فعالية الشيك في الضغط على المدين

إعادة نشر بواسطة محاماة نت 

مجاهد السباعي*

الشيك هو من أكثر الأوراق التجارية استخداماً في دولة الإمارات، ليس فقط لأنه يستخدم كوسيلة للدفع، ولكن أيضاً لأنه الورقة التجارية الوحيدة المحمية بأحكام قانون العقوبات الإماراتي («قانون العقوبات»)، والذي عزز الثقة في الشيكات كطريقة للدفع.

ونتيجة لذلك، استخدمت الشيكات لعقود في الأسواق المحلية كنوع من أنواع الضمان.

وفقاً لإحصائيات المصرف المركزي في الدولة، لقد تم خلال الربع الأول من العام الحالي تقديم ما يقارب 7.17 مليون شيك لنظام المقاصة لدى المصرف، ارتجع منها 310 آلاف شيك.

المسؤولية المرتبطة بالشيكات المرتجعة في الدولة ذات شقين. الأول منها هو جزائي وفقاً لأحكام المادة 401 من قانون العقوبات والتي حددت 5 حالات يتحقق معها الركن المادي لجريمة الشيك بدون رصيد، والتي قد تؤدي إلى السجن أو الغرامة لمن يصدر شيكاً بسوء نية وبدون رصيد كاف؛ أو يقوم بسحب كافة الأموال المودعة أو جزء منها بعد إصدار الشيك، بهدف ألا يغطي الرصيد المتبقي مبلغ الشيك؛ أو يأمر البنك المسحوب عليه الشيك بوقف صرف الشيك؛ أو يتعمد كتابة أو توقيع الشيك بطريقة تجعله غير قابل للدفع؛ أو يظهر لشخص آخر أو يسلمه شيكاً لحامله مع العلم بعدم كفاية الرصيد لديه لتغطية هذا الشيك أو بأنه لا يمكن سحبه.

حتى بداية العام الماضي 2017، كانت عقوبة الشيكات المرتجعة هي الحبس (عادة تكون من شهر حتى ثلاثة أشهر – ويمكن أن تصل حتى 3 سنوات) أو الغرامة (تتراوح بين 1،000 درهم إلى 30،000 درهم) لأي شخص يعجز عن تسديد قيمة الشيك، أو يقوم بفعل يهدف إلى تجنب دفع قيمة الشيك وفقاً لأحكام المادة 401 من قانون العقوبات والتي جرى استخدامها كطريقة للضغط على المدينين لسداد قيمة الشيك لتجنب عقوبة الحبس.

إلا أنه منذ صدور القانون رقم 1 لعام 2017 في إمارة دبي ودخوله حيز التنفيذ، والذي يهدف للفصل في الجنح التي يعاقب عليها بالغرامة فقط أو بالسجن أو الغرامة (مثل تلك المتعلقة بالشيكات المرتجعة)، للحد من أعباء المحاكم من خلال منح وكلاء النيابة السلطة لإصدار أوامر جزائية بشكل مباشر وبسرعة وبأقل تكلفة، فإن الإجراءات الجزائية التي يستخدمها الدائنون لوضع المدينين تحت الضغط بسبب ارتجاع الشيك قد تضاءلت بشكل كبير وأصبحت أقل فاعلية في دبي، لأنه ما لم يتجاوز مبلغ الشيك المرتجع 200،000 درهم، فإنه لن يتم سجن محرر الشيك وسيخضع فقط لغرامة لا تزيد على 10،000 درهم. وبمجرد دفع الغرامة المذكورة، تنتهي المسؤولية الجزائية للمدين.

الشق الثاني من المسؤولية هي تجارية بموجب أحكام المادة 599/‏2 من قانون المعاملات التجارية الاتحادي لدولة الإمارات والتي تلزم محرر الشيك، أو أي شخص آخر يحرره نيابة عنه، بإيجاد رصيد كاف لدفع قيمة هذا الشيك. كما تحمّل هذه المادة الشخص الذي يحرر شيكاً نيابةً عن شخص آخر (مثل الوكيل أو المدير) المسؤولية بصورة شخصية تجاه المظهرين والحامل دون غيرهم عن إيجاد مقابل الوفاء.

وبالإضافة إلى ما ذكر، يحق للدائنين القيام بأي من الإجراءات القانونية الآتية ضد المدينين في حالة الشيكات المرتجعة:
– كاستثناء للإجراءات القانونية المعتادة، سواء كانت تجارية أو جزائية، وتيسيراً على الدائنين، أجاز المشرع للدائنين التقدم بطلب إلى محكمة الأمور المستعجلة لإصدار «أمر أداء» إذا كان مبلغ الدين هو مبلغ محدد ومستحق، وموثق كتابياً، وقام الدائن بإرسال إخطار للمدين يطالبه بتسديد الدين في غضون مدة أقصاها 5 أيام على الأقل؛

– يجوز لكل دائن أن يطلب من المحكمة المختصة أو قاضي الأمور المستعجلة توقيع الحجز التحفظي على أموال المدين إذا كان الدائن يحمل وثيقة رسمية أو غير رسمية (مثل الشيك) للدين، وكان مبلغ الدين مستحق الدفع وغير معلق على شروط، (إلا أنه في حالة صدور قرار الحجز من قاضي الأمور المستعجلة، يتعين على الدائن بأن يقوم خلال ثمانية أيام عمل من تاريخ توقيع الحجز بأن يرفع دعوى بثبوت الحق وصحة الحجز، وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكن).

