من المصاريف وفقا للجزء الذي خسره من الدعوى إذ هي احدى حالات تعدد
المحكوم عليهم عملا بالفقره( 2) من الماده السابقه فأساس الإلزام هنا هو
أنه أثرمن أثارالحكم ضد كلاهما دفعا أورفعا في هذا الجزء من الدعوى أو ذاك
وفقا لقضاء النقض السا بق ـــ واما أن تـلزم المدعى عليه بكل المصاريف
باعتباره المحكوم عليه ولم يقض له باى شئ في الدعوى عملا بالفقرة(1) من
الماده ذاتها ،وأساس الالزام هنا هو خسارة ا لـدعــوى دون نظر إلى الطلبات
التي د فعها وفقا للفقره(1) الماده المذكوره باعلاه
ولا مجال لتطبيق الماده 186مرافعات ـ كما هو الشائع ـ لدى اجابة المدعى
فقط لطلباته منقوصه في مقدارها ( ومن ذلك القضاء له بجزء من التعويض الذى
طلبه أو جزء من الضرائب ا لتى طلب رفعها عنه ـ وجدير بالذ كرهنا أن القدر
المرفوض في هذه الطلبات ليس عليه اى مصاريف وفقا المادتين1 ،9 من قا نون
الرسوم رقم 90 لسة 1944 المعد ل بالقانون رقم 7 لسنة 1995 إذ هي دعاوى
مقدرة القيمه يتم حساب المصاريف فيها على ماحكم به فقط وليس على القدر
المرفوض فيها اى مصروفا ت ) وكذا لا محل لــتـطـبيقها لدى اجا به المدعى
فقط لطلبـا ته منقوصه في عددها وفقا للـغـة ا لنص وقصد المشرع منه على
النحو الذي سيأتى لدى بحث القاعده الثالثه المقرره بالماده 186 مرافعات

القاعـده الثا نيه :ـ الزام كاسب الدعوى

فهذه القاعدة وهى الاستـثـناء الاول على القاعده العامه السـابقه مقررة
بالمادة 185 مرافعات ـ وهى مقابله للماده 358من قا نون المرافعات السابق
رقم 77 لٍسنــــة 1949 الذي أستحدث نصها ـــ و تـلزم بموجبها المحكمة
الخصم الذي كسب الدعوى با لمصاريف وأسا س ذالك انها أثر
لأ ساءة أستعـما ل الحق في الالتجـاء للقضاء .فى الحالات التى يكون الحق
محل الدعوى مسلما به من الخصم الآخر أو يتسبب الخصم في أنفاق مصاريف زائدة
عن المجرى العادى لمثـل د عواه ،أو أن يترك الخصم خصمه جاهلا بما كان بيده
من مستـندات قا طعة في الدعوى فـفي هذه الحالات يكون للد د والعنت سمة لمن
قام بذلك فجعل المشرع للمحكمة أن تلزمه بالمصاريف رغم انه كاسب الدعوى على
خلا ف القاعدة العامه التي تلزم خاسرها

القاعدة الثالثة الزام الخصمين اوأحدهما في الطلبات المقابله

فقد وردت هذه القاعدة بالمادة 186 لتحكم حالة محـــددة لم ترد في المادتين
184 ، 185 ،هى حالة أن يكون لكل من الخصمين طلبات أيجابية في الدعوى فلا
يقـف المدعى عليه عند حد دفع الدعوى بل يقد م طلبات فيها طالبا الحكم
لنـفـسه بها(كالطلبات العا رضه والطعون المقابله) فيخفق كلا الخصمين في
بعص طلباته ويتضمن الحكم ثبوت حق لكليهما في الجزء الاخر من طلباته على
خصمه ألأ خر بالتبادل بينهما , ففى هذه الحاله قد يدق تحديد القدرالذي
كســـبه اوخسره كل من المدعى والمدعى عليه بالدعوى لما قد يحتاجه ذالك من
حسابات دقيقه أو مركبه ومن ثم يصعب على القاضى تقسيم المصاريف بينهما
تطبيقا للفقره الثانيه من الماده184 ولا مجال لفقرتها الأولى اوا لماده
185مرافعات ويصبح التشريع في أشد الحاجه إلى الماده 186 مرافعات التي عالج
بها المشرع بحق هذا الوهن وازال بحكمها الواضح تلك الصعوبه التي خلقـتها
الحاله السابقه .
ويســتد ل على ذلك بالرجوع إلى اللغه التي ورد بها النص وارا دة المشرع
منه .