– إذا عجز المدين طوعاً عن تنفيذ حكم نهائي صدر عن طريق الإجراءات التجارية العادية أو أمر أداء نهائي، يجوز للدائن تقديم طلب لقاضي التنفيذ لحبس المدين، إذا تبين أن المدين قادر مالياً على دفع الدين أو إذا كان يخشى هروب المدين خارج الدولة. ويعتبر المدين قادراً على دفع الدين إذا قام بتهريب أمواله خارج الدولة أو قام بإخفائها أو كان الدين قسطاً من الأقساط المقررة على المدين.

– إذا كان الدين لا يقل عن عشرة آلاف درهم، وكان معلوماً ومستحق الأداء وغير مقيد بشرط، للدائن، ولو قبل رفع الدعوى، أن يطلب من القاضي (سواء قاضي الأمور المستعجلة أو الذي ينظر الدعوى الموضوعية أو التنفيذ بحسب الأحوال) إصدار أمر بمنع المدين من السفر إذا قامت أسباب جدية يخشى معها فرار المدين (وإذا كان الدين غير معين المقدار ويجب أن تستند المطالبة بالحق إلى بينة خطية تساند ادعاءه، وأن يقدم الدائن كفالة تقبلها المحكمة يضمن فيها كل عطل وضرر يلحق بالمدين من جراء منعه من السفر إذا تبين أن الدائن غير محق في ادعائه).

– ويجوز للدائن أن يتقدم بطلب إلى المحكمة أو القاضي المختص بالحجز على حقوق المدين أو الأموال المنقولة التي قد تكون في ذمة الغير وفي حيازتهم، لاستيفاء الدين المستحق من المدين للدائن حتى وإن كانت مؤجلة أو معلقة على شرط (إذا كان الحجر تحفظياً وليس تنفيذياً، يجب على الدائن رفع دعوى بثبوت الحق وصحة الحجز على المدين خلال 8 أيام من تاريخ أعلان الحجز إلى المحجوز لديه).

– ويجوز لأي دائن بدين عادي لا يقل عن مئة ألف درهم أن يتقدم بطلب إلى المحكمة للبدء بإجراءات إفلاس إذا كان الدائن قد سبق وأن أعذر المدين كتابة بالوفاء بالدين المستحق ولم يبادر المدين بالوفاء به خلال ثلاثين يوم عمل متتالية من تاريخ تبليغه. وبالرغم من أن هذا الطلب قد يضع المدين تحت ضغط كبير لتسوية الدين لتجنب إشهار إفلاسه، إلا أنه قد لا يضمن بالضرورة أو يؤدي إلى استرداد الدائن لكامل الدين المستحق من المدين.

– بهدف الحفاظ على الثقة في التعامل بالشيكات، لا تلتفت المحاكم المحلية (وخاصة الجزائية) إلى الأسباب الكامنة وراء إصدار الشيك، كما ترفض أي دفوع بأن الشيك قد تم تقديمه كضمان. ومع ذلك، قبلت المحاكم التجارية في الدولة بالنظر في هذه الدفوع، في عدد محدود من القضايا، إذا أثبت محرر الشيك أن السبب الحقيقي وراء ارتجاع الشيك هو إخفاق المستفيد في تنفيذ التزاماته العقدية المتقابلة أو أن الشيك قد تم إصداره فيما يتعلق بمعاملة غير قانونية.

– إن المسؤولية الجزائية دائماً مرتبطة ومقتصرة على الشخص أو الأشخاص الذين قاموا بالتوقيع على الشيك (وإن قاموا بالتوقيع على الشيك بالنيابة عن الغير)، إلا أن المسؤولية التجارية، وبالرغم من أن الأصل أن تصرف النائب، الموقع على الشيك أو الساحب بموجب وكالة أو بالنيابة عن غيره، ينصرف للأصيل، قررت المحاكم المحلية، بأنه استثناء من ذلك الأصل العام، وحماية للتعامل بالشيكات وعدم الإخلال بها، فإن الوكيل الذي أصدر الشيك ووقع عليه بالنيابة عن الأصيل صاحب الحساب المسحوب عليه لدى البنك يكون مسؤولاً في ماله الخاص قبل المظهرين وحامل الشيك عن أدائه، بالإضافة إلى مسؤولية الأصيل عن أداء مقابل هذا الشيك.

على الرغم من التأثير المحدود لقانون إمارة دبي رقم 1 لسنة 2017، يتعين على المستثمرين الأخذ في الاعتبار هذا التأثير في معاملاتهم، وذلك بهدف تقييم المخاطر المرتبطة بمعاملاتهم بعناية. كما يمكنهم أيضاً الأخذ في الاعتبار هيكلة وحماية استثماراتهم من خلال أشكال أخرى أو إضافية من الضمانات أو الرهون بدلاً من مجرد الاعتماد على الشيكات، خاصة تلك المؤجلة الدفع وذلك وفقاً لطبيعة الاستثمار أو التعاقد وقيمته والأطراف المتعاقدة.