اولا اللغــــه

فقد جاء ت عبارات النص من حيث اللغه داله ومشترطه ذالك أذ نص على انه
(إذا أخفـق كل من الخصمين في بعض الطلبات جاز الحكم بأن يتحمل كل خصم ما
دفعه من المصاريف أو بتقسيم المصاريف بسنهما على حسب ما تقدره المحكمة في
حكمها . كما يجوز لها أن تحكم بها جميعا على أحداهما ) .

فيشترط لتطبيق هذا النص شرطان:-

ألاول ـ أن يخفق كل من الخصمين في بعض الطلبات ـ ولفظ كل إذا دخل على معرف
اوجب عموم أجزاء ما دخل عليه فهوى يقتضى اجتماع ما بعده ( راجع في ذالك
البرهان في علوم القرآن للزركشى جزء 4 ص 319 طبعة سنة 1980 دار الفكر ـ
ودلأئل الأعجاز لعبد القاهـرالجرجانى تحقيق محمود شاكر مطيعه الطبعه
الثالثه 1413 سنة 1992 الجزء الثانى صفحة 282 ) وعلى ذلك فعبارة النص من
حيث لغته توجب اجتماع اخفاق المدعى والمدعى عليه معا في بعض طلبات كل
منهـا فـيخرج عـن هذا النص أن يخفق أحد هما فقط في بعض الطلبات لان ذ لــك
تخيير يتعارض مع (كـل من)التى توجب الاجتماع والتأكيد لما بعدها فلا ينطبق
هذا النص وتظل الدعوى محكومه با لقاعـده العامه ا لوارده بالماده 184
م1،2ـ فا ما أن يلزم الخصم المحكوم عليه بكل المصاريف دون نظرا لى الطلبات
التي كسبها دفعا للدعوى 2ــ أو أن يلزم كل خصم بمصاريف الجزء الذي خسره
رفعا أود فعا لان أساس الالزام هو انه أثر من أثار الحكم على الخصم في
الدعوى وليس كسب جزء من الطـلبا ت على النحو السابق سرده
الثا ني ـ أن يكون الاخـفاق في بعض طلبات كل من الخصمين ـ فلا يقف أى من
الخصمين عند حد دفع الدعوى بل يجب أن يكون لكل منهما طلبات أيجابيه في
الدعوى قد يكون د فع عنها مصاريف ـ لما جاء بالنص من عبارة(جاز الحكم بان
يتحمل كل منهما ما دفعه من مصاريف )
فعبارة ( ما دفعه من مصاريف) جاء ت في زمن الماضى وهو زمن يفيد تمام الفعل مما
يد ل على إن كلا الخصمين د فع مصاريف عن طلباته التي طلب الحكم له بها في
الدعوى ثم أخفق كلاهما في بعـض هذه الطلبات وقضى لهما ببعضها الاخرـ
فـيخرج عـن هذا النص ايضا الاخفا ق في كل طلبات الخصمين ـ كما لو قضى برفض
الاســتئنافين المتقابلين

ثانيا:ـــ ارا دة المشرع
بالبحث عن المذكرة الايضاحية تبين انه لا توجد مذكرة ايضاحيه لنص الماده
186من قانون المرافعات الحالى ولا حتى المواد المقا بله لها با لقانونين
السا بقين ولكشف مقصد المشرع من هذا النص لابد من التحري عـن ارادته
ولامناص للوصول الي ذالك من الاستعانه بتاريخ النص وتطوره التشريعــى
وباستـقصاء التطورالتشريعى لهذا النص فانه كان يجرى في أصل نصه الوارد
بالامر العا لى الصادر سنة 1883في الماده 114على انه (إذا تضمن الحكم ثبوت
حق لكل من الاخصام على الاخر فيما يدعيه كله أو بعـضه جا ز ا لحكم
بالمقاصه في المصاريف اوتخصيصها عليهم حسب ماتراه المحكمه او تقد ره في
حكمها) فمـؤدى هذا ا لنص ـ والذى جاء عـقب القاعده العامه التي تحكم
المصاريف بالماده 113 من هذا الامر العالى ـ أن يتضمن الحكم قضاء لكل طرف
من اطراف الدعوى بحق يثبت له بهذا الحكم على الطرف الاخر بالتباد ل مع
بعضهم البعض بما لايدع مجالا للشك في إن لطرفى الدعوى طلبات وحقوق يطلبا
الحكم بثبوتها على بعضهم فتجيبهم المحكمه لذالك في حكمها وهذا لا يكون ألا
في حالة تقديم طلبات عارضه من المدعى عـليه أووجود طعن مقابل منه
ولدى الغاء الامر العالى السابق بالقانون 77 لسنة 1949اعتمد المشرع في القانون الاخير
ذات الفكره في وجهها الاخر بنصه في الماده 359 منه على انه (إذا اخفق كل
من الخصمين في بعض الطلبات جاز الحكم بان يتحمل كل خصم مادفعه من مصاريف
اوتقسيم المصاريف بين الخصمين على حسب ماتقدره في حكمها0كما يجوزلها إن
تحكم بها جميعا على احدهم) فهذا النص ـ وقد نقـل حرفيا إلى القانون الحالى
بالماده 186ـ قد جاء بالوجه الاخر لفكرة النص السابق وهواخفاق الطرفـين في
بعض الطلبات التي طلبا الحكم بها على بعضهم بالتبادل بينهما بما مؤداه
بمفهوم المخالفه إن يتضمن الحكم اجابة كل خصم للبعض الاخر من طلباته
وبالنظر إلى هذا النص من وجهيه السابق والحالى سرعا ما تـنجلى ارادة
المشرع ومقصده منه في أنه (إذا أ خفق كل من المدعى والمدعى عليه في بعض
الطلبات التي طلب الحكم بها على بعضهم وتضمن ا لحكم ثبوت حق لكل منهما على
الآخر في ا لبعض الآخرلهذه الطلبا ت جاز الحكم بان يتحمل كل خصم ما دفعه
من مصاريف عن طلبته التي طلبها أوتقسيم المصاريف بينهما بما تقد ره
ألمحكمه أو تخصها على احدهما) ومن ثم فان ارادة المشرع اتجهت إلى ان هذا
النص يحكم حاله وجود طلبات عا رضه من المدعى عـليه أوطعن مقابل منه لطلبات
وطعن المدعى فـفيهما فقط تكون الطلبات والحقوق للخصمين معا ويؤكد ذالك أنه
لم يرد نص عن مصاريف الطلبات العارضه على النحوالذي جاء فى التدخل رغم
أقترانهما ببعض في التـشريع أ والترك وبا ستقصاء احكام النقض التي تناولت
في وضوح نص الماده 186 مرافعات والنصوص المقابله له في قانون المرافعات
السابق بالماده 359وقانون المرافعات القديم الصادر بالامر العالى سنة
1883بالماده 114ــ قدمت الأمثـله الواضحه لحالات انطباق هذاالنص أ ذ جاءت
في دعاوى بها طلبا ت عارضه وطعـون مقابله من امثـلتها (الطعن
رقم20لسـنة12ق جلسة 26/11/1942)(الطعن رقم 184لسـنة25 ق جلسة 22/9/1959